البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

مالك بن نبي وموقفه من الاستشراق والمستشرقين (كتابه انتاج المستشرقين أنموذجاً)

الباحث :  أ.م.د. ياسين حسين الويسي
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  9
السنة :  السنة الثالثة - خريف 2016م / 1438هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 11 / 2017
عدد زيارات البحث :  4911
تحميل  ( 303.453 KB )

المقدمة

     الحمد لله رب العالمين، رب الخلق اجمعين، الذي كرم الانسان بعد ان خلقه من طين، واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله الصادق الوعد الامين وآله الطيبين الطاهرين. الذين بهم اقتدينا وتعلمنا محاججة المبطلين في كل وقت وحين.

   وبعد ..

     فان الخطوب قد احاطت بنا من كل حدب وصوب فبالاضافة الى حروب الاستعمار التي عادت الى بلادنا من جديد فان الصراع الفكري كان ولا يزال قائماً. ولابد للامة من ان توقر مفكريها الذين سخروا عقولهم واقلامهم لخدمة هذه الامة ودينها العظيم، ولما قدموا ويقدمون من عصارة افكارهم في حربهم الفكرية، ضد الاعداء الذين تشكلوا في كل صورة من صور الحقد والانانية. ولأهمية هذا الموضوع جعلت منه عنواناً لبحثي الموسوم ( مالكك بن نبي وموقفه من الاستشراق المستشرقين خلال كتابه انتاج المستشرقين).

هو رائد من رواد الفكر الاسلامي ممن كان لهم الاثر البالغ في مواجهة حملات المستشرقين التي شنوها على الاسلام ممهدين لاحتلال بلدانه. فقد عالج البحث صنفاً من اصناف المستشرقين المادحين للحضارة الاسلامية وكيف شغلوا عقول المفكرين المسلمين في الانبهار في امرين :أولاً: بالتراث الاسلامي الذي حققوه.

ثانياً: وبالمقابل انبهارهم بالحضارة الغربية مما وصلت اليه من تقدم في كافة مجالات الحياة.

وقد وضع مفكرنا الاسلامي مالك بن نبي حلولاً لتجاوز هذه العقبات ومنها الوصول الى استقلالنا الفكري لنصل بعده الى الاستقلال الاقتصادي والسياسي وضرب على ذلك مثالاً في قصة علي بن ابي طالب عليه السلام الذي خالف رأي المنجم في معركة النهروان فكان القرار له وليس لغيره. فيجب علينا ان يكون القرار لنا وليس لغيرنا مصدر الينا من الخارج، وما يأتي من الاعداء الا الشرور. وقد قسمت بحثي هذا الى مبحثين كان الاول: في مالك بن نبي حياته وثقافته. اما المبحث الثاني: فكان في مفهوم الاستشراق والياته وموقفه من المستشرقين من خلال كتابه انتاج المستشرقين.

وختمت بحثي بخاتمة تضمنت اهم النتائج التي توصلت اليها في هذا البحث سائلاً الله العلي القدير ان يجعل اعمالنا خالصة لوجهه الكريم انه نعم المولى ونعم المجيب.

المبحث الأول

مالك بن نبي.. حياته وثقافته

المطلب الأول :حياته:

    هو مالك بن عمر بن الخضر بن مصطفى بن نبي، ولد في مدينة (نيسة) التابعة لولاية قسنطينة شرقي الجزائر في (ذي القعدة 1322هـ - يناير 1925م) زمن الاحتلال الفرنسي لها، كانت (نيسة) التي قضى فيها معظم طفولته أقرب الى البداوة وذات حضور فرنسي ضعيف، فاستمر في تلقي الدروس في المساجد مع التحاقه بمدرسة فرنسية حيث اصبحت لغة المستعمر اداة العبير في مؤلفاته لامد طويل([1]).

    وتذكر لنا الدكتورة فوزية بريون: ان مالك بن نبي كان يدعى بين اهله باسم (الصديق) بدلاً من مالك([2]). وترى أيضاً (ان رسم صورة مفصلة لحياة مالك بن نبي قد يكون مهمة صعبة لأنها تعتمد على مصادر محدودة العدد والتوثيق، واهم مصدر لذلك هو سيرته الذاتية مذكرات شاهد القرن([3]) بجزئيها، والتي قدمت للقارئ في صورة ادبية... اعتمد ابن نبي في سيرته الذاتية على ذاكرته بدرجة كبيرة، فمن خلالها قام بترتيب الاحداث والاشخاص الذين اثروا في حياته وتقييمهم، وكذلك اعادة اكتشاف الملابسات والظروف التي مر بها وفهمها، مستعملاً اساليب ادبية مساعدة مثل الاضاءة الخلفية والخداع وتيار الوعي. . ومن المعروف انه قد بدأ حياته اديباً، وكان اول عمل نشره هو رواية بالفرنسية لم تترجم بعنوان "لبيك"([4])، وقد شهد له الكثيرون بتمكنه الفائق من الفرنسية التي كان يتقنها كأبلغ ابنائها، حتى إنه استحدث مصطلحاً منحوتاً تبنته الاكاديمية الفرنسية بمعنى مدعي الفكر والثقافة([5]) (Intellectomomann).. ومن خلال هذه المذكرات سنحاول رسم صورة عن حياة كاتبنا)([6]). اما ولادته فقد (ولد في مدينة قسنطينة – احدى المدن الجزائرية. في السادس من ذي القعدة من سنة 1323هـ الموافق للثامن والعشرين من كانون الثاني (يناير من سنة 1905م)([7]).

اما نشأته حتى بلوغه سن الشباب – فكانت – في مدينتي نيسة وقسنطينة التي ولد فيها([8]). وفي حياته الدراسية في قسنطينة التقى و (تعرف على مجموعة من تلامذة الشيخ عبد الحميد بن باديس... وتوثقت تلك العلاقة في مقهى ابن يمينة الذي يقع في الحي الذي توجد فيه المدرسة ومكتب الشيخ ابن باديس الذي تصدر عنه جريدة (الشهاب) بعد زوال مجلة (المنتقد) التي كانت تصدر قبلها([9]). وبعد تخرجه من الدراسة سنة 1925م سافر الى فرنسا لتبدأ من هناك رحلته العلمية فأصدر اول كتاب له وهو (لبيك)([10]).

كما كان حريصا على الاستفادة من الدروس والحلقات العلمية التي تدار في المساجد.

 يقول الدكتور علي القريشي يصف هذه المرحلة في حياة ابن نبي :" لقد أخذت آفاق ابن نبي تتسع في هذه المرحلة سواء عن طريق قراءاته الكثيرة أو مشاهداته الشخصية، خاصة أن متابعته للصحف كانت تزيد من وعيه بتمزقات الواقع الاجتماعي. أما مشاعره الانتمائية فكانت تتجه نحو رجل الاصلاح المعروف الشيخ عبد الحميد بن باديس، خاصة وقد زُرع هذا الميل في نفسه منذ كان صغيراً وهو يراه يقف في الشارع يحدّث الناس، كما تميز سلوكه في هذه المرحلة بالميل الى الصمت، وإيثار الوحدة على الاجتماع، لكن إحساسه بآلام الواقع الذي فرضته الظروف الاستعمارية كان كبيراً، لذا حين نشبت ثورة الريف اندفع يشارك رفاقه كتابةَ وإلصاقَ النداءات والبيانات المناوئة للمستعمِر المحتل"([11]). ولم تنحصر جهود ابن نبي التربوية والاصلاحية والفكرية على منطقة باريس لوحدها، بل كثيراً ما كان يسعى لتوسيع دائرة تلك الجهود، منها على سبيل المثال، إقدامه على فتح مدرسة في الجنوب الفرنسي لمحو الأمية وتعليم العمال الجزائريين المغتربين؛ واعتراض السلطات الفرنسية على ذلك، لكن بحجج واهية مفضوحة. يقول عنها ابن نبي " وفي سنة 1938م أسست بمدينة مرسيليا مدرسة للأميين في سن متقدم من بين إخواننا العمال المشتغلين بفرنسا، فدعتني الإدارة المختصة ومنعتني من أن أواصل التدريس في هذا المعهد البسيط بدعوى أنه ليس لديّ المؤهلات !! " ([12]).

  ومن خلال رحلته إلى مصر تعرف على الشرق العربي والإسلامي وكان أملا يراود مالك بن نبي منذ مراحل وعيه الأولى، فهو يذكر بأنه ـ منذ صباه وشبابه المبكر ـ نوى السفر والتعرف على بعض الأقطار والمدائن الإسلامية، مثل :جدة ( السعودية ) وتومبكتو ( مالي ) ـ وهي مدينة لعبت دوراً حيوياً في نشر الإسلام في إفريقيا ما وراء الصحراء ـ وأفغانستان وباكستان وأندونيسيا ومصر ..الخ([13]) .

 خلال سنة 1956م سافر ابن نبي إلى مصر، حيث أتيح له التعرف عن قرب على زعمائها السياسيين والمصلحين، ويبدو أن بعض دوائر الجهات الرسمية أدركت أهمية طروحاته الفكرية فراحت تتقرب منه، وتتفاعل مع نشاطه الفكري والسياسي، كما تمكن أيضا من التعاون مع بعض قادة ثورة التحرير الجزائرية ممن كانوا يقدمون إسهاماتهم النضالية من القاهرة، وتعدّ مرحلة ابن نبي القاهرية من أخصب مراحل حياته، فخلالها أنجز العديد من الدراسات الفكرية مثل " شروط النهضة " و"مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي " .. غير أن ما ميز هذه المرحلة هو ترجمة بعض مؤلفاته إلى اللغة العربية، لأنه يكتب أساساً باللغة الفرنسية التي يجيدها أكثر من أي لغة أخرى، وذلك بفضل بعض تلاميذه ومريدي فكره، لذلك ينبغي أن نذكر ـ من باب الأمانة التاريخية العلمية ـ أن المشارقة هم مكتشفو القيمة المنهجية والبنائية لفكر ابن نبي، ومن أبرز هؤلاء المريدين الذين أصبحوا فيما بعد من رموز الاصلاح والعلم والتغيير في أقطارهم، نذكر المؤرخ علي الغتيت (من مصر) والمحامي الشهير  عمر كامل مسقاوي (من لبنان)  والمفكر واللغوي الدكتور عبد الصبور شاهين (من مصر أيضاً) والأديب الدكتور عبدالسلام الهراس (من المغرب) ورشيد بن عيسى (من الجزائر)... الخ([14]).

وفي هذه المرحلة أيضا التقى ابن نبي بالعديد من القادة والزعماء ممن عُرف عنهم النضال والتصدي للإستعمار والعمل من أجل تحقيق الاستقلال والكرامة للإنسان والأوطان، كان منهم الزعيم الصيني شو آن لاي (chou en lai)، والزعيم الهندي جواهرلال نهرو (nehru) والزعيم المصري جمال عبدالناصر.. وغيرهم([15]).

في سنة 1963م عاد الأستاذ مالك بن نبي إلى الجزائر، بعد عدة سنوات قضاها في مصر والمشرق العربي، حيث تقلد مناصب كثيرة منها :مستشار التعليم العالي، ومدير جامعة الجزائر، و وزير التعليم العالي، غير أنه ولظروف أحاطت به، استقال سنة 1967م، ليتفرغ تفرغا كاملا للعمل الفكري، وتنظيم الندوات، وإلقاء المحاضرات، كما اهتدى إلى تأسيس ملتقى الفكر الإسلامي، الذي كان يُعقد أسبوعيا في بيته، وكان يؤمه كثير من الشباب من الجزائر والبلاد العربية وأوروبا ؛ وقد تبنت السلطات الجزائرية في ذلك الوقت، فكرة هذا الملتقى، فأصبح يُعقد سنوياً، وقد اشتهرت به الجزائر، إذ كان تظاهرة فكرية ثقافية فريدة من نوعها، حتى أصبحت الرحال تُشد إليه، لنوعية المحاضرات التي تلقى في رحابه ومستوى العلماء والمفكرين والإعلاميين الذين يحضرون أشغاله . وظل كذلك حتى أقبلت السنوات العجاف، ودخلت الجزائر في مفازة من الفوضى، بسبب فتنة سياسية بغيضة مؤلمة، فتوقف هذا الملتقى العظيم الذي كان بحق جامعة إسلامية فكرية متنقلة([16]).

المطلب الثاني: مؤلفاته:

خلّف ابن نبي تراثاً فكرياً، أعتُبر فريداً ومتميزاً في مجال تصوير الأزمة الحضارية لدى المسلمين، وتجسيد الأوهاق والعقابيل التي تعوق المجتمع الإسلامي المعاصر، وتحول دون إقلاعه الحضاري المرتقب، واستئناف دوره الرسالي في الشهود الحضاري، ذلك الدور العظيم الذي توقف، وفقد جميع عناصره المشعة، بل ضمرت فعاليته، حتى على مستوى الذات منذ انقضاء عهد الموحدين . وتراث ابن نبي الفكري قسمان. يتمثل القسم الأول في المؤلفات المطبوعة المشهورة، بينما يتمثل القسم الثاني في المؤلفات التي ما تزال مفقودة إلى يومناهذا([17]).

اما أهم مؤلفاته المعروفة لدينا فهي :-

1- الظاهرة القرآنية وظهر في سنة 1365هـ - 1946م في الجزائر.

2- لبيك (الرواية الوحيدة) ظهرت سنة 1366هـ - 1947م في الجزائر.

3- شروط النهضة: ظهر في سنة 1376هـ - 1958م في الجزائر.

4- وجهة العالم الاسلامي: ظهر في سنة 1373هـ - 1954م، في باريس.

5- فكرة الافريقية الأسيوية" ظهر في سنة 1375هـ - 1956م في القاهرة.

6- النجدة: الشعب الجزائري بيان ظهر في سنة1376هـ - 1957 في القاهرة.

7- حديث في البناء الجديد: ظهر في سنة 1378هـ - 1960 في بيروت.

8- مشكلة الثقافة: ظهر في سنة 1378هـ - 1959م في القاهرة.

9- الصراع الفكري في البلاد المستعمرة: ظهر في سنة 1379هـ - 1960م في القاهرة.

10- الصعوبات علامة النمو في المجتمع العربي: ظهر في سنة 1379هـ - 1960م في القاهرة.

11- الاستعمار يلجأ الى الاغتيال برسائل العلم: ظهر في سنة 1379هـ - 1960م في القاهرة.

12- فكرة كمنولث اسلامي: ظهر في سنة 1179هـ - 1960م في القاهرة.

13- تأملات في المجتمع العربي: ظهر في سنة 1380هـ - 1961م في القاهرة.

14- في مهب المعركة: ظهر في سنة 1380هـ - 1961م في القاهرة.

15- ميلاد مجتمع: ظهر في سنة 1381هـ- 1962م في القاهرة.

16- آفاق جزائرية: ظهر في سنة 1382هـ - 1964م في الجزائر.

17- مذكرات شاهد للقرن "قسم أول": ظهر في سنة 1384هـ - 1965م في الجزائر.

18- انتاج المستشرقين واثره في الفكر الاسلامي الحديث: ظهر في سنة 1389هـ - 1969م في القاهرة.

19- مذكرات شاهد للقرن "القسم الثاني" الطالب: ظهر في سنة 1390هـ - 1970م في بيروت.

20- مشكلة الافكار في العالم الاسلامي: ظهر في سنة 1391هـ - 1971م في القاهرة.

21- المسلم في عالم الاقتصاد: ظهر في سنة 1392هـ - 1972م في بيروت.

22- دور المسلم ورسالته في الثلث الاخير من القرن العشرين: ظهر في سنة 1397هـ - 1977م في بيروت.

23- بين الرشاد والنية: ظهر في سنة 1398هـ - 1978م في دمشق.

24- خطاب مفتوح لخرونشوف وايزنهاور.

25- مجالس دمشق. "مخطوط"

26- مولد مجتمع اسلامي (مخطوط).

27- مجالس تفكير يسجل بعضها في اثناء مجالسه او ندواته.

28- مذكرات شاهد للقرن "القسم الثالث" مخطوط.

29- العلاقات الاجتماعية واثر الدين فيها.

30- نموذج لمنهج ثوي، باللغة الفرنسية.

31- كتاب حول مشكلة اليهود.

32- العفن: وقد كتبه أواخر حياته بالفرنسية.

33- اليهودية ام النصرانية.

34- دراسة حول النصرانية.

    وبعد هذه الرحلة العلمية الممتعة مع الدكتور مالك بن نبي نعود الى الذكر انه مرض بمرض السرطان في الدماغ حتى توفي سنة 1973م "رحمه الله تعالى"([18]) بمنزله بالجزائر.

وبذلك يكون قد قدم المفكر الجزائري مالك بن نبي للمكتبة الإسلامية خلفه ثروة فكرية تعتبر بصمة في الفكر الإسلامي المعاصر، يزيد عددها عن ثلاثين كتابا، وهي مؤلفات وصفت أمراض الأمة الإسلامية وطرق علاجها وشروط النهضة، فأصدر كتابه الظاهرة القرآنية في سنة 1946م ثم شروط النهضة في 1948م، الذي طرح فيه مفهوم القابلية للاستعمار ووجهة العالم الإسلامي 1954م([19]).

نقل مالك بن نبي في مذكراته صورة من نضاله الشخصي في طلب العلم والمعرفة أولاً، والبحث في أسباب الهيمنة الأوروبية ونتائجها السلبية المختلفة وسياسة الاحتلال الفرنسي في الجزائر وآثاره، ممّا عكس صورة حية لسلوك المحتلين الفرنسيين أنفسهم في (الجزائر) ونتائج سياستهم، ووجوهها وآثارها المختلفة.

ويعتبر الكثير من المفكرين أن مالك بن نبي هو ابن خلدون العصر الحديث، وانه أبرز مفكر عربي عُنِيَ بالفكر الحضاري منذ ابن خلدون، ومالك نفسه لا يخفي تأثره بفكر ابن خلدون ونظرياته حول العمران البشري، بل أشار إلى ذلك في مواضع شتَّى من كتبه، كما ذكر ذلك في مذكرات حياته “شاهد القرن”([20]).

وفي كل كتاب من كتب مالك بن نبي كان هناك جزء من الجواب، فقد وجد أن القابلية للاستعمار هي السبب الرئيس في تخلف المسلمين، حيث ينفرد ابن نبي بهذا المصطلح “القابلية للاستعمار” الذي استعمله أول مرة عام 1948 في كتابه “شروط النهضة”. ويعتقد ابن نبي أن الظروف التاريخية والاجتماعية والنفسية لشعب تجعله يقبل الاستعمار([21]).

تقول الباحثة الجزائرية أميمة أحمد، “قدم ابن نبي رؤية في الاقتصاد الإسلامي لتجنب الأزمات الاقتصادية، وهي الاعتماد على الاقتصاد الحقيقي (الإنتاج)، وعالج ابن نبي الاقتصاد الإسلامي بوصفه سلوكا للمسلم، حيث يصبح السلوك الرشيد قوة لهذا الاقتصاد وذا تأثير على مراكز القوى السياسية في العالم، واعتمدت أفكار ابن نبي الاقتصادية على الفقه الإسلامي وحرية الاجتهاد، وفق الظروف الاجتماعية والاقتصادية والتقنية، ويؤكد ضرورة التوازن بين الاستهلاك والموارد، لافتا إلى أن أي خلل في ذلك التوازن سيؤدي إلى أزمة”([22]).

وتضيف: “العمل هو مصدر الثروة عند المفكر مالك بن نبي، فيما يرى أن جزء من أرباح الاقتصاد الرأسمالي ناتج عن المضاربات. ويقوم الاقتصاد الإسلامي ـ حسب ابن نبي ـ على ثلاثية (اليد، الفكر، المال)، ويحدد المال بأنه ذلك الناجم عن العمل، ويعد ابن نبي أول من تحدث عن “حرب العملات” أو “حرب الصرف”، وقال إن ارتباط اقتصاد دولة بعملة معينة يرهن اقتصادها بهذه العملة”([23]).

وعن نظرياته الفكرية الأخرى بالإضافة إلى “القابلية للاستعمار”، تضيف الباحثة الجزائرية: نظرية “طغيان الأشياء”، و”طغيان الأشخاص”. فهو يرى أن مقولة إن “تكديس الأشياء هو الحضارة”، فكرة خاطئةٌ؛ لأن الحضارة هي تصنيعُ الأشياءِ وإنتاجُها، لا استيرادها وتكديسها، أما في طغيان الأشخاص، فيرى أن المسلمين ينتظرون ذلك البطل الذي سيأتي ويأخذ بأيديهم وينصرهم على أعدائهم، فهم دائما في انتظار “صلاح الدين”، لكي يأخذ بأيديهم.

لا خير في أمة تهمش نخبتها([24]).

ويعتبر الكثير من المفكرين أن مالك بن نبي هو ابن خلدون العصر الحديث، وانه أبرز مفكر عربي عُنِيَ بالفكر الحضاري منذ ابن خلدون، ومالك نفسه لا يخفي تأثره بفكر ابن خلدون ونظرياته حول العمران البشري، بل أشار إلى ذلك في مواضع شتَّى من كتبه، كما ذكر ذلك في مذكرات حياته “شاهد القرن”([25]).

المبحث الثاني

مفهوم الاستشراق وآلياته

المطلب الأول: مفهوم الاستشراق:

أولاً: الاستشراق في اللغات:

    في اللغة العربية جاء لفظ الاستشراق من اضافة ثلاثة احرف على اصل الكلمة التي هي (شرق) وما اضيف لها هو الالف والسين والتاء. لتصبح طلب الشرق أي طلب معلومة. واشرقت الشمس شرقاً وشروقاً اذا طلعت)([26]) وذكر ابن منظور ان اسم الموضع الذي تشرق منه الشمس سمي شرقياً... والتشريق الاخذ بناحية الشرق. . . وشرقوا اذا ذهبوا الى الشرق، وكل ما طلع الى الشرق فقد شرق([27]). فيكون المستشرق هو من استشرق: وهو كل من ادخل نفسه في اهل الشرق، وصار منهم وطلب لغتهم وأدابهم وعلومهم([28]).

 وفي اللغات الاخرى الشرق يعني الشروق والضياء والنور او بلاد الصباح ومعروف ان الصباح تشرق فيه الشمس، وهذه الكلمة تنقل اللفظ من مدلولها الجغرافي الفلكي الى معنى التركيز على معنى الصباح الذي يتضمن معنى النور واليقظة([29]). وفي اللاتينية تعني "Orient" يتعلم أو يبحث عن شيء ما، وبالفرنسية تعني كلمة "Orient" وجه أو هدى او ارشد، وبالانجليزية "Orientation" و "Orientate" وتعني توجيه الحواس نحو اتجاه أو علاقة ما في مجال الاخلاق أو الاجتماع او الفكر او الأدب نحو اهتمامات شخصية في المجال الفكري أو الروحي([30]).

الاستشراق اصطلاحا:

اما في الاصطلاح فقد عرفه غير واحد من الباحثين فمن هذه التعريفات انه (ذلك التيار الفكري الذي تمثل في الدراسات المختلفة عن الشرق الاسلامي، والتي شملت حضارته او اديانه، وآدابه، ولغاته، وثقافته)([31]) وقد تحيل على (تقليد ثقافي خارجي انتجه خارج الغرب، لاهداف ليست هي مصلحة الشرق على كل حال)([32]) ويقصد بالاستشراق في بعض الاحيان: (اسلوب للتفكير يرتكز على التمييز المعرفي والعرقي والايديولوجي بين الشرق والغرب)([33]) او هو (ذلك العلم الذي تناول المجتمعات الشرقية بالدراسة والتحليل من قبل علماء الغرب)([34]) اما الدكتور عبد الامير الاعسم فيضيف تعريفاً جديداً فيصفه بانه (استشراق سياسي يرتبط بدوائر المخابرات الغربية اوربية وامريكية وغيره)([35]).

وهذا ما يجعلنا ننظر الى تعريف الدكتور الاعسم على انه محصلة لجهود المستشرقين في مختلف مجالات الفكر وهذا ما يذهب اليه الطيب بن ابراهيم الذي يرى (ان الاستشراق لا يعتبر تاريخاً أو جغرافية فقط ولا إنسانياً أو ثقافة فحسب، وانما هو مجموع ذلك كله، فهو مكان وزمان وانسان وثقافة. والحديث عن الاستشراق مرتبط ارتباطاً عضوياً تكاملياً مع هذه العناصر الاربعة الاساسية، اذ لابد له من مسافة زمنية ومساحة مكانية ونوع انساني وإنتاج ثقافي وفكري، ويرى ان الشرق الذي اهتم الغرب بدراسته والتخصص في ثقافته وتراثه ليس هو الشرق الجغرافي الطبيعي، وانما هو "الشرق الهوية" وهو محور ما استهدفه علم الاستشراق ومصدر العناية والاهتمام، فهدف الاستشراق هو معرفة "الشرق الهوية والتاريخ" المتمثل في الاسلام والمسلمين)([36]).

وتحصيل هذه المعرفة عن الشرق، انما هو وسيلة من وسائل الاستعمار الذي بنى قواعده على اسس الدراسات الاستشراقية، ويمكن تعريف الاستشراق بصفة عامة بانه: (نوع من انواع الفكر واساليبه القائمة على فصل الشرق عن الغرب فصلاً "انطلوجياً" و"ابستمولوجيا" باستخدام الدراسات التي قام بها علماء غربيون عن الشرق وبالذات الاسلام والمسلمون وفي مختلف جوانب حضارتهم وثقافتهم، وبالاخص نظم وثروات، ويغض النظر عن الانتماء العرقي لهذه الشعوب، لاهداف تخدم الاستعمار الغربي ومقاصده.

    ومنهم أي من المستشرقين من عرف المستشرق بانه استشراقي ويعني انه من عرف بعض اللغات الشرقية([37]). فهؤلاء الباحثون نظروا الى الاستشراق من جهة معرفة اللغات الشرقية فوصفوا الاستشراق بانه: (علم يختص بفقه اللغة خاصة)([38]) وهذه نظرية المستشرقين للاستشراق تختلف تماماً عما ذهب اليه مفكرونا حيث عرفه ادوار سعيد بانه: (نمطاً من الاسقاط الغربي على الشرق وارادة السيطرة عليه)([39]) واما د.رضوان السيد فيرى ان (الاستشراق يتناثر ويدخل في تخصصات متباينة كالتاريخ والسيولوجيا، والانثروبولوجيا، والاقتصاد السياسي، ولم يعد هناك عالم واحد اسمه الاستشراق، بل هناك عوالم متباينة يحمل كل منها عنوان المجال الذي يهتم به، فاذا كانت مفاهيم الشرق والعالم الثالث والشرق الاوسط متباينة وغير علمية، فان مفهوم الاستشراق صار اليوم كذلك)([40]).

والمستشرق عند مالك بن نبي وجمعه مستشرقون فيقول: (إننا نعني بالمستشرقين الكتاب الغربيين الذين يكتبون عن الفكر الاسلامي وعن الحضارة الاسلامية)([41]) في حين يرى يحيى مراد ان المستشرق هو: (عالم متمكن من المعارف الخاصة بالشرق ولغاته وأدابه)([42]).

وان اسم المستشرق لابد ان يطلق على من ليس من الشرق فهي حالة طلب لامر غير متوفر في البيئة التي نشأ فيها طالب هذا الامر. وهناك تعريفات كثيرة للمستشرق تعج بها الموسوعات ومؤلفات بعض المستشرقين الا اننا حاولنا ان نقتصر على تعريفات المفكرين المسلمين المعاصرين الذين هم مقدمو بحثنا ومن هؤلاء الدكتور شكري النجار الذي يرى ان كلمة مستشرق تطلق (بشيء من التجوز على كل من يتخصص في احد فروع المعرفة المتصلة بالشرق من قريب او من بعيد.)([43]) والاستشراق عنده هو (اسلوب غربي لفهم الشرق والسيطرة عليه واعادة توجيهه والتحكم فيه)([44]).

اما الدكتور ناجي التكريتي فيرى ان كلمة مستشرق تطلق (على الرجل الذي يتعمق بدراسة حضارة من حضارة الشرق، أو الذي ينجح في دراسة جزء واحد من حضارات الشرق، لقد تعودنا ان نطلق اسم "مستشرق" على الذي يهتم بدراسة حضارتنا العربية والاسلامية، وكثير من المجتهدين يرون ان نطلق على الذي ييهتم بدراسة حضارتنا العربية اسم "مستعرب" طالما هذا يدرس ادبنا وعلمنا وتراثنا...)([45]).

المطلب الثاني: مفهوم الاستشراق واصناف المستشرقين عند مالك بن نبي في كتابه انتاج المستشرقين:

هناك أسس نظرية اعتمدها المفكر الاسلامي مالك بن نبي لبيان موقفه من الاستشراق ومن المستشرقين ونتاجهم: من هذه الاسس تعريفه للمستشرقين بأنهم (الكتاب الغربيين الذين يكتبون عن الفكر الاسلامي والحضارة الاسلامية)([46]). ثم انه صنفهم الى طبقات هذه الطبقات اعتمدت الزمان، وتصنيف آخر اعتمد فيه على موقفهم والاتجاه العام نحو الاسلام والمسلمين.

يقول مالك (ثم علينا ان نصنف اسماءهم في شبه ما يسمى "طبقات" على صنفين:

أ- من حيث الزمن: طبقة القدماء مثل جربر دوريياك والقديس توماس الاكويني،. وطبقة المحدثين مثل كاره دوقو وجولدتسهير.

ب- من حيث الاتجاه العام نحو الاسلام والمسلمين وكتاباتهم: فهناك طبقة المادحين للحضارة الاسلامية، وطبقة المنتقدين لها المشوهين لسمعته)([47]). ويبدو ان هذا التصنيف الذي وضعه مالك بن نبي يراه ضرورياً لإقامة أي دراسة حول الاستشراق فيقول: (هكذا وعلى الترتيب يجب ان تقوم كل دراسة شاملة لموضوع الاستشراق)([48]). ثم يستثني من بحثه المستشرقين القدماء باعتبارهم (اثروا او ربما لا يزالون يؤثرون على مجرى الافكار في العالم الغربي دون ايما تأثير على افكارنا، نحن معشر المسلمين، ان ما كتبوا كان قطعاً المحور الذي تحركت حوله الافكار التي نشأت عنها حركة النهضة في اوربا، بينما لا نرى لهم أي اثر فيما نسميه النهضة الاسلامية اليوم. فلنترك قضيتهم جانباً لمن تهمه دراسة التاريخ العام)([49]).

    ثم يستثني صنفاً آخر من المستشرقين (المنتقدين على الحضارة الاسلامية من المحدثين حتى لو كان لهم بعض الاثر في تحريك اقلامنا او كان لهم بعض الصيت في زمنهم وبلدانهم مثل الاب لاماتس، انهم لا يدخلون في موضوع بحثنا لأن انتاجهم، على فرض انه مس ثقافتنا الى حد ما، الا انه لم يحرك ولم يوجه بصورة شاملة مجموعة افكارنا، لما كان في نفوسنا من استعداد لمواجهة أثره تلقائياً،مواجهة تدخلت فيها عوامل الدفاع الفطرية عن الكيان الثقافي، كما وقع ذلك في العهد الذي نشر فيه طه حسين([50]) كتابه في الشعر الجاهلي" على غرار ما تقتضيه مسلمة قدمها المستشرق مرجليوث([51]) قبل سنة من صدور كتاب طه حسين الذي اثار تلك الزوبعة من السخط التي تخللتها الصواعق المنطلقة من قلم مصطفى صادق الرافعي([52]) رحمه الله واكرم مثواه)([53]). ويبدو انه لم يبقَ من طبقات المستشرقين الذين سوف يتناولهم مالك بالبحث سوى المادحين حيث يقول: (ولكننا على عكس ذلك نجد للمستشرقين المادحين الاثر الملموس الذي يمكننا تصوره بقدر ما ندرك انه لم يجد في نفوسنا أي استعداد لرد الفعل حيث لم يكن هناك في باديء الامر، مبرر للدفاع الذي فَقَدَ جدواه وكأنما اصبح جهازه معطلاً لهذا السبب في نفوسنا)([54]) ثم يبين مالك بن نبي هؤلاء المادحين وان كانوا قد ادهشونا بما اكتشفوه في تراثنا الا انهم كانوا يعملون كل ذلك لصالح مجتمعاتهم الغربية أولاً فيقول: (ولاشك ان المستشرقين المادحين مثل رينو الذي ترجم جغرافية ابي الفداء في اواسط القرن الماضي ومثل دوزي الذي بعث قلمه قرون الانوار العربية في اسبانيا ومثل سيدييو الذي جاهد جهاد الابطال طول حياته من اجل ان يحقق للفلكي والمهندس العربي ابي الوفاء لقب المكتشف لما يسمى في علم الهيئة "القاعدة الثانية لحركة القمر" ومثل أسين بلاثيوس الذي كشف عن المصادر العربية للكوميدية الالهية، لاشك ان هؤلاء العلماء كتبوا النصرة الحقيقية العلمية وللتاريخ، وكل ذلك من اجل مجتمعهم الغربي)([55]).

وبالرغم من انهم كتبوا من اجل مجتمعهم الغربي (ولكنا نجد ان افكارهم كان لها وقع اكبر في المجتمع الاسلامي، في طبقاته المثقفة. ان الجيل المسلم الذي انتسب اليه يدين الى هؤلاء المستشرقين الغربيين بالوسيلة التي كانت بين يديه لمواجهة مركب النقص الذي اعترى الضمير الاسلامي امام الحضارة الغربية)([56]).

لكن هل كان الاثر في الفكر الاسلامي محموداً فقط يقول مالك: (ان هذه الوسيلة لم تقتصر نتائجها على الاثر المحمود في تطور افكارنا وثقافتنا، بل كان لها اثر مرضي هو الذي نريد طرحه)([57]).

اذن هذا الاثر الذي يطرحه مالك بن نبي هو بمثابة مرض ينخر في جسد المجتمع الاسلامي، يقول (فلكي نتصور هذا الاثر على صورته الحقيقية في مجتمعنا الاسلامي، يجب ان نعيد هذا النوع من الاستشراق الى مصادره التاريخية. ان اوربا اكتشفت الفكر الاسلامي في مرحلتين من تاريخها فكانت في مرحلة القرون الوسطى، قبل وبعد طوماس الاكويني، تريد اكتشاف هذا الفكر وترجمته من اجل اثراء ثقافتها بالطريقة التي اتاحت لها فعلاً تلك الخطوات الموفقة التي هدتها الى حركة النهضة منذ اواخر القرن الخامس عشر)([58]).

ثم المرحلة الثانية التي يتحدث عنها مالك وهي المرحلة العصرية الاستعمارية فانها تكشف الفكر الاسلامي مرة اخرى لا من اجل تعديل ثقافي بل من اجل تعديل سياسي، لوضع خططها السياسية مطابقة لما تقتضيه الاوضاع في البلاد الاسلامية من ناحية، ولتسيير هذه الاوضاع طبق ما تقتضيه هذه السياسات في البلاد الاسلامية لتسيطر على الشعوب الخاضعة فيها لسلطانها وربما انطبقت هذه المجهودات العلمية، في نفس اصحابها، على مجرد الاعتراف بفضل تلك الشعوب وبمساهمتها في تكوين الرصيد الحضاري الانساني، ولاشك ان المستشرق سيدييو والعلامة غسطاف لوبون يتسمان في انتاجهما بميزة العلم الخالص الاجتهاد المخلص للحقيقة العلمية)([59]).

    وهنا يجدر الاشارة الى ان الفكر الاسلامي في هذه المرحلة (لم ينقل من افواه الاساتذة مباشرة ومن كتبهم المعاصرة بل اصبح اشبه شيء بعلم الاثار يكتشفه الباحثون الاوربيون بحكم الصدفة ويصدقون أولاً في نقله، ثم ينسبونه لاصحابه من العلماء المسلمين، او ينسبونه لأنفسهم أو لأحد الاوربيين، فهكذا كانت اكتشافات كبرى تنسب لغير اصحابها، مثل دورة الدم الصغرى للانجليزي وليم هرفي بينما كان صاحبها، الطبيب المسلم ابن النفيس يعيش قبله بأربعة قرون)([60]). وكان العالم الاسلامي في هذه المرحلة كما يقول مالك بن نبي(يعاني الصدمة التي اصابته بها الثقافة الغربية ويعاني بسببها على وجه الخصوص اثرين:مواجهة مركب نقص محسوس من ناحية، ومحاولة التغلب عليه من ناحية اخرى حتى بالوسائل التافهة)([61]). وهكذا كان اثر الصدمة ان جعلت الفكر الاسلامي (ينحاز الى معسكرين احدهما يدعو لتمثل الفنون والعلوم والاشياء الغربية – حتى اللباس – والآخر يحاول التغلب على مركب النقص بتناول حقنة اعتزاز يعلل بها النفس)([62]). ولا يخفى ما لهذا التيار من اثر حسن على المجتمع الاسلامي ولنوع الادب الذي نتج عنه من حفاظ على الشخصية الاسلامية على الاقل([63]).

  تحديد المشكلة الاستشراقية ومعالجة مالك بن نبي لها:

      اذن المشكلة التي يعالجها المفكر مالك بن نبي هي ان المادحين للحضارة الاسلامية من المستشرقين هم اكثر خطراً من غيرهم واكثر تأثيراً في الوسط الفكري الاسلامي. حيث ان هذا النوع من الاستشراق يجعل من المفكر الاسلامي يعجب بتراثه بعيداً عن عصره "عصر الفعالية والميكانيك" كما يسميه مالك بن نبي فهو يرى ان هذه الملاحظة ليست شيئاً عابراً (نمر عليه في هذا العرض مر الكرام، بل يجب ان نقف عندها بكل اهتمام وتأمل... وهنا تجب كلمة عن هذا المفهوم الذي نعنيه بـ "الصراع الفكري" في العالم الاسلامي، يجب ان نقرر مبدئياً هذه القاعدة العامة، الا وهي انه عندما يطرح مسلم او بعض المسلمين مشكلة ما تهم مجتمعهم فان هذه المشكلة تكون قد طرحت او ستطرح عاجلاً في أوساط المختصين في هذه الدراسات لحساب وتحت اشراف الاستعمار)([64]).

وهنا يتفق مع هذا الطرح الدكتور عرفان عبدالحميد الذي يرى: (ان الاستشراق كمنهج عقلي لقاح من ابوين غير شرعيين، التبشير الذي خطط له، والاستعمار الذي غزاه، ولا زال يعمل من اجل الغرض الذي اوجده من اجله، الا وهو تقويض اركان العقيدة الاسلامية واحلال مفاهيم مناهضة لهذه العقيدة وتكوين شبكة فكرية في العالم الاسلامي تدور في فلكه وتبشر بتعاليمه وتستمد منه)([65]).

وقد فصل في هذا القول الدكتور عبد الامير الاعسم حيث قسم الاستشراق الى ثلاثة انواع: (فالنوع الاول، مارس الوسائل الاستعمارية مباشرة في كل اتجاه، ومثالهم الحيوي "لورنس" في الجزيرة، و "ماسنيون" في سوريا، و "مس بل" في العراق... وهؤلاء جميعاً تخرجوا في معاهد اللغة العربية في باريس ولندن، وكانوا، بقدر ما هم ينفعلون لروح الشرق والعربية، ادوات لتنفيذ السياسة الاستعمارية لبلدانهم. وخطورة هذا النوع تأتي من كونهم لعبوا في مقادير السياسة ورسموا خطوطاً اثرت في اصطياد "الحق العربي" واسهم الى ما بعد تمزيق الخارطة العربية. اما النوع الثاني: فهو يمثل نوعاً عجيباً من الناس، امثال "كولدزيهر" و "لامانس" و "مارغوليوث". فالاول قدم الكثير من معلوماته للالمان، والثاني للفرنسيين، والثالث للبريطانيين. وهؤلاء بلا ادنى ريب، من كبار المستشرقين الذين رسموا صوراً عجيبة ومدهشة ومتناقضة للتراث العربي... اما النوع الثالث: فهو العدد الكبير من المستشرقين من العاملين في دوائر الاستشراق... وضع معظمهم معلوماته في خدمة اهداف غامضة حققت الكثير لرغبات الدوائر الاستعمارية)([66]).

    ويرى مالك بن نبي ان هؤلاء الاخصائيين يكمن عملهم في انه كلما تقدم مفكر مسلم في حل مشكلة معينة يسرعون ( لدراسة هذا الحل فإن كان خاطئاً زادوا في شحن خطة بطريقة او بأخرى، وتخفيض قيمته حتى لا يفيد)([67]).

 ويركز ابن نبي على هذه القاعدة حيث يقول: (هذه هي القاعدة العامة التي يجب ان نجعلها نصب اعيننا: اننا كلما طرحنا مشكلة وعرضنا لها حلاً من الحلول فان قادة الصراع الفكري يأتون على الفور بما يلفت عنه الابصار او ما يزيفه تزييفاً)([68]) ووفقاً لجهود هؤلاء (يبقى الضمير الاسلامي في دوامة صراعه الباطن يسكنه احياناً ما يكتبه المادحون ويثيره أحياناً اخرى ما ينتجه المفندون... مستهلكاً اجدى الطاقات الفكرية في العالم الاسلامي من دون جدوى من دون أي تأثير حقيقي على تطور العقلية الاسلامية)([69]) ثم يختصر انتاج المستشرقين فيقول: (ان الانتاج الاستشراقي، بكلا نوعيه، كان شراً على المجتمع الاسلامي. فإن امكننا أن نصرح باننا نجد على كل وجه جانباً ايجابياً في هذا الاستشراق، فاننا لا نجده في صورة المديح، بل في صورة التفنيد)([70]).

ثم يبين موقفه من هذا الانتاج الاستشراقي فيقول (أولاً: انه انتاج لا يجوز نكران قيمته العلمية، بل نراه أحياناً يستحق كل التقدير لما يتسم – في بعض اصنافه مثل ما خلفه سيدييو او جوستاف لوبون وأسين بلاثيوس – بالاضافة الى طابعه العلمي،-يتسم- بطابع اخلاقي ممتاز لا يمكن نكرانه كشهادة نزيهة من طرف شهود نعرف قيمتهم كعلماء)([71]).

ثم بعد ان حدد المشكلة وحكم على اطراف الصراع الفكري يعود الى الحل الذي وضعه او يراه مناسبا وهو ان (علينا ان نستعيد اصالتنا الفكرية، واستقلالنا في ميدان الافكار حتى نحقق بذلك استقلالنا الاقتصادي والسياسي([72]) ويضيف (ان المجتمع الذي لا يضع افكاره الرئيسة لا يمكنه على اية حال. ان يشيد بالافكار المستوردة او المسلطة عليه من الخارج)([73]). وهذا ما نعانيه في بلدنا العراق اليوم.

ان القصة التي ذكرها مالك بن نبي عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) لهي خير مثال على ان استقلالنا الفكري في اتخاذ قراراتنا هو السبيل الى استقلالنا السياسي والاقتصادي وانه ان لم يتحقق هذا فليس لنا اي استقلال. ويؤكد ذلك ايضا السيد محمد باقر الصدر حيث يرى :(ان المبادىء العظيمة التي صنعت للمسلمين الاولين حاضرا عظيما، لاتزال قادرة على ان تصنع للمسلم المعاصر هذا الحاضر العظيم شريطة ان يعيشها ويحياها وان تمهد للمسلم المعاصر سبيل الحصول على هذا الادراك لرسالتنا)([74]).

وقد أكد مالك بن نبي على اثر نتاج المستشرقين في واقعنا المعاش فيقول: (اننا نرى اليوم مرأى العين هذا العمل الفتاك، ونرى اثره في كل تفاصيل حياتنا الفكرية، والسياسية والاجتماعية، وفي البلاد العربية حيث تكونت تجربتي وخبرتي كمواطن وككاتب وكصحفي)([75]).

وايضا فان مالك بن نبي لايحذر من نتاج المستشرقين فحسب بل من العمل الفكري للمتأثرين بهذا النتاج ممن هم في حضيرة الفكر الاسلامي ويضرب على ذلك مثالا كتاب (الايديولوجيات العربية في محضر الغرب) والذي قدم له احد المستشرقين وهو مكسيم رودنسون والذي يعتبره مالك مبنياً على منطق سفسطائي ويقدم انصاف الحلول لانصاف المشكلات والتي يعتقدونها المشكلات الرئيسة للعالم الاسلامي لكي يصرفوا انظار الناس عن مشكلاتهم الحقيقية. ويلتقون مع اساتذتهم في الانتقاص من سوابق الاسلام ولكن يمتازون في احاطة مستقبله بالريبة والشك من خلال الثرثرة بالتقدمية. وهكذا يبقى الضمير الاسلامي في دوامة صراعه الباطن)([76]).

الخاتمة

     يبدو ان الامور تختم بخواتيم لمعرفة نتائج كل امر واما البحوث العلمية فان الخاتمة فيها تكون لاستخلاص النتائج التي يتوصل لها هذا البحث او ذاك. واما بحثنا هذا فقد توصلنا فيه الى عدة نتائج من اهمها

انّ الاستشراق هو من الثغرات التي نفذ منها المستشرقون لتفحص فكرنا وحضارتنا الاسلامية؛ حيث ان المستشرقين قد درسوا الفكر الاسلامي على مرحلتين الاولى على يد القدماء لزيادة الكم المعرفي في الحضارة الغربية. والمرحلة الثانية على يد الكثير من الكتاب الغربيين المحدثين، وكانت هذه الدراسة تمهيداً لاحتلال بلدان المسلمين.
2- ان المفكرين المسلمين عملوا على بيان الاهداف الحقيقية وراء الاستشراق.

3- ان من بين المفكرين المسلمين مالك بن نبي الذي حلل نتاج واعمال المستشرقين من خلال الامور التالية.

أ- تعريف الاستشراق وبيان مفهومه ومن هم المستشرقون.

ب- صنف مالك بن نبي المستشرقين الى طبقات: هي: القدماء والمحدثون وهذا هو التصنيف الزماني. ثم صنفهم من حيث موقفهم من الاسلام والمسلمين فصاروا صنفين المادحين والمنتقدين.

ج- ركز مالك بن نبي على صنف المادحين للحضارة الاسلامية باعتبارهم حسب رأيه الاكثر خطراً من غيرهم.

4- تبين لنا من خلال هذا البحث ان مالك بن نبي شخصية كبيرة في مجال الثقافة حيث ألّف اكثرمن اربعة وثلاثين كتاباً ورسالة في اللغة الفرنسية والعربية تنوعت بين الفكر والادب والاديان.

5- يبين مالك بن نبي موقف المثقفين المسلمين من الاستشراق وهم بين منبهر بالحضارة الغربية محاولاً تقليدها، وبين معتز بالتراث العلمي للحضارة الاسلامية.

6- يرى مالك بن نبي ان الحل لتجاوز المشكلة التي وضعنا بها الاستشراق ومن بعده الاستعمار. هو ان نكون مستقلين فكرياً حتى يتحقق بعد ذلك استقلالنا السياسي والاقتصادي.

7- العودة الحقيقية الى مصادر ديننا وهي القرآن الكريم والسنة النبوية وسيرة ائمتنا أئمة الهدى لنحصل من خلال العودة على استقلالنا الفكري.     وأخيراً اوصي زملائي الباحثين ان يخصوا امثال هؤلاء من المفكرين المسلمين بزيادة في البحث وبنشر وجهات نظرهم بل نظرياتهم الفكرية التي وضعوها لرفعة الامة الاسلامية والدين لاسيما ان هناك من المفكرين المسلمين الذين لم يأخذوا حظهم من البحث والدراسة امثال شبستري وحسن حنفي وعلي شريعتي والمرزوقي ومحمد عابد الجابري، وعلي حسين الجابري، والسيد محمد باقر الصدر، والسيد عمار ابو رغيف. واسماء كثيرة يطول المقام بذكرها فعذراً لمن لم نذكره.

(*) جامعة بغداد / كلية العلوم الاسلامية .

*  هوامش البحث  *

([1])  محمود رأفت، مالك بن نبي. وسبل نهضة العالم الاسلامي، مقال على شبكة الانترنت، بتاريخ 10/ اكتوبر، 2015م   www. Sosapost.com

 ([2])  هو احد مؤلفات مالك بن نبي والذي كتب في سيرته الذاتية باسلوب ادبي شيق، نشره دار الفكر، بيروت، 1969م، ص5، 7.

([3])  بريون، د.فوزية، مالك بن نبي عصره وحياته، ونظريته في الحضارة، ص101.

([4])  (هذه الرواية نشرت مترجمة الى العربية في دار الفكر عام 2009م بعنوان (لبيك حج الفقراء)،ترجة: زيدان خوليف.)

([5])  اشار الى ذلك الدكتور عبد الصبور شاهين الذي ترجم عدداً من كتب بن نبي بمدينة شيكاغو الامريكية، في ايلول سبتمبر، 1986م.

([6])  بريون، د.فوزية، مالك بن نبي، ص103.

([7])  العويسي، د.عبد الله حمد، مالك بن نبي حياته وفكره، الشبكة العربية للابحاث والنشر، بيروت، ط1، 2012م، ص51.

([8])  المصدر نفسه، ص58، 59، وكذلك مالك بن نبي، مذكرات شاهد للقرن، ص16.

([9])  المصدر نفسه، ص77، وكذلك مالك بن نبي مذكرات شاهد للقرن، ص144، 145.

([10]) المصدر نفسه، ص77، وكذلك مالك بن نبي مذكرات شاهد للقرن، ص144، 145.

([11]) القريشي ،دعلي ،منظور تربوي لقضايا التغيير الاجتماعي عند مالك بن نبي، القاهرة ،ط1، 1409هـ-1989م، ص12.

([12]) ابراهيم النويري، اضواء على حيلة المفكر الجزائري العالمي مالك بن نبي، مقال على شبكة الانترنت، بتاريخ :9/2/2009م، موقع قراءات،ص1.

([13]) المرجع نفسه، ص2.

([14]) المرجع نفسه، ص3.

([15]) المرجع نفسه، ص3.

([16]) ابراهيم النويري، اضواء على حيلة المفكر الجزائري العالمي مالك بن نبي، مقال على شبكة الانترنت، بتاريخ :9/2/2009م، موقع قراءات،ص3.

([17])  المرجع نفسه، ص3-4.

([18])  ينظر: العويسي، د.عبد الله أحمد، مالك بن نبي حياته وفكره، ص134، 139.

([19]) محمود رأفت، مالك بن نبي وسبل نهضة العالم الاسلامي، مقال على شبكة الانترنت،بتاريخ: 10/ اكتوبر/ 2015م،ص1.

([20]) المرجع نفسه، ص3.

([21]) المرجع نفسه ،ص4.

([22]) اميمة احمد، مالك بن نبي مدرسة فكرية، مقال على شبكة الانترنت بتاريخ: 5/12/2010م،ص1.

([23]) المرجع نفسه .

([24]) المرجع نفسه .

([25]) محمود رأفت، مالك بن نبي وسبل نهضة العالم الاسلامي، مقال على شبكة الانترنت،بتاريخ: 10/ اكتوبر/ 2015م ص3.

([26])  مجموعة مؤلفين، المعجم الوسيط، طبعة مجمع اللغة العربية، القاهرة، (د، ت)، ج1، ص482.

([27])  ينظر: ابن منظور ابو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم (ابن منظور)، دار صادر، بيروت، لبنان، 2003م، ج8، ص64، 67، بتصرف.

([28])  احمد سما يلوفنش، فلسفة الاستشراق واثرها في الادبي العربي المعاصر، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998م، ص21، 23، بتصرف.

([29])  ينظر: السيد محمد الشاهد، الاستشراق ومنهجية النقد عند المسلمين المعاصرين، مجلة الاجتهاد، العدد 22، السنة السادسة، 1994م، ص191، 2011، وكذلك: مطبقاً في مازن بن صلاح، الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الاسلامي، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 1995م، ص2، 3.

([30])  المرجع نفسه، ص3.

([31])  الامين، عبد الله محمد، الاستشراق في السيرة النبوية، المعهد العالمي للفكر الاسلامي، القاهرة، 1997م، ص16.

([32])  لطيف، عبد النبي، نحو استشراق جديد، مجلة الاجتهاد، عدد 50 – 51، 2001م، ص26.

([33])  الحاج، ساسي سالم، نقد الخطاب الاستشراقي، دار المدار الاسلامي، بيروت، 2002م، ص20.

([34])  المرجع نفسه، ص20.

([35])  الاعسم، د.عبد الامير، دراسات في الاستشراق، دار الفرقد، دمشق، سوريا، ط1، 2011م، ص79.

([36])  الطيب، إبراهيم، الاستشراق الفرنسي وتعدد مهامه خاصة في الجزائر، دار المنابع للنشر والتوزيع، الجزائر، 2004م، ص5، وما بعدها.

([37]) ينظر: أبري، أ. ج، المستشرقون البريطانيون، ترجمة: محمد الدسوقي، وليم كولينز، لندن، 1946م، ص8.

([38])  رودي بارت، الدراسات العربية والاسلامية في الجامعات الالمانية، (المستشرقون الالمان منذ تيودور نولدكه)، ترجمة: مصطفى ماهر، دار الكتاب العربي، القاهرة، ص11.

([39])  ادوارد سعيد، الاستشراق، ترجمة: كمال ابو ديب، مؤسسة الابحاث العربية، ط7، 2005م، ص120.

([40])  رضوان السيد، ثقافة الاستشراق ومصادره وعلاقات الشرق بالغرب، مجلة الفكر العربي اللبنانية، العدد 31، السنة الخامسة، 1983م، ص9.

([41])  مالك بن نبي، انتاج المستشرقين واثره في الفكر الاسلامي الحديث، دار الارشاد، بيروت، ط1، 1388هـ - 1969م، ص5.

([42])  يحيى مراد، اسماء المستشرقين، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004م، ص6.

([43])  النجار، د.شكري، لم الاهتمام بالاستشراق، مجلة الفكر العربي، بيروت، العدد (31)، لسنة 1985م، ص60.

([44])  المرجع نفسه، ص60.

([45])  التكريتي، د.ناجي، المستشرقون بين السلب والايجاب، مجلة الفلسفة، كلية الأداب، الجامعة المستنصرية، العدد الثاني، لسنة 1423هـ - 2002م، ص1.

([46])  مالك بن نبي، انتاج المستشرقين واثره في الفكر الاسلامي الحديث، دار الرشاد، بيروت، لبنان، ط1، 1388هـ - 1969م، ص5.

([47])  المصدر نفسه، ص5.

([48])  المصدر نفسه، ص6.

([49])  المصدر نفسه، ص6.

([50])  طه حسين اديب وناقد مصري لقب بعميد الادب العربي ولد عام (1306هـ - 1889م)، وتوفي عام (1393هـ - 1073م) يعتبر من ابرز الشخصيات في الحركة العربية الادبية الحديثة، اهم مؤلفاته: الايام، في الشعر الجاهلي، دار الفتنة الكبرى، وعلى هامش السيرة، وحديث الاربعاء، وغيرها، ينظر: طه حسين، الايام، دار المعارف، القاهرة، 1963م، ص37.

([51])  مرجليوت: هو ديفيد صمويل ولد عام 1858م، وتوفي عام 1940م كان مستشرقاً ولفترة قصيرة عمل قسيساً في كنيسة انكلترا، كان استاذ لودي لتدريس اللغة العربية في جامعة اكسفورد. . . وهو احد الذين كتبوا دائرة المعارف الاسلامية، من اهم مؤلفاته "التطورات المبكرة في الاسلام"، و "محمد ومطابع الاسلام و "الجامعة الاسلامية"، ينظر: الزركلي، الاعلام، ج2، ص329.

([52])  مصطفى صادق الرافعي اديب مصري وكاتب كبير ولد عام 1880م وتوفي عام 1937م من اهم مؤلفاته، وحي القلم، وحديث القمر، تاريخ أداب العرب، وتحت راية القرآن وغيرها، ينظر: محمد سعيد الريان، حياة الرافعي، (د، ط، ت)، ص25- 27.

([53]) مالك بن نبي، انتاج المستشرقين، ص6-7.

([54])  المصدر نفسه، ص7.

([55])  المصدر نفسه، ص8.

([56])  المصدر نفسه، ص8.

([57])  المصدر نفسه، ص8.

([58])  المصدر نفسه، ص8، 9. في حين يرى الدكتور عرفان عبد الحميد ان اصول هذا النوع يعود الى الحروب الصليبية، والحقد على الحضارة الاسلامية، ينظر: المستشرقون والاسلام، مطبعة الارشاد، بغداد، 1969م، ص4، 5.

([59])  مالك بن نبي، انتاج المستشرقين، ص9.

([60])  المصدر نفسه، ص9، 10.

([61])  المصدر نفسه، ص10.

([62])  المصدر نفسه، ص11.

([63])  ينظر: مالك بن نبي، انتاج المستشرقين، ص12.

([64])  مالك بن نبي، انتاج المستشرقين، ص14.

([65])  عرفان عبد الحميد، المستشرقون والاسلام، ص22.

([66])  الاعسم، د.عبد الامير، دراسات في الاستشراق، ص69، 70.

([67])  مالك بن نبي، انتاج المستشرقين، ص15.

([68])  المصدر نفسه، ص18.

([69]) المصدر نفسه، ص24.

([70])  المصدر نفسه، ص25.

([71])  المصدر نفسه، ص42.

([72])  مالك بن نبي، انتاج المستشرقين، ص48.

([73])  المصدر نفسه، ص48.

([74]) الصدر :السيد محمد باقر، رسالتنا، مطبوعات مكتبة النجاح، طهران ،ط3، 1402هـ-1982م، 121-122.

([75]) مالك بن نبي، انتاج المستشرقين، ص16.

([76]) المصدر نفسه، ص23-24.

*  المصادر والمراجع  *

أبري، أ. ج، المستشرقون البريطانيون، ترجمة: محمد الدسوقي، وليم كولينز، لندن، 1946م .
احمد سمايلوفنش، فلسفة الاستشراق واثرها في الادبي العربي المعاصر، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998م .
ادوارد سعيد، الاستشراق المعرفة والسلطة والإنشاء، ترجمة: كمال ابو ديب، بيروت، لبنان، ط2، 1984م.
الاعسم، د.عبد الامير، دراسات في الاستشراق، دار الفرقد، دمشق، سوريا، ط1، 2011م .
الامين، عبد الله محمد، الاستشراق في السيرة النبوية، المعهد العالمي للفكر الاسلامي، القاهرة، 1997م .
انميرات، عبد العزيز، مفهوم الفكر الاسلامي، مقاربة تأصيلية، ملحق الفكر الاسلامي لجريدة العلم، 10/ 1/ 1997م، السنة السادسة.
  الحاج، ساسي سالم، نقد الخطاب الاستشراقي، دار المدار الاسلامي، بيروت، 2002م.
الحيدري، رائد، المقرر في شرح منطق المظفر مع متنه المصحح، دار الرسول الأعظم؛ دار المحجة البيضاء، بيروت، ط1، 1422هـ - 2001م.
الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، الصحاح، مؤسسة المختار، القاهرة، ط1، 1428هـ - 2007م.
الرحمن الزنيدي، حقيقة الفكر الإسلامي، دار المسلم، الرياض، ط2، 1422هـ - 2002م .
رضوان السيد، ثقافة الاستشراق ومصادره وعلاقات الشرق بالغرب، مجلة الفكر العربي اللبنانية، العدد 31، السنة الخامسة، 1983م .
رودي بارت، الدراسات العربية والاسلامية في الجامعات الالمانية، (المستشرقون الالمان منذ تيودور نولدكه)، ترجمة: مصطفى ماهر، دار الكتاب العربي، القاهرة .
الزركلي، خير الدين بن محمود الدمشقي، (ت 1396هـ)، الأعلام، (دار العلم للملايين،ط15، بيروت، 2002م).
الشاهد، السيد محمد، الاستشراق ومنهجية النقد عند المسلمين المعاصرين، مجلة الاجتهاد، العدد 22، السنة السادسة، 1994م، 2011، 
الطيب، إبراهيم، الاستشراق الفرنسي وتعدد مهامه خاصة في الجزائر، دار المنابع للنشر والتوزيع، الجزائر، 2004م .
عرفان عبد الحميد المستشرقون والاسلام، مطبعة الارشاد، بغداد، 1969م.
العقيلي، نجيب، المستشرقون، دار المعارف، القاهرة، مصر، 1964 – 1965م.
عمر فروخ ومصطفى خالدي، التبشيريون والاستعمار في البلاد العربية، بيروت، لبنان، ط3، 1964م.
العويسي، د.عبد الله حمد، مالك بن نبي حياته وفكره، الشبكة العربية للابحاث والنشر، بيروت، ط1، 2012م.
  الفيومي، أحمد بن محمد بن علي، المصباح المنير، دار الحديث، القاهرة، 1424هـ - 2003م .
  قاسم السامرائي، الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية، الرياض، 1983م.
  لطيف، عبد النبي، نحو استشراق جديد، مجلة الاجتهاد، عدد 50 – 51، 2001م .
مازن بن صلاح، الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الاسلامي، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 1995م .
مالك بن نبي، انتاج المستشرقين واثره في الفكر الاسلامي الحديث، دار الرشاد، بيروت، لبنان، ط1، 1388هـ - 1969م.
محمود رأفت، مالك بن نبي. وسبل نهضة العالم الاسلامي، مقال على شبكة الانترنت، بتاريخ 10/ اكتوبر، 2015م   www. Sosapost. Com.
 ابن منظور ابو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم (ابن منظور)، دار صادر، بيروت، لبنان، 2003م .
  ناجي، عبد الجبار، تطور الاستشراق في دراسات التراث العربي، بغداد، 1981م.
  النجار، د.شكري، لم الاهتمام بالاستشراق، مجلة الفكر العربي، بيروت، العدد (31)، لسنة 1985م .
نوري جعفر، الفكر طبيعته وتطوره، منشورات التحرير، ط2، 1397هـ - 1977م
  يحيى مراد، اسماء المستشرقين، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004م.