البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الاستعراب الياباني والقضايا المعاصرة

الباحث :  د. حيدر قاسم مطر التميمي
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  8
السنة :  السنة الثالثة - صيف 2016م / 1437هـ
تاريخ إضافة البحث :  July / 14 / 2016
عدد زيارات البحث :  5276
تحميل  ( 658.864 KB )
مقدمـة
شكَّلت النهضة اليابانية أنموذجاً للدراسات النهضوية بوصفها الوحيدة التي نجحت خارج إطار المركزية الأوربية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وسنحاول هنا إظهار أبرز سِمَات حركة التحديث اليابانية. حيث إنَّ حركة التحديث اليابانية ما زالت مستمرة بصلابة بعد أن أقامت التوازن بين الأصالةِ والمُعاصرة، وباتت أنموذجاً يُحتذى لكثير من تجارب التحديث في العالم، خاصةً الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا.
بُنيت سياسة الإصلاح في اليابان على قاعدةٍ ثابتة تشدد على خصوصية اليابان عِبرَ التاريخ. فشعبها متجانس، ويُقيم ـ كما يرى ـ على أرض مقدسة ترعاها الآلهة، والإمبراطور نفسه من سلالةِ الآلهة، وهو بمثابة الأب الروحي لجميع اليابانيين، وهم يُشكِّلون عائلةً واحدة لها دولة مركزية واحدة تعد جميع اليابانيين متساوين في الحقوق والواجبات دون الأخذ في الاعتبار أيَّ انقسام طبقي أو لغوي أو ديني أو عرقي.
وقد اقتبست اليابان عن دول الغرب الكثير من النُظُم، والمقولات الإصلاحية، والنظام المالي، والتعليم العصري، والدستور، والفنِّ العسكري، والتكنولوجيا... ونجحت في بناء حداثة حقيقية عجزت عن بنائها مجتمعاتٍ أُخر فسقطت في التبعية والتغريب. إلاَّ أنَّ القيادة اليابانية وجَّهت حركة التحديث لصالح الإمبراطور الذي تفرد باتخاذ القرارات المصيرية، تُسانده قوى عسكرية ذات نزعة توسعية، واحتكاراتٍ رأسمالية ضخمة. فتحولت اليابان خلال فترةٍ زمنيةٍ قصيرة إلى واحدةٍ من أقوى الدول الإمبريالية في العالم. وذهبت ثمرات التحديث لصالح الاحتكارات وليس لمصلحة الشعب الياباني. وسيطرت اليابان على كثير من المناطق الآسيوية المجاورة لها، وأقامت فيها حكماً استعمارياً لا يقل بشاعةً عن الاستعمار الغربي في مناطق احتلالهِ. ورغم وقوعها في الجانب الآسيوي من الكرة الأرضية، باتت اليابان تنتسب إلى نادي الدول الغربية الكبرى ذات التأثير المباشر على الستراتيجية الكونية عند مشارف القرن العشرين.
وبالتالي فإننا من خلال هذهِ الدراسة سنحاول تقديم صورة لمواقف بعض المُستعربين اليابانيين من القضايا العربية في القرن العشرين. وتسليط الضوء على الأسباب العميقة التي ساهمت في ولادة "الاستعراب الياباني". وإظهار مساندة بعض المُستعربين اليابانيين للقضايا العربية، ومواقفهم المتوازنة تجاه تلك القضايا. والتعريف بأبرز روَّاد الاستعراب الياباني، وبعض عناوين دراساتهم في مجال التاريخ العربي والتراث الإسلامي.

وتُشير هذهِ الدراسة إلى بعض السِمَات الخاصة التي تضمَّنها مصطلح "الاستعراب الياباني"؛ فإلى جانب إتقان اللغة العربية، تبرز أهمية الترجمة التي يقوم بها المُستعرب إلى اللغة اليابانية. كما أوضحت السِمَات الخاصة للدراسات اليابانية عن العالم العربي، وميَّزت بينها وبين دراسات الاستشراق الغربي. وتوصلت الدراسة إلى بعض الاستنتاجات والدروس المُستفادة عربياً، منها: البُعد الثقافي في عملية التحديث اليابانية، وتوظيف الثقافة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودور الاستعراب الياباني في تقديم صورة موضوعية عن العرب وعن خصوصية الثقافة العربية، ودور المؤسَّسات الثقافية في الحوار الإيجابي لتعزيز الروابط بين العرب واليابانيين، وفتح آفاق مستقبلية لحوار مبرمج عِبرَ مؤتمراتٍ وندواتٍ ثقافية مشتركة بين الجانبين.

ملامح عامة حول نشأة الاستعراب الياباني :

لليابان سماتٌ تربطها بالشرق والغرب على حدٍّ سواء. وهذا هو واقع التاريخ الياباني الحديث. ومن دون شك أنَّ البلاد تقع جغرافياً بما يُعرف بالشرق، إلاَّ أنَّها تحاول أن تصنع أمة «غربية» بالمفهوم السياسي، وبالعودة بالعالم قرناً إلى الوراء، كانت اليابان الأمة المتطورة الوحيدة في الشرق، فقد كانت أغلبية البلدان الآسيوية والأفريقية مستعمراتٍ تُعاني من استغلال القوى الغربية. وفي هذا السياق، فإنَّ الستراتيجية التي تبنتها اليابان كانت متناقضة، وعندما يكون ضرورياً للأمة أن تصر على فرادة اليابان، فإنَّ التشديد يوضع في المقام الأول على روح الشرق. وقدر تعلُّق الأمر بمسألةِ الحضارة، تتصرف اليابان وكأنَّها دولة غربية بالتمام. فتبنَّت مفهوم أنَّ لنا سياسة آسيوية عندما احتاجت الأمة إلى التعاون مع البلدان الآسيوية الأُخر. ومارست سياسة إمبريالية وفقاً للطراز الغربي عندما حكمت مستعمراتها المجاورة([1]).

كذلك فإننا حينما نحاول هنا أن نتبين سمات وملامح الاستعراب الياباني، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أولاً أنَّ لمصطلح الاستعراب Arabisation عدَّة مفاهيم ومعانٍ، إلاَّ أنَّ ما نقصده ونبتغيه في ورقتنا البحثية هذهِ هو "استعراب الدراسة والاطلاع" وهو استعراب معرفي محض لم يكن يُخالط عقيدة المستعرب ولا دمه، ولا يحل محصوله الثقافي منه محل ثقافتهِ، لأنَّ المستعرب Arabisant الدارس إنَّما يصب اهتماماته كافة، بشكلٍ أو بآخر، على الإلمام باللسان العربي إلماماً متقناً، أو إلماماً سطحياً وضحلاً، بحسب ما يُتاح له من ظروف، تمهيداً للاطلاع على تاريخ العرب ودينهم وآدابهم وفنونهم وعلومهم في مختلف البيئات والعصور، أو باختصار: للإطلاع على (حضارة العرب). ومن ثمَّ تعريف أبناء وطنهِ وجلدتهِ ودينهِ بها بمختلف الطرق. كالدراسةِ والترجمة والتصوير والتحليل والتعليق والاقتباس والنقد والتأثر والتقليد، وما قارب ذلك أو شابهه من طرق التوصيل والنقل المتبعة بين الشعوب والحضارات([2]).

ومن خلال العودة إلى نشأة أبرز توجهات الدراسات التاريخية في جامعةِ طوكيوUniversity of Tokyo نجد أنَّ قسم التاريخ فيها قد أُنشئ بشكلٍ مستقل عام 1887([3]) على يدِ البروفيسور الألماني لودفيغ رايس([4]) Ludwing Riess (1861-1928) الذي ركَّز في عملهِ على تدريس التاريخ الأوربي في العصور الوسطى، في حين ابتدأت دراسة التاريخ الياباني منذ عام 1889، وفي عام 1909 أُنشئ تخصص دراسة التاريخ الشرقي والذي ركَّز على دراسة تاريخ الصين بصورةٍ خاصة، وهكذا مثَّلت هذهِ الفروع الدراسية الثلاثة المنهج العام لدراسة التاريخ في الجامعات اليابانية لفترةٍ طويلة نسبياً، تمثل منهج البحث العلمي المُعتمد في دراسة التاريخ على منهج المدرسة الألمانية مُخلِّفاً منهجاً حاول أن يتناول تاريخاً عالمياً Weltgeschichte (World history, global history or transnational history)، مع التركيز على التاريخ الأوربي، هذا المنهج الذي يعد أوربا مركزاً للعالم وما عداها من بقاع الأرض لا يمثل إلاَّ الضواحي والأطراف([5]).   

تطور الاهتمام الأكاديمي بالدراسات العربية والإسلامية في اليابان:

إنَّ من الصعب جداً فصل الدراسات العربية في اليابان عن الدراسات الإسلامية والدراسات الشرق أوسطية. علماً أنَّ الدراسات العلمية في هذا المجال حديثة العهد ولا ترقى إلى أبعد من نهايةِ الحرب العالمية الأولى. كذلك فإنَّ هناك أسباباً كثيرة كانت وراء دمج تاريخ العرب بتاريخ الشرق الأوسط، والثقافة العربية بالثقافة الإسلامية أو الشرق أوسطية. فالبُعد الجغرافي قبل بزوغ فجر الاتصالات الحديثة، البحرية منها والجوية، شكَّل عائقاً كبيراً أمام التواصل الإنساني وتطوير العلاقات الاقتصادية بين العرب واليابانيين. فلم تتطور تلك العلاقات بصورةٍ مكثفة إلاَّ بعد اكتشاف النفط وحاجة الاقتصاد الياباني إليه بصورةٍ متزايدة، مما ساعد على توليد المعجزة الاقتصادية اليابانية في ستينيات القرن العشرين والتي تعرضت لأزمةٍ حادة بسبب حظر النفط العربي عام 1973([6]).

إنَّ الاهتمام الياباني بالدراسات العربية والإسلامية لم يكن وليد مفكِّرٍ واحدٍ أو ثمرة رؤيةٍ معينةٍ أو منهجيةٍ واحدة، فمن خلال الدراسات التي أجراها الباحثون يمكننا أن نميِّز بين عدَّة أجيال من الباحثين اليابانيين بحسب طبيعة الدراسات التي أهتم بها كلَّ جيلٍ وبحسب منهجية الدراسات وطبيعتها([7]).

جنَّدت الحكومة اليابانية ـ بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ـ عدداً من الباحثين اليابانيين الذين اكتسبوا معرفةً شاملة عن تاريخ الشعوب الإسلامية من أجل إقناع المسلمين في آسيا بأهمية دور اليابان الفتية في نهضةِ آسيا والوقوف في وجه السيطرة الاستعمارية الغربية، حيث "كانت اليابان قوة إمبراطورية حاولت تأسيس حكمها في آسيا باسم التضامن مع شعوب شرق آسيا Solidarity with the peoples of East Asia، في الوقت ذاتهِ استعملت الإمبراطورية اليابانية الإسلام أداةً لتعبئة المسلمين في الصين وإندونيسيا ضدَّ الغرب، وهذا لا يعني أنَّ اليابان لم يكن لها يد ملوثة في علاقاتها مع المسلمين"([8])، بمعنى أنَّها استغلَّت تطلعات وطموحات الشعوب المسلمة في آسيا من أجل تحقيق أهداف الإمبراطورية اليابانية في التوسع والهيمنة([9]).

إنَّ رغبة الحكومة اليابانية في كسب ودِّ المسلمين ودعمهم في المناطق الخاضعة للنفوذ الياباني دفعهم إلى تأسيس مراكز بحثية متخصصة عن الإسلام والمسلمين، وقد أفاد الباحثون اليابانيون المهتمون بالدراسات الإسلامية من الدعم المادي الذي قدمته لهم الحكومة اليابانية، ولم يقتصر الأمر في هذا النطاق على الدعم الحكومي بل تعداه إلى دعم المؤسَّسات شبه الحكومية أو الخاصة، التي قامت بتشجيع الباحثين في نشر أبحاثهم الأولى عن تاريخ الشعوب الإسلامية وثقافتها([10]). وقد وصلت الدراسات الإسلامية في يابان ما قبل الحرب العالمية الثانية إلى ذروتها خلال ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، إذ تمَّ نشر أكثر من (1600) عمل بحثي ذي صلةٍ بالموضوع خلال خمسة عشر عاماً وحتَّى نهاية الحرب العالمية الثانية. وهنا يعزو البروفيسور الياباني تورو ميورا (Born in: 1953) Toru Miura سبب الزيادة المُطردة في النشر إلى تأسيس معاهد ومراكز أبحاث كثيرة مُكرَّسة للدراسات الإسلامية ومختصة بشؤونها، ومن أبرز تلك المراكز:

معهد دراسات العالم الإسلامي Kai Kyo Ken Ken Kyushu: الذي تأسَّس عام 1937م([11]).

مركز أبحاث المنطقة الإسلامية، الذي تأسَّس برئاسة أوكوبو كوجي([12]) (1887-1950) Okubo Koiji عام 1938، ونتيجةً لخسارة اليابان الحرب العالمية الثانية فقد تمَّ حلَّه عام 1945م، وقد كان لهذا المركز مجلَّةً حملت عنوان: مجلَّة العالم الإسلامي([13]).
جمعية مسلمي اليابان العظمى Dai-Nippon-Kaiko-Kyakai: التي تأسَّست عام 1938م، وتُعد من أكبر وأهمِّ الجمعيات اليابانية، حيث اعتمدت في تمويلها ـ بالدرجة الأساس ـ على الحكومة اليابانية، وترأسها رئيس الوزراء الياباني سنجورو هياشي([14]) (1876-1943) Senjūrō Hayashi، وصدرت عنها مجلَّةً تحمل عنونا: أحوال الإسلام([15]) The conditions of Islam، وقد تمَّ حل هذهِ الجمعية بعد الحرب العالمية الثانية لتحل محلِّها جمعيةً خاصة تحمل اسم "جمعية الدراسات الإسلامية في اليابان" Islamic Studies Society in Japan، أخذت على عاتقها مواصلة مهام الجمعية القديمة([16]).
معهد الثقافات الشرقية Daito Bunko Gakkuin: تأسَّس سنة 1938م، والذي يُعد البذرة الأولى لتأسيس جامعة الثقافات الشرقية في طوكيو Daito Bunka University عام 1953م([17]).
هيأة شرق آسيا للبحوث الاقتصادية The East Asia Economic Research: وهي هيأة تابعة لخطِّ سكَّة حديد منشوريا، تأسَّست عام 1938م برئاسة أوكاوا شوومي، وقد صدرت عنها مجلَّة حملت عنوان: "آسيا الجديدة"([18]). وكان شاوومي يُلقي محاضراته حول عدَّة موضوعات أبرزها "تاريخ المستعمرات"؛ "الدين الإسلامي"؛ "تاريخ آسيا الحديث والمعاصر". كما تميَّزت هذهِ الهيأة بمكتبتها التي ضمَّت الكثير من المصادر والمراجع الإسلامية المهمة([19]).

مركز دراسات شرق آسيا The Center for East Asian Studies: الذي ضمَّ كثيراً من كبار الباحثين اليابانيين، من أبرزهم: أوكوبو كوجي Ohkubo Koji؛ نايتو توموهيديه Naito Tomohide؛ ماتسودا هيساؤا Matsudo Hisao؛ كوباياشي هايجيمي Kobayashi Hajime؛ مايجيما شينجي Maejima Shinj؛ أوكاووا شوومي Okawa Shumeie؛ آيوناغا هيروشي Iwanaga Hiroshi([20]).

تنوعت دراسات مراكز البحوث الإسلامية في محتوياتها، على الرغم من أنَّ غالبيتها تمثلت في ترجمات القرآن الكريم وتفسيرهِ([21])، إلى جانب كتب تعليم اللغات الشرق أوسطية، فضلاً عن تقارير حول الشؤون الاقتصادية والعسكرية، إلاَّ أنَّ ذلك لا يعني غياب الأعمال الأكاديمية رفيعة المستوى، إذ اهتمَّ الباحثون اليابانيون بالمراجعة النقدية للدراسات الأوربية حول الإسلام والمسلمين. كما صدرت أعمال بحثية متميزة، منها على سبيل المثال: "تاريخ الدول الإسلامية، 1934م"؛ "التاريخ الثقافي للأرض القاحلة في آسيا، 1938"([22]).

وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة التي كانت تواجه عملية ابتعاث الطلاَّب في زمالاتٍ دراسية إلى خارج اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية، إلاَّ أنَّ هناك كثيراً من الأعمال المتميزة أكاديمياً التي أُنتجت خلال هذهِ الفترة، منها دراسة إيداتا زومي Aidata Zomi عن الموسيقى العربية، وبعض الدراسات التاريخية كـ: "دراساتٍ حول المماليك، 1939"؛ "دراسات عن الزنج، 1939" بقلم الأستاذ كوباياشي هاجيمي Kobayashi Hajime؛ "دراسات عن الصوفية، 1941" للأستاذ ياغي كاميتاروYagi Kamitaro؛ "تاريخ إيران وثقافتها، 1941" للأستاذ غامو رئي اتشي Gamo Reiichi. وقد شَهِدَت هذهِ المرحلة اهتماماً ملحوظاً بترجمة الشعر العربي وبعض الأدبيات الأُخر، مثال على ذلك قيام مجموعة من المستعربين اليابانيين بترجمة حكايات ألف ليلةٍ وليلة عن النسخة الفرنسية([23]).
من خلال تتبع الأعمال الأكاديمية والأدبية التي أنتجها المستعربون اليابانيون حول الإسلام بصورةٍ عامة والعرب بصورةٍ أخص، نجد أنَّ المصادر التي اعتمدوها في أعمالهم هذهِ قد تنوعت في تخصصها وزمنها وتباينت من جهةٍ أخرى في مستوى موثوقيتها ورصانتها. فنجد أنَّ البروفيسور تسوكيتاكا ساتو يُشير إلى أنَّ معظم أعمال البروفيسور مايجيما شينجي قد اعتمدت المصادر الصينية والعربية التي توفرت آنذاك في المكتبات اليابانية، لينتج عنها كتاب ضخم حمل عنوان: "مظاهر التبادل الثقافي بين الشرق والغرب" طوكيو: 1971م. كذلك فقد عَمَد المستعرب الياباني جورو تاكاهاشي([24]) في ترجمتهِ للقرآن الكريم إلى الاعتماد على النص الإنكليزي كمصدرٍ أساس لعملهِ الكبير([25])، والذي بات معروفاً حتَّى بالنسبةِ لغير اليابانيين([26]). كذلك فلم يعتمد المستعرب الياباني أوكاوا شومي في ترجمتهِ للقرآن الكريم على النص العربي، بل اعتمد على ترجماتٍ إنكليزية وفرنسية وألمانية للقرآن الكريم. ويُشير أووتسزكا تاكيهيرو Ootszaka Takihiro إلى أنَّ الملاحظات التفسيرية التي تركها أوكاوا شوومي على ترجمتهِ للقرآن قد ساعدت القارئ الياباني على فهمٍ أعمق للدين الإسلامي، وأنَّ عمله يُعد رائداً بحق، كما يُعد كتابه "مبادئ الإسلام والقرآن" من المراجع الأساسية للأبحاث الإسلامية في اليابان، وقد أثنى أستاذه البروفيسور إنيه ساكي ماساهارو على كتابهِ هذا كثيراً([27]).

من خلال ما تقدم، يتبيَّن لنا أنَّ الدراسات العربية والإسلامية في اليابان قد نشأت في حقبةِ ما بين الحربين العالميتين، وذلك بفضل الدعم المباشر من قبل الحكومة اليابانية ذات التطلعات الاستعمارية في قارة آسيا، حيث كان غرضها الأساس من هذا التوجه هو تعزيز السيطرة اليابانية على الأراضي التي احتلتها من خلال كسب ودِّ القوميات الإسلامية هناك والتي تُشكِّل نسبةً كبيرة من سكَّانها. فضلاً عن ذلك، فقد كان من أهدافها السير على وفق الشعارات أو المقولات الدعائية الاستشراقية وتطبيقها على حالة اليابان، وبأنَّها جاءت لتُحرر المسلمين من الأنظمة الاستعمارية الغربية، فرفعت بذلك شعار التضامن الآسيوي مع جيشها لطرد المستعمرين الغربيين، ولتنفيذ هذهِ السياسة الاستعمارية بنجاح ووفقاً للأنموذج الأوربي نجد أنَّ اليابانيين قد لجؤوا إلى ترجمةِ كتاب "مصر الحديثة" لمؤلِّفهِ المستشرق البريطاني اللورد كرومر Evelyn Baring, 1st Earl of Cromer (1841-1917)، لغرض تثقيف الحكَّام اليابانيين الذين يُديرون المناطق المحتلة بدروسٍ نظرية وعملية في إدارة المناطق المحتلة([28]).

وبالتالي يتضح لنا ضعف الاهتمام نسبياً بالدراسات العربية والإسلامية في اليابان من قبل الباحثين اليابانيين في حقبة ما بين الحربين العالميتين، سواء أكان ذلك في دراسات جنوب شرق آسيا أم في دراسات غرب آسيا، وحتَّى منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، فلم تكن الدراسات غنيةً بما يكفي من حيث المحتوى والنوعية، ولكنها ـ في الوقت نفسهِ ـ يمكن أن تُعد خطوةً أولية مهمة لبحوثٍ تالية عالية المستوى. وقد يكون السبب في ذلك أنَّ أغلب الباحثين كانوا دبلوماسيين وسياسيين وصحافيين ولم يكونوا باحثين أكاديميين متخصصين، فلم يكن بين الباحثين اليابانيين من كان متخصصاً في لغات جزر إندونيسيا([29]) languages of Indonesia أو لغة الملايو([30]) Malay language، الأمر الذي اضطرهم إلى اللجوء إلى المصادر الغربية لاسيَّما ما كُتب باللغة الهولندية عن الإسلام في إندونيسيا. فمثلاً تمَّ تكليف أستاذ الفلسفة الإسلامية البروفيسور توشيهيكو إيزوتسو([31]) Toshihiko Izutsu بتأليف كُتيِّب عن النظام الشرعي الإسلامي في إندونيسيا، وقد اعتمد إيزوتسو في تأليف كتابهِ على كتابات الباحثين الهولنديين([32]).
ويرى البروفيسور ياسوشي ـ تسوناكا أنَّ الباحثين خلال هذهِ المرحلة لم يهتموا بدراسةِ الفكر الإسلامي بشكلٍ واسع ودقيق وإنَّما كانت غايتهم جمع معلوماتٍ أولية عن العالم الإسلامي؛ لأنَّ اليابانيين وعلى كلِّ المستويات لم يكونوا بحاجةٍ إلى أكثر من ذلك، ومع ذلك فقد كانت تلك المعلومات جديدة ومدهشة بالنسبةِ إليهم([33]).

ويؤكِّد البروفيسور كوجيرو ـ ناكامورا([34]) أنَّ الجيل الأول من الباحثين والأكاديميين اليابانيين المهتمين بالدراسات العربية والإسلامية كانوا يُجيدون اللغات الشرقية جيداً، أمَّا نصيب اللغة العربية من التعلُّم فقد كان قليلاً بين باحثي هذا الجيل الذين اعتمدوا في دراستهم عن الإسلام على اللغة التركية أو الفارسية، حيث نجد ـ مثالاً على ذلك ـ البروفيسور أوكوبو Okubo يقوم بنشر بعض آيات القرآن الكريم بعد ترجمتها إلى اليابانية من التركية وليس من العربية لعدم معرفتهِ بها([35]). وبالتالي فإنَّ أغلب المصادر التي اعتمد عليها المستعربون اليابانيون في كتاباتهم كانت مراجع غربية وليست عربية([36]).

وعلى الرغم مما تقدم، فحتَّى نهاية الحرب العالمية الثانية لم يكن للباحثين اليابانيين معرفةً معمَّقة بتاريخ العالم العربي، وبشكل خاص حركات التحرر التي قادت تباعاً إلى استقلال الدول العربية. حيث كان التركيز ـ كما بيَّنا ـ على الدول الإسلامية أو التي كانت تضم أقليات مسلمة في جنوب وشرق قارة آسيا. وقد كانت هناك قلَّة من اليابانيين الذين كتبوا دراساتٍ باليابانية عن منطقة الشرق الأوسط فكان منهم: ريئيتشي غامو، وإئيجيرو ناكانو، وتاكاشي هاياشي، عملوا في جامعات طوكيو University of Tokyo وأوساكا Osaka University، وقدموا دراساتٍ عامة عن الهند وإيران والعالم العربي. وكان إلى جانبهم دبلوماسيون يابانيون من أمثال أكيو كاساما، والباحث بالقضايا العربية شوجي تامورا. بالإضافةِ إلى الباحثين توراؤ كاواساكي، وماساناؤ أوداكا، وتوشيو تادا. وفي الفترة ما بين (1950-1973) برز نوع جديد من الباحثين اليابانيين المهتمين بالدراسات العربية. واتجه بعض الباحثين الجُدد إلى دراسة حركات التحرر في البلدان العربية والأفريقية. حيث كان الاختبار صعباً نظراً لغياب الدراسات العلمية الإمبريقية([37]) عن العالم العربي في اليابان. وكان عليهم التعرف بدقة إلى تطور التاريخ العالمي لمعرفةِ موقع الدول العربية فيه بهدف تعزيز علاقات اليابان معها([38]). إلاَّ أنَّه وعلى الرغم من كلِّ هذهِ الجهود الكبيرة والمهمة في الدراسات العربية والإسلامية من قبل المستعربين اليابانيين يمكن القول أنَّ حضور الثقافة العربية في اليابان لا يزال ضعيفاً بالقياس إلى انتشارها الواسع في الغرب، بجناحيهِ الأوربي والأميركي. وبما أنَّ الباحث الياباني حديث العهد بالثقافة العربية، فهي تنتشر فقط في أوساطٍ ضيقة من النُخب الثقافية وسط جمهور ياباني لا يعرف إلاَّ القليل عن العرب وثقافتهم، ولأسبابٍ ذاتية وموضوعية، ولا تزال قضايا العرب التاريخية الكبرى، ومكونات الثقافة العربية، ومشكلاتها، وجمالياتها، ضبابية لدى الجمهور الياباني الواسع.
بحدود العَقد السادس من القرن العشرين شَهِدَت الساحة الأكاديمية اليابانية ولادة اتجاهٍ ثقافيٍّ جديد، ضمَّ نُخبةً من الباحثين اليابانيين المهتمين بالدراسات العربية والإسلامية، أكمل بعضهم دراساتهِ في الجامعات اليابانية وبعضهم الآخر في جامعات أوربا وأمريكا، لذلك فقد تنوعت مشارب هؤلاء الباحثين وتوجهاتهم الفكرية، وكان لولادة الدستور السلمي لليابان عام 1946 والذي حظر عليها التسلُّح أو المشاركة في تصنيع الأسلحة أو استخدامها([39])، وانتعاش التوجهات اليسارية، ولاسيَّما بعد فرض الولايات المتحدة الأمريكية معاهدة منفصلة على اليابان عام 1951، فضلاً عن ظهور حركات التحرر من الاستعمار في مختلف البلدان المحتلة ومنها البلدان العربية([40])، أثرها في صياغة أفكار وتوجهات هذا الجيل الجديد من المثقفين اليابانيين، الذين تمسكوا بمبادئ السلام ونبذ الحرب بين الشعوب ومناهضة جميع أشكال العنف والتمييز العنصري كالفاشية Fascism والنازية Nazi والحكم العسكري Martial law، وتعاطف بعضهم مع حركات التحرر الوطني في العالم ومنها حركات التحرر في الدول العربية والإسلامية([41]).

لقد برز نوع من التعاطف الإنساني مع الشعوب العربية والإسلامية التي كانت تتعرض إذ ذاك لأبشع أنواع الاستغلال والقهر والحرمان ومصادرة الحقوق، فبرز اهتمام واضح بأبرز وأهمِّ القضايا العربية المعاصرة، منها: دراسة تنفيذ المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، والثورة المصرية عام 1952، وحلف بغداد Baghdad Pact 1955([42])، والعدوان الثلاثي على مصر 1956، ومبدأ آيزنهاور Eisenhower Doctrine 1957، فضلاً عن كفاح الشعب الجزائري لنيل الاستقلال عام 1956 والثورة العراقية عام 1958([43]).
وبالتالي فقد شَهِدَت هذهِ المرحلة ولادة جيل من الباحثين المهتمين بالدراسات العربية والإسلامية، ضمَّ أبرز الباحثين اليابانيين من الذين تميزوا بدراستهم للشرق الأوسط بعدِّهِ جزءً من صراعات العالم الثالث، التي ترمي إلى الاستقلال الوطني في آسيا وأفريقيا، وهذهِ تمثل نقطة مهمة ومختلفة جداً عن اهتمامات الباحثين قبل الحرب العالمية الثانية، إذ كانت الدراسات تفتقر للرؤيا الواضحة، ولكنها كانت ملتزمة أكاديمياً بالحاجة لنوع معيَّن من الدراسة لخدمة الأهداف الإمبريالية اليابانية، في حين أنَّ دراسات ما بعد الحرب العالمية الثانية لم تنبثق من الاهتمامات الأكاديمية بل من المشاكل المعاصرة المشتركة لدى الشرق الأوسط واليابان على حدٍّ سواء. وبذلك لا يمكن البناء على البحوث والدراسات التي أُنجزت قبل الحرب العالمية، لتكوين جسد معرفي لما بعد الحرب، لأنَّ وجهة النظر نفسها قد تغيرت من الشرق إلى الغرب ولأنَّ الأفكار والتوجهات لدى اليابانيين قد تغيرت أيضاً، وذلك بحسب رأي الدكتور ميورا Miura([44])، إلاَّ أننا نرى أنَّ دراسات الجيل الأول وعلى الرغم مما رافقها من ضعفٍ نسبي، فقد كان لها الأثر الواضح في فتح الباب أمام دراسات الجيل الثاني([45]).
بدأ اليابانيون الاهتمام باللغة العربية في حقبة الستينيات من القرن العشرين وبشكل أكثر جدية من ذي قبل، إذ سافر عدد من الطلبة إلى البلاد العربية للدراسةِ وبدعم قوي من الشركات اليابانية، فضلاً عن بعض المِنَح الدراسية Scholarship التي قدمتها لهم بعض الجامعات العربية والإسلامية لهذا الغرض([46]). وهنا يذكر أحد المختصين اليابانيين: "في البداية فهمنا عن طريق الغرب وعن طريقهم اكتشفنا الحضارة العربية، أمَّا الآن فنحن نعمل لكي نفهم بأنفسنا مباشرةً"([47]).

ومع بدايات خمسينيات القرن العشرين، برز جيل من الباحثين المهتمين بالقضايا العربية ونضالهم وحركاتهم التحررية، الذين أبدت كتاباتهم تعاطفاً واضحاً مع الشعوب المناضلة في سبيل نيل استقلالها وحريتها، وأدت إلى اهتمامٍ واضح من قبل الأوساط الأكاديمية اليابانية مع نضال الشعوب العربية، فأسَّس تاكيو ناكاتاني Takeyo Nakatani في أيلول 1958 الرابطة العربية ـ اليابانية (Japan-Arab Association)، ثمَّ تبع ذلك إنشاء مركز اللغة العربية في جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية عام 1961، وقد مثَّل هذا الجيل عدداً من الباحثين المتميزين على الساحة الأكاديمية([48]).
ويبدو أنَّ اهتمامات الباحثين اليابانيين كانت ترجمةً واضحةً وانعكاساً طبيعياً لِمَا شَهِدته الساحة اليابانية والدولية من تطورات، أدت إلى تغير في الرؤى الإيديولوجية التي كان أغلب اليابانيون يؤمنون بها، إذ نتلمس تراجعاً من قبل الباحثين اليابانيين في الاهتمام بالدراسات الإسلامية البحتة، في مقابل الاهتمام والتركيز على قضايا الشعوب المناضلة في سبيل الاستقلال والتحرر من الاستعمار، ولاسيَّما وأنَّ الإمبرياليات البحرية كانت قد فقدت أغلب مستعمراتها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية([49]).

كذلك فقد برز اهتمام واضح من قبل الباحثين اليابانيين خلال هذهِ الفترة بالتنقيب عن الآثار في البلاد العربية، ففي عام 1956 زار العراق فريق عمل بحثي ياباني من جامعة طوكيو ضمَّ باحثين آثاريين متخصصين لإجراء أول بحث علمي ياباني عن الآثار العراقية القديمة، وقد استمر عمل البعثة عام كامل حتَّى 1957، قامت خلاله البعثة بإجراء أول مسح للآثار العراقية من قبل بعثة يابانية، وأعقبه إقامة معرض للفن الآثاري العراقي في طوكيو([50]).

أبرز مراكز البحوث والدراسات اليابانية:

بعد مدَّةٍ قصيرة من اضطرابات ما بعد الحرب العالمية الثانية أنشأت الجامعات والمعاهد اليابانية عدداً من الجمعيات والمراكز الأكاديمية المتخصصة، التي تمتلك أقساماً وشعباً للبحوث الخاصة بالمنطقة الإسلامية، وقد عَمِل في هذهِ المراكز البحثية أمهر الباحثين اليابانيين المتخصصين، وفي شتَّى المجالات، ولاسيَّما المتخصصين منهم بالدراسات العربية، وقد إزداد عدد الباحثين بشكلٍ كبير وواضح الأمر الذي أدى إلى انتعاش الدراسات المذكورة، ومن أشهر مراكز البحث والدراسة لهذهِ الفترة([51]):
جمعية دراسات الشرق الأدنىThe Society for Near Eastern Studies ، التي تأسَّست عام 1954م. يترأسها حينذاك الأمير الياباني ميكاسا تاكاهيتو Mikasa Takahito.
معهد بحوث الشرق الأوسط The Middle East Research Institute، الذي تأسَّس عام 1956م.
الرابطة العربية ـ اليابانية Japan ـ Arab Association، أسَّسها تاكيتو ناكاتاني عام 1958م.
معهد الاقتصاديات النامية The Institute of Developing Economies، الذي تأسَّس عام 1960م.
مركز اللغة العربية في جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية Arabic Language Center at Tokyo University of Foreign Studies، الذي تأسَّس عام 1961م.
المعهد البحثي للغات وثقافات آسيا وأفريقيا في جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية The Research Institute for Languages and Cultures of Asia and Africa at Tokyo University of Foreign Studies، الذي تأسَّس عام 1963م.

جمعية الدراسات الإسلامية The Association for Islamic Studies، التي تأسَّست عام 1963م.
ومما تقدم، يتضح لنا أنَّ الساحة الأكاديمية اليابانية كانت قد شَهِدت في هذهِ الفترة اتساعاً لقاعدة الاهتمام بالدراسات العربية والإسلامية مع زيادةٍ في عدد الباحثين، ترافق ذلك مع تنظيم أكثر وتوفير مختلف أشكال الاتصال بين الباحثين والاتجاه نحو جوانب بحثية جديدة مختلفة عمَّا كانت عليه كلِّياً، الأمر الذي سهَّل تبادل الخبرات ومناقشة الأفكار بسهولة من خلال برامج بحثية متعددة([52]).

العرب من وجهة نظر يابانية:
يندرج كتاب المُستعرب الياباني الكبير نوبوأكي نوتوهارا: "العرب.. وجهة نظر يابانية", ضمن سجالاتٍ أدبية معمَّقة نشرها باللغة العربية عام 2003. فلاقى صدىً كبيراً في الأوساط العربية واليابانية. وقد أمضى المؤلِّف فتراتٍ طويلة في الريف المصري حيث تعرف إلى حياة الفلاَّحين وعاداتهم وتقاليدهم. ومن الكتب المهمة التي أثرت في تكوينهِ الثقافي رواية "الأرض" لعبد الرحمن الشرقاوي، و "شخصية مصر" لجمال حمدان. وغيرهم. ثمَّ توجه لدراسة البادية فكانت له رحلة إلى حضرموت، ورحلاتٍ إلى البادية السورية وغيرها من البوادي العربية. وجد في البادية ثقافةً أخرى لا يعرفها اليابانيون، وذلك لسبب بسيط أنَّه لا توجد لديهم بادية في اليابان. أقام مع البدو في سوريا وفي مصر ومع الفلاَّحين، وبدأ يبحث عن رواياتٍ تتحدث عن البدو لترجمتها إلى اليابانية. تعرف إلى إنتاج عبد السلام العجيلي، وروايات عبد الرحمن منيف، خاصةً "مدن الملح". أخيراً وجد ضالَّته في الكاتب الليبي إبراهيم الكوني([53]) الذي ينتمي إلى قبيلة الطوارق الليبية. حيث قرر بذل قصارى جهدهِ لدراسة أعمالهِ وتقديمهِ إلى القارئ الياباني.

من سبق له أن قرأ أعمال الروائي إبراهيم الكوني ـ باستثناء بعض أعمالهِ الأخيرة ـ يعرف أيَّ حضور قوي وباهر للصحراء وتفاصيلها الصغيرة في أعمالهِ؛ فهو مثل مُريد صوفي لا يجد ضالته الروحية والمادية إلاَّ في تلك المساحات الشاسعة، بصفتها دلالةً على اللانهائي. وبالتالي نظن أنَّ سبب غرام نوبوأكي نوتوهارا بهذهِ الصحراء الشاسعة أنَّه يُمارِس نوعاً من الطهرانية الجمعية، وإن تمثلت في ممارسةٍ فردانية، فَـ "نوبوأكي نوتوهارا" شخص غير واعٍ لحظة التحيز للصحراء الشاسعة؛ فالذات اليابانية الجمعية غارقة في حداثةٍ كئيبة، شاحبة، باردة، معدنية. والإنسان الياباني ـ على مستوى اللاوعي، رغم أنَّه غارق على مستوى الوعي في ملابسات والتباسات هذهِ الحداثة ـ إذ يهرب عِبرَ شخصٍ كـ "نوبوأكي نوتوهارا" إلى الصحراء، عسى أن يتحلَّل من وسخٍ وجودي عظيم.
إنَّ الإنسان الياباني أصبح لا يُلامس إلاَّ المعادن والصفائح والروبوتات، ولا يمشي إلاَّ على الإسفلت والسكك الحديدية الحديثة، بعد أن كان يقضي وقتًا طويلاً في ملامسة التُراب والأشجار، والصعود إلى الجبال، ومراقبة زهر البرقوق، وهو ينضج؛ لذا ثمَّة شغف بالإقبال على الصحراء، والتحرُّر ـ في الأقل نفسياً، عِبرَ قراءة أعمال إبراهيم الكوني ـ من حالةِ الاختناق التي تعصف بالمجتمع الياباني.
يكتب نوبوأكي نوتوهارا: "ثقافة الصحراء هي الثقافة البرية؛ وتلك الثقافة أوجدت المخلوقات التي تعيش في الصحراء: الإنسان والحيوان والنبات والمكان. إنني أتساءل، هل توجد صفة جوهرية لكلِّ المخلوقات في برية الصحراء؟ وهل نستطيع أن نجد قلب الإنسان أيضاً؟ نحن خرجنا منذ زمنٍ بعيد من الثقافة البرية، وأقمنا نظاماً أخلاقياً جديداً، ولكن أخشى ما أخشاه، أن يقودنا نظامنا هذا إلى نهايةٍ مأساوية؛ ألاَّ تعلمنا الحيوانات البرية بأنَّ هناك حياة جوهرية مشتركة بين كلِّ المخلوقات؟ على أيِّ حال، أعتقد أنَّ هنالك ما أُسميه كرامة الحيوانات التي تُعبِّر بسلوكها عنه، وهذهِ الكرامة التي أعنيها موجودة في حيواناتٍ برية. إنني هنا أفكر في مصدر عالم الحياة، حيث تصدر المخلوقات كلِّها"([54]).

وفي موضع آخر يكتب: "نحن جميعاً، نعرف بأنَّ الحياة البرية تنحسر يوماً بعد يوم، والبدو أنفسهم يتناقصون ويذهبون إلى الاستقرار بإرادتهم أو رغماً عنهم؛ وأقول أيضاً إذا انقرضت الثقافة الصحراوية البرية، فإنَّ البشرية كلَّها ستخسر وجهاً عظيماً من وجوهها الثقافية"([55]). إنَّ المُحاكاة هَهُنا ليست بالنسبة للبشرية عموماً، إنَّما هي لليابان حصراً؛ اليابان التي حالت إلى سفينةٍ كبيرة مليئة بالمعادن والأسمنت، والمشاعر الباردة أيضاً، وتجري في بحرٍ جليدي عديم الإحساس العاطفي. لذا ثمَّة بحث محموم عن حرارةٍ عالية وسط صحراء شاسعة (صحراء إبراهيم الكوني)، منفتحة على أفق أزرق لا نهائي. ولربما عكست الطهارة التي مارسها نوبوأكي هَهُنا، حُمَّى جماعية لدى الذات الجمعية اليابانية،؛ لذا ثمَّة نزوح جماعي ـ عِبرَ فعل القراءة ـ ناحية طهارة الصحراء وأرضها البِكر.

من خلال الاطلاع على كتاب المفكِّر والمُستعرب الياباني نوبوأكي نوتوهارا نجد أنَّ الشخصية العربية لديه مقرونة بالصحراء والسياسة، فهو يرى أنَّ الكاتب الجيد ـ تحديداً العربي ـ هو الذي يُعاين السياسة أدبياً؛ أي أنَّه يفهم المُبدع العربي مبدعاً سياسياً، لا مُبدعاً ثقافياً. وكلنا يعرف أنَّ السياسة آنية، لحظية، زائفة، زائلة. أمَّا الأدب، فهو عابر للأزمان والأذهان؛ فهو إذًا خالد وباقٍ، ومتواصل الحدوث عِبرَ أذهانٍ لا حصر لها. المطبَّ الذي وقع فيه "نوبوأكي" ـ ولا أظنه خرج بذلك عن صورتنا التي رسخَّها الاستشراق الكلاسيكي عنَّا ـ هو رؤيتنا كائناتٍ زائفة، زائلة، غير خالدة، فهي غير قادرة على كتابة نصوص خالدة، وهي مسكونة بهواجس واهتمامات آنية، وأعظم ما يمكن أن تنتجه هو الصراخ والبكاء وذرف الدموع على الماضي التليد وأطلال الحضارة الزائلة.

ويمكن لنا أن نستخلص من الكتاب الآنف الذكر أنَّ الياباني إذ ينظر إلى العرب ـ بدافع الحب ـ ويُؤشِّر على جُملةٍ من الأخطاء والخطايا التي تُحيط بهم من كلِّ حدبٍ وصوب، فإنَّه يقع ضحية أوجزتها العرب قديماً تحت شعار: "وَمِن الحُبِّ ما قتل"؛ فـ "نوبوأكي نوتوهارا" يُمارِس قتلاً مزدوجاً واحداً بحقِّ نفسهِ؛ فالأربعين سنة التي قضاها في دراسةِ اللغة العربية والثقافة العربية لم تُغيِّر البُنية التأسيسية للآخر، لاسيَّما في نظرتهِ إلى العرب كائناتٍ بدوية من جهة، وسياسية من جهةٍ أخرى. أمَّا القتل الآخر، فبِحقِّ الثقافة العربية، حيث يُصر على قولبتها في قوالب جاهزة، مبتسرة، ولا يسعى ـ حتَّى في غمرةِ إعجابهِ الشديد بالثقافة العربية ـ إلى إبدال هذهِ القوالب بآفاقٍ مفتوحة على الإنسان والإنسانية في تجلياتها العظيمة. وبالمثل، فإنَّ العربي إذ ينظر إلى اليابان ـ بدافع الحب أيضاً ـ فإنَّه ينظر إلى (اليابان: الجذر + الشجرة اليانعة الخضراء)؛ اليابان التي تحدث عنها "إينازو نيتوبي" (1862-1933) في كتابهِ: "البوشيدو.. المكونات التقليدية للثقافة اليابانية"([56]) Nitobe Inazō, Bushido.. the Soul of Japan, Philadelphia: the Leeds & Biddle Co., 1900..

الأحزاب الإسلامية في العراق:
مثَّل تاريخ العراق المعاصر وسياستهِ حقلاً مهماً في المؤسَّسات الأكاديمية العالمية: الغربية والأمريكية. مع ذلك، فقد شاب العديد من دراسات المستشرقين عدم الموضوعية والرؤية الاستعمارية التي تحاول أن ترسم صورة العراق وفقاً لرؤيةِ الذائقةِ الغربية. فقد ركَّزت غالبية هذهِ الدراسات على "عدم أصالة مفهوم الدولة العراقية"، وأنَّ "الأمة العراقية" مصطنعة من قبل الساسة البريطانيين ضمن ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الأولى. وهكذا اتَّسم الكثير مما قدمته المؤسَّسات الأكاديمية الغربية عن تاريخ العرب والعراق الحديث والمعاصر برؤيةٍ بعيدةٍ نوعاً ما عن الواقع العربي والعراقي. وهذا لا يعني التعميم على جميع الدراسات الغربية عن العراق والعالم العربي، فهناك اختلافات في الرؤى والتحليل والتفسير بين المدارس الغربية المتعددة، وعلى نحوٍ خاص البريطانية والفرنسية والألمانية والأمريكية. فقد قدَّم بعضها دراساتٍ جادة أصبحت مصادر مهمة في تاريخ العرب والعراق الحديث والمعاصر.
وتمثل الأكاديمية اليابانية المتخصصة في الدراسات العربية والشرق أوسطية عموماً والعراقية على نحوٍ خاص رؤية أخرى اختلفت في مُخرجاتها عن الرؤيتين الغربية، ولاسيَّما ما يتعلَّق بمحاولةِ اليابانيين على مدى عدَّة عقود الحصول على المعلومات عن الشرق الأوسط بأنفسهم دون الاعتماد على الرؤية الغربية التي أثرت على الجيل الأول من المُستعربين اليابانيين الذين بدأ عهدهم منذ أواخر عهد ميجي([57]) (1868-1912) واستمر حتَّى نهاية الحرب العالمية الثانية. وكان لأحداث الشرق الأوسط والعالم العربي منذ عقد الخمسينيات من القرن العشرين والتغييرات البُنيوية التي شَهِدَتها مجتمعاته دراماتيكياً وبلغت ذروتها عشية "الصدمة النفطية" عام 1973 دور بارز في تغيير الرؤية اليابانية للشرق الأوسط وتشكُّل منظور ياباني جديد اقترب بقوةٍ من واقع العالم العربي وأدَّى إلى ظهور مستعربين جُدد برؤىً مغايرة أَثْرَت الدراسات العربية الإسلامية والشرق أوسطية. ولعلَّ كتابات يوزو ايتاكاكي وسانئيكي ناكاؤوكا وأكيرا غوتو قد شكَّلت اتجاهاً جديداً في الدراسات اليابانية عن الشرق الأوسط والعالم العربي وأدَّت إلى ظهور مؤسَّسات داعمة ومؤثِّرة في صناعةِ القرار السياسي والإقتصادي عن العالم العربي والشرق الأوسط. مثَّل هؤلاء وزملاؤهم جيلاً ثانياً مفعماً بالحيوية والنشاط لفهم واقع العالم العربي عن قرب بعيداً عن المركزية الغربية طاغية التأثير في الكتابات اليابانية التي مثَّلها الجيل الأول([58]).

وبالتالي فإننا سنتناول خلال دراستنا هذهِ وجهاً آخر من أوجه اهتمامات المُستعربين اليابانيين بالقضايا العربية والإسلامية المعاصرة، ألا وهو دراسة الأوضاع والتطورات السياسية في معظم الدول العربية وبيان تأثيراتها على المجتمع والاقتصاد بصورةٍ عامة. والأنموذج الذي سنعتمده في هذهِ الدراسة هو كتاب الدكتور الياباني داي ياماو([59]) Dai Yamao الأستاذ المساعد في جامعة كيوشو Kyushu University، المعنون بـ: "تاريخ الأحزاب الإسلامية في العراق.. التحول في حزب الدعوة (1957-2009)"([60]).Transformation of the Islamic Da’wa Party in Iraq: From the Revolutionary Period to the Diaspora Era.. الذي يمثل رؤية جديدة لباحث ياباني متخصص في تطور الحركات والأحزاب الإسلامية العراقية عموماً والشيعية على نحوٍ خاص حسب رأي المترجمين للكتاب. هذا التخصص والاهتمام من قبل الباحثين والمُستعربين اليابانيين الذي يُعد أحد المجالات التي برعوا فيها وتميزوا منذ بدايات القرن العشرين، حيث نجد الكثير من الكتابات والمؤلَّفات التي تناولت القضايا العربية المعاصرة من سياسية واقتصادية واجتماعية... إلخ([61]). حتَّى تميزوا عن باقي المدارس الاستشراقية بمساندة القضايا العربية وخاصةً مواقفهم المتوازنة تجاه الصراع العربي الإسرائيلي. ولعلَّ خير من يمثل أصحاب هذا الاختصاص من مدرسة المُستعربين اليابانية البروفيسورة كيكو ساكاي([62]) Keikō Sakai.
وبالتالي، يُعد كتاب "تاريخ الأحزاب الإسلامية في العراق.." من المراجع المهمة جداً كونه يعكس رؤية باحث ياباني تخصص في دراسة تطور الحركات والأحزاب الإسلامية، حيث يرى أنَّ الحركات الإسلامية الشيعية منها إنَّما تتمثل بشكلٍ أساسي في حركتين كبيرتين، هما: حزب الدعوة الإسلامية The Islamic Dawa Party؛ والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق The Islamic Supreme Council of Iraq، اللذان يمثلان تطور جزء أساسي من الحركة الإسلامية في العراق خلال حقبةٍ تجاوزت ستة عقود تقريباً([63]).
تطورت الدراسات العلمية والأكاديمية في موضوع الحركات الإسلامية العراقية بعد حرب الخليج الثانيةThe Gulf War (2/August/1990–28/February/1991), codenamed Operation Desert Shield التي كانت سبباً في ظهور وتطور هذهِ الحركات؛ ذلك أنَّ الدول الغربية كانت قد غيرت من سياستها تجاه العراق بعد هذهِ الحرب، حيث أدى غزو العراق للكويت إلى أن تتخلَّى هذهِ الدول عن العراق وتتجه شيئاً فشيئاً إلى دعم المعارضة العراقية، ما جعل هذهِ الأخيرة توجه نشاطها بشكلٍ أوسع إلى الدول الغربية وخصوصاً بريطانيا، وقد ظهرت دراسات كثيرة عن حركات المعارضة الإسلامية العراقية في هذهِ الفترة، كان من أهمها دراسة الباحثة الإنكليزية جويس ويلي Joyce N. Wiley عن حركات المعارضة الإسلامية([64])، قدمت فيها فهماً أوسع للحركات الإسلامية مستندةً إلى المصادر الأصلية باستعمال منشورات ودوريات الأحزاب والسِيَر الشخصية لأعضاء الحركات الإسلامية([65]).

كذلك فقد طور أستاذ علم الاجتماع العراقي الدكتور فالح عبد الجبار البحث في الحركات الإسلامية العراقية، فحاول أن يقدم صورةً شاملة عن الحركات الإسلامية مستفيداً من أوسع عدد من المصادر الأصلية المُستندة إلى المنظور الاجتماعي، وذلك من خلال دراستهِ التي جاءت تحت عنوان: "الدولة والمجتمع المدني في العراق"، عام 2003م، التي قدم خلالها انتقاداً لِمَا يُدعى بـ"الفهم الطائفي" Communal Analysi، والذي يعد الحركات الإسلامية الشيعية تمثل حركات معارضة لنظام الحكم السنّي على أساس أنَّ للشيعة مصالح موحدة ضدَّ الحكم السُنِّي، منتقداً كذلك التحليل الأصولي الذي عدَّ الحركات الإسلامية حركات معادية للتحديث وذات نزعة أصولية([66]).

ويبدو أنَّ المُستعرب الياباني داي ياماو كان قد أطلع على معظم هذهِ الدراسات السابقة التي تناولت بالبحث والدراسة الحركات والأحزاب الإسلامية في العراق، وحلَّل ما تضمنته هذهِ الدراسات من رؤىً وتحليلاتٍ تناولها بالنقد في مقدمة كتابهِ.

يتألَّف كتاب الدكتور داي ياماو Dai Yamao من خمسةِ فصول متتابعة تأريخياً وموضوعياًً تمثل بمُجملها تطور الحركات والأحزاب الإسلامية العراقية منذ أواخر الخمسينيات وحتَّى عام 2009. والنتيجة التي يمكن أن نتصورها فيما يخص الثمرة الفكرية أو الإشكالية النظرية التي حاول مؤلِّف الكتاب الوصول إليها أو إثباتها هي أنَّ تحول حزب الدعوة من حزبٍ أُمَّميٍّ (الأمَّة الإسلامية) إلى حزبٍ وطني (العراق) في ثمانينات القرن الماضي، هو تحول تكتيكي، وليس تحول إيديولوجي أصيل، حسب رأيهِ، أي أنَّ تغير توجه حزب الدعوة إلى المُناداة أو الدعوة إلى بناء الدولة الوطنية العراقية، لا تعني بالضرورة صيرورةً جديدة في منهاجهِ الفكري، وأنَّ خطابه الإعلامي وطروحاتهِ الإسلامية قد حافظت على جوهرها، أو جمودها بمعنى أصح، دون مسٍّ أو تعديل؟ وتُعد هذهِ الفكرة إحدى أكثر طروحات الكتاب المُثيرة للجدل.

المُلاحظ أيضاً، أنَّ مؤلِّف الكتاب قد تبنَّى نظرية "الدولة المصطنعة"، التي ترى بأنَّ العراق قد تشكَّل من خلال دمج عدَّة كيانات ومجموعات ذات خلفيات عرقية وطائفية متنوعة في وقتٍ لم يكن هناك توافق تاريخي وفي ظلِّ ضغوطٍ استعمارية بريطانية لتمرير العملية السياسية بعد انهيار الدولة العثمانية. ووفقاً لذلك، كان على العراق أن يواجه مشكلة معقدة بتوحيد شعبٍ من خلفياتٍ طائفية وعرقية مختلفة في دولةٍ تمر بمرحلةِ ما بعد الاستعمار.

وتُقدم نظرية "الدولة المصطنعة" الحُجج الآتية: وجد الشعب العراقي أنَّ من الصعب تأسيس هوية وطنية جامعة وموحَّدة لكون العراق دولة مصطنعة تشكَّلت عندما لم يكن هناك توافق تاريخي. ويعود ذلك إلى أنَّ كل من الكُرد والعرب السُنَّة والعرب الشيعة بدأوا بالمطالبة المتحدية ليدافع كل منهم عن مصالحهِ. فكان ضرورياً وجود نظام استبدادي لتوحيد الشعب بوطنيةٍ ضعيفة. فكان على النظام الاستبدادي أن يوحد الشعب من الأعلى إلى الأسفل، وهكذا، كان من السهل تأسيس نظام استبدادي مثل النظام البعثي وكان ذلك الطريق الوحيد للحفاظ على توحدهِ.

من الممكن توجيه انتقادين لنظرية الدولة المصطنعة التي تبناها الكتاب. فهذهِ النظرية لم تولِ اهتماماً لحقيقة أنَّ التوحد الإقليمي والوعي بشأن هذا التوحد قد ترسَّخ تدريجياً لبناء الشبكات المالية منذ أواخر العهد العثماني، كما كانت هنالك مصالح متعددة حتَّى ضمن المجموعات العرقية والطائفية نفسها أي روابط ناشئة عن التزاوج، ومصالح اجتماعية وسياسية واقتصادية. وبهذا نجد أنَّ نظرية "الدولة المصطنعة" قد أهملت هذهِ الحقيقة مما عرضها للكثير من الانتقادات.

أدى إنهيار النظام البعثي الإستبدادي لصدام حسين، بعد حوالي ثلاثين عاماً من حكمهِ، بغزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، إلى تحول الأحزاب الإسلامية العراقية بعد تجربةٍ طويلة في المنفى إلى أحزاب حاكمة بعد الاتفاق الدستوري في كانون الثاني 2005.
تشكَّلت الحركة الإسلامية في أواخر الخمسينات وحافظت على نشاطها من أجل الإصلاح الاجتماعي ـ السياسي لتحقيق المشاركة السياسية في العراق حتَّى منتصف السبعينات. وكانت الحركة الإسلامية ترنو إلى الثورة الإسلامية بعد وصول صدام حسين للحكم. ففي عام 1980، اضطر عدد كبير من قيادات الحركة الإسلامية للذهاب إلى المنفى نتيجةً للقمع القاسي للنظام البعثي، فاتجهوا إلى إيران المجاورة بعد اندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية. وانقسم الإسلاميون العراقيون في هذهِ العمليات وبدأوا نتيجةً لذلك بتغيير تحالفاتهم على نحوٍ متكرر في إيران في عقد الثمانينات. وفي العَقد التالي، التسعينات، انقسمت الحركات الإسلامية العراقية على نحوٍ أوسع إلى عددٍ من التنظيمات: حافظ بعضها على نشاطهِ في إيران، بينما حول البعض الآخر مكان إقامتهِ إلى سوريا ثمَّ لندن. فبعد حقبة طويلة من النفي، وصلت الحركات الإسلامية العراقية إلى السلطة بعد الغزو الأمريكي والانتخابات اللاحقة. هذهِ الحالة العراقية هي الأولى من نوعها في العالم التي تصل فيها حركات إسلامية إلى السلطة من خلال الانتخابات بعد حقبةٍ طويلة من النفي.
وعلى أيَّة حال، فشل النظام العراقي الجديد الذي قادته الأحزاب الإسلامية في تحقيق الاستقرار في البلاد. ففي عراق ما بعد الحرب، (الذي يُعرف بالعراق بعد الغزو الأمريكي في عام 2003)، حدثت صراعات متعددة مثل الصراع المُسلَّح ضد القوات الأمريكية، والتنافس السياسي للحصول على مصالح في الدولة (مواقع سياسية، والحصول على الموارد، وتوزيعها وما إلى ذلك)، والصراعات على تشكيل المؤسَّسة السياسية وكذلك مناهج الاندماج الوطني. حيث نتج عن هذهِ الصراعات صراع "طائفي"، ما جعل السياسة العراقية غير مستقرة.

حاول المؤلِّف الإجابة عن التساؤلات الآتية: ما هي العوامل وراء هذهِ الصراعات وعدم الاستقرار السياسي؟ كيف طبعت الحركات الإسلامية العراقية التي عانت من حقبةٍ طويلة من النفي بصماتها على عدم الاستقرار السياسي في عراق ما بعد الحرب؟ كيف طورت الحركات الإسلامية العراقية نشاطاتها وأيديولوجياتها عِبرَ تاريخها الطويل من النفي في المقام الأول؟ إذ لم تقدم أيّ من الدراسات السابقة تفسيراً مقنعاً لهذهِ التساؤلات. لذلك، يحاول الكتاب الحالي أن يُبيِّن بوضوح التحول التاريخي للحركات الإسلامية العراقية التي وصلت للسلطة في عراق ما بعد الحرب، ويُحلِّل أيضاً عوامل عدم الاستقرار السياسي في عراق ما بعد الحرب بدراسةِ تحولاتها التاريخية. وتأسيساً على ما سبق، يُلقي الكتاب الحالي ضوءاً على الحركات الإسلامية العراقية ويوضِّح تحولها التاريخي بالإفادة من المصادر الأصلية التي لم تُستعمل سابقاً. ومن خلال هذهِ الدراسات، يحاول الكتاب تحليل مؤثرات وتأثيرات تحولها التاريخي على الصراعات السياسية وعدم الاستقرار اللاحق في عراق ما بعد الحرب. والكتاب يطلق على التنظيمات الإسلامية في حقبةِ المعارضة "الحركات الإسلامية" وبعد وصولها إلى السلطة "أحزاباً إسلامية".

خلاصة واستنتاجات:
من خلال الاطلاع على كتابات المُستعربين اليابانيين في القرن العشرين ومنهجهم في الكتابة في موضوع الدراسات العربية والإسلامية المختلفة، نجد أنَّ الدراسة اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية قد تميزت بمنهجين، الأول جيل الرواد الكبار من المُستعربين الذين تميزوا بشمولية البحث في تاريخ العرب والإسلام، والاهتمام بالآداب والفنون. ويتمثل الثاني في توجه الجيل الحالي إلى مرحلة التخصص الدقيق في جانبٍ محدد من الآداب أو الفنون أو التاريخ، وتقديم رؤية متخصصة في بعض جوانب القضايا العربية المعاصرة. كما برز تعاطف إيديولوجي مع القومية العربية وحركات التحرر الوطني العربية.
كما شكَّلت الجمعية اليابانية لدراسات الشرق الأوسط([67])Japan Association for Middle East Studies ومجلاَّتها، منبراً لتعزيز التعاون المباشر، وهي تُنظِّم سنوياً، مؤتمراتٍ ثقافية بين الجانبين تتميز بالابتعاد عن المقولات الاستشراقية السائدة. وتقدم تاريخ شعوب الشرق الأوسط وثقافاتها بعيونٍ يابانية وليس غربية.
نجد أنَّ جلَّ المُستعربين اليابانيين المعاصرين قد استقوا معلوماتهم وشغفهم بهذا الاختصاص من الرعيل الأول الذين سكنوا في الدول العربية لسنواتٍ طوال، وخاصةً تعلُّم اللغة العربية وإجادتها، هؤلاء كتبوا دراساتٍ مهمة تنم عن احترامٍ عميق لتاريخ العرب وتراثهم وثقافتهم ونضالاتهم، وأسَّسوا لحركةٍ ثقافيةٍ واسعة.. وشَهِدَت المرحلة الأولى ولادة كثير من المراكز الثقافية التي تُدرِّس اللغة العربية، وفي الفترة الممتدة من نهاية الحرب العالمية الثانية حتَّى الأزمة النفطية للعام 1973، برز اهتمام كبير من جانب الحكومات اليابانية المتعاقبة بالدول العربية والإسلامية. فأنشأت اليابان معاهد متخصصة لدراسة تاريخ العرب والثقافة الإسلامية. واستفاد الباحثون الرواد من فرض حظر التسلُّح الغربي على اليابان، لتأسيس نمطٍ جديدٍ من الاستعراب العلمي يختلف جذرياً عن نمط الاستشراق الغربي.

ويُعد البروفيسور يوزو إيتاغاكي Itagaki Yūzō، أحد أبرز المُستعربين المتخصصين بتاريخ العرب الحديث والمعاصر، الذي زار غالبية الدول العربية. وأصدر دراساتٍ علميةٍ مشتركة مع الباحث الياباني المتميز سان إيكي ناكاؤوكا، شكَّلت خارطة طريق مهمة للباحثين اليابانيين في دراسةِ مشكلات العالم العربي، وتوسَّعت الدراسات العلمية اليابانية لتطول البُنى الزراعية، والأحزاب والتنظيمات والصراع العربي الصهيوني. وكانوا من أشدِّ المناصرين لقضية الشعبين الفلسطيني واللبناني، ونذكر المصور الياباني ذا الشهرة العالمية ريوشي هيروكاوا Ryuichi Hirokawa، الذي كان أول مصور صحافي ساهم في الكشف عن مجزرةِ صبرا وشاتيلا([68])، التي ارتكبت بعد احتلال إسرائيل لبيروت عام 1982.

وأخيراً فقد شَهِدَ العَقد الأول من القرن الحالي، زيادةً في عدد المؤسَّسات الثقافية اليابانية المهتمة بالعالم العربي، واتسعت معها دائرة اهتمام الباحثين العرب بصورةٍ عامة والعراقيين منهم بصورةٍ أخص في دراسةِ الثقافة اليابانية من مختلف جوانبها([69]). وهناك عدد كبير من الباحثين المتخصصين بشؤون الشرق الأوسط، كما وعشرات الباحثين اليابانيين والعرب دراساتٍ أكاديمية نوعية عن المجتمعات العربية وعن اليابان في حقولٍ مختلفة. ويعملون على إنجاز أبحاثٍ ميدانية متخصصة، في عددٍ من الدول العربية. كما يُنظَّم سنوياً، سلسلة مؤتمرات ثقافية من قبل الجانبين تتميز بالابتعاد عن المقولات الاستشراقية السائدة. فهي تقدم تاريخ شعوب الشرق الأوسط وثقافاتها، بعيونٍ يابانية وليس غربية، كما ذكرنا سابقاً.

*  هوامش البحث  *

(1) نيشيهارا، دايسوكي، "إدوارد سعيد والاستشراق.. اليابان أنموذجاً"، ترجمة: محمود عبد الواحد محمود، مجلَّة الرافد، الشارقة، دائرة الثقافة والإعلام، ع192، 2013م، ص32.
(2) محمود، المقداد، تاريخ الدراسات العربية في فرنسا، (الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1992م)، سلسلة عالم المعرفة، ع167، ص6.
(3) Mikasa, Takahito, Near Eastern Studies in Japan, Bulletin of the Society for Near Eastern Studies in Japan, (ORIENT), Tokyo: May, 1969, Vol.5, p.1.
(4) مؤرخ ومُربِّي ألماني، يهودي الديانة. أكمل دراسته الأكاديمية في جامعة برلين، حيث كان أحد طلبة المؤرخ الألماني الكبير ليوبولد فون رنكه Leopold von Ranke (1795-1886). رحل رايس عام 1884 إلى بريطانيا وإيرلندا لغرض جمع المصادر الخاصة بموضوع أطروحتهِ للدكتوراه، والمعنونة بـ: "صوت البرلمان البريطاني في العصور الوسطى" The vote of the British Parliament in the medieval ages. تمَّ التعاقد مع البروفيسور رايس من قبل حكومة ميجي Meiji government of the Empire of Japan عام 1887 للعمل على تأسيس قسم التاريخ في جامعةِ طوكيو، وللعمل على إدخال منهج البحث الغربي ضمن المناهج الدراسية في الجامعات اليابانية وأحدث الطرق المعتمدة في دراسة التاريخ وتدريسهِ. ومن أبرز مفاصل هذهِ المنهجية: اعتماد المصادر الأولية؛ التركيز على تاريخ السرد من خلال اعتماد المنهج الوصفي Descriptive research؛ الحيادية في عرض وتحليل الوقائع والأحداث التاريخية... درَّس رايس في جامعتي طوكيو وكيو Keio University، حيث عرض لمنهج وأسلوب أستاذهِ فون رنكه. لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر الموقع الإلكتروني:
 http://www2s.biglobe.ne.jp/~matu-emk/Riess.html
(5) لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر: المسعودي، ياسين خضير حسن، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان.. تسوكيتاكا ساتو أنموذجاً، أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة بغداد، كلِّية الآداب، 2014، ص ص99-100.
(6) إيفلين دوريل ـ فير، الاقتصاد الياباني، ترجمة: صباح ممدوح كعدان، (دمشق، الهيئة العامة السورية للكتاب، 2010م)، ص ص56-57.
(7) لمزيدٍ من التفاصيل حول أجيال المُستعربين اليابانيين وتقسيمها ضمن الفترات الزمنية الواقعة خلال القرن العشرين، مع بيان أبرز المفكِّرين الذين عَمَدوا إلى هذا التقسيم، يُنظر: المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص ص100-101.
(8) ساكاي، كيكو، العراق واليابان.. تاريخ وعلاقات، ترجمة: علي حسين حسون ومحمود عبد الواحد محمود، (بغداد، مؤسَّسة مصر مرتضى للكتاب العراقي، 2009م)، ص81.
(9) المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص102.
(10) ظاهر، مسعود، المستعربون اليابانيون والقضايا العربية المعاصرة، (أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 2009م)، ص19.
([11]) Miura, Toru, The Past and Present of Islamic and Middle Eastern Studies in Japan: Using the Bibliography of Islamic and Middle Eastern Studies in Japan 1868-1988, AJAMES, No.17-2, Special Issue MAR. 2006, p.57. 
(12) أوكوبو كوجي Okubo Koiji: باحث ياباني ليبرالي، اشتهر بعلميتهِ وأسلوبهِ التجريبي، كانت رؤيته هي في تقسيم المنطقة الإسلامية إلى ثلاثة أقسام، هي: منطقة شرق آسيا الإسلامية وتضم الصين ومنشوريا Manchuria؛ والمنطقة الغربية الإسلامية وتمتد من وسط آسيا إلى غربها؛ ومنطقة جنوب آسيا وتمتد من جنوب غرب آسيا إلى جنوب شرقها. وكان يرى ضرورة تحرير المسلمين من الإمبريالية الأوربية European Imperialism. لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر الموقع الإلكتروني:
http://cat.inist.fr/?aModele=afficheN&cpsidt=16315657
(13) أكيرا، أوسوكي، السياسة اليابانية تجاه المسلمين في فترة الحرب العالمية الثانية، بحث منشور ضمن الكتاب الموسوم بـ: "العراق واليابان في التاريخ الحديث.. التقليد والحداثة، تحرير: كيكو ساكاي ومحمود عبد الواحد محمود، (بغداد، مطبعة جعفر العصامي للطباعة الفنية الحديثة، 2010م)، ص265.
(14) يُنظر حوله، موقع موسوعة ويكيبيديا:
https://en.wikipedia.org/wiki/Senjūrō_Hayashi

موقع الموسوعة البريطانية:
 http://www.britannica.com/biography/Hayashi-Senjuro 
(15) إبراهيم، سمير عبد الحميد، الإسلام والأديان في اليابان، (الرياض، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، 2001م)، ص376.
(16) تاكيوه، موريموتو، الإسلام في اليابان.. الماضي والحاضر والمستقبل، ترجمة: علي كمال زغلول، ط1، (القاهرة، مكتبة الآداب، 2009م)، ص91؛ المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص105.
(17) يُنظر الموقع الإلكتروني:
 https://en.wikipedia.org/wiki/Daito_Bunka_University
([18]) Miura, The Past and Present of Islamic and Middle Eastern Studies in Japan, p.57.
(19) المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص ص105-106.
([20]) Miura, The Past and Present of Islamic and Middle Eastern Studies in Japan, p.57. 
(21) لمزيدٍ من التفاصيل حول ترجمات القرآن الكريم التي قام بها الباحثون اليابانيون منذ بدايات القرن العشرين، يُنظر: المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص ص107-108.
(22) المرجع نفسه، ص ص107-108.
([23]) Miura, The Past and Present of Islamic and Middle Eastern Studies in Japan, Pp.57-58.
(24) كورو تاكاهاشي: باحث ومترجم ياباني، ولد عام 1856م، ساعد في إتمام ترجمة العهد الجديد New Testament (الإنجيل) إلى اللغة اليابانية، ولكونه معتنق الديانة المسيحية فقد ثابر على التعريف بعقيدتهِ في اليابان، ونشر العديد من الترجمات والكتابات المتعلِّقة بالدين المسيحي. كان المسؤول الأول عن ترجمة القرآن الكريم التي نُشرت عام 1938م بمساعدةٍ من بونباتشيرو أريجا وميزوهو ياماجوتشي. يُنظر: تاكيوه، الإسلام في اليابان، ص ص77-78.
(25) المرجع نفسه، ص81.
(26) المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص109.
(27) المرجع نفسه، ص110.
(28) ظاهر، المستعربون اليابانيون والقضايا العربية المعاصرة، ص20؛ المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص ص113-114.
(29) لغات الجزر الإندونيسية: توجد أكثر من (700) لغة حيَّة في إندونيسيا، أكثرها تعود لعائلة اللغات الأسترونيزية The Austronesian languages وقليل من اللغات البابوانية. اللغة الرسمية هي اللغة الإندونيسية وهي فرع من اللغة الملايوية، فهي مستعملة تجارياً وإدارياً وفي قطَّاعي التعليم والإعلام؛ لكن أكثر الإندونيسيين يتكلَّمون لغاتٍ محلية مثل الجاويةJavanese language  كلغةٍ أم. كما أنَّ أكثر الإندونيسيين يتعلمون اللغة الإنجليزية كلغةٍ ثانية إبتداءً من الصفوف الأساسية. يُنظر الموقع الإلكتروني:
https://en.wikipedia.org/wiki/Languages_of_Indonesia
(30) اللغة الملايوية: هي اللغة الرسمية لكلِّ من ماليزيا، وبروناي، وسنغافورة، وتُستعمل أيضاً للأعمال في تيمور الشرقية أيضاً. وهي مشابهة إلى حدٍّ كبير للغة الإندونيسية، اللغة الرسمية لإندونيسيا، ولكن اسمها مختلف لأسبابٍ سياسية. عدد المُتحدثين باللغة الملايوية هو (20) إلى (30) مليون. تُعرف اللغة في ماليزيا باسم "باهاسا ملايو" (Bahasa Melayu) أو "باهاسا ماليزيا" (Bahasa Malaysia) واللتان تعنيان "لغة الملايو" و "لغة ماليزيا". تستعمل اللغة الملايوية الأبجدية اللاتينية للكتابة، ويوجد نظام آخر أيضاً يستعمل الأبجدية العربية في الكتابة يُسمَّى جاوي. يُنظر الموقع الإلكتروني:
https://en.wikipedia.org/wiki/Malay_language
(31) توشيهيكو إيزوتسو (1914-1993) Toshihiko Izutsu: شخصية علمية يابانية عالمية شهيرة، يُعد رائداً في الدراسات الإسلامية المُعمَّقة، عالج موضوعات كثيرة تتصل بالتراث العربي الإسلامي بكثيرٍ من الدقة والموضوعية، تتلمذ عليهِ كثير من الباحثين المشهورين في أثناء تدريسهِ في جامعةِ كيئو Keio University في اليابان، أو في جامعة McGill University في كندا، أو في جامعة طهران في جمهورية إيران الإسلامية. لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر: المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص ص116-118.
(32) شيوزاكي، يوكي، "الاحتلال الياباني لجنوب شرق آسيا أثناء الحرب العالمية الثانية والدراسات الإسلامية في اليابان"، المقال على الموقع الإلكتروني:
 http://www.shiozakiyuki.net/Japanese_and_Oriental_Studies_4.pdf
(33) عضيمة، محمد، غابة المرايا اليابانية، ط1، (بيروت، دار الكنوز الأدبية، 1998م)، ص62.
(34) كوجيرو ـ ناكامورا: رئيس ومؤسِّس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة طوكيو، دَرَس علم مقارنة الأديان في جامعة طوكيو ثمَّ عكف على دراسة الفكر الإسلامي، بناءً على نصيحة أحد أساتذتهِ، حصل على منحةٍ دراسية لإكمال دراستهِ العليا في الولايات المتحدة الأمريكية United States of America (USA)، كتب رسالته حول الإسلام في تركيا تحت إشراف جورج مقدسي (1920-2002) George Abraham Makdisi، يُنظر: عضيمة، غابة المرايا اليابانية، ص ص62-64.
(35) المرجع نفسه، ص62.
(36) المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص115.
(37) الإمبريقية (Empiricism): أو الفلسفة التجريبية، توجه فلسفي يؤمن أنَّ كامل المعرفة الإنسانية تأتي بشكل رئيسي عن طريق الحواس والخبرة. كما تنكر التجريبية وجود أيَّة أفكار فطرية عند الإنسان أو أيِّ معرفةٍ سابقة للخبرة العملية. لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر الموقع الإلكتروني:
 https://en.wikipedia.org/wiki/Empiricism
(38) ظاهر، المستعربون اليابانيون والقضايا العربية المعاصرة، ص98.
([39]) Dower, John W., Embracing Defeat: Japan in the Wake of World War II, New York: W. W. Norton & Company, 1999, Pp.365-367.
(40) حول حركات التحرر الوطنية في العالم العربي، يُنظر: أبو خليل، شوقي، الإسلام وحركات التحرر العربية، (دمشق، دار الرشيد، 1976م)؛ البرغوثي، إياد، العلمانية السياسية والمسألة الدينيَّة في فلسطين، (رام الله، مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، 2012م).
([41]) Miura, The Past and Present of Islamic and Middle Eastern Studies in Japan, p.58.
([42]) The Central Treaty Organization (CENTO), originally known as the (Baghdad Pact), or the (Middle East Treaty Organization) (METO). was formed in 1955 by: Iran, Iraq, Pakistan, Turkey, and the United Kingdom. It was dissolved in 1979. Yesilbursa, Behcet Kemal, The Baghdad Pact: Anglo-American Defence Policies in the Middle East 1950-59 (Military History and Policy), New York: Routledge, 2013.
(43) ظاهر، المستعربون اليابانيون والقضايا العربية المعاصرة، ص29.
([44]) Miura, The Past and Present of Islamic and Middle Eastern Studies in Japan, p.58.
(45) المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص127.
(46) المرجع نفسه، ص ص127-128.
(47) نوتوهارا، نوبوأكي، العرب.. وجهة نظر يابانية، ط1، (كولون/ألمانيا، منشورات الجمل، 2003م)، ص125.
(48) كان من أبرز الباحثين الذين مثلوا هذا الجيل بدراساتهم، البروفيسور يوزو إيتاغاكي Yuzo Itagaki، أكيرا غوتو Akira Goto، واتارو ميكي Wataru Miki، أوسامو إيكيدا Osamu Ikeda، سان إيكي ناكاؤكا Saneki Nakaoka، كونيو كاتاكورا Kunio Katakura، هيساو أوؤتسوكا Hisao Otsuka، فضلاً عن باحثين آخرين. يُنظر: المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص ص128-129.
(49) المرجع نفسه، ص ص129-130.
(50) لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر: أونو، موتوهيرو، "العلاقات الدبلوماسية اليابانية ـ العراقية"، بحث منشور ضمن الكتاب الموسوم بـ: العراق واليابان في التاريخ الحديث.. التقليد والحداثة، تحرير: كيكو ساكاي ومحمود عبد الواحد محمود، (بغداد، جعفر العصامي للطباعة، 2010م)، ص290؛ محمد، صلاح حسن، العلاقات العراقية ـ اليابانية (1980-1995)، أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة بغداد، كلِّية العلوم السياسية، 1997م، ص2.
([51]) Kamada, Shigeru, Haruo, Kobyashi, Toward the Depth of a Civilization, ORIENT, Vol.XXXVII, 2002, p.7; Makasa, Near Eastern Studies in Japan, ORIENT, Vol.5, 1969, p.6; Miura, Toru, Survey of Middle East Studies in Japan, AJAMES, No.19-2, 2004, p.170.
(52) لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر: المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص ص130-131.
(53) إبراهيم الكوني: كاتب ليبي طارقي، يؤلِّف في الرواية والدراسات الأدبية والنقدية واللغوية والتاريخ والسياسة. اختارته مجلَّة لير Lire Magazine الفرنسية كأحد أبرز خمسين روائياً عالمياً معاصراً، ووضع السويسريون اسمه في كتابٍ يُخلِّد أبرز الشخصيات التي تُقيم على أراضيهم وهو الأمازيغي الوحيد لا بل الوحيد أيضاً من العالم الثالث في هذا الكتاب، اصطحبه رئيس سويسرا معه في واحدةٍ من أبرز المحطات الثقافية، حيث كان أول أجنبي يختار عضو شرف في وفد يرأسه الرئيس السويسري سنة 1998م عندما كانت سويسرا ضيف شرف في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب في عيده اليوبيل الخمسين، العيد الذهبي. وقد ألَّف (77) كتاباً، وتُرجمت كتبه إلى لغات العالم الحية أي حوالي (40) لغة. ولد إبراهيم الكوني بغدامس في ليبيا عام 1948م، وأنهى دراسته الإعدادية والثانوية في الجنوب الليبي، وبعد دراسةٍ أدبية في بلادهِ، قصد معهد غوركي للآداب بموسكو، حيث حصل على الليسانس ثمَّ الماجستير قي العلوم الأدبية والنقدية عام 1977م. عندما كان إبراهيم الكوني يدرس في معهد غوركي للآداب في بدايات السبعينيات كانت النظرية السائدة هي أنَّ الرواية عمل مدني، وهذهِ نظرية جورج لوكاتش György Lukács) (1885-1971)) الفيلسوف والكاتب المجري، وحسب النظرية لا يمكن أن تكون الرواية خارج المدينة، وقد تمكن إبراهيم الكوني من قلب هذهِ النظرية؛ ليُنتج روايات متعددة الأجزاء عن الصحراء. ويقوم عمله الروائي على عالم الصحراء بما فيه من ندرةٍ وقسوة وانفتاح على جوهر الكون، وتدور معظم رواياتهِ حول العلاقة الجوهرية التي تربط الإنسان بالطبيعة الصحراوية وموجوداتها وعالمها المحكوم بالحتمية والقدر الذي لا يُرد. يُنظر الموقع الإلكتروني:
 https://en.wikipedia.org/wiki/Ibrahim_Al-Koni
(54) نوتوهارا، العرب.. وجهة نظر يابانية، ص100.
(55) المرجع نفسه، ص101.
(56) نيتوبي، إينازو، البوشيدو.. المكونات التقليدية للثقافة اليابانية، ترجمة: نصر حامد أبو زيد، ط1، (الكويت، دار سعاد الصباح، 1993م). والترجمة الحرفية لعنوان الكتاب، هي: البوشيدو.. روح اليابان.
(57) فترة ميجي Meiji period: هي الفترة الأولى من تاريخ اليابان المعاصر (1868-1912م). أُطلق عليها اسم "ميجي" والذي يعني الحكومة المُستنيرة، تلميحاً للحكومة الجديدة التي تولَّت شؤون البلاد رسمياً منذ يوم الـ 8/أكتوبر/1868م، كان هذا الاسم أيضاً يمثل اللقب الرسمي للامبراطور موتسو هيتو، والمعروف بـ"ميجي تينو". لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر الموقع الإلكتروني:
 https://en.wikipedia.org/wiki/Meiji_period
(58) القيسي، محمود عبد الواحد محمود، "كيكو ساكاي.. عاشقة التاريخ العراقي"، جريدة الزمان، بغداد، 16/شباط/2015م.
(59) للدكتور داي باماو Dai Yamao دراسات كثيرة عن حزب الدعوة الإسلامية بصورةٍ خاصة، وباللغتين اليابانية والإنكليزية، منشورة في عددٍ من الدوريات الأكاديمية اليابانية، من أبرزها:
Transformation of the Iraqi Islamist Parties and their Framing in the Changing Regional and International Political Environments, Kyoto Working Papers on Area Studies: G-COE Series, Center for Southeast Asian Studies, Kyoto University, (2009), 14: Pp.1-39; Transformation of the Islamic Da‘wa Party in Iraq: From the Revolutionary Period to the Diaspora Era, Asian and African Area Studies, 7 (2): Pp.238-267, 2008..
(60) صدر الكتاب بترجمة: فلاح حسن الأسدي ومحمود عبد الواحد محمود، ط1، (بغداد، بيت الحكمة، 2012م).
(61) لمزيدٍ من التفاصيل حول اهتمام الباحثين اليابانيين بدراسة القضايا العربية المعاصرة بشكل عام وتاريخ الأحزاب الإسلامية العربية بشكل خاص، واهتمامهم المتزايد بهذا التخصص العلمي، يُنظر: المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص ص177-180.
(62) أستاذة التاريخ السياسي الحديث للشرق الأوسط في جامعة تشيبا Chiba University التي انتقلت إليها منذ عام 2012، بعد أن عملت مدة أستاذة للدراسات الشرق أوسطية في (جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية) Tokyo University of Foreign Studies منذ عام 2005، وخبيرة بالشؤون العراقية في المؤسَّسات السياسية والفكرية اليابانية. ولدت البروفيسورة كيكو ساكاي في اليابان في عام 1959، وتخرجت في جامعة طوكيو في كلِّية الآداب الحرةCollege of liberal Arts في عام 1982، والتحقت بمعهد الاقتصاديات الناميةThe Institute of Developing Economies (IDE) في العام ذاتهِ، واختصت بالشؤون العراقية، ويعد هذا المعهد من أهمِّ المؤسَّسات البحثية اليابانية المهتمة بالمجتمعات النامية. التحقت البروفيسورة ساكاي باحثة ملحقة بالسفارة اليابانية في العراق (1986-1989) وأفادتها هذهِ التجربة للتعرف عن قرب على المجتمع العراقي وتطورهِ التاريخي والفكري، وتعلَّمت اللغة العربية في بغداد، وأجادت اللهجة العراقية. أكملت البروفيسورة ساكاي دراساتها العليا في جامعة درمUniversity of Durham  في (مركز دراسات الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية)، في بريطانيا عام 1995. وكانت رسالتها عن (الأحزاب السياسية والشبكات الاجتماعية في العراق 1908-1920)، فشكَّلت هذهِ الدراسة الأكاديمية أساساً قوياً للباحثة لفهم طبيعة المجتمع العراقي ومكوناتهِ الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتأثيرها في التمثيل السياسي في العهدين الملكي والجمهوري. كما قدمت في هذهِ الرسالة منظوراً جديداً عن ثورة العشرين عادةً إياها “البداية الجنينية للوطنية العراقية”. وقد ظلَّ منظور ثورة العشرين مؤثراً في دراساتها اللاحقة التي شملت الواقع المعاصر للعراق، لامتلاكها قاعدة تاريخية راسخة فجعلتها هذهِ التجربة مع ثورة العشرين على معرفةٍ واسعة بالنسيج والعشائر العراقية. لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر: القيسي، محمود عبد الواحد محمود، "كيكو ساكاي.. عاشقة التاريخ العراقي"، جريدة الزمان، بغداد، 16/شباط/2015م؛ الموقع الإلكتروني لجامعة كيوشو:
http://hyoka.ofc.kyushu-u.ac.jp/search/details/K003839/english.html
(63) ياماو، داي، تاريخ الأحزاب الإسلامية في العراق، ترجمة: فلاح حسن الأسدي ومحمود عبد الواحد محمود، ط1، (بغداد، بيت الحكمة، 2012م)، ص10. وتجدر الإشارة إلى أنَّ حزب الدعوة الإسلامية قد تأسَّس في تشرين الأول سنة 1957م في العراق، في حين تأسَّس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق في 17/تشرين الثاني/1982م، الذي أجرى تعديلاً على أسمهِ في العام 2007، ليصبح: (المجلس الأعلى الإسلامي العراقي). يُنظر: المرجع نفسه، ص47، ص53.
([64]) Wiley, Joyce N., The Islamic Movement of Iraqi Shi’as, Colorado (USA): Lynne Rienner Publishers, 1992.
(65) ياماو، تاريخ الأحزاب الإسلامية في العراق، ص29.
(66) المرجع نفسه، ص ص28-29؛ المسعودي، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان، ص ص174-175.
(67) لمزيدٍ من التفاصيل حول هذهِ الجمعية وطبيعة عملها، يُنظر الموقع الإلكتروني:
https://en.wikipedia.org/wiki/International_Research_Center_for_Japanese_Studies
(68) مذبحة صبرا وشاتيلا: هي مذبحة من أسوأ ما شَهِد العالم من المذابح، نُفِّذت في مخيمي صبرا وشاتيلا لللاجئين الفلسطينيين في 16/أيلول/1982، واستمرت مدة ثلاثة أيام على يد المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني؛ وجيش لبنان الجنوبي؛ والجيش الإسرائيلي. عدد القتلى في المذبحة لا يُعرف بوضوح وتتراوح التقديرات بين (750) و (3500) قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح، أغلبيتهم من الفلسطينيين ولكن كان من بينهم لبنانيين أيضاً. في ذلك الوقت كان المخيم مطوقاً بالكامل من قبل جيش لبنان الجنوبي والجيش الإسرائيلي الذي كان تحت قيادة ارئيل شارون ورفائيل إيتان، أمَّا قيادة القوات المحتلة فكانت تحت إمرة المدعو إيلي حبيقة المسؤول الكتائبي المتنفذ. وقامت القوات الانعزالية بالدخول إلى المخيم وبدأت بدمٍ بارد تنفيذ المجزرة التي هزت العالم ودونما رحمة وبعيداً عن الإعلام وكانت قد استخدمت الأسلحة البيضاء وغيرها في عمليات التصفية لسكَّان المخيم العُزَّل، وكانت مهمة الجيش الإسرائيلي محاصرة المخيم وإنارتهِ ليلاً بالقنابل المضيئة، ومنع هرب أي شخص وعزل المخيَّمَين عن العالم، وبهذا تُسهِّل إسرائيل المهمة على القوات اللبنانية المسيحية، وتقتل الأبرياء الفلسطينيين دون خسارة رصاصةٍ واحدة، وبوحشيةٍ لم يشهد العالم نظيراً لها منذ مئات السنين. لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر الموقع الإلكتروني:
https://en.wikipedia.org/wiki/Sabra_and_Shatila_massacre .
(69) تميَّز الباحثون العراقيون ـ على وجه الخصوص ـ بكتاباتهم ودراساتهم العلمية الأكاديمية الرصينة حول موضوعات تاريخ اليابان في فتراتهِ المختلفة؛ وتاريخ العلاقات العربية أو العراقية ـ اليابانية، ومن الأمثلةِ عن هذهِ الدراسات، نذكر: القيسي، محمود عبد الواحد، التجربة اليابانية.. رؤية عراقية، ط1، (بغداد، بيت الحكمة، 2010م)؛ المسعودي، ياسين خضير، تطور الدراسات العربية والإسلامية في اليابان.. تسوكيتاكا ساتو أنموذجاً، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلِّية الآداب، جامعة بغداد، 2014م؛ العامري، علاء فاضل، الحزب الليبرالي الديمقراطي ودوره في التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في اليابان (1955-1973)، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلِّية الآداب، جامعة بغداد، 2014م؛ حسين، طارق جاسم، جذور التحديث في اليابان في أواخر عهد أسرة توكوكاوا (1953-1968)، رسالة ماجستير غير منشورة، كلِّية الآداب، جامعة بغداد، 2009؛ إسماعيل، أحمد أمير، الحركة الإصلاحية في اليابان (1868-1912)، رسالة ماجستير غير منشورة، كلِّية التربية (ابن رشد)، جامعة بغداد، 2006؛ حميد، عدنان خلف، مستقبل الدور الياباني في النظام الدولي الراهن وأثره في الأمن القومي العربي، رسالة ماجستير غير منشورة، مركز المستنصرية للدراسات الدولية، الجامعة المستنصرية، 2005. سليمان، مريم مصطفى، خصائص إدارة الموارد البشرية في اليابان والعراق.. دراسة مقارنة، رسالة ماجستير غير منشورة، كلِّية الإدارة والاقتصاد، جامعة الموصل، 2000. وغيرها.