البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الردود العربية على الدراسات الاستشراقية في مجال القرآن الكريم (قراءة في نماذج معاصرة)

الباحث :  أ.د. مقدام عبد الحسن الفياض / أ.م.د. علي عبد المطلب علي خان المدني
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  11
السنة :  السنة الرابعة - ربيع 2017م / 1438هـ
تاريخ إضافة البحث :  July / 16 / 2017
عدد زيارات البحث :  5153
تحميل  ( 316.711 KB )
مدخـل

تعرضت الأديان السماوية الرئيسة جميعا منذ بزوغ شمسها على هذه الأرض وظهور الرسل والأنبياء عليها للتشهير والعداء السافر والحملات المحمومة من قبل الحاقدين والجهلاء وأحياناً المأجورين الذين لم يقفوا عند حد رفضهم للرسالات المعتبرة بل تجاوز ذلك الى إعلان الحرب الشرسة بواسطة اليد والكلمة والفكر معاً، ومن البديهي ان نجد الإسلام المحمدي الأصيل هدفا للأعداء ولازال، إذ عدّوه خطرا حقيقيا يهدد أفكارهم ومناهجهم في نشر الانحراف ويعرقل تمكين الطواغيت من التحكم في مقدرات العباد.
إن الاستشراق علم ذو حدود واسعة وأحيانا غير واضحة، ويمكن تشخيص دلالتين له، أولاهما: انه علم يختص بفقه اللغات الشرقية ومتعلقاتها على وجه الخصوص. وثانيهما: انه علم العالم الشرقي على وجه العموم، ويشمل كل ما يتعلق بمعارفه، من لغة وآداب وتاريخ وآثار وفن وفلسفة وأديان وغيرها، كما ان الاستشراق بوصفها فكرة علمية ازدهر منذ اواسط القرن الثامن عشر، وأخذ يطلق على كل مثقف غربي ينقطع الى دراسة الانحاء المختارة من الشرق والوقوف على قواه الروحية وآدابه العظيمة التي أسهمت فعالاً في تكوين ثقافة العالم بأسره، والذي يعنينا هنا هو المعنى الخاص لمفهوم الاستشراق الذي يعنى بالدراسات الغربية المتعلقة بالشرق الاسلامي في لغاته وآدابه وتاريخه وعقائده([1]). وقد اختلف الباحثون المسلمون في تقييمهم لآثار الاستشراق وأهله، فمنهم من اعترف بجهودهم عادّاً إياها إثراءا فكرياً للمعارف الغربية والعربية لأنهم وضعوا دراسات مختلفة واحيوا المخطوطات وأعدوا البحوث حول الرموز الإسلامية قديما وحديثا، في حين عارض آخرون تلك الانجازات متهمين إياها بالدس والتشويه خاصة المتعلقة بالقرآن الكريم والتاريخ الإسلامي بأسره([2]).

وفي كلتا الحالتين فإن المستشرقين ليسوا على مستوى واحد من الثقافة والكفاءة العلمية، كما ان دراساتهم الاستشراقية بنيت على أسس البحث الرامي الى تحقيق اهداف واغراض خاصة، وان نخبا منهم تعمل لمؤسسات علمية أكاديمية وقسما آخر جندته جمعيات تبشيرية أو استعمارية، فالدافع العلمي والرغبة في خدمة العلم كانت إحدى الحوافز المهمة للدراسات الاستشراقية ([3]). ونحن إذ نقرر هذا فإنّه يؤسفنا القول بأن هذا الجزء كان يبدو ضئيلاً جدا، في حين بعضهم الآخر مجردين من كل قصد نبيل محاطين بالدوافع المشبوهة والاهداف المريبة والمقاصد غير النزيهة، كما يتضح هذا من انتاج المستشرقين وأعمالهم، لأنهم رأوا أولاً سرعة انتشار الاسلام وقدرته الفائقة على التوسع والتغلب على خصومه حتى في عقر دارهم، وهو أمر أدى الى التأثير على دراساتهم وجعلها طافحة بالتحامل والتعصب ضد الاسلام([4]). ومن خلال ذلك نلاحظ من البديهي إيجاد التباين الكبير بينهم بشأن الموضوع الذي عكفوا على بحثه.
في ضوء ما تقدم ذكره وانطلاقا من الرغبة في ان يكون البحث العلمي موضوعيا رصينا تسوده القواعد العلمية والفكرية للرد على المدّعين بمعرفتهم للقرآن معرفة دقيقة، اعتمد الباحثان على مؤلفات وجدا أن أصحابها كانوا على مستوى عال من المسؤولية التاريخية والغيرة على هذا الدين وأمة القرآن المجيد، كاشفين بذلك زيف المستشرقين وفاضحين دوافعهم الحقيقية من تحريفهم للنصوص والتقولات والأباطيل التي ساقوها، مستخدمين الفكر منهجا لمهاجمة الإسلام ومجادلة المسلمين بالانحياز والفرضيات الجوفاء والتشكيك وتلبيس الحق بالباطل. ولتسليط الضوء على من قال كلمة الحق المرضية لله تعالى على وفق المناهج لأكاديمية والفكرية الرصينة أختير موضوع البحث الموسوم (الردود العربية على الدراسات الاستشراقية في مجال القرآن الكريم) والحمد لله اولا واخيرا .

المبحث الأول
كيف نظر المستشرقون الى النصوص القرآنية
عملت كثير من رموز الاستشراق وشخصياته سواء اللغويين أو المؤرخين أو الفلاسفة على تحقيق مجموعة من الغايات الكامنة في نفوسها من دراسة النصوص القرآنية، منطلقين من غايات دينية أو استعمارية أو علمية، مستوحاة من طبيعتهم المشككة المتجهة أولا لتحقيق أغراضهم في معارضة الحقائق الاسلامية. ومن خلال تلك المنطلقات عكف المستشرقون على دراسة القرآن ونصوصه خاصة بعد ان اصبح الدين الإسلامي من أكثر الأديان تأثيرا في تاريخ الإنسانية، ناجحا فيوضع حدٍ لتوسع النصرانية، خاصة في بلدان الشرق، وأصبح على مدى التاريخ المنافس الرئيس لها بين شعوب تلك البلدان، غازيا إياها في عقر دارها كما حصل في غرب اوروبا مستوليا على اسبانيا الى حدود فرنسا وما حصل في شرق أوروبا إلى حدود الصين([5]).
وتأسيساً على ذلك فقد اظهر معظم المستشرقين بشكل علني امتعاضهم مما أسموه"خطر" الإسلام وانتشاره وما يمثله من تهديد مباشر لعقيدتهم، ومن هؤلاء مثلاً الألماني (كارل هينرش بكر)([6]) يقول بهذا الصدد :"ان هناك عداء في النصرانية للإسلام بسبب ان الإسلام عندما انتشر في العصور الوسطى أقام سدا منيعا في وجه انتشار النصرانية ،ثم امتد إلى البلاد التي كانت خاضعة لصولجانها" ([7]) .
وفي السياق نفسه عبر المستشرق الانكليزي (لورانس براون1862-1926) المتخصص في تاريخ الأدب الفارسي عن رأيه محذرا من "سطوة" الإسلام وقوته داخل المجتمعات البشرية التي انتشر فيها قائلا عن ذلك: "إن الخطر الحقيقي كامن في نظامه (الإسلام) وفي قدرته على التوسع والإخضاع وفي حيويته... انه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوروبي " ([8]). ومن دون شك فإن براون يشير الى ان الأسس التي يقوم عليها الإسلام أسس رصينة فاعلة بليغة متناسياً بأنها متمثلة بالقرآن الكريم فهو كلام الله ارتبط المسلمون به عقيدة ودينا.
فلا غرو ان نجد المستشرقين قد عكفوا على دراسة تلك الأسس (القرآن الكريم) ونصوصه لتفحص الأسرار البلاغية التي تعمل على الإقناع، فضلا عن محاولاتهم لمعرفة الأسرار العلمية، ومن أولئك المستشرق الفرنسي (بودييه) الذي يعدّ من أول العاملين في هذا المجال(توفي في مطلع القرن السابع عشر)، فقد عمل على تحليل النصوص القرآنية ومعرفة الديانات السابقة التي ذكرها مع إصراره على دراسة الظروف العامة التي كانت تحيط بنزوله محاولا إيجاد تناقضات في ذلك([9]).

واتبع الانكليزي (ديفيد صمؤيل مرجليوث) ([10]) المنهج العدائي ذاته من قبل الرموز الاستشراقية للقران الكريم ؛ إذ ما بخل جهدا للتشكيك والتشهير في كتابه: محمد ونشأة الإسلام، و حاول التشويش والتشكيك في اعجازات القرآن الكريم المتمثلة في اسلوبه البلاغي وأخباره الغيبية، مستخدما عبارات بعيدة عن الواقع القراني ونهجه الصريح والقويم([11]) .

ونحا المستشرقان الألمانيان: كارل فلرَس و باول كراوس ([12])النهج الخاطئ في التحليل والقراءة للنص مدعيين أن القران لم يكن معرباً، وان اللغويين هم الذين عدّلوه على مثال لغة الشعر العربي الذي يتميز بوجود الإعراب في مقابل اللهجة المكية التي كانت حسب زعمهما غير معربة([13]).
وظهرت كتابات ألمانية أخرى متقاطعة مع القرآن الكريم، في مقدمتها للألماني تيودورنولدكه – المكنى بشيخ المستشرقين الالمان1831-1936 ([14]) الذي تخصصت دراساته في القرآن حتى أصبح من الأوائل المتخصصين في هذا المجال في تاريخ الاستشراق، فكان كتابه مركزاً ومهماً عمد الى نشره بعنوانه الأول (حول نشوء وتركيب السور القرآنية ) أتمه عام 1856م، فعكف على تطويره وتوسيعه وتشجّع على تقديمه بوصفه أطروحة للدكتوراه الى جامعة (جوتنجن)([15])، وبعد مراجعته اعترف بأنه عمل غير ناضج وناقص للثوابت العلمية والفكرية، مما دعاه إلى إبدال عنوانه فأطلق عليه (تاريخ القرآن )، وأدخل عليه تعديلات جوهرية وقام بترجمته من اللاتينية الى اللغة الأم الألمانية ونشره عام 1860م ([16]).
زامن المستشرق الانكليزي ( السير وليم موير 1819-1905) أفكار نولدكه وكان من الشخصيات المتأثرة بالأطروحات الفكرية المعادية للقرآن ولنبي الإسلام، ونجد ذلك في مناقشته لمسألة جمع المصحف الشريف وترتيبه وادعائه في كتابه(القرآن .. نظمه وتعاليمه وشهادته للكتب المقدسة) أنها تشهد بما جاء في العهدين القديم والجديد بصيغتها الحالية وتدعو المسلمين الى اتباع تعاليمهما. كما ان الترتيب الماثل الآن للآيات والسور ليس الّا ترتيباً تاريخياً وتقريبياً لا إلهيا ([17]). وكان ذلك دافعا رئيسا الى تأليف كتابه الشهير المعروف (حياة محمد) عام 1861م، وضمنه مجموعة من التساؤلات حول نزول الآيات القرآنية والطرق التي اتبعت في تدوينها بعد وفاة النبي9 وكيفية حفظها هادفاً من ذلك التشكيك والدس في المصادر الإسلامية التي عرضت الموضوع، وكان كتابه يحوي على أحاديث غير مسندة مبتغياً من خلالها جعل السيرة النبوية الشريفة عبارة عن أسطورة غير قابلة لمسايرة النهج العقلي([18]).
وطيلة النصف الاول من القرن العشرين استمر ذلك المد المناوئ للقرآن الكريم ونصوصه، من خلال التحليلات غير الواقعية، فنرى المستشرق الأمريكي (آرثر جفري ) قد ترك بصمات واضحة من خلال تحقيقه المخطوطات ونشرها، ومن ابرزها مخطوطة (كتاب المصاحف) لأبن ابي داود السجستاني(202-275ﻫ) وكتاب جمع القرآن للمستشرق (جون جلكرايست) الذي يعد من الدراسات الاستشراقية المهمة والأولى لما يحويه من معلومات حول القرآن الكريم وتاريخ جمعه ([19]) .
لم يغفل المستشرقون الفرنسيون موضوع القرآن و دراسة نصوصه، وتقدمهم المفكر (ريجيس بلاشبر 1900-1973) في كتابه: معاني القرآن([20]) الذي حاول فيه دراسة القرآن والظروف التي أحاطت بنزوله وقام بترجمته مناقشا الروايات الإسلامية المتعلقة بالموضوع وفق رؤاه الخاصة ([21]).

وفي الاتجاه ذاته تعرض المستشرق الإنكليزي (مونتغمري وات 1887-1976) في كتابه الشهير (محمد في مكة ) لشخصية النبي9 ونزول القرآن وجهود تدوينه بنظرة تعصبية واضحة، وكان (كارل بروكلمان 1868-1956) في مؤلفه (تاريخ الأدب العربي) واضح الأثر لدراسة تاريخ القرآن بشكل مفصل بنظرة استشراقية علمية لكنها غير منصفة ([22]) .

واستمرارا لذلك النهج العدائي حاول المستشرقون النيل من شخصية النبي الأكرم مستخدمين الادعاءات والمقولات المدسوسة مستهدفين الطعن بالقرآن ورسالة النبي الأكرم، ومنها ما جاء على لسان المستشرق الهولندي 1882-1939 (آرينت جان فنسنك)([23]) ما نصه: (ان محمداً كان قد اعتمد على اليهودية في مكة)([24])، وهو موضوع مختلق يعلمه جميع الباحثين والمتتبعين ؛ إذ عرف عن اليهود أنّهم أول وأشد من نصب العداء ومارس تأليب مشركي قريش والتآمر على النبي والرسالة، وقد نزل نصّ قرآنيٌّ بذلك ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ ([25]).
أما المستشرق الأمريكي (دنكان بلاك ماكدونالد1863-1943)([26]) فقوله الآتي غاية في التشكيك: «لقد استطاع محمد بفضل خياله المتوقد أن يصف الله بصفات واضحة معينة....» ويحاول هنا الافتراء بالقول بأن الرسول لم يكن قد أوحي إليه وانه ابتدع الرسالة من خياله المتوقد .
ونكتفي بهذا القدر من الأمثلة، وعليه فان الدراسات الاستشراقية حركة ذات اهداف خاصة ومحتوى له نتائج وثمار موضوعية هادفة أحياناً وتخريبية أحيانا أكثر، سواء في عالم الفكر بوضع المؤلفات المختلفة او في عالم الواقع بأبعاده الاجتماعية والسياسية، ونحن هنا نؤكد ان الاسس لتك الحركة واهدافها فضلا عن أسباب قيامها يمكن ان نختصرها في جانبين مهمين هما:

أولاً :الجانب العقائدي (الديني):
 أدركت النخب المسيحية خطورة القرآن وأهمية النظريات والأسرار التي يحويها لاسيما بعد ترجمته الى لغاتهم وقراءته بشكل سليم ومتأنٍ، إذ عرفوا مبلغ تأثيره على العقيدة الإلهية التي طالما عمد رجال الكنيسة على تحريفها ونشرها في المجتمعات الأنسانية تحقيقا لطموحاتهم الخاصة، مما دفعهم الى العمل المبرمج والممنهج ضد القرآن الكريم والنبي الأكرم معلنين في نهاية المطاف ان محمدا لم يكن رسولا وان الإسلام لم يكن إلا هرطقة مسيحية باعتبار المسلمين وثنيين ([27]).

ثانياً: الأغراض الاستعمارية والتوسع:
اكد بعض المختصين في دراسة الاستشراق ان هذا الهدف من الأسباب الأولى لتلك الدراسات بوساطة النتائج البحثية التي تقدمها الى الدوائر المختصة الكبرى للدول الراغبة في ذلك، لاسيما في بلاد المشرق بهدف السيطرة على شعوبها واستعبادها مذهبيا واقتصاديا ([28]).
وعليه نرى هنا من الضروري الإشارة الى انّ دوافع الاستشراق في دراسة القرآن الكريم والدين الأسلامي هي دوافع وغايات مريبة غالباً، ومستمرة مع استمرار تلك الدراسات الهادفة الى تحقيق الأغراض المعلنة والمبطنة، خاصة اذا عرفنا ان عملية الدراسة في المجال الاستشراقي نهض بها مجموعة من الأفراد الذين يختلفون في القابلية الفكرية والعلمية وصولا الى تناقضهم في النفسية البشرية ؛ إذ يعمل كل فرد بما تسيره مصلحته وعقيدته أو دولته أو جهته التي تدعمه ([29]) .
برزت مجموعة من المؤلفين والباحثين الغيورين على دينهم، وطّنوا أنفسهم للرد على تلك الترهات والأفكار المدسوسة التي تخفي وراءها نوايا سيئة ومصالح شيطانية واضحة للقرآن الكريم وشخصية الرسول الأكرم 9 مستخدمين الأسلوب العلمي والأكاديمي مستندين على الدليل القاطع.

المبحث الثاني
نماذج من الاتهامات والردود العربية عليها
طالما أن القرآن الكريم هو كتاب الإسلام الأول الذي تقوم على أساسه عقائد الدين الإسلامي وشريعته، فقد اتخذت الدراسات الاستشراقية من القرآن الكريم موقفاً عدائياً منكراً لحقائقه ومنزلته السامية في نفوس المسلمين، وكان معظم المستشرقين مشككين في مصدره الإلهي، زاعمين أنه من عمل الرسول الأعظم محمد9 أو تأليفه، وقد أصبحت دعوى تأليفه للقرآن لدى المستشرقين أمراً لا يقبل الشك كما يدعون. وتحاول الفرية الاستشراقية أن تكون محبوكة بقدر الإمكان، وذلك ببيان المصادر التي اعتمد عليها الرسول الكريم في كتابته للقرآن، فيذهب الخيال الاستشراقي في هذا الصدد كل مذهب لإثبات مزاعمه. واتجهت جهود المناهضين للإسلام قديماً وحديثاً إلى محاولة زعزعة الاعتقاد في صحة القرآن وفي مصدره وقد بذل المستشرقون محاولات محمومة لبيان أنه ليس وحياً من عند الله تعالى وساقوا كثيراً من التهم والفريات عليه كالقول أنه ضاع منه أجزاء قبل جمعه ([30]). أو أنهم وجدوا صحائف قديمة تحتوي كتابات قرآنية تظهر إن هناك"اختلافات ذات بال في المخطوطات القديمة"، محاولين زعزعة اعتقاد المسلمين بصحة القرآن الكريم، ويسوقون ما يسمّونه "حججا" للتدليل على خطأ الإيمان به، وما هي في الحقيقة سوى ممارسات تضليل وتزوير مبطنة بعيدة عن روح البحث العلمي والاسلوب الموضوعي([31]) .
ومن ادعاءاتهم أن القرآن حُرّف بعد وفاة الرسول العظيم محمد 9، فيدّعون أن اسم محمد (فثم) أو (فثامة) ثم أبدل وصار محمداً لتيسير وضع الآية "ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" وربط ذلك بالكتب المقدسة ([32]) .
 كما ذهبوا إلى البحث عن الحروف في أوائل السور القرآنية المعنية، وقالوا إنّها اختصارات لاسماء مالكي النسخ التي استخدمها زيد بن ثابت لجمع القرآن في مصحف واحد ([33])، أو إنّها اختصارات للاسماء القديمة للسور، ولا شك في لو أنها كذلك لوجب أن توضع قبل البسملة لا بعدها، متناسين أنها سر الله تعالى في القرآن، ولله في كل كتاب سر، فهي إذن من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه، بل هي من المكتوم الذي لا يفسره المفسرون ([34]).

ويرى بعضهم أن النبي 9 قد اعتمد على الانجيل أو الكتاب المقدس لدى المسيحيين ولا سيما على العهد القديم في قسم القصص، أو من مصادر يهودية، ويزعمون أيضاً أن الرسول محمد 9 تعرف على المسيحية من (بحيرى) الراهب في رحلته التجارية إلى الشام، وهذه كلها مزاعم واهية لا حظَّ لها من العلم ولا سند من التاريخ، وإنما هي تخمينات وافتراضات يضعها أصحابها كما لو كانت "حقائق ثابتة لا تقبل الجدل" ([35]) .
وقد شرع عدد من الكتّاب العرب في التصدي لكتب بعض المستشرقين المنحازة وغير المنصفة، وقاموا برد مزاعمها وأباطيلها، عن طريق المناقشة والتحليل العلمي الموزون، وتفكيك مبتنياتها وأفكارها، ومن ثم دحضها ونسفها تدريجياً وبصورة متسلسلة. ومن بين أولئك المؤلفين العرب الدكتور (محمد حسن حسن جبل) الذي كان يعمل استاذاً لأصول اللغة في جامعة القاهرة، واستاذاً في كلية القرآن الكريم في جامعة الأزهر بطنطا، وعميداً لكلية اللغة العربية بالمنصورة وقد اختار الدكتور (محمد حسن) المستشرق المجري اليهودي (جولد تسهير)([36]) حصراً لمناقشة أفكاره وردّها وذلك لخطورتها ومكانة كاتبها المرموقة بين الجامعات الغربية والكتابات الاستشراقية المتخصصة فجاء كتابه المعنون (الرد على المستشرق اليهودي جولد تسيهر في مطاعنه على القراءات القرآنية) حافلاً بالمناقشات العلمية الممتعة والردود المفحمة على ما ساقه المستشرق المذكور من اتهامات.
ومما يجدر ذكره بخصوص ديانة (جولد تسيهر) انّ المستشرقين عامة بوصفهم كتّاب دراسات واساتذة جامعات أو أمناء مكتبات أو مثقفين لم يكونوا مسيحيين أو يهوداً بالمعنى العقائدي للكلمة، وإنما كانوا كذلك بمعنى أن خلفيتهم الثقافية كانت يهودية أو مسيحية. وعلى الرغم من أن عددهم قليل فإنّ قراءهم في أوربا كانوا كثر.

وكان اهتمام بعضهم بالأديان غير المسيحية ليس منصباً على الإسلام فحسب، وإنما شمل ايضاً الهندوسية والبوذية. وضمّت الجامعات الأوربية آنذاك اساتذة متخصصين في اللغات العربية والفارسية والتركية كـ (جولد تسيهر) وأمثاله. كما أن الاشتغال بالدراسات القرآنية كانت له علاقته القوية بعلم اللاهوت المسيحي، ففي القرن التاسع عشر ظهرت الدراسات الانتقادية حول الكتاب المقدس، وفي هذا المجال ضم معظمها جدالاً حاداً مع الكنيسة ([37]).
لقد بحث الدكتور محمد حسن الأهداف الحقيقية التي تقف وراء دراسات المستشرقين عموماً و(جولد تسيهر) على وجه الخصوص، وأورد أن فضول الباحثين منهم كان مركزاً على اللغات والآداب والثقافات والأديان الأخرى، وكان بالطبع مرتبطاً بوجه عام بالشعور والإقتناع بأن ثقافتهم ودينهم أفضل من نواح كثيرة، وشاركهم في ذلك الرأي أناس كانوا يرتابون في ديانتهم مما أثر في أبحاثهم تأثيراً بالغاً، لأنهم انطلقوا في كثير من القضايا من أحكام مسبقة، وحيثما كان من الأفضل محاولة الوصول إلى فهم أكثر عمقاً كانوا كثيراً ما ينتقدون غيرهم على نحو سطحي، فضلاً عن أن معرفتهم باللغة العربية لم تكن معرفة كافية دائماً. كما أنهم يكتبون لجانب غير المسلم من القراء، وأن قارءهم المقصود بتلك الأبحاث كان المثقف الأوروبي([38]).
ويتضح من ملاحظات الكاتب ودفاعاته أن أبحاث المستشرقين ونتائجها المتعلقة بالقرآن الكريم، قوبلت بارتياب شديد ورفض كبير من قبل المسلمين ولاسيما الأخص العرب منهم، لذلك فقد وجد الدكتور حسن أن من الضروري الاضطلاع بمهمة الدفاع عن معتقدات المسلمين وفي مقدمتها كتابهم الأول (القرآن) لا سيما أن كلية القرآن الكريم في محافظة طنطا قد أسندت إليه مهمة تدريس مادة القراءات لطلبة الدراسات العليا ورأى أن بعضهم مغترين بالمستشرقين بما يضفون على مباحثهم من طابع علمي وتشكيكهم حتى في البديهيات بذريعة حرية البحث ([39]).

ويبدو ان اختياره لدراسة المستشرق اليهودي المجري (جولد تسهير) جاء لكثرة مطاعنه في القراءات ومبالغته في الحديث عنها، على الرغم من أنه أخذ بعضها عن المستشرق الألماني نولد كه الذي تأثر به كثيراً، وعنهما أخذت الموسوعة البريطانية في التعريف بالقرآن ([40]). ثم "لأنه أخبث المستشرقين كيداً، حتى أن بعض علمائنا أشادوا به رغم أنهم لحظوا ملامح كيده"([41]) على حد تعبيره. وفي كتابه المقصود بالرد (مذاهب التفسير الإسلامي)، الذي أطلع الدكتور محمد حسن على السابقين له في الرد على جولد تسهير مثل العلامة محمد طاهر بن عبد القادر الكردي في كتابه (تاريخ القرآن وغرائب رسمه) عام 1953، وكتاب الدكتور عبد الوهاب حمودة (اللهجات والقراءات) 1948، والدكتور عبد الفتاح شلبي في (رسم المصحف القرآني وأوهام المستشرقين) عام 1990، وكل هذه الردود مبنية على الترجمة الأولى لكتاب (جولد تسهير). أمّا الترجمة الثانية المختارة فقد ذيلها المترجم (عبد الحليم النجار) بتعليقات تعد أحسن ردود المعربين على مطاعن المستشرق المذكور، مستعيناً بكتب علمية متخصصة مثل (القراءات أحكامها ومصدرها) للدكتور شعبان محمد اسماعيل وكتاب للدكتور حسن ضياء الدين العتر معنون (الأحرف السبعة ومنزلة القراءات منها)، وكتاب الدكتور رشاد محمد سالم) (القراءات القرآنية وصلتها باللهجات العربية)([42]).

وقد أقدم الدكتور محمد حسن على ملاحقة جولد تسهير في كل كبيرة وصغيرة أوردها فيما يتعلق بصحة القراءات في القرآن الكريم "بما يقدع أنفه ويقلص أظافره" حسب وصفه، ومناقشات تفصيلية لمطاعنه فيما قال عن أحداث أو وقائع تاريخية تنطبق عليها الآيات ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾([43]) نزلت بعد نبأ هزيمة الروم بشرى بأن الروم سيغلبون الفرس في بضع سنين، وقد تم لهم النصر فعلاً سنة 622م ثم سنتي 625 و 627 وفرح المسلمون بنصر الله الذي منحه للروم (الكتابيين)؛ إذ راهن بعض المشركين على أن يدفعوا مائة من الابل للمسلمين إذا حصل النصر لأهل الكتاب في تسعة أعوام، وفعلا بدأت الدائرة تدور على الفرس فأحرز الروم اول انتصار لهم بعد سبعة أعوام ثم توالت الانتصارات. وقد دسَّ جولد تسهير طعنه أنه من عمل القراء وإضافاتهم لحركات الإعراب فناقشه الدكتور محمد حسن وأثبت الوقائع بأنها انباء عن أمر غيبي دنيوي تخطى حدود الجزيرة العربية وحدث في عهد النبي 9 وكانت آيةً لصدقه([44]). لأنها أنباء عن أمر غيبي ... وتلقاه المسلمون والكفار من هذه الحيثية وتراهنوا عليه، والتزم به طرفا المراهنة التزاماً جاداً، حتى ان من كان يفارق مكة منهما فراقاً طويلاً يلزمه الطرف الآخر بإقامة كفيل يفي له بالمراد اذا كسب فيفعل([45]).
وركز الكاتب على تفنيد إدعاءات المستشرق المذكور ومخالفاته المنهجية، وتكذيبه بكل المعلومات حتى المسلمات والبديهيات الإنسانية، وردّ محاولته لإسقاط الإسناد وانتقائياته المغرضة المعبرة عن روح الضغينة والحقد الدفين. واتهاماته الخاصة بما يسمى "اضطراب النصوص" وحرية القراء بإنشاء القراءات بشكل اعتباطي. ثم ناقش منهج المعالجة لدى جولد تسهير، وأثبت أنه منهج متعرج لا يقوم على أساس علمي، بل غايته التمويه والمغالطة وادواته الإبهام والتناقض والمحاججة بما ليس بقراءات أصلاً. كما أفرد فصلاً كاملاً ضمنه إيضاحات مهمة حول نشأة القراءات والاختلاف فيها وحجمها الحقيقي ومغالطات جولد تسهير عنها مثل زعمه تزايد القراءات عبر العصور وجهله بأن هناك قراءات تفسيرية وأخرى تنزيهية([46]).
 وقد تناول الدكتور محمد عبد الله دراز في دراسته القيمة (مدخل إلى القرآن) جميع الافتراضات الاستشراقية المتعلقة باحتمال وجود مصدر بشري للقرآن الكريم، وناقشها مناقشة علمية، وأظهر زيفها وبطلانها مما جعلها مرجعا للكتاب المسلمين، وانتهى إلى القول بأن: "جميع سبل البحث التي وقعت تحت أيدينا وناقشناها ثبت ضعفها وعدم قدرتها على تقديم أي احتمال لطريق طبيعي اتاح له (أي للنبي 9) فرصة الاتصال بالحقائق المقدسة. ورغم الجهد الذهني الذي نبذله لتضخيم معلوماته السمعية ومعارف بيئته، فإنه يتعذر علينا اعتبارها تفسيراً كافياً لهذا البناء الشامخ من العلوم الواسعة المفصلة التي يقدمها لنا القرآن الكريم في مجال الدين والتاريخ والأخلاق والقانون والكون وغيرها، فلم يبق إلا أنه وحي الله تعالى لنبيه 9 الذي أرسله رحمة للناس أجمعين" ([47]) .

 وظهر كتاب آخر لمؤلف مصري يصب في الاتجاه نفسه، بعنوان (مصدر القرآن.. دراسة لشبهات المستشرقين والمبشرين حول الوحي المحمدي). لابراهيم عوض الذي بين بالاسلوب العلمي ان الدراسة الدقيقة غير المتحيزة لشخصية الرسول 9 والقرآن الكريم لا بد من أن تؤدّي إلى الإيمان الجازم بأن ذلك الكتاب محال أن يكون من نتائج عقل نبينا محمد 9 ومشاعره أو أي إنسان آخر، وإنما هو وحي إلهي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وإن الرجل الذي جاء به لا يمكن أن يكون إلا نبياً رسولاً ([48]).
وقد درس الكاتب أولاً وقبل كل شيء الملامح العامة لشخصية رسول الإنسانية محمد 9 والشبهات التي فسر بها المستشرقون والمبشرون المصدر الذي جاء منه القرآن، مرتباً ذلك ترتيباً منطقياً بحيث أن القارئ حينما يفرغ من مناقشة أولاها ويتثبت أنها غير قائمة على أساس تاريخي أو علمي يجد أنها تسلمه تلقائياً إلى الشبهة التالية وهكذا، وهذه الشبهات تدعي أن محمداً9 كان كذاباً مخادعاً – حاشاه– أو أنه كان واهماً مخدوعاً، أو أنه كان مريضاً بمرض عصبي. وقد درس هذه الشبهات واحدة تلو الأخرى دراسة متأنية، طرح فيها كل لون من ألوان التحرج بغية الوصول إلى ما يعتقده أنه الحق الذي من شأنه أن يريح النفوس المتطلعة إليه والتي لا تألو في البحث عنه أي جهد .

واعتمد في ذلك كله على الروايات التاريخية الموثقة المستقاة من الكتب الصحيحة المعتبرة، وكذلك على الدراسات الطبية والنفسية، ولا سيما تلك التي تتعلق بمكنونات اللاوعي. وقد نظر الكاتب إلى الروايات المتعلقة بعصر النبي 9 وشخصه وأحاديثه من زاوية جديدة تعتمد التحليل العلمي وربطها بالشواهد التاريخية الموثقة، ودرس أيضاً شخصية القرآن ومحتواه، ووجد أنه لا يمكن أن يكون قد استقى من أي مصدر بشري أو اقتبس من أي ديانة أخرى، وذلك بعد مقارنته بغيره من أديان عصره التي اتّهم الرسول 9 بأنه قد أخذ عنها أفكاره عن وعي أو غير وعي. وليس ذلك ببعيد على من يتلألأ في مخيلته العلم القرآني الشامل المحيط، والنفس الإلهي الذي لا يمكن أن تخطئه النفوس المحبة للحقيقة. وقد كانت مصادر الكتاب ومراجعه قد جاءت معظمها أصيلة ومتخصصة وقريبة للموضوع، ما يدل على الجهد المحترم المبذول في جمعها وكيفية الاستفادة منها وتوظيف معلوماتها.
وتخصص كاتب عربي آخر بناحية لافتة للنظر تعنى بالرد على ما جاء في دوائر المعارف الغربية عن القرآن الكريم، فقد كشف عدنان الوزان في كتابه (موقف المستشرقين من القرآن الكريم دراسة في بعض دوائر المعارف الغربية). كشف عن موقف غريب لبعض المستشرقين من القرآن الكريم أوردوه في دوائر معارفهم التي تصدرها دولهم. مبتدأً بعرض موجز عن الاستشراق وواقعه ونظرته إلى الإسلام وكتابنا المجيد ؛ وقدم الوزان بصورة موجزة بعض شبهات المستشرقين التي يوردونها في كتاباتهم للتمهيد لأصل موضوع البحث، حيث أن المقام لا يتسع للرد والتفنيد. تبع ذلك عرض مختصر لما كتب في بعض تلك الموسوعات. ثم بيان ما تضمنته دائرة المعارف البريطانية من موضوعات عدّة في الحديث عن القرآن وحياً وجمعاً، شكلاً مضموناً، تفسيراً وترجمة، ثم عرض كثيراً من الحقائق التي ردّ بها عل شبهات المستشرقين وما جاء في كتابات مفكري الغرب والشرق غير المسلمين ([49]) .
وقد عمل الوزان على إيراد اهم الشبهات في عدد من الموسوعات التي رجع إليها فنقل النص الإنجليزي ثم ترجمه، في حين اكتفى بإيراد الشبهات وترجماتها إلى العربية جملة واحدة بما يخصُّ الموسوعة البريطانية من دون ذكر النصوص الأخرى تفادياً للإطالة، واكتفاءً بإيراد المقصود والتعليق عليه ورد الشبهات، مع بيان موقف غير المسلمين من قضايا الإسلام التي تراوحت بين تعصب أعمى وتعقل وبصيرة. ثم ختم بتلخيص موقف المستشرقين من القرآن الكريم .
وقد أكدت الدراسة المذكورة أن الاستشراق بدا وكأنه حركة علمية تعتمد على المناهج العلمية في البحوث والدراسات ممثلاً بأقسام أكاديمية في كثير من الجامعات الغربية، حتى ظن كثيرون ممن يجهلون حقيقة الاستشراق أنه أحد الروافد العلمية والمصادر المعلوماتية عن العالم الإسلامي في جوانبه الدينية، في حين كان في جزء منه حركة تسعى إلى إظهار الباطل بثوب الحق، خصوصاً عند غير المنصفين الذين يتحدثون عن الجوانب الروحية في شخصية الرسول محمد 9 وهم ينكرون نبوته وحقوقه، ويتكلمون عن القرآن الكريم، وكأن فيه تشريعات جاء بها رسولنا الحبيب محمد 9 من عنده، زاعمين أنها من صرعات الجن التي كان النبي الكريم محمد 9 يقع تحت تأثيرها، وسبب ذلك في رأي الوزان هو الشعور بالنقص لدى المستشرقين الذين تكلم عنهم المستشرق البريطاني مونتغمري واط فقال: "إن تشويه صورة الإسلام بين الأوروبيين كان ضرورياً لتعويضهم عن الشعور بالتخلف" ([50]). لقد حاول كثير من المستشرقين بكل ما توافر لديهم من وسائل وإمكانات النيل من الإسلام ورجاله.

وألمح أن عدداً يعتد به من المستشرقين كانوا قد عكفوا على دراسة حياة المسلمين في علوم الاجتماع والعمران والسياسة والاقتصاد، وعلوم التربية، والعلوم الاقتصادية، كل ذلك بقصد الوصول إلى أفضل الوسائل التي تساعد دول الغرب على التعامل مع الشعوب الإسلامية بما يخدم المصالح الاستعمارية والسياسية ومن ثمّ محاربة المسلمين وما يعتقدونه من أفكار([51]) .
ويعد كتاب (من افتراءات المستشرقين على الأصول العقدية في الإسلام) من بين الكتب القيمة والمهمة التي عرضت آراء المستشرقين في القرآن الكريم وردّت عليهم بأسلوب علمي وروح موضوعية مسؤولة عبّرت عن قوة كاتبها ورصانة أفكاره، وهو يقصد بـ (الأصول العقدية) – الإيمان بالله تعالى وحده – الإيمان بالملائكة – الإيمان بالكتب المنزلة – الإيمان بالرسل – الإيمان باليوم الآخر – الإيمان بالقدر خيره وشره ([52]). ومؤلف الكتاب شخصية علمية محترمة هو الدكتور (عبد المنعم فؤاد محمود عثمان)، أستاذا مصرياً عمل مدرساً في جامعة الأزهر في القاهرة ومدرساً أيضاً في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض. نبّه كثيراً إلى مخاطر الاستشراق، وعدّ المستشرقين جيشاً أرسله الغرب للهجوم على أمة الإسلام لتدمير دينها بأفكارهم وإفكهم وتشكيكهم على حد وصفه، وخداعهم لشباب المسلمين بإدعاء أنه فكر نير ملتزم بالموضوعية والأمانة العلمية في البحث والدراسات الإسلامية. وأشار إلى عدد كبير من كتب المستشرقين الانكليز والفرنسيين والألمان، وحاول الرد عليها وكشف زيف تقولاتهم وافتراءاتهم، وتتبعها بالعرض والنقد، فجاءت دراسته واسعة ومتنوعة، شملت البحث في تعريف الاستشراق لغة واصطلاحاً، وتحديد بدايته التاريخية ونتاجاته الأولى، والتطور الفكري الذي مرّ به والمراحل التي انتقل عبرها والخصائص التي اتسم بها واسبابه وأهدافه ووسائله. كما بحث – من باب الانصاف والاعتدال – اصناف المستشرقين وتوجهاتهم، فقسّمهم إلى:

1- خطرين، وعرّف بأسمائهم وأهم كتبهم .
2- منصفين، وهم ممن أعلن إسلامه أو أحب الدين الإسلامي والعرب وقال كلمة الحق فيه وفيهم([53])
 وبخصوص موضوع بحثنا فقد خصص الدكتور عبد المنعم فؤاد مساحة جيدة لدراسة منهج المستشرقين حول عقيدة المسلمين في القرآن الكريم وافتراءاتهم عليها، وانتقد ذلك المنهج واستبسل في الدفاع عن عقيدة الإيمان بكتابنا المجيد، وأبدع في الرد على الشبهات والمزاعم التي أثاروها مثل فرية (تأليف القرآن) ودعوى أن (القرآن ليس فيه جديد) ففندها وأثبت عكسها في المجالات المختلفة مثل الأحكام ومجال المعلومات التاريخية وقضية الإشارات العلمية، ثم رد على دعوى التناقض في القرآن الكريم وأسقطها.
فقد اختار مسائل محددة أثارها المستشرقون بحد ذاتها مثل مسألة خلق السماوات والأرض التي قالوا عنها أنهن خلقن في ستة أيام حسبما جاء في سورة الأعراف: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾([54]). في حين ورد في سورة فصّلت ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾([55]). وهنا أيام الخلق ثمانية لا ستة، وفي هذا تناقض بين آيات القرآن وغفلة لأن قائله بشر. فكان رد (فؤاد) مفحماً حقاً؛ إذ أوضح إن قولهم هذا مصحوب بالجهل والافتراء، حيث لا توجد أية إشارة تؤيد وجود تناقض بين النصوص الكريمة. وكل ما في الأمر أن الآيات السابقة التي ذكرت مدة خلق السماوات والأرض ذكرتها على وجه الإجمال، بينما آيات (فصّلت) جاءت توضح مسألة الخلق على سبيل التفصيل. فهي تقرر أن الأرض خُلقت في يومين ثم جعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها وأرزاق أهلها وما يقيم مصالحهم وأمور معاشهم في يومين آخرين وبهذا أتم أمرها وكل ما يتصل بها في أربعة أيام لا ستة؛ إذ الضمير يعود الى الأرض في كل ما ذكره سبحانه لا الى غيرها... ثم استوى الى السماء فأتمّ خلقها في يومين فيكون المجموع ستة لا ثمانية، وهذه حسبة بسيطة لا يمكن أن يقع فيها أصغر تلميذ مبتدئ، إلا اذا كان موصوماً بالبلاهة والغباء([56]).

ويعد كتاب (آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره ... دراسة ونقد) للدكتور عمر ابراهيم رضوان واحداً من أهم الكتب التي بحثت في هذا المجال، إذ جاءت في الأصل أطروحة لنيله شهادة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن مسعود الإسلامية وطبعت في الرياض بجزئين عام 1992. يمكن القول عنها أنها دراسة مستفيضة عن أبحاث المستشرقين والمبشرين التي تظاهرت على تشويه الإسلام والتحيز ضده، وبحث في خلفيات الشخصيات الاستشراقية ذات المسوح الكنسية والفكر النصراني عامة والكاثوليكي خاصة، حتى أنهم لم يستطيعوا أن يتحرروا من بصمات المعارف والبواعث الكهنوية في دراساتهم مهما حاولوا أن يعلنوا خلافها أو مهما تظاهروا بالمنهجية والتجرد([57]). وقامت منهجية المؤلف على عرض بعض كتابات المستشرقين، وهم على قسمين: مستشرقين أفردوا مؤلفات حول القرآن الكريم يعرّف بكل واحد منهم وبكتابه وبأبرز القضايا التي عرضها كتابه. وفي قسمهم الثاني فعل الأمر نفسه مع الذين كتبوا عن القرآن الكريم من خلال مؤلفاتهم. ثم خصص باباً آخر لآراء المستشرقين ومناقشتها حيث استخلص أقوالهم وشبهاتهم حول القرآن وحول علومه، فحصرها ووزعها على فصول عدّة. بيّن في الأول منها شبهاتهم حول مصادر القرآن الكريم التي أدّعوها (اليهودية – النصرانية – الحنفية – الهندية...) فوقف عندها طويلاً مبيناً شبهاتهم فيها راداً عليها. ثم أشار إلى الشبهات التي أثاروها في النص وزعمهم انه وحي نفسي أو إيحائي من المنجمين والكهنة، فردّ على هذه الافتراءات والتخرصات مطولاً، مبيناً سذاجتها ومقرراً الحق في ان الوحي رباني المنشأ ملائكي النقل بشري التلقي([58]).

وتناول شبهات المستشرقين حول جمع القرآن الكريم ودعواهم بأنه جمُع بطريقة لا تؤكد سلامته وقد تكون أجزاء منه أُضيفت إليه او اقتطعت منه أو عدّلت فيه، فوقف عند هذه الادعاءات طويلاً راداً على كل شبهة بما يدحضها ويثبت سلامة النص القرآني من أي تغيير أو تبديل او اضطراب أو زيادة أو نقص، وأنه محفوظ بحفظ الله سبحانه وهذا ما أثبتته الوقائع الفعلية. ودرس الدكتور عمر ابراهيم الشبهات حول شكل القرآن الكريم ومضمونه والحروف المقطعة واختلاف القراءات، وأسلوب القرآن المكي والمدني وإعجازه البلاغي، فردّ عليها رداً مسهباً بمئات الصفحات، أثبت فيها متانة الأسلوب وترابط المعاني وروعة الإعجاز وتواتر النقل إلى غير ذلك. وخصص الباب الثالث والأخير لقضايا تتعلق بتفسير القرآن الكريم كالتفسير بالرأي والمأثور وما سمّوه بتفسير التمدن الإسلامي([59]).
وفي الختام لابدّ من القول إنّ هذا البحث يعد قراءة أولية لمؤلفات كان أصحابها- في نظرنا - على مستوى عالٍ من المسؤولية التاريخية والغيرة الإسلامية على هذا الدين القيم وأمة القرآن المجيد، كشفوا زيف المستشرقين وفضحوا دوافعهم الحقيقية في تحريفهم للنصوص وتقولاتهم وأباطيلهم التي ساقوها، ولفتوا انتباه الباحثين الآخرين إلى ضرورة الحذر من كتاباتهم، ودعوهم إلى الوقوف عندها متأملين ناقدين، مغربلين ومفرقين الغث من السمين .

فأصبحت جهود أولئك العرب الأماجد أمانة في عنق العاملين في حقل الدراسات التاريخية واللغوية والمهتمين بها. فالقرآن الكريم هو كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وإنْ كره المشركون والمستشرقون والملحدون في كل زمان ومكان. وما ادعوه من الشبهات ما هي إلا مسائل واهية لا حظّ لها من العلم والمنطق، ولا سند لها من التاريخ والواقع، وإنما هي تخمينات وافتراءات وضعها أصحابها من غير برهان ولا حجة، بل هي مقولة قديمة حمل لواءها الوثنيون القدامى من أهل مكة وغيرهم من المشركين، وسجل عليهم القرآن ذلك وبين زيفها وكذّب أصحابها .

-----------------------------

هوامش البحث

[1] للاطلاع على تفاصيل أوفر عن تعريفات الاستشراق ومعانيه ينظر: مازن بن صلاح مطبقاني، الاستشراق، الرياض، (لا"ت")، ص ص 2-4 ؛ أحمد عبد الرحيم السايح، الاستشراق في ميزان نقد الفكر الاسلامي، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 1996، ص ص 9-14 .
[2] مالك بن نبي، انتاج المستشرقين وأثره في الفكر الاسلامي الحديث، بيروت، دار الارشاد، 1969، ص ص 5- 12 .
[3] - عبد الرحمن عميرة، الاسلام والمسلمون بين احقاد التبشير وضلال المستشرقين، بيروت، دار الجيل، (لا"ت")، ص ص 94-99 .
[4] -  اسماعيل علي محمد، الاستشراق بين الحقيقة والتضليل مدخل علمي لدراسة الاستشراق الطبعة 3، القاهرة، الكلمة للنشر والتوزيع، 2000، ص ص 28-40.
[5] فؤاد كاظم المقدادي، الإسلام وشبهات المستشرقين ،بغداد، مطبعة المعارف، 1425هـ، ص131.
[6] - هينرش بكر: مستشرق وسياسي الماني، لفته تاريخ الشرق وكان متضلعاً في الفلسفة والحضارة الاسلامية وتاريخ الاديان عموماً، ولد في مدينة فرانكفورت عام 1876من أسرة برجوازية وحصل على كرسي الاستاذية في جامعة هامبورك. زار مصر وتخصص في دراسة كتب التراث وتعمق بها، توفي عام 1933. له كتاب: دراسات اسلامية في مجلدين. ينظر: عبد الرحمن بدوي، موسوعة المستشرقين، الطبعة 3، بيروت، دار العلم للملايين، 1993، ص ص 113-115.
[7]- عمر فروخ، الحضارة الإنسانية وقسط العرب فيها، بيروت ،1973، ص 23 .
[8] - محمد حسين الصغير، المستشرقون الألمانيون والدراسات القرآنية، لبنان: المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر، 1983، ص27- 28 .
[9] فؤاد كاظم المقدادي، المصدر السابق، ص134.
[10] - ديفيد صمؤيل مرجليوث: 1858-1940، من كبار المستشرقين الانكليز درس وتخصص في اللغات السامية ودرّسها في جامعة أكسفورد، وبعد أن عين أستاذا فيها ازدادت عنايته بالدراسات العربية يحسب له اهتمامه بالتراث العربي، وكان عضواً بالمجمع اللغوى المصرى، والمجمع العلمى فى دمشق، ونشر بحوثه عن الاسلام، ومن مؤلفاته: "التطورات المبكرة فى الإسلام"، و "محمد ومطلع الإسلام"، و "الجامعة الإسلامية" وغير ذلك، سرت فيها روحا غير علمية ومتعصبة. ينظر عبد الرحمن بدوي، المصدر السابق، ص 546 ؛ مازن بن صلاح مطبقاني، المصدر السابق، ص 36.
[11]- عمر ابراهيم رضوان، آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره: دراسة ونقد، الجزء 1، الرياض، 1992، ص ص 88-89 .
[12]- من كتب فلرس: مبادئ النحو العربي، شرح معلقة طرفة بن العبد بحسب مخطوطات باريس. أما كراوس فقد كتب: مختار من رسائل جابر بن حيان، فهرست كتب نحمد بن زكريا الرازي، منبر الشرق. عبد الرحمن بدوي، المصدر السابق، ص 414 و ص 464 .
[13] - فؤاد كاظم المقدادي، المصدر السابق، ص 132.
[14] - المصدر نفسه، ص 595 .
[15] - اينو ليتمان، تيودور نولدكه 1836-1930، بحث ضمن كتاب: صلاح الدين المنجد، المستشرقون الالمان تراجمهم وما أسهموا به في الدراسات العربية، بيروت، دار الكتاب العربي، 1997، ص 116 .
[16] - مشتاق بشير الغزالي، القرآن الكريم في دراسات المستشرقين، بيروت :دار النقاش، 2006، ص32 .
[17] - ويليام موير، القرآن نظمه وتعاليمه وشهادته للكتب المقدسة، ترجمة: مالك مسلماني، لندن، 2006، ص ص 25-45.
[18] - برنارد لويس، تاريخ اهتمام الإنكليز بالعلوم العربية، بيروت :"لا.ت."، ص30.
[19] - جون كلكرايست، جمع القران، ترجمة مكتبة الملحدين العرب:
Atheistlibrary.blogspot.com
[20] - ينظر: مازن مطبقاني، المصدر السابق، ص19؛ عبدالرحمن بدوي، المصدر السابق، ص127.
[21] - مشتاق بشير الغزالي، المصدر السابق، ص34.
[22] - كارل بوكلمان، تاريخ الادب العربي، ترجمة عبد الحليم النجار، الطبعة 3، بيروت، 1999، الجزء 1 ؛ أبو بكر كافي، مواقف المستشرقين من جمع القرآن الكريم ورسمه وترتيبه عرض ونقد.  الرياض، مجمع الملك فهد، 2009، ص 6 .
[23] - عن (فنسنك) ينظر: عبد الرحمن بدوي، المصدر السابق، ص 417 .
[24] - فؤاد كاظم المقدادي، المصدر السابق، ص236 .
[25] - سورة المائدة، آية (82) .
[26] - عبد الرحمن بدوي، المصدر السابق، ص 538 .
[27] - وليم مونتغمري واط، تأثير الإسلام على أوربا في العصور الوسطى، ترجمة عادل نجم عبو، جامعة الموصل، دار الكتب، 1982،، ص123.
[28] - محمد اركون وآخرون، الاستشراق بين دعاته ومعارضيه، ترجمة هشام صالح، (بيروت: دار الأضواء، 1994، ص23 وما بعدها .
[29] - محمود حمدي زقزوق، الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري، قطر، 1983، ص المقدمة.
[30] - عبد الرحمن عميرة، الإسلام والمسلمين بين أحقاد التبشير وضلال الاستشراق، بيروت، دار الجيل، ص 101- 102.
[31] - المصدر نفسه، ص 102.
[32] - الصف، آية: 6 .
[33] - محمد غلاّب، نظرات استشراقية في الإسلام، القاهرة، دار الكتاب العربي(لا"ت")، ص 42.
[34] - الإمام الشوكاني، فتح القدير الجامع بين فن الرواية والدراسة من علم التفسير، بيروت، دار المعرفة، جـ1، ص29.
[35] - محمود حمدي زقزوق، المصدر السابق، ص86-87 .
[36] - جولدتسيهر: مستشرق مجري يهودي، ولد في مدينة أشتولفيسنبرج عام1850 من أسرة ذات مكانة اجتماعية كبيرة. اهتم بدراسة الحياة الروحية الاسلامية والاسس الاعتقادية التي يحملها المسلمون، له كثير من المؤلفات التي تعبر عن نظرته العميقة كما يراها هو الى تاريخنا، أهمها كتابه (تاريخ تفسير القرآن) الذي ركز على اختلاف القراءات والاتجاهات الظاهرية والباطنية والموضوعية في التفسير وما سواها. توفي في بودابست عام 1921. ينظر ترجمته في عبد الرحمن بدوي، المصدر السابق، ص ص 197-202 .
[37] - شتيفان فيلد، ملاحظات على مساهمات المستشرقين في الدراسات الاستشراقية، الرياض، مجمع الملك فهد لطباعة القرآن الكريم، 2005، ص 3.
[38] - المصدر نفسه، ص 3- 4 ؛ محمد حسن حسن جبل، الرد على المستشرق اليهودي جولدتسيهرفي مطاعنه على القراءات القرآنية، الطبعة 2، القاهرة، 2002، ص 11.
[39] - المصدر نفسه، ص 5.
[40] - فضل حسن عباس، قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية نقد مطاعن ورد شبهات، عمّان، 2004، ص 265- 267.
[41] - محمد حسن حسن جبل، الرد على المستشرق اليهودي جولد تسهير....، ص 5 .
[42] - المصدر نفسه، ص7- 8 .
[43] - سورة الروم آية (2- 3)
[44] - محمد حسن حسن جبل، المصدر السابق، ص 159.
[45] ـ المصدر نفسه، ص ص 159-160. وعن الصراع بين الدولتين الفارسية والبيزنطينية على أطراف الجزيرة العربية ينظر: عبد العزيز سالم، تاريخ العرب قبل الاسلام، الاسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، (لا"ط")، ص 289.
[46] - محمد حسن حسن جبل، المصدر السابق، ص 163- 164.
[47] - محمد عبد الله دراز، مدخل إلى القرآن، دار القلم، الكويت، 1974، ص130، مقتبس في: محمود حمدي زقزوق، المصدر السابق ،ص 65
[48] - ابراهيم عوض، مصدر القرآن: دراسات لشبهات المستشرقين حول الوحي المحمدي، (النسخة الالكترونية pdf)، ص 1- 2.
[49] - عدنان الوزان، موقف المستشرقين من القرآن الكريم دراسة في بعض دوائر المعارف الغربية، ص 3.
[50] - وليم مونتغمري واط، المصدر السابق، ص131.
[51] - السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي، الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية، دار القلم، الكويت، 1977، ص 178- 180.
[52] - عبد المنعم فؤاد، من افتراءات المستشرقين على الأصول العقدية في الإسلام، الرياض، مكتبة العبيكان، 2001، ص2.
[53] ـ المصدرنفسه، ص ص 13-45 .
[54] ـ الأعراف: 54 .
[55] ـ آية 9-12 .
[56] ـ عبد المنعم فؤاد، المصدر السابق، ص ص 143-145 .
[57] - عمر ابراهيم رضوان، المصدر السابق، ص 6- 8 .
[58] ـ المصدر نفسه، ص ص 10-11 .
[59] - المصدر نفسه، ص 10- 17.