الباحث : أ. معروفي العيد
اسم المجلة : دراسات استشراقية
العدد : 44
السنة : خريف 2025م / 1447هـ
تاريخ إضافة البحث : October / 11 / 2025
عدد زيارات البحث : 132
الملخّص
برنارد لويس؛ الإنجليزي الأصل الأمريكيّ الجنسيّة، مستشرق معروف بكتاباته المثيرة عن الإسلام، والمسلمين الّتي يحاول أن يكسوها بكساء الموضوعيّة، والتّجرّد، ولكنّها لا تخلو من غمز، وهمز، وحقد، وهو صاحب مقولة: «حملاتنا الصّليبيّة ضرورة لوقف انتشار الإسلام في الغرب»؛ فهو يعتبر أنّ الحملات الصّليبيّة قديمًا، والغزو الاستعماريّ الحديث كانت ضرورة ملحّة لوقف موجات الإسلام من أن تنتشر في مناطق كثيرة من العالم، وبالأخصّ مناطق أوروبا، وقد أدّت إلى منع نشر الإسلام في كثير من مناطق العالم. وهو الّذي نقل عنه وصف هجرة المسلمين إلى أوروبّا بأنّها هجوم إسلاميّ على الغرب. وعندما نقارب هذه المقولات، وغيرها ممّا نشره من متفرّقات نعي الخلفيّة الّتي يستند إليها في دراسة لبعض الجوانب من الدّراسات القرآنيّة، فالسّمة الأبرز فيها أنّها لم تكن دراسة متخصّصة، بقدر ما كانت تكرارًا، ووصفًا لدراسات المستشرقين المتخصّصين أمثال: جولد زيهر، وشاخت، وبروكلمان، ولذلك أتت كتاباته في هذه المجالات مفتقدة للأصالة العلميّة.
ومع أنّه يتّسم بالجزم، والقاطعيّة في ما يطرحه، إلّا أنّ هذه السّمة لا تستند إلى التّحقيق العلميّ بقدر ما تعتمد على الخلفيّة الفكريّة الاستعلائيّة، وهذا واضح من التّهكّم المستمرّ في مصداقيّة القرآن الكريــم، وبالخلط بين المعلومات الصّحيحة، وغير الصّحيحة، وتغافل عن حقائق القرآن الكريم، وترديد شُبهات المستشرقين دون تجسيد ذلك، أو الإشارة إليه. وفي المحصّلة يمكن القول أنّ قراءة لويس برنارد لم تكن نزيهة، ولم تبلغ بذلك الحصافة العلميّة.
كلمات مفتاحيّة: برنارد لويس، القرآن الكريم، الثّقافة اليهوديّة الصّهيونيّة، الاستشراق الأمريكيّ، الشّرق الأقصى، الغرب.
مدخل
لقد بدأت اهتمامات الغرب بالشّرق قديمًا باعتباره يشكّل الإطار الاستراتيجيّ سياسيًّا، واقتصاديًّا منذ صراع الإغريق، والفرس، إلّا أنّ هذه الاهتمامات لم تتحوّل، ولم تتبلور معرفيًّا إلّا في القرون الوسطى، وقد ظهر نتيجة هذه الاهتمامات مفهوم الاستشراق في أواخر القرن السّابع عشر بعد أن تراكمت الدّراسات الغربيّة الّتي جعلت الشّرق الّذي يمثّل جغرافيا الأقاليم الّتي تنتمي إلى القارات غير الأوروبيّة، أو كما كان يسمّى العالم القديم: آسيا وإفريقيا.
حياة برنارد لويس العلميّة والمنابع الفكريّة لرؤيته الاستشراقيّة
ولد برنارد لويس في 31 مايو 1916م، بلندن، أستاذ فخري بريطانيّ-أمريكيّ لدراسات الشّرق الأوسط في جامعة برنستون. تخصّص في التّاريخ الإسلاميّ (وخصوصًا تاريخ الدّولة العثمانيّة)، والتّفاعل بين الإسلام، والغرب. وهو أحد أهم علماء الشّرق الأوسط الغربيّين ممّن سعت إليهم السّياسة.
ولد من أسرة يهوديّة من الطّبقة الوسطى في لندن اجتذبته اللّغّات، والتّاريخ منذ سن مبكرة، اكتشف عندما كان شابًا اهتمامه باللّغة العبريّة، ثمّ انتقل إلى دراسة الآراميّة، والعربيّة، ثمّ بعد ذلك اللّاتينيّة، واليونانيّة، والفارسيّة، والتّركيّة.
تخرّج عام 1936م من كلّيّات الدّراسات الشّرقيّة، والإفريقيّة (SOAS)، في جامعة لندن في التّاريخ، مع تخصّص في الشّرق الأدنى، والأوسط حصل على الدّكتوراة بعد ثلاث سنوات من كلّيّة الدّراسات الشّرقيّة، والإفريقيّة متخصّصًا في تاريخ الإسلام[2].
اتّجه لويس أيضًا لدراسة القانون، قاطعًا جزءًا من الطّريق لكي يصبح محاميًا، ثمّ عاد إلى دراسة الشّرق الأوسط عام 1937م التحق بالدّراسات العليا في جامعة باريس السّوربون، حيث درس مع لويس ماسينيون، وحصل على ديبلوم الدّراسات السّامية عام 1937م. عاد إلى (SOAS) عام 1938م كمساعد محاضر في التّاريخ الإسلاميّ.
أثناء الحرب العالميّة الثّانية، خدم لويس في الجيش البريطانيّ في الهيئة الملكيّة المدرّعة، وهيئة الاستخبارات في 1940م، ثم أُعير إلى وزارة الخارجيّة. وبعد الحرب عاد إلى الجامعة، وفي عام 1949م عُيِّن أستاذًا لكرسي جديد في الشّرق الأدنى، والأوسط في سنّ الثّالثة والثّلاثين.
انتقل برنارد لويس إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة حيث أصبح يعمل كأستاذ محاضر في جامعة برنستون، وجامعة كورنل في السّبعينات من القرن المنصرم. حصل على الجنسيّة الأمريكيّة سنة 1982م.كما حاز على العديد من الجوائز من قبل مؤسّسات تعليميّة أمريكيّة لكتبه، ومقالاته في مجال الإنسانيّات. توفّي سنة 22/ 05/ 2018م عن عمر ناهز 101 عام[3].
المصادر الفكريّة الّتي استقى منها لويس فلسفته الاستشراقيّة
1. الثّقافة اليهوديّة الصّهيونيّة
يُدافع برنارد لويس عن الاستشراق الصّهيونيّ، بشراسة، وهذا أمرٌ متوقّع لسبب واضح، وبسيط، كونه متأثّر بادئ ذي بدء بثقافته اليهوديّة، والّتي خصّص لها فيما بعد جلّ دراساته، وكتاباته. منها كتابه: «اليهود في الإسلام»، وقد سعى في كتاباته الأخرى إلى إبراز الدّور الفعّال الّذي لعبه اليهود في بناء الحضارة الإسلاميّة، ولا سيّما ذلك الدّور البارز لهم في تأصيل الدّين الإسلاميّ[4].
ويُلخّص ساسي سليم الحاج هذا التّوجّه عند لويس بقوله: «أدّى خلق دولة إسرائيل في فلسطين إلى الاهتمام بمنطقة الشّرق الأوسط، وإجراء دراسات حضاريّة، وتاريخيّة، وسكانيّة لإثبات دعوى اليهود في أرض الميعاد. وهناك من أيّد قيام دولة إسرائيل، ووقف مع الادّعاءات الصّهيونيّة مثل برنارد لويس الّذي تخرج على يديه العديد من الطّلبة العرب، واليهود، وهو حامل لواء الحقّ اليهوديّ في فلسطين، وتكريسها لتحقيق أهداف سياسيّة لا علاقة لها بالبحث العلميّ الموضوعيّ»[5].
2. الاستشراق الأمريكيّ
يعتبر الاستشراق الأمريكيّ أحد منابع ثقافة لويس المهمّة، والسّبب في ذلك يرتدّ إلى العامل الاستراتيجيّ الّذي لعبته المدرسة الأمريكيّة، واشتغالاتها المحوريّة في عالم الشّرق الأوسط. وقد تبنّى برنارد لويس هذه الصّفة في المرحلة الأخيرة من حياته.
فهو بذلك قد تحوّل من مستشرق أوروبّي كلاسيكيّ إلى خبير في شؤون الشّرق الأوسط، ومستشار للهيئات، والمؤسّسات الرّسميّة في ما يتعلّق بالشّرق الأوسط. وبالإضافة إلى هاتين الصّفتين، تأثّر لويس بالاستشراق الأمريكيّ كونه استبعد الجوانب اللّغويّة، والأدبيّة في الاستشراق. وهنا يتبيّن لنا النّقص اللّغويّ لدى لويس رغم ادّعائه معرفة العديد من اللّغّات[6].
3. سياسة تفكيك العالم الإسلاميّ
في كتابه: «أين الخطأ؟ التّأثير الغربيّ واستجابة المسلمين»[7]، يخرج لويس عن حياده العلميّ، ونزاهته الأكاديميّة، ليقدّم دعوة صريحة للتّدخّل في شؤون دول الشّرق الأوسط، تحت ذريعة «إقامة الدّيمقراطيّة» فيها، إذ يدّعي أنّ سكّان الشّرق الأوسط، العرب والإيرانيّين، فشلوا في اللّحاق بالحداثة، وسقطوا في دوّامة متزايدة من الحقد، والغضب، على حدّ وصفه، موفّرًا الغطاء الأخلاقيّ لمبدأ جورج بوش الابن في «الضّربة الاستباقيّة» وتغيير النّظام في العراق، ولاحقاً لترامب أيضًا إذا ما أراد تغيير النّظام في إيران.
من هنا الاعتقاد السّائد بأنّ الحرب على العراق، ومصطلحات مثل «الشّرق الأوسط الجديد»، و«الفوضى الخلّاقة»، هي نتاج تفاعل أفكار هؤلاء، وعلى رأسهم لويس، قام صناّع القرار بإخراجها من القوّة إلى الفعل، وعليه، فإنّه مهما كرّر لويس نفيه لتأييد الحرب على العراق فلن يصدّقه أحد.
ولا شكّ أنّ لويس برنارد؛ في كتابه هذا، يسرّب رسالة خطيرة جدًّا، إذ يحاول بشكلٍ، أو بآخر التّأثير على الرّأي العامّ الغربيّ، وصنّاع القرار فيه على وجه الخصوص، ويبدو هذا التّصوّر واضحًا عندما يحاول اختزال الإسلام في الإمبراطوريّة، وهو اختزال له ما يبرره من وجهة النّظر الأيديولوجيّة للمؤلّف الّذي يريد أن يقدّم الإسلام، والمسلمين في إطار معيّن باعتبارهم خطرًا موجّهًا ضدّ أوروبا عامّة، والغرب خاصّة[8].
أصبح لويس «كاريكاتورا» عن المستشرق التّقليدي في السّنوات الأخيرة. لقد بات صريحًا في دعواته إلى استعمال العنف ضدّ العرب والمسلمين: «على الغرب أن يدافع عن نفسه بكلّ الوسائل المتاحة»[9]، ويقبل تشبيه العرب بـ«الأطفال المصابين بمسّ». ولويس على قناعة أنّ محرّك العرب السّياسيّ هو الانتقام من الحروب الصّليبيّة الّتي تؤرّقهم، كما يؤرّقهم غياب الخلافة. لكن تحليلاته عن العالم العربي المعاصر لا تتناسق. فهو ينسب كلّ الظّواهر السّياسيّة عند العرب إلى الإسلام، (والمسيحيّون العرب لا ينجون من تعميماته فهم كلّهم -من جورج حبش إلى قسطنطين زريق- تتحكّم فيهم نوازع طائفيّة محضة)، لكنّه ينسب «أمراض» العالم العربيّ إلى تأثّر العرب المعاصرين، وحركاتهم السّياسيّة بالنّازيّة، والأنظمة الشّيوعيّة في أوروبّا الشّرقيّة. وفي كتابه الأخير، يُعلم لويس قراءه أنّ «الكراسي ليست من تقاليد، أو ثقافة الشّرق الأوسط». كلّما كانت إخباريّات لويس عن موضوع دراسته غريبة، انجذب إليه جمهوره الغربيّ المتعطّش دائمًا إلى أخبار غرائب، وعجائب من الشّرق العربيّ.
ولا يمكن التّقليل من أهميّة، ونفوذ، وتأثير برنارد لويس في الثّقافة السّياسيّة للإمبراطوريّة الأميركيّة. في مقالته الشّهيرة في مجلّة «اتلانتك» (23)، صاغ لويس مقولة «صراع الحضارات»، الّتي ذهب بها صموئيل هنتنغتون بعيدًا في مقالة له (ثمّ في كتاب) عن خطورة التماس مع «الحضارة الإسلاميّة». حفظ هنتنغتون فضل لويس عليه ذلك. لكن لم يكن لويس مُحرِّكًا لسياسات، وحروب الإمبراطوريّة، بقدر ما كان مرّوجًا لها بين النّخبة، والعامّة. وكتبه الأخيرة كانت نادرة الحظوة الأكاديميّة، لكنّها بقيت على قائمة «الكتب الأكثر مبيعًا». في «نيويورك تايمز» هو حضّ الغرب، وإسرائيل على مواجهة العرب بالقوّة المفرطة، لأنّ لا وسيلة أخرى تنفع معهم. وتشخيصاته عن المجتمع العربي لم تكن تحيد عن تشخيصات رافايل باتاي (أو فؤاد عجمي فيما بعد) في تحديد أمراض نفسيّة جماعيّة للعنصر العربيّ. وهذه التّحليلات تفيد الإمبراطوريّة لأنّها تبرِّئ عن قصد سياسات، وحروب، واحتلال الغرب، وإسرائيل في الشّرق الأوسط. سيبقى للويس موقعه، لكن لن يكون كما أراده: سيُذكر لويس في دراسات نقد الاستشراق التّقليدي أكثر بكثير ممّا سيُذكر في دراسات عن الشّرق الأوسط[10].
أبحاثه ومؤلّفاته
يمتدّ تأثير لويس إلى ما وراء العمل الأكاديميّ، ليبلغ النّاس. فهــو باحثٌ رائدٌ في التّاريخ الاجتماعيّ، والاقتصاديّ للشّرق الأوسط، ومعروفٌ ببحوثه الشّاملة في الأرشيف العثمانيّ، ابتدأ مهامه البحثيّة بدراسة عرب القرون الوسطى، لا سيّما تاريخ السّوريّين. وعُدّت محاضرته الأولى الّتي كُرّست للنّقابات المهــنيّة لدى مسلمي القرون الوسطى العمل الأكثر اعتماديةً عليه لما يُناهز الثّلاثين سنة. انتقل لويس لدراسة الدّولة العثمانيّة، فيما يواصل البحث في التّاريخ العربيّ من خلال الأرشيف العثمانيّ. وأدّت سلسلة الأبحاث الّتي نشرها لويس على امتداد بضعة سنوات لاحقة إلى تثوير تاريخ الشّرق الأوسط عبر تقديمه صورةً واسعةً للمجتمع الإسلاميّ، تشمل الحكومة، والاقتصاد، والجغرافيا السّكّانيّة[11].
مؤلِّفاته
ألّف برنارد لويس عدّة كتب، وله عدة مقالات صحفيّة في جريدة (The New Yorker)، تتمحور أغلب كتاباته حول الإسلام، والشّرق الأوسط، وكذا المجتمعات الإسلاميّة، وعلاقاتها بالغرب، وأيضا تمّت ترجمة أغلب مؤلّفاته إلى عشرين لُغةً منها العربيّة، الفارسيّة، والأندونيسيّة، وفـــي ما يلي أهمّ عناوين كتب برنارد لويس:
Combustion, Flames and Explosions of Gases - 1938
Cultures in Conflict - 1995
Europe and Islam - 2007
Facility Inspection Field Manual - 2000
Faith And Power - 2010
From Babel to Dragomans - 2004
History: Remembered, Recovered, Invented - 1975
Islam and the West - 1994
Islam: The Religion and the People - 2009
Istanbul and the Civilization of the Ottoman Empire -
1963
Political Words and Ideas in Islam - 2008
Race and Color in Islam - 1971
Race and Slavery in the Middle East - 1990
Semites and Anti - 1986
Swansea In The Great War - 2014
Swansea Pals - 2004
The Arabs in the History - 2002
The Assassins - 1967
The Crisis Of Islam - 2003
The Emergence of Modern Turkey - 1961
The End of Modern History in the Middle East - 2011
The Jews of Islam - 1987
The Middle East and the West - 1964
The Middle East: A Brief History of the Last 2000 Years -
1997
The Multiple Identities of the Middle East - 1998
The Muslim Discovery of Europe - 1982
The Political Language of Islam - 1988
The Shaping of the Modern Middle East - 1994
What Went Wrong – 2002
القرآن الكريم بعيون المستشرق الإنجليزيّ المعاصر برنارد لويس
سنُحاول الوقوف عند قضيّة مركزيّة جدًّا تتمخّض بالأساس: في ما هو موقف المستشرق الانجليزيّ برنارد لويسمن القرآن الكريم.
موقفه من الإسلام
يقول برنارد لويس عن الإسلام بأنّه عسير التّعميم، والسبب في ذلك أنّ كلمة الإسلام قد استعملت بمعنيين متّصلين بدايةً، ولكنّهما معنيّان منفصلان، كمكافئات للمسيحيّة، وللعالم المسيحيّ، فتشير مفردة الإسلام بمعنييها إلى ديانة، أو نظام يشمل العقائد، والعبادات كافّة، والمعنى الآخر يشير إلى تلك الحضارة الّتي نمت، وازدهرت إزاء ذلك الدّين. وعلى أساس ذلك، فإنّ كلمة الإسلام تشير إلى ما يربو أربعة عشر قرنًا من التّاريخ، وإلى بليون، وثلث البليون من البشر، والتّقاليد الدّينيّة، والحضاريّة شديدة التّباين[12].
وكان الإسلام في اعتقاده، همزة وصل بين الشّرق القديم، والغرب الحديث الّذي يعود إليه الفضل فيه. لكن العالم الإسلاميّ قد فقد خلال القرون الثّلاثة المنصرمة قيادته، وهيمنته، وتخلّف بالموازة عن كلّ من الغرب الحديث، والشّرق الّذي يحدّث بسرعة خاطفة، تفرض الفجوة الآخذة بالاتّساع مشاكل حادّة متزايدة، عمليّة، وعاطفيّة، وهي فجوة، لم يجد لها الحكّام، ولا المفكّرون، ولا الثّوريّون حلولًا ناجعةً بعد.
إذًا، الإسلام بوصفه دينًا أقرب من أيِّ ديانة آسيويّة كبرى:كالهندوسيّة، والبوذيّة، والكونفوشيوسيّة إلى الدّيانة المسيحيّة اليهوديّة من الوجوه كافّة، وتساهم اليهوديّة، والإسلام في الإيمان بشريعة سماويّة، ترتّب مجالات النّشاط الإنسانيّ كلّها، بما في ذلك الطّعام، والشّراب. وعلى هذا الأساس إنّ ديانات الشّرق الأوسط الثّلاث جميعًا -المسيحيّة، واليهوديّة، والإسلام- شديدة القرب من بعضها، وتبدو حقيقة كأنّهما ضرب من التّقليد الدّينيّ نفسه لدى مقارنتها بديات الشّرق الأقصى[13].
ولعلّ، السّبب الّذي ساهم في انتشار الإسلام بحسبه، يرتدّ إلى تنامي مجتمع المدينة المنوّرة؛ بحيث كان الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، قد انتقل في قرن واحد، لا أكثر، إلى امبراطوريّة واسعة، وأضحى الإسلام دينًا عالميًّا، وبذلك لقد أفصحت الحقيقة الدّينيّة، والسّلطة السّياسيّة في خبرة المسلمين الأوائل. كما دوّنت، ونقلت إلى الأجيال اللّاحقة - وحدة لا تنفصم، تضفي أولاهما على أخراهما قدسيّة، وتحافظ أخراهما على أولاهما. ويستدلّ بمقولات آية الله الخميني القائل: «الإسلام سياسة، أو لا شيء». فبحسب قوله، قد لا يتّفق كلّ المسلمين مع هذا الاعتقاد، ولكنّ أغلبهم يتّفقون على أنّ الله معنيّ بالسّياسة[14].
ويصف لويس برنارد، الوضع الّذي ساد المجتمع الإسلاميّ أيّام الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، بأنّه وضع ذو طابع مزدوج، فمن ناحية كان يعتبر بمنزلة جماعة سياسيّة - أي جماعة لها رئيس تحوّلت فيما بعد إلى دولة ثمّ إلى إمبراطوريّة. وكانت بمنزلة جماعة دينيّة أيضًا أسّسها نبيّ، وحكمها نوّاب عنه، ثمّ أصبحوا خلفاء له. لقد تمّ صلب المسيح، ومات موسى من دون أن يدخل أرض الميعاد، وتأثّرت عقائد، ومواقف أتباع دينيهما تأثّرًا عميقًا بذكر هذه الوقائع، أمّا محمّد فقد انتصر أثناء حياته، ومات ملكًا، وغازيًا. وقد تأكّدت مواقف المسلمين النّاجمة عن ذلك، من خلال تاريخهم الدّينيّ فيما بعد. يقول: «فقد أتى الغزاة البرابرة -القابلون للتّعلّم- إلى أوروبّا الغربيّة، ليجدوا فيها دولة، ودينا قائمين: الإمبراطوريّة الرّومانيّة، والكنيسة المسيحيّة. واعترف الغزاة بهما معّا، وعملوا على تحقيق غايتهم، وتلبية احتياجاتهم من خلال البنيات القائمة للجماعة السّياسيّة الرّومانيّة، والدّين المسيحيّ، وكانت اللّغّة الّتي يستخدمها كلاهما هي اللّغّة اللّاتينيّة. أمّا العرب المسلمون الّذين غزوا الشّرق الأوسط، وشمال إفريقيا، فقد جاؤوا بعقيدتهم الخاصّة، وبكتاباتهم الدّينيّة، وبلغّتهم الخاصّة؛ وأنشؤوا جماعتهم السّياسيّة الخاصّة، بقوانينها الجديدة، وبلغّة، وبنية إمبراطوريّة جديدة، كان الخليفة هو رئيسها الأعلى، وقد حدّد الإسلام هذه الدّولة، والجماعة السّياسيّة، وكان الأعضاء الّذين يتمتّعون بالعضويّة الكاملة فيها هم وحدهم أولئك الّذين يعتنقون العقيدة غالبًا»[15].
موقفه من القرآن الكريم
لقد اتّخذ لويس برنارد نهج المستشرقين، فأيّد معظم آرائهم إزاء القرآن الكريم، إذ لم يخصّص لويس دراسة مستقلّة للقرآن الكريم، ولذلك جاءت آراؤه عنه متناثرة في كتاباته المختلفة، حيث ساهم بتعريف القرآن الكريم معتمدًا في ذلك سجلًا تاريخيًّا، أو تدوينيًّا للسّيرة النّبويّة، كما لوح إلى مسألة دحض نصّ القرآن بالطّريقة نفسها الّتي تناول فيها اليهود، والنّصارى نصوصهم المقدّسة.
كما اهتمّ لويس بمسألة الوحي، وأمّيّة الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وشبهة الأخذ عن اليهود، والنّصارى مستدلًّا بزعمه بمسألة التّشابه بين القصص القرآنيّ، والقصص الواردة في العهد القديم (التّوراة)، كما حلّل بعض القضايا الاجتماعيّة في ضوء القرآن الكريم[16].
يُعرّف لويس القرآن قائلًا: «إنّ القرآن الكريم إنجيل المسلمين، والمسجد كنيسة المسلمين، والعلماء أكليروس المسلمين، هذه الجمل الثّلاثة صادقة جميعًا، لكنّها كلّها -مع ذلك- مضلّلة تضليلًا خطيرًا. يتألّف كلّ من العهد القديم، والعهد الجديد من مجموعة كتب مختلفة، وتمتدّ على حقبة طويلة من الزّمن. ويعدّها المؤمنون على أنّها تجسيد للهداية السّماوية، أمّا القرآن الكريم عند المسلمين؛ فكتاب واحد، نشره في وقت واحد رجل واحد، هو الرّسول محمّد عليه الصّلاة والسّلام. وبعد جدال ساخن في القرون الإسلاميّة الأولى، جرى تبنّي المبدأ القائل بأنّ القرآن ذاته غير مخلوق، وأنّه إلهي ثابت، لا يتغيّر، وصار ذلك عقيدة مركزيّة من عقائد الإيمان»[17].
ويشير لويس إلى نظرة المسلمين للقرآن الكريم بقوله: «ووفقًا لعقيدة المسلمين، فإنّ الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كان الشّخص الموحى إليه أوامر الله، ليس فقط عندما كان يتلو النّصّ المقدّس الّذي أملي عليه، ولكن في كلّ ما كان يقوله، ويفعله، ولهذا فإنّ القرآن ليس الوحي الوحيد (كلام الله)، ولكن الحديث أيضًا كلام (الرّسول) أصبح ينظر إليه على أنّه مصدر ثان للوحي، وهناك فرق بين الاثنين، فالقرآن حرّر، وأذيع في نصّ محدّد بعد وفاة الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، ونظر إليه على أنّه مصدر مقدّس لا يمكن الزّيادة فيه، أو النّقص منه بأيّ طريقة. إنّ مصداقيّته، ودقّته في التّعبير، وموثوقيّته لا يمكن الشّكّ فيها. وقد قال لويس في موضع آخر: «إنّ القرآن لم يعد المصدر الوحيد بوصفه مرشدًا للسّلوك عندما توسّعت الإمبراطوريّة، بل أضيف إلى ذلك أقوال، وأفعال الرّسول خلال حياته كلّها»[18].
وفي هذا السّياق -يُنبهنا الدّكتور مازن بن صالح المطبقاني- بأنّ لويس برنارد يخلط في هذا التّعريف بين الحقائق السّليمة، والمعلومات الكاذبة المشوّهة، فمن المعلومات الصّحيحة قوله إنّ القرآن هو الكتاب المقدّس عند المسلمين، وإنّه كلام الله(عزّ وجلّ)، وإنّ الوحي لا يقتصر على القرآن فحسب، بل حتّى الحديث هو وحي من الوحي المقدّس، ومن المعلومات الصّحيحة أيضًا تنويهه إلى أنّ نصّ القرآن لا يمكن الزّيادة فيه، أو النّقص منه، ويتعمّد لويس استخدام أسلوب الإيحاء بقوله إنّ جبريل هو من أوصل الرّسالة إلى سيِّدنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم).
لكن ما يُعاب على تصوره، فقد اقتصر على تسجيل أعمال الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، ونشاطاته، وفي هذا تجاهل لحقيقة القرآن، وإعجازه. وقد وضّح الإمام البوطي(رحمه الله). أوجه الإعجاز في القرآن الّتي تتّضح من خلالها المجالات الّتي تناولها القرآن الكريم، وكان معجزًا فيها جميعًا وهي: (النّظم البديع المخالف لكلّ نظم معهود في لسان العرب وغيرها...، والأسلوب المخالف لجميع أساليب العرب، والجزالة الّتي لا تصحّ من مخلوق بحال، والتّصرّف في لسان العرب على وجه لا يستقلّ به عربيّ، حتّى يقع منهم الاتّفاق جميعهم على إصابته في وضع كلّ كلمة، وحرف في موضعه، ومنها الإخبار عن الأمور الّتي تقدّمت في أوّل الدّنيا إلى وقت نزوله من أمّيٍّ ما كان يتلومن قبله، ولا يخطّه بيمينه... ومنها الوفاء بالوعد المدرك بالحسّ في العيان في كلّ ما وعد الله سبحانه، وينقسم إلى أخبار مطلقة: كوعده بنصر رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وإخراج الّذين أخرجوه من وطنه إلى وعد مقيّد بشرط كقوله: «من يتوكّل على الله فهو حسبه» ومنه الإخبار عن المغيّبات في المستقبل الّتي لا يطّلع عليها إلّا بالوحي، فمن ذلك قوله: «هو الّذي أرسل رسوله بالهدى، ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه»)[19].
بلا ريب، إنّ لويس برنارد يحرص على التّشكيك في مصداقيّة القرآن حينما يزمع أنّه جمع بعد تنقيحه أي: بعد وفاة النّبيّ، من دون أن يوضّح معنى التّنقيح فمثل هذه العمليّة تحتاج إليها الكتابات البشريّة، لكن القرآن الكريم لم يحدث فيه أي تنقيح حين جمع، أو حين جمعه. ولما كان القرآن كلام الله فليس هناك وجه للموازنة بينه، وبين الأناجيل، أو العهد القديم[20].
- كما أنّ لويس يورد افتراء علماء الاتّحاد السّوفياتي بزعمهم أنّ القرآن الكريم، قد دوِّن، وحرِّر في عهد الخلفاء الرّاشدين، وهذا التّشكيك لا يقتصر على علماء الاتّحاد السّوفياتيّ فقط، بل إنّ لويس وغيره من المستشرقين الغربيّين لا يختلفون كثيرًا عنهم، غير أنّ الشّيوعيّين يحاربون الأديان جميعًا، وقد أشار ساسي الحاج سليم أقوال مجموعة من المستشرقين الغربيّين الّذين ذهبوا إلى الأباطيل نفسها الّتي ذهب إليها اتّحاد العلماء الشّيوعيّين، ومنهم على سبيل المثال جولدتسهير، ومونتجمري وات، وبلاشير، وكليمان هاور، وتسدال، وغيرهم[21].
إذ يقول لويس في هذا السّياق: «إنّ النّظرة التّشاؤميّة لأعمال المستشرقين كان مرجعها تلك الأهداف، والغايات الّتي سعوا إلى تحقيقها من خلال إنتاجهم، فالفريق الّذي لا يرى إلّا الشّرّ، وسوء النّيّة لديهم يبرّر دعواه على أنّ هؤلاء النّاس كانت لديهم دوافع دينيّة، واقتصاديّة، واستعماريّة، وسياسيّة، وبذلك فهم عملاء للاستعمار، وأعداء العروبة، والإسلام، وأنّ أهدافهم لا تخرج عن كونها التّشكيك في صحّة نبوة النّبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّ القرآن ليس كتابًا سماويًّا، ولكنّه من صنع النّبيّ، وبعض أصحابه، وأنّ مصادره مستقاة من الدّيانتين اليهوديّة، والنّصرانيّة من جهّة، وما ساد الجاهليّة من فقه، وأعراف من جهّة أخرى، كما أنّ الأحاديث النّبويّة في رأيهم ليست صحيحة، وإنّما كان مصدرها الوضع، والتّدليس نتيجة الانقسامات السّياسيّة الإسلاميّة، وأنّ الفقه الإسلامي خالٍ من الأصالة، والاستمراريّة ليكون صالحًا في كلّ مكان، وزمان»[22].
ويتّهم لويس برنارد النّبي، كونه أخذ الدّين الإسلاميّ عن اليهود، والنّصارى، حيث يقول: «تُثير مشكلة خلفيّة الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرًا من التّساؤلات، فمن الواضح أنّه كان موضع تأثّر باليهوديّة، والنّصرانيّة، وذلك لأنّ فكــرة التّوحيد، والعناصر الكتابيّة الكثيرة في القرآن تثبت ذلك»، ويضيف أيضًا: «ولكن روايته للقصص الكتابيّة تشير إلى أنّه قد حصل على معلوماته الكتابيّة بطريقة غير مباشرة، ومن المحتمل أن تكون من التّجّار، والرّحالة اليهود، والنّصارى الّذين كانت معارفهم خاضعة للتّأثيرات المدراشيّة اليهوديّة، والأبوكريفيّة»[23]. وقد شكّك لويس في أمّيّة الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّها قد تصلح، وقد لا تصلح.
إنّ مسألة تأثّر الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) باليهوديّة، والنّصرانيّة من الأمور الّتي خاض فيها المستشرقون كثيرًا، ومن هؤلاء توري وابراهام كاتش، وسبرنجر، ونولدكه[24].
ويمكن دحض هذه الشّبهة ضمن عدَّة نقاط؛ هي[25]:
- إنّ معرفة هؤلاء المستشرقين للّغّة العربيّة من النّاحية الأدبيّة، أو الفنّيّة يشوبها الضّعف، ويمكن القول إنّ هذه الملاحظة تخصّهم جميعًا تقريبًا.
- إنّ معلوماتهم جميعًا المستقاة من مصادر عربيّة جزئيّة ناقصة، وضحلة، وغير كافية، وهم يرمون بأنفسهم في مغامرة طرح افتراضات وهميّة، وخاطئة يعتقدون أنّهم أوّل من توصّل إليها، من دون تكليف أنفسهم عناء التّقصّي لدى تلك المصادر عن نفس المعضلات الّتي يثيرونها، حيث تطرّق الكُتّاب المسلمون في حقيقة الأمر لهذه الادّعاءات، واعترضوا عليها.
- إنّ ما يحرّك بعض المستشرقين دافع الضّغينة، والحقد إزاء الإسلام، ممّا أفقدهم الموضوعيّة فوقعوا في الذّاتيّة، وهذا ينطبق بخاصّة على هيرشفيلد[26]، وهوروفيتز[27].
- لقد ذهب بعض السّطحيّين إلى الإعلان بأعلى صوت أنّ في القرآن انتحال، وتقليد، وسرقة، معتمدين على تشابه لا أساس له. وهذا ما قام به مستشرقون مثل: جولدتسيهر، وشفالي، ومرجوليت، وبرنارد لويس، ونتحفظ نوعًا ما في ما يتعلّق بنولكده الّذي يتبرّأ نوعًا ما من مؤلّفه «تاريخ القرآن» عندما رفض إعادة طبعه تاركًا المستشرق شفالي يقوم بهذه المهمّة. فطبع الكتاب ثانية، وأضحى يعرف بكتاب نولدكة شفالي.
لقد كان بعضًا من هؤلاء المستشرقين مدفوعًا بالتّبشير، والتّعصب المتحفّز، مثلما هو الأمر بالنّسبة للمستشرق برنارد لويس وليم موير، وزويمر.
ولقد اختلفت مواقف المستشرقين من الفكر الإسلاميّ، وقضاياه تبعًا لاختلاف أديانهم، أو مذاهبهم الفكريّة، والسّياسيّة، لأنّنا نجد بين صفوف المستشرقين اليهودي الحاقد على الإسلام وأهله، والمسيحي الرّاهب المبشّر بدينه، والشّيوعي الملحد الّذي لا دين له، ولا بدّ من أن تختلف مواقف هؤلاء جميعًا تبعًا لانتمائهم الفكريّ، والعقائديّ، ولكن على سبيل العموم كان المستشرقون الملحدون أسوأ هؤلاء جميعًا، فمنهم من يتّهم الإسلام بأنّه دين فرضه محمّد، وأتباعه بقوّة السّيف، والحروب، وفيهم من ينكر نبوّة محمّد أصلًا، ويروون ما جاء فيه من تعاليم قرآنيّة أخذها عن أحبار اليهود، وكهانة النّصارى[28].
ويُجادل إدوارد سعيد بأنّ الاستشراق أنتج وجهة نظر عدائيّة حول الشّرقيّين، والمسلمين العرب، ويعتقد «بأنّ الإسلام كان لأوروبا، صدمة دائمة»[29]، وهو يحاول دعم هذه الفكرة بعدّة أمثلة من الكتابات الغربيّة، ويشير على سبيل المثال إلى أنّ -اللّورد كرومر- في كتابه -مصر الحديثة- يصور الشّرقيّين، والعرب على أنّهم سذّج، مجرّدون من الطّاقة، والمبادرة، ومجبولون على التّملّق المفرط، والخداع، والقسوة على الحيوانات، والكذب، ويصفهم بأنّهم «خاملون ومريبون، طباعهم تختلف كلّيًّا عن طباع العِرْق الأنجلوسكسوني»[30]، وينقل إدوارد سعيد عن -نورمال دانيال- في كتابه (الإسلام والغرب) بأنّ النّبيّ محمّدًا(صلى الله عليه وآله وسلم) ينظر إليه في الغرب بأنّه نبيّ الوحي الكاذب، وقد أصبح في عيون الغربيّين مثالًا «للفجور، والفسق، والشّذوذ، وأنّه منظومة كاملة من الخيانات المختلفة»[31]، ويؤكّد سعيد أيضًا أنّ القرآن لم يسلم من الهجوم العدائيّ للكتّاب الغربيّين، -فتوماس كارلايل- يصف القرآن بأنّه «خليط مشوّش مضْجِر، خام، فج، تكرار لا نهائي، إسهاب مملّ، تعقيد، وباختصار هوخام، ركيك، غباء لا يحتمل»[32].
ويرى إدوارد سعيد أنّ فهم الإسلام لدى الغرب انطوى على محاولة تحويل تنوّعه إلى جوهر وحدانيّ غير قابل للتطوّر. وقلب أصالته إلى نسخة منحطّة من الثّقافة المسيحيّة. ومسخ شعوبه إلى كاريكاتورات مثيرة للرّعب. ومثل أيّ سلعة ناجحة رائجة، كان الشّرق المصنّع ممنوعًا من التّبدّل. وإذا حدث، ودخل جزء من تاريخه في تناقض مع خصائص السّلعة كما رسمها المستشرقون، فإنّ هذا الجزء سيُقمع، ويُبطل، ويُلغى. وكتب سعيد «التّاريخ والاقتصاد والسّياسة ليست على أيّ قدر من الأهمّيّة هنا. الإسلام هو الإسلام، والشّرق هو الشّرق»[33].
غير أنّ لويس يجزم أنّ هذه التّأثيرات بين الدّين الإسلاميّ، والدّين اليهوديّ، والدّين النّصرانيّ كان واضحًا، لكن للأسف لم يحدّد هذا التّضارب؟ بل لم يقدّم أدنى دليل في ذلك.
- ثم إنّ التّشابه الموجود بين القرآن الكريم، والكتب السّماويّة ناجم من كون أنّ مصدر هذه الكتب هو واحد ألا وهو الوحي. حيث يقول الله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) (البقرة: 213).
ونجد في سورة الأنبياء آية 105: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) ونجد في سفر المزامير من العهد القديم (الصّدّيقون سيرثون الأرض ويسكنونها إلى الأبد) المزامير (29: 37).
وفي سورة المائدة يقول تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) ونلاحظ تشابهًا كبيرًا بين الآية السّابقة، وبين ما هو مذكور في المشناه اليهوديّة أنّ (كلّ من يخسر إنسانًا، كأنّه خسر العالم بأكمله، وكلّ من ينقذ شخصًا وكأنّه أنقذ العالم بأكمله)، والجميل في المثالين السّابقين أنّ القرآن يصرّح أنّ هذا موجود في الكتب السّابقة حيث يقول في الآية الأولى أنّ هذا مكتوب في الزّبور، وهو الكتاب الّذي أنزل على داود(عليه السلام)، والنّصّ المشابه لهذه الآية موجود في المزامير، ومعلوم أنّ المزامير هي أسفار داود(عليه السلام).
وفي سورة يونس(عليه السلام) يقول تعالى: (هُو الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) وهذه الآية تتشابه مع نصّين أحدهما في سفر التّكوين.
(ثُمَّ أَمَرَ اللهُ: لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُفَرِّقَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، فَتَكُونَ عَلاَمَاتٍ لِتَحْدِيدِ أَزْمِنَةٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينَ) (التكوين 1: 14) والآخر في المزامير (أنت صَنَعْتَ الْقَمَرَ لِتَحْدِيدِ مَوَاقِيتِ الشُّهُورِ، وَالشَّمْسُ تَعْرِفُ مَوْعِدَ مَغْرِبِهَا) (مزمور 104: 19).
وفي سورة إبراهيم(عليه السلام) يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25))، وهذه الآيات تتشابه مع نصّ من إنجيل متى: (وأما المزروع في الأرض الجيدة فهوالذي يسمع الكلمة ويفهمها، وهو الذي يعطي ثمرًا، فينتج الواحد مئة، والآخر ستين، وغيره ثلاثين) (متى 23: 13).
وفي سورة آل عمران يقول تعالى: (وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ) وهذا الجزء من الآية يتشابه مع ما هو موجود في إنجيل مرقس حيث يقول: (من يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده؟) (مرقس 2: 7).
ونجد مكتوبًا في سفر حزقيال (النفس التي تخطئ هي تموت، الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن بر البار عليه يكون، وشر الشرير عليه يكون) (حزقيال 18: 20) وهذا النّصّ يتشابه مع كثير من الآيات؛ نذكر منها: الآية 33 من سورة لقمان : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا) والآية 18 من سورة فاطر: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ).
لقد أكّدت العديد من الدّراسات الّتي أجريت للكشف عن هذا التّأثير في مكّة عند البعثة بطلان فرضيّة وجود تأثير يهوديّ مسيحيّ في الوسط الإسلاميّ. وأنّ النّظرة العلميّة المتّزنة للقصص القرآنيّ، وقصص: «الكتاب المقدّس» تجد اختلافات جوهريّة منها أنّ رواية القرآن لقصّة يوسف(عليه السلام) مثلًا: «تنغمر باستمرار في مناخ روحاني نشعر به في مواقف، وكلام الشّخصيّات الّتي تحرك المشهد القرآني»، بينما تغرق الرّواية التّوراتيّة في «وصف الشّخصيّات المصريّة -الوثنيّة بالطّبع- بأوصاف عبرانيّة...كما أنّ القصّة في التّوراة تحمل أخطار تاريخيّة، وغير ذلك»، ولو كانت المقارنة لكتابين لتوفق القرآن الكريم لما فيه من سموّ، ورفعة، بينما حفلت بعض قصص الكتاب المقدس بأسلوب مبتذل لا يليق بكتاب يوصف بأنّه «المقدس» كما في نشيد الإنشاد على سبيل المثال[34].
ولعلّ لويس ومن سبقه من المستشرقين لاحظوا التّشابه الحاصل بين الإسلام، والأديان السّابقة، وبما أنّ مصدر هذه الكتب هو إله واحد، إذًا، لا بدّ من وجود تشابه بين هذه الكتب، وإن كنّا نحن المسلمين نؤمن أنّ التّوراة، والإنجيل قد طرأ عليهما تحريف، وتبديل لقوله تعالى: (مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ) (النّساء: 46)، لكن هذا لا يمنع وجود بقايا نصوص غير محرفة ليستدلّ بها على اليهود، والنّصارى على وحدانية مصدر هذه الكتب السّماوية لقوله تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة : 146).
أمّا التّشكيك الّذي صرّح به لويس برنارد في أمّيّة الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد شارك في ذلك مونتجمري وات حيث يقول: «إنّ الإسلام التّقليديّ يتمسّك بأنّ محمّدًا(صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا يقرأ، ولا يكتب، ولكنّ هذا الادّعاء يشكّ فيه الباحث الغربيّ الحديث. وذلك لتأييد الاعتقاد بأنّ القرآن معجز حيث لا يستطيع شخص أمّيّ أن يأتي بمثل ذلك. وعلى العكس فمن المعروف أنّ كثيرًا من المكّيّين كانوا يعرفون القراءة، والكتابة، وبالتالي فيفترض أنّ تاجرًا ناجحًا مثل محمد لا بدّ من أن يكون قد عرف القراءة والكتابة»[35].
وفي هذا السّياق، يقول د. عبد الرحمان بدوي: «ننظر الآن إلى الحال الأولى، وهي كلمة أمّيّ الّتي تصف النّبيّ محمّدًا(صلى الله عليه وآله وسلم)، ونجد أنّ التّفسير الأكثر اعتمادًا لدى مفسّري القرآن الكريم، واللّغويّين هو ما جاء في لسان العرب: «محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) نبيّ الله وصف بأنّه أمّيّ لأنّ الأمّة العربيّة لم تكن تعرف القراءة، ولا الكتابة، فأرسل الله لهم رسولًا من أنفسهم لا يقرأ، ولا يكتب، وكانت هذه إحدى معجزاته حيث كان يتلوا عليهم كتاب الله مباشرة من الوحي الّذي يبلّغه عن الله(عزّ وجل) من دون تغيير، أو تبديل كلماته، وأنزل عليه بمناسبة»[36] ذلك قوله(عزّ وجلّ): (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) ( العنكبوت: 48).
إذ نستنتج من هذا الاستشهاد ما يلي:
- أنّ نعت الأمّيّ تعني من لا يقرأ، ولا يكتب.
- أنّها من كلمة «أمّة» وتعني أمّة العرب حيث كانت هذه الأمّة في مجملها أمّيّة، ولسان العرب يؤكّد هذه الفكرة أكثر بقوله: «كان العرب يسمّون بالأميّين لأنّ الكتابة كانت لديهم نادرة، أو غير موجودة، واستشهد بالحديث النّبويّ الشّريف قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «بعثت إلى أمّة أمّيّة»».
الخاتمة
قد اتّضح للباحث بعد استقراء، واستقصاء كتابات لويس أنّ دراسته للقرآن الكريم لم تكن دراسة متخصّصة، فقد اعتدّ لويس في الجوانب الوصفيّة على دراسات المستشرقين المتخصّصين أمثال جولد زيهر وشاخت، وبروكلمان، وجب. كما ردّد لويس آراء وشبهات هؤلاء المستشرقين نفسها، ولذلك أتت كتاباته في هذه المجالات مفتقدة للأصالة العلميّة.
وقد اتّصف منهج لويس بالازدراء المستمرّ في مصداقيّة القرآن الكريــم، وبالخلط بين المعلومات الصّحيحة، وغير الصّحيحة، وتغافل عن حقائق القرآن الكريم، وترديد شُبهات المستشرقين من دون تجسيد ذلك، أو الإشارة إليه. وقد تميّز أسلوبه بالتّأكيد، والجزم بهذه الشّبهات، والافتراضات، وتقديمها على أنّها مسلّمات لا يمكن مناقشتها.
ومن البديهيّات الّتي تحدّاها لويس الإعجاز اللّغوي في القرآن، بل الأكثر من ذلك نجده يلُّح، ويُصرّ على وجود كلمات غريبة في القرآن، وهذا ما جعله يتّخذها سنداً لإثبات بأنّ وجود مصادر، ومؤثّرات أخرى هي من أصّلت القرآن الكريم. ويورد هذه الافتراضات من دون توثيق، أو دليل عليها. كما ينتهج لويس منهج من سبقه من المستشرقين في تشجيع تطبيق المناهج الغربيّة في نقد النّصّ القرآنيّ طبقاً لما قاموا به إزاء نصوصهم المقدّسة. متجاهلًا الطّبيعة الخاصّة للقرآن الكريم. وفي المحصّلة يمكن القول إنّ قراءة لويس برنارد لم تكن نزيهة، ولم تبلغ بذلك الحصافة العلميّة.
لائحة المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
السّنّة النّبويّة.
بدوي، عبد الرحمان، دفاعٌ عن القرآن ضد منتقديه، ترجمة: كمال جاد الله، الدار العالمية للكتب والنشر د ط د س.
الجليند، محمد السيد، الاستشراق والتبشير قراءة تاريخية موجزة، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة، 1999م.
سعد، جهاد، برنارد لويس، صهينة الغرب وتتريك العالم الإسلامي، ط1، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية مكتب بيروت - العتبة العباسية المقدسة، 2018م.
سعيد، إدوارد، الاستشراق، ترجمة: محمد عناني، ط1، رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2006م.
ـــــــــــــــ، خيانة المثقفين، ترجمة: أسعد الحسين، دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، سورية - دمشق، د(ط)، 2011م.
ـــــــــــــــ، صور المثقف، ترجمة: غسان غصن، مراجعة: منى أنيس، دار النهار للنشر، بيروت، د(ط)، 1996م.
سليم، الحاج ساسي، نقد الخطاب الاستشراقي (الظاهرة الاستشراقية وأثرها على الدراسات الإسلامية)، ط1، دار المدار الإسلامي، لبنان 2002م.
لويس، برنارد، أزمة الإسلام (الحرب الأقدس والإرهاب المدنس، رؤية المحافظين الجدد واليمين الأمريكي للإسلام المعاصر)، ترجمة: حازم مالك محسن، ط1، دار ومكتبة عدنان، العراق، 2013م.
ــــــــــــــــــــ، الإسلام وأزمة العصر، حرب مقدسة وإرهاب غير مقدس، ترجمة: أحمد هيكل، تقديم: ودراسة: رءوف عباس، المشروع القومي للترجمة، ط1، القاهرة، 2004م.
ــــــــــــــــــــ، أين الخطأ؟ التأثير الغربي واستجابة المسلمين، ترجمة: محمد عناني، تقديم ودراسة: د. رءوف عباس، ط1، 2003م.
المطبقاني، د. مازن بن صالح، الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي، دراسات تطبيقية على كتابات برنارد لويس، مطبوعات ملك فهد الوطنية، طبعة 1995م.
Torry, The Jewish Fondation of islam (New York 1933).
------------------------------------------
[1](*)- الفترة التي لمع فيها لويس كمستشرق أميركية أكثر منها بريطانية ففيما اشتغل مع المخابرات البريطانية فقد كان مقربًا من إدارة بوش الابن وأنشأ جيلًا من الباحثين على منواله في برنستون الثابت أنّه مستشرق صهيوني سواء في الفترة البريطانيّة أو الأميركيّة وهذه هي الصفة الأدق من الإنكليزي.
(**)- أستاذ مساعد بجامعة الجزائر أبو قاسم سعد الله، بوزريعة 2، قسم العلوم الاجتماعية.
[2]- سعد، جهاد، برنارد لويس، صهينة الغرب وتتريك العالم الإسلامي، ص7.
[3]- صهينة الغرب وتتريك العالم الإسلامي، م.س، ص8.
[4]- المطبقاني، د. مازن بن صالح، الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي، دراسات تطبيقية على كتابات برنارد لويس، ص 72. مأخوذ بتصرف.
[5]- م.ن، ص72.
[6]- الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي، م.س، ص77.
[7]- لويس، برنارد، أين الخطأ؟ التأثير الغربي واستجابة المسلمين.
[8]- م.ن، ينظر: المقدمة، ص14.
[9]- لويس، برنارد، أزمة الإسلام (الحرب الأقدس والإرهاب المدنس، رؤية المحافظين الجدد واليمين الأمريكي للإسلام المعاصر) ينظر: المقدّمة، ص32.
[10]- أبو خليل، أسعد، سماتُ الاستشراق (الصهيوني) التقليدي عند برنارد لويس السبت 9 حزيران 2018م.
كاتب عربي موقعه على الإنترنت: angryarab.blogspot.com
[11]- صهينة الغرب وتتريك العالم الإسلامي، م.س، ص8-9.
[12]- أزمة الإسلام (الحرب الأقدس والإرهاب المدنس، رؤية المحافظين الجدد واليمين الأمريكي للإسلام المعاصر)، م.س، ص43.
[13]- م.ن، ص44.
[14]- أزمة الإسلام (الحرب الأقدس والإرهاب المدنس، رؤية المحافظين الجدد واليمين الأمريكي للإسلام المعاصر)، م.س، ص46.
[15]- لويس، برنارد، الإسلام وأزمة العصر، حرب مقدسة وإرهاب غير مقدس، ص60.
[16]- الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي، م.س، ص 127.
[17]- أزمة الإسلام (الحرب الأقدس والإرهاب المدنس، رؤية المحافظين الجدد واليمين الأمريكي للإسلام المعاصر)، م.س، ص46-47.
[18]- الاستشراق والاتّجاهات الفكريّة في التاريخ الإسلامي، م.س، ص128.
[19]- الاستشراق والاتّجاهات الفكريّة في التاريخ الإسلامي، م.س، ص130.
[20]- م.ن، ص131.
[21]- سليم، الحاج ساسي، الظاهرة الاستشراقية وأثرها على الدراسات الإسلامية، ص32.
[22]- سليم، الحاج ساسي، نقد الخطاب الاستشراقي (الظاهرة الاستشراقية وأثرها على الدراسات الإسلامية)، ج1، ص25.
[23]- الاستشراق والاتجاهات الفكريّة في التاريخ الإسلامي، م.س، ص132.
[24]- P.39.1933:Torry, The Jewish Fondation of islam (New York).
[25]- بدوي، عبد الرحمان، دفاعٌ عن القرآن ضد منتقديه، ص6-7.
[26]- هرتفيك هرشفلد: (Hartwig Hirschfeld) (1854-1934م) هو مستشرق وباحث يهودي في غاية التعصب ضد الإسلام. من آثاره: «إسهامات في إيضاح القرآن» و«أبحاث جديدة في تأليف وتفسير القرآن».
[27]- جوزيف هوروفتس: (1874-1931م) هو مستشرق ألماني يهودي.
[28]- الجليند، محمد السيد، الاستشراق والتبشير قراءة تاريخية موجزة، ص27-28.
[29]- سعيد، إدوارد، الاستشراق، ص59.
[30]- سعيد، إدوارد، خيانة المثقفين، ص19.
[31]- الاستشراق، م.س، ص62.
[32]- م.ن، ص 152.
[33]- سعيد، إدوارد، صور المثقف، ص50.
[34]- الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي، م.س، ص134.
[35]- م.ن، ص134-135.
[36]- بدوي، عبد الرحمان، دفاعٌ عن القرآن ضد منتقديه، ص12.