الباحث : الشيخ لبنان حسين الزين
اسم المجلة : دراسات استشراقية
العدد : 43
السنة : صيف 2025م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث : June / 18 / 2025
عدد زيارات البحث : 110
الملخّص
يُعدّ المبنى الدينيّ العقديّ من أبرز المباني التي يعتمد عليها المستشرقون في دراستهم للقرآن الكريم؛ وذلك بفعل نظرتهم إلى الإسلام على أنَّه دينٌ من صنع محمَّد! فلا يزال الهدف الديني يستحوذ على العقليَّة الاستشراقيَّة؛ وهو الإعلاء من اليهوديَّة أو المسيحيَّة، بحسب العقيدة التي ينتمي إليها كلُّ مستشرق.
وإنّ تحكيم المباني العقديّة اليهوديّة تبدو واضحة في الاستشراق اليهوديّ، ومن بعده الاستشراق الإسرائيليّ المعاصر؛ ولا سيما مع المستشرقين: أوري روبين، وإبراهام جايجر.
يبقى الجانب السياسيّ هدفًا من ضمن أهداف الاستشراق الإسرائيلي المعاصر، إذ يركّز جل جهوده في محاولة تأويل القصص القرآنيّ وتحريفه في سبيل شرعنة وجود الكيان الصهيونيّ، ولم يختلف الحال عند المستشرقين المسيحيّين باعتمادهم بل وإقحامهم المبنى العقدي المسيحيّ في دراستهم للقرآن بهدف تشويه القصص القرآنيّ والانتصار للعقيدة المسيحيَّة وما قامت عليه من قضايا، ولا سيَّما ما يتعلَّق بولادة السيِّد المسيح(عليه السلام) وقضيَّة الصلب، وغيرهما من القضايا. ومن أبرز المستشرقين الذين اعتمدوا على هذه المباني العقديّة المسيحيّة: وليام فيدرر، وجيمس وايت.
كما يسلّط المقال الضوء على أنّ ظهور الإلحاد في الفكر الغربيّ كان ردّة فعل إزاء تصرّفات الكنيسة التي جعلت من الدين طلاسم غيبيّة لا يفهمها إلّا رجال الدين؛ ولهذا فإنّ المتأمّل في أسباب انتقال الإلحاد للشرق يقف على جملة دوافع؛ منها عقديّة، وأخرى علميّة...، وقد ظهر الإلحاد العقليّ في مؤلّفات جملة من المستشرقين؛ وعلى رأسهم جورج هـ. سميث. ومن المسائل الإلحاديّة التي طرحها المستشرقون مسألة اندثار الدين.
كلمات مفتاحية: القرآن، المستشرقون، المباني العقديّة اليهوديّة، المباني العقديّة المسيحيّة، المباني الإلحاديّة للمستشرقين، الفكر، الإستشراق الإسرائيلي.
مدخل
لا يمكن إنكار الدور الذي يؤدّيه الفكر في تكوين حياة الإنسان وبنائها، فهو يضع الأساس في كلّ مفصل من مفاصل الحياة الإنسانيّة، وتحطيم هذا الركن يؤدّي إلى تحطيم المجتمع بأكمله، وهذا الأمر لم يكنْ خافيًا على أذهان المستشرقين في دراستهم للمجتمعات الإسلاميّة.
لذا توجّه الفكر الاستشراقيّ إلى دراسة الإسلام والقرآن وصبّ اهتمامه على نشر سلطته الفكريّة فيه، في محاولة لإزاحة الأفكار والعقائد الإسلاميّة والقرآنيّة، وإحلال الأفكار الغربيّة المحدَثة مكانها، وذلك عبر بثّ التيّارات الفكريّة المنحرفة التي شكّلت حركات تمرّديّة على المؤسّسات الدينيّة الغربيّة، وأحدثت فجوة بين تلك الشعوب وتديّنها في نفوس جملة من أبناء التراث الإسلاميّ، ولا سيّما ممّن توجّه للدراسة في بلدان الغرب، أو عاش في كنفها وتشرّب تقاليدها، أو ممّن شُغِف قلبه بحب الثقافة الغربيّة وذاب في حبائلها، وذلك في محاولة لنقل الأثر الذي أحدثته في المجتمعات الغربيّة إلى المجتمع الإسلاميّ.
لذلك نجد أنَّ المباني الفكريّة والعقديّة للمستشرقين كانت حاضرة وبقوّة في حقل الدراسات القرآنيّة، فظهرت التيّارات الفكريّة المستوردة -العلمانيّة والماركسيّة والإلحاديّة والليبراليّة- التي طالبت بإلغاء قداسة النصوص، والقول بأنسنتها وتغيير أنظمة الحكم الإسلاميّة، وتحرير المرأة وإيقاف الحدود، ومواكبة الحياة العصريّة وتطوّراتها...
ومن هنا لا بدّ من أنْ نقف عند مباني المستشرقين في دراستهم للقرآن الكريم.
المباني العقديَّة للمستشرقين
يُعدّ المبنى الدينيّ العقديّ من أبرز المباني التي يعتمد عليها المستشرقون في دراستهم للقرآن الكريم؛ بفعل نظرتهم إلى الإسلام على أنَّه دينٌ من صنع محمَّد! فلا يزال الهدف الديني يستحوذ على العقليَّة الاستشراقيَّة؛ وهو الإعلاء من اليهوديَّة أو المسيحيَّة؛ بحسب العقيدة التي ينتمي إليها كلُّ مستشرق.
أوّلًا: المباني العقديّة عند المستشرقين اليهود
تحكيم المباني العقديّة اليهوديّة ببدو واضحًا في الاستشراق اليهوديّ، ومن بعده الاستشراق الإسرائيليّ المعاصر؛ ففي مراجعة لكلمات مستشرقيهم في المصادر العبريَّة، يظهر أنَّ «الهدف الأوَّل من وراء الاستشراق اليهوديّ هو هدف دينيّ بحت، لا ريب فيه على الإطلاق، ويتمثَّل في محاولة إضعاف الإسلام وتشويهه والتشكيك في قيمه عن طريق إثبات فضل اليهوديَّة عليه، والزعم بأنَّ اليهوديَّة هي مصدر الإسلام الأوَّل»[2].
وكان للآراء اليهوديَّة المنبثقة من القراءة العقديَّة نفوذها في الحركة الاستشراقيَّة قاطبة، بل قد تحكَّمت في الذهنيَّة الاستشراقيَّة إلى وقتنا الحاضر؛ فالفكرة المسيطرة على الذهنيَّة الاستشراقيَّة في ما يتعلَّق بالقرآن وشخصيَّة النبيّ محمَّد صنعتها أقلام الاستشراق اليهوديّ، وشاركت في ذيوعها ونشرها، إلى أن وصلت إلى الاستشراق المعاصر، وهي تقوم على تأثُّر النبيّ محمَّد باليهود في عصره واقتباس القرآن والقصص القرآنيّ خاصَّة من التوراة.
وقد بدأت تلك المزاعم بالتردّد منذ بداية البعثة المحمَّديَّة، وردَّ عليها القرآن منذ أكثر من ألفٍ وأربعمئة عام. ومن أبرز المستشرقين الذين اعتمدوا على هذه المباني العقديّة اليهوديّة:
1. المستشرق أوري روبين
كشف المستشرق الإسرائيلي «روبين» في ترجمته لمعاني القرآن الكريم عن دوافع جدليَّة ودينيَّة، مضافًا إلى دوافع أخرى حرَّكته نحو ترجمته؛ بدليل أنَّها تقوم على محاولة الطعن في القرآن ذاته، والادِّعاء بأنَّه ليس مصدرًا إلهيًّا، وأنَّه صناعة بشريَّة؛ إذ عمد في مقدِّمته إلى استخدام الفعل العبريّ «יצר» (يتسار)؛ بمعنى أنتج الشيء أو صنعه بيديه ونسبه إلى النبيّ محمَّدs؛ للإيماء بأنَّ القرآن الكريم من صنع يديه، وفعل ذلك على الرغم من وجود كلمة «השראה» التي تعني (الوحي).
واستند «روبين» في زعمه هذا على ما يدَّعيه بعض الباحثين اليهود من أنَّ القرآن الكريم ليس مُنَزلًا من الله إلى رسوله الكريم، بل إنَّه كُتب أو أُلِّف -وقد استخدم المترجم بالتحديد الفعل العبريّ المشتق من مادَّة «כתב» كتب- خارج الجزيرة العربيَّة، وبعد وفاة محمَّدs بسنواتٍ طويلة[3].
فضلًا عن أنَّه مهَّد لادِّعائه هذا في كتابٍ له صدر قبل سنوات عدَّة، بعنوان: «התנ"ך והקוראן» (التناخ (العهد القديم) والقرآن)، حين ذهب إلى أنَّ القرآن ركَّز على قضيَّة اختيار الله لبني إسرائيل؛ حتى يؤكِّد على أنَّ هؤلاء أخلُّوا بالتزاماتهم تجاه الله، وبسبب ذلك حكم عليهم بالتشتُّت، وأنَّ القرآن يحاول إثبات ذلك بالإكثار من الإشارة إلى القصص الواردة في العهد القديم، ويتحدَّث عن الآثام التي ارتكبها بنو إسرائيل؛ وهم في طريق خروجهم من مصر إلى الأرض الموعودة[4].
2. المستشرق إبراهام جايجر
ألَّف المستشرق إبراهام جايجر كتابًا سمَّاه: «ما الذي اقتبسه محمَّد من اليهوديَّة؟»، محاولًا فيه إثبات تأثّر القرآن في قصصه بالتوراة. والمتأمِّل في كلماته يجد كلَّ آرائه في القصص القرآنيّ تنطلق من مبنى عقديّ لا قيمة علميّة له، ولا منهجيَّة فيه.
وقد نقد المستشرق «يوهان فوك» آراء جايجر، حيث عدَّه في مرحلة من مراحل الاستشراق التي تحمل التعصُّب والعداوة للإسلام، فضلًا عن التخبُّط والسذاجة في تناول النصِّ القرآنيّ[5].
ثانيًا: المباني السياسيَّة في الدراسات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة المعاصرة
تعدُّ القراءة السياسيَّة واحدة من القراءات التي يعمل عليها الاستشراق في بعض جوانبه، وليس كلّ جوانبه. ويبقى الهدف السياسيّ هدفًا من ضمن أهداف الاستشراق المعاصر، ولكنَّه مختلف في ذلك عن مثيله في الاستشراق القديم؛ فالاستشراق القديم كان يمهِّد للاحتلال أو لشرعنة وجوده في الأراضي العربيَّة والإسلاميَّة، أمَّا الاسستشراق المعاصر فينحصر هدفه السياسيّ -من خلال تناوله للقصص القرآنيّ- في شرعنة وجود الكيان الصهيونيّ، أو كسب التأييد له، أو محاولة تصوير الوضع على أنَّه تبادل ثقافيّ وغيره.
1. القراءة الاستشراقيّة السياسيّة لشرعنة الكيان الصهيوني
وتظهر هذه القراءة أوَّل ما تظهر في الدراسات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة المعاصرة؛ إذ من المعروف سلفًا أنَّ هناك عداءً تاريخيًّا بين اليهود والمسلمين، بلغ ذروته في عصرنا الحاليّ؛ نتيجة الممارسات التي يمارسها الكيان الصهيونيّ المحتلّ؛ فهذا الكيان يحاول بشتَّى الطرق أن يُشرْعِنَ وجوده بشتَّى الطرق والوسائل غير المشروعة دينًا وعرفًا وقانونًا، ومن ثمَّ يسير الاستشراق الإسرائيليّ المعاصر على النهج ذاته، محاولًا كسب شرعيَّة زائفة لوجوده على الأرض.
وبالنسبة إلى القصص القرآنيّ، فإنَّ الكتابات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة المعاصرة[6]، أو حتَّى القديمة منها، لا تتناول القصص القرآنيّ إلَّا في ثوب القصص التوراتيّ؛ أي أنَّها لا تعترف له بشيءٍ من الذاتيَّة أو الخصوصيَّة. وهنا يشير أحد الباحثين إلى أنَّه ليس «في الكتابات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة ما يقول صراحة بخصوصيَّة القصص القرآنيّ وتناوله عن قصص الكتاب المقدَّس، لكن وردت بعض الكتابات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة التي تقول بوجود بعض الاختلافات، أو أنَّ هناك قصصًا وردت في القرآن تعود لشخصيَّات دينيَّة لم ترد في العهد القديم، أو أنَّ هناك بعض اختلافات في بعض أسماء الشخصيَّات الواردة لقصص القرآن الكريم عن تلك الواردة في العهد القديم»[7].
وهذا يعني أنَّ القصص القرآنيّ يُمثِّل بالنسبة إليهم محورًا من المحاور التي يحاولون من خلالها ادِّعاء وجود وشائج وطيدة بين المسلمين واليهود؛ كي ينطلقوا بعدها إلى إقرار الأصل الساميّ أصلًا جامعًا بين الاثنين؛ ما يُسهِّل عليهم حينها القول بشرعيَّة الوجود على الأرض المغتصبة، باعتبار أنَّ القصص القرآنيّ تأثَّر بالقصص التوراتيّ، وهذا يمثِّل -حسب زعمهم- دليلًا على قوَّة الوشائج بين الديانتين، التي يمكن أن يؤسَّس عليها تبادل ثقافيّ واجتماعيّ يمكِّن من التعايش السلميّ بينهم على الأرض.
ويظهر هذا الأمر واضحًا عند «أوري روبين» في ترجمته لمعاني القرآن الكريم إلى العبريَّة، وكأنَّه جعل هدفه الرئيس من هذه الترجمة تشويه الإسلام؛ لأغراض سياسيَّة تخدم صورة كيانه المحتلّ، أكثر من كونها أغراضًا علميَّة. وهذا الأمر لا يظهر في ترجمته لمعاني القرآن في جانب القصص القرآنيّ فقط، بل تعدَّى ذلك إلى كلِّ ما يتعلَّق بالآيات القرآنيَّة من موضوعات، عنوانها الرئيس خدمة السياسة الإسرائيليَّة، وتلميع صورة الكيان المحتلّ أمام العالم، وإظهار الإسلام في صورة الدين المعتدي الذي جاء لهلاك العالم بمفاهيم الجهاد والقتال التي يحتويها.
2. غلبة الطابع السياسي على الاستشراق الإسرائيلي
تميَّز «الاستشراق الإسرائيليّ بغلبة الطابع السياسيّ عليه؛ حيث إنَّ معظم اهتماماته وموضوعاته التي تناولها بالدراسة كانت سياسيَّة، وحتَّى الدينيَّة منها، أو اللغويَّة، أو الأدبيَّة، أو التاريخيَّة تمَّ استخدامها وتطويعها لخدمة أغراض سياسيَّة، ولعلَّ من أبرز الأمثلة على ذلك: ما أورده البروفيسور «أوري روبين»، صاحب أحدث ترجمة عبريَّة لمعاني القرآن الكريم صدرت في إسرائيل عام 2005م، في تعليقات ترجمته وهوامشها، من بعض الإسقاطات السياسيَّة على آيات القرآن الكريم، ولا سيَّما المتعلِّقة منها بالقتال والجهاد وعلاقة المسلمين بأهل الكتاب»[8].
وقد يدلّ على هذه القراءة السياسيَّة زعمهم أنَّ القرآن سرق قصصه من الديانة اليهوديَّة، واتِّخاذهم ذلك مطيَّة للقول بأنَّ المسلمين سارقون؛ وصولًا إلى النتيجة التي يريدونها، وهي أنَّه بما أنَّ القرآن سرق القصص، وأنَّ المسلمين سارقون، فإنَّهم سارقو الأرض التي يعيشون عليها، وهي أرض اليهود التي اغتصبوها منذ قرون؛ ما يعني أنَّ محاولاتهم الفاشلة في ادِّعاء سرقة القصص القرآنيّ للقصص التوراتيّ ليست هدفًا في ذاتها، وإنَّما مطيَّة لأهدافٍ سياسيَّة يحاولون بها تأكيد قضيَّة الوجود المزعوم.
إنَّ موقف الاستشراق الإسرائيليّ المعاصر يعدُّ امتدادًا للموقف اليهوديّ الذي اتَّخذه المستشرقون اليهود الذين لم تمنع جنسيّاتهم الأوروبيَّة من كشف الأهداف اليهوديَّة التي ينطلقون منها. وإذا كانت هناك عوامل ثلاثة رئيسة سيطرت على اتِّجاهات الحركة الاستشراقيَّة منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهي تحديدًا: التنصير، والاستعمار، والصهيونيَّة، فإنَّ الأخيرة استطاعت أن تُكيِّف الأوَّل والثاني لتحقيق أغراضها؛ إذ لا يؤثِّر على الصهيونيَّة أن يتنصَّر العالم الإسلاميّ كلّه، كما لا يؤثِّر عليها أن تحتلَّ القوى الاستعماريَّة الشرق كلّه؛ ما دام الاتِّفاق بين هذا الثالوث على تحقيق الاستعمار اليهوديّ لفلسطين قائمًا[9].
3. تقويم القراءات الاستشراقيّة السياسيّة
كلّ تلك القراءات وغيرها تقوم على قراءة متعصِّبة للمصادر الإسلاميَّة؛ بقصد التوهين من قيمة ما تقدِّمه في تغيير مسار التاريخ الإنسانيّ.
ويمكن فهم هذه القراءة وفق تقسيم الغرب للشعوب الغربيَّة على أنَّها جنس آريّ، ووفق التقسيم اليهوديّ للشعوب؛ إذ زعموا أنَّهم شعب الله المختار، وهذا ما جعل الغرب يتبنَّى تفسير العالم -تاريخه ومعتقداته- وفق نظرة الأفضليَّة التي يغذِّيها هذا التقسيم، باعتبار أنَّهم أفضل الشعوب قاطبة، وأنَّ غيرهم في أدنى الأجناس والأمم، وهذه النظرة الفوقيَّة هي التي أتت بالاحتلال والوصايا على الدول؛ لأنَّها وفق هذه النظرة مجبولة على العوار والنقص[10]. والهدف من ذلك «إضعاف مُثُل الإسلام وقيمه العليا من جانب، وإثبات تفوُّق المُثُل الغربيَّة وعظمتها من جانب آخر، وإظهار أيَّة دعوة تدعو للتمسّك بالإسلام بمظهر الرجعيَّة والتخلُّف»[11].
وقد ألقت تلك النظرة بظلالها على قراءة المستشرقين للقصص القرآنيّ، فجعلته إمَّا سائرًا في محاكاة العهد الجديد وفق النظرة الغربيَّة الاستعلائيَّة، أو مقتفيًا أثر العهد القديم وفق النظرة اليهوديَّة الفوقيَّة الانتقائيَّة. وهذا ما جعل التعصُّب ظاهرًا بصورة لا يمكن نكرانها في دراساتهم حول هذا القصص، من دون أن يكلِّفوا أنفسهم مؤونة البحث عن الخصائص التي يتميَّز بها في القرآن، ليحكموا بأهمِّيَّته وأثره، أو عن وحدويَّة المصدر الذي جاء منه هذا القصص عامَّة.
هذه القراءة السياسيَّة قائمة منذ نشأة الدراسات الاستشراقيَّة ذاتها؛ فقد كان للاستشراق منذ بداياته الأولى قراءات سياسيَّة انبنت على غاية سياسيَّة، قوامها الاستيلاء على الشرق فكريًّا وعقليًّا جنبًا إلى جنب الحركات الاحتلاليَّة، ثمّ استمرَّت هذه القراءة في أداء دورها إلى الآن، وبعد انتهاء مرحلة الاحتلال العسكريّ التي بدأت أولى خطواتها مع الحروب الصليبيَّة.
وعليه، يمكن القول: إنَّ كلَّ ما يتعلَّق بنقد القصص القرآنيّ في الاستشراق المعاصر، ومن قبله الاستشراق القديم هو في التحليل الأخير يصبّ في بعض جوانبه في القراءة السياسيَّة؛ فمن المعروف أنَّه من أهمّ أهداف الدراسات الاستشراقيَّة التي تشوِّه الإسلام -مضافًا إلى أهدافٍ أخرى- هو إضعاف الجانب الروحيّ والمعنوي في نفوس المسلمين؛ كي تقلّ مقاومة هذين الجانبين. وهذا ما يؤكِّد أنَّ نقد المستشرقين للقصص القرآنيّ كان موضوعًا من موضوعات إضعاف المقاومة الروحيَّة عند المسلمين، وهذه واحدة من وسائل السيطرة السياسيَّة؛ ما يعني أنَّ القراءة السياسيَّة للقصص القرآنيّ كان من ضمن أهدافها تشويه الحقائق عند المسلمين؛ بما يقلِّل من الحماسة الدينيَّة لديهم، وصولًا إلى فقدانهم ثقتهم بدينهم، وارتمائهم تلقائيَّا في أحضان الغرب؛ ما يسهِّل السيطرة السياسيَّة عليهم. وهذا لا يعني أنَّ نقدهم القصص القرآنيّ هو الأسلوب الوحيد الذي يحاولون به تحقيق سيطرة الغرب السياسيَّة، ولكنَّه إحدى الوسائل ذات الأهداف البعيدة التي يحلمون أن تقود إلى هذا.
ثالثًا: المباني العقديّة عند المستشرقين المسيحيّين
اعتمد المستشرقون المسيحيّون أيضًا على المبنى العقدي المسيحيّ في دراستهم للقرآن بهدف تشويه القصص القرآنيّ والانتصار للعقيدة المسيحيَّة، وما قامت عليه من قضايا، ولا سيَّما ما يتعلَّق بولادة المسيح(عليه السلام) وقضيَّة الصلب، وغيرهما من القضايا. ومن أبرز المستشرقين الذين اعتمدوا على هذه المباني العقديّة المسيحيّة:
1. المستشرق وليام فيدرر
عمد المستشرق «وليام فيدرر» إلى تقديم قراءة دينيَّة تعصُّبيَّة للقصص القرآنيّ انطلاقًا من مباني عقيدته المسيحيّة، خاصَّةً في محاولة الاستدلال على ما يعتقده من ولادة المسيح(عليه السلام) وصلبه، عبر حشده مجموعة من الأدلَّة الواهية التي لا تصمد أمام المنهج العلميّ والمعطى التاريخيّ.
فقراءة «وليام فيدرر» العقديَّة لا تختلف كثيرًا عن تلك القراءة العقديَّة التي قام بها «أوري روبين»، أو «شالوم زاوي»، أو غيرهما، والاختلاف الوحيد بينهما يكمن في أنَّ قراءة الأوَّل تنبني على العقيدة المسيحيَّة، وقراءة الثاني تنبني على العقيدة اليهوديَّة، لكنَّ «فيدرر» كان أكثر صراحة في الكشف عن قراءته عندما استند إلى قضايا خلافيَّة محوريَّة بين الإسلام والمسيحيَّة، فانطلق إلى تأكيد رأي عقيدته من خلال النفاذ إلى القصص القرآنيّ، ومحاولة مقارنته ببعض القصص الوارد في الإنجيل أو في مصادر أخرى غير إنجيليَّة، كالذي انتهى إليه في مقاربته لقصَّة الإسراء والمعارج.
ومن المتوقّع أن يُدافع «وليام فيدرر» عن عقيدته، أو أن يتحصَّن بها، لكنَّ الدفاع عنها والتحصُّن بها شيء، والتعصٌّب لها لدرجة مخالفة العلم والمنهج والضمير شيءٌ آخر، والحال أنَّ الذي أوحى به فيدرر أنَّه يتعصَّب تعصُّبًا مقيتًا، لا مجرَّد دفاع أو تحصُّن لعقيدته، ومن ثَمَّ كانت قراءته للقصص القرآنيّ قراءة عقديَّة لا تستند على منهجٍ، ولا علمٍ، ولا حقائق تاريخيَّة، ولكن كلّ ما كانت تستند إليه ليس شيئًا أكثر من التعصُّب للعقيدة المسيحيَّة.
لقد درس «وليام فيدرر» القصص القرآنيّ من منطلق أنَّ القرآن كتاب معادٍ للمسيحيَّة، وهي نظرة مستلَّة من نظرته إلى الإسلام عامَّة على أنَّه دين معادٍ للمسيحيَّة، وربَّما اليهوديَّة أيضًا، وتلك النظرة هي التي تُلقي بظلالٍ كثيفة على قراءتهم العقديَّة للقصص القرآنيّ خاصَّة، والإسلام عامَّة.
إنَّ المبنى الدينيّ الذي ينطلق منه «فيدرر» -هنا- باعتباره أحد ممثِّلي الاستشراق المعاصر؛ هو ذلك المبنى الذي انطلق منه الاستشراق القديم، بل يمكن النظر إلى دوره على أنَّه دور مكمِّل له؛ ففي الاستشراق القديم كان المبنى الدينيّ هو المبنى الرئيس الذي استندت إليه الدراسات الاستشراقيّة، وهذا ما اعترف به المستشرق المعاصر «رودي بارت» عندما ذهب إلى أنَّ العلماء ورجال اللاهوت في العصر الوسيط كانوا على اتِّصال بالمصادر الأولى في تعرُّفهم على الإسلام، وكان الاتِّصال بها على نطاق واسع، ولكنَّه يعترف -أيضًا- بأنَّ كلَّ محاولة لتقويم هذه المصادر على نحو موضوعيّ نوعًا ما كانت تصطدم بحكمٍ سابق، يتمثَّل في أنَّ هذا الدين المعادي للنصرانيَّة لا يمكن أن يكون فيه خير، وهكذا كان الناس لا يولون تصديقهم إلا لتلك المعلومات التي تتَّفق مع هذا الرأي المتَّخذ من قبل، وكانوا يتلقّون منهم كلّ الأخبار التي تلوح لهم أنّها مسيئة إلى النبيّ العربيّ وإلى الدين الإسلاميّ[12].
2. المستشرق جيمس وايت
اعتمد المستشرق جيمس وايت[13] في كتابٍ ألّفه بعنوان: «ماذا يحتاج كلّ مسيحيّ أن يعرف عن الإسلام؟»، على مبنى لاهوتيّ محض؛ ما يعني أنَّ آراءه عقديَّة من الدرجة الأولى؛ إذ يعرض في هذا الكتاب بعض القضايا العقديَّة المرتبطة ببعض القصص القرآنيّ المتعلِّق بالسيِّد المسيح(عليه السلام)، فهو يتناول قضايا من قبيل: المسيح في القرآن، القرآن وقصَّة الصلب، القرآن وقضايا الميزان والخلاص، ونبوءات محمَّد في الإنجيل، وهو وإنْ وقف عند حدود القضايا المتعلِّقة بالسيِّد المسيح في القرآن دون غيرها، فإنَّ قراءته لها جاءت قراءة عقديَّة، ويظهر ذلك جليًّا من خلال ما ذكره المؤلِّف في بداية كتابه من أنَّه يهدف من هذا الكتاب إلى تشريف المسيح الإله كما يقول، ومباركة شعب الله (يقصد المسيحيِّين)، وتزويدهم بالردود ضدَّ ما أطلق عليه «المزاعم الإسلاميَّة عامَّة والقرآنيَّة خاصَّة»[14]. وعليه، فهي قراءة تقوم في الأساس على مبنى عقديّ.
رابعًا: ملاحظات على المباني العقديّة الاستشراقيّة
يُلاحظ على المباني العقديّة الاستشراقيّة، الآتي:
مَن يزعم اقتباس القصص القرآنيّ من الكتب السابقة عليه، أو تشابهه الكلّيّ معها، أو تحريفه لها إنَّما يسير وفق قراءة ترتكز على مبنى عقديّ يبني رأيه عليه محاولًا عدم إنصاف الإسلام.
لو أنَّ هذه القراءة -حقًّا- غير عقديَّة لأثبت هؤلاء المستشرقون خلاف ذلك؛ حيث ارتكزوا على بعض القصص، أو بعض تفاصيله الموجودة في القرآن والكتب السابقة عليه من دون أن يفصحوا عن الكمّ الهائل من الاختلافات التي تزيد على التشابهات بمراحل، ولو فعلوا ذلك لوجدوا الحقيقة ماثلة أمامهم، ولأنصفوا العلم والمنهج العلميّ، لكنَّهم لم يفعلوا، لا لشيء، إلَّا لتحقيق أهدافهم العقديَّة. وهذا ما صرَّح به بعضهم عندما أكَّد أنَّ المستشرق لا يؤلِّف من كتبه إلَّا ما يكون مفيدًا للمبشِّرين في عملهم؛ كي يكون عونًا للحلقات الدراسيَّة في الكنيسة في دراسة مسائل الإسلام[15].
تنطلق تلك القراءات العقديَّة لإثبات مجموعة من المعلومات السابقة التي يحاول فيها الباحث تأكيدها بشتَّى السبل، من دون مراعاة أدبيَّات المناهج العلميَّة ومنطلقاتها وأسسها؛ وذلك تمريرًا لقراءته الدينيَّة، ومحاولةً لإجبار الآخر على الانصياع لها، ولكسب تعاطف أتباع تلك العقيدة التي ينتسب إليها وتأييدهم.
بعض المستشرقين مارسوا العبث بعلوم الدين؛ وهم لا يؤمنون به، وقد أخضعوه لدراستهم[16]! في حين أنَّ الانتماء والالتزام بالدين للباحث في الأديان، له بالغ الأثر على فهمه لها، ولكنَّه في الوقت نفسه يمكِّنه من أنْ يكون حسَّاسًا تجاه البعد الروحيّ للأديان، دينه ودين الآخرين على السواء[17].
تمثِّل هذه القراءات العقديَّة الاستشراقيّة للقرآن الكريم قراءات عبثيَّة، وتعدُّ نتيجةً منطقيَّةً لتلك القراءات المتحيِّزة ضدّ الإسلام، والتي بنى عليها الاستشراق القديم أركانه لأسبابٍ تتعلَّق به وحده. وهذا هو السبب الجوهريّ في كونه لم يصِل في الماضي إلى فهمٍ جيِّد للإسلام دينًا وحضارةً، كما أنَّه لن يتمكَّن من الوصول إلى هذا الفهم في الحاضر والمستقبل، ما دامت تسيطر على عقل المستشرق ووجدانه عوامل التحيُّز المختلفة، ومن ثَمَّ فلا أملَ في إصلاح الحال ما دام الاستشراق يستمرُّ على حاله، وتتحكَّم به دوافعه وأهدافه غير العلميَّة[18].
خامسًا: المباني الإلحاديّة للمستشرقين
1. مفهوم الإلحاد
يُعدّ الإلحاد من الظواهر القديمة والمعقّدة والديناميكيّة التي تتداخل فيها عوامل مختلفة بين شخصيّ واجتماعيّ ونفسيّ، وتعود جذور كلمة إلحاد إلى ترجمة المصطلح اليونانيّ القديم (atheos) الذي يعطي السلب والنفي؛ أي نفي وجود الله[19].
والإلحاد في اللغة يفيد معنى الميل والانحراف والعدول عن الاستقامة، وهو مأخوذ من كلمة «لحد». يقول ابن فارس: «اللام والحاء والدال أصلٌ يدلّ على ميل عن استقامة، يُقال ألحد الرجل إذا مال عن طريقة الحقّ والإيمان، وسمّي اللحد؛ لأنَّه مائل في أحد جانبي الجدث...»[20]. والإلحاد بالمعنى الاصطلاحيّ الواسع هو عدم الاعتقاد بوجود إله. ويعزى سبب ذلك الاعتقاد إلى عدم وجود أدلّة كافية على وجوده[21].
ووردت مفردة «إلحاد» في القرآن الكريم في مواضع عدّة بمعانٍ مختلفة؛ منها: قوله تعالى: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج: 25)، وهي بمعنى: الميل عن الحقّ والاستقامة.
كما ورت في قوله تعالى: (لِّسَان الَّذِي يُلْحِدُونَ إليه أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَان عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) (النمل: 103)؛ بعمنى: يميلون إليه. و«قرأ حمزة والكسائيّ «يلحدون» بفتح الياء والحاء، والباقون بضمّ الياء وكسر الحاء، وهما لغتان، يقال: ألحد يلحد إلحادًا، فهو ملحد، ولحد يلحد فهو ملحود، وقيل لحد في القبر وألحد في الدين، والإلحاد الميل عن الصواب ويقال للذي يميل عن الحقّ ملحد، ومند اللحد في جانب القبر»[22]. وعليه، فمفهوم الإلحاد في القرآن الكريم يوافق المعنى اللغويّ المتقدِّم.
2. تاريخ الإلحاد في الغرب ودوافعه
يُعدّ ظهور الإلحاد في الفكر الغربيّ ردّة فعل إزاء تصرّفات الكنيسة التي جعلت من الدين طلاسم غيبيّة لا يفهمها إلّا رجال الدين أنفسهم، فضلًا عن الممارسات الدينيّة المتعسّفة، وتطوّر العلوم التجريبيّة وعجز الكنيسة عن تقديم الحلول والمعالجات لذلك؛ ما أدّى بكثير من الأوروبيّين إلى الإلحاد، لا سيّما مع تنامي النهضة لديهم، وقد تبنّى الترويج لهذا الفكر مجموعة من الفلاسفة؛ كنيتشه، وأنجلز، وماركس، وغيرهم[23].
إنَّ المتأمّل في أسباب انتقال الإلحاد للشرق يقف على جملة دوافع؛ منها عقديّة، وأخرى علميّة، وثالثة حضاريّة، فالدوافع العقديّة التي تبنّاها المستشرقون لتصدير الإلحاد للبلاد الإسلاميّة تأتي في مقدّمتها التبعيّة والتقليد للغرب وتقهقر العالم الإسلاميّ أمام الموجة الأوروبيّة إلى جانب جمود الفكر الإسلاميّ ومحاربة التجديد فيه، أمّا الدوافع الحضاريّة التي تبنّاها المستشرقون لتصدير الإلحاد، فهي النهضة الأوروبيّة الحديثة وتطوّر البلاد الغربيّة، واكتشافات العلم الحديث؛ كلّها تُعدّ وسائل وأسباب لنشوء الإلحاد في الشرق[24].
3. أقسام الإلحاد
يمكن تقسيم الإلحاد وتصنيف الملحدين إلى قسمين؛ هما:
الإلحاد الصلب أو الإلحاد الإراديّ، وهو النوع الذي لا يؤمن صاحبه بوجود إله، ومن ثمّ فهو ينكر النبوّة والوحي والغيبيّات، ولا يؤمن بوجود خالق للكون أصلًا؛ بل يرجع ذلك إلى الطبيعة أو غيرها.
الإلحاد غير الصلب (السلبيّ أو اللاإراديّ)، وهو الذي لا يؤمن صاحبه بوجود إله ولا ينكره؛ بل يدعي عدم وجود دليل على وجوده، فهو متوقّف بين النفي والإثبات[25].
وتجدر الإشارة إلى أنَّ ثمّة تفاوتًا بين الإلحاد الغربيّ والإلحاد في البلاد الإسلاميّة؛ كون الإلحاد الغربيّ يتبنّى نظريّة موت الإله، وبالتالي فهو وريث الإلحاد اليونانيّ القديم أو المذهب الطبيعيّ أو ما يسمّى بالإلحاد الصلب، في حين أنَّ بعض الإلحاد العربيّ ينكر ثوابت الدين؛ كالنبوّة والوحي والغيبيّات وغيرها، ولا ينكر وجود الخالق، فهو إلحاد من النوع الثاني.
4. الإلحاد عند المستشرقين
لم يكن الإلحاد حاضرًا في الفكر الغربيّ فقط؛ بل يمكن عدّه الحاضن الأبرز لطروحاته، فقد صدرت دراسات متعدّدة لمُنَظّرين غربيّين عُدّت ابتكارات في المجال الإلحاديّ، كان أبرزها نظريّة الهيومانيّة.
أ. نظريّة الهيومانيّة (الإنسانويّة أو تأليه الإنسان)
هي مذهب فكريّ ظهر وتبلور في القرن التاسع عشر، تعتبر أنَّ الإنسان هو أسمى كائن من الكائنات الأرضيّة، بل هو أسمى كائن من الكائنات السماويّة؛ بما فيها الإلهيّات. ومن أبرز دعاتها فردريك إدواردز، ولها أربعة أنواع: الإنسانويّة القديمة، وإنسانويّة العصور الوسطى، وإنسانويّة عصر النهضة، والإنسانويّة المعاصرة[26].
ويعدّ جان جاك روسو من دعاة الهيومانيّة، فقد شرع بالتأسيس لفكرة بديلة عن الإيمان بالإله؛ وهي الإيمان بالإنسان نفسه، أو الإيمان بالإنسان فحسب، وهذا ما يسمّى مبدأ الإرادة العامّة؛ أي إرادة المجتمع، وأمام هذا المبدأ يتنازل الإنسان عن إرادته الخاصّة، ويكون المجتمع هو المطلق المادّيّ الأوحد؛ ولعلّ روسو يدعو عبر الهيومانيّة إلى إقرار دين طبيعيّ مادّيّ قائم على تأليه المجتمع، فالمجتمع هو المطلق العلمانيّ الذي سيحلّ محلّ المطلق اللاهوتيّ.
وعليه، فالفلسفة الهيومانيّة ضحّت أوّل شيء بالإنسان نفسه، فجعلت المجتمع هو الحاكم المطلق، فالإنسان حينما أعلن نفسه حاكمًا مطلقًا ضحّى ببعده الإنسانيّ، وقد تأثّر بهذه النظريّة وتبنّاها جملة من الفلاسفة؛ كنيتشه، وداروين، وغيرهما [27]، في حين وصف بعضهم هذه النظريّة بأنَّها أنسنة الكون، وهي المركزيّة الإنسانيّة التي أرجعها إلى طرح أسطورة الأصل الإغريقيّة؛ بوصفها بديلًا عن أسطورة الأصل الدينيّة[28]، وهي ما عبّر عنه بالأسطورة البروميثيّة[29].
ب. الإلحاد العقلي
ظهر الإلحاد العقليّ في مؤلّفات جملة من المستشرقين؛ وعلى رأسهم جورج هـ. سميث، الذي ألّف كتابًا في هذا المضمار ووسمه بـ«الإلحاد القضيّة ضدّ الله» وذهب فيه إلى أنَّ «الإلحاد موقف عقلانيّ، وأنَّ الايمان بالله تعالى أمرٌ لا يستند إلى العقلانيّة، وأنَّ الدين المؤمن بوجود إله قائمٌ على الزيف، فضلًا عن أنّه شيء ضارّ...»[30].
وقد سار على هذا المنوال الملحد مايكل مارتن، في كتابه «الإلحاد ومُبرّره الفلسفيّ»، فذهب إلى «أنَّ المحاجّات الكلاسيكيّة للتدليل على وجود الله غير صحيحة، وأنَّ التجربة الدينيّة لا يمكن أنْ تنهض أساسًا لصحّة المعتقدات الدينيّة، وأنّه من الخطأ التدليل على صحّة الدين بِصحّة ما ورد فيه من خوارق ومعجزات...»[31].
وعلى النهج نفسه سار تادس كليمنتس، في كتابه «العلم مقابل الدين»، حيث اعتقد «أنَّ الإيمان بوجود الله [تعالى] إهانة للعقل البشريّ»، وأضاف أنَّ «كثيرًا من المؤمنين بوجود الله تعالى -رغم أنّهم لا يقولون ذلك- يعتقدون الشيء نفسه؛ لأنّهم يمتدحون الإيمان كفضيلة؛ وذلك فقط إذا ما وجدوها تتعارض مع مبادئ الإدراك السليم؛ أي حين يعتقدون أنَّ هذا الايمان يُجافي أحكام العقل»[32].
ومن أبرز المنظّرين الغربيّين للفكر الإلحاديّ الحديث الفيلسوف الألمانيّ فيورباخ الذي دار بحثه عن الإله في محاور ثلاثة؛ الأوّل: تمحور تفكيره الفلسفيّ حول الله تعالى، والثاني: تمحور تفكيره الفلسفيّ حول العقل، والثالث: تمحور تفكيره الفلسفيّ حول الإنسان، وعليه فإنَّ تفكير فيورباخ جاء بثلاث مقاربات للذات الإلهيّة، الأولى: هي أنَّ مفهوم الذات الإلهيّة مقاربة لمفهوم الإنسان، وهنا يكون الإنسان هو الإله، الثانية: تقارب مفهوم الذات الإلهيّة مع مفهوم الطبيعة، وهنا تكون الطبيعة هي الإله، والثالثة تكوّنت على اعتبار أنَّ الإله منتج إنسانيّ، أي أنَّه قائم على تصوّرات الإنسان نفسه في حالات الضعف؛ كي تلجأ إلى قوّة خفيّة[33]، ولا ريب أنَّ هذا الفكر الإلحاديّ قد وجد صداه في أرجاء المعمورة؛ ولا سيّما عند شعراء الحداثة الذين تعلّقوا بخيوط الغرب.
ج. اندثار الدين
من المسائل الإلحاديّة التي طرحها المستشرقون مسألة اندثار الدين التي تنبّأ بها جواتشيم كاهل؛ بصفته ملحدًا ماركسيًّا تقليديًّا؛ وذلك عندما ترفع المظالم عن البشريّة وتحلّ العدالة فيما بينهم، فلا يكون هناك حاجة للدين، ولا غرو أنَّه تنبأ أيضًا باندثار الإلحاد نفسه؛ لأنّه عندما يختفي الدين من سطح الأرض لن تكون هناك حاجة إلى الإلحاد، وعندئذٍ سوف تمرّ الإنسانيّة بحقبة يسيطر عليها المذهب الإنسانيّ الحرّ، الذي يتجاوز حدود الإيمان بوجود الله، ويتجاوز حدود الإلحاد أيضًا[34]، وهو مفهوم المادّيّة الخالصة الذي تبنّاه وروّج له فولتير.
وأحد أوجه الإلحاد «أنَّ الإنسانيّة لا بدّ أنَّها عاشت قرونًا متطاولة في حياة مادّيّة خالصة، ثمّ اخترع الدهاة الماكرون فكرة الألوهيّة لخداع البسطاء السذّج»[35].
د. الإلحاد الجديد (الفرسان الأربعة)
لا ريب أنَّ أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد ألقت بظلالها على تطوّر الفكر الإلحاديّ والترويج له ومحاولة تصديره نحو الشرق الأوسط؛ لأنَّ مفكّري الغرب قد وجدو الفرصة المناسبة لضرب الإسلام، وربط تلك الأحداث به، وإنشاء مصطلح اسمه الارهاب؛ ما أدّى إلى تأليف كتب عدّة لمستشرقين أمريكيّين؛ مثل: سام هارس[36]، الذي يُعدّ من أقطاب الإلحاد الجديد فألّف كتابًا أسماه: «نهاية الإيمان، الدين، الإرهاب، نهاية العقل»، أمّا ريتشارد دوكنز[37]، فقد أصدر محاضرات عدّة؛ بعنوان «ميليشيا الإلحاد»، حيث يقول: «إنَّ ملء عالم بالدين أو بالأديان الإبراهيميّة هو تمامًا كملء الشوارع بالمسدّسات المحشوّة بالرصاص»[38]، وبهذا عدّ دوكنز الدين مصدرًا للشرور حسب زعمه، فراح يحثّ على زوال الأديان؛ ولا سيّما الإسلام، فقال: «أتمنّى حقًّا حقًا أن أرى الدين يزول تمامًا»[39].
لقد استعمل الملحدون المعاصرون طرقًا متعدّدة لتوجيه الإلحاد؛ منها: الهجوم على الأديان، ومنها: الشهرة للملحدين وتصويرهم بأنَّهم فرسان (الفرسان الأربعة) وطبع صورهم على الملابس وغيرها.
وهنا نقف على مدى حرص الفكر الاستشراقيّ على نقل الإلحاد إلى البلاد العربيّة؛ لكي يقضي على الثقافة الإسلاميّة تمامًا، وعليه يحقّ لنا أنَّ نتساءل كيف يتمّ نقل الإلحاد إلى الشرق؟ هل سيشرع الملحدون الغربيّون بالتجوّل في شوارع الشرق ويحملون اللافتات التي تدعو إلى الإلحاد أم ماذا؟ لا شكّ أنَّه يتمّ عبر الترويج له وزرعه في أهل الشرق ليقوموا بالترويج له بأنفسهم، ونشره على حساب عقائدهم.
الخاتمة
لقد اعتمد المستشرقون اليهود والمسيحيّون على تحكيم المباني الدينيّة لديهم في دراستهم للدين الآخر؛ لذا تجد المبنى الدينيّ العقديّ عندهم من أبرز المباني التي يعتمد عليها المستشرقون في دراستهم للقرآن الكريم، وإنّ تحكيم المباني العقديّة اليهوديّة تبدو واضحة في الاستشراق اليهوديّ، ومن بعده الاستشراق الإسرائيليّ المعاصر.
تعدُّ القراءة السياسيَّة واحدة من القراءات التي يعمل عليها الاستشراق في بعض جوانبه، فالاستشراق القديم كان يمهِّد للاحتلال أو لشرعنة وجوده في الأراضي العربيَّة والإسلاميَّة، أمَّا الاسستشراق المعاصر فينحصر هدفه السياسيّ -من خلال تناوله للقصص القرآنيّ- في شرعنة وجود الكيان الصهيونيّ، أو كسب التأييد له، أو محاولة تصوير الوضع على أنَّه تبادل ثقافيّ وغيره.
تقوم هذه القراءات وغيرها على قراءة متعصِّبة للمصادر الإسلاميَّة؛ بقصد التوهين من قيمة ما تقدِّمه في تغيير مسار التاريخ الإنسانيّ.
لم يختلف الحال عند المستشرقين المسيحيّين باعتمادهم بل وإقحامهم المبنى العقدي المسيحيّ في دراستهم للقرآن؛ بهدف تشويه القصص القرآنيّ والانتصار للعقيدة المسيحيَّة، ومن أبرز المستشرقين الذين اعتمدوا على هذه المباني العقديّة المسيحيّة: وليام فيدرر، وجيمس وايت.
مَن يزعم اقتباس القصص القرآنيّ من الكتب السابقة عليه، أو تشابهه الكلّيّ معها، أو تحريفه لها، إنَّما يسير وفق قراءة ترتكز على مبنى عقديّ يبني رأيه عليه محاولًا عدم إنصاف الإسلام.
لو أنَّ هذه القراءة -حقًّا- غير عقديَّة لأثبت هؤلاء المستشرقون خلاف ذلك.
تنطلق تلك القراءات العقديَّة لإثبات مجموعة من المعلومات السابقة التي يحاول فيها الباحث تأكيدها بشتَّى السبل، من دون مراعاة أدبيَّات المناهج العلميَّة ومنطلقاتها وأسسها.
مارس بعض المستشرقين العبث بعلوم الدين؛ وهم لا يؤمنون به، وقد أخضعوه لدراستهم!
تنوّعت دوافع المستشرقين الملحدين بين عقديّة، وأخرى علميّة وحضارية، وقد ظهر الإلحاد العقليّ في مؤلّفات جملة من المستشرقين؛ وعلى رأسهم جورج هـ. سميث. ومن المسائل الإلحاديّة التي طرحها المستشرقون مسألة اندثار الدين.
يمكن تقسيم الإلحاد وتصنيف الملحدين إلى قسمين؛ هما: الإلحاد الصلب أو الإلحاد الإراديّ، والإلحاد غير الصلب (السلبيّ أو اللاإراديّ).
لم يكن الإلحاد حاضرًا في الفكر الغربيّ فقط؛ بل يمكن عدّه الحاضن الأبرز لطروحاته، فقد صدرت دراسات متعدّدة لمُنَظّرين غربيّين عُدّت ابتكارات في المجال الإلحاديّ، كان أبرزها نظريّة الهيومانيّة.
يُعدّ الإلحاد من الظواهر القديمة والمعقّدة والديناميكيّة التي تتداخل فيها عوامل مختلفة بين شخصيّ واجتماعيّ ونفسيّ. والإلحاد بالمعنى الاصطلاحيّ الواسع هو عدم الاعتقاد بوجود إله.
كان ظهور الإلحاد في الفكر الغربيّ ردّة فعل إزاء تصرّفات الكنيسة التي جعلت من الدين طلاسم غيبيّة لا يفهمها إلّا رجال الدين أنفسهم، فضلًا عن الممارسات الدينيّة المتعسّفة، وتطوّر العلوم التجريبيّة وعجز الكنيسة عن تقديم الحلول والمعالجات لذلك.
المتأمّل في أسباب انتقال الإلحاد للشرق يقف على جملة دوافع؛ منها عقديّة، وأخرى علميّة، وثالثة حضاريّة.
لقد استعمل الملحدون المعاصرون طرقًا متعدّدة لتوجيه الإلحاد؛ منها: الهجوم على الأديان، ومنها: الشهرة للملحدين وتصويرهم بأنَّهم فرسان (الفرسان الأربعة) وطبع صورهم على الملابس وغيرها.
لائحة المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
ابن فارس، معجم مقاييس اللغة.
أبو غدير، محمّد محمود، ترجمة: أوري روبين لمعاني القرآن الكريم بالعبريّة.
إدريس، محمّد جلاء، الاستشراق الإسرائيلي في المصادر العبريّة، لا ط، القاهرة، العربيّ للنشر والتوزيع، 1995م.
بخوش، عبد القادر، مناهج الاستشراق المعاصر في الدراسات الإسلاميَّة، ط1، الكويت، دار الضياء، 2014م.
بلير، جون سي: مصادر الإسلام بحث في مصادر العقيدة وأركان الديانة المحمَّديَّة، ترجمة: مالك مسلماني، لا ط، لا م، لا ن، لا ت.
البهنسي، أحمد، «الاستشراق الإسرائيلي ... الإشكاليّة والسمات والأهداف.
حسن، محمَّد خليفة، أزمة الاستشراق الحديث والمعاصر، لا ط، الرياض، عمادة البحث العلميّ في جامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلاميَّة، 1421هـ.ق/ 2000م.
الخضري، أنور بن قاسم، آثار ونتائج الانحرافات الفكريّة الإلحاد أنموذجًا، مكة المكرّمة، رابطة العالم الإسلامي.
درّاز، محمد عبد الله، الدين، ط1، مصر، مؤسّسة هنداوي للثقافة والتعليم، 2012م.
زقزوق، محمود حمدي، الاستشراق والخلفية الفكريّة للصراع الحضاري، القاهرة، دار المعارف، 1997م.
سرور، هيثم طلعت علي، موسوعة الردّ على الملحدين العرب، كتاب إلكترونيّ.
شوقي، رأفت، الإلحاد نشأته وتطوره، لا ط، القاهرة، دار الكتاب الحديث، لا ت.
الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان.
طلعتي، محمد هادي، الهيومانيّة دراسة تحليليّة نقديّة للأسس والجذور، تعريب: علي حسن الهاشميّ، المركز للدراسات الاستراتيجيّة.
عثمان، عبد الكريم، معالم الثقافة الإسلاميَّة، ط16، لا م، مؤسَّسة الرسالة، 1992م.
العجيري، عبد الله بن صالح، ميليشيا الإلحاد مدخل لفهم الإلحاد الجديد، ط2، مؤسسة تكوين، 2014م.
عوض، ملحدون محدثون معاصرون.
فوك، يوهان، تاريخ الاستشراق.. الدراسات العربيّة والإسلاميّة في أوروبا حتّى بداية القرن العشرين، ترجمة: عمر لطفي، ط2، بيروت، دار المدار، 2001م.
المسيري، العلمانيّة الجزئيّة والعلمانيّة الشاملة.
المشهراوي، سوزان: «الإلحاد المعاصر سماته آثاره أسبابه وعلاجها»، مجلّة كلّيّة الدراسات الإسلاميّة، العدد 35، 1440هـ.
النملة، عليّ بن إبراهيم: ظاهرة الاستشراق مناقشات في المفهوم والارتباطات، ط2، الرياض، لا ن، 1424هـ.ق/ 2003م.
المصادر الأجنبيّة
White, James R.: What Every Christian Needs to Know About the Qur’an, Published May 1st 2013 by Bethany House Publishers.
-----------------------------------
[1](*)- باحث في الدراسات القرآنية، وأستاذ في جامعة المصطفى، لبنان.
[2]- إدريس، محمّد جلاء، الاستشراق الإسرائيليّ في المصادر العبريَّة، ص84.
[3]- انظر: أبو غدير، محمَّد محمود: «ترجمة أوري روبين لمعاني القرآن الكريم بالعبريَّة»، على الرابط الآتي:
http://www.alhiwartoday.net/node/565.
[4]- انظر: أبو غدير، «ترجمة أوري روبين لمعاني القرآن الكريم بالعبريَّة»، م.س.
[5]- انظر: فوك، يوهان، تاريخ حركة الاستشراق.. الدراسات العربيَّة والإسلاميَّة في أوروبا حتَّى بداية القرن العشرين، المقدِّمة، ص7.
[6]- ومن هذه الكتابات الاستشراقيَّة المعاصرة -على سبيل المثال لا الحصر-: «الموسوعة اليهوديَّة» (The jewish Encyclopedia)، كتاب المستشرق الإسرائيليّ أوري روبين، بعنوان: «بين الكتاب المقدَّس والقرآن .. أبناء إسرائيل وصورة الإسلام الذاتيَّة».
(Between Bible and Qur'an... The Children of Israel and The Islamic Self Image).
[7]- البهنسي، أحمد: «الاستشراق الإسرائيليّ ... الإشكاليَّة والسمات والأهداف»، مقال منشور على الرابط الآتي:
https://vb.tafsir.net/tafsir35662/#.Xj3GYtSF7wc.
[8]- البهنسي، «الاستشراق الإسرائيليّ ... الإشكاليَّة والسمات والأهداف»، م.س.
[9]- إدريس، الاستشراق الإسرائيليّ في المصادر العبريَّة، ص85.
[10]- انظر: بخوش، عبد القادر، مناهج الاستشراق المعاصر في الدراسات الإسلاميَّة، ص311-313.
[11]- عثمان، عبد الكريم، معالم الثقافة الإسلاميَّة، ص99.
[12]- انظر: زقزوق، محمود حمدي، «الاستشراق والخلفيَّة الفكريَّة للصراع الحضاريّ»، كتاب الأمَّة، ص32-33.
[13]- جيمس وايت (James White): ولد عام 1962م. يدرِّس اللغات اليونانيَّة والعبريَّة واللاهوت في جامعة غولدت غيت اللاهوتيَّة في أريزونا. له كتاب بعنوان: «ماذا يحتاج كلّ مسيحيّ أن يعرف عن الإسلام؟»
(What Every Christian Needs to Know About the Qur’an).
[14]- White, James R.: What Every Christian Needs to Know About the Qur’an, Published May 1st 2013 by Bethany House Publishers, p.4- 6.
[15]- انظر: بلير، جون سي، مصادر الإسلام بحث في مصادر العقيدة وأركان الديانة المحمَّديَّة، ص6.
[16]- انظر: النملة، علي بن إبراهيم، ظاهرة الاستشراق مناقشات في المفهوم والارتباطات، ص210.
[17]- انظر: حسن، محمّد خليفة، أزمة الاستشراق الحديث والمعاصر، ص259.
[18]- انظر: م.ن، ص276-277.
[19]- انظر: المشهراوي، سوزان، «الإلحاد المعاصر سماته آثاره أسبابه وعلاجها»، ص963-964.
[20]- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج5، ص236.
[21]- انظر: شوقي، رأفت، الإلحاد نشأته وتطوره، ص35.
[22]- انظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان، ج6، ص199.
[23]- انظر: الخضري، أنور بن قاسم، آثار ونتائج الانحرافات الفكريّة الإلحاد أنموذجًا، ص10.
[24]- انظر: م.ن، ص10.
[25]- انظر: العجيري، عبد الله بن صالح، ميليشيا الإلحاد مدخل لفهم الإلحاد الجديد، ص19-20.
[26]- انظر: طلعتي، محمّد هادي، الهيومانيّة دراسة تحليليّة نقديّة للأسس والجذور، ص15-28.
[27]- انظر: سرور، هيثم طلعت علي، موسوعة الردّ على الملحدين العرب، ص13.
[28]- انظر: المسيري، العلمانيّة الجزئيّة والعلمانيّة الشاملة، ص103.
[29]- البروميثية: هي اتجاه فكريّ ينسب إلى الإله اليونانيّ بروميثيوس الذي سرق نار المعرفة من الآلهة ليعطيها إلى البشر، ففي الحضارة الغربيّة يحلو للغرب دومًا أنَّ يرى نفسه بروميثيًّا، أمّا الحضارات الأخرى فهي غير بروميثيّة (للمزيد انظر: https://www.alkhaleej.ae/).
[30]- نقلًا عن: عوض، ملحدون محدثون معاصرون، ص86.
[31]- نقلًا عن: م.ن، ص80.
[32]- نقلًا عن: عوض، ملحدون محدثون معاصرون، ص96.
[33]- انظر: الخضري، آثار ونتائج الانحرافات الفكريّة والإلحاد أنموذجًا، م.س، ص17.
[34]- انظر: عوض، ملحدون محدثون معاصرون، ص98.
[35]- نقلًا عن: درّاز، محمّد عبد الله، الدين، ص83.
[36]- هو مستشرق وفيلسوف وعالم أعصاب أمريكيّ، ولد عام 1967م، وهو أحد المنتقدين للأديان وأهمّ أقطاب الإلحاد المعاصر، ويعدّ أحد أهمّ مؤيّدي الشكوك العلميّة، يتميّز بدفاعه المستميت عن العلمانيّة، ويرى لكلّ شخص الحقّ في انتقاد الأديان (انظر: المشهراوي، الإلحاد المعاصر سماته آثاره أسبابه وعلاجها، م.س، ص971-972).
[37]- مستشرق وعالم سلوك حيوان وأحياء تطوّريّة ومؤلّف بريطانيّ، وكان أستاذًا لمادّة الفهم العام للعلوم في جامعة أكسفورد، وهو زميل فخريّ لكلّيّة نيو كوليج، برز دوكينز عام 1976م عندما نشر كتابه (الجين الأنانيّ)، الذي أشاع وجهة نظر ارتكاز التطوير على الجينات، وقام بصياغة مصطلح ميم. وفي كتابه النمط الظاهريّ الموسّع عام 1982م أدخل في علم الأحياء التطوّريّ مفهومًا مؤثّرًا، وهو أنَّ التأثيرات الظاهريّة للجين ليس بالضرورة أن تقتصر على جسم الكائن الحيّ، بل إنما يمكن أنَّ تمتد في البيئة. قام دوكينز بتأسيس مؤسّسة ريتشارد دوكينز للعلوم والمنطق عام 2006م. (انظر: https://ar.wikipedia.org/wiki)
[38]- نقلًا عن: المشهراوي، الإلحاد المعاصر سماته آثاره أسبابه وعلاجها، م.س، ص969.
[39]- م.ن، ص970.