البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الفعل الترجمي الاستشراقي للقرآن الكريم مقاربة نقديّة في ضوء ترجمة جاك بيرك

الباحث :  أ.د. حمداد بن عبد الله
اسم المجلة :  دراسات اسشتراقية
العدد :  32
السنة :  خريف 2022م / 1443هـ
تاريخ إضافة البحث :  October / 12 / 2022
عدد زيارات البحث :  1426
تحميل  ( 511.275 KB )
الملخّص
رمت من خلال هذا المقال أن أقف بالدرس والتحليل والنقد على أحد مشاهير الغرب الذين اضطلعوا بمهام ترجمة القرآن الكريم، ألا وهو المستشرق الفرنسي الشهير جاك بيرك. ولقد كان لحركة الترجمة الغربيّة للقرآن الكريم تاريخ طويل، يضرب بجذوره في أعماق العلاقة بين الإسلام والغرب، ولم يكن ذلكم الصنيع سبيلًا للتقارب مع الإسلام أو تمهيدًا لحوار حضاري جاد بين الشرق والغرب.

وقد تبدّى لنا ذلك من خلال الدراسة النقديّة لترجمة جاك بيرك عدم توفيق المترجم في ترجمة معاني أسماء السور نتيجة إهماله السياق العام للصورة أو أحد السياقات المتعلّقة بها، مع اضطراره أحيانًا إلى نقل بعض السور بأصواتها، ممّا يفقدها بعضًا من دلالتها المنوطة بها. وقد كان المترجم كثير التصرّف في معاني القرآن الكريم، ممّا يبعدها عن مغزاها الحقيقي دون الالتزام بالضوابط والقواعد، التي أثبتها لها علماء الإسلام، وكذا إهماله لعنصر السياق في تحديد دلالة الكلمة أو العبارة في سياق الآي الكريمة. والملاحظ أنّ عقيدته المسيحيّة مثّلت الحيلولة دون الوقوف على الدلالات الصحيحة لبعض الآيات القرآنيّة مع عدم اهتمام المترجم بخاصيّة النسق والنظم القرآني، ممّا أفضى إلى تناول النصّ في أثناء الترجمة إلى أنّه يمثّل ألفاظًا معجميّة مفردة، تستدعي ترجمة حرفيّة. وتجدر الإشارة إلى أنّه تعامل مع النصّ القرآني كتعامله مع بقيّة النصوص، فهو نصّ مجرّد من كلّ قداسة، وهو ما ارتآه المستشرقون من إستراتيجيّة غذّاها الاتجاه الديني لديه، والفلسفة الغربيّة منذ بداية هذا الفعل الترجمي.

الكلمات المفتاحيّة: الترجمة، القرآن، الاستشراق الغربي، الصراع الفكري، جاك بيرك، عالم النفس، السياق اللغوي، المنهج، السياق.

توطئة
لقد كان لحركة الترجمة الغربيّة للقرآن الكريم تاريخ طويل يضرب بجذوره في أعماق العلاقة بين الإسلام والغرب، بحيث لم تتوقّف همّة الغربيّين يومًا عن الاهتمام بالقرآن الكريم ترجمةً وبحثًا، وتصنيفًا ونقدًا، وجمعًا للوثائق والمخطوطات، ونشرًا وتحقيقًا للمؤلّفات التراثيّة حوله. وما تجب الإشارة إليه في هذا السياق، أنّ الاهتمام الغربي بذلك الكتاب لم يكن سبيلًا للتقارب مع الإسلام، أو تمهيدًا لحوار حضاري جادّ بين الشرق والغرب. ولعلّ ذلك الاهتمام قد أصبح مثارًا لتساؤلات ترقى إلى درجة التعجّب والحيرة في ظلّ غياب الثمرة النافعة المرجوّة.
وفي ضوء نهج محاكمة القرآن -إن صحّ التعبير- الذي اتخذه الغربيّون نهجًا لهم، كانت ترجمة ذلك الكتاب من بين الفضاءات التي اهتمّ بها المستشرقون، كما يعدّ تعامل هؤلاء مع النصّ القرآني مسألة محوريّة، وما زالت؛ لأنّها تجمع بين النصّ المركزي في الحضارة العربيّة الإسلاميّة، وبين الترجمة باعتبارها القناة الواصلة بين العمل الاستشراقي والحضارة التي يُتّخذ منها موضوعًا للدّرس.

ولقد كان الاستشراق الغربي في هذا الحقل المعرفي هو المبادر الأوّل للترجمة قبل الترجمة الإسلاميّة، فاتّسعت دائرته عبر السنين، ولم يجد المستشرقون عوائق في ذلك، فقد انطلقوا في الترجمة من دون استحضار رخصة الجواز الشرعي، ولا قواعد البيان وفنونه، ثمّ إنّهم اكتسبوا ذلك من موقع ترجمة كتابهم المقدّس، وهكذا ولجت هذه العمليّة مختبر التشويه والتغطية والطمس في ملابسات كهذه.
وتشكّل الترجمة بحقّ وسيلة من وسائل الاتصال الحضاري والثقافي بين الشعوب، وسبيلًا من سبل نقل المعارف والعلوم والخبرات المتباينة من حضارة إلى أخرى... «ولمّا شرع الغرب في تلمّس مخرج من ظلام العصور الوسطى يمّم وجهه شطر العالم الإسلامي يستلهم حضارته ونظمه عبر واحدة من أوسع حركات الترجمة، التي شملت كما يقول -لويس يونغ- جميع المجالات، ومن خلالها تركت الحضارة الإسلاميّة بصماتها على جميع المستويات، وأسهمت بقدر غير قليل في تنوير القارّة الأوروبيّة المظلمة»[2].

وفي ظلّ هذه الحيثيّات الدقيقة التي مرّت بها أوروبا، كان القرآن الكريم من أوائل الترجمات التي عرفتها لغات الغرب، كما كان أكثرها من جهة حرص الغربيّين على نقله إلى سائر اللغات الأوروبيّة.

اهتمام الغربيّين بترجمة القرآن الكريم
لا نرتاب شرو نقير أنّ بداية الترجمة الغربيّة كانت دينيّة خالصة، وكان أوّل عمل منجز باللاتينيّة قد ظهر داخل الأديرة النصرانيّة المشهورة بدير كلوني في فرنسا (Cluny) عام 1143م، وقد أطلق عليها المرحلة الكلونيّة، وامتدّت إلى عام 1698م، وقد اتّسمت هذه الترجمة اللاتينيّة بتحريف قاس قطع العلاقة بين النصّ الأصلي والنصّ المترجم، ممّا حذا بالمستشرق الفرنسي الشهير ريجيس بلاشير أن ينتقدها.

أمّا المرحلة الموالية فهي الوسيطة، وقد أنجزت من قبل القسّ الإيطالي مراكشي، وطبعت سنة 1698م، وكانت أكثر دقّة، موازنة بالترجمة المذكورة أعلاه، بسبب ما توافر للمترجم من مصادر ومراجع ومستندات، إلا أنّ الدكتور عبد الرحمن بدوي وصمها بالسذاجة، وأنّها بعيدة كلّ البعد عن معاني النصّ الأصلي، حافلة بالأخطاء والمجادلات اللامعقولة[3].

وتلاقينا المرحلة الحديثة والمعاصرة حيث بدأت مع اشتداد عود الاستشراق واستقرار مدارسه في منتصف القرن 19، واطّلاعه على ذخائر التراث العربي والإسلامي وكنوزه. وإذا كان هناك نقد لمسار الحركة الاستشراقيّة فيما سبق أعلاه، فلا يكون ذلك من قبيل نكران ما قد وفّق فيه بعض المستشرقين المنصفين في تقديمه للأمّة العربيّة والإسلاميّة من نفع في البحوث والدراسات. وبصدد ذلك يورد الباحث مصطفى محمود في تقديمه لكتاب (فلسفة الاستشراق): «لكن آثار الاستشراق لم تكن كلّها سلبيّة، فقد كان هؤلاء الأجانب أصحاب فضل في الكشف عن التراث، وفي الصون والتقويم، والفهرسة، والتصنيف والترجمة، والتأليف، والتحقيق العلمي، وفي إنشاء دوائر المعارف، وفي جمع المخطوطات من كلّ مكان»[4]. غير أنّ الإشكال، رغم هذه الجهود المفضية، هو أنّ ترجمتهم قدّمت نفسها كوسيلة من وسائل الصراع الفكري الجاري بين الإسلام وتراثه وحضارته وعالميّته، وبين المركزية الغربيّة بما تحمل من تراث وعقائد وشعائر وأطروحات، وكذا الحقد الدفين الذي يحمله كثير من أعلامها. والملمح، بعد الاطلاع على ما دوّنه كثير من المستشرقين، أنّهم عمدوا إلى خلق حاجز نفسي -كما أصمه- أمام القرآن الكريم بوساطة الترجمات، وما نلمسه جليًّا في منهجهم الذي تحرّوه، ولنا في ذلك مثال واضح لدى المستشرق الفرنسي الشهير جاك بيرك، فقد عمد هؤلاء إلى التصرّف في معاني النّص، وإغفال النصّ العربي الذي ينطوي على الإعجاز النظمي، وكذا إعادة ترتيب سور القرآن الكريم، والتكلّف في الزيادة والحذف، وما إلى ذلك ممّا لا يتّسع صدر المقال للإحاطة به من حيث البحث والدرس والتحليل.

ولذا، فقد ارتأيت أن أتناول في هذه المقاربة النقديّة أحد كبار المستشرقين الغربيّين، وهو المستشرق الفرنسي جاك بيرك؛ لما له من شهرة واسعة في ترجمة القرآن الكريم في هذا العصر.

جاك بيرك وترجمة القرآن الكريم
أوّلًا- التعريف بالمستشرق جاك بيرك Jacques Augustine Berque
(04 يونيو 1910م- 27 يونيو 1995م)
يعدّ المستشرق الفرنسي الشهير جاك بيرك من كبار مترجمي القرآن الكريم في العصر الحديث، ولد في 04 جوان 1910م بفرندة الواقعة في الجنوب الغربي الجزائري، فكانت المهد الذي ترعرع فيه تحت ظلّ الصنوبر صيفًا، وفي دفء الشمس في الفصول الأخرى، وكان يقضي ألذّ أوقات شبابه في المطالعة والثقافة والمعرفة، فكان بحقّ رجل طلعة. وكان أبوه أغستن بيرك Berque Agustيn محافظًا إداريًّا بفرندة، اشتهر في علم الاجتماع نظرًا لمهارته في اللغة العربيّة، وقد اجتهد في غرس لغة الضاد وثرواتها الواسعة في ذهن ابنه جاك. وحين بلغ هذا الأخير السادسة من عمره، كان من بين تلاميذه الذكور بمدرسة ابن خلدون القريبة من بيته في سنة 1916م، حيث تلقّى لغة التنزيل وأحبّها. كثرت معارف جاك بيرك، وكان أكثر التصاقًا وحبًّا بمن يتوسّم فيهم الحكمة والدراية من معلّمين وتلاميذ، نزل بالمغرب لدراسة علم الاجتماع، وكان أحد أساتذة Collège de France المبرّزين، وشغل عضوًا من أعضاء مجمع اللغة العربيّة بالقاهرة، ترجم القرآن الكريم، واستغرقت ترجمته له ست عشرة سنة، اعتمد فيها على عشرة من كتب التفسير التي كانت مصاحبة له في أثناء عمله هذا، وكان أوّلها تفسيري الطبري والزمخشري، وتفسير جمال الدين القاسمي من التفاسير الحديثة، غير أنّ الباحثة أمينة الدردور ارتأت أنّه اهتمّ بحرفيّة الألفاظ ودلالاتها المعجميّة ومعانيها السطحيّة[5]، وهو ما سنحاول الوقوف عليه في تضاعيف هذا البحث.

أمّا أهمّ ما ميّز هذه الترجمة، فقد تمثّل في وضعه لمقدّمة بمائة صفحة، توضّح الكثير من الجوانب الخاصّة بالقرآن الكريم، غير أنّ المترجم بيرك كاد أن يجمع كلّ المطاعن والشبهات حول هذا الكتاب ممّا اشتملت عليه تلكم المقدّمة، وذلك نحو عدم وجود نسخة مكتوبة لكتاب الله تعالى إلّا في عهد عثمان. كما أدّى ترتيل الكتاب العزيز وتجويده إلى اختلاف معانيه، وكذا وجود أخطاء عجز المفسّرون عن الدفاع عنها، أو أن يجدوا لها مخارج، وما إلى ذلك من المزاعم، ولعلّ هذا الصنيع يُدرج ضمن ما درج عليه كثير من المستشرقين نحو ما وضعوه من مقدّمات تفسيريّة، وملاحق شارحة ليس لها أدنى قربى بمضمون النصّ القرآني المترجم وما ينشده، ونألف ذلك -على سبيل التمثيل- فيما تضمّنته ترجمة جورج سال G. Sale من مقدّمة جدليّة ضدّ القرآن الكريم، ونلحظه أيضًا في مقدّمة ترجمة ريجيس بلاشير الذي شكّك في سلامة تدوين القرآن الكريم أيّام النبيّ رغم ثناء الدكتور صبحي الصالح على ترجمة هذا المستشرق الشهير.

أ- ترجمة القرآن الكريم عند جاك بيرك
بادئ ذي بدء نسجّل في مستهلّ هذا الحيّز من البحث اعتراف هذا المستشرق الفرنسي أنّ محاولته ترجمة معاني القرآن الكريم ليست سوى محاولة لتفسير معانيه، وذلك يتّضح بجلاء من عنوان الترجمة التي وضعها، ألا وهي: Essai de traduction، لأنّ الترجمة الحقيقيّة للنّص القرآني مستحيلة، فألفاظ وعبارات هذه البنية النصيّة لها مدلولات ومؤشّرات عميقة وكثيفة، تعجز اللّغة أن تنقلها بكلّ ما تحتويها من معان ظاهرة وخافية، أضف إلى ذلك ما يكتنف الترجمة في حدّ ذاتها من إشكالات طرقها علماء التخصّص في حقول معرفيّة مختلفة. ويظهر أنّ اعتراف جاك بيرك السالف الذكر لا يشفع له وقوعه في أخطاء مسّت الدلالة في أثناء ترجمة القرآن الكريم تستدعي المزيد من الإصرار على المراجعة، ومحاولة التصحيح والتصويب، وما إلى ذلك بسبيل. وهو مجال فيما نرى لن يغلق أبدًا ما دام عالم التفسير وعالم الترجمة مفتوحين دومًا للبحث والتنقيب.

وسنحاول من خلال هذه المقاربة النقديّة وضع يدنا على الجرح فيما تراءى لنا من ترجمة جاك بيرك للقرآن الكريم، ولعلّ ما أفضى بالمستشرق الفرنسي المترجم إلى الوقوع في بعض المزالق آيب إلى القواعد المنهجيّة، التي تحرّاها من سبقوه في عمليّة الترجمة. وقد اضطلعت في هذا الصدد بتقسيم هذا البحث إلى قسمين: عنونت القسم الأوّل بترجمة معاني أسماء السور، ووسمت الثاني بترجمة آي الذكر الحكيم في ضوء سياق النّص القرآني.

ثانيًا: ترجمة معاني أسماء السور
لم يوفّق المستشرق الفرنسي جاك بيرك في ترجمة معاني أسماء السور؛ نظرًا لإهماله السياق العام للسورة، أو أحد السياقات المتعلّقة باسم السورة -ممّا سنوضّحه لاحقًا- كما أنّه لم يراع السياق اللّغوي حتّى يتبيّن له معنى السورة أيضًا. ولا يغرب عن الذهن في هذا المجال المعرفي أنّ أسماء السور وحدة متكاملة تعكس الرسالة القرآنيّة في هيكلها الحضاري بجوانبه الروحيّة والماديّة والعقليّة، وفي شمولها الحياة الكونيّة والفرديّة والاجتماعيّة...إلخ. وأشير إلى أنّي أثبتّ أسماء السور حسب تسلسلها في المصحف الشريف، واقتصرت على بعض هذه الأسماء التي تجلّى فيها انحراف المترجم عن الترجمة الصحيحة وإخفاقه في مسعاه، وهي كالآتي:

1- سورة الفرقان: حيث ترجمها جاك بيرك بـ (Critère)[6] الدّال على المعيار أو الميزان، ونحن نعلم جيّدًا أنّ كلمة الفرقان قد وردت في هذا السياق بمعنى القرآن. ويتجلّى ذلك في قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾[7]، ولو ترجم المترجم اسم السورة بـ (Forkanne) لكان أسلم له، ولكان ذلك متّسقًا مع منهجه الذي انتهجه في ترجمة بعض السور، فنقلها بأصواتها وذلك نحو: الحجر (Al-Hijr)، وطه (Taha)، ويس (Yasin)، وص (adا)، والأحقاف (Al-Ahqâf) والقلم (Nûn ou le Calame)، والجنّ (les Djins)، وهذا يضاهي صنيع المستشرق الألماني هيننج في نقله بالحرف الألماني أسماء بعض السور نحو: هود والحجر، وطه ولقمان، ويس وص، والأحقاف ومحمّد، وق، وهي كلّها أسماء أعلام.

2- سورة الزمر: أمّا اسم هذه السورة فقد ترجمه بيرك بـ (par vagues)[8]، التي تدلّ على الموجات، وهي دلالة غير دقيقة من حيث السياق، إذ وردت الكلمة في قوله جلّ ثناؤه: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا﴾[9] وكلمة الزمر هي جمع زمرة التي تعني الفوج، أو الجماعة المتجانسة في المرتبة والمبادئ، ولو أنعمنا النظر في الآية لكان المراد بكلمة «زمر» الطوائف، وذلك حسب ترتيب درجات إيمانهم وطاعتهم، وتكون الترجمة الصحيحة المناسبة وحسب السياق هي: Les groupes homogènes.

3- سورة الذاريات: كانت ترجمته لها بمعنى (vanner)[10] وهي بمعنى ذرى، وهو فعل ومصدره الذرو، وليس هو المعنى الحقيقي للسورة، الذي ورد في صيغة صفة مجموعة كما في الآية الكريمة: ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا﴾[11]، والملحوظ أنّ الصفة جاءت متعدّية إلى المصدر من مادّتها الواقع مفعولًا مطلقًا للتوكيد، وهناك فرق بين التعبير بالمصدر أو الصفة التي قامت مقام الموصوف في الآية الكريمة وهو (الرياح)، والأصوب الأدقّ أن يترجم اسم السورة (Les vents vanneurs).

4- سورة عبس: حيث جاءت الترجمة لدى بيرك بـ (L’air sévère)[12]، ويظهر أنّ الترجمة غير دقيقة أيضًا، وتكون الترجمة الصحيحة إذن هي (Il a froncé les sourcils).

5- سورة العاديات: كانت الترجمة بمعنى (galoper)[13]، والصحيح أن يراعى في ترجمتها المستوى الصرفي، والحقل الدلالي في السياق، فكان بإمكان المترجم أن يقول (les chevaux qui galopent)، وذلك أنّ العاديات هي الأفراس تعدو، فقد أقسم تعالى بالخيل التي تضبح، وهو ما ذهب إليه عامّة المفسّرين وأهل اللّغة[14]، والضبح صوت أنفاسها إذا عدون.

وقد ألفينا صاحب الترجمة يترجم سورة الإسراء بـ (le trajet nocturne ou les filsd’Israël)، ولا نجد أيّة علاقة بين العبارة الأولى والثانية في ترجمة بيرك. كما ترجم سورة الروم بما لا معنى له إلى العاصمة الإيطاليّة (Rome)، وسورة فاطر بـ (Créateur intégral ou lesanges)، والمُلك إلى (La royauté)، والشرح إلى (épanouissement)، والنصر إلى النجدة المنتصرة (Le secours victorieux)، والإخلاص إلى (La religionfoncier).
وهكذا نستنج أنّ جاك بيرك لم يلتزم في ترجمة بعض معاني أسماء السور القرآنية بالوقوف على سياقاتها المختلفة، كما لم يعر اهتمامًا كبيرًا بما تعكسه السورة من معنى عام له علاقة باسمها. وكان أحيانًا ينقل بعض أسماء السور بحروف فرنسيّة، ممّا يفقد اسم السورة دلالتها المنوطة بها، وأحيانًا يترجم الترجمة الحرّة فيعتمد فيها على أوائل الآيات، كما لم نستبعد أن يكون المترجم حرًّا في أن يدخل في المعاني ما يشاء، لأنّه في النهاية ما هو إلّا ذات قد تحمل في كيانها تعصّبًا لمركزيّة حضاريّة غربيّة، فزجّ بالقرآن الكريم في هذا الإجراء، وقد نجزم بدون تحفظ أنّها لم تكن بريئة.

ب- ترجمة آي الذكر الحكيم في ضوء سياق النص القرآني
نستطيع التقرير أنّ المستشرق الفرنسي جاك بيرك كان بمنأى عن المعنى الدقيق في كثير ممّا ترجمه لمعاني الكلمات في سياق الذكر الحكيم. ولعلّ ذلك راجع إلى اهتمام المترجم بحرفيّة الألفاظ، ودلالاتها المعجميّة، ومعانيها السطحيّة، وتأثّره بنقول المفسّرين، وأصحاب المعاجم دون تصحيحها سياقيًّا، ولذا ارتأيت في هذا الحيّز من البحث أن أتكئ على المنهج السياقي في دراسة الآي بكلّ ما يحمله من معنى في تفسير الدلالات، وبخاصّة في مثل هذه المقاربة النقديّة لأحد كبار المترجمين للقرآن الكريم.
ولعلّ من أخطر المشاكل الدّلاليّة في الترجمة اختلاف التوزيع السياقي للكلمات التي تبدو مترادفة في لغتين، إذ تعدّ مترادفة في معناها عند ترجمتها فتوضع إحداها في مقابل الأخرى في الترجمة، ولكنّها قد تختلف في تطبيقات الاستعمال، أو في السياقات اللغويّة التي ترد فيها[15]. وهكذا نلمح أنّ اختلاف المعنى في الكلمة الواحدة يفسّر على أنّه اختلاف في التوزيع في سياقات متعدّدة، ولذلك فلمّا تكون العلاقات السياقيّة بين الكلمات متطابقة في لغتين إلاّ تمّ عن طريق الترجمة الحرفيّة[16] التي كثيرًا ما توقع صاحبها في أخطاء شنيعة. وبناءً على هذا كان من أهمّ ميّزات المنهج السياقي أنّه يحدّد مجالات الترابط والانتظام بالنسبة لكلّ كلمة، ممّا يعني تحديد استعمالات الكلمة في اللّغة، وتحديد هذه المجالات يساعد على كشف الخلاف بين ما يعدّ ترادفًا في اللّغات؛ لأنّه من النادر أن تأخذ الكلمات التي تعتبر مترادفة في لغة ما نفس السياق أو التجمع اللّغوي المماثل في نفس اللّغة، أو في لغة أخرى، وهو أمر لازم لمن يريد استخدام اللغة أو لمن يشتغل بالترجمة من لغة إلى أخرى. ولو التزم المستشرق جاك بيرك -في اعتقادنا- بهذا المنهج في خوضه لعمليّة ترجمة القرآن الكريم لجنّبه ذلك كثيرًا من المزالق في هذا المسعى الحسّاس. كما أنّ السياق في التفسير عادة ما يهتمّ ببيان الخصائص النحويّة والصرفيّة، ويستخدمها في تحديد السياقات التي تقع فيها الكلمة، وهذا أمر مهمّ جدًّا لا يمكن إغفاله عند التفسير أو الترجمة.

وسنحاول الوقوف من خلال هذا العمل النقدي على بعض الكلمات الأمثلة المترجمة في السياق القرآني لعلّها توضّح أكثر ما ندّعيه ونذهب إليه، وهي كالآتي:

1- التوبة، وذلك نحو قوله عزّ وجلّ: ﴿فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾[17]، فقد ترجمها بيرك كالآتي:
Or Adam recueillit de son seigneur certaines paroles, le sur lui s’était repenti, car il est l’enclin au repentir le miséricordieux[18].
والمعنى من ذلك هو أنّ الله تعالى الذي تاب، وليس آدم عليه السّلام، لأنّه تعالى يميل إلى التوبة كما زعم المترجم. وفي موضع آخر من السورة نفسها يترجم قوله جلّ ثناؤه: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾[19] بما يأتي:
Et pourtant, il s’est repenti à votre endroit, il est l’enclin au repentir, le miséricordieux[20].
ومعنى ذلك أنّه تعالى تاب بدلًا منكم لأنّه يميل إلى التوبة. والذي يتجلّى من ترجمة الآيتين أنّهما دالّتان على أنسنة الله تعالى، وهو تحريف واضح من المترجم، وقريب ممّا نحن بصدد بيانه قوله جلّ ثناؤه: ﴿ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾[21]، إذ كانت الترجمة: Malgré cela Dieu se repenti والمراد: en leur faveur[22]. وهي مع ذلك فلقد تاب الله لصالحهم. وما هو جدير بالذكر في هذا الموضع أنّ ترجمة آي الصفات الإلهيّة كانت بما يتّفق والنسق اليهودي النصراني في أنسنة الإله في العهد القديم، وتجسيده في العهد الجديد، وتلك الترجمة مماثلة لما ذهب إليه المستشرق الروسي الشهير كراتشوفسكي في ترجمته الحرفيّة لسورة الناس حيث قال: «إله الناس الذي يختبئ من شرّ الوسواس الذي يوسوس في صدور الناس»[23]. وهو ما نجده عند المستشرق اليهودي أندريه شوراكي في ترجمته ذات التعبيرات الحسيّة في مجال العقيدة، والتعبيرات الفاضحة في غيرها، وهي بذلك تربط القارئ مباشرة بألفاظ التوراة الحسيّة والفاضحة، ويظهر ذلك جليًّا في ترجمته لبعض الألفاظ نحو: الكفّار، الأميين، النبيّ، الرّسول، الجهاد، التي صكّها في قوالب ومدلولات عبريّة أخرجتها عن معانيها ومدلولاتها العربيّة[24].

2- صبغة: وذلك في نحو قوله تعالى: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾[25]، فكانت الترجمة:
Une teinture de Dieu! Mais qui peut mieux teindre que Dieu, quand nous l’adorons[26].
والمعنى صباغة من الله، لكن من ذا الذي يمكنه أن يصبغ أفضل من الله عندما نعبده.

ويتّضح أنّ بارك قد جانبه الصواب في عدم مراعاته لسياق النصّ، فترجم الكلمة ترجمة ماديّة، وهي في واقع الأمر لها دلالة معنويّة، فقد ذكر القرطبي في تفسيره: «صبغة الله، قال الأخفش وغيره دين الله، وهو بدل من ملّة، وقال الكَسائي: هي منصوبة على تقدير: اتبعوا أو الإغراء الزموا»[27]. كما ذهب الزمخشري إلى أنّه يصبغ عباده بالإيمان، ويطهّرهم به من أوضار الكفر، فلا صبغة أحسن من صبغته، وذلك أنّ الإيمان يطهّر النفوس، والأصل فيه أنّ النّصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمّونه المعموديّة، ويقولون هو تطهير لهم، وإذا فعل الواحد منهم بولده ذلك، قال: الآن صار نصرانيًّا حقًّا[28]. وقد تكون صبغة الله بمعنى الفطرة التي خلق عليها الناس[29]. ولعلّ ترجمتها الصحيحة تتّضح لدى المترجم محمّد حميد الله، وهي:

Nous suivons la religion d’Allah! et qui est meilleur qu’Allah en sa religion? C’est lui que nous adorons[30].
3- الضلالة: وتلاقينا كلمة الضلالة في غير موضع، حيث نألف المترجم قد تصرّف فيها من حيث الدّلالة، وذلك في نحو قوله جلّ وعلا:﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾[31]. فكانت الترجمة:
Ceux qui auront acheté l’errance contre la guidance eh bien! leur négoce n’aura pas gagné, ils ne se seront pas bien guidés[32].
ومعنى ذلك: أنّ الذين اشتروا الترحال والتجوال، أو التسكّع بالإرشاد إذاً، فإنّ تجارتهم الكبيرة لم تربح؛ لأنّهم لم يسترشدوا أنفسهم جيّدًا، وتعني الضلالة وفق سياق الآية الكفر والجنوح عن الحقّ. وقد ذكر ابن عباس أنّهم أخذوا الضلالة وتركوا الهدى، ومعناه: استبدلوا واختاروا الكفر على الإيمان[33]. والفرق شاسع بين مفهوم الضلالة في ضوء العقيدة الإسلاميّة -كما ألمحنا- ومعنى الترحال والتجوال كما زعم بيرك فيما فهمه وارتآه.

4- المحصّنات: لقد وردت هذه الكلمة في قوله عزّ وجلّ:﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾[34]. وقد جانب المترجم الصواب حين ترجمها، فذكر ما نصّه:

et encore les préservées d’entre les femmes, tenez-vous en à vos droites propriétés[35].
ولعلّنا نستغرب ما أفضى بالمترجم إلى هذا المعنى، إذ نجده يترجمها ترجمة حرفيّة لا تفي بالغرض، ولا تدلّ على المعنى المقصود المستفاد من سياق الآية، وهو المتزوّجات، ثمّ إنّ في الآية استثناء من حكم لم يظهر في الترجمة، إذ المعنى حسب السياق بدءًا من الآية الآتية: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ ... وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ فلا نعثر على المعنى المراد فيما ترجمه بيرك الترجمة الحرفيّة، وهنا تتجلّى أهميّة السياق في مجال الاتساق لكلّ كلمة. وهكذا فإنّ الترجمة السليمة لها هي:

et les femmes mariées sauf que vous en possédez comme esclaves.
5- مسلمون: كانت عقيدة المترجم المسيحيّة تتجلّى من حين لآخر، وهو ما نلحظه في لفظة «مسلمون» من قوله تعالى:﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾[36] فقد ترجمها بـ:

et que j’inspirai aux apôtres croyez en moi, et à mon envoyé, et ils disent: nous croyons, témoigne que nous somme de ceux qui se soumettent[37].
والمعنى: وكنت أوحي للحواريين: «آمنوا بي وبرسولي»، فقالوا: إنّنا نؤمن، أشهد بأنّنا من الذين يرضخون أو يخضعون. ويكون معتقده في هذا الموضع قد حال دون الترجمة الصحيحة لكلمة «مسلمون» في هذا السياق. كما نومئ إلى أنّها من الكلمات التي فرضها المستشرقون بغية تحريف معنى كلمة الإسلام، إذ وضعوا المقابل لها Soumission بمعنى الخضوع والمهانة في حين أنّ المعنى الدقيق لكلمة «إسلام» هو أن يسلم الإنسان أمره إلى الله تعالى بكلّ ثقة واطمئنان، فتكون الترجمة السليمة إذن هي: se remettre à Allah[38].

6- الأميّ: لقد استوقفتنا في هذا المجال من الدرس التحليلي النقدي كلمة «أمّي»، ففي أثناء ترجمته لها في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾[39]، أورد بيرك ما نصّه:

En faveur de ceux qui suivent l’envoyé, le prophète maternel[40].
ومفاد الترجمة: لصالح الذين يتبعون الرسول النبي الأموميّ أي من الأمومة، ويتبدّى جليًّا أنّه لا علاقة لكلمة «أميّ» بالأمومة أو الأم، إذ تدلّ الكلمة على عدم القراءة والكتابة كما نصّ على ذلك جمهور العلماء. ونورد في هذا السياق أنّه ليس هناك صفة من صفات النبيّ، أو أيّة آية قرآنيّة اجتمعت الترجمات الغربيّة على تحويرها مثل اجتماعها على تحريف هذه الصفة أي «الأميّ»، والعلّة في ذلك أنّ هذه الصفة المحوريةّ تبطل كلّ الادّعاءات والافتراضات والشبهات المثارة حول بشريّة القرآن الكريم ونبوّة محمّد ، إذ كيف لكونه أميًّا يستطيع أن يطالع نصوص الكتب المقدّسة عند اليهود والنصارى، ويدرسها فيشكّل منها مذهبًا دينيًّا متكاملًا ذاع صيته في ربوع المعمورة. واللافت للنّظر بصدد هذه الكلمة عند المترجم أنّه عندما وردت في سياق مباين من قوله جلّ ثناؤه: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾[41] نجده يترجمها مراعيًا سياقها ومغايرًا بذلك الترجمة الآنفة للكلمة، فيقول:

Il s’en trouve parmi eux d’incultes, qui ne connaissent l’écrit qu’à travers leurs appétences[42].
ومعنى ذلك، أنّه يوجد بينهم أناس بلا ثقافة فكريّة لا يعرفون المكتوب -ويقصد به القرآن الكريم- إلّا من خلال نزعاتهم الغريزيّة. ولم يتفرّد جاك بيرك بتحوير صفة الأميّة عن معناها الحقيقي، بل نجد ذلك في جلّ الترجمات الغربيّة، فهذا المستشرق الشهير ريجيس بلاشير يترجم «النبي الأميّ» الواردة في نصّ الآية إلى Prophète des gentils، ويعني ذلك نبيّ غير اليهود أي نبيّ الوثنيّة. كما نقف عليها لدى دينيسي ماسون بمعنى Prophète des infidèles وهي نبيّ الكفرة[43]. وهذه الترجمات الغربية لكلمة «أميّ» إلى معاني الوثنيّة أو الشرك، أو الكفر، أو ديانة غير الكتابيين في تضاعيف كتب المستشرقين، إنّما تخدم إلى جانب ربط الإسلام، والقرآن الكريم، والنبي صلّى الله عليه وسلّم باليهوديّة والنصرانيّة من جهة التعلّم والاقتباس، منها قضيّة -نخالها- محوريّة تمثّلت في نفي عالميّة الإسلام، وشمول دعوته اليهود والنصارى، إذ كانت الآي المقرّرة عالميّة الإسلام هدفًا آخر لعمليّات التحوير الاستشراقي في الترجمة.

ولعلّ ما يضاهي هذا التصرّف في المعنى لدى بيرك بتأثير الخلفيّة العقيديّة ما استوقفنا لدى المستشرق ريجيس بلاشير في ترجمته لكتاب الله العزيز، وما اتّصل بالأسماء فيه، فلئن ألفيناه يترجم اسم النبيّ موسى عليه السّلام مثلًا مبقيًا على لفظه العربي مع كتابته بالحرف اللاتيني (Mussasa) عوضًا عن الاسم الفرنسي أي (Moise)، فإنّ هذا المستشرق يترجم الذات الإلهيّة في بعض المواطن لا بـ»الله» أو «الرّب» كما ترجم اسم «موسى» أي بكتابة الاسم العربي بالحرف اللاتيني بل بلفظة (Seigneur)، وقد رأى بعض الدّارسين في ذلك قصدًا من بلاشير إلى نفي الإطلاق عن الله (أي إله المسلمين الذي هو إله الكون أيضًا)، بجعله إلهًا بالذات، وهو في هذه الحالة «إله العرب»، وفي معرض ترجمة بلاشير للفظ الذات الإلهيّة الاختلاف من سياق إلى آخر كما صنع بيرك مع لفظة «أميّ». فمثلًا في سياق يتعلّق بالنبيّ موسى يترجم بلاشير «الله» بـ (Allah)، وذلك في نحو قوله تعالى: ﴿قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا﴾[44] فيترجمها بما يلي:

Mais Moise répondit: s’il plait à Allah tu me trouveras patient[45].
أمّا في قوله تعالى: ﴿قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾[46] فيترجمها بما هو آت:

Aussi sera-t-il dit l’ange «ton seigneur a dit cela est pour moi facile»[47].
فهل يكون ما يتّصل بأمور العقيدة المسيحيّة دافعًا ببلاشير إلى ترجمة ما يحيل على الذات الإلهيّة بـ (seigneur)، وما عدا ذلك لا يرى فيه بأسًا من ترجمته بـ (Allah)؟ وهو نفس التأويل الذي تأولّه المستشرقون عن كلمة «أميّ»، ومن بينهم بيرك في ترجمته القرآن الكريم، وهذا بفعل العقيدة المسيحيّة ليس إلّا.

7- الألباب: وردت هذه الكلمة في مواضع عدّة من القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[48]، وقد ترجمها بيرك بقوله: (Ceux dotés de moelle[49])، وتعني الترجمة أصحاب النخاع، وإذا كانت لفظة النخاع تدلّ في معناها المجازي في اللّغة الفرنسيّة على لبّ الشيء وأهمّ ما فيه، فإنّ ورودها مقابلًا للفظة «الألباب» القرآنيّة يعدّ إخلالًا واضحًا بالمقصود من الترجمة، الذي هو محاولة إفادة القارئ الأعجمي بما هو قريب من المراد من الآية الكريمة. وما تجدر الإشارة إليه في هذا الموضع أنّ لفظة «الألباب» وردت ستّ عشرة مرّة في القرآن الكريم، ترجمها المترجم جميعًا بلفظة «النخاع»، ولم يحاول ولو مرّة واحدة أن يجاري زملاءه من مترجمي القرآن الكريم أمثال دنيس ماصون، ومحمّد حميد الله، وحمزة بوبكر وغيرهم ممّن ترجموا عبارة «أولي الألباب» بأولي العقول[50].

الذكر: وذلك في نحو قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾[51]، فقد وردت الترجمة كما هو آت:

C’est un rappel pour ton peuple et pour toi demain vous serez questionnés[52].
ونلمح هنا -بما لا يغيب عن عاقل- أنّها ترجمة حرفيّة لم يراع فيها مقتضيات السياق الذي يشير إلى أنّ الذكر في هذا الموضع هو الموعظة والاعتبار، كما يتّضح ذلك في سياقات مختلفة من التنزيل نحو: ﴿ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ﴾[53]، وقوله: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ﴾[54]، و﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾[55]، و﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾[56]، و﴿وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا﴾[57]، ولذا فقد كان على المترجم حسب السياق أن يترجم معنى الذكر بـ (Prêche) أي الموعظة والاعتبار كما في الآيات الآتية أيضًا، وذلك قوله عزّ وجلّ: ﴿وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾[58]، إذ العطف في الآية عطف تفسير، وبيانه في الآيتين الكريمتين: ﴿هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ﴾[59]، و﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾[60]، فوصفه للقرآن بأنّه موعظة للمتّقين قريب من قوله تعالى: ﴿وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا﴾[61]، وقد غاب عن بيرك أنّ القرآن الكريم يفسّر بعضه بعضًا، فقد نجد دلالة كلمة ما في غير ما آية، وهو موضوع أفاض فيه القول علماء الإسلام من المفسّرين واللّغويين.

9- أنْزل: قلّما كان صاحب الترجمة مراعيًا لسياق النصّ القرآني، ففي قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾[62]، كانت الترجمة:

Il fit descendre pour vous huit demi-paires de bétail[63].
والملاحظ لترجمته للفظ (أنزل) بالمعنى الحرفي لا يؤدّي المراد منها في السياق، إذ معنى الفعل في هذا الموقع هو خلق، كما يتبدّى في آي أخرى ضرب قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾[64]، و﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾[65]، وقد تنبّه إلى ذلك ثلّة من المفسّرين فذكروا له معنى الخلق، أي خلقنا الحديد من المعادن، وعلم الناس صنعته[66]. ونجد ترجمته الحرفيّة بما يضاهي هذه الآية التي سلّطنا عليها الدراسة في نحو قوله جلّ ثناؤه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾[67]، فأثبت قائلًا:

quoi de plus unique que de fabuler sur Dieu un mensonge ou de dire: il m’a été révélé, ou bien: je vais faire descendre l’analogue de ce que Dieu a fait descendre[68].

والملاحظ أنّ هذه الترجمة فضلًا عن عدم دقتّها في نقل المعنى إلى الفرنسيّة عمومًا، فهي حرفيّة لم تتوخ المعنى المقابل للفعل (أنزل) في الفرنسيّة حسب هذا السياق، أي في «سأنزل»، ومعناه سآتي أو سأقول كما في الآية الكريمة: ﴿لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾[69]، وليس معناه كمعنى (أنزل الله)، وإنّما جيء بالفعل (أنزل) مسندًا إلى البشر ههنا، وليس معناه كمعنى الذي بعده، لأنّه ورد في سياق المشاكلة (أي سأنزل مثل ما أنزل الله). وقد أورد في هذا الموضع من البحث المفسّر محمّد علي الصابوني، وهو يفسّر آية الأنعام الآنفة الذكر قائلًا: «أي ومن ادّعى أنّه سينظم كلامًا يماثل ما أنزله الله كقول الفجّار: «لو نشاء لقلنا مثل هذا»، قال أبو حيان: نزلت في النضر بن الحارث ومن معه من المستهزئين لأنّه عارض القرآن الكريم بكلام سخيف لا يذكر لسخفه»[70].

ومن سيماء عقيدة المترجم المسيحيّة ما اتّضح جليًّا في ترجمته لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾[71]، فذكر قائلًا: Ils croient au mystère[72]، والمقصود بذلك: الذين يؤمنون بالسرّ الكنسي المتعلّق بالمسيح والثالوث. كما نجد في موضع آخر -بالنسبة للمسجد الحرام- ترجمتين مختلفتين له إحداهما كما في سورة التوبة[73] (le sanctuaireconsacré) وكلمة (sanctuaire) يقصد بها جزءًا من الكنيسة حول المذبح تتمّ فيه المراسم الطقسيّة[74]. والثاني في سورة الإسراء[75] حيث ترجمها بـ (L’oratoire consacrée)[76] وكلمة (oratoire) تعني كنيسة صغيرة من أجل استخدام جماعة معيّنة. وهكذا يتبدّى لنا مدى ظهور تلك المسحة العقيديّة المتجلّية عند جاك بيرك، وذلك بتحويله الاصطلاحات والمسمّيات الإسلاميّة هنا وفي غير هذا الموضع إلى اصطلاحات ومفاهيم نصرانيّة خالصة.

الخاتمة
ونستطيع أن نقول في ختام هذه المقاربة النقديّة لبعض آي الذكر الحكيم ممّا ترجمه المستشرق الفرنسي بيرك أنّنا لم نستطع أن نحيط بكلّ الترجمة لضيق صدر المقال، كما أنّ ذلك يحتاج إلى مادّة أوفر وأغزر وأشمل قد تكون بمثابة مؤلّف في هذا الباب، وكما قيل قديمًا: ما لا يُدرك كلّه لا يُترك كلّه.
ويظهر لنا أنّ المستنتج من وراء هذه المدارسة هو ما يأتي:
نجاح جاك بيرك إلى حدّ كبير -فيما نعتقده من خلال التحليل- في صرف أنظار الغربيّين وإبعادهم عن المعاني العظيمة في القرآن الكريم.
عدم استفادة المترجم -إلّا قليلًا- من معطيات السيمونتيك (علم الدّلالة)، والسيموتيك (علم الرموز) في ترجمته لمعاني القرآن المفردة أو المركّبة، وأهمّ ذلك ما يتّصل بمنهج السياق.

التصرّف في معاني القرآن الكريم دون الالتزام بالضوابط والقواعد التي وضعها أعلام الإسلام، وذلك لأنّ الإخلال بهذه الوسائل من شأنه أن يسيء إلى هذه المعاني بدلًا من خدمتها، فضلاً عن كون الترجمة محاولة -ليس إلّا- من لدنه لتفسير معاني القرآن كما يفصح عن ذلك عنوان ترجمته، علمًا بأنّ ألفاظ وعبارات ذلك الكتاب تتّسم بمدلولات ومؤشّرات عميقة وكثيفة.
عجز المترجم في تحديد المعاني الدقيقة لأسماء السور، إذ لم يراع السياق اللغوي في الوقوف على معانيها من خلال المعنى العام للسّورة، وكان أحيانًا ينقل أسماء السور بالفرنسيّة لعدم قدرته على ترجمتها الترجمة الصحيحة التي تتّسق والمنحى العقيدي والحضاري الذي تحمله.

حالت عقيدته المسيحيّة وخلفيّته الثقافيّة دون الولوج إلى المعاني الحقيقيّة والدقيقة للقرآن الكريم. ولعلّنا نورد في هذا الموضع أنّه بقدر ما على المترجم فهم تقنيّات الترجمة والإخلاص لها بقدر ما عليه الإخلاص للنصّ القرآني بمعرفة علومه وفنونه المصاحبة له عبر التاريخ، وهو الشيء الذي افتقدناه في ترجمة بيرك. ولا معنى لفصل القرآن الكريم وتناوله بانعزاليّة قاتلة. وهكذا نجدنا أمام ترجمة حرّة دون قيد أو ضوابط أو التزام منهجي يجنّبه التناقض والتضارب والمفارقات، ممّا نسم منهجيّته أحيانًا في الترجمة بالعشوائيّة.
عدم اهتمام المترجم بخاصيّة النسق والنظم القرآني، وهذه الخاصيّة ليست عرضًا ظاهريًّا أو منحى جانبيًّا في القرآن الكريم بل هي أهمّ الخصائص القرآنيّة، ممّا ترتّب على ذلك معاملة هذا النصّ في الترجمة على أنّه عبارة عن ألفاظ معجميّة مفردة تتطلّب ترجمة حرفيّة أفقدتها إيحاءها وجرسها.

تعامل جاك بيرك كغيره من المستشرقين مع القرآن الكريم كتعامله مع سائر النّصوص، فهو عنده نصّ من النّصوص مجرّد من كلّ اعتبار وقدسيّة، وهو الأمر نفسه الذي ذهبت إليه الحداثة حديثًا، علمًا بأنّ هذا النصّ ينماز -دون أدنى مريّة- عن النّصوص الأخرى بقداسته بالإضافة إلى علميّة علومه. وإذا كان جاك بيرك قد عجز في ترجمة القرآن الكريم كغيره من المستشرقين رغم المجهود المضني الذي بذله في هذا الصدد، فهذا آيب إلى انطلاقهم من إستراتيجيّة مغايرة غذّاها الاتجاه الديني لديهم والفلسفة الغربيّة منذ البداية، فكانت مباينة لما تقتضيه محدّدات الترجمة ذات الطابع الإسلامي الخالص التي ناشدها علماء الإسلام.


لائحة المصادر والمراجع
1. إبراهيم أنيس وآخرون: المعجم الوسيط، دار الفكر، الإشراف على الطبع: حسن علي عطيّة ومحمّد شوقي أمين.
2. أحمد مختار عمر، ط1، علم الدلالة، مكتبة دار العروبة، الكويت، 1988م.
3. بدوي عبد الرحمن، ط1، دفاع عن القرآن ضدّ منتقديه، دار الجيل، القاهرة.
4. الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر، الكشّاف، دار المصحف، القاهرة، تحقيق وتعليق: محمّد مرسي عامر، مراجعة الطبع: د. شعبان محمّد إسماعيل.
5. سعيد اللاوندي، إشكاليّة ترجمة معاني القرآن الكريم، مركز الحضارة العربيّة، القاهرة.
6. سمايلوفيتش أحمد، فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر، د.ط، دار الفكر العربي، القاهرة.
7. الصابوني، محمّد علي، صفوة التفاسير، مكتب البحوث والدراسات، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1421هـ/ 2001م، بيروت- لبنان.
8. عبد الراضي محمّد عبد المحسن، ط1، ماذا يريد الغرب من القرآن؟، 1427هـ/ 2006م، دار الكتب المصريّة.
9. عبد العزيز زينب، ط3، وجهان لجاك بيرك، النهار للطبع والنشر والتوزيع.
10. العزب محمود، إشكاليّات ترجمة معاني القرآن الكريم، دار النهضة، مصر.
11. فاشكيفتش نيكولاي، الفرقان في ترجمة معاني القرآن، مجلّة شمس الإسلام 2، لندن- موسكو، 1414هـ/ 1993م.
12. القاسمي، محمّد جمال الدين، ط1، محاسن التأويل، دار الكتب العلميّة، بيروت- لبنان، 1418هـ/ 1997م، المجلد 4، ضبط وتصحيح: محمّد باسل عيون السود.
13. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، المكتبة التوقيفيّة، القاهرة، تحقيق وإخراج: عماد زكي البارودي وخيري سعيد.
14. المراغي، أحمد مصطفى، تفسير المراغي، منشورات محمّد علي بيضون، دار الكتب العلميّة، بيروت-لبنان.
15. نصري أحمد، تاريخ ترجمة القرآن إلى اللّغات الأوروبيّة، دار الكتاب العلمي، بيروت-لبنان، تحقيق: محمّد عبد السلام أمين.

المصادر الأجنبيّة
1. Jacques Berque, Le Coran, essai de traduction, Albin Michel, S.A, Paris, 1995.
2. Régis Blachère, Le Coran traduit de l’arabe, Paris G.P. Maisonneuve, et la rose 1966.

---------------------------------
[1][*] تخصّص: فقه اللّغة، كليّة الآداب واللغات والفنون، جامعة سعيدة- الجزائر.
[2] د. عبد الراضي محمّد عبد المحسن، ماذا يريد الغرب من القرآن الكريم؟ ط1، 1427هـ/ 2006م، دار الكتب المصريّة، ص12.
[3] يُنظر: عبد الرحمن بدوي، دفاع عن القرآن ضدّ منتقديه، دار الجيل، ط1، القاهرة، 1937م، ص14.
[4] أحمد سمايلوفيتش، فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر، د.ط، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998م، ص4.
[5] ينظر أحمد نصري، تاريخ ترجمة القرآن إلى اللغات الأوروبيّة، تحقيق: محمّد عبد السلام أمين، دار الكتاب العلمي، بيروت- لبنان، ص77.
[6] Jacques Berque, Le Coran essai de traduction, Albin Michel, S.A, Paris, 1995, p 381.
[7] سورة الفرقان، الآية 1.
[8] Jacques Berque, Le Coran, p 493.
[9] سورة الزمر، الآية 73.
[10] Jacques Berque, Le Coran, p 567.
[11] سورة الذاريات، الآية 1.
[12] Jacques Berque, Le Coran, p 661.
[13] Jacques Berque, Le Coran, p 693.
[14] ينظر الزمخشري، الكشّاف، تحقيق وتعليق: محمّد مرسي عامر، مراجعة الطبع: د. شعبان محمّد إسماعيل، دار المصحف، القاهرة، ج6، ص249.
[15] ينظر د. أحمد مختار عمر، علم الدلالة، ط1، مكتبة دار العروبة، الكويت، 1982م، ص254-255.
[16]  ينظر د. أحمد مختار عمر، علم الدلالة، ط1، مكتبة دار العروبة، الكويت، 1982م، ص76.
[17] سورة البقرة، الآية 37.
[18] Jacques Berque, Le coran, p 22.
[19] سورة البقرة، الآية 52.
[20] Jacques Berque, le coran, p 24.
وينظر زينب عبد العزيز، وجهان لجاك بيرك، النهار للطبع والنشر والتوزيع، الطبعة 3، 2001، ص32.
[21] سورة المائدة، الآية 71.
[22] Jacques Berque, Le Coran, p 124.
[23] فاستكيفتش نيكولاي، الفرقان في ترجمة معاني القرآن، مجلّة شمس الإسلام 2، لندن، موسكو، 1414هـ/ 1993م، عن كتاب د. عبد الراضي، ماذا يريد الغرب من القرآن؟، ص100. وينظر سعيد اللاوندي، إشكاليّة ترجمة معاني القرآن الكريم، مركز الحضارة العربيّة، القاهرة، 2001م، ص57- 58.
[24] ينظر سعيد اللاوندي، إشكاليّة ترجمة معاني القرآن الكريم، ص131.
[25] سورة البقرة، الآية 137.
[26] Jacques Berque, Le Coran, p 44.
[27] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تقديم: هاني الحاج، تحقيق وإخراج: عماد زكي البارودي وخيري سعيد، المكتبة التوفيقيّة، القاهرة، المجلّد 1، الجزء 1، ص128.
[28] ينظر، الزمخشري، الكشاف، ج1، ص96.
[29] د. إبراهيم أنيس وآخرون، المعجم الوسيط، دار الفكر، المجلّد 1، ص506.
[30] ينظر د. عبد الراضي، ماذا يريد الغرب من القرآن؟، ص62.
[31] سورة البقرة، الآية 15.
[32] Jacques Berque, Le Coran, p 22.
[33] ينظر القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج1، ص12- 13.
[34] سورة النساء، الآية 24.
[35] Jacques Berque, Le coran, p 99.
[36] سورة المائدة، الآية 113.
[37] Jacques Berque, Le Coran, p 138.
[38] ينظر: زينب عبد العزيز، وجهان لجاك بيرك، ص45.
[39] سورة الأعراف، الآية 157.
[40] Jacques Berque, Le Coran, p 181.
[41] سورة البقرة، الآية 77.
[42] Jacques Berque, Le Coran, p 37.
[43] ينظر: د. عبد الراضي محسن، ماذا يريد الغرب من القرآن؟، ص98- 99.
[44] سورة الكهف، الآية 69.
[45] Régis Blachère, Le Coran, traduit de l’arabe, Paris, G.P Maisonneuve et la rose, 1966, p 325.
[46] سورة مريم، الآية 21.
[47] Régis Blachère, Le Coran traduit de l’arabe, pp 330- 331.
[48] سورة البقرة، الآية 179.
[49] Jacques Berque, Le Coran, p 49.
[50] ينظر: محمود العزب، إشكاليّات ترجمات معاني القرآن الكريم، ص34.
[51] سورة الزخرف، الآية 43.
[52] Jacques Berque, Le Coran, p 531.
[53] سورة ص، الآية 1.
[54] سورة يس، الآية 68.
[55] سورة ص، الآية 87.
[56] سورة القمر، الآية 40.
[57] سورة طه، الآية 110.
[58] سورة هود، الآية 120.
[59] سورة آل عمران، الآية 138.
[60] سورة يونس، الآية 57.
[61] سورة طه، الآية 113.
[62] سورة الزمر، الآية 6.
[63] Jacques Berque, Le Coran, p 477.
[64] سورة الحديد، الآية 25.
[65] سورة يونس، الآية 59.
[66] ينظر الزمخشري، الكشّاف، ج6، ص 86.
[67] سورة الأنعام، الآية 93.
[68] Jacques Berque, Le Coran, pp 151- 152.
[69] سورة الأنفال، الآية 31، وينظر أحمد مصطفى المراغي، تفسير المراغي، منشورات محمّد علي بيضون، دار الكتب العلميّة، بيروت- لبنان، ج7، ص160.
[70] محمّد علي الصابوني، صفوة التفاسير، مكتب البحوث والدراسات، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1421هـ/ 2001م، بيروت- لبنان، الجزء 1، ص375. وينظر القاسمي، محاسن التأويل، ضبط وتصحيح: محمّد باسل عيون السود، دار الكتب العلميّة، بيروت- لبنان، الطبعة 1، 1418هـ/ 1997م، المجلّد 4، ص432.
[71] سورة البقرة، الآية 3.
[72] Jacques Berque, Le Coran, pp292.
[73] سورة التوبة، الآية 9.
[74] Jacques Berque, Le Coran, p 197.
[75] سورة الإسراء، الآيات 7، 19، 28.
[76] Jacques Berque, Le Coran, p 292.