الباحث : عمر علي حسين ، أ.د. منشد فالح وادي
اسم المجلة : دراسات استشراقية
العدد : 43
السنة : صيف 2025م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث : June / 18 / 2025
عدد زيارات البحث : 112
الملخّص
يُدرَج اللوغوس ضمن المفاهيم الفلسفيّة وَالدينيّة الأكثر تعقيدًا وَتأثيرًا مقارنةً بالمفاهيم الأُخرى، وَالأَقدم تاريخًا وَجدلًا عَلَى مَرّ العصور، إِذْ يلعب دورًا جوهريًّا فِيْ بناء تَصوّرات لاهوتيّة أَوْ دينيّة أَوْ فكريّة بَيْنَ الشرائع الإبراهيميّة، تَتَناول الدراسة اللوغوس بطريقةِ مُكَثَفة مِنْ حَيْثُ أُصولهُ التاريخيّة وَالفكريّة وَدلالاته فِيْ التَقليدِ الديني.
يَنبَثق اللوغوس فِيْ اليهوديّة فِي الفكرِ الحاخامي وَالفلسفي، حَيْثُ يقترن بـ«الحكمة» أَوْ «الكلمة» اللتان تَظهران فِي التوراة بوضوح، وَ«الملائكة» أَوْ «الجن» كَمَا يبدو حاضرًا فِي كتابات فيلون الَّذِي عرضه كوسيط بَيْنَ الخالق وَمخلوقاته، وَكشريك فعلي وَفعال فِي الخلقِ وَمساعد لله جَلَّ فِي عُلاهِ.
أَمَّا فِيْ المسيحيّة فَنَالَ اللوغوس بُعدًا َأَساسيًا فِيْ اللَّاهوت، كَمَا وَرَدَ فِيْ استهلال إنجيل يوحنا، وَعَلَى أَثَّرَهَا تَكَوَّنت العقيدة المسيحيّة متأثرة بطرح فيلون، وَمِنْ خلاله يَبدو اللوغوس عَلَى أَنَّهُ الكلمة المتجسدة فِي المسيح(عليه السلام)، فِيْ طَبيعتهِ «البشريّة»، وَباعتباره وسيطًا بَيْنَ الإله أَوْ طبيعته «الربانيّة» وَبَيْنَ البشر، وَكتمثيل للوحي.
أَمَّا فِيْ الإسلام فَلا يوجد هكذا مفهوم أَوْ انعكاس، حَيْثُ لَمْ أَجدْ ذلك فِي التراث الإسلامي وَلا فِيْ أَيْ نَصّ آخر، وَلَكِنْ نويفيرت تحاول جاهدة فِيْ توجيه التأويل لصالحها عَنْ طَريق استخدام منهجي للقرآن، يُمَكِّنهَا مِنْ الإقرار باللوغوس فَيْ ضوءِ سورة الرحمن، لتقرّ بِأَنَّهُ «العلم» أَوْ «البيان» أَوْ «القرآن» باعتباره كَلِمة الله، وَيَبدو مِنْ خلال محاولاتها أَنَّهَا تطاوع المفاهيم اليهوديّة وَالمسيحيّة عَلَى حساب القرآن.
وتَهدفُ الدراسة إِلَى تَحليل ونقد اللوغوس تبعًا لكتابات نويفيرت، وَالتعرف عَلَى المقاربات وَالتناقضات بَيْنَ لوغوس الديانات، وَانعكاسهُ عَلَى الفكر الفلسفي وَالديني.
الكلمات المفتاحيّة: اللوغوس، التجلي، أنجيليكا نويفيرت، الفلسفة، الكتاب المقدّس، القرآن الكريم.
أوّلًا: معنى اللوغوس
اللوغوس (logos) وَهِيَ كلمة اغريقيّة تنسب للعصور الهيلينيّة [3]، وَتَدُلُّ عَلَى معانٍ متعددة وَاختلفت كَمَا يأتي:
1. اللوغوس عند الفلاسفة
عَرَّفَهُ الفيلسوف هرقليطس[4]، وَهْوَ أَوْل مَنْ قَالَ بِهِ، وَهْوَ القانون الكلي للكون، فَقالَ فِيْهِ أَنَّ «كل القوانين الإنسانيّة تتغذّى من قانون إلهي واحد: لأن هذا يسود كل من يريد ويكفي للكلّ ويسيطر عَلَى الكل» وَقَدْ عَرَّفَهُ بِشكلِ آخر قالَ فِيْهِ «يسيطر على الكون ناموس»[5] وبهذا الرأي أخذ الرواقيون[6]، فقالوا إنَّهُ العقل أَوْ المادة، «وهو المبدأ الفعال في العالم، وهو الَّذِي يشيع فيه الحياة، وهو الَّذِي ينظم ويرشد العنصر السلبي في العالم وهو المادة»[7][8].
وَقَدْ سَمّى الفيلسوف أنكسجوراس[9] الكلمة بالعقل وَوصفهَا بِأَنَّهَا «جوهر مجرد خالد واحد لا يتعدّد، وهذا العقل هو الصلة بين الله والعالم وأداته للخلق والتكوين»[10].
أَمَّا أفلاطون[11] فَلَمْ يَستخدم لَفظ اللوغوس فِيْ كتاباته، وَلَكِنَّهُ كانَ يُشير إِلَيْهِ بِأَنَّهُ عقل «كان كامنًا في العالم، وفي الوقت نفسه هو العقل الإلهي المتعالي»[12].
2. اللوغوس عند اليهود
لَمْ يَذكر التراث اليهودي لَفظ اللوغوس بالشكل المباشر وَالصريح؛ لأَنَّ اللوغوس لفظة تُنسَب للإغريق وَليس للعبريّة، مَعَ ذَلِكَ فَلَقَدْ وَردت مُرادفات لمفهوم اللوغوس فِيْ العهد القديم مِنْ الكتاب المقدس، مِثْلُ «الرب» أَوْ «الحكمة» أَوْ «ميمرا» باللُّغة الآراميّة الَّتِي تَعني «الكلمة»، وَكَمَا يأتي بعض دلالات اللوغوس الَّتِي تَبَنّتهَا اليهوديّة وَنشأت فِيْ ضوئهَا عقيدتهُمْ «فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِية، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ»، فَكَانَ نُورٌ»[13]، «بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ»[14]، وَصيغت دلالة «الكلمة» الَّتِي تُماثل اللوغوس مِنْ التوراة وَتحديدًا هَذِهِ النَصوص[15]، أَمَّا دلالة «الحكمة»، فَلَقَدْ صيغت مِنْ النَصّ الآتي[16]: «لأَنَّ الْحِكْمَةَ أَسْرَعُ حَرَكَةً مِنْ كُلِّ مُتَحَرِّكٍ؛ فَهِيَ لِطَهَارَتِهَا تَلِجُ وَتَنْفُذُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. فَإِنَّهَا بُخَارُ قُوَّةِ اللهِ، وَصُدُورُ مَجْدِ الْقَدِيرِ الْخَالِصُ؛ فَلِذلِكَ لاَ يَشُوبُهَا شَيْءٌ نَجِسٌ، لأَنَّهَا ضِيَاءُ النُّورِ الأَزَلِيِّ، وَمِرْآةُ عَمَلِ اللهِ النَّقِيّة، وَصُورَةُ جُودَتِهِ»[17]، أَمَّا «الملائكة» وَالَّتِي أُخذت مِنْ النَصّ الآتي[18] «وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ بِلَهِيبِ نَارٍ مِنْ وَسَطِ عُلَّيْقَةٍ. فَنَظَرَ وَإِذَا الْعُلَّيْقَةُ تَتَوَقَّدُ بِالنَّارِ، وَالْعُلَّيْقَةُ لَمْ تَكُنْ تَحْتَرِقُ. فَقَالَ مُوسَى: «أَمِيلُ الآنَ لأَنْظُرَ هذَا الْمَنْظَرَ الْعَظِيمَ. لِمَاذَا لاَ تَحْتَرِقُ الْعُلَّيْقَةُ؟» فَلَمَّا رَأَى الرَّبُّ أَنَّهُ مَالَ لِيَنْظُرَ، نَادَاهُ اللهُ مِنْ وَسَطِ الْعُلَّيْقَةِ وَقَالَ: «مُوسَى، مُوسَى!» فَقَالَ: «هأَنَذَا»»[19]، وَالملاك اسمه «ميططرون» وَفِيْ الفكر الحاخامي يُعتَقد أَنَّهُ الواسطة بَيْنَ الإله وَالبشر[20][21]، وَآخرًا الجن فَلَا يوجد ارتباط مباشر بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللوغوس كمصطلح وَلا فِيْ العهد القديم، وَلَكِنْ عَدُّوهَا كوسيط بَيْنَ الإله وَالبشر بِسبب اعتقاد سائد فِيْ التقليد اليهودي، أَمَّا بقيّة المعاني فَلَقَدْ تبلورت عِنْدَ الحاخامات تبعًا لتدبّرهمْ في النصوص الدينيّة اليهوديّة.
يُعَدُّ فيلون السكندري[22] أَول مَنْ تَكَلَم باللوغوس بالشكل الصريح ضمن الديانة اليهوديّة بَعْدَ تأَثّرهُ بالفلاسفة وَتحديدًا أفلاطون وَالمذهب الرواقي، فعَرَّفَهُ السكندري الذي يعد لباب عقيدة اليهوديّة بأَنَّهُ: «الكلمة الإلهيّة التي صلصلت في سلسلة الكائنات جميعًا من طرف إلى آخر؛ إنَّهُ مبدأ ثبات العالم، وَفضيلة النفس الإنسانيّة. وَالرذيلة، وَهِيَ الموت الحق، عدم ثبات الأشياء الَّذِي يجعل العالم شبيهًا لحلم ذاهب. وَهذا وَذاك يأتيان حينما تلتفت الكائنات عن اللوغوس أَوْ تنفصل عنه مِنْ نفسها»[23]، حَيْثُ قَدَّمَ نَظريتهُ القائمة عَلَى تَصَور أَنَّ الله لا يؤثر مباشرةً، بَلْ عَنْ طريق مساعدين أَبرَزَهُمْ:
الكَلِمة.
الحِكمَة الإلهيّة.
الملائِكة.
الجن[24].
وَفكرة اللوغوس عند الرواقيّة تتمثل بالقوة الَّتِي تحفظ الموجودات جميعًا، أوْ عَلَى أَنَّهَا العلة المشتركة المقومة لجميع الأشياء حتى قَبِلَ فيلون بِهذهِ الفكرة وَاعتبر اللوغوس هْوَ رباط الكائنات جميعًا، وأَنَّهُ يَحوي أجزائها جميعًا، وَيؤلف بينها وَيمنعها مِنْ التفكك وَالانفصال وَدونها تصبح الكائنات فارغة وَفاغرة أفواها؛ إنَّهُ يملأ كُلْ ثنايا المادة، وَيكَوّن نسيج كُلَّ كائنٍ وَإنَّهُ منتشر فِي كُلْ مكان[25]، وَفِي العهد القديم مِنْ الكتاب المقدس وَتحديدًا سفر الحكمة يصور لَنَا بأَنَّها وجدت مِنْ الله(عزّ وجلّ) تنافسه عَلَى العرش، وَتسهم بنشوء الخلق، وَيركز عَلَى فعاليّة الحكمة فِي هدى الناس، وَتزكيّة نفوسهم وَتخليدهم، يلمح النصّ إِلَى وظيفة اللوغوس فِي نجاة اليهود، وَخلاص أرواح متلقّيه[26]. وَهِيَ الحكمة وَالَّتِي تكون معادلة للكلمة عند المسيحيّين.
يَعتَبرُ فيلون اللوغوس كأداة خلقيّة وفق سفر الحكمة تحديدًا «إِنَّ مَعَكَ الْحِكْمَةَ الْعَلِيمَةَ بِأَعْمَالِكَ، وَالَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةً إِذْ صَنَعْتَ الْعَالَمَ، وَهِيَ عَارِفَةٌ مَا الْمَرْضِيُّ فِي عَيْنَيْكَ، وَالْمُسْتَقِيمُ فِي وَصَايَاكَ»[27]، إضافةً إِلَى ذلك هْوَ نَصّ آيّة أُخرى فِي سفرِ الحكمة «هَجَمَتْ كَلِمَتُكَ الْقَدِيرَةُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ الْعُرُوشِ الْمَلَكِيّة عَلَى أَرْضِ الْخَرَابِ بِمَنْزِلَةِ مُبَارِزٍ عَنِيفٍ»[28]، وَهْوَ تَعبير يُشير إِلَى اللوغوس فِي الكونِ عبر قوة وَشدة الإله وَكلمته، وَهْوَ مَفهوم تَطَور بعدها لينشأ مِن خلاله العقيدة المسيحيّة.
3. اللوغوس فِي الديانة المسيحة
فِيْ الوقتِ الَذي عاصرَ فِيْهِ فيلون السكندري نَشأة الديانة المسيحيّة تَبلورت العقيدة المسيحيّة للعلن بَعْدَ تَأَثّرهَا بأفكاره لِتَصبح «عقل الله الناطق» الَّذِي يَعني «الحكمة» أَوْ «نطق الله العاقل» وَالَّتِي تَعني «الكلمة»، وَكَثُرَت بَعْدَهَا دلالات اللوغوس لَتصبح «الله» وفق مُقدِّمة إنجيل يوحنّا: «وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ»، أَوْ «أداة الخلق» وفق يوحنّا أَيضًا: «كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ»، أَوْ «الحكمة» تبعًا للآية «وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ»[29] وَغَيْرَهَا[30].
وَأَبرز مَنْ تَكَلَم فِيْ اللوغوس فِيْ الديانة المسيحيّة بَعْدَ يوحنّا هُوَ القديس يوستينوس الشهيد[31]، وَعَاشَ فِيْ القرن الثاني الميلادي، وَالَّذِي عَرَضَهُ بِأَنَّهُ قرين راسخ فِيْ النفوس، حَيْثُ قال «لقد تعلّمنا أنّ المسيح بكر الله ونحن نعلم أنه اللوغوس الذي هو شريك لكل الجنس البشري، وكل الذين يعيشون حسب اللوغوس يُحسبون مسيحيين، حتى لو كانوا بلا إله، مثل اليونانيين سقراط، وهيراقليتس»[32].
وَيستخدم اللوغوس للإشارة إلى دور النبي عيسى(عليه السلام) فِي خلقِ الكون وَتنظيمه وَفِي الكَشف عَنْ الخطة الإلهيّة للخلاص، الَّذِي يحدد المسيح باعتباره الكلمة (اللوغوس) المتجسّد، وَهَذَا يُشَكل الأساس للعقيدة المسيحيّة حَوْلَ وجود يسوع قبل وجوده[33]، وَهْوَ لوغوس مَبني عَلَى تصور يوحنّا فِي إنجيلهِ وَمَنْ جَاءَ بعده مِنْ آباء المسيحيين لِكي يُعَمَّمُ وَيصبح لوغوس للديانة المسيحيّة بأكملهَا، مَعَ اعتبار مسألة التوفيق بَيْنَ العقيدة المسيحيّة وَالفلسفة اليونانيّة فِيْ تفسير معنى اللوغوس.
وَلَقَدْ قَاْلَ البابا بندكت أَوْ البندكتوس السادس عشر جوزيف راتسنجر أَنَّ اللوغوس هُوَ «المعنى، أي الفكر، الحريّة، الحب... هي القدرة التي تخلق كل وجود وتحيط به»[34].
وَفِي العصر الراهن انفصل اللوغوس لِيصبح مفهومًا دينيًّا فَقَطْ بعد أنْ كَاَنَ مفهومًا دينيًّا وَفلسفيًّا وَمصطلحًا مشتركًا[35].
ثانيًا: مفهوم اللوغوس عند نويفيرت
عندما نتتبّع ما قالته أنجيليكا نويفيرت حول اللوغوس، نجد بأنّها قد قامت بالعديد من المقاربات المفهوميّة وغيرها من الناحيّة القرآنيّة أحيانًا، ومن الناحية الإسلاميّة العامة أحيانًا أخرى. منها:
اقترن مَعَ نشوء الدين الإسلامي وَتَحديدًا فِيْ الفَترات المتقدمة مِنْ المرحلة المكيّة ضبط للأَحداث وَالأَفعال ولجميع أبجديات الكون مِمَّا جَعَلَهُ يَتناسب عقديًّا مَعَ بداية الخليقة وَنهايتهَا عكس التَصوّرات السائدة فِيْ الدياناتِ الأُخرى.[36]
تَميزَ الْقُرْآنُ الكريم عَنْ الديانات التوحيديّة الإبراهيميّة بِأَنَّهُ رَكَّزَ عَلَى «ثقل الفعل الإلهي» مِنْ ناحية بداية الكون وَنهايته، حَيْثُ تَعتقد نويفيرت أَنَّ اللوغوس فِيْ اليهوديّة وَالمسيحيّة أَفَقَدَ الإله قُدرته كمتصرف مُطلق بالكون بَعْدَ وجود مُساعد لَهُ وَهُوَ اللوغوس[37].
فِيْ فَترة السبي البابلي عَلَى يهود الشتات تَكَوّنَت تَطلّعات وَنبوءات انعكست عَلَى تَطوّر مفهوم الزمان بطريقة وَصفت «التناظر الحادث في المرآة» وَالَّذِي يَعني انعكاس الصورة فِيْ المرآة، وَالمقصود مِنْهُ هُوَ التركيز مِنْ قبلَ يهود الشتات عَلَى نهايّة الكون مَعَ فكرة وجود الخلق وَالخالق مَعًا بَعْدَمَا كانت الأهميّة وَالمركزيّة للبداية وَللخلق فَقَطْ وفق الفكر اليهودي[38].
وَفِيْ الصَددِ نَفسَه قَدْ تَبلورت قضيّة الخير وَالشر «الثيوديسي»[39] فِيْ القرن الثالث، وَهِيَ مُرتبطة برحمةِ وَعدلِ الإله وَالخطاب هَذَا ساق إِلَى افتراض وجود محكمة أخرويّة يَتُمُّ فِيْهَا ثواب وَعقاب الخلق.
فِيْ نهايّة العصر الكلاسيكي المتأخر تَطوّرَ الفكر البشري ليصبح هُناك إعادة تفكير فِيْ بداية العالم فَلَمْ يعد الخالق يَقف وحده بَلْ جاوره الخلق، وَقبل ولادة عيسى(عليه السلام) ظَهرت صيغ موازية لصيغةِ «الربّ» مِثْلُ «الحكمة» و«الكلمة» الَّتِي تَكون بالآرامي «ميمرا»[40].
استنادًا إِلَى تَحليلِ نويفيرت، فَإنِّ اللوغوس فِيْ الفكرِ السابق كانَ أداةً يَهدي الإله مِنْ خلاله البشر، بمعنى أَنَّهُ وسيط بَيْنَ الله وَالإنسان، وَتُشير نويفيرت إِلَى مراحل تَطوّره عَبرَ الفترات بدءًا مِنْ الجذر الفلسفي للمفهومِ ثُمَّ تأثيرهَا عَلَى اليهودِ وَتجسيدِهَا فِيْ المسيحيّة وَإقرارِهَا قُرْآنِيًا[41].
ترى نويفيرت أَنَّ كلام الرَبّ المُتجسد بعيسى(عليه السلام) قَدْ وُضعَ بنفسِ الدرجة مَعَ مفهوم التبليغ فِيْ الْقُرْآنِ الكريمِ، مَعَ إشارة لِجَعل كلمة الرَبّ أُقنومًا[42] فِيْ الْقُرْآنِ، إِذْ «يحدث تنزيل للأقنوم من خلال قيام النبي بقراءة «للقرآن»»[43].
وَعقيدة الأقانيم فِيْ الْقُرْآنِ لَا تَنعكس مِنْ خلال تلاوته باعتباره «كلمة» مِنْ الله تعالى فِيْ الصلاة أَوْ فِيْ صلاة الجمعة أَوْ غَيْرِهِ، بَلْ بَدأت مُنذُ خلقهُ وَنشأته، وَهُوَ مَا انعكس فِيْ استهلال سورة الرحمن بِحسبِ نويفيرت[44].
قَولهُ تعالى: (الرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَان عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) (الرحمن: 1-4) تبعًا لقول نويفيرت، فَإنَّ الآية تَحوي عَلَى ثناءِ مِنْ قبل الله تعالى عَلَى نفسه بطابعِ حماسي احتفائي وَأُسلوب عقدي وَلُغوي ليس لَه مثيل فِيْ الْقُرْآنِ كُلَّه[45].
تبعًا لِرؤيّة نويفيرت فإنَّهُ لَا يُمكن عَدّ كلمة «القرآن» فِيْ الآية الثالثة -باعتبار البسملة هِيَ الآية الأولى تبعًا لقولهَا- هُوَ الْقُرْآن الكريم نَفسه، إِذْ إنّه فِيْ وَقتِ نزول الآية لَمْ يَكُنْ الْقُرْآن مُكتَملًا وَلَمْ تَصل بُنية النَصّ العقديّة إِلَى هَذَا الحد، وَالمعنى مِنْ ذَلِكَ أَنَّ المُراد مِنْ لفظ «القرآن» هُوَ تلاوة الْقُرْآن نَفسهُ وفق رؤيتهَا، لِيَكون مَعنى الآية وفق رأيهَا عَلَّمَ القراءة[46].
ورود كلمة «القرآن» فِيْ الآية قبلَ عمليّة الخلق دليل عَلَى أَنَّهُ كتاب يتعالى فوق الحقيقة وَالتاريخ، لِيَصبح اللوغوس الْقُرْآنِيّ وفق نويفيرت هُوَ شدّة التواصل الفعالة بَيْنَ الله تعالى وَالإنسان بمعنى أَنَّهُ وسيط بَيْنَ مجال الخالق وَمجال المخلوقات وَهُوَ بِذَلِكَ يُشابه تمامًا مُقدِّمة إنجيل يوحنا «فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللهِ اسْمُهُ يُوحَنَّا هذَا جَاءَ لِلشَّهَادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ، لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ لَمْ يَكُنْ هُوَ النُّورَ، بَلْ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ»[47][48].
وافقت نويفيرت بطرحِ دانيال بوبارين[49] حَوْلَ «الممرا» المُجسّدة بعيسى(عليه السلام) الَتِي تَنزل مِنْ السماء لِتُعَزّز الترابط بَيْنَ الله وَمخلوقاته، وَلَكِنَّ هَذِهِ الكلمة وفق الاعتقاد المسيحي تَخفق فِيْ أَداء عملهَا وَلا تتمهُ إِلَّا عَنْ طريق التَجسّد، وَمُقدِّمة إنجيل يوحنّا تُعتَبر مُضَمَّنة لنصوص الترجوم، وَلَكِنْ بِسبب هَيمنة المسيحيّة عَلَى مفهومِ اللوغوس استبدل اليهود الممرا «الكلمة» بالتوراةِ[50].
تبعًا لرؤية نويفيرت، فَإنَّ التطابق البسيط بَيْنَ مُقدمتي إنجيل يوحنا وَالْقُرْآن الكريم فِيْ عرض «كلمة الرب» لا يَعني وجود ترابط وثيق، إِذْ إنَّ الْقُرْآن لا يحوي عَلَى «قوة الخالق» الَّتِي تُناسب الرب وَحده، حَيْثُ تَجلّت القوة عَلَى شكلِ قدرة فِيْ إيصال العلم بقولهِ تعالى: (الرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) (الرحمن: 1-4) وَهُوَ مَا يَجعل الإله يَظهر بشكل مُعلّم عَلَمَ الْقُرْآن وَالبيان للإنسانِ، وَهَذَا إقرار بِأَنَّ اللوغوس هُوَ الوحي فِيْ الْقُرْآنِ الكريمِ، وَهِيَ تؤمن بِأَنَّ اللوغوس الْقُرْآنِيّ لَا يَختَلف كثيرًا عَنْ التَصوّرات الحاخاميّة للتوراةِ فِيْ الديانةِ اليهوديّة[51].
مِنْ خلال العنايّة الإلهيّة بالإنسانِ يَظهر مِنْ خلال كتابات نويفيرت أَنَّ الْقُرْآن تَضَمَنَ إشارة لإخفاق اللوغوس فِيْ التراثين اليهوديِ وَالمسيحيِ، وَهُوَ مَا تَمَّ تَجَنُبهُ فِيْ الْقُرْآنِ، لِيَصبَحَ هُنالك تَصحيح للمفاهيم كَمَا أَشرنَا سابقًا[52].
من خلال كتابات نويفيرت يظهر أَنَّهُ تَمَّ تَهيئة الناس للوغوسِ الْقُرْآنِيّ كَمَا يَتبين مِنْ قوله: (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) وَالَّتِي تَتَضمن فاعليّة إضافيّة للوغوسِ بِجعل الإنسان ذا قدرة عَلَى الفهم أَوْ التعلّم «علّمه الفهم» أَوْ «علمه اللُّغة الواضحة»؛ لِيَتمكّن مِنْ إدراك اللوغوس وَالعالم باعتباره نظامًا سيميائيًا علاماتيًا يَجب أَنْ يَدركهُ الإنسان، وَهُوَ ذات التَصوّر الَّذِي جَاَءَ بِهِ فيلون عَنْ «الكون الفكري» وَالَّذِي يُفسّر دلالات اللوغوس[53].
وفق تحليل نويفيرت، فَإنَّ اللوغوس ذو أَقانيم مِنْهَا الْقُرْآن هُوَ قوة تَصنع التواصل بَيْنَ الله وَالإنسان وَالأُقنوم الآخر هُوَ القدرة عَلَى الاستيعابِ (الفهم)[54].
تَكتَسب اللُّغة أَهميّة خاصة تبعًا لنويفيرت إيمانًا بطرحِ فيلون عَنْ الكون الفكري المأخوذة مِنْ «نظريّة المثل» لأفلاطون -وَالَّتِي مفادهَا تجزئة الأشياء لِمَا قَبلَ الوجود وَمَا بَعْدَهُ- وَالَّتِي تَكون اللُّغة فِيْهِ مُلازمة للإله لِمَا قَبلَ الوجود، فَيَكون بُعد اللوغوس قُرْآنِيًّا مُتذبذباَ بَيْنَ «القدرة عَلَى الفهم» و«اللُّغة الواضحة»[55].
يَدنو مبتغى لفظة الْقُرْآن فِيْ باكورةِ سورة الرحمن مِنْ معنى «الحكمة» أَوْ «التوراة موجودة منذ الأزل» وفق الفهم اليهودي المُتَبلور حديثاً كَمَا وَرَدَ فِيْ نَصّ الكتاب المقدس: «اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ، مِنْ قَبْلِ أَعْمَالِهِ، مُنْذُ الْقِدَمِ»[56][57].
يَتمَيز الْقُرْآن الكريم عَنْ إنجيل يوحنّا مِنْ حَيْثُ اللوغوس بِأَنَّهُ لَا يَرفعه لِيَصبح شريكًا لله جَلَّ فِيْ عُلاهِ، أَيْ لَا يَهدف الْقُرْآن إلى جعل اللوغوس أُقنومًا، بَيْنَمَا يَتمَثّل اللوغوس عَلَى صورة «علم إلهي» أَوْ «فتح معرفي للخلق»، وَهُوَ لُباب الاختلاف بَيْنَ الفكر الْقُرْآنِيّ وَفكر العصور الكلاسيكيّة المتأخّرة[58].
سورة الرحمن وفق نويفيرت تَناولت اللوغوس بصورتهِ الإيجابيّة كنجاح وَليسَ كَفشل، كَمَا فِيْ تَصوّراتِ الأديان الإبراهيميّة، وَهَذَا جرى تحت رعايّة الله وَترتيبه؛ مِمَّا جَعَلَ اللوغوس مَقبولًا عِنْدَ الناس، وَبِذَلِكَ يَذهب مَعنى التَجسّد العقدي سدًى دونَ جدوى[59].
اللوغوس الْقُرْآنِيّ يَفقد صلاحياته، عكس اللوغوس اليهودي وَالمسيحي، حَيْثُ لَا يَستطيع أَنْ يَخلق، وَهُوَ ليسَ شريكًا لله وَينافسه عَلَى بسط القدرات وَالله تعالى لَا يحتاجه، وَأَنَّ اللوغوس الْقُرْآنِيَ تَسللَ إِلَى العالمِ بِنجاحِ وَأَثَّرَ فِيْهِ وَشَغلَ مركزيّة وَمرجعيّة الوسيط بَيْنَ الله وَمخلوقاته؛ مِمَّا جَعَلَ نويفيرت تُرَجّح المعنى الْقُرْآنِيّ لَهُ دونَ البقيّة؛ لأَنَّهُ ببساطةِ الوسيلة المناسبة للاتصال بَيْنَ الجانب الإلهي وَالجانب البشري[60].
تَستَنتج نويفيرت أَنَّهُ يُمكن اعتبار «العلم» الابتدائي السابق للخلقِ وفق باكورة سورة الرحمن وَالَّذِي فُرِضَ عَلَى شكلِ «كلمة» أَنَّهُ «بداية مشروع كوني كبير» وَتَقدُّم لفظ «التلاوة» أَيْ «القرآن» دليل عَلَى ذَلِكَ، وَتَتَطلّب هَذِهِ البداية الدراميّة استحضار الإله فِيْ الأحداث الدنيويّة، حَتَّى النهايّة حَيْثُ الزوال الحتمي عَلَى الكونِ وَتفككهِ، ثُمَّ مَطالُب بِالحسابِ، ثُمَّ توعيّة بشأن يوم القيامة[61].
يُمكن التَكلّم عَنْ فعل الخلق بَيْنَ الإله وَالبشر الَّذِي رَسمت مَلامحه فِيْ الفترةِ المكيّة المبكرة، وَالَّذِي يَكون قائم عَلَى بدايتين: الأولى: بداية الخلق، والثانيّة: بداية العلم الإلهي. وَعَلَى نهايتين فِيْ يومِ القيامةِ: الأولى: زوال الخلق. والثانيّة: استرجاع وَديعة العلم[62].
ثالثًا: في نقد الآراء حول اللوغوس
اللوغوس كمعرفة: يَهتم الْقُرْآن الكريم باللوغوس كمعرفة وَلَيَسَ كشريك لله سبحانه وَجَلَّ فِيْ عُلاهِ يشاركه القوة وَيشاركه فِيْ الخلقِ وَيساعدهِ كَمَا فِيْ الدينِ المسيحيِ وَاليهوديِ[63].
الوحي: يَقُرُّ الْقُرْآنُ وَباعتقاد نويفيرت أَنَّ الكلمة أَوْ الحكمة فِيْ الديانتين اليهوديّة وَالمسيحيّة اللوغوس فِيْ الإسلامِ هُوَ الوحي، وَلَكِنَّهُ يَفتَقر إِلَى البيانِ وَالايضاحِ[64].
الشرح: يَذهب الْقُرْآن إِلَى أَنَّ البشر لَهُمْ قُدرة عَلَى إدراك مَا حَوْلَهُمْ، وَالَّذِي يُهيئهُمْ إِلَى تَقبّل وَملاقاة اللوغوس[65].
الكلمة: يفهم من كتابات نويفيرت أَنَّ الكلمة أَيْ اللوغوس هِيَ ممر إلهي يُساهم فِيْ تَسهيل التواصل البشري الإلهي[66].
لا تَعتَقد أنجيليكا نويفيرت بِأَنَّ الْقُرْآن الكَريم هُوَ تَجسيد «للكلمة»، أَيْ لوغوس فَهُوَ لَيسَ أُقنومًا، وَلَكِنَّهُ تسجيل لامتداد وَتطوّر للتاريخِ، وَهَذَا الامتداد مرتكز عَلَى ثلاثة أَضلاع مُمثلًا مُثلّثٌ أَحد أَضلاعه النَبي محمّدn، وَثاني أَضلاعه هُوَ الله(عزّ وجلّ)، وَثالث أَضلاعه هُمْ أَصحاب النَبي المسؤولون عَنْ نَشر الدعوة، لَكِنْ أَيضًا لَمْ تنسبه لله تعالى، فَهِيَ تَقول إنَّهُ تَطوّر تدريجيًّا لِكَي يَصل إِلَى هَذِهِ الحالة[67].
تَرُدُّ نويفيرت عَلَى المشككين بمصدريّة الْقُرْآن، وَتَذهب إِلَى أَنَّهُ لا يَتُمُّ فهم الْقُرْآن إِلَّا إِذا قُلنَا أَنَّ محمّدًاn كَاَنَ مُلهَمًا مِنْ قبل رَبهُ، وَأَنَّ الْقُرْآن مُنَزَّل[68].
الاختلاف: إِنَّ مَعنى اللوغوس فِيْ الْقُرْآنِ الكَريمِ يُغاير مَعنى اللوغوس فِيْ الإنجيلِ وَالتوراةِ، حَيْثُ إنَّ اللوغوس فِيْ الْقُرْآنِ غَيْرِ قادر عَلَى الخلقِ كَمَا فِيْ المسيحيّة وَاليهوديّة بحسب أنجيليكا[69].
الحقيقة: لا يَتُمُّ فهم «اللوغوس» إلَّا عَنْ طريق تسلسل هرمي وَهُوَ كالآتي:
اللوغوس هِيَ أَداة أَوْ وسيلة للتوفيق بَيْنَ الله(عليه السلام) وَالبشر أَوْ الترابط أَوْ الصلة.
اللوغوس ذو جذور وَأُصول فلسفيّة وَاستخدمَ فِيْ معانٍ عديدةٍ مِنْهَا: النوس (العقل)، وَالناموس، وَالقوة، وَالنظام، وَالعلم الإلهي، وَغَيْرِهُ الكَثير مِنْ المعاني.
اللوغوس وفق تَصوّر فيلون السكندري هو «الحكمة» أَوْ «الجن» أَوْ «الملائكة» أَوْ «الوحي»، وَهُوَ مُتَمّمُ وَمُكَمّل لله وَحُكمه وَمساعدات لَهُ، بَلْ وَيحتاجهن فِيْ إدارةِ الكونِ.
بناءً عَلَى تَصوّرِ فيلون، وَنتيجة مُعاصَرته لنشأة الديانة المسيحيّة؛ فَتَأَثَّرَت العقيدة المسيحيّة بأفكارهِ؛ وَبناءً عَلَى ذَلِكَ أَصبَحَ «اللوغوس» عِنْدَ المسيح هُوَ الكلمة الإلهيّة المتجسدة فِيْ نَبيِ الله عيسى(عليه السلام).
تَكَوَّنَت «اللوغوس» عِنْدَ المسيحيّة بَعْدَ أنْ تَطَلَّبتْ الحاجة للتواصلِ بَيْنَ الله وَالبشر، فَتَجَلى الله بعيسى وَاندمجت الطبيعتان وفق العقيدة المسيحيّة، فَأَصبَحَ الكلمة عيسى هُوَ الله وَالله هُوَ الكلمة وَالكلمة هِيَ «اللوغوس» وفق مُقدِّمة إنجيل يوحنّا.
جاءت بَعْدَهَا نويفيرت لِكَي تَسقط فهمها عَلَى الْقُرْآنِ وَتحديدًا قول الله تعالى: (الرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) (الرحمن: 1-4)، مُعتقدة بأَنَّ «اللوغوس» هُوَ العلم؛ بسبب وجوده بمثابة وسيط وَمُنتَصِف بَيْنَ الله «الرحمن» وَالخلق «خلق الإنسان» فِيْ ضوء سورة الرحمن، إذًا «اللوغوس» أَوْ العلم هُوَ وسيلة التوفيق بَيْنَ الله وَالخلق حسب نويفيرت، عَلَى أَنْ يَفهَم وَيُدرك كينونة الكون وَاللوغوس وَكُلَّ شيء.
التغييب: مِنْ خلال التَتَبع الدقيق لمفهومِ اللوغوس عِنْدَ نويفيرت نَجد أَنَّهَا لَا تَستعمل فِيْ تَفكيكهَا للمفهوم الآراء الإسلاميّة فِيْ بيانِ سورة الرحمن أَوْ حَتَّى قَضيّة التَجلّي أَوْ اللوغوس.
تُكثِر نويفيرت مِنْ التفاصيل مِنْ غَيْرِ تحليل كافٍ للوغوسِ حَوْلَ اليهوديّة وَالمسيحيّة وَحَتَّى الْقُرْآن، دونَ ربط تَحليلي مَتين يُظهر الفروقات البنيويّة بَيْنَ هَذِهِ التَصوّرات.
تَضمَّنَ تحليل نويفيرت لِمفهوم اللوغوس فِيْ الدياناتِ الإبراهيميّة ضعفًا فِيْ المقارنةِ بَيْنَ المفاهيم الْقُرْآنِيّة وَالمسيحيّة وَاليهوديّة، إِذْ يَتُمُّ التركيز عَلَى المقارباتِ بَيْنَ مُقدِّمة سورة الرحمن وَمُقدِّمة إنجيل يوحنّا دون بيان للفروقاتِ فِيْ طبيعةِ «الكلمة» و«الإله» و«العلم» فِيْ كُلَّ ديانة.
احتوت دراسة نويفيرت عَلَى صَد فلسفي، إِذْ إنَّ النَصّ يُشير إِلَى مُصطَلَحات فلسفيّة أَوْ قضايا مِثْلُ «تناظر المرآة» و«نظريّة المثل» لأفلاطون وَتأثير فيلون، لَكِنَّهَا لَا تَستَثمر هَذِهِ الخلفيّة الفلسفيّة بِمَا يَكفي، وَلا تُظهر أَثَرَهَا عَلَى تَشَكّل الفهم الديني للكلمة.
استخدمت نويفيرت مهاراتهَا وَأَدواتهَا لِتَدبّر الْقُرْآن وَلتعزيز رؤيتهَا فِيْ المفهومِ، وَلَيسَ فِيْ إطار تفسير علمي قُرْآنِيّ مُستَقل، مِمَّا يُقَلل خاصيّة الحياديّة فِيْ المنهج العلمي وَلَكِنْ هَذَا لَا يَعني غيابهَا.
أَهمَلت نويفيرت السياق العقائدي الْقُرْآنِيّ، إِذْ تَمَّ تَقديم اللوغوس فِيْ الْقُرْآنِ كوسيط معرفي، بَيْنَمَا يَغيب التفصيل عَنْ علاقة «الوحي» و«القرآن» و«الوحدانيّة» وَحَتَّى «اللوغوس» بمفهوم الأُلوهيّة وَالرسالة فِيْ علم الكلام الإسلامي.
لَمْ تَنتَبهْ نويفيرت إِلَى الفرق بَيْنَ الجذر اللُّغوي وَالمعنى الدلالي وَاستخدمت «القرآن» استخدامًا خاطئًا، حَيْثُ إنَّ كلمة «القرآن» فِيْ اللُّغةِ العربيّة لَهَا سياقات لُغويّة وَشرعيّة متعددة، وَالنَصّ لَمْ يُفرّقْ بَيْنَهَا أَوْ يُناقش دلالاتهَا عِنْدَ المفسرين، وَسَلَّمت بِأَنَّ المقصود هُوَ معنى الجذر، وَفِيْ موضع آخر فَسّرت نويفيرت قولهُ تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق: 1) بِأَنَّ «اقرأ» صيغة فعل أَمر مأخوذة مِنْ كلمة «قرآن» أَوْ «قراءة» وَبَدَأَ بِهَا الْقُرْآن وَالوحي لأَهميّة القراءة وَمرتبتهَا العاليّة الَّتِي أَشارَ لَهَا الْقُرْآن، وَهِيَ تُمَثل تَهيئة لإشراك الإنسان فِيْ العلمِ الإلهي عَنْ طريق رفع قيمتهُ وَقدرته عَلَى التعليمِ[70].
عَمَدت نويفيرت إِلَى إظهار جوانب النقص فِيْ التَصوّراتِ اليهوديّة وَالمسيحيّة حَوْلَ اللوغوس، مِنْ غَيْرِ إعطاء مساحة متكافئة لتحليل موقف الْقُرْآن بِشكلِ مُستَقل؛ مِمَّا يُفقد الدراسة صفة المقارنة حَتَّى أَنَّهَا فِيْ النهايّة رَجَحت المفهوم الْقُرْآنِيّ.
أَشارت نويفيرت إِلَى الجذر الفلسفي للوغوس وَالأُصول التاريخيّة لَهُ، لَكِنْ مِنْ دون تَفصيل، حَيْثُ لَمْ يَتُمُّ استثمار البُعد الفلسفي للوغوس مِنْ حَيْثُ علاقته بالنظامِ العقلي للكونِ عِنْدَ الرواقيّة أَوْ الفلاسفة البقيّة، وَكَذَلِكَ لَمْ يُناقشْ المفهوم لُغويًا مِنْ جذورهِ الإغريقيّة بشكل وافٍ.
اتّسمَ تحليل نويفيرت بقلة التوثيق وَالاستدلال فِيْ الْقُرْآنِ الكَريمِ قبلَ الحكم عَلَيْهِ وَإقرار اللوغوس وَتعميمه، حَيْثُ لَا تَستَخدم فِيْ تحليلِهَا سوى القليل مِنْ الآيات مِنْ سورة الرحمن دونَ توظيف كافٍ لبقيّة آيات الْقُرْآن الكَريم الَّتِي قَدْ تَدعم أَوْ تُفنِّد موقفهَا.
النتيجة
تَجعَل نويفيرت مِنْ قولِ الله تعالى ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ (الرحمن: 4) كَلمة قَدريّة سابقة للخلق، وَهِيَ بمثابة لوغوس إسلامي، وَتَكون هَذِهِ الكَلمة شريكة لله سبحانه وَتعالى فِيْ الكونِ، وَهِيَ بِذَلِكَ قَامت بإخضاع الْقُرْآن الكَريم لِكَي تَجعَلَهُ مُناسبًا للطرح المسيحي الَّذِي يَقُرُّ بِأَنَّ اللوغوس هُوَ الكَلمة السابقة للخلق ثُمَّ تَجَسَّدَت بعيسى(عليه السلام).
وَمِثْلَمَا كَاَنَ لِهَذِهِ الكَلمة القَدّريّة الأَثر فِيْ بداية المشروع الكوني كَمَا فِيْ قولهِ تعالى (الرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) (الرحمن: 1-4)، سَيكون لَهَا الأَثر ذاتهُ فِيْ نهايّة هَذَا المشروع، وَالمقصود بِهِ تفكك الكون وَيوم القيامّة.
الربط بَيْنَ الفلسفة وَالدين وَاعتبار المصطلح الفلسفي هُوَ الأَساس فِيْ عمليّة بناء فكر نويفيرت، وَإخضاع الفكر وَالعقيدة الدينيّة لِهَذِهِ التَصوّرات الفلسفيّة، حَيْثُ قامَت نويفيرت بعمليّة جَرّ للمَفاهيم أَوْ المُصطَلحات الْقُرْآنِيّة للمَيادينِ الفلسفيّة جاعلةً مِنْهَا موضوعًا للسجال.
اتّسم تحليلهَا لللوغوس الْقُرْآنِيّ بالغموض وَعدم تسلسل الأفكار، بَلْ وَتعميم تَدبّر أَوْ تأويل اللوغوس مِنْ مُقَدِّمة سورة الرحمن عَلَى الإسلام بِأَكملهُ.
إِنَّ اللوغوس أَوْ العلم أَوْ «الكلمة» هُوَ بداية مشروع كوني أَشارت لَهُ سورة الرحمن عَلَى شكل «كلمة»، وَفِيْهِ تَقوم بدايتان وَنهايتان «كإعداد مسبق» للأحداث أُشير لَهُ فِيْ السورة حسب نويفيرت.
بدايتان
نهايتان
بداية الخلق
بداية العلم
تفكّك الخلق
استعادة وديعة العلم
الصيغة الْقُرْآنِيّة «إِنَّا» و«نَحْنُ» للمُتَكلم تَدلُّ عَلَى منزلة عالية وَتسبغ قداسة للكلام، حَتَّى عُدَّ الْقُرْآن بِأَنَّهُ «كلمة الله»، وَهُوَ بمثابة لوغوس كوسيط بَيْنَ الإله وَالناس، كَمَا الكلمة يسوع فِيْ المسيحيّة، وَالكلمة يُقصَد بِهَا تنظيم العالم[71].
يَعُدُّ أَغلَب المستشرقين وَالنقّاد الْقُرْآن الكَريم أُقنومًا مِنْ ضمن أَقانيم مُتعددة فِيْ جوهر الإله الواحد، وَدليلهُمْ هُوَ صيغة «إِنَّا» و«نَحْنُ» للمتكلم الَّتِي وردت فِيْ الْقُرْآنِ الكَريمِ مِنْ قِبل الله تعالى، كَمَا فِيْ قولهِ تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9)، وَقولهُ تعالى: (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ) (الواقعة: 57)، مَعَ صيغ أُخرى مِثْلُ قولهُ تعالى: (...فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون: 14)، وَزَعموا أَنَّ الْقُرْآن يَحوي عَلَى صدىً لعقيدة الثالوث المسيحيّة، لَكِنَّ استخدام هَذِهِ الأَلفاظ هُوَ لتعظيم وَتبجيل الباري جَلَّ فِيْ عُلاهِ وَالمبالغة فِيْ الاحترامِ، وَلَا صلة بِهِ بالأَقانيم فِيْ الْقُرْآنِ الكَريمِ، وَلا فِيْ التراثِ الإسلامي، وَأَنَّ هَذَا الطَرح يُعَدُّ تُرّهات أَوْ أَباطيل، كَمَا جاءَ فِيْ محكمِ آياتهِ: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[72].
تُناقش نويفيرت قضيّة التَجلّي الإلهي فِيْ الإسلامِ بطريقةِ تَختَلف جذريًّا عَنْ التَجلّي فِيْ الديانةِ اليهوديّة أوْ فِيْ الديانةِ المسيحيّة، حَيْثُ إنَّ التَجلّي فِيْ اليهوديّة هُوَ «الممرا»، وَهُوَ مفهوم يشير إِلَى «كلمة الله» أَوْ «العقل» كوسيط بَيْنَ الإله وَالناس، أَمَّا التَجلّي فِيْ المسيحيّة فيَتَمثل بـ«الكلمة» أَيْ عيسى(عليه السلام) وَهُوَ اللوغوس وفق مُقدِّمة إنجيل يوحنّا، أَمَّا فِيْ الْقُرْآنِ الكَريمِ فَالتَجلّي لَيسَ مُرتَبط بالتجسيد وَالتمثيل كَمَا فِيْ اليهوديّة وَالمسيحيّة، بَلْ يَظهَر التَجلّي أَوْ اللوغوس عَلَى أَنَّهُ «وحي»، أَوْ «اللغة»، و«المعرفة» وفق تَحليلهَا لِمُقدِّمة سورة الرحمن[73].
يَتبَين مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللوغوس فِيْ الْقُرْآنِ وفق نويفيرت لَيسَ ماديًا، وَلَكِنَّهُ يَنعَكس فِيْ الوحيِ كَوسيلة لنقل العلم الإلهي، وَوجود الكون كبرهان وَحِجةً عَلَى القدرةِ الربانيّة، وَدور الله(عليه السلام) فِيْ التحكّمِ بالمصيرِ وَالزمنِ وَالتاريخِ.
إصرار سورة الرحمن عَلَى الشكلِ المُتماثل وَالأُسلوب الثُنائي وَالبُنى المزدوجة هُوَ تَنسيق لمطلب لاهوتي يَنبَغي وجوده وَهُوَ «اللوغوس»([74]).
قولهُ تعالى: (عَلَّمَ الْقُرْآنَ ... عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)، يَتَبَيَّن مِنْ مُقدِّمة سورة الرحمن تَعليم الْقُرْآن عَلَى أَنَّهُ تلاوةِ للْقُرْآنِ نفسه وَأَنَّهُ «لوغوس» يُمَثّل أَداةً للتعليمِ وفق تَصوّر نويفيرت، وَتَعليم البَيان عَلَى أَنَّهُ اللُّغة الْقُرْآنِيّة أَوْ اللُّغة الواضحة أَوْ الفهم[75][76]، حَيْثُ لا يُمكن اعتبار الْقُرْآن وقت نزول الآية هُوَ الْقُرْآن نفسه؛ لأَنَّ الْقُرْآن الكَريم فِيْ وقتِ نزول الآية فِيْ الفترةِ المكيّة المبكرةِ[77] لَمْ يَكُنْ مُكتَملًا؛ لِذَلِكَ فَالمراد مِنْ لفظة الْقُرْآن فِيْ مَطلَعِ سورة الرحمن هُوَ تلاوة الْقُرْآن أَوْ شيء يتعالى فوق التاريخ وَالواقع[78].
لا يوجد أَيْ داعٍ لِخَلق تعقيدات فكريّة وَعلميّة ثُمَّ يَتُمُّ تطبيق النَصوص فِيْ ضوئهَا، كَمَا فِيْ اللوغوس، وَرُبَّمَا تُنسب للخرافة أَوْ إِلَى مَا بَعدَ العقل، أَيْ خارج نطاقه، حَيْثُ إنَّ الإسلام خالفَ التصورات التقليديّة وَنافى العقائد المسيحيّة وَاليهوديّة مِنْ خلال عَدّ الوحي (جبريل) كوسيط مباشر بَيْنَ الله وَالبشر وَعَلَى أَنَّ الْقُرْآن الكَريم هُوَ كَلمة الله المُنَجّمة وَالمُنَزَّلَة غَيْرِ المخلوقة، وَهَذِهِ عكس مَا قيلَ فِيْ التَجلّياتِ وَالتَمثيلِ وَالتَصويرِ وَمَا شابه، وَلا يوجد مساعدين لله فِيْ الكون، وَلا مِنْ الخلق وَالقوة الَّتِي تُمسك الأرض وَالكون هِيَ قوة الله تعالى، وَكُلٌ يَجري بنظام دقيق جدًا كَمَا فِيْ قولهِ تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) (القمر: 49)، وَقولهُ تعالى: (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ) (الرعد: 8)، وَأَنَّ العقيدة الإسلاميّة واضحة وَجليّة محدودة بالتوحيد وَلا تَقبل التعدد، بَلْ تَنهي عَنْهُ كَمَا فِيْ قولهِ تعالى: (وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَٰهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (النحل: 51)، حَيْثُ نَهَى الباري جَلَّ فِيْ عُلاهِ عَنْ التعدد وَدعا للتوحيدِ[79].
يوجد الكثير مِنْ هَذَا الشأن فِيْ العالم الإسلامي مِمَّنْ يَنتَسب للدين الإسلامي، وَلَكِنْ يَعتَقد وَيؤمن بالتثليثِ كفكرة، مِثْلُ: ابن سينا[80] وَقولهُ: «الله علم وعالم ومعلوم، وعقل وعاقل ومعقول، وعاشق ومعشوق وعشق»، وَالفارابي[81] وَقولهُ: «لحظت الأحديّة نفسها فكانت قدرة، فلحظت القدرة فلزم العلم الثاني المشتمل على الكثرة. وهناك أفق عالم الربوبيّة يليه عالم الأمر، يجري به القلم على اللوح فتتكثر الوحدة»[82]، وَعباس محمود العقاد[83] وَقولهَ: «الشأن في تعدد الأقانيم، كالشأن في تعدد الصفات عند بعض المفسرين»[84]، وَالغزالي[85] وَقولهُ: «يعتقد النصارى أن ذات الباري واحدة في الجوهر، ولها اعتبارات فإن أُعتبر وجودها غير مُعلَّق على غيره تعالى، فذلك الوجود المطلق هو ما يسموّنه «بأقنوم الآب». وإن أُعتبِر وجودها مُعلّقًا على وجود آخر، كالعلم المعلَّق على وجود العالم، فذلك الوجود المقيَّد هو ما يسمونه الابن أو الكلمة. وإن اُعتبر وجودها مُعلّقًا على أن عاقليه معقولة منه، فذلك الوجود المقيَّد أيضًا هو مَا يسمونه «بأقنوم الروح القدس»، لأن ذات الباري معقولة منه، والحاصل أن هذا التعبير الاصطلاحي أن الذات الإلهيّة واحدة في الجوهر، وإن تكن منعوتة بصفات الأقانيم»[86].
تَنقَسمُ الآراء فِيْ الدينِ الإسلامي إِلَى قسمَين[87]:
أَوّلهُمَا عَدُّ الْقُرْآن بِأَنَّهُ أُقنوم مِنْ مجموعة أَقانيم تُدرج ضمن جوهر إلهي واحد وَمِنْهُمْ الفلاسفة العرب وَالصوفيّة، وَأَنَّهُ صفة قائمة بذاتهَا.
ثانِيَهُمَا عَدُّ الْقُرْآن الكَريم بِأَنَّهُ كَلمةِ الله وَهِيَ صفة مِنْ صفات الله وَلَيَسَت أُقنوم أَيْ لَيَسَت كيانًا مُنفصلًا عَنْهُ وَمِنْ غَيْرِ تَجسيد، أَيْ أَنَّهُ صفة تنسب لله غَيْرِ قائمة بذاتهَا.
لا يُمكن تَجسيد «الكلمة الإلهيّة» بعيسى ابن مريم(عليه السلام) لأَنَّ عيسى خاضعٌ للزمان وَالمكان وَهُوَ لَيسَ أَزليًا وَلا أَبديًا؛ لِذَلِكَ هُوَ محكوم بالحتميّة، وَلا يُمكن لِكَلمة الله أَنْ تزول وَلا تُفنى كَمَا فِيْ قولهُ تعالى (لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ)[88]، وَقَدْ جَاَءَ عَنْ الإمام أبي جعفر محمّد الباقر(عليه السلام)[89]: «إنّ القرآن حيّ لا يموت والآية حيّة لا تموت، فَلَو كانت الآية إذا نزلت في أقوام ماتوا ماتت الآية لمات القرآن، ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين»[90].
هُنَالِكَ توجيه خاطئ للألفاظ فِيْ تراث الكتاب المقدس وَالْقُرْآن الكَريم مِنْ قِبل المفسرين، حَيْثُ إنَّ «الكلمة» تعني الأَمر الإلهي الَّذِي خَلَقَ بِهِ عيسى(عليه السلام)، أَيْ الطريقةُ الَّتِي تَمَّ خَلق عيسى بِهَا كانت مِنْ دون أب مِنْ خلال أَمر الله كَمَا فِيْ قولهِ تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (آل عمران: 59)، وَلَيَسَ كلمة الله الَّتِي هِيَ جزءٌ مِنْ ذات الله جَلَّ فِيْ عُلاهِ[91][92].
مفهوم اللوغوس فِيْ الديانتين اليهوديّة وَالمسيحيّة هُوَ مفهوم خاضع لتَصوّرات الفلسفة وَأفكار الفلاسفة وَمحدوديّة عقولهُمْ التي يُحاكمونَ بِهَا المفاهيم الدينيّة وَيجادلونَ بِهَا الله(عزّ وجلّ)، مِمَّا ساقهُمْ نحوَ الضلالة وَإنكار الوحدانيّة وَالميل نحوَ التعدد، وَهُوَ تمامً عكس التَصوّر الْقُرْآنِيّ الذِي يَنُصُّ على أَنَّ «الكلمة الإلهيّة» هِيَ تَجري مِنْ مُنطَلَق توحيدي مُنكر للهينوثيّة[93] وَكَمَا جَرى الذكر آنفاً أَنَّ «الكلمة» هِيَ أمر إلهي سارٍ عَلَى خلقه[94].
يَتَبَيَنُ مِنْ خلال الانغماس فِيْ كتاباتِ أنجيليكا نويفيرت أَنَّهَا قَدْ تَفتَقر إِلَى الرؤيّة البعيدة وَالمعرفة العميقة فِي المفاهيمِ الَّتِي تَخُصُ العقيدة الإسلاميّة، وَخصوصًا فِيمَا يتعلق بـ«الكلمة» اللوغوس فِي السياقِ الإسلامي مقارنةً مَعَ العقائد الأُخرى مِنْ الديانات السماويّة وَالفلسفات، وَالَّذِي يؤدي بدوره إِلَى نقص، وَقَدْ ينتج عَنَهُ العوز فِي الحكمِ عَلَى الإسلام أَجمع، وهو ناتج مِنْ مقاربات مضللة أَوْ إسقاطات لا تتناسب مَعَ حدود العقيدة الإسلاميّة، مِمَّا يستوجب عَلَيهَا ضرورة الاطلاع وَالتوغل أَوْ الإسهاب بالمصادر الإسلاميّة، وَالتعامل مَعَ المفاهيم ضمن سياقاتِها الفكريّة وَاللغويّة الخاصة وَمِنْ عِدَّة زوايا دون إخفاق وَإنقاص فِي كَفّة التصورات الدينيّة لضمان إدراك أَعمق وَأَدق.
لا يَجدر بأنجيليكا نويفيرت أَنْ تَرتَكز فِيْ تحليلهَا لمفهوم اللوغوس قُرْآنِيًا عَلَى إسقاط فلسفي أَوْ ديني مُستلهَم مِنْ الديانتين اليهوديّة وَالمسيحيّة أَوْ عَلَى تَصوّر شَخص واحد فَقَطْ مِثْلُ فيلون السكندري أَوْ غَيره لِيُمثل ديانة بأكمَلَهَا وَإلزام العقيدة الإسلاميّة بِهَا، دونَ العناية بالفروق الجوهريّة فِيْ الأُصول وَالمفاهيم، حَيْثُ لِكُلُّ رابطة عقديّة نصابهَا وَمبناهَا الفكري وَاللَّاهوتي الخاص الَّتِي تَشَّكَلَت مِنْ خلاله، سواء أكان فِيْ سياق تاريخي أَمْ مِنْ نَصًّ مرجعيًا، مِمَّا يَستَلزمُ دراسة كُلُّ عقيدة ضمن إطارهَا الذاتي، مَعَ الاجتناب عَنْ فرض تأويلات أَوْ مقارنات قَدْ يَنتجُ خلالهَا فهم خاطئ غَيْرِ دقيق للمنظومةِ العقديّة الإسلاميّة، وَمِنْ ثُمَّ بَعدهَا إجراء مُقارنات مَعَ العقائد الأُخرى.
الخاتمة
الحَمدُ لله الحكيم كثيرًا، حَمدًا لِمَنْ حَبَكَ نَسيج الكون بحكمتهِ، فَمَدَّ سناء الحق فِيْ ليلِ العدم، وَسارت فِيْهِ بحار القدرة داخل تفاصيل الأزل، فَمَضت الكلمة خارقة بإذنهِ، لا يَعقبهَا حرف، وَلا يصدهَا نحو، وَأُصلّي وَأُسلّم عَلَى مَنْ انفَجَرَت مِنْ فَمهِ جداول الحكمة وَجرت، فَأَنبأ الصمتُ خلاله، وَأزهرت المعاني فِيْ نواحي العقول، حَتَّى صارت حروفه مرآة للباطن، وَانجلى بِبريقهِ حجاب الغموض.
بَعدَ تَمَحُّص مَفهوم اللوغوس فِيْ الدياناتِ السماويّة الإبراهيميّة، يَتَبيَن أَنَّ هَذَا المفهوم قَدْ خَضَعَ لسيرورة دلاليّة وَفلسفيّة متباينة، تبعًا للسياقات العقائديّة فِيْ الأَديانِ، مرورًا بالفلسفةِ الإغريقيّة ثُمَّ الديانة اليهوديّة الَّتِي يُنظَر مِنْ خلالها للوغوس عَلَى أَنَّهُ «حكمة الإله» أَوْ «كلمة الإله» الَّتِي تَتَجَسَد بالتوراةِ، وَتُشير إِلَى قُدرةِ وَقوةَ الله المؤثرة فِي الكونِ، ثُمَّ يَليها الديانة المسيحيّة الَّتِي أَخَذَت اليسير مِنْ الديانة اليهوديّة وَمِنْ التصورات الفلسفيّة ليتطور اللوغوس ليكونَ مفهومًا جوهريًا وَمحوريًا فِيْ العقيدةِ، حَيْثُ يُعَدُّ اللوغوس تَجلّيًا ربانيًا فِيْ ذاتِ المسيح عيسى ابن مريم(عليه السلام)، وَهُوَ تَصوّر مختلف بشكل واضح عَنْ التصور الفلسفي وَالتصور اليهودي وَالإسلامي، آخرًا يأتي الإسلام لكي يَنهي صراع الفكر وَالمعرفة وَالتصورات الكفريّة وَالخرافات لينفي أَصلًا وجود لوغوس فِيْ الديانة الإسلاميّة، وَلَكِنْ يوجد مقابل لَهُ وَهِيَ «الكلمة الإلهيّة» الَّتِي تَكونُ فِي السياقِ الإسلامي مؤطرة بإطار توحيدي شديد، حَيْثُ يُشير إِلَى عيسى(عليه السلام) بـ«كلمة الله» كوصف لَهُ، وَلكن مِنْ دون أَنْ يَشحن معنى الكلمة بالدلالةِ العقديّة المسيحيّة كَمَا جَرى ذَلِكَ فِيْ الإنجيلِ أَوْ الفكر المسيحي.
مِنْ خلال دراسة لموقف أنجيليكا نويفيرت فِيْ تَناولها لمفهوم اللوغوس فِيْ الدياناتِ الثلاث، يَتَبين أَنَّهَا أبرَزت مفهوم اللوغوس فِي الديانةِ الإسلاميّة وَبَيّنَت المقاربات وَالفروقات الجوهريّة بَيْنَ التصورات الدينيّة حَوْلَ اللوغوس، فَلَقَدْ أَشارت نويفيرت إِلَى وجود اللوغوس فِيْ الْقُرْآنِ فِيْ ضوءِ سورة الرحمن وَأَنَّهُ وسيط بَيْنَ نطاق السماء وَنطاق البشر، وَلَكِنْ هَذِهِ المرة اللوغوس مغاير لسابقاتهِ، فَهْوَ لا يَخلق وَلا يُنَظّم وَلا يَتَجَسّد وَمُتَمَثّل بالعلمِ بسببِ وجوده بموقعِ بَيْنَ الرحمن فِيْ الآية الأوّلى وَالإنسان فِيْ الآية الثالثة، وَاعتبرت أَنَّ اللوغوس الْقُرْآنِيّ التِي استنبطتهُ مِنْ مُقدِّمة سورة الرحمن هْوَ انعكاس لمُقدِّمة إنجيل يوحنّا وَإنجيل يوحنّا مُستلهمْ مِنْ نصوص مِنْ الترجوم تبعًا لرأي دانيال بويارين، وَلَكِنْ باختلافاتِ كثيرة وَمِنْ دونَ ترابط بَيْنَ النَصَّيَن.
نتائج البحث
1. يَتّضح أَنَّ اللوغوس فِيْ الدياناتْ التوحيديّة الإبراهيميّة ناتج مِنْ سيرورة فكريّة وَعقائديّة لِهَذِهِ الأَديان، فَهُوَ لَيَسَ ثابتًا.
2. اللوغوس فِيْ الْقُرْآنِ الكَريم هُوَ تَجلّي إيصال العلم للناسِ «الوحي»، وَهْوَ تَصوّر لَيَسَ جديدًا، بَلْ وُجد فِي سياقِ الفكر اليهود بحسبِ اعتقاد نويفيرت.
3. امتازت نويفيرت بأنّها تَمَكّنت من تسليط الضوء عَلَى ثغرة معرفيّة طالما شغلت الفكر الإنساني، وَلا سيما فِيْ مَا يَتعلّق باللوغوس فِيْ سياق نصوص الديانات التوحيديّة، حَيْثُ قَدَّمت مُقاربة فكريّة جريئة تُحاول فِيْهَا الربط بَيْنَ البُنيّة الْقُرْآنِيّة وَمفهوم اللوغوس كَمَا هُوَ مُتداول فِيْ الحقول الفلسفيّة وَاللَّاهوتيّة، وَقَدْ شَكّلَ هَذَا الطرح مُساهمة نوعيّة فِيْ توسيع أُفق النقاش حَوْلَ التعالقات النَصّيّة بَيْنَ هَذِهِ النَصوص المقدسة، إِلَّا أَنَّ هَذَا الإسهام عَلَى أَهميتهِ لَكِنَّهُ لَا يُعَدُّ إقرارًا بحتًا بإمكانيّة تَعميم اللوغوس عَلَى الدينِ الإسلامي، إِذْ تَظَلُّ هَذِهِ المسألة موضع إشكال تأويلي وَمعرفي مَفتوح، وَلا يُمكن الحُكم فِيْ ضوءِهَا عَلَى الأَديانِ أَوْ تَحميل نصوصهَا دلالات خارج منظومتهَا المفاهيميّة، دون الرجوع إِلَى نصوص قطعيّة الدلالة تُثبت ذَلِكَ، فَحَتَّى وَإِنْ كانَ طرح نويفيرت أَقرب إِلَى المنطق والعقل، إِلَّا أَنَّهُ يَبقى ضمن دائرة الاجتهادات الَّتِي تَحتاج إِلَى تدقيق نقدي وَمقاربات علميّة تناسب خصوصيّة الْقُرْآن الكَريم وَمفاهيمه وَقيمه.
4. الفوارق الرئيسة بَيْنَ الأديان فِيْ فهم اللوغوس هِيَ أَنَّهُ مُجَسَّد مُصَوَّر فِيْ اليهوديّة وَالمسيحيّة، وَعكسهُ تمامًا فِيْ الإسلامِ، مِمَّا يسبغ عليه بُعدًا عقديًا فِي كُلْ ديانة.
5. الدراسات الاستشراقيّة ساهمت فِيْ نَشر وَإبراز هَذِهِ المشاكل البحثيّة، وَالدراسات الإسلاميّة ساهمت فِيْ هَذِهِ العمليّة مِنْ خِلال التفنيد وَالرد وَالدراسة عمومًا.
6. يَنبغي تَقَمُّص الشخصيّة البحثيّة بدقةِ، خصوصًا فِي تناولِ القضايا العقديّة للأَديان وَالتعمق وَالتكثيف مِنْ الدراسة حَوْلَهَا بِتجنّبِ الإسقاطات الفهميّة وَالمشاكل وَالجدل بَيْنَ الملل وَالنِحل.
7. اللوغوس الْقُرْآنِيّ مُجَرّد مِنْ مَعناه، فَهُوَ لا يُنَظّم وَلا يَملك قُدرة عَلَى التحكم وَلا عَلَى الخلق، وَلا يساعد الله، وَالله لا يَحتاجهُ، وَهُوَ غَيْرِ مُجسّد كَمَا فِيْ الدياناتِ السابقةِ، وَلا يوجد استعمال للفظة اللوغوس أَساسًا فِيْ التراثِ الإسلامي، بَلْ يوجد الوحي «جبريل» الرسول كوسيط بَيْنَ الله وَالإنسان، وَمحكوم بِأَمرِ الله وَلا يَخرُج عَنْ طوعه.
8. أَمَّا العلم الَّذِي تَعتقد نويفيرت أَنَّهُ سبيل فهم الكون، فَهُوَ يَقع ضمن المحدوديّة العقليّة للبشرِ وَضمن المعقول وَهُوَ غَيْرِ مُهيأ لإدراك العلم الإلهي، وَمن غَيْرِ المنطقي أَنْ يكون عقل المخلوق مستوعبًا لِعظمة علم الإله وَجبروته.
9. يَتُمُّ تَهيئة الناس لِتَقَّبُّل اللوغوس أَوْ الكلمة القرآنيّة مِنْ خِلال زيادة تأثير اللوغوس قُرْآنِيًا بإضافة القُدرة عَلَى التَعلّم وَالفهم وَاللُّغة الواضحة، وَمِنْ أَجل إدراك عمليّة إيصال العلم ليصبح الخلق وَالكون مفهومًا لبني البشر، وَهُوَ تمامًا يُشابه تَصوّر فيلون السكندري حَوْلَ الكون الفكري.
استنادًا عَلَى مَا سَبقْ، نَستَطيع الذهاب إِلَى أَنَّ الإدراك العميق للوغوس بَيْنَ الأَديان يَستوجب دراسة عميقة وَنظرة بعيدة فِيْ آفاق العلوم الدينيّة لِكُل دين مِنْ الأَديان السماويّة وَدراسة باستخدامِ مناهج البحث الأكاديمي، وَلا سيما الَّتِي تَختَصّ بالسياقِ التاريخي للنصوص، مَعَ الابتعاد عَنْ التعصّب وَالانحياز وَالميل، وَأَنَّ الاستشراق رُغمَ مساهماته الفريدة، إلَّا أَنَّهُ يحتاج إِلَى إعادة قراءة نَقديّة تَحليليّة وَتنقيح وَتصحيح مسار الفكر الغربي الاستشراقي وَحَتَّى الشرقي لضمان فهم واضح للقارئ البسيط.
لائحة المصادر والمراجع
الكتاب المقدس.
القرآن الكريم.
ابن حزم الظاهري، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الأندلسي القرطبي (ت 456هـ)، الفصل في الملل والأهواء والنحل، الناشر: مكتبة الخانجي – القاهرة.
ابن عاشور، محمد الطاهر، التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسيّة للنشر، 1984م.
ابن عساكر الدمشقي، ابي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله (571هـ)، تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى الإمام أبو الحسن الأشعري، دمشق: مطبعة التوفيق، 1347هـ.
ابن عنبة، جمال الدين أحمد بن علي الحسني (ت 828هـ)، عمدة الطالب في أنساب آل ابي طالب، صححه: محمد حسن آل طالقاني، ط2، النجف - العراق: المطبعة الحيدريّة، 1380هـ/ 1961م.
البابا شنوده الثالث، لاهوت المسيح، ط4، القاهرة - مصر: الكليّة الإكليريكيّة للأقباط الأرثوذكس، 1995م.
بدوي، عبد الرحمن، موسوعة الفلسفة، بيروت: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، 1984م.
بريهييه، أمييل، الآراء الدينيّة والفلسفيّة لفيلون الإسكندري، ترجمة: محمد يوسف موسى وعبد الحليم النجار، مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، 1954م.
توينبي، أرنولد، تاريخ الحضارة الهيلينيّة، ترجمة: رمزي جرجس، مصر: مكتبة الأسرة، 2003م.
الجبوري، كامل سلمان، معجم الادباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، بيروت: دار الكتب العلميّة، 1424هـ/ 2003م.
جرجس، نجيب، تفسير الكتاب المقدس: تفسير سفر الخروج، القاهرة - مصر: بيت مدراس الأحد، 2002م، ط3.
جمعة، محمد لطفي، تاريخ فلاسفة الإسلام، القاهرة - مصر: مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، 2014م.
راتسنجر، جوزيف، مدخل إلى الإيمان المسيحي، ترجمة: نبيل الخوري، جونيه - لبنان: المكتبة البوليسيّة، 1994م.
روفائيل، أنطونيوس فكري، تفسير سفر حكمة سليمان، مشروع الكنوز القبطيّة، الصاغة - ملوي.
الزحيلي، وهبة بن مصطفى ، التفسير الوسيط للزحيلي، دار الفكر، دمشق - سوريا، 1422هـ/ 2001م.
السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله (ت 1376هـ)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، المحقق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، لبنان: مؤسسة الرسالة، 1420هـ/ 2000م.
سمعان، عوض، الله في المسيحيّة، مصر: كنيسة قصر الدوبارة الأنجيليّة، 2004م.
شمس الدين، أحمد، أفلاطون سيرته وفلسفته، بيروت - لبنان: دار الكتب العلميّة، 1411هـ/ 1990م.
الطبري، أبو جعفر، محمد بن جرير (224-310هـ)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق: محمود محمد شاكر، مكة المكرمة - السعوديّة: دار التربيّة والتراث.
الطبري، ابي جعفر محمد بن جرير (ت 310هـ)، دلائل الإمامة، النجف الأشرف - العراق: المطبعة الحيدريّة، 1369هـ/ 1949م.
عبد الرحيم، محمد حازم صلاح أبو إسماعيل محمد، وقفات مع قضايا معاصرة شبهات ردود، السعوديّة: بداية للإنتاج الإعلامي، 1431هـ/ 2010م.
عبد الرزاق، مصطفى، فيلسوف العرب والمعلم الثاني، المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي، 2014م.
علي، حمادة أحمد، فلسفة الدين اليهودي - فيلون السكندري، القاهرة: نيو بوك للنشر والتوزيع، 2017م.
علي، عبد اللطيف أحمد، التاريخ اليوناني: العصر الهللادي، بيروت: دار النهضة العربيّة، 1976م.
الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد، الرد الجميل لألهيّة عيسى بصريح الإنجيل، تعليق وضبط: أبو عبد الله السلفي والداني بن منير آل زهوي، بيروت - لبنان: المكتبة العصريّة، 1420هـ/ 1999م.
الكبير، باسيليوس، تفسير سفر المزامير، ترجمة: سعيد حكيم يعقوب، مراجعة: نصحي عبد الشهيد، القاهرة - مصر: مؤسسة القديس انطونيوس - المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائيّة، 2020م.
ماكدويل، جوش، وشون ماكدويل، الحقُّ الرَّاسِخ، ترجمة: يوسف شكري، القاهرة - مصر: هيئة الخدمة الروحيّة للنشر، 2019م.
المجلسي، محمد باقر (1110هـ)، بحار الأنوار: الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ط3، بيروت - لبنان: دار إحياء التراث العربي، 1403هـ/ 1983م.
مجموعة مؤلفين، القديس يوستينوس الدفاع عن المسيحين والحوار مع تريفون، تعريب: جورج نصور، بيروت - لبنان: رابطة معاهد اللاهوت في الشرق الأوسط، 2007م.
محمود، زكي نجيب، وَأحمد أمين، قصة الفلسفة اليونانيّة، يورك هاوس - المملكة المتحدة البريطانيّة: مؤسسة هنداوي، 2018م.
مطر، أميرة حلمي، الفلسفة عند اليونان، القاهرة - مصر: دار ومطابع الشعب، 1965م.
النجار، عامر، في تاريخ الطب في الدولة الإسلاميّة، القاهرة: دار المعارف، 1994م.
النحال، بهاء، تأمّلات فى الأناجيل والعقيدة، ط2، زقازيق – مصر، 1994م.
نويفيرت، أنجيليكا، كيف سحر القرآن العالم، ترجمة: صبحي شعيب، القاهرة - مصر: مكتبة البحر الأحمر، 2022م.
وهبة، مجدي، وكامل المهندس، معجم المصطلحات العربيّة في اللغة والأدب، بيروت: مكتبة لبنان، 1984م، ط2.
الويسي، ياسين حسين، الكلمة واللوغوس في الفكر الفلسفي والديني، دمشق – سوريا، دار صفحات، 2016م.
الصحف والمواقع الإلكترونيّة
أنجيليكا نويفرت، الدراسات القرآنيّة والفيلولوجي التاريخي النقدي، انطلاق القرآن من التراث الكتابي وتغلغله فيه وهيمنته عليه، ترجمة: محمد عبد الفتاح، مركز تفسير للدراسات القرآنيّة، عَلَى الرابط:
https://tafsir.net/translation/41.
أنجيليكا نويفرت، نظرتان للتاريخ والمستقبل البشري: الوعود الإلهيّة في القرآن والكتاب المقدّس، ترجمة: مصطفى هندي، مركز تفسير للدراسات القرآنيّة، عَلَى الرابط:
https://tafsir.net/translation/135.
كوربوس كورانيكوم، «السور المكيّة المبكرة»، عَلَى الرابط:
https://corpuscoranicum.de/en/commentary/introduction/early-mecca.
الموسوعة البريطانيّة بريتانيكا، (Henotheism)، عَلَى الرابط:
https://www.britannica.com/topic/henotheism.
الموسوعة البريطانيّة بريتانيكا، مادة (Logos philosophy and theology)، عَلَى الرابط: https://www.britannica.com/topic/logos.
الموسوعة البريطانيّة بريتانيكا، مادة (logos)، على الرابط:
https://www.britannica.com/topic/logos.
الموسوعة الغامضة (Occult Encyclopedia)، مادة (Metatron) على الرابط:
https://www.occult.live/index.php?title=Metatron&mobileaction=toggle_view_desktop.
موقع الأنبا تكلا هيمانوت، على الرابط:
https://tak.la/bc5yf95.
الويكيبيديا، مادة (Anaxagoras)، على الرابط:
https://en.wikipedia.org/wiki/Anaxagoras.
الويكيبيديا، مادة (Daniel Boyarin)، على الرابط:
https://en.wikipedia.org/wiki/Daniel_Boyarin.
اليوتيوب، «أنجليكا نويفيرث ودعوى تأليف القرآن»، عَلَى الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=1fl-aoFYz6Y&t=3s.
-----------------------------------------
[1](*)- طالب ماجستير تخصص علوم القرآن، كليّة العلوم الإسلاميّة، جامعة ديالى - العراق.
(**)- أستاذ دكتور تخصص التفسير، كليّة العلوم الإسلاميّة، جامعة ديالى - العراق.
[3]- الهيلينيّة (Hellenism): هِيَ الفترة الأولى مِنْ الحضارة اليونانيّة، الَّتِي تَمتَد مِنْ (800ق.م-323ق.م)، وَتُعرَف بالفترة الكلاسيكيّة للحضارة اليونانيّة وَالعهد القديم الأصلي مِنْهَا الَّتِي تَنتهي بموت الملك الإسكندر المقدوني الأكبر عام (323ق.م)، عُرِفَت هذه الفترة بالذروة الثقافيّة للحضارة اليونانيّة، وَهِيَ قَدْ كانت محصورة بَيْنَ حدود اليونان أَوْ العالم الإغريقي فَقَطْ قبل أَنْ تختلط بالثقافات الأُخرى بعد الفتوحات التوسعيّة الَّتِي أجراها الإسكندر المقدوني الأكبر، امتازت الفترة الهيلينيّة بتطور العلوم فِيهَا، وَالعمران، وَالفنون، وَالسياسة؛ وَهْوَ سبب ذروتها وَتقدمها، وَللإشارة لفظة الإغريق أطلقها العرب عَلَى مِنْ يَنتَمي للفترة الهيلينيّة للتفريق بَيْنَ الحضارة اليونانيّة الإغريقيّة (الهيلينيّة) وَالحضارة اليونانيّة (الهلنستيّة)، وَيُطلَق عَلَى دولة اليونان فِي الوقت الراهن اسم «الجمهوريّة الهيلينيّة»، وَالدين فِي هذه الحقبة يتمثّل بتعدد الآلهة الأولمبيّة -الأساطير اليونانيّة القديمة الاثنا عشرة، مِنْهُم زيوس، وَأثينا، وَأبولو وَغيرهم-، تمثل الهيلينيّة العصر الذهبي للفكر اليوناني القديم، حَيْثُ عرفت بتوجهاتها الميتافيزيقيّة -مَا وراء الطبيعة أَوْ كينونة الأشياء-، وَدراستها للوجود وَالحقيقة وَالواقع وَغيرها، مِنْ أبرز فلاسفة هذه الحقبة: هرقليطس، وَأفلاطون وَسقراط وَغيرهم، وَانتهت الهيلينيّة بوفاة أرسطو. توينبي، أرنولد، تاريخ الحضارة الهيلينيّة، ص19-34. أحمد علي، عبد اللطيف، التاريخ اليوناني: العصر الهللادي، ص105-120.
[4]- هرقليطس أوْ هيراقليتوس: (535ق.م-470ق.م)، وَهْوَ أحد فلاسفة اليونان مَا قبل سقراط، وَكاتب، وَفيزيائي، اشتهر بغموضه وَبأسلوبه المجازي مَعَ غروره وَتكبره حد المبالغة؛ مِمَّا جعله يستحق مَا أطلق عليه «الفيلسوف الغامض»، و«صاحب الألغاز»، عُرِفَ بفلسفتهِ بالتحول وَالتطور الدائم للوجود، قائلًا: «لا يخطو رجل في نفس النهر مرتين أبدًا»، أعماله منثورة بَيْنَ الكتابات وَالبحوث، حَيْثُ لَمْ يَتَبَقَ مِنْهَا إلَّا شذرات قليلة، تَرَكَ إرثًا فكريًا مترسّخًا فِي نفوس مَنْ بعده مِنْ الفلاسفة، مثل: سقراط وَأفلاطون... إلخ الكثير. محمود، زكي نجيب؛ أمين، أحمد، قصة الفلسفة اليونانيّة ص43-48.
[5]- الويسي، ياسين حسين، الكلمة واللوغوس في الفكر الفلسفي والديني، ص24.
[6]- الرواقيّة: «هي العلم بأن كل شيء في الطبيعة يُوجد بالعقل الكلي أو القدر: وإطاعة ما يأتي به القدر عن رضى واختيار. وهو مذهب يوناني قال به زينون (zenon) (3ق.م) في رواق (Stoa)». مجدي وهبة وكامل المهندس، معجم المصطلحات العربيّة في اللغة والأدب، ص183.
[7]- بدوي، عبد الرحمن، موسوعة الفلسفة، ج2، ص372.
[8]- مطر، أميرة حلمي، الفلسفة عند اليونان، ص38.
[9]- أناكساغوراس: (500ق.م–428ق.م)، وهو فيلسوف يوناني ما قبل لسقراط، وعالم فلك وكاتب ورياضي، وهو من أوائل من أدخلوا الفكر العقلي المجرّد إلى الفلسفة اليونانيّة، وكان له تأثير واضح على سقراط وأفلاطون، سجن بعد استنتاجه بأن الشمس هي حجر ساخن والقمر مصنوع من الأرض وليست آلهه. الويكيبيديا، مادة (Anaxagoras)، تاريخ الاسترجاع: 21/ 04 /2025، https://en.wikipedia.org/wiki/Anaxagoras.
[10]- النحال، بهاء، تأملات فى الأناجيل والعقيدة، ص35.
[11]- أفلاطون: (427-347ق.م)، هو أحد أعظم فلاسفة التاريخ اليونانيين القدماء، وأديب، وشاعر، ينتمي للمدرسة الفلسفيّة المثاليّة، تعلمَ عَلَى يد سقراط وتأثّر فكريًّا به، وتأثر أيضًا بالفكر المصري أثناء زيارته لمصر، أغلب أعماله تدور حول السياسة و«اليوتيوبيا» و«الديستوبيا» وحول الأخلاق، عُرِفَ بأعماله ذات التأثير الشديد، وبأسلوب المحاورة المحدث آنذاك، منها: «الجمهوريّة»، و«القوانين»، و«محاورة فيدون». شمس الدين، أحمد، أفلاطون سيرته وفلسفته، ص7-48.
[12]- الموسوعة البريطانيّة بريتانيكا، مادة (logos)، تاريخ الاسترجاع: 21/ 04/ 2025،
https://www.britannica.com/topic/logos.
[13]- الكتاب المقدّس: العهد القديم، سفر التكوين، 1/ 1-3.
[14]- الكتاب المقدّس: العهد القديم، المزمور، 33/ 6.
[15]- الكبير، باسيليوس، تفسير سفر المزامير، ص193-195.
[16]- روفائيل، أنطونيوس فكري، تفسير سفر حكمة سليمان (مشروع الكنوز القبطيّة، الصاغة - ملوي)، ص41-43.
[17]- الكتاب المقدّس: العهد القديم، سفر الحكمة، 7/ 24-26.
[18]- نجيب جرجس، تفسير الكتاب المقدس: تفسير سفر الخروج، ص25-27.
[19]- الكتاب المقدس: العهد القديم، سفر الخروج، 3/ 2-4.
[20]- الموسوعة الغامضة (Occult Encyclopedia)، مادة (Metatron)، تاريخ الاسترجاع: 22/ 04/ 2025،
https://www.occult.live/index.php?title=Metatron&mobileaction=toggle_view_desktop.
[21]- الظاهري، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي (ت 456هـ)، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج1، ص165.
[22]- فيلون أَوْ فيلو الإسكندري: (20ق.م-50م)، وَهْوَ أحد فلاسفة اليهود، وكان َمؤرخًا، وَكاتبًا، وَمؤلفًا، هلنستي المذهب، وَقَدْ عاشَ فِي الإسكندريّة خلال الحكم الروماني حتى أُطلقَ عَلَيهِ لقب السكندري أَوْ الإسكندري، لَهُ مساعٍ فِي التوفيق بَيْنَ التوراة وَالفلسفة اليونانيّة عَنْ طريق بيان سيميائيّة التوراة؛ حتى أثّر فِيمَنْ بَعده مِنْ المفكرين وَغيرهم فِي هذا الصدد، لكنهُ لَمْ يَحَظَ بقبول كبير بَيْنَ اليهود الربانيين، كتاباته تُعَدُّ مرآة للمذهب الرواقي وَالأفلاطوني، لكن مَعَ تحفظه عَلَى الأصل اليهودي وَفِي مسعى للتوفيق بينهُم، وَمِنْ أَهَمُّ مؤلفاته: «موسى»، و«الوصايا العشر»، و«هل يملك الحيوان عقلًا»... وَغيرها الكثير. علي، حمادة أحمد، فلسفة الدين اليهودي - فيلون السكندري، ص15-27. أمييل بريهييه، الآراء الدينيّة والفلسفيّة لفيلون الإسكندري، ص1-5.
[23]- بريهييه، أمييل، الآراء الدينيّة والفلسفيّة لفيلون الإسكندري، ص121.
[24]- النحال، بهاء، تأملات فى الأناجيل والعقيدة، ص36.
[25]- بريهييه، أمييل، الآراء الدينيّة والفلسفيّة لفيلون الاسكندري، ص123.
[26]- بدوي، عبد الرحمن، موسوعة الفلسفة، ص372.
[27]- الكتاب المقدّس: العهد القديم، سفر الحكمة، 9/ 9.
[28]- م.ن، 18/ 15.
[29]- الكتاب المقدّس: العهد الجديد، رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس، 1/ 24.
[30]- البابا شنوده الثالث، لاهوت المسيح، ص8-11.
[31]- القديس يوستينوس: ويطلق عليه جاستن مارتر، وهو فيلسوف مسيحي من القرن الثاني الميلادي، وُلد في فلسطين وأصله وثني، واعتنق المسيحيّة بعد حوار مع شيخ، ويُعد أوّل من ربط بين المسيحيّة والفلسفة اليونانيّة، وقدم مفهوم «اللوغوس» كمبدأ إلهي تجلى بالكامل في المسيح، دافع في كتاباته عن الإيمان المسيحي أمام الإمبراطور الروماني، مؤكّدًا أن الفلاسفة كأمثال سقراط وأفلاطون شاركوا جزئيًّا في «اللوغوس»، استُشهد في روما بسبب دفاعه العلني عن الديانة المسيحيّة حتى أطلق عليه الشهيد. مجموعة مؤلفين، القديس يوستينوس الدفاع عن المسيحين والحوار مع تريفون، ص12-16.
[32]- مجموعة مؤلفين، القديس يوستينوس الفيلسوف والشهيد الدفاعان والحوار مع تريفون أخرى، ص18.
[33]- الموسوعة البريطانيّة بريتانيكا، (Logos philosophy and theology)، تاريخ الاسترجاع: 22/ 07/ 2024،
https://www.britannica.com/topic/logos.
[34]- راتسنجر، جوزيف، مدخل إلى الإيمان المسيحي، ص103-104.
[35]- بدوي، عبد الرحمن، موسوعة الفلسفة، ص372.
[36]- نويفيرت، أنجيليكا، كيف سحر القرآن العالم، ص129.
[37]- م.ن.
[38]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س.
[39]- مصطلح يشير إلى السؤال المثار في الفلسفة «كيف يسمح الله بوجود الشر في العالم؟».
[40]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص130.
[41]- م.ن.
[42]- الأقنوم (Hypostasis): هْوَ مُصطلح عقدي يستعمل فِي الديانة المسيحيّة للدلالة عَلَى أوصاف أَوْ أنواع الذات الإلهيّة فِي الجوهرِ الواحد المنقسم للثالوث المشهور (الأقانيم)، وَهِيَ «الآب، وَالابن، وَالروح القدس»، وَأقنوم هْوَ أحد الثلاثة المنطوية ضمن الجوهر الواحد، وَالأب هْوَ الله، وَالابن هْوَ عيسى(عليه السلام)، وَالروح القدس هِيَ روح الله أَوْ روح عيسى وَكَلٌ ضمن التصور المسيحي. جوش ماكدويل وشون ماكدويل، الحقُّ الرَّاسِخ، ص73-87.
[43]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص130.
[44]- م.ن، ص131.
[45]- م.ن.
[46]- م.ن.
[47]- الكتاب المقدس: العهد الجديد، إنجيل يوحنا، 1/ 1-10.
[48]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص132.
[49]- دانيال بويارين: من مواليد 1946م، وهو أكاديمي ومؤرّخ ديني يهودي أمريكي-إسرائيلي، يُعد من أبرز باحثي الدراسات التلموديّة والثقافة اليهوديّة. شغل مناصب أكاديميّة مرموقة وله إسهامات في فهم العلاقة بين اليهوديّة والمسيحيّة، والهويّة اليهوديّة. يُعرف بمواقفه النقديّة للصهيونيّة وبدفاعه عن يهوديّة الشتات. الويكيبيديا، مادة (Daniel Boyarin)، تاريخ الاسترجاع: 23/ 04/ 2025،
https://en.wikipedia.org/wiki/Daniel_Boyarin .
[50]- م.ن.
[51]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص133.
[52]- م.ن.
[53]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س.
[54]- م.ن.
[55]- م.ن.
[56]- الكتاب المقدس: العهد القديم، سفر الأمثال، 8/ 22.
[57]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص134.
[58]- م.ن.
[59]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س.
[60]- م.ن.
[61]- م.ن، ص135.
[62]- م.ن.
[63]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص133.
[64]- م.ن، ص133.
[65]- م.ن.
[66]- م.ن، ص130.
[67]- اليوتيوب، «أنجليكا نويفيرث ودعوى تأليف القرآن»، تاريخ الاسترجاع: 16/ 07/ 2024،
https://www.youtube.com/watch?v=1fl-aoFYz6Y&t=3s.
[68]- م.ن.
[69]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص134.
[70]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص78.
[71]- أنجيليكا نويفرت، الدراسات القرآنيّة والفيلولوجي التاريخي النقدي، انطلاق القرآن من التراث الكتابي وتغلغله فيه وهيمنته عليه، ص9-13، تاريخ الاسترجاع: 28/ 01/ 2025،
https://tafsir.net/translation/41.
[72]- موقع الأنبا تكلا هيمانوت، تاريخ الاسترجاع: 06/ 03/ 2025،
https://tak.la/bc5yf95.
[73]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص129-135.
[74]- نويفرت، أنجيليكا، نظرتان للتاريخ والمستقبل البشري: الوعود الإلهيّة في القرآن والكتاب المقدّس، ص27، تاريخ الاسترجاع: 03/ 02/ 2025،
https://tafsir.net/translation/135.
[75]- نظرتان للتاريخ والمستقبل البشري: الوعود الإلهيّة في القرآن والكتاب المقدّس، م.س، ص26-27.
[76]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص133.
[77]- كوربوس كورانيكوم، «السور المكيّة المبكرة»، تاريخ الاسترجاع: 05/ 02/ 2025،
https://corpuscoranicum.de/en/commentary/introduction/early-mecca.
[78]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص129-135.
[79]- الزحيلي، وهبة بن مصطفى، التفسير الوسيط للزحيلي، ج2، ص1267-1269.
[80]- ابن سينا: (370-428هـ) وَقيلَ إنَّهُ توفيَ فِي عام (427هـ)، هْوَ الحسين بن عبد الله البلخي البخاري، المكنى بـ أبو علي، هْوَ فيلسوف وَعلّامة إسلامي شهير، حافظاً للقرآن الكريم، كَاَنَ ضليعًا بالطب، وَالسياسة، وَالمنطق، وَالفلك، وَعلم النفس... إلخ، كَاَنَ وزيرًا فِي حكومة عضد الدولة ابن بويه، وَهْوَ أَيضًا يؤمن بِأَنَّ العقل طريق الفهم وَوسيلة لفهم الكينونة، لَمْ يختلف عَنْ الفارابي كثيرًا حتى فِي مساعيه للتوفيق بَيْنَ الفلسفة اليونانيّة وَالفلسفة الإسلاميّة، تَرَكَ لنا ترسانة علميّة باللغتين العربيّة وَالفارسيّة شملت مختلف المجالات لعلميّة، أهم مَا ترك: «الإشارات والتنبيهات»، و«القانون في الطب»...إلخ. النجار، عامر، في تاريخ الطب في الدولة الإسلاميّة، ص120-126.
[81]- الفارابي: (260-339هـ)، هْوَ محمد بن طرخان الفارابي نسبةً إِلَى مدينة فارب الكازاخستانيّة تركي الأصل، المكنى بـ أبو نصر، فيلسوف وَعالم مسلم، لُقِّب بـ«المعلم الثاني» بَعدَ أرسطو و«شيخ الفلاسفة»، يَعتقد إنَّ العقل سبيلًا لفهم الدين، بَرَزَ بكتاباته فِي الفلسفة، وَالقانون، وَالمنطق، وَالسياسة، لَهُ مساعي للمواءمة بَيْنَ الفلسفة اليونانيّة وَالإسلاميّة، أهتمَ بكتاباته الَّتِي تَدور معظمها حول «اليوتيوبيا» لتحقيق العدالة، مِنْ مؤلفاته: «آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها»، و«فصول منتزعة»...إلخ. عبد الرزاق، مصطفى، فيلسوف العرب والمعلم الثاني، ص41-58.
[82]- سمعان، عوض، الله في المسيحيّة، ص106-108.
[83]- عباس محمود العقاد: (1889-1964م)، وَهْوَ مفكر وَأديب مصري الجنسيّة مِنْ مدينة أسوان، وَهْوَ مِنْ أهم أعلام الأدب وَالفكر العربي فِي القرن العشرين، انصرف عَنْ الدراسة إِلَى الكتابة وَالمطالعة، وَتكلم الإنجليزيّة وَالألمانيّة وَالفرنسيّة، مِنْ المهتمين بالتجديد الشعري حتى أسسَ «مدرسة الديوان» الَّتِي قامت عَلَى منهج أساسه التحرر مِنْ أُطر الشعر الكلاسيكيّة، عُرِفَ العقاد بمواقفه السياسيّة الجريئة، كانت مؤلفاته بَيْنَ الدراسات النقديّة وَالفكريّة وَالسير الذاتيّة وَالتاريخيّة، وَكتب فِي الفلسفة وَعلم الاجتماع وَالتاريخ الإسلامي، وَمِنْ أهم مؤلفاته: «الله»، و«عبقريّة محمد»، و«اللغة الشاعرة». الجبوري، كامل سلمان، معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، ج3، ص302-303.
[84]- موقع الأنبا تكلا هيمانوت، تاريخ الاسترجاع: 06/ 03/ 2025،
https://tak.la/bc5yf95.
[85]- الغزالي: (450-505هـ)، وَهْوَ محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي الشافعي الطوسي، المكنى بابو حامد، وَهْوَ عالم مسلم برع بالفقه وَالفلسفة، وَعلم الكلام وَالتصوف، وَهْوَ مِنْ أهم وَأبرز مفكّري الإسلام فِي القرن الخامس وَالسادس الهجري، تَعلَمَ عَلَى يَد الجويني إمام الحرمين، دَرّسَ فِي المدرسةِ النظاميّة ببغداد، اتجه للعزلة وَالتصوّف، تَرَكَ إرثًا معرفيًّا هائلًا مَكرَس فِي كتب أهمّها: «تهافت الفلاسفة»، و«إحياء علوم الدين»، و«بداية الهداية». الدمشقي، أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر (571هـ)، تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى الإمام أبو الحسن الأشعري، ص291-296. جمعة، محمد لطفي، تاريخ فلاسفة الإسلام، ص83-88.
[86]- الغزالي، أبي حامد محمد بن محمد، الرد الجميل لإلهيّة عيسى بصريح الإنجيل، ص75.
[87]- نويفيرت، كيف سحر القرآن العالم، م.س، ص130.
[88]- عبد الرحيم، محمد حازم صلاح أبو إسماعيل محمد، وقفات مع قضايا معاصرة شبهات، ص44.
[89]- الباقر: (57-114هـ)، وَهْوَ مُحمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وَأمهُ فاطمة بنت الحسن بن علي، وَمِنْ أبرز أبنائه جعفر الصادق، وَالباقر لقب أٌطلقَ عليه لبقره بالعلم أَيْ إظهاره، وهْوَ الإمام الخامس مِنْ الأئمة المعصومين، وَمِنْ كبار علماء المسلمين، بَرَعَ فِي التفسير، وَالأحاديث، وَالفقه، وَعلوم الدين الأُخرى، تَتَلمذَ عَلَى يدهِ العديد، مثل: أبو حنيفة النعمان، وَالزهري، وَابن جريج، وَغَيرهم الكثير. ابن عنبة، جمال الدين أحمد بن علي الحسني (ت828هـ)، عمدة الطالب في أنساب آل ابي طالب، ط2، ص194-200. الطبري، أبي جعفر محمد بن جرير (ت 310هـ)، دلائل الإمامة، ص94-102.
[90]- المجلسي، محمد باقر (1110هـ)، بحار الأنوار: الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج35، ص403-404، رقم الرواية 21، باب: أنه نزل فيه صلوات الله عليه الذكر والنور والهدى.
[91]- الطبري، أبو جعفر، محمد بن جرير (224-310هـ)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج6، 468-472.
[92]- السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله (ت 1376هـ)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص216.
[93]- الهينوثيّة (Henotheism): وَيطلق عَلَيها بـ«الكاثينوثيّة»، وَهِيَ مَصطَلح جذوره يونانيّة مكون مِن مقطعين (heis) وَتعني واحد، و(theos) وَتعني إله ليصبح المعنى إله واحد، وَهِيَ عبادة إله رغم تعدد الآلهة، سواء اعتقد بهم أمْ لَمْ يَعتَقدْ، أوْ فِي معنى آخر هْوَ عبادة تدريجيّة يَتُمُّ فِيهَا عبادة إله تلو الآخر، مَعَ الاعتقاد بمركزيّة إله واحد مهيمن وَوحيد فوق البقيّة وَمِنْ دون إنكار لَهُم أَوْ عَدم احترامهم، كَمَا فِي الحضارات الإغريقيّة وَالمصريّة وَالهنديّة. الموسوعة البريطانيّة بريتانيكا، (Henotheism)، تاريخ الاسترجاع: 07/ 03/ 2025،
https://www.britannica.com/topic/henotheism.
[94]- ابن عاشور، محمد الطاهر، التحرير والتنوير، ج6، ص50-59.