الباحث : د. خليل أحمد خليل
اسم المجلة : دراسات استشراقية
العدد : 40
السنة : خريف 2024م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث : September / 11 / 2024
عدد زيارات البحث : 94
الملخّص
لقد عمل الاستشراق منذ زمن على إنتاج نماذج راكنة ثابتة للموضوع الشرقي الموصوف بالتخلُّف حيث يُراد له أن يظلّ تابعًا، منقادًا، ووفق هذه الخلفيّة كان حراك المستشرقين في بلاد الشرق مع تعدّد في الموضوعات والأساليب؛ من أدب الرحلات، واستشراق الثقافة الشعبية، وتطورت عمليات البحث عن معرفة الآخر لقهره وغزوه إلى مؤسسة تابعة للدول بأشكال متعدّدة.
ويعالج المقال أطروحة إدوارد سعيد، فهو في تحليله يسعى لرصد تاريخ علاقات مزدوجة وصعبة؛ علاقات معرفة لم تتم في ظروف مناسبة للتعارف السليم بين الشعوب، بل انخفضت إلى رؤى واستدلالات معرفية قامت بها فرقة من المستشرقين في أوروبا ثم في أميركا وغيرها. مع الاعتراف بدور سعيد في وضع فلسفة الاستشراق على مشرحة النقد والتحليل التقويمي طبعًا.
كلمات مفتاحية: إدوارد سعيد، النقد والتحليل التقويمي، فلسفة الاستشراق، المختبر الاستشراقي، الاستغراب، الاستعمار، الاستشراق السياسي.
يختم إدوارد سعيد كتابه «الاستشراق»، ملاحظًا أن الجواب على الاستشراق ليس الاستغراب[2]. فما الذي أوصله إلى هذا الاستنتاج الاستنكاري، بعد رحلة طويلة من النظر الأكاديمي في مسألة ليست أكاديمية تمامًا؟ سنترك جانبًا مسألتي المنهج والمصطلح – وذلك ليس تقليلًا من أهميتهما، ولا إقرارًا بصوابية منهجه ودقة مصطلحه، فنحن لا نوافقه على منهج لا ينطلقُ من فرضية معرفية موقعية، ولا نؤيده في كل فرائده وتراكيبه المصطلحية. ليس ما هو موضوع منها بالإنكليزية وحسب، بل ما وضع منها في عربية معرَّبة يدعو بعضها للأسف والاستغراب[3]. ربما يكون فضلُ العمل الذي أتاهُ إدوارد سعيد، أنه وضع فلسفة الاستشراق على مشرحة النقد والتحليل التقويمي؛ فهو لا ينطلق من مصادرات وأحكام شائعة أو مواقف مسبقة، لكنه ليس بلا موقف كما رآه بعض نقاده العرب، وكذلك ليس هو ذا موقفٍ معادٍ للشرقيين أو للعرب. فهو في تحليله يسعى لتجاوز الدهماوّية الغربية والشرقية على السواء، محاولًا أن يرصد تاريخ علاقات مزدوجة وصعبة: علاقات معرفة لم تتم في ظروف مناسبة للتعارف السليم بين الشعوب، بل انخفضت إلى رؤى واستدلالات معرفية قامت بها فرقة من المستشرقين في أوروبا ثم في أميركا؛ وعلاقاتُ اعتراف ما تزال صعبة المنال، بل ربما تبدو الآن أكثر صعوبة من أي وقت مضى، إذا أخذنا بالاعتبار الواقع الانقسامي السياسي في العلاقات الدولية بين العرب والغرب إجمالًا.
وفي هذا السياق يأتينا كتاب إدوارد سعيد ليرصد مسارًا تاريخيًّا في التصادم والتحوُّل العلائقي بين شعوب الشرق وشعوب الغرب. والمدهش المعرفي، على هذا الصعيد هو أننا ما نزال بعيدين جدًّا عن علم تكاملي راصد لعلاقات الشعوب فوق هذا الكوكب رصدًا معرفيًّا سليمًا، قوامه الانطلاق من نظرية مختلفة عما انطلق منه الاستشراقُ القديم وما يزال ينطلق «معكوسًا» كما وصفه الدكتور صادق جلال العظم. هذا المدهش في معارفنا يجعلنا نتساءل: كيف يمكن لأطراف تجهل بعضها، أو تتجاهل بعضها، أن تعترف ببعضها اعترافًا تكافؤيًّا، ديمقراطيًّا دوليًّا من جهة وكيف يمكن لها، دون اعتراف تام بوجودها الإنساني المتناسق والمتكافئ، أن تتعرف إلى بعضها تعرّفًا مختبريًّا – كالذي أوصلنا إليه المختبر الاستشراقي، ثم المختبر السياسي بكل تبعاته الاقتصاديّة والعسكريّة وأنظمة الغزو؟. إذن، حيث لا يمكن خفض اعتراف الشعوب إلى مستوى علاقات دبلوماسية (إخفاء الحقائق) أو إلى مستوى علاقات استكشافية (إظهار غرضي للحقائق)، فإن الحقائق كما هي –في الشرق أو في الغرب– ستجد صعوبة كبرى في الخطاب الناقل لها، في الكلمات التي ترمز اليها بدقة، وفي المتخاطبين أنفسهم إذا انوجدوا.
معنى الاستشراق هنا
الاستشراق معناه هنا، أو من معانيه، نفي التخاطب، والخطاب بصيغة نحن المستقبل وأنتم الماضي: والاستغرابُ الذي يحذِّرنا منه إدوارد سعيد يجب أن نفهمه بأفضل معانيه أيضًا، ومنها أنه ليس لنا، نحن الموضوعين تاريخيًا في هذا المختبر النصوصي الاستشكافي –الاستشراقي، والموضوعِين الآن في سوق الانقسام العالمي– الاستلاب والاستعمار معًا –ليس لنا أن نردّ على الغرب المستشرق باستغراب شرقي، أي برفض شرقي للغرب، فيتأكد القطع بين شرق الإنسانية وغربها. إن الاستشراق من حيث هو مشكلة تخلُّف الغرب عن معرفتنا العلمية الموضوعية انطلاقًا من اعترافه الكامل بنا، والاعتراف يكون سياسيًا بالدرجة الأولى، وعليه تترتب الاعترافات والمعارف الأخرى، كما تندرج وتتراتب في عصر من الأهم إلى الأقل أهمية (نعني من المعرفة السياسية، إلى المعرفة التقنية، فالمعرفة الحسية للعالم الخارجي، فالمعرفة الدينية والفلسفية... إلخ)- لا يضارعُه سوى ما يمكنُ وصفه بالاستغراب الشرقي، أي كره الغرب ليس بمحاربته وليس بالتمايز المشروع عنه وحسب، بل خصيصًا بالانغلاق عنه، والتهرُّب من معرفته، وبالتالي رفض الاعتراف به، بل بقدر ما يكون مستعدًا للتراجع على صعيد مشاريعه المعادية للشرق، للعرب... إلخ.
إن هذه العلاقة التنافرية وهذا التنابذ تجلَّى من خلال هذا المسح المعرفي الذي أجراه إدوارد سعيد لتاريخ علاقة مفقودة، ربما تكون منشودة ذاتيًا من طرفٍ من هنا، وطرف من هناك، لكنها علاقة مفقودة بكل تأكيد. لأن العلاقة تكون قائمة حين يكون طرفاها –الأنا والأنت، النحن والأنتم، الشرقيون والغربيون، المستغربون والمستشرقون في عبارة سعيد– معروفين كذاتين فاعلين، وليس كفاعل/ قابل تارة، أو قابل/ فاعل تارة أخرى. هذا معناه إذًا نهاية الاستبداد على الصعيد العالمي، معناه بداية مرحلة جديدة بين فقراء العالم وأغنيائه، بين المفتقرين للمعرفة التقنية والسياسية وبين المنتجين المصدّرين للمعرفة التقنية وللأدوات والقوى السياسية. ومصيرُ الحركة الاستشراقية يتحددُ فعلًا في سياق هذه المعادلة/ البشرى لعالم جديد. لكن العالم الجديد ما يزال قيد الدرس، والاستشراقُ المدروس هو شيء من الماضي. فما هو المطلوب إذن: معرفته لتمثله تمثلًا نقضيًّا وتجاوزيًّا، فيسقط في رحلة التحول العلائقي بين مدارات العوالم المعاصرة؟ أم جهلُهُ وكرهُهُ كرهًا سطحيًا، من موقع التمذهب أو من موقع التسيُّس على حدٍ سواء؟
بالنسبة إلى العرب، العالم العربي، لم يؤد صراعهم المزدوج ضدّ الاستعمار وإسرائيل (الصهيونية) إلى التوقّف في المستوى المعرفي/ الثقافي عن استيراد منتوجات المستشرقين ونقلها إلى العربية بأمانة -رغم خلوّها في الأصل عن وصف دقيق لما تصف وتحلّل-؛ ولم يؤد أيضًا إلى الامتناع عن التوجه غربًا للحوار المعرفي من خلال الجامعة/ الصحافة وسوى لك. هنا لا نقرّ إدوارد سعيد في ملاحظته أن العرب يذهبون إلى الغرب مندهشين على الصعيد المعرفي، فقد أشار أرسطو إلى أن المعرفة تبدأ بالدهشة، وهذا صحيح، لكن المعرفة لا تنتهي بالدهشة، وإذا انتهت كذلك فإنها تكون تُرهة (أسطورة) أو سخرية أو استتباعًا، لكنها لا تكون معرفية علمية – حتى الاقتباس يتضمن المقابسة، التفاعل، والحال، فإن العرب، المسلمين وغير المسلمين، يفتحون أبوابهم المعرفية واسعة، على الرغم من هذا النقص الواسع في التكافؤ- الذي يسميه الغرب تخلُّفًا، والتخلف ليس مرض المصابين به فحسب، بل هو مرض منتجيه أيضًا؛ وبقدر ما يستمر الغرب أو سواه في إنتاجه التخلّف ذاتيًّا أو موضوعيًّا لشعب أو حتى لشخص، فإنه يكون مشاركًا له فيه، ولو من موقع السلب أو الاستلاب على السواء! لكن، لا مناص من السؤال عما إذا كانت ستتبع معركة العرب مع الغرب على الصعيد السياسي–الاقتصادي معركة فاصلة على الصعيد المعرفي الاجتماعي؟
من البيّن أن المعركة المعرفية تُحسم في آخر الأشواط، على الرغم من الخيارات الأولى الصعبة، والأمثلة عديدة هنا: المثال الجزائري في مواجهة المتروبول الاستشراقي الفرنسي، حيث كان الصراع مستديمًا بين التعريب والتغريب، والمثال الإيراني (الإسلام والغرب)، والمثال الفلسطيني (الإسلام واليهودية والمسيحية في قوالب الانقسام السياسي أيضًا).
إن العرب خاصة، والمسلمين عامة يعيشون وسط عوالم مادية تستغرب وجودهم الروحاني، الإسلامي، الإيديولوجي منه والاستقلالي على صعيد الشخصيّة العارفة. وليس المطلوب فقط أن يكفّ البشر عن إنتاج المعارف المشوّهة، وإنتاج العداء للآخرين، كما لو أن «الحروب الصليبيّة»، حروب التمذهب والمصالح الإمبريالية –ومصالح الكبار هي دائمًا ‘مبريالية بالقياس إلى مذاهب الصغار ومصالحهم– لا يمكنها أن تنتهي. فمن مظاهر الاستغراب، الاندهاش من نظرة الغربيين المستشرقين إلى الاسلام والعرب إلى وجودهما بالذات، إن هناك إجماعًا معرفيًّا، شعبيًّا على الأقل، إن لم نقل نخبويًّا وأكاديميًّا، في العالم العربي، على أن الاستشراق في مجمله أسهم في إنتاج العداء للعرب، وبالتالي أسهم في استباحة عنصرية للوجود العربي، كما ساعد، حين استطاع، على استلاب المعالم الحضارية العربية والإسلامية، سواءٌ بخفضها أم بازدرائها. فهل هذا الانتاج شيء طبيعي في التاريخ؟ وما هو سوقه الحالي؟ وما مصيرُهُ؟ ربما سيقدم لنا إدوارد سعيد إجابات عينية على أسئلة عامة، كبرى، تشكل مفتاحًا لهذا الإشكال الشامل، الذي دعى نفسه «الاستشراق».
الحدود المفهومية
في مقدمته، يسعى إدوارد سعيد لتأطير مسألة الاستشراق في حدودها المفهومية، فيبرز على الأقل ثلاثة مفاهيم صالحة للتداول:
أولاها: كون الاستشراق ذا دلالة أكاديمية. أي كونه بحثًا جامعيًّا في معرفة الآخرين.
ثانيها: كونه أسلوبًا فكريًّا قوامه تمايزان أساسيان، وجودي ومعرفي، بين غرب يدعي أنه يعرف نفسه تمامًا -بنفسه- وبين شرق قابل لمعرفة الغير، وعاجز ذاتيًا عن معرفة نفسه.
ثالثها: كون الاستشراق، متداخلًا مع بُنى الدولة الحديثة الغرب، ومتشابكًا مع توجهات المجتمع المدني فيه، قد صار «مؤسسة مشتركة للتعامل مع الشرق»[4].
هذه الحدود المفهومية للاستشراق لا تشكل خيارًا منهجيًّا في كتاب إدوارد سعيد، ولا تشكل منظومة أسلوبية غايتها إنتاج معرفة كاملة، والخلاص إلى فلسفة قابلة أو رافضة، كما أنّ الاستشراق منذ بدأ فرديًّا، شعبيًّا واندهاشيًّا، إلى أن صار مؤسسيًّا، دولانيًّا (étatique)، واستخباريًّا (حتى لا نقول تجسسيًّا، فكل علم يصلح موضوعًا يستفاد منه في سياسات الدول ومصالحها. وقد كُتب الكثير في هذا الموضوع، لا سيما حول علم الاجتماع والإمبريالية، وعلم الإناسة والاستعمار... إلخ). فالمؤلف يكتفي، ولو بحزم توثيقي لا يُضارع، بأسلوب استعراضي (بانوراما)، فكأنه هو «الشامل في الاستشراق» – وكم كان يمكنُهُ أن يكون منصفًا، دقيقًا وعلميًّا أكثر لو نظر في مقاومة الشرق للاستشراقيين، فكان بين أيدينا وجها العملة؛ إذ الشرق، والمسلمون من عرب وغير عرب لم يكونوا زيلوتيين، كما يشير إلى ذلك أرنولد توينبي[5]، أي أنهم لم يهربوا -جميعًا- من مواجهة حاضرهم الفعلي، التاريخي والسوسيولوجي، إلى ماضيهم، كذلك لم يكونوا جميعهم، استغرابيين، مندهشين أو مقاومين سلبيين، بل ردوا على الاستشراق بمساجلات فيها من العلمية والانفعالية معًا، ما يوازي بعض ما جاء في بضاعة بعض المستشرقين الذين توغلوا بعيدًا في العداء للإسلام، للعرب، لطرق معيشتهم، لوجودهم، لموادهم الخام، لقواهم البشرية... إلخ. فمن حق المعتدى عليه، إن لم نقل من واجبه الأولي المطلق، أن يرد على الفاعل بفعل يتجاوزه، لا بقبول ينقاد له. والحقيقة، أن الصراع حول المفاهيم الأولى للعلاقات بين الشرق والغرب لم يُحسَمَ، وقد لا يُحسَمَ لاّ في أجيال وعصور – الحسم مشروط بتقدّم العرب مثلًا، بتطورهم الداخلي، وليس بردّهم التبريري أمام الخارج، ولا بردّهم الرفضي المحض، دون إنتاج البديل، دون استئناف حضاري إنساني؛ لذا فإن تردد علاقات الاستشراق/ الاستغراب بين القبول التعلمي، والانقياد والاستنكار، ما يزال يستلزمُ تصحيحًا أساسيًا ليس من طرف العرب المعترفين بالآخرين، بل أولًا من طرف الغربيين الذين لا يعترفون بهم إلا في حدود المصلحة والاستتباع المصلحي. فوضع الاستشراق في مقابل النفط العربي مثلًا. ووضع العرب مقابل الاستيراد الغربي لنفطهم، واستيرادهم لمنتوجاته التكنولوجية بشكل تكافؤي نسبيًا، وتكاملي تطوري مستقبلًا، من شأنه أن يساعد الآن وغدًا في فهم أفضل للتعاون المعرفي، بدلًا من هذا الاستعلاء المعرفي الذي يشكل الاستشراق بعضه عمومًا، وساعد عليه النقص المميت في التقدم المعرفي لدى العرب والمسلمين منذ عدة قرون.
والاستشراق في كل صوره وأشكاله ليس تعاونًا معرفيًّا، ليس تبادلًا معرفيًّا، وهو ليس استعلاءً محضًا – لكن لا يخلو كمعرفةٍ من استعلاء؛ لذا نرى أن التعريف الإسقاطي الذي يتقدم به إدوار سعيد لماهية الاستشراق، سيبدو متناقضًا مع الأشكال والمضامين الاستشراقية التي سيتناولها على امتداد كتابه. إن الاستشراق مزدوج (حقيقة ثقافية وسياسية) من وجهة نظر إدوارد سعيد؛ ولكن المستشرقين قدموه أو رغبوا في تقديمه كحقيقة ثقافية. فأخفوا وجهه الآخر (الحقيقة السياسية)، وإدوارد سعيد يجاريهم بلا وعي أو بوعي في تمثّلهم دورهم (إنتاج الحقيقة/ المعرفة) على صعيد الثقافة؛ ويشير إلى شيء من أدوارهم السياسية وخدمتهم للإمبريالية (الأمر الذي يتناقض مع قوله: ليس الاستشراق معبّرًا عن وممثلًا لمؤامرة إمبريالية «غربية» شنيعة لإبقاء العالم «الشرقي» حيث هو)[6]. إذا لم يكن هذا هو دور الاستشراق على الصعيد السياسي، صعيد الحقيقة السياسية، فما هو دورُهُ إذن؟ وما هي العلاقة المتبادلة بين الثقافة والسياسة في الدولة المركزية القوية في الغرب؟ وما هي هذه العلاقة في الشرق ورؤاه؟ إن هذه المسألة أولدت انقسامًا قشريًا، تمثَّل بعضه فيما دار من مساجلات بين أدونيس ود. صادق جلال العظم؛ فالأول ميَّال إلى النظر الثقافي للاستشراق، دون النظر فيه سياسيًا، فيبدو بذلك مشاطرًا لأسلوبية إدوارد سعيد، إن لم نقل مدافعًا عن مضمون الخط الاستشراقي العام؛ والثاني ميَّال من جهته إلى خفض الاستشراق من حقيقته الثقافية إلى حقيقته السياسية؛ وكأن الإشكال الأكبر، في منظور العظم، ليس ما أنتجه الاستشراق من عداء للعرب للإسلام فحسب، بل كيفية تعامله مع العرب، وكيفية إفادة الدول الغربية (ولكل دولة مستشرقوها وغرباؤها) منه في سياساتها وغزواتها وتلاعباتها على الانقسام الثنائي: الثقافة-السياسة. إن أطروحة العظم هي النقيض للأطروحة الأدونيسية: الغرب مبدعًا/ الشرق قابلًا، خاملًا... إلخ. لكن أطروحة إدوارد سعيد، في جوهرها، متمايزة عنهما معًا، وأصلب عودًا في مواجهتها للوقائع. فالكتابُ ليس بيانًا لبدْء معركة معرفية مع الاستشراق، لكنه معلَم من معالمها الكبرى. ذلك أن العرض التناقضي المكتنز بمعلومات وفيرة، ولو عينية، من شأنه توفير وسيلة أولى لردع الخطر الاستشراقي المستديم في عدائه المضموني، ولفته إلى نظرة جديدة (سواء بنقد من داخله، مثلًا نقد رودنسون لمقولات جب[7]، أو من موقع الرد المعاكس، رد عبد الله العروي مثلًا وسواه؛ وأخيرًا رد صادق جلال العظم... إلخ). النظرة الجديدة معناها التراجع عن علاقة عدائية مزمنة، إلى مرتكز معرفي جديد. وهذا المرتكز، يشير إليه إدوارد سعيد على امتداد كتابه. إنه موجود في الغرب، ومنشودٌ في الشرق. وإذا انخفض الاستشراق إلى استخبارات كما هو حاله في الولايات المتحدة، أو في بعض البلدان الأوروبية (بعض المستشرقين)، فمعنى ذلك أن رحلة الاستشراق الطويلة الصعبة قد أشرفت على طور النهاية، فلا شيء يقضي عليه سوى تسييسه الفعلي من داخله، لا تلبيسه السياسي من خارجه. وبعض المستشرقين السياسيين في عصرنا، لا يمثلون الاستشراق كله، ومع ذلك لا يستطيع إدوارد سعيد رسم حدود التناهي بين الثقافة والسياسة في جدل العلاقة بين المستشرق وموضوعه.
البشر كحقل اختباري
إن موضوع الاستشراق يطرح في البداية مسألة معرفية علمية (ابيستمولوجية): هل يصلح البشر حقلًا للاختبار؟ لقد حسم المستشرقون ذلك، حين انطلقوا من الآخرين موضوعًا لمعرفتهم. ليس بنية الاعتراف بهم، بل لأغراض أخرى ستتكشف من خلال نتاجهم ذاته. وبين الحقل الاختباري، حقل المحمولات والنية (القصد بالمعنى الفلسفي الدقيق)، سيتحدد مأزق الاستشراق التاريخي وانحصاره الجغرافي (Géo –Politique)، وقابليته للانخفاض من المفهومي إلى النفعي، ومن العلمي إلى الاستغلالي والارتهاني. إن كل فلسفة الارتهان ستقوم على عنصر التقييد، الذي يقابله في المنظومة الفلسفيّة الدينيّة، المسيحيّة غربًا، عنصر الانقياد. والمسألة الكبرى هي إذن: كيف تعرف الشرق لكي تقيّده، تجعله منقادًا، معترفًا بك، معروفًا منك، وفي الوقت نفسه مواصلًا لإنتاج خضوعه من داخله، جاهلًا ذاته، خصوصيته، غير مطالب إياك باعتراف به. هذا هو جوهر السجال الأكبر بين العرب والغرب مثلًا؛ فعربٌ بلا هويّة، بلا قومية، بلا إسلام- حتى بلا مسيحية شرقية متميزة -، عرب بلا حضارة مستديمة، بلا اجتماع مؤسسي، هم عربٌ يُدرسون كظاهرة عجيبة، كمادة خام؛ فكأن الدارس آتٍ من مجتمع طبيعي، والمدروس مقيم في أرض بحاجة إلى تصنيع؛ والمستشرق آت من دولة تاريخية، والمدروس شرقًا موجود في «مجتمع لاتاريخي»[8]. الرهان التناقضي ينحصر إذن في هذه المسألة- المفارقة: الغربُ القوي يستطلع الشرق المستضعف، المفروض أنه مستضعف؛ هنا المستكبر/ المستضعف يتواجدان فوق بساط تاريخي مشترك وإن كان أحدهما صاحب البساط والآخر موضوعه. ولا بد للضحية من أن تظل ماثلة في نماذج استلابية، تجعل الآخر قويًا بالهيمنة عليها من خلال معرفتها؛ وتكون الضحية ضحية دائمة جاهلة ذاتها وجاهلة غيرها. فهل هناك فاعل مطلق وقابلٌ مطلق؟ كلا بالطبع. والصدمة الكبرى ستأتي من هذه النقطة: فالقابل الشرقي هو بدوره فاعل – وفعله سيبدأ برد، بنقص يعود إلى أصله بأصولية معيَّنة. والفاعل الغربي هو قابلٌ، ولذا الشرقي يسعى بدوره لمعرفته، يذهب إليه مندهشًا تارة، ومحاورًا ناقضًا في أطوار أخرى (الحوار دليل على ما نقوله، إن لم يكن قد بلغ بعدُ حالة الحوار المتكافئ).
التلازم بين احتكار القوة والمعرفة
إن احتكار القوة، كان وما يزال يستلزم. احتكار المعرفة. والتقييد الشرقي، الموصوف بالاستبداد (من داخله أو من خارجه)، بات الآن نسبيًّا؛ فقد تغير الشرق كثيرًا، وهو ماضٍ في تغيُّره- إنه شرق تحوُّلي، وإن كانت المقولبات الاستشراقية، المعارف الجاهزة، تصر على تقديم صور مختلفة، فهذا من ضمن لعبة التنازع. لقد سوَّغ الغربيون لأنفسهم «ممارسة الحكم المطلق» في الشرق، وأوجدوا لأنفسم التبريرات، ولكنهم لم يتجاسروا على كشف «الحقيقة السياسية»، سيرًا على لعبة الدول: «الحوار حول المبادئ، والغاية هي المصالح». الشرق عامة وعى هذه اللعبة؛ فهو أيضًا ذو مبادئ وذو مصالح. وسيكون الجديد في اللعبة القادمة ليس مواصلة التقيد بالمفاهيم والأساليب المذكورة، بل قلبها، وفقًا لمتطلبات علاقة معرفية مستقيمة ومستديمة بين الشعوب.
فقد أصبح ثابتًا أنه ليس من خير الشعوب «الحكم المطلق». الاستبداد السياسي -المعرفي ليس خيرًا لأحد- وإن بدا أنه خيرٌ لممارسيه في أمدٍ قصير؛ على المدى البعيد سيكون مؤذيًا لمسيرة الإنسانية ولشروط التعايش البشري فوق الأرض. إن إنتاج الظلم في الشرق لم يكن مظهرًا فريدًا؛ والمستشرقون يعون أن لديهم ظالميهم أيضًا، ومهما يكن الحال، فلا هذا ولا ذاك مما يسوَّغ تصدير الظالمين إلى البلدان المظلومة، ولا تصدير المجهِّلين إلى البلدان شبه الجاهلة. فقرأ عند إدوارد سعيد هذه اللقطة النقديّة الموضوعيّة: «ومن جديد، فإن المعرفة بالعروق المحكومة أوالشرقيين، هي التي تجعل حكمهم سهلًا ومجديًا، فالمعرفة تمنحُ القوة، ومزيد من القوة يتطلب مزيدًا من المعرفة، وهكذا في حركة جدلية للمعلومات والسيطرة متنامية الأرباح باستمرار»[9]. إذن اختبار البشر معرفيًّا هو أقصر السبل لاستدامة حكمهم. وفي هذا السياق سيرتدي هذا السيل المتدفق من الاتهامات والتشخيصات للأمراض والعلل في الشرق رداءَه السياسي الواضح: «إن الدقة كريهة بالنسبة للعقل الشرقي»، «أما عقل الشرقي فهو، على النقيض، مثل شوارع مدنه الجميلة صوريًّا، يفتقر بشكل بارز إلى التناظر». والحال، ماذا سيكون مصير هذا المنطق الاستشراقي، إذ اكتشف فجأة أن العقل البشري واحد، الوعي واحد، مثل النور، وإن الاختلاف هو فقط في اكتساب المعرفة، في نسبة الوعي المعرفي؛ وإن البشر لا يختلفون كعروق وعقول، بل يختلفون في مستواهم التجريبي الحضاري؟ وماذا يكون مصير النظريات العرقية، إذا تأكد أن البشر أخوة فعلًا، وعقولهم وأرواحهم ونفوسهم واحدة؟ لا ريب أن عمارة من الوهم الكبير ستتساقط، ولا ينسفها سوى العلم – والغرب يسهم بهذا المعنى في عملية النسق – إن وحدة العقل الكلي، وحدة النفس (الناس كلهم من نفس واحدة، الناس كلهم عيال الله... إلخ)، من شأنها أن تطرح أشكال التعارف بين الشعوب والقبائل على بسط البحث: فيطرح مثلًا كيف يعرف المسلمون، العرب وغير العرب/ الآخرين؟ إن هذا الطرح يراه بعض الباحثين، إمّا من منظور إلحادي محض، وإمّا من منظور أيديولوجي، «استشراقًا معكوسًا»[10]، أو «أسلمة». وهنا يقتضي التنويه أن علم الدراسات الإسلامية (Islamologie)، ليس بالضرورة مخفوضًا، إما لمفهوم استشراقي وإما لمفهوم «إسلامي مستغرب» أو متعاطف مع المدرسة الاستشراقية الغربية. فمثل هذا العلم يمكنه أن يشكّل وعيًا أصوليًا لأسلوبية الاسلام التاريخي والسوسيولوجي، الحضاري والمعرفي، كما تمثّلت وتموضعت وتحققت في ااإختبار الإنساني، الشرقي، وبالأخص العربي. وحين ينخفض إلى دور ارتهاني للاستشراق الغربي، يرتدي وصف «الاستسشراق المعكوس».
الحقل المعرفي
إن الحقل المعرفي الذي حدده الاستشراق لعالمنا المقهور، هو بلا شك حقل تقييدي؛ وقد خرقه علماؤنا وشيوخنا وفقهاؤنا وأسلافنا مرارًا وتكرارًا؛ ولهذا، فمقابل الحقل الاستشراقي للمعرفة، هناك حقل عربي وإسلامي للمعرفة. بين هذين الحقلين وفيهما نختلف مع إدوارد سعيد الذي لم ير سوى حقل الفاعل/ وسوى شيء من حقل القابل؛ ونختلف مع أدونيس الذي رأى الثقافة عارية بلا سياسي؛ ومع د. صادق جلال العظم الذي استغرب الاستشراق السياسي، ولم يكتشف أهمية النقد المعرفي للاستشراق الثقافي، واستغرب قيام المثقفين العرب من مواقع سياسية وروحية (عربية وإسلامية) بنقد عملية التغريب المعرفي أيضًا، استجلاءً لتعريب معرفي أصولي وأصيل في آن. إن الانقسام العالمي، السياسي والمعرفي، هو بذاته دعوةٌ إلى إعادة النظر في عناصر الصراع وأدواته. فالسياسي الكيسنجري، مثلًا، يعتمد على المعلومات، على الرصيد الطويل من أعمال المستشرقين والمستغربين معًا؛ ويحدِّد خصوصية الغرب مقابل عمومية الشرق، ويذهب بعضهم إلى وصفه ثقافة العرب بأنها «ثقافة العار». فهل ثقافة العرب، غير النيوتونية وغير الكيسنجرية، تخجل من مقاربتها لأصولها، فلا ترى غضاضة في الاعتراف بأن ثقافة العرب إسلامية مثلًا؟ وإذا لم تكن كذلك، فهل نسلِّم بأنها «ثقافة عار»؟.
يذكر إدوارد سعيد، منتقدًا ما آلت إليه صورة الشرقي في المنظور الإدراكي الأوروبي، فيقول: «وكأن أوروبا، بعد أن استقرّت مرة على اعتبار الشرق موضعًا ملائمًا لتقمّص اللانهائي في شكل نهائي، أصبحت عاجزة عن الإقلاع عن هذه الممارسة؛ ويصبح الشرقُ والشرقي، عربيًّا، مسلمًا، أو هنديًّا، صينيًّا، أوأيًّا كان، شبه تقمَّصات زائفة تكرارية لأصل عظيم (المسيح، أوروبا، الغرب) يفترض أنهم كانوا يقلدونه»[11].
إن التحويرات التي ابتكرت (المحمديّة مقابل الإسلام، نقضًا له، المحمدي مقابل المسلم) كثيرة جدًّا في هذا التراث الصعب من علاقات الظلم والتظالم. وإذا كان الاستشراقُ قد عجز عن تشخيص معرفة مناسبة، ذات نوعية محترمة، فهذا يعني أن بعض المستشرقين الذين تدامجت فيهم العوامل المعرفيّة والسياسيّة والنفسانيّة، لم يكونوا أكثر من مصابين بـ«العصاب التوهمي»: -البارانويا- فجاءت معرفتهم للشرقيين مخالفة للمعرفة التاريخية العادية[12]. وإذا كان الأمر كذلك، فإن الاستشراق يغدو مشكلة ذهنية، مشكلة فلسفية ونفسانية، فكيف يسمح عارفٌ لنفسه بأن لا يكون عقلانيًا -وهو قادر على ذلك- ، فيلجأ إلى توهمات عن الآخر، وغايته انكارُه لا معرفته كما هو، فينتج مفاهيم شائعة وابتسارات وأحكامًا منحرفة، بدلًا من إنتاجه وعيًا طبيعيًا لمجتمعات تاريخية وواقعية؟ هذه التوهّمات رصدها إدوارد سعيد في عينات ثقافية وسياسية انتقادية سليمة. وليس لنا الدخول في تفاصيلها هنا. ويلاحظ أنه بعد حملة نابوليون على مصر، حدث تغيُّر جذري في الأسلوب الاستشراقي، لكن مضمونه ظل مستديمًا نسبيًّا: «لقد أصبح المستشرقون خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، جماعة أكثر جدية، لأن آماد الجغرافيا التخيُّلية والواقعية كانت بهذا الوقت قد تقلصت، إذ إن العلاقة الشرقية-الأوروبية كانت قد تحدَّدت بتوسع أوروبي لا يصد بحثًا عن الأسواق والمصادر الطبيعيّة والمستعمرات. وأخيرًا، لأن الأستشراق كان أنجز تقمُّصه وتحوُّله من إنشاء بحثي إلى مؤسسة امبرياليّة»[13].
الخاتمة
كان الاستشراق يريد إنتاج نماذج راكنة ثابتة للموضوع الشرقي، فهذا المتحول، الموصوف بالتخلُّف وسط ركام من الأوصاف الدونية اللامتناهية، كان يُراد له أن يظل تابعًا، منقادًا. يكرر نفسه رتيبًا، بما يتناسب ومصالح الفاعل الغربي المقيّد له المرتهن لواقعه. ومما يلفتنا إليه إدوارد سعيد، من جهة ثانية، هو تحولات المنظومة الاستشراقية، نذكر منها بإيجاز: 1- الاستشراق الجامعي. 2- الاستشراق المسيحي الغربي(الديني) 3- الاستشراق المعلمن المبطّن، 4- الاستشراق السياسي. وهكذا، من أدب الرحلات، واستشراق الثقافة الشعبية، تطورت عمليات البحث عن معرفة الآخر لقهره وغزوه وإدامة استغلاله، إلى مؤسسة ، تابعة للدول بأشكال متعددة. وحول الاستشراق السياسي، أو بالحريّ الدور السياسي للاستشراق، للمعرفة الغربية للـ«نحن» العربيّة، أو الإسلاميّة، أو الشرقيّة (العالميّة الثالثة) ستدور مساجلات الأجيال القادمة، لا سيّما مساجلات المثقفين الذين سيعنون بالخطاب المعرفي ونقائضه وأشكاله ومؤسساته. وسوف يتجدد التنازع لأجل الاعتراف على مستويين من الوعي: الوعي السياسي والوعي التاريخي.
إن معرفة الغرب للشرق تدخل في عداد «تكنولوجيا القوة»، ومعرفة الغرب للشرق ستدخل بدورها في التكنولوجيا هذه عينها. ولا سبيل لاعتراف قويم دون تكافؤ قوي، ولا مجال لمعرفة تاريخية معزولة عن الخيار السياسي، عن الفلسفة السياسية للشعوب المعينة: فلسفة حق الشعوب في تقرير مصيرها. وعندما يدرك المستشرقون- الخبراء أن تقاريرهم ومقالاتهم لا تقرر مصير شعوب الشرق، سيجدون أنفسهم مضطرين لإعادة بناء منظومتهم المعرفية على اعتراف سياسي وتاريخي بالشعوب الأخرى. فهل الاستشراق العلمي، المعرفة العلمية، للآخر، ممكنة؟ وإذا كانت ممكنة، فهل ستكون لصالح الأطراف العارفة والمعروفة في آن؟ إن ذلك سيجعلنا نتأمل في الشروط الصحيحة لإنتاج منظومة تعارفية جديدة بين الأمم والشعوب، فلا نكتفي بهذا التغالب السياسي بين الدول وموظفيها وخبرائها. إن مرحلة الاستشراق بوصفه ترجمانًا للشرق أمام الغرب قد انتهت، وبدأت مرحلة تعارف الشرق والغرب. في هذه المرحلة الجديدة سيكون دور الشرقيين كبيرًا، ودور العرب والمسلمين متميزًا.
لائحة المصادر والمراجع
سعيد، إدوارد، الاستشراق، ترجمة: كمال أبو ديب، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت - 1981.
جلال العظم، د. صادق، الاستشراق والاستشراق معكوسًا، دار الحداثة، بيروت - 1981. راجع أيضًا مقالة – الرد على أدونيس: دراسات عربية، عدد شباط 1982.
غورفيتش، جورج، الأطر الاجتماعية للمعرفة، مجد، بيروت - 1981.
العرب، ترجمة: كمال أبو ديب، دار الحقيقة، بيروت - 1979.
A. Toynbee, La civilisation à l’épreuve, voir, l’Islam et L’Occident, Gallimard, paris, 1954.
-------------------------------------
[1](*)- مفكر وأستاذ جامعي، لبنان. كان الدكتور خليل قد نشر مقاله هذا عام 1983م في العدد الحادي والثلاثين، في مجلة الفكر العربي، وفي لقاء معه سمح لمجلة دراسات استشراقيّة بإعادة النشر مع التعديلات اللازمة، وبعد إجراء التعديلات ونظرًا لأهمية النص تم نشره في هذا العدد.
[2]- سعيد، إدوارد، الاستشراق، ص325.
[3]- راجع: «كشاف مصطلحي» ص21-35، حيث تصطدم ببعض ما نذكره على سبيل المثال لا الحصر:
- استجنابية XENOPHOBIA وكان من الميسور القول كره الأجنبي حتى لا نأخذ بـ«كرجنة» التي حاول بعض المستعربين والمستشرقين في فرنسا إطلاقها.
- أنويّة: Egotisme أي النسبة إلى الأنا، وكان يمكن القول إنيَّة، أنانة؛ ذلك لأن الاستعمال الأكاديمي في علم النفس مثلًا يستعمل أنويّة مقابل égocentrisme.
- تسوية – سوائية Standardization، وكان يمكن القول قولبة، تقولبُ. فيتم بذلك التعبير الدقيق الرائج في مصطلح العلوم الإنسانية، ويستدرك اللبس الممكن حدوثه في العبارة العربية وما يقابلها من مفهوم التسوية Compromis ... إلخ.
- ونكتفي بهذه الإشارات، لأن المصطلح الاستشراقي المعربَن يستحق بذاته مطالعة انتقادية وتوضيحية خاصة.
[4]- الاستشراق، م.س، ص39.
[5]- A. Toynbee, La civilisation à l’épreuve, voir, l’Islam et L’Occident, Gallimard, paris, 1954.
[6]- الاستشراق، م.س، ص46.
[7]- راجع: كتابه العرب.
[8]- راجع: غورفيتش، جورج، الأطر الاجتماعية للمعرفة.
[9]- الاستشراق، م.س، ص68.
[10]- جلال العظم، د. صادق، الاستشراق والاستشراق معكوسًا. راجع أيضًا مقالة الرد على أدونيس: دراسات عربية.
[11]- الاستشراق، م.س، ص78.
[12]- م.ن، ص92.
[13]- م.ن، ص100.