الباحث : عزّ الدين بلقاسم كِبْسي
اسم المجلة : دراسات استشراقية
العدد : 44
السنة : خريف 2025م / 1447هـ
تاريخ إضافة البحث : October / 11 / 2025
عدد زيارات البحث : 128
الملخّص
هذا المقال في الحقيقة، هو فصْل من كتاب شرعنا في ترجمته، كَتَبَه المستشرق الأنجليزي الأبرز أرثير جون أربري (1905-1969م). والكتاب يحمل عنوان: «المعلّقات السّبع»، وهو ترجمة لها إلى اللّغّة الأنجليزيّة. مهّد له بمقدّمة طويلة هي موضوع مقالنا، وختمه بخاتمة هامّة نقَد فيها آراء المُشَكِّكين في صحّة الشّعر الجاهليّ، وفي مقدّمتهم مرغليوث (1858-194م) وطه حسين (1889-1973م) ومَنْ نحا نحوهم، وشايعهم في آرائهم المتطرّفة الّتي شكّت تمامًا في وجود الشّعر الجاهلي عامّة. وممَّا حفَّزنا لترجمة هذا الكتاب إنصاف المترجم الأنجليزي للشّعر العربي عامّةً، واعتباره تراثًا إنسانيًّا لا بدَّ من العناية به، وإيلائه ما يستحقّ من الاهتمام، إلى جانب أمانته العلميّة، وهو يقلِّب الآراء، وينقدها نقْدًا علميًّا قلَّما نظفر به عند عموم المستشرقين.
ونحن نعتزم إن شاء الله ترجمة الكتاب، وإرفاقه بدراسة نقديّة ضافية ندلي فيها بدلونا في خصوص الشّعر الجاهليّ الّذي نعتبره حجر الأساس في وجودنا، وعنصرًا رئيسًا في حضارتنا، وركنًا ركينًا يشكّل خصوصيّتنا.
وتكمن أهمّية هذه المقدّمة في أنّها دراسة معمّقة للمعلّقات العربيّة، وتميط اللّثام عن الجهود المضنية الّتي تجشّمها أسلافنا القدامى للمحافظة عليها، وإخراجها في أجلى صورة، وإيصالها إلينا. وما عاناه كبار المستشرقين المنصفين في ترجمتها إلى لغّاتهم اللّاتينيّة المتعدّدة، وتقريبها من قرّائهم الشّغوفين بالشّعر العربيّ منذ القرن السّابع عشر.
الكلمات المفتاحيّة: الشّعر الجاهليّ - المعلّقات - ترجمة - المستشرقون - عزّ الدّين بلقاسم - كبسي.
المذهَّبات
في الرّابع من شهر سبتمبر سنة 1780م كتب ويليام جونز الفقيه القانونيّ، والشّاعر، والألسني إلى صديقه إدموند كارترايت[3]: «العجلةُ [الّتي اقْتَضَتْها] الانْتِخاباتُ العامّةُ أجْبرتْ رجُلَ سياسةٍ محترِفٍ [مثْلي] على تعليقِ عَمَليْن صغيريْن كنتُ آملُ الانتهاءَ منهما حتّى إجازة أخرى. العملُ الأوّلُ هو عبارة عن أطروحة عن الفقه المجري اللاتيني موضَّحة بخمسِ خُطبٍ لديموستين[4] في القضايا التّجاريّة. أمّا العمل الثّاني فهو رسالةٌ في آداب العرب في الجاهليّة قبل ترجمة القصائد السّبع[5]الّتي كُتِبت بأحْرُفٍ من ذهبٍ، وعُلِّقتْ على الكعبة في بداية القرن السّادس. وسأكون فخورًا عندما يتمُّ طبعُها بتقديمها لك لنقدها، ذلك أنّ شهرتَها طبَّقَتْ الآفاقَ».
فهذه هي أقْدمُ إشارةٍ موجودةٍ كان في نيَّةِ جونز أنْ ينشرها لأوّل مرّةٍ، وهي تشكِّلُ قصائدَ هذا الكتابِ. وبما أنّ دوافعَ الرّجال في الأعْمَال الّذي يتقلَّدونه مثيرةٌ للاهتمام على الأقلِّ بقدْر ما يحقِّقونه في نهاية المطافِ، فإنَّه لنْ يكونَ من نافل القول أنْ نتأمّلَ بإيجاز الخلفيةَ الّتي قام بها شابٌّ من ويلز وهو ابنُ عالمِ رياضيّات مرموقٍ، وحفيدُ أحد مزارعي أنجلسي كان يجْترِحُ المحاولةَ في صائفةِ 1780. بَدَتْ إدارةُ حزب المحافظين بقيادة اللُّورْد نورث[6] وكأنّها، وهي تترنّحُ، آيلةٌ للسُّقوط. وكانت آمالُ [هذا] اليمينيِّ عاليةً، وكانت الحربُ في أمريكا[7] تسيرُ منْ سيِّءٍ إلى أسْوأ. كان جونز منذ البداية، وهو المتحمِّسُ الصَّريحُ للمستعْمِرين في سعْيهم من أجل منْع استقلال الشّعوب يتصوَّرُ أنَّ حياةً مهنيةً عملاقةً في السّياسة البريطانيّة كانت متاحةً أمامه. لكنّ النّاخبين الأكّاديميّين في [جامعة] أكسفورد فضّلوا [عليه] خِيارًا آخرَ، فسحب ترشُّحهُ بحكمةٍ، وانْتَهَى هذا الفصلُ من حياتِه المتقلِّبة قبل أنْ يبْدأَ تقريبًا.
وعلى الرّغْم منْ ذلك، فإنَّ الحماسَ الذي ألهمَ «يوليوس ميليسيجونيس» -(وهو عبارة عن جناس ناقص خيالي لجيليلموس جونيسيوس)- لكتابة كتابه النّاريّ «إلى كارمن الحرة»، وخسر في مقابل ذلك العديد من الأصوات. يعتقدُ [ويليام جونز] أنّه بقدر ما لشعر الجزيرة العربية القديمِ من روحٍ استقلاليةٍ قويةٍ وحبٍّ للحرية [بنفس القدْر] الذي حرّكَ بِرْكليس[8] أثينا وشيشرون[9] روما ناهيك عن أمريكا جورج واشنطن[10] وبنيامين فرانكلين[11]. وبقدْر انتمائه إلى حزب سياسي بقدر ما كان يقدّر الجمال [الفنيَّ] وهو ما دعاه إلى لفتِ انتباه جمهور [القرّاء] البريطاني إلى القصائد الذهبية[12]: «كان يجِب أنْ أتصوَّرَ -كما كتب في تحليله لإحدى القصائد السّبع- أنّ ملِكَ الحِيرةِ[13] الذي لا يختلفُ عن غيره من الطغاةِ، يرغبُ في جَعْل النّاس عادلين ويستَثْنِي نفْسَه، ويجْعلُ كلَّ المفاهيمِ حرَّةً باستثناء مفاهيمه، حاولَ استعباد قبيلةَ تغْلِبَ القويّةَ، وتعيين حاكمٍ كاملٍ عليهم، لكنّ قاطني الصحاري والغابات المحاربين خرجوا عن سلطانه علنًا، واستخدموا زعيمَهم الرّئيس، وشاعرَهم ليدْفعوه إلى التّحدِّي، ويُعظِّموا روحهم المستقِلَّةَ».
هل كان جونز الّذي كان يحتفي بالتَّوْريةِ، يَعْنِي بهذه الكلماتِ إشارةً ضمنيةً إلى الأحْداث المعاصرةِ؟
لقدْ عزَّزَ النّقطة نفسها في ما يتعلَّقُ بقصيدةٍ أخرى: «كان لهذه الخطبة، أو القصيدةِ، أوْ أيًّا كانت تسميَتُها تأْثيرُها الكامِلُ على عقْل الحُكْم الملكيِّ الّذي قرَّر [الوقوفَ] في هذه القضيّة إلى جانب البَكْريينَ، وخسِرَ حياتَهُ من أجلِ قرارٍ يبْدُو عادِلًا. ولا بدَّ أنّه لاحظَ روحَ الحماسةِ لدى الشّاعرِ عمرو [بن كلثوم] من خلال بلاغة أسلوبه، مثلما اكتشَفَ قيصرُ لأوَّل مرّةٍ العنفوانَ المتهوِّرَ لمزاج بروتوس من خلال خطابه الّذي ألقاه في «نيس» لصالح الملك ديوتاروس. ولكن لمْ يكُنْ لا الطّاغيةُ العربيُّ، ولا الطّاغيةُ الرّومانيُّ -على حذرهم- بما فيه الكفاية من الرّجال الّذين أثاروا غضبَهم إلى حدِّ الهيجانِ». فهل يأخُذُ الطّاغيةُ البريطانيُّ حذرَه مَأْخَذَ الجِدِّ؟
ومع ذلك فإنّ اهتمام جونز بالقصائد السّبع لم يكن نزْوةً جديدةً. فقدْ كتبَ في وقْتٍ مبكّر من عام 1772م في مقدّمة [ترجمة] قصائده الّتي تتكوَّنُ أساسًا من ترجمة [قصائدَ] من لغاتٍ آسيويّة، (كان عمره آنذاك ستّة وعشرين عامًا فقط، وسيُنْتخبُ قريبًا زميلًا في الجمعيّة الملكيّة): «القصائِدُ[14] العربيّةُ السّبعُ الّتي تمَّ تعليقُها على أستار [الكعبة] في مكّةَ الّتي توجد عدّةُ نسخٍ منها في أكسفورد ستلاقي من دون شكٍّ ترحيبًا كبيرًا من لدُنِ محبِّي [أدبِ] العصور القديمةِ، والمعْجَبين بالعبْقريّةِ المحلِّيةِ».
ولكن عندما أقترحُ ترجمةَ هذه القطعِ الشّرقيّة عملًا من المرجَّح أنْ يحقِّقَ النّجاحَ، فإنّي أقصدُ فقط أنْ أدعُوَ قرَّائي الّذين لديهم الوقتُ، والجَهدُ لكيْ يدرُسوا اللُّغاتِ الّتي كُتِبتْ بها. وأنا بعيدٌ جدًّا عن التَّلْميحِ إلى أنّني أمتلكُ القدْرةَ على ذلك حتّى أُؤَدِّيَ أيَّ جُزْءٍ من [هذه] المهمَّة بنفسي. ومرّة أخرى يتحدّثُ جونز في كتابه «تعليقات على كتب الشّعراء الآسيويّين» الّذي شرعَ في [كتابته] سنة 1767م، ونشره سنة 1774م، تحدّث ببلاغة لغّته اللَّاتينية الّتي يتكلّمُها بطلاقةٍ عن مزايا مُلْقِي الشّعر في شبه الجزيرة العربيّة القديمةِ، لكنّ دفاعَه عن المُتْرفين، والمتعلِّمين لم يُسْفِرْ عن أيِّ تأثير واضحٍ. واستطاع أنْ يحقِّقَ إرادته بفضل الطّاقة الكبيرة [على تحمُّل] العمل الشّاقِّ المتمثِّل في تحرير هذه القصائدِ الشّهيرةِ الرّائعةِ، وترجمتِها، ولكنَّها أرْهقتْه منْ أمره عسْرًا [قي الآن ذاته]. ولم ينتظرْ إثر ذلك إجازةً طويلةً أخرى ليتحرَّر من انشغالاته القضائيّة، فقدْ وجد نفسه في خريف عام 1780م في باريس، وأثناء وجوده هناك، كما ذكر لتلميذه السّابق اللُّورد ألثروب[15]: «لقدْ تمكَّنْتُ أيضًا من الوصولِ إلى مخطوطةٍ [في حالة] جيِّدةٍ في المكتبة الملكيّةِ ممّا منحنِي [معرفةً أشملَ] بأخلاق العرب القدامى، وأوْقفني على مدى ضآلة تقديري لفقه اللُّغةِ، بغضِّ النّظر عن المعرفة الّتي يؤدِّي إليها، ومع ذلك سأثمِّن غاليًا هذه الفروعَ من التّعليمِ الّتي تجعلنا نتعرَّفُ على الجنس البشريّ بكلّ فئاته».
وفي 12 نوفمبر 1780م استطاعَ إبلاغَ [صديقه] كارْترايت قائلًا: «أُؤَكِّدُ لك أنّ رسائلَك، وأشعارَك حفَّزتْني كثيرًا على المضِيِّ قُدُمًا [في عملي] بأسرع ما أستطيعُ أنْ أُظهِرَ شعرائيَ العربَ السّبْعةَ إلى العموم، وأعتزِم قضاء الشّهرِ المقْبِلِ في كمبريدج من أجل إنجاز هذا العمل الصّغير، ولكيْ أستفيدَ من مخطوطةٍ نادرةٍ [عثرْتُ عليْها] في مكتبة كلّيّة ترينيتي، ذلك أنّ مخطوطتي الّتي نُسِختْ لي في حلبَ كانتْ جيِّدة جدًّا، ولكنَّها لسوء الحظِّ ليست سليمةً. وكنْ واثِقًا أنّك ستُسَلَّمُ نسخةً منها بمجرّد طباعتها».
حدثتْ بعد فترةٍ وجيزةٍ من ذلك مأْساةٌ عائليةٌ لتَنْسَأَ برنامجَ جونز. فقد توُفِّيتْ والدتهُ، وكان لها عميقُ الأثر في تكوين ابنها البكر، وتعليمه، لذلك تعلَّق بها تعلُّقًا وثيقًا. ومع ذلك، كما يُخْبِرُنا كاتبُ سيرته الذَّاتيّة اللُّورد تيغنماوث[16] قائلًا: «لقد كرّس ساعات فراغه شتاء (1780-1781م) لاستكمال ترجمته للقصائد السّبع القديمة ذات الشّهرة الكبيرة في شبه الجزيرة العربيّة». وفي هذه الأثناء ألّف قصيدة «استدعاء موسى»، وهي عبارة عن قصيدة زفاف [نظمها] بمناسبة زواج اللّورد ألثروب، وكتب مقالةً تُعدُّ الأكثرَ صرامةً في قانون الكفالات لتعزيز سمعته القانونيّة. وفي الأوّل من ماي سنة 1781م كتب مرّة أخرى إلى [صديقه] كارترايت: «اسْمحْ لي أنْ أُرْسِلَ لك -طالما أنّ الشّعراءَ العربَ [الجاهليّين] ليسوا مستعِدِّين للقائك-[17] إعادةَ صياغةِ مقطعٍ يونانيٍّ تبادرَ إلى ذهني هذا الرَّبيعَ، وأنا في طريقي إلى ويلز». إنّ الدّقَّةَ الّتي هدفَ جونز إلى تحقيقها لإنجاز مهمّته ستَنْسِبُ الفضلَ إلى فقيه اللُّغة الألماني، كما ثبتَ من خلال رسالةٍ بعث بها في الشّهر الموالي إلى الباحث الهولندي هنري ألبار شولتنز[18]، وكان الأصلُ الّذي [يكتب به] اللّغّةَ اللاتينيةَ فقد استخدمها جونز دائمًا في مراسلاته مع زملائه الأجانب، والنّسخة المقتبَسةُ هنا هي نسخة اللّورد تيغنماوث: «لقد ترْجمْتُ دون حذْفِ سطْرٍ واحدٍ المعلّقاتِ السّبعَ للشّعراء العربِ. وأعتزمُ نشرها كاملةً مع الملاحظات، والتّحليل أثناء الإجازةِ الصّيفيّةِ القادمةِ، وقدْ [استقيتُها] من المخطوطات العربيّة القديمة. وبحوزتي شرح التّبريزي [للمعلقات]، وقد تمَّ تزويدي به، بكلّ سرور، منْ كلّيّة ترينيتي في كمبريدج، وهي بصياغةِ الزوزني، وملاحظاتِه المقتضبةِ الممتازةِ. ولدينا في [جامعة] أكسفورد ملاحظاتُ السّعدي على النّسخة الفارسيّة، ومخطوطةُ الأنصاريّ، والطّبعةُ الصّحيحة لعبيد الله. لكنَّني حريصٌ على فحصِ جميع الطّبعات، والتّعليقات.
إنّ جدّك الألمعيَّ الّذي أوقِّرُ ذكْراهُ كما يقْتضي واجبي اتّجاهه، يُعْلِنُ أنّ هذه القصائدَ تنْضَحُ بالفجور، ويقول، إن لمْ أُجانِبِ الصّوابَ، أنَّه نَسَخَ مخطوطةَ النّحّاس[19]في ليدن لاستخدامه الشّخصيِّ، ولاحظْتُ أيضًا في فهرس مكتبة شولتنسيان الحافل، وقد سلَّمْتُ نسْخةً منه إلى صديقي هنتر[20]، هذه الكلماتِ: «6990 [21] المعلّقات العربيّة السّبع، بخطٍّ واضحٍ» فهل تمَّ اقتناءُ هذه النُّسخة من قِبل شخصٍ ما؟ وبأيِّ ثمنٍ يمكنُ التّفريطُ فيها؟ أشعُرُ بالنّدم لأنّي لم أقْتَنِها، لكنّ عُذري أنّني كنتُ في تلك الفترةِ مشغولًا باهتمامات كثيرةٍ متعدّدةٍ ممّا صرَفَنِي عن التّفكيرِ في المعلّقات. أتوسَّلُ إليك أنْ تساعدني، باسم آلهة الشِّعر بالموادِّ اللَّازمة حتّى أجوِّد عملي، اجْمَعُوا لي ما بحوزتكم من ملاحظاتٍ، أو قراءاتٍ مختلفةٍ تملكونها، وأمدُّوني بها. لقد ذكرتُ في كلمتِي التّمهيديّةِ عائلتَك ذاتَ التّوجُّهِ الفلسفيّ، ولديَّ المزيدُ لأذْكره عنْهَا بشكلٍ صحيح واضحٍ. أريدُ أنْ أعرف بشكلٍ خاصٍّ ما إذا كانت أيٌّ من القصائد السّبْعِ باستثناء قصيدتيْ: امرئ القيس، وطرفة، سيتمّ نشرها في هولندا، وسوف تتلقّى كتابي الّذي سيكون في مجلّدٍ أنيقٍ، ويلتزم بمقتضى [فلسفة] بومغرتن[22] الجماليّة».
كان جونز قدْ أنِسَ بعلاقات ودِّيةٍ مع هنري ألبار شولتنز لعدّة سنواتٍ، منذ أن التقى الباحثُ الهولنديُّ بالهواة الويلزيين أثناء زيارته لأنجلترا، وكان جدّه ألبرتوس شولتينز[23] وهو من أصول ألمانيّة انتقل إلى ليدن لتدريس العبريّة، والعربيّة. نشر كتاب حياة صلاح الدّين لابن شدّاد[24] سنة 1732م، ومقامات الحريري 1740م. لقد افتتح الحفيد مسيرته القصيرة المؤسفة بوصفه مستعربًا من خلال كتابه: «مختارات من الأمثال العربيّة» (ليدن 1772م). ويتَّضح من خلال الرّسالةِ المذكورةِ، على الرّغم من عدم ظهور أيِّ تلميح للحقيقة في موضع آخر، أنّ جونز كان يعرف بواكيرَ الدّراساتِ الغربيّةِ المتعلِّقةِ بهذه القصائد، ويستخْدِمُها، وكان على علْمٍ بطبعةِ ليفينيس وارنر[25]، وترجمته اللَّاتينية لمعلّقة امرئ القيس (ليدن، 1748)، ونشرة ريسكي[26] لمعلّقة طرفة (ليدن، 1742)، صرف اهتمامه في ذلك الوقت لإتمامِ جمعِه، وشروحِه. وفي 30 جوان من سنة 1781 كما ذكر لإدوارد جيبون[27]: «سيرى شعرائيّ العربُ السّبعةُ النُّورَ قبل [حلول] الشّتاء المقبل، وسيكونون، والفخرُ يحْدوهم، وهم في ثوبهم الإنجليزيّ بانتظارك. إنّ إنتاجَهم الجامحَ، وأنا أتباهى [بما أنجزته]، سيُعْتبَر مثيرًا للاهتمام، وليس مجرَّد وصْفٍ لعصورهم القديمةِ». في 20 ديسمبر سنة 1781م، كتبَ جونز إلى كارترايت الّذي بدأ صبرُه ينْفدُ: «شعرائي العربُ السّبعة في انتظارك بمجرّد أنْ يُعَدَّ لبوسُهم الأوروبيُّ».
ولكن على الرّغْم من أنّ ويليام جونز كان منغمِسًا في السّياسة [الدّاخليّة] سنة 1782م، إلَّا أنّه لم يقطعْ حبل التّواصل مع بنيامين فرانكلين، بل تلقّى منه [فعْلًا] دعوةً للذَّهاب إلى أمريكا للمساعدة في صياغة الدّستور الجديد، وهو شرف اعتذر عنه آسِفًا، لقد كان نشِطًا في جمع الدّعم لتعيينه لمنصب القضاء في كلكتا ممّا سيضطرُّه للسّفر إلى الهند. آيةُ ذلك أنّه في بداية عام 1783م، وعلى حدِّ عبارة اللُّورد تغْنْماوث: «نشر السّيّد جونز ترجمتَه للقصائد العربيّة السّبعِ الّتي أنهاها سنة 1781م. وكان في نيته أنْ يُمهِّد لعمله بمقالة مطوَّلةٍ عن أصالةِ اللُّغة العربيّة، ولهجاتِها وعن أخلاق العرب في العصر الّذي سبِق عصر محمّدn مباشرةً، وغيرها من المعلومات المثيرة للاهتمام المتعلِّقة بالقصائد، وحياة الشّعراء مع التّاريخ النّقديّ لأعمالهم. لكنْ لمْ يتوفَّرْ له الوقتُ الكافي لإنجاز ذلك. وهكذا ظهرت المعلّقاتُ، أو القصائدُ العربيّةُ السّبعُ، الّتي كانت معلّقةً بمكّة، وأرْفقَ عمله بترجمة، ومناقشات».
التّاريخ الّذي كُتِبَ على صفحة العنوان هو 1782م، في «إعلان» بتاريخ 1783م، وقد اعتذر الكاتب عن نشْر الكتاب منقوصًا، وأبدى تطلُّعه إلى إصدار مُلْحقٍ [توضيحيٍّ]، وسيشتملُ مقالُهُ المُلْحقُ على ملاحظات عن قِدم اللّغّة العربيّة، وآدابها، وعن لهجات حِمْير، وقريش، وعن علاماتها المستعمَلَةِ في الكتابةِ، وأخبار بعض الشّعراء الحِمْيريّين، وعن أخلاق العرب في العصر الّذي سبِقَ عصرَ محمَّدٍn مباشرةً، وعن الكعبة في مكّة، والمعلّقات، أو القصائد المعلّقة على جُدْرانها، أو على بوّابتها، وأخيرًا عن حياة الشّعراء السّبعة مع تاريخٍ نقديٍّ لأعمالهم، والنُّسَخِ، أو الطّبعاتِ المختلفة المحفوظةِ في أوروبا، وآسيا، وإفريقيا. وسوف تحتوي الملاحظاتُ على الحُججِ، والأسباب [الدّاعية] لترجمة المقاطع المثيرة للجدلِ، وسوف تُوَضِّحُ جميعَ مواطن الغموضِ، وتعرِضُ، أو تقترِحُ التّعديلاتِ [الّتي يقتضيها] النّصُّ، وستلْفِتُ انتباهَ القارئِ إلى مواطن الجمال [الأدبيِّ]، أو تشيرُ إلى العيوبِ الملحوظةِ، وسوف نُسلِّطُ الضّوءَ على الصُّور،ِ والأشكالِ، والاشارات الخاصّة بالشّعراء العرب من خلال الاستشهادات سواء من النُّقَّاد العرب، أو من هؤلاء الرّحَّالة الأوروبّيّين الّذين [ما فتئوا] يوضِّحون أفكار الأممِ الشّرقيّة، وعاداتهم بشكلٍ أفْضلَ. لكنّ الخطابَ، والملاحظاتِ تُعْتَبَرُ مجرّد حِلْيةٍ فحسْب، وليْس ضرورة يقتضيها العملُ، وبنشْرِ المعلّقاتِ بشكلها الحالي قد يجْني المترْجِمُ فائدةً كبرى إذا كان القارئُ هنا، أو في [عموم] القارّة سيُفيدُه أثناء الصّيفِ بتقييداته، وشروحه، وسينقلها لهذا الغرض إلى النّاشر. ومن المأْمولِ ألَّا تضَعَ الحرْبُ أيَّ عائقٍ أمام هذا التّواصُلِ مع علماء ليدن، وباريس، ومدريد. أمَّا بالنسبةِ إلى الأدباء على هذا النّحوِ، فيجِبُ عليهم في كلِّ مكان، وزمان أن يحملوا أعلام الهدنةِ.
إنّها بالفعل مشاعرُ نبيلةٌ، ولكن هلْ تلقّى جونز سواءٌ بشكل مباشر أم عن طريق ناشريه أيَّ «تقييداتٍ»، أم «شروح» من زملائه في الخارج؟ إنَنا لا نجِدُ الآنَ لذلك أيَّ أثرٍ [يُذْكرُ]. ففي الثّاني عشر من أفريل أبحر السّير ويليام، واللّيدي جونز من «بورت سموث» على متن الفرقاطة «تمساح» مولِّييْن وجهيْهما شطر كلكتا. وما إنْ وطِئتْ أقدامُهما الهند حتّى انغمس «ابن ويلز» الّذي لا يعْرِفُ الاستسلامَ، في دراسة اللّغّة السنسكريتيّة، وتمّ رَكْنُ المواضيع العربيّة جانِبًا إلى حينٍ، ولكنْ أثبتتْ الأيّامُ أنّ ذلك كان إلى الأبدِ[28]. فقد توُفِّيَ «جونز الآسيوي» سنة 1794م، ولم يُنْجِزْ مشروعَه الإضافيَّ حول الشّعراء العربِ القدامى. كتب اللُّورد تيجنماوث أنَّ: «بعضَ المواضيعِ المخصّصة للأطروحةِ ظهرتْ في خطابٍ عن العربِ أُلِّفَ بعد بضع سنوات، ومن [خلال] الطّريقة الّتي كُتِبَ بها [يحِقُّ لنا] أنْ نأْسَف لخسارةٍ لا يُمْكِنُ تعويضُها. فقدْ اقترح مناقشةً أوسعَ للأصلِ [الّذي نشره]. ومن المؤكَّدِ أنَّ هذا الشّعورَ ما زال يتردّدُ صداه إلى اليومِ.
«لقد انبثقَ الأدبُ العربيُّ إلى الوجود مثل معظم الآداب معَ فوْرةٍ شعريّةٍ، ولكن على نقيض العديد من الآداب الأخرى، يبدو أنّ الشّعر فيه قد برز مكتملَ النّموِّ» هذه الكلمات صادرةٌ عن الأستاذ فيليب خُورِي حِتِّي[29] لكنّ بيانه يُلخِّصُ تقريبًا الرّأْي التّقليديَّ السّائد. إنّ القصائد السّبعَ هي أشهر ما بقي من الشّعر العربيِّ من بين ما يبدو أنّه كتلةٌ ضخمةٌ من الشّعر، تمّ نظمُها في الصّحراءِ العربيّة، وحولها خلال القرن السّادس الميلادي. إنّ الأدلَّةَ على روايةِ هذا الشّعر [شفويًّا يحيلنا على] أنَّه لمْ يُدوّنْ أصْلًا، والحديث عن صحّته ستأتي لاحقًا.
ويكْفي الإشارةُ في هذا السّياق أنّه لم يصلْنا عن الجزيرة العربيةِ إنتاج أيِّ نقوشٍ شعرية قديمةٍ [مُدَوَّنةٍ]، كما لمْ تصلْنا أيَّ مخطوطاتٍ، أو برديات قديمة [تعودُ إلى] فترة الجاهليّة، وأنّ أقدمَ كتابٍ [مُدوَّنٍ] في الأدبِ العربيّ بالمعنى المألوف للكلمة هو القرْآنُ. وبحلول القرن الثّامن الميلادي شرع الرّوَّاةُ في جمع «أعمال» شعراء أفراد يُعْتقَدُ أنّهم عاشوا قبل الإسلامِ، وتدوينها في مخطوطات طبْعًا، وقدْ صرّح الجُمَحي[30] المتوفَّى سنة 845 بجرْأة أنّ: «الشّعر في الجاهليّة كان ديوان علمهم، ومنتهى حكمهم، وبه يأخذون وعليه يصيرون»[31].
كان النّمطُ الاجتماعيُّ [السّائدُ] في شبه الجزيرة العربيّة في العصرِ الجاهليِّ، كما هو الحالُ اليومَ، قبَليًّا في المقامِ الأوّلِ، وكانت القبائلُ آنذاكَ مثلما عليه واقعُ الحالِ الآن، منْخرطةً على الدّوامِ في نزاعاتٍ، وثاراتٍ، وكانت تتَّسِعُ أحيانًا [لتتحوَّلَ] إلى أعْمالٍ عدائيّةٍ واسعةِ النّطاقِ، تُنْتَهَكُ من وقتٍ إلى آخرَ بهُدْنةٍ غيرِ مسْتقرَّةٍ.
في هذا المجتمعِ أدّى الشّاعرُ دوْرًا معروفًا مُهِمًّا، وكما ذكرَ ابن رشيق القيرواني (ت 1064م)[32]: «كانت القبيلة من العرب إذا نبَغ فيها شاعرٌ أتتْ القبائلُ فهنّأتْها، وصُنِعت الأطْعمةُ، واجتمع النّساءُ يلْعبْن بالمزاهرِ كما يصنعون في الأعْراسِ، ويتباشرُ الرّجالُ، والولْدانُ، لأنّه حمايةٌ لأعراضهم، وذبٌّ عن أحسابهم، وتخليدٌ لمآثرهم، وإشادةٌ بذكرهم. وكانوا لا يُهنِّئونَ إلَّا بغلامٍ يُولَدُ، أو شاعرٍ ينْبغُ، أو فرسٍ يَنْتُجُ»[33].
إنّ القصائدَ الغنائيّةَ الّتي درسْناها في الفصول التّاليةِ تقدِّمُ مثالًا حيًّا عن الدّور السّياسيِّ الّذي يضطلعُ به الشّاعرُ، وباستخدام اللُّغة الحديثةِ الخاصّةِ، كان الشّاعرُ العربيُّ القديمُ مسْؤولَ العلاقاتِ العامّةِ في قبيلته. لكنْ من المفيد أن نؤكّد أنّه لم يتمَّ إسنادُ أيّ منحةٍ من الحكومة البريطانيّة، أو البيت الأبيض [لدّراسة] هذه اللّغّة القويّة المهيبة.
الملْمحُ الأبْرزُ للقصيدة القديمةِ هو بنيتُها المغرِقةُ في التّقليدِ.
كان من المتوقَّعِ أن يكون تركيبُها طويلًا، إذ يتجاوز ستِّين مقطعًا يتّبع جميعُ أبياتها قافيةً متطابقةٍ متماثلة، وللشّاعر الحرّيّةُ في أنْ يختارَ من بين مجموعةٍ كبيرةٍ متنوِّعةٍ من الأوْزانِ المعروفة كمِّيًّا، ولكنَّه مُجْبَرٌ بعد الاختيارِ أنْ يلْتزِمَ بما اختار. ومع ذلك، لم تكن هذه القيودُ الوحيدةَ، إذْ يسرد [علينا] مقْطعًا مقتبَسًا من كتاب «الشّعر والشّعراء» لابن قتيبةَ (ت 889م)[34]يحدّد فيه الموضوعَ، والتّرتيب [الّذي سيتّبعه]، ويتمّ التّعامل به، وهي النُّسْخةُ الّتي يمتلكها نيكلسون[35]: «قال أبو محمّد: وسمعتُ بعضَ أهل الأدبِ يذكُرُ أنّ مقصِّدَ القصيدِ إنّما ابتدأ فيها بذكر الدّيار، والدّمن، والآثار، فبكى وشكا، وخاطبَ الرَّبْعَ، واستوْقفَ الرّفيقَ، ليجْعلَ ذلك سببًا لذكْر أهلها الظَّاعنين، إذْ كان نازلةُ المدَرِ لانتقالهم عنْ ماءٍ إلى ماءٍ، وانتجاعهم الكلأَ، وتتبُّعهم مساقطَ الغيثِ حيث كان، ثمّ وصل ذلك بالنّسيبِ، فشكا شدّةَ الوجْدِ، وألمَ الفراقِ، وفرْطَ الصّبابةِ، والشّوقِ ليُميلَ نحْوهُ القلوبَ، ويَصْرِفَ إليه الوجوهَ، وليسْتدْعِيَ (به) إصْغاءَ الأسْماعِ (إليه) لأنّ التّشبيب قريبٌ من النّفوسِ، لائطٌ بالقلوبِ، لما قدْ جعلَ اللهُ في تركيبِ العبادِ من محبّةِ الغزلِ، وإلْفِ النّساءِ، فليْس يكادُ أحدٌ يخْلو من أنْ يكونَ متعلِّقًا منه بسببٍ، وضارِبًا فيه بسهمٍ حلالٍ، أو حرامٍ. فإذا استوثقَ من الإصْغاءِ إليه، والاستماع له عقَّبَ بإيجاب الحقوقِ فرحل في شعره، وشكا النّصَبَ، والسّهرَ، وسُرى اللّيلِ، وحرَّ الهجيرِ، وإنضاءَ الرّاحلةِ، والبعير، فإذا علم أنّهُ (قد) أوجبَ على صاحبه حقَّ الرّجاءِ، وذمامة التّأميل، وقرّر عنده ما ناله من المكارهِ في المسير، بدأَ في المديحِ، فبعثهُ على المكافأةِ، وهزَّه للسّماحِ، وفضَّله على الأشباه، وصغّر في قدْره الجزيلَ»[36].
ويناسبُ هذا الكلامُ أغلبَ القصائد العربيّةِ القديمة تقريبًا.
وقد حُفِظَ شعرُ الجزيرة العربيّة في الجاهليّة بطُرُقٍ متنوّعةٍ. واستحوذ بعضُ الشّعراء على اهتمام العلماء اللَّاحقين إلى درجة أنّه تمَّ بذلُ جهودٍ كبيرةٍ لجمع جميع أعمالهم المعروفةِ، وعُرِفتْ كلُّ مجموعةٍ بـ«الدّيوان». وقدْ ساعدَ هؤلاء الرُّواةَ الأوائلَ حقيقةُ أنّ بعض الرّجال جعلوا مهنتهم، أو تسليتهم «رواة» شعراء معيَّنين، ولمْ تنْجُ أشعارُ الآخرين إلَّا من خلال إدْراجها في مختارات عامّة، أو خاصّةٍ. ولولا هذه الجهودُ لكان لدينا مجرّدُ مقطوعاتٍ، وليس قصائدُ كاملةٌ. وتمَّ نقْلُ الكثير من إنتاجِهم في كتب الأخبار، أو في النُّصُوص التّاريخيةِ، أو السّيرة الذّاتيّة، أو كتب اللغةِ. وصلتْ إلينا القصائدُ السّبْعُ الَتي تهمُّنا في مجموعة خاصّة تسمَّى المعلَّقات. ويمكن العثورُ عليها مبثوثةً في كُتُبٍ أخرى. ومن المتَّفَقِ عليه عمومًا سواءٌ في العصور القديمةِ، أم في يومنا هذا أنّ المسؤولَ في المقام الأوَّلِ عن اختيارِ القصائد السّبع، وسبْكها في مختارات مستقلّةٍ هو حمَّاد المعروف بـ«الرّاويةِ»[37].
يؤرِّخُ البروفسور ريجيس بلاشير[38] صاحب «تاريخ الأدب العربيّ» (باريس 1952) الّذي يحتوي على أحدث مناقشة لمشكلة القديم بحوالي سنة 650م، فقد لاحظَ أنّه في تلك الفترة: «تمَّ تداولُ قدْرٍ كبيرٍ من الأخبار، والأعمال الشّعريّة بين البدْو،ِ وسكّان الحضرِ في البلاد العربيّة، وكان انتشارُها يقتصِرُ على مجموعةٍ قبليّةٍ واحدةٍ. وكان نقْلُ [الرّوايةِ] الشّفويُّ حصْريًّا، كما هو الشّأْنُ اليومَ، خاضعًا لاعتبار الصّدْفة، والنّزْوة، وتقلُّبات حياة الجماعة الّتي تنقلُ القصيدةَ. فقد لاحظ أنّه في تلك الفترةِ: «شاعتْ حواليْ (30هـ/ 650م) بين البدْو،ِ والحضر في المحيط العربي كمّيّات هائلة من الأخبار، والشّعر، ولم يتعدَّ سيرورةُ بعضِها حدُودَ المجموعة القبليّة، فإنّ الرّوايةَ الشّفويّةَ كما هي اليوم خاضعةٌ للمفاجآتِ، والصّدفِ، وجموح الأهواءِ، وتقلُّبات الحوادث على القبيلة الّتي تُنْقَل إليها الأخبارُ، والشّعرُ»[39] وكان البحثُ عن الأنساب، والنّزاعات بين الفرق الّتي طبعت تاريخ الخلافة الأمويّة من بين العوامل الّتي حفّزت البحثَ عن الشّعر القديم ممّا يضمنُ ادّعاءاتِ المهتمّين بشرف أنسابهم، ويُثْبِتُ أنّ خصومَهم ورثةُ عارٍ قديمٍ.
وقدْ تزامنتْ المرحلة الثّانيةُ مع مستهلِّ القرن الثّامن، عندما انطلقتْ في العراق حركةُ التّدوينِ الكتابيّ للموادِّ الّتي لم يتمّ حفظُها حتّى ذلك الوقت إلَّا شفويًّا.
على الرّغم من أنّ الإشاراتِ إلى فنّ الكتابة ليست نادرةً في شعر بلاد ما قبل الإسلام، إلَّا أنَّ أوّلَ دليلٍ محدَّدٍ على أنّ الشّعر كتبه بالفعل الشّاعرُ نفسُهُ موجودٌ في أعمال «عمر بن أبي ربيعةَ» الّذي توفِّيَ حوالي سنة 719م. وفي عهد الوليد الأوّل[40] (ت 715م) كُلِّف أحدُ الخطّاطين[41]رسميًّا بنسخ القصائد، والقصص لتسلية الأمير. وقد يكون الخبرُ الّذي دفع الوليدَ الثّانيَ[42] (ت 744م) لجمع ديوان العرب، وأشعارها، وأخبارها، وأنسابها، وأمثالها السّائرة الّتي اصطلحوا عليها معقولًا، وإلى هذه المرحلة الثّانية تنتمي أعمالُ حمّاد [الرّاوية]. ولدَ حمَّادٌ سنةَ 694 للهجرة، في مدينة الكوفة الحامية العسكريّة، وهو من أصل ديلمي، ويُدْعى أبوه سابور تمَّ أسرُهُ أثناء الفتح الإسلامي لبلاد فارس. خدم أبوه لدى ابنةِ آسرِه[43] عبْدًا لسنواتٍ عديدةٍ حتّى ماتت، فبيعَ بثمنٍ بخْسٍ: مائتَيْ درهمٍ إلى عامر بن مطر الشّيباني الّذي بادر بعتْقهِ.
كانت هذه البيئةُ غيرُ الواعدةِ مَنْشَأَ الصّبيِّ الّذي سيَتِمُّ الاعترافُ به في زمن لاحقٍ، واحدًا من أعظمِ الإنسانيّين في الإسلام. وكان خطابُه حتّى آخر حياته يفضحُ أصلَه غيرَ العربيِّ[44].
لمْ يتِمَّ تسجيلُ شيْءٍ يُذكَرُ في بداية حياته. ثمّ وقعَ تقديمُ بسطةٍ ضافيةٍ جدًّا عن الظّروف الّتي بدأ في ظلِّها دراسةَ الشّعرِ. كان حمّادُ الرّاويةُ في أوّل أمْره يتشطَّر،ُ ويَصْحَبُ الصّعاليكَ، واللُّصوصَ، فنقَبَ ليلةً على رجلٍ وأخذ مالَهُ، وكان من جُمْلةِ المسروقِ جزْءٌ من شعر الأنصارِ، فقرأهُ حمّادٌ فاستعْذبه، وتحفّظه، ثمّ طلب الأدبَ، والشّعرَ، وأيّام النّاسِ، ولُغاتِ العرب بعد ذلك، وترك ما كان عليه، فبلغ من العلم ما بلغَ[45]. فإذا صحَّ هذا فمن المؤكَّدِ أنَّ [هذا الانقلابَ] كان التّحوُّلَ الأغربَ في حياة عالمٍ في تاريخ العلم.
كان من الممكنِ أنْ تأخذهُ استفساراتُه إلى أماكِنَ نائيةٍ ليَحْفظَ من الأخْبار كلَّ ما يمكِنُ أنْ يُعْلِمَهُ به البدوُ عن تقاليدِهم الموروثةِ. كان هذا الكنْزُ المعرفِيُّ العتيقُ مرْبِحًا للغايةِ بالنّسْبةِ إليه، فقدْ طبَّقتْ سعةُ معرفتِه الآفاقَ، وطرقتْ آذانَ الخلفاءِ، وصار عَلَمًا معروفًا في عاصمة خلافتِهم دمشقَ.
وكان أوَّلُ مَنْ قرَّبَهُ، بحسب الرّواية يزيد الثّاني، وهو الملكُ العاشقُ الّذي: «شعُرَ بانجذابٍ شديدٍ لمُغنِّيتَيْن هما سلَّامة وحَبابة، إلى درجةِ أنّه لمّا أكلتْ حبابة رمّانةً، وشرِقتْ بحبّةٍ من حبَّاتها فماتتْ، أقامَ حزينًا جزِعًا عليها حتّى لحِقَ بها بعد أرْبعين يوْمًا» سنة 724م[46]. وخلَفَ يزيدًا[47] هشامٌ[48] وكان أحْزمَ من أخيه فاختبَأَ حمّادٌ خشْيةَ أنْ يُلاقيَ المصير نفسه الّذي غالِبًا ما يُصيبُ كلَّ مَنْ نال حُظْوةً لدى الحاكمِ السّالفِ. ولكنْ في أحد الأيّامِ، بعد مضيِّ عامِ تقريبًا، قَبَضَ عليهِ شُرْطِيَان أثناء أدائه صلاةَ الجمعةِ في المسجد الجامع، وأخذاه، وهو يرْتجِفُ إلى والي العراقِ، ونفسح له المجال ليسْرُد علينا القصّةَ بنفسه: «فاستسلمْتُ في أيديهما، وصرْتُ إلى يوسف بن عمرَ، وهو في الإيوان الأحْمرِ، فسلَّمْتُ عليه فردّ السلامَ، ورمى إليَّ كتابًا فيه: «بسم الله الرّحمن الرّحيم من عبد الله هشامٍ أميرِ المؤمنين إلى يوسف بن عمرَ، أمّا بعدُ، فإذا قرأتَ كتابي هذا فابْعثْ إلى حمَّادٍ الرّاويةِ مَنْ يأتيكَ به غيْرَ مُروَّعٍ، ولا مُتَعْتَعٍ، وادْفعْ إليه خمسمائة دينارٍ، وجملًا مَهْرِيًّا[49] يسير عليه اثنتَيْ عشرة ليلةً إلى دمشق. فأخذتُ الخمسمائة دينارٍ، ونظرتُ فإذا جملٌ مرحولٌ، فوضعْتُ رجْلي في الغرْزِ، وسِرْتُ اثنتَيْ عشرة ليلةً حتّى وافَيْتُ بابَ هشامٍ. فاستأذنْتُ فأُذِنَ لي، فدخلْتُ عليه في دارٍ قوْراءَ مفروشةٍ بالرُّخامِ، وهو في مجلسٍ مفروشٍ بالرّخام، وبين كلِّ رخامتين قضيبُ ذهبٍ، وحيطانُه كذلك، وهشامٌ جالسٌ على طِنْفَسةٍ حمْراءَ، وعليه ثيابُ خزٍّ حُمْر،ٍ وقد تضمَّخَ بالمسكِ، والعنبر، فسلّمْتُ عليه فردَّ عليَّ، واستدناني فدنوْتُ حتّى قَبَّلْتُ رجلَهُ، وإذا جاريتان لمْ أرَ قبلهما مثلهما، في أُذُنيْ كلِّ واحدةٍ منهما حلقتان من ذهبٍ فيهما لؤلؤَتانِ تتوقَّدان، فقال لي: كيف أنت يا حمّادُ؟ وكيف حالك؟ فقلتُ: بخير يا أمير المؤمنين. قال أتدْري فيم بعثْتُ إليك؟ قلِتُ: لا. قال: بعثْتُ إليكَ لبيْتٍ خطَرَ ببالي لمْ أدْرِ مَنْ قالَهُ. قلْتُ: وما هو؟ فقالَ:
فدعوْا بالصَّبوحِ يوْمًا فجاءَتْ قيْنةٌ في يمينها إبريقُ
قلْتُ هذا يقولُه عدي بنُ زيدٍ[50] في قصيدةٍ لهُ. قال: فأنْشِدْنيها، فأنْشدْته فطرِبَ ثمّ قال: أحْسنْت والله يا حمّادُ، يا جارية اسْقِيه، فسقتْني شرْبةً ذهبتْ بثلث عقلي، وقال أعِدْ، فأعدْتُ. فاستخفَّه الطّربُ حتّى نزل عن فرْشه ثمّ قال للجارية الأخرى: «اسْقيه»، فسقتْني شربةً ذهبت بثلث عقلي. فقلْتُ: إنْ سقتني الثّالثةَ افتضحْتُ. فقال: سَلْ حوائجَكَ. فقلْتُ: «كائنةً ما كانتْ؟ قال: نعمْ، قلتُ: إحْدى الجاريتيْنِ، قال: هما جميعًا لك بما عليهما، وما لهما». وجعله هشامٌ مُنْشِدَهُ المحظوظَ، وأنزله تلك اللّيلة في داره. ثمّ نقله من غدٍ إلى منزل أعِدَّ له، فانتقل إليه فوجَدَ فيه الجاريتيْن، وما لهما وكلَّ ما يحتاجُ إليْه، وأنّه أقام عنده مدّة فوصل إليه مائة ألف درهمٍ»[51].
وأخْبارُ حمّادٍ، ونوادِرُهُ كثيرةٌ، يقولُ ابن خلّكان: «وفي هذه الحكاية زيادةٌ... فإنّ هشامًا لم يكنْ يشربُ الخمْرَ بخلاف أخيه»[52]. والأخبارُ المتداوَلةُ في الكتبِ العابثةِ كلّها تؤكِّدُ العلاقات السّعيدة الّتي كان حمّاد يتمتّع بها مع الخلفاء الأمويين المتأخِّرين. ولمَّا حلَّ محلَّهم العبّاسيّون، وانتقلت العاصمة من دمشق إلى بغداد، رأى اللِّصُّ المتحوِّلُ أنّه من الحكمةِ أنْ يتقاعدَ في موطنه الكوفةَ حيثُ بادَرَ ببيْع مخزونِه الهائلِ من القصائد، والأخبار بالتجْزئة إلى آذانٍ أقلَّ سخاء. ومع ذلك تلقّى استدعاءَ البلاط، من المنصور ثمَّ من المهدي[53]، وكان كلاهما سخِيًّا معه. وقد حُدِّدَ تاريخ وفاة حمّاد بشكل متضارب من قِبل مصادرَ مختلفةٍ بين سنتَيْ 771هـ و774هـ، وربّما بعد ذلك التّاريخ. كان محفوظُه من الشّعر القديم الّذي يحيطُ به جمًّا. فقدْ سألَه الوليدُ الثّاني كمْ مقْدار ما تحْفَظُ من الشّعر؟ قال: كثيرًا. ولكنّي أنْشِدُكَ على كلّ حرْفٍ من حروف المعجمِ مائةَ قصيدةٍ كبيرةٍ سوى المقطَّعاتِ من شعر الجاهليّة دون شِعْر الإسلامِ، قال: سأمتحنُكَ في هذا، وأمره بالإنشاد. فأنشد الوليدَ حتّى ضجِرَ ثمّ وكَّل به من استحْلَفهُ أنْ يصْدُقَه عنهُ، ويستوفي عليه فأنشده ألفين وتسعمائة قصيدةٍ للجاهليّين، وأخبَرَ الوليدَ بذلك. وعلى الرّغم من توافُدِ فقهاء اللُّغة العراقيّين الشّبَّان عليه، وإقبالهم على رواية محفوظه الرّائع موادَّ لدراساتهم الرّصينة، إلّا أنّهم لم يتورّعوا عن اتِّهامه بعدم الأمانة، والتّزْوير المتعمَّدِ. قال عنه الإصمعي (ت 831م)[54] وكان يدِينُ له بالكثيرِ: «أعْلَمُ النّاس إذا نصحَ»[55] هذه الملاحظةُ المُبْهمةُ أزال غموضَها ياقوتٌ (ت 1229م)[56] عندما ذكر في معجمه: «يعني إذا لم يزدْ، ويُنْقِصْ في الأشعار، والأخبار، فإنّه كان متَّهَمًا بأنّه يقول الشِّعْرَ، وينْحَلُه الشّعراءَ العربَ»[57]. أمّا الكوفيّ المفضّل الضّبّي (ت 786م)[58] وكان معاصِرًا لحمّاد، ومنافسًا له، ويبدُو أنّه كان أكثر دقّةً في جمْع أخبار الصّحراء. فقد ذهب إلى أبعدَ من ذلك حين أعلن أنّه قدْ سُلِّطَ على الشّعر من حمّاد الرّاوية ما أفسده فلا يَصْلُحُ أبدًا. وعندما سُئل: «ماذا يقصد بهذه الملاحظة وكيف ذلك؟ أيُخْطِئُ في رواية أمْ يلحنُ؟» أجاب: «ليته كان كذلك، فإنّ أهل العلم يرُدُّون مَنْ أخطَأ إلى الصَّوَاب، ولكنّه رجلٌ عالمٌ بلغات العرب، وأشعارها، ومذاهب الشّعراء، ومعانيهم، فلا يزالُ يقولُ الشّعْرَ يُشْبِه به مذْهبَ رجُلٍ، ويُدْخله في شعره، ويُحْمَلُ ذلك عنه في الآفاق فتخْتلِطُ أشعار القدماءِ، ولا يتميّزُ الصّحيح منها إلَّا عند عالمٍ ناقدٍ، وأين ذلك؟»[59].
وكان حمّادٌ أوّلَ من أخرج المعلّقات «الأشعار المعلّقة» للجمهور على أنّ العنوان لم يكنْ استنباطَهُ، ومن الواضح أنّه موجودٌ بالفعل في هذا القرن التّاسع[60]، إلَّا أنَّ هذه الكلمة لم تكن مستخدَمةً بشكلٍ عامٍّ حتّى في وقت متأخِّرٍ في نهاية القرن العاشر الميلادي. وبتقادم الزّمن اكْتَسَبَتْ [الكلمةُ] قبولا عالميًّا، وقد نُسِيَ معناها الأصليُّ لفتْرةٍ طويلةٍ. ثمّ تمَّ اختراعُ تفسيرٍ خياليٍّ تداولَه الكُتَّاب اللَّاحقون، واعْتنَوْا به. ويُزْعَمُ أنّ الشّعراءَ الطّامحين للاعتراف بهم كانوا يُلْقون أفْضَلَ قصائدهم في معْرِضٍ سنويٍّ يُقامُ في عكاظٍ[61] بالقرب من مكّةَ -هو أشبه ما يكون بـ«الأكاديميّة الشّعريّة»- على حدِّ تعبير السّير ويليام جونز، وهو ما يُطلقُ عليه اليوم عبارةُ المهرجان. وكانت القصائدُ الّتي تُخْتارُ، ويقع الاتِّفاقُ على جوْدَتِها تَسْتَحِقُّ الجائزةَ، فتُكْتَبُ بأحرفٍ من ذهبٍ على الكتّان المصريّ الفاخر، وتُعَلَّق على الكعبةِ البيتِ العتيقِ. ويبدو أنّ الإشارةَ إلى كونها «منقوشة بأحرفٍ من ذهبٍ» هي محاولة لتبيين مصْطَلَحٍ غامضٍ آخر ينطبِقُ أحيانًا على القصائد الممتازةِ «المذَهَّبات»، أو «المُذْهَباتِ» «مطليّةٍ بالذّهب»، على الرّغم من أنّ جونز، كما رأيْنا سابقًا، يُحِبُّ أنْ يورِد هذه الأسطورة في سياق حديثه بمناسبةٍ، أو بغيرِ مناسبةٍ لأنّه كان مأخوذًا بصفتها الرّومانسيّة المميّزة، فإنّ الباحثين الأوروبّيّين منذ ريسكي[62] يرفضونها بالإجماع تقريبًا باعتبارها محْضَ خيالٍ. وقد سعى البعضُ ببراعةٍ كبيرةٍ لاكتشافِ معنًى أكثرَ قبولًا لعالم المعلّقات.
اقترح الألمانيُّ ألفريد كريمر[63] استخدام فعل «علَّق» للدّلالة على التّدوين، أمّا تسمية المعلّقات الّذي اقترحه، فهو يُرْجِعه إلى أنّه تمّ تدوينها بعد تداوُلِها شفويًّا لفترة زمنيّةٍ طويلةٍ. أمّا مواطنُه ويلهام أهلواردت[64] فقد اقترحَ أنّ معنى المعلّقات يشير إلى أنّ كلّ بيتٍ، أو مجموعة أبياتٍ في القصيدة يتعلّق بسابقاتها. لكنْ يَعْجِز كلا التّخمينين عند التّطبيق على تفسير مجموعة محدّدة صغيرة من القصائد الغنائيّة يتناسب معناها مع أيٍّ من التّفسيريْن بشكل مُقْنعٍ [يمكِنُ أنْ] يُسْحَبَ على جميعِ الشّعرِ الجاهليِّ.
يُقدِّم السّير تشارلز ليال[65] اقتراحًا ثالثًا عندما قرَّر: كلمة [المعلّقات] على الأرجح مشتقّة من كلمة «عِلْق»[66] الّتي تعني الشّيءَ الثّمينَ، أو شيئًا يحظى بتقديرٍ كبيرٍ، إمّا لأنَّ المرْءَ يتمسّكُ به بشدّة، أو لأنّه معلّق في مكانٍ شَرِفٍ في خزانة، أو مخزنٍ.
وقدّمَ تيودور نيلدكه[67]مقارَبةً مشابهةً إلى حدٍّ ما لما سبقَ ذكرُه، فقدْ أشارَ إلى بعض المؤلّفين العرب في العصور الوسطى استخدموا الكلمة الخياليّة عنوانًا «الطَّوْق» (السِّمط)[68] لكُتُبهم، ولفتَ انتباهنا إلى حقيقة أنّ المعلّقات يُشارُ إليها أحيانًا باسم «السُّموط» عن طريق القياس. ويمكن فهمُ [كلمة] المعلّقات على أنّها تعني «القلائدَ».
ولعلّ الجديرَ بالملاحظة، على الرّغم من أنّ حججَ ليال، ونيلدكه معقولةٌ بما يكفي لقبولها من قبل العديد من العلماء البارزين أنّ كلمة «المعلّقة» يُمْكن أنْ يكون لها معنًى حافٌّ مختلفٌ متميِّزٌ تمامًا.
وقد ورد في القرآن في (النّساء: 129) قوله تعالى: (تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ)، وسياق الآية نقاشٌ حول الطّلاق من عدمه في حال عدم توافق [الزّوجين]، وقد فسّر المفسّرون لفظ المعلّقة بأنه يعني «مَنْ فقدتْ زوجَها، وبقِيَتْ معلّقةً ليست بذات بعلٍ، ولا مطلّقةً».
فهلْ منَ الوهمِ أنْ نفترِضَ أنَّ المعلّقاتِ سُمِّيتْ بهذا الاسم لأنّها مجرَّدةٌ من دواوين الشّعراء السّبْعة، [فهي]، إنْ جاز التّعبيرُ، نصْفُ منفصِلةٍ عن أعمال مؤلِّفيها، ومحفوظةٌ في مجموعةٍ مسْتقلَّةٍ؟
تكتسِبُ هذه التّخميناتُ بعض التّعزيز منْ حقيقةِ أنَّ العنوانَ البديل لها «مذَهَّبات أو مُذْهبات» الّذي تمَّ تأويله دوْمًا على أنّه «مُذَهَّبٌ» يمْكِن أيْضًا وفْقًا لاشْتقاقٍ آخرَ أنْ يعْنِيَ «مطرودًا بعيدًا» «منفيًّا».
عَلِمَ فقيهُ اللُّغة الأصمعيُّ بوجود مجموعةٍ تتألَّفُ من ستِّ قصائدَ غنائيّةٍ، لكنْ ليس من الواضحِ ما إذا كانت تربِطُها أيّةُ صلةٍ بالمعلّقاتِ. ويبْدو أنَّ معاصرَه أبا عبيدة[69] كان على عِلْمٍ بمجموعة سبع قصائد، بينما يقطعُ ابن قتيبة المتوفَّى بعده بنحو ستِّين سنةً في أنّ قصيدة عمرو بن كلثوم[70] «إحدى السّبْع».
وأقْدَمُ كتابٍ أُعِيدَ فيه جمْعُ المعلّقات مجموعةً منفصلةً هو «جمهرة أشعار العرب»، وهي مختاراتٌ مشروحةٌ من الشّعر العربيِّ جمعها أبو زيد القرشيُّ[71]، وقد يكون [هذا الرّجلُ] هو نفسه أبو زيد، أو قد لا يكون كذلك، وأبو زيد هو عمر بن شبّة[72] البصري صاحب العديد من المؤلّفات المفقودة في الشّعر العربي توفِّي سنة 878م. وعلى أيّ حال حرّرَ [كُتُبَه] في النّصف الثّاني من القرن التّاسع الميلادي.
قدّم أبو زيدٌ في كتابِه الشّعراءَ بشكلٍ مختلِفٍ، ولذلك لاقى كتابُه القبولَ في الأدبِ الحديثِ (امرؤ القيس، طرفة، زهير، لبيد، عنترة، عمرو، الحارث)، والأمرُ الأكثرُ إثارةً للفضول في النّصِّ المطبوع في القاهرةِ سنة 1891م، أنّ قائمته تحتوي على ثمانية شعراء، وليس سبعةً وهم: امرؤ القيس، وزهير، والنّابغة، والأعشى، ولبيد، وعمرو، وطرفة، وعنترة. يُعْتَقَدُ في مقدّمة الكتاب أنّ أبا زيدٍ يُسْقِط ذكر عنترة، وينقل عن أبي عبيدة، وشخصٍ يُدْعى المفضّل (وليس بالضّرورة [اللّغوي] المفضّل الضبّي) للإيهام، وأقدم تعليقٍ هو ذلك الّذي حبَّره ابن الأنباري قال: «أصحاب السّبع الّتي تسمّى السّمط: امرؤ القيس، وزهير، والنّابغة، والأعشى، ولبيد، وعمرو بن كلثوم، وطرفة قال: وقال المفضّل: من زعم أنّ في السّبع الّتي تسمَّى السُّمْط لأحدٍ غير هؤلاء فقد أبطل. فأسقط من أصحاب المعلّقات عنترة، والحارث بن حلَّزة، وأثبت الأعشى، والنَّابغةَ»[73].
الدّليلُ التّالي على تركيب المعلّقات يقدّمه شارحوها، وأقدم تعليق على ذلك هو الّذي حبَّره ابن الأنباري[74]الفقيه اللُّغوي الكوفي البارز المتوفَّى سنة 939م، وقد رتّب الأشعار الّتي اختارها: امرؤ القيس، وطرفة، وزهير، وعنترة، وعمرو، والحارث، ولبيد. وغير بعيد عنه في الزّمن رتّبهم ابن كيسان[75] (ت 932م) على النّحو التّالي: امرؤ القيس، وطرفة، ولبيد، والحارث، وعمرو، وعنترة، وزهير. وبعد زمن قصير أضاف النّحَّاس[76]شاعريْن آخريْن إلى السّبعة، وقدَّمَ التّرتيب التّالي: امرؤ القيس، وطرفة، وزهير، ولبيد، وعنترة، والحارث، وعمرو، والأعشى، والنّابغة. [ثمّ جاء] الزّوْزني الفارسي (ت 1093م) وهو أصغرُ [الشُّرَّاحِ] الثّلاثةِ الأوائل، ولكنّه حظي بتقدير كبير في العصور الوسطى، ومنذ ذلك الحين أُسِّسَ التّسلسلُ التّالي: امرؤ القيس، وطرفة، وزهير، ولبيد، وعمرو، وعنترة، والحارث. أمّا مواطنُه التّبريزي (ت 1109م)، وربّما كان أعظمَ شُرَّاحِ الشِّعر العربي القديم فقد كسر القاعدة، وزاد على السّبعة ثلاثة شعراء آخرين فكان ترتيبه على هذا السّمْتِ: امرؤ القيس، طرفة، زهير، لبيد، عنترة، عمرو، الحارث، الأعشى، النّابغة، وعَبِيد بن الأبرص. وأنتجت القرون المتعاقبة مزيدًا من الشّروح، ولكنّ هؤلاء الشُّرَّاحَ الخمسةَ يُعَدُّون أكثرَ [الرُّواة] الموثوقِ برواياتهم. ولن يُنْتِجَ كَرُّ الأيّامِ أيَّ شرحٍ جديدٍ يمكِنُ الرُّكونُ إليه.
كانت أوّلُ نشرةٍ مطْبوعةٍ كاملةٍ للقصائد السّبْعِ تلك التي قدّمها السّير وليام جونز في ترجمتِه المتميِّزةِ شديدةِ الخصوصيّةِ. ظهرتْ جميعُ القصائدِ الغنائيّة بالخطوط العربيّة بشكل منفصلٍ مع حلول سنة 1820م. وصدرتْ الطّبعةُ الأولى من المجموعةِ كاملةً ينْتظِمُها كتابٌ واحدٌ في باريس، بدون صفحةٍ تحمل العنوانَ، وتاريخَ النّشر. وتمَّ تعيين التّحريرِ إلى أرموندييار كوسين ديبرسيفا[77]. ويؤَرِّخ المتحفُ البريطانيُّ ذلك بتاريخ 1820(؟). وكانت الطّباعة في غاية الأناقةِ. وفي سنة 1823م تمَّ نشْرُ نصِّ القصائد السّبْع مع تعليقٍ ضافٍ في كلكيتا، أعدَّه العلَّامة الهندي مولوي عبد الرّحيم بن عبد الكريم صافيبوري على غرار المستشرق البريطاني ماثيو لمسدن[78]. وتمَّ الاستعاضة عن هذه الطّبعات كلِّيًّا بما نشره الباحثُ الألمانيُّ أرنولد بتشجيع من البروفسور القدير فلاشر[79]الّذي أهدى له «جهدَه البسيطَ»، فقدْ نشرَ في لايبزيغْ في سبتمبر من سنة 1850م كتابَهُ الموسومَ بـ«معلّقات: أقدمُ القصائد العربيّةِ». واستفادَ [أرنولد][80] في إعدادِ هذا الكتابِ المصحوبِ بشرْحٍ يستنِدُ إلى شرْحِ الزّوزني من الطّبعات الّتي سبقتْهُ، وكذلك من المخطوطات الثّماني [المتوفَّرة]. وكان آخِرُ نقطةِ تحوُّلٍ بارزةٍ في تاريخ هذا النّصِّ طبْعةَ تشارلز جيمس ليال (كلكيتا، 1894) للقصائد العربيّة العشر القديمة بشرح التّبريزي الّتي تمَّ إنجازُها: «بناءً على طلب الرّاحل الدّكتور ويليام رايت أستاذِ اللُّغة العربيّة في جامعة كامبريدج، فقد كانتْ رغْبتُهُ توْفيرَ كتابٍ مدْرسيٍّ يضعُه بين أيْدي الطُّلَّاب الّذين يباشِرون دراسةَ الشّعر العربيِّ».
وفي الوقْتِ نفسه أدْرجَ ويلهام أهلوارت معلَّقاتِ: امرئ القيس، وطرفة، وعنترة، وزهير ضمن دواوين القصائد العربيّة السّتّ القديمة (لندن، 1870). بينما أنتج ل. أبيل[81] في برلين سنة 1891م «المعلّقات السّبع»، وهي طبعةٌ موجَّهةٌ للطُّلَّابِ مصحوبةً بمعجمٍ للمفردات العربيّة، ومقابلها باللُّغة لألمانيّة. وسنقدِّمُ مزيدًا من التّفاصيلِ البيبليوغرافيّة المتعلِّقة بالقصائد المنفصلة المذكورة في الفصول التّالية.
وسرعان ما تمّ الاعتراف بترجمة السير ويليام جونز باعتبارها المساهمةَ الأهمَّ في الدّراسات الأدبيّة، وعلى الرّغم من أنّ الزّمنَ عفا عليها، وأنّ الدّقّةَ قد خانت ترجمتَه في كثير من المواضعِ، إلَّا أنَّه لا يستحقُّ تلك المعاملة السيِّئةَ الّتي تلقّاها في مجلّدٍ ضمَّ مقالات نشرتْ سنة 1946م بمناسبة الذكْرى المئويةَ لميلاد هذا المستشرق العظيمِ.
بعد أنْ تلقّى جيبون نُسْختَه الّتي وُعِدَ بها، قال في كتابه: «تراجع الإمبراطوريّة الرّومانية وأفولها»: «يمكننا أنْ نقْرأ بلغتنا القصائد السّبع الأصيلةَ الّتي كُتِبت بأحْرُفٍ من ذهبٍ، وعُلِّقتْ على الكعبة»، ويضيفُ في حاشيته على الرّغم من أنّه من المؤكّد: «تمَّ نشْرُ قصائد الكعبة السّبع باللُّغة الإنجليزيّة بواسطة السير ويليام جونز، لكنّ مهمَّتَه المشرّفة إلى الهند حرمتنا من ملاحظاته الخاصّة الّتي هي أكْثرُ إثارةٍ للاهتمام من النّصّ الغامض القديم».
يقتبس جوته[82] الّذي أكْبر كثيرًا عبقريّةَ جونز المتعدِّدةَ الجوانب، تقديرَهُ الشّعراءَ السّبعةَ كما ورد في كتاب «تعليقات على الشّعراء الآسويين»، في شروح ديوانه «الدّيوان الشّرقيّ الغربيّ» (مونيتر، 1802). ويَدِين أ. ت. هارتمان في كتابه: «الثّريّات المضيئة في سماء الشّعر العربيّ»، وهو نسخة نمطيّة للنّثر الألمانيّ، يَدِين بكلّ شيْءٍ لجونز.
عندما نشر فريديريك ريكهرت[83] الشّارح الموهوب للشّعر الشّرقيّ في كتابه: «امرؤ القيس الشّاعر والملك» (شتوتغارت، 1843)، ونشر في أماكن أخرى ترجمةً شعريّةً لمختاراتٍ من القصائد الغنائيّة ذاع صِيتُ المعلَّقاتِ في ألمانيا، والنّمسا. وهكذا كان فيليب وولف[84] الّذي ترْجمَ بالفعل «كليلة ودمنة» (شتوتغارت، 1837)، وكتاب «كلستان» لسعْدِي[85] (شتوتغارت، 1841) إلى اللّغّة الألمانيّة بكلّ ثقة، واقتدارٍ، قدْ طبع في عام 1857م في روتويل المعلّقات «قصائدُ العربِ السّبْعِ»، ومضى حينٌ من الدّهْر لم تصدرْ نسخةٌ أنجليزيّةٌ جديدةٌ. وفي سنة 1877م كتب تشارلز جيمس ليال الّذي كان قد باشر الخدْمةَ في الهنْدِ بعد مضيِّ قرنٍ تقريبًا عن جونز على صفحات مجلّة المجمع الآسيوي في البنغال: «من المطلوب نشر ترجمة «المعلّقات السّبع»، أو «قصائد العرب المعلّقة»، وإرْفاقُ تلك التّرجمةِ الإنجليزيّة بالملاحظات الّتي وردتْ عن الشّعراء ضمن كتاب الأغاني الشّهير لأبي الفرج الإصبهانيّ... وسيكون الكتاب مؤلَّفا من أربعة أجزاء:
I – مقدّمة تُعطي لمحةً عامّةً عن تاريخ الجزيرة العربيّة خلال القرْن السَّابع للهجرة الّذي تنتمي إليه القصائد، وبيانٌ مُخْتصَرٌ للشِّعر العربيِّ بشكْلٍ عامٍّ [وذكر] بعض المعلومات المتعلِّقةِ بالطّريقة الّتي تمَّ بها تناقلُ القصائدِ، والرُّواةِ الأوائلِ، أو التّقليديّين الّذين يعود إليهم الفضلُ في حفْظِها، وشرحِها إلى جانب فحصِ البيانات التّاريخيّة الّتي يقدِّمها كتابُ الأغاني في ما يتعلّقُ بحياة الشُّعراء الّذين نظَمُوها.
II – ترجمة [مقتطفات] من كتاب الكامل وتواريخ ابن الأثير وكتاب الأغاني [تعطينا فكرةً] عن تاريخ حروب البسوس وداحس والغبراء.
III – معلوماتٌ عن كلِّ واحدٍ من الشّعراء السّبْعة مترجمةٌ من كتاب «الأغاني». وسيتمُّ الحديث عن طرفةَ من مقتطفاتٍ مجْتَزَأةٍ من ابن قتيبة، وغيره، مستمدَّةٍ من طبعة كتاب بريسكه «معلّقة طرفة شرح النّحَّاس».
IV – يَعْقُبُ كلَّ ملاحظةٍ ترجمةُ معلّقة الشَّاعر إلى الإنجليزية نثْرًا سطْرًا سطرًا مع الأصل العربيِّ. وسيتمُّ توضيحُ الأجزاء الثّاني، والثّالث، والرَّابع عند الضّرورة من خلال الملاحظات المُرْفَقة.
ونأْملُ أنْ تكونَ هناك ترجمةٌ دقيقةٌ لأقْدم قصائد العرب، وأكثرِها أصالةً - وهي القصائدُ الّتي ظلَّتْ على مرِّ العصور تحْظَى بقدْرٍ كبير من الإعْجابِ باعتبارها نماذجَ للأسلوب [الرّاقي]، والـتّأليف المُحْكَمِ، وتُقَدِّم بلا ريْبٍ صورةً جديدةً صادقةً عن الشّعب الّذي نُظِمتْ بين ظَهْرَانِيهِ، وهو ما تجلِّيه أقدمُ الأعرافِ، وأوثقها في ما يتعلّقُ بالظّروف الّتي أُلِّفتْ فيها، والنِّجارِ الشّريفِ الّذي ينتمي إليه الشّعراء، وأنْ تكون مقبولةً.
لسوء الحظِّ لم يُتِمَّ ليال برنامجَه الّذي رسم خطوطَهُ، على الرّغم من أنَّ جُزْءًا كبيرًا من المقدّمة، وبعض أجزاء التّرجمة المقترَحة صدرت في كتابه «ترجمات للشّعر العربيّ القديم» الّذي أهداه: «لويتلي ستوكس...[86] تخليدًا لذكرى الأيّام الّتي بدأ فيها هذا الكتاب في سيلما سنة 1877م».
«تمَّ إنجازُ نسْخةٍ تُشْبهُ تلك التي تمثَّلها ليال نفسُهُ، وكان من الممكن أنْ يكون عملُهُ ذاك بمنزلة مساهمةٍ لا تُقَدَّرُ بثمنٍ في فهم هذه القصائد الغنائيّة. وبدلًا منه وَجَدَ النّقيبُ ف. إ. جونسون الّذي ينتمي إلى المدْفعيّة الملكيّة وجد نفسه في كيركي على اتِّصال بـ: «الشّيخ فيْضِ الله بهاي الحائز على الإجازة في الآداب من [جامعة] بومباي وهو عالمٌ عربيٌّ من الدّرجة الأولى حقًّا»، وقد قام بترجمة القصائد السّبع: «وكان يهدِفُ ألَّا يتجاوز عملُهُ مساعدة الطَّالب، «ولهذا السّبب أصبح [إنجازُ الكتاب] ممكِنًا بالمعنى الحرفيِّ للكلمة».
الْتزمتْ القصائدُ السّبعُ المعلّقةُ على البيت الحرام في مكَّة الّتي صدرتْ سنة 1894م التزامًا صارِمًا بالمخطّط الّذي وضعه مؤلِّفُها، فقد التزم التزامًا كُلِّيًّا بالتّرجمة الحَرْفيّة للتّلميذ اللَّاتيني، وهو أمْرٌ مفهومٌ متعَمَّدٌ [ولكنّه] يُفقِدُ [النَّصَّ] كلَّ قيمة أدبيّةٍ. ولكنْ لم يَطُلْ انتظارُ جمهورِ القرَّاء للحصول على نسخةٍ جديدةٍ أعْلى قيمةً. فقد قرَّرَ ويلفريد سكاوين بلانْتْ[87] الشّاعر، والبطلُ المتحمِّسُ للعربِ، وزوجتُهُ السّيدة آن بلانت أنْ يبْذُلا ما في وِسْعِهما لإعْدادِ شيْءٍ أفضلَ، وقالَا: «لقدْ وجَدْنا القصائدَ السَّبعَ مترْجمةً اوَّلًا إلى اللَّاتينيّة، ثمّ إلى اللُّغات الرّئيسةِ [المعتمَدةِ] في الغرب خلال القرن الثّامن عشر...». (سيكون من المثير للاهتمام معرفةُ أين اكتشفوا هذه المعلوماتِ، وليس في مكتبة المتحف البريطانيّ كما ادّعيا، وبالتّالي فإنّ المترْجِمَيْن الحالييْن غيرُ قادريْن على المطالبة بشرف وضع عملٍ غيرِ معروفٍ قبل نيْلِ المنح الدّراسيّة للّغّة الإنجليزيّة، وفي الوقت نفسه، ومع مرور الزّمن، فإنّ المجالَ الّذي اختاراه كما يعتقدان، سيجده جمهورُ قُرَّاء الشّعْر عُذْرًا عمليًّا. وهي ترجمة نثريةٌ، وتعودُ لغتُها إلى القرْن الثّامنَ عشرَ، وهي مهذَّبةٌ، ولاتينيّة، ولا توحي باللّغّة الحوشيّة كثيرًا [وتُقاربُ] جزالةَ اللّغّةِ العربيّةِ الأصيلةِ، ومع ذلك، فقدْ تمَّ نسْيانُ نسْختِه تقريبًا، على الرّغمِ من أنّ السّيِّد كلوستون[88] أدْرجها سنة 1881م في مختاراته العربيّة. ولمْ تظْهَرْ منذ ذلك الحين أيَّ ترجمةٍ تُنافِسها. صحيح أنّ السّيّد تشارلز ليال قد انطلق انطلاقةً تبشِّرُ بالخيْر في الشِّعرِ، ونشرَ إحدى القصائد السّبع سنة 1885م ضمن مجموعته الرّائعة من القِطَعِ الّتي جمعها من الشّعراء العرب القدامى، لكنّ مشروعَه لمْ يبلُغْ غايته، وظلَّتْ المعلَّقاتُ في مجموعها غريبةً عنَّا في أيِّ شكلٍ من أشكال الشِّعْرِ الإنجليزيِّ. والتّرْجمةُ الوحيدةُ المعروفةُ الأخرى الّتي تمَّ إنجازُها هي ترجمةٌ حرفيّةٌ كلمةً كلِمةً في نثرٍ غير فنِّيٍّ في بومباي بواسطة القبطان جونسون. وتمّ طبعُها منذ بضع سنين ليسْتخْدِمها الطُّلَّاب الهنود، وهو عملٌ ممتاز من نوعه، ولكنْ ليس أكثر. لذلك نأْملُ أنْ يتمَّ قبولُ العمل الّذي ساهم فيه المترْجِمون الحالّيّون باعتباره محاولةً متأخِّرةً، وليست سابقةً لأوانها، وهي ضروريّةٌ تمامًا لسدِّ الفَجْوةِ في الأدب المترْجَمِ إلى اللّغّة الإنجليزيّةِ. كان هدفُ [المترجمين] إنتاجَ مؤلَّفٍ ليس مُوجَّهًا للعلماء فقطْ، ولكنّه [يَسْتهدِفُ] عشَّاقَ الشِّعْرِ الغريبِ الجميلِ مثلَ هذا المجلَّد إنْ أمْكنَ يشْبِه ما أنتجه فيتزجيرالد قبل أربعين عامًا عندما أهدى الشِّعرَ الإنجليزيَّ «رباعيات الخيّام» الخالدةَ.
لم يُقَلِّلْ آل بلانت من صعوبة مهمّتهما: «ظلَّ غموضُ نصِّ المعلّقاتِ لعدّة قرونٍ أكثر حِدَّةً لدى شُرَّاح القرون الوُسطى الّذين تعلَّموا كلَّ شيْءٍ باستثناء الإحاطة الشّخصيّة بقواعد الفكر البدوي، وطُرُقه. لمْ يكنْ هذا غريبًا بالنّسبة إلى سُكَّان المدن بالولادة، وقد وقع تناقُلُ أخطائهم من عصرٍ إلى عصرٍ تقريبًا [حتّى غدتْ دِينًا]، وقدْ كان لدى المترْجِمينَ الحاليّين، في تعاملهم مع هذه الأخطاءِ، ميزةُ خبرتهم الطّويلة بالصّحْراء، وبالممارسات الصّحراويّة، بل بسياسة الصّحراء. وهم يعتقِدون أنهم تمكَّنوا بهذه الطّريقة من إلقاء ضوْءٍ جديدٍ على كثير من الغموضِ [الّذي اكْتَنَفَ فهمَهم]، وكُرِّسَ [زمنًا طويلًا].
من المفترَضِ أنّ الحماقةَ الّتي افترضها الرّحّالةُ هو ما ميَّزَ عالِمَ فقْه اللّغّة الّذي يجلسُ على الكرْسيِّ فهو الّذي وقفَ حائلًا دون التّرحيبِ بالوحي الّذي تمَّ منحُه لعائلةِ بلانْت في برِّيتهم. ومن المثير للفضول أنّ ما كان موجودًا من علومٍ عربيّةٍ في المشروع قد وقع توفيرُه عن طريقِ امرأةٍ، على الرّغم من أنّ السيّدة آنْ بلانت هي المسؤولةُ الوحيدةُ على النّقل اللَّفظيِّ، إلَّا أنّ مسؤوليةَ الشّعْر تعود حصْريًّا إلى شريكها في التّرْجمةِ. وعلى الرّغم من عدم ثقتهم في أصحابهم، كان المؤلِّفان سعيديْن بالحصول على مساعدة المستشارين القاهريّين. والنّصُّ الّذي اتّبعوهُ هو الّذي نُشِرَ مؤخَّرًا في القاهرة، وهو النّصُّ الّذي راجعه بعنايةٍ الشّيخ الشّنقيطي[89]، وحصل على إجازةِ المفتي الأكبر الشّيخ محمّد عبده[90]. لهؤلاء العلماء الأفذاذ: «إنّ المترجمَيْن مدينان بالامتنان الّذي يعترفان به في هذا المقام في ما يتعلَّقُ بعملهما، وكذلك [الشّكرُ موصولٌ] للشّيخ عبد الرّحمن عليش[91] من جامعة الأزهر، وعبد الله أفندي الأنصاري من القاهرة. «أمّا بالنّسبة إلى الطّريقة المتوخّاةِ في التّرجمة فإنّ الأمر واضحٌ. لقد كانت الصّعوبةُ الأكثرُ خطورةً هي تبسيطَ الأبيات الشّعريّة لجعلها تصل بسهولة، ووضوح إلى الآذان الإنجليزيّة.
إنّ التّرجمة اللّفظيّة للشِّعر بلغّة أخرى هي تقريبًا دائمًا خيانةٌ، كما يقول المثل الإيطالي: «المترجم خائن»، ويصدُقُ هذا بشكل خاصٍّ عندما يتعلّق الأمر باللُّغتين العربيّة، والإنجليزيّة. إنّ التّرجمةَ الصّريحةَ عندما يكون اللِّسانان مختلفيْن تمامًا هي بمنزلة الخيانة. إنّ أسلوبَ فيتزجيرالد المتحرِّرَ هو الأسلوبُ الجيِّدُ المناسبُ حقًّا. وكان هذا الأسلوبُ هو النّموذجَ الّذي حذاه المترجمان الحاليّان، ومع ذلك لا يوجدُ مكانٌ لانتهاك النّصّ كما هو الحال في الأصل. وقد تمَّ نقْلُ المعنى. ونادرًا ما أُضِيفت الكلمات الّتي بدونها يتعذَّرُ الحصول على معنًى واضحٍ، وخاصّةً تلك الأجْزاءُ التي تتناولُ الأحداثَ المحلِّيّةَ، والسّياسيّةَ القبليّةَ. فقد كانت بحاجة إلى معالجة شجاعةٍ افتقَر إليها المترجمان. وآملُ أنْ يَجِدا تبريرًا في النتيجة التي أدركاها. إنه بدون الرّجوع إلى الملاحظات التّوْضيحيّة للمُلْحقِ لنْ تكونَ القصيدةُ قابلةً للقراءةِ حتّى من قِبَلِ أولئك الّذين يقرَأُون قراءةً خاطفةً. وقبل كلِّ شيْءٍ يأملون أنْ يجِدوا مبرِّرَهم في الحكم بأنَّ ما يقدّمونه هو شعرٌ حقيقيٌّ، وزهرةٌ جديدةٌ من نوعٍ غريبٍ مثيرٍ للاهتمام تُضافُ إلى جسد كلاسيكياتنا الإنجليزيّة.
وبفضل هذا التّوقُّع الكبير، نشرت عائلة بلانت سنة 1903م قصائدَ الجزيرةِ العربيّةِ الوثنيّةَ السَّبْعَ المذهّبةَ. وتمّت طباعةُ النّشرة الأولى بشكل جيِّدٍ في مطبعة شيسويك بحجم 4° 2. وكان سعرُ النّسْخة زهيدًا يُقَدَّرُ بخمسة سنتات. لكن تمّ استحضار ظِلِّ فيتزجيرالد دون جدوى، فلم يُرحِّبْ الجمهورُ غيرُ المبالي بامرئ القيس الجديد، ولم تُعَدْ طباعةُ ترجمة بلانت أبدًا. ولم يتمّ نشْرُ أيّ نسْخةٍ أخرى من المعلّقات منذ أيّام إدوارد[92] الممتدّة سواء باللّغة الإنجليزيّة أم بلغة أخرى.
الخاتمة
لقد حفَّزنا على نقل هذا النّصّ الإنجليزي إلى لغةِ الضّادِ ما تميَّزَ به منْ ثراءٍ وما تحلَّى به مُتَرْجِمُه مِنْ سَعَةِ اطِّلاعٍ علَى تاريخِ الشِّعْرِ العربيِّ وأمانةٍ علميةٍ وموضوعيةٍ قلَّ متَّزِنةٍ نظيرُها. فهو إلى جانب كونِه قدَّمَ معْلوماتٍ ثريةً عن الأدبِ العربي فِي بدْءِ تشكُّلِه منْذ فجْر تاريخ العربِ، يُعلِّمُنا طُرُقًا علْميةً في كيْفيةِ معالجةِ النّصوصِ القديمةِ، والصّبْرِ على البحْثِ العلميِّ والأناةِ في التّنْقيبِ على النّصوص القديمةِ في مظانِّها في المكتبات والمتاحفِ وعند الخواصِّ، والانكبابِ على تحقيقها تحْقيقًا علْمِيًّا يُزيلُ عنها غُبَار السّنين والنِّسْيانِ الذي لفَّها سنينَ عدَدًا. إنّ هذا النّصَّ المترْجَمَ يُعيدُ إلى الأذْهانِ التَّثاقُفَ الحقَّ الذي يجِبُ أنْ يكونَ بَيْن الشعوب والأقْوامِ بمنْأًى عن النّظرة التَّحْقِيريةِ للآخر لا لشيْءٍ إلَّا لأنَّه مُخْتَلِفٌ، ويُكَرِّسُ للمقولة القرآنية التي تجعلُ التعارُفَ والتّعاوُنَ مبْدَأً أصيلًا في التّعايُشِ بين الشُّعوب: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13) فهو تثاقُفٌ يقُومُ على النّدِّيَةِ، على مَبْدَأِ الأخْذِ والعَطَاءِ، على التَّأثير، والتّأثُّر،ِ وهو الأمْرُ الّذي نفتقِرُ إليه في زمننا الرَّاهنِ، ونحن أحْوجَ ما نكون إليه. انكبَّ آربري على دراسة الشّعرِ العربيِّ القديم بعد تحقيقِه، ليقِينِه الجازم بأنَّه تراثٌ إنسانيٌّ تَجِبُ المحافظةُ عليه، وإظهارُه للنّاسِ للاستفادةِ منه، لذلك لمْ يَأْلُ جهْدًا في إجْلَاء جوانبِه النَّيِّرةِ، وتتبُّعِ رحلتِه الطّويلةِ مع المحقِّقين، والدَّارسين منذ القرن السَّابعَ عشرَ، وإبْراز الجهود المُضْنيةِ الجبَّارةِ الّتي تكبَّدها المستشْرِقون، والباحثون العرب في هذا المضْمارِ. ولا شكّ أنَّ هذه الأعْمالَ قد فسَحَتْ المجالَ واسِعًا أمام الدّارسين العرب للاهتمامِ بتراثِهم الأدبيِّ الثّريِّ، وتقديمه للشّعوب الأجنبيّة، وبذلك يُدْلوا بدِلائهم في عمليّة التّلاقح الحضاريِّ البنَّاء. وما أحوجَنا إلى ذلك في عصرٍ ارتفعتْ فيه الأصْوات عالية مناديةً بالصِّراع الحضاريّ، بل بالتّناحر الحضاريِّ بديلًا. وقدْ رفعَ لواءَ هذه الشّعارات المُغْرِضة الهدَّامةِ للأسَفِ «عُلَماءُ» غرْبيون بدْءًا بإرْنِست رينان، مرورًا ببرنارد لويس، وصولًا إلى صامويل هنتنغتون، وكتابه: «صراع الحضارات». لذلك يجبُ التَّرْكيزُ على هذا الجانبِ السّلْميِّ النيِّرِ لنَجْتثَّ كلَّ جذور الفُرْقةِ، والتّنابُذِ بين الشّعوبِ، ونسْتأْصل شأْفتَها.
لائحة المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
ابن قتيْبة، الشعر والشّعراء، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار الحديث، القاهرة، ط1، 2003م.
أبو الفرج، الأصبهاني، كتاب الأغاني، تحقيق: لجنة من الأدباء، دار الثقافة بيروت، ط6، 1983م.
الأمين، الشنقيطي الشيخ أحمد، المعلّقات العشر وأخبار شعرائها، دار النصر للطّباعة والنشر، القاهرة، (د. ت).
الأندلسي، ابن عبد ربّه، العقد الفريد، تقديم: الأستاذ خليل شرف الدّين، دار مكتبة الهلال، بيروت، ط2، 1990م.
بدوي، عبد الرّحْمان، موسوعة المستشرقين، دار العلم للملايين، بيروت، ط3، 1993م.
بروكلمان، كارل، تاريخ الأدب العربي، ترجمة: عبد الحليم النجّار، دار المعارف بمصر، ط5، 1983م.
بلاشير، ريجيس، تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي، ترجمة: إبراهيم الكيلاني، دار الفكر دمشق، (د. ت)
بن أحمد، الزوزني أبو عبد الله الحسين، شرح المعلّقات السّبع، تحقيق: محمّد علي حمد الله، المكتبة الأموية بدمشق المطبعة التعاونية، ط1، 1963م.
بن القاسم، الأنباري أبو بكر محمّد، شرح القصائد السبع الطِّوال، تحقيق: عبد السلام هارون، دار المعارف مصر، ط6، 2005م.
بن سلام، الجمحي محمّد، طبقات فحول الشعراء، تحقيق: وشرح محمّد محمود شاكر، دار المدني جدّة، (د. ت).
بن عبد الملك، الأصْمعي أبو سعيد عبد الملك بن قُرَيْب، الأصْمعيات، تحقيق: أحمد محمّد شاكر وعبد السلام محمّد هارون، دار المعارف بمصر، ط3، (د. ت).
بن محمّد، النّحّاس أبو جعفر أحمد، شرح القصائد التّسع المشهورات، تحقيق: أحمد خطّاب، وزارة الإعلام بجمهورية العراق، سلسلة كتب التّراث، مطبعة الحكومة، 1973م.
بن يعقوب، النّديم أبو الفرج محمّد، الفهرست، تحقيق: يوسف علي الطّويل، دار الكتب العلمية، ط1، 1996.
بن يعلى، الضبّي المفضّل بن محمّد، المفضَّليات، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر وعبد السّلام محمّد هارون، دار المعارف بمصر، ط8، 1993م.
جماعي، أيام العرب في الجاهلية، دار الجيل، بيروت، ط1، 1988م.
الرّافعي مصطفى صادق، تاريخ آداب العرب، دار الصّحوة للنشر والتوزيع، القاهرة، ط2، 2016م.
العقيقي نجيب، المستشرقون، دار المعارف بمصر، ط1، 1965م.
القيرواني، ابن رشيق، العمدة في محاسن الشّعر وآدابه ونقْده، تحقيق: محيي الدّين عبد الحميد، دار الجيل بيروت، ط5، 1981م.
نجيب، البهْبيتي محمد، الشعر العربي في محيطه التّاريخي، دار الثقافة، الدّار البيضاء، ط3، 1981م.
ياقوت، الحموي أبو عبد الله، معجم الأدباء، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1991م.
-------------------------------------
[1]*- أستاذ مبرّز، باحث من تونس.
[2]- وليام جونز: (1746-1794م)، مستشرق بريطاني وفقيه قانوني أنشأ الجمعيّة الآسيوية سنة 1786م وتولّى رئاستها حتّى آخر حياته. كان يتقن اليونانيّة، واللّاتينيّة، والفارسيّة، والعربيّة، والعبريّة، وأساسيّات الكتابة الصينيّة في سنٍّ مبكٍّرة. وكان يتكلّم، ويكتب بطلاقة بثلاث عشرة لغة، ويُلمُّ بشكل جيِّدٍ بثمان وعشرين لغةً. ترجم المعلّقات السّبع إلى الإنجليزية سنة 1782م ونشرها بالعربية.
[3]- إدموند كارترايت (1743-1823م)، رجل دين بريطانيّ، ومخترع نَوْلٍ يعمل بالبخار، وتربطه بويليام جونز صداقة حميميّة.
[4]- ديموستين (384-323ق.م)، رجل دولة يونانيّ، وخطيب أثينا القديمة. تشكِّلُ خطبُه تعبيرًا صادقًا عن البراعة الفكريّة الأثينيّة، وتمثّل النّظرة الثّاقبة للسّياسة اليونانيّة خلال القرن الرّابع قبل الميلاد.
[5]- يقصد بها المعلّقات السّبع الطّوال.
[6]- اللّورد فريديريك نورث (1732-1792م)، رجل دولة ينتمي إلى حزب المحافظين في بريطانيا ورئيس وزراء من سنة 1770 إلى 1782م.
[7]- يقصد بها الحرب الّتي خاضتها أمريكا بمساعدة فرنسا للتّخلُّص من الاستعمار البريطاني (1776-1783م).
[8]- بركليس (حوالي 495-429ق.م)، رجل دولة أثيني مشهور، عُرِف بالحنكة السّياسيّة والقدرة على الخطابة. آلتْ إليه السّلطة المطلقة على أثينا خلال عصر عظمتها المادّيّة، والرّوحية وأصبح زعيما محبوبًا، كان ميّالًا إلى الدّيمقراطيّة.
[9]- شيشرون (106-43ق.م)، فيلسوف روماني وخطيب روما المميّز. برّز في العمل السّياسيّ زمن الفوْضى، والحرب الأهلية بسبب الديكتاتورية الّتي انتهجها يوليوس قيصر (100-44ق.م) فصدّه شيشرون وناصَرَ الحكم الجمهوري التقليدي.
[10]- جورج واشنطن (1732-1799م)، سياسيّ وقائد أمريكي قاد حرب الاستقلال ضدّ الإنجليز (1776-1783م) بمساعدة فرنسا. وهو أوَّلُ رئيس للجمهوريّة لدورتين (1789-1797م).
[11]- بنيامين فرانكلين (1706-1790م)، فيزيائيّ وسياسيّ أسهم في وضْعِ إعلان الاستقلال الأمريكي.
[12]- المعلّقات كما أوضحنا.
[13]- يعني به عمرو بن هند بن المنذر بن ماء السّماء (554-569) سُمِّي بالمحرِّق لأنه حرَّق بني تميم بالنّار. وأمُّه هي هند بنت آكل المرّار الكندي. عُرِف بالشدّة والصرامة. وأمّا سبب مقتله على يد الشّاعر المعروف عمرو بن كلثوم فهو أنّ أمَّ عمرو بن هند المضيِّفةَ أرادت أن تستخدمَ أمَّ عمرو بن كلثوم الضيَّفةَ ليلى بنت المهلهل أخي الملك كليب.
[14]- العبارة الّتي استعملها جونز (The seven Arabick elegies) وعبارة (Elegy) تعني تحديدًا المرثيّة، أو قصيدة الرّثاء، ولكنّه في سياق حديثه لا يقصد المراثي، ولكنّه يتحدّث عن المعلّقات.
[15]- اللّورد ألثروب (1782-1845م) وهو جون تشارلز سبنسر الثّالث، رجل دولة بريطانيّ شغل منصب وزير الخزانة. أطلق عليه لقب الصّادق لنزاهته، ونظافة يده.
[16]- اللورد جون شور تيجنماوث (1751-1834م) كان مسؤولًا بريطانيًّا أوّل في شركة الهند الشّرقيّة، وشغل منصب الحاكم العام للبنغال، وكان صديقا مقرّبًا للمستشرق السير ويليام جونز حرّر مذكّرات عن حياة جونز سنة 1804م ضمّنها العديد من رسائله.
[17]- يعني قطْعًا أنّه لم يُتِمَّ ترجمة أعمالهم بعدُ.
[18]- هنري ألبارت شولتنز (1739-1793م) هو أحد مراسلي جونز، وهو مستشرق هولندي درس في ليدن العربيةَ والعبريةَ ثمّ رحل لجمْع مخطوطاتها إلى أكسفورد وكمبريدج سنة 1772م. عيِّن أستاذًا للّغّات الشّرقيّة في جامعة أمستردام وليدن 1778م. من آثاره «منتخبات من الأمثال العربيّة» 1772م «ترجمة كليلة ودمنة» 1776م. (الحفيدُ)
[19]- النّحّاس أبو جعفر أحمد بن محمّد (ت 338هـ/ 950م) نحوي مصري ولد بالفسطاط وأخذ النّحو عن مشائخها ثمّ رحل إلى بغداد فأخذ شيوخها. من أهمّ كتبه: «تفسير القرآن الكريم» «إعراب القرآن»، «كتاب في شرح المعلّقات السّبع».
[20]- جون هنتر (1728-1793م) جرّاح وطبيب اسكتلندي يُعدُّ أحدَ أبرز جرّاحي عصره وعلمائه.
[21]- نرجّح أنّه رقمُ المخطوط في مكتبة شولتنسيان.
[22]- ألكسندر بومغرتن (1714-1762م) فيلسوف ألماني. صاغ مصطلح «الجماليات»، واهتمَّ في فلسفته بالفنّ والجمال.
[23]- ألبرت شولتنز (1686-1750م) مستشرق هولنديّ ولغويّ وعالم عقيدة وأستاذ جامعي بجامعة ليدن. (الجدُّ)
[24]- ابن شدّاد بهاء الدّين (1145-1234م) كان فقيهًا، وباحثًا، ومؤرّخًا كرديًّا، اشتهر بكتابة «سيرة صلاح الدّين الأيوبي» الّذي كان يعرفه جيِّدا بحكْم الصَّداقة التي جمعتْ بينهما. حقَّقه وترجمه ألبرت شولتنز ونشره صامويل لوستانز في ليدن 1732م.
[25]- ليفينيس وارنر (1619-1665م) مستشرق بلجيكي وديبلوماسي وهو أوّل مَنْ أنجز ترجمةً للمعلّقات، وذلك موضوع اهتمام الاستشراق المبكّر بالأدب العربي باعتباره تراثًا إنسانيًّا.
[26]- يوهان جاكوب ريسكي (1716-1774م) عالم وطبيب ألمانيّ، كان رائدًا في مجالات فقه اللّغة العربيّة، والبيزنطيّة، وعلم العُمْلات الإسلاميّة.
[27]- إدوارد جيبون (1737-1794م) مؤرّخ، وباحث عقلانيّ إنجليزيّ اشتهر بكتابه: «تاريخ تراجع الإمبراطوريّة الرّومانيّة وسقوطها».
[28]- كان ينْوي أنْ يُضيفَ إلى ترجمته للمعلَّقات مقالةً مطوَّلةً يتناول فيها جوانب تنير سبيلَ القارئِ الأوروبّيّ، وأخلاق العرب في الجاهليّة.
[29]- فيليب خوري حِتِّي (1886-1978م) أستاذ وباحث لبناني أمريكيّ في جامعتَيْ برنستون وهارفارد، وله باع كبير في تاريخ العرب والشّرق الأوسط والإسلام. من أشهر أعماله «تاريخ العرب» (مطوّل).
[30]- محمّد بن سلَّام الجمحي البصري (139-231هـ) سمع شيوخ العلم والأدب والحديث، روى عنهُ أحمد بن يحي بن ثعلب وأبو حاتم وأحمد بن حنبل وغيرهم، جاء في الفهرست لابن النّديم: «أحد الإخباريّين والرّواة. وله من الكتب، كتاب «الفاضل، في مُلَح الأخبار والأشعار»، كتاب «بيوتات العرب»، كتاب «طبقات الشّعراء الجاهليّين»، «طبقات الشّعراء الإسلاميّين...».
[31]- الجمحي، طبقات فحول الشّعراء، السفر الأوّل، ص24.
[32]- ابن رشيق القيروانيّ (390-456هـ) هو أبو العبّاس أحمد، التحق بالقيروان سنة (406هـ/ 1015م) فحضر هناك دروس كبار العلماء مثل القزّاز النَّحوي وإبراهيم الحصريّ والأديب الخشني فنبغ في الأدب نبوغًا باهِرًا من أشهر أعماله: «العمدة».
[33]- ابن رشيق، العمدة، ج1، ص 65.
[34]- ابن قتيبة (213-286هـ) هو أبو محمّد عبد الله بن مسلم الكوفي كان عالمًا باللّغّة والنّحو وغريب القرآن ومعانيه والشّعر والفقه كثيرَ التّصنيف والتّأليف من أهمّ كتبه: «عيون الأخبار»، «الشّعر والشّعراء»...
[35]- نيكلسون (1868-1945م) مستشرق إنجليزي يعدّ ثاني اثنين بعد ماسينيون من أكبر الباحثين في التّصوّف الإسلامي. وهو ذو إنتاج علميٍّ غزيرٍ يدور حول التّصوف والأدب العربيّ والشّعر الفارسي نشر «تاريخ الأدب العربيّ» (1907). اشتهر بأسلوبه الشّيِّق الرّائق في التّرجمة.
[36]- ابن قتيبة، الشّعر والشّعراء، ج1 ، ص75-76.
[37]- حمّاد الرّاوية نديم الدّين (95-155هـ) شاعر مخضرمٌ دوَّن الشّعر الجاهليّ وكانت له مختارات منها. اتّهمه معاصره المفضّلُ الضبّي بنحل الشّعر الجاهليّ.
[38]- ريجيس بلاشير (1900-1973م) علَمٌ من أعلام الاستشراق الفرنسيّ تعلّم العربيّة في كلّيّة الآداب بالجزائر. عُيِّن مدرّسًا للغّة العربيّة في مدرسة اللّغّات الشّرقيّة بباريس سنة 1935م. عُرِفَ بعلْمه الغزير، وروحه العلميّة المجرّدة، والتّحقيق الواسع. من أهمّ مؤلَّفاته: «ترجمة القرآن»، «حياة محمّد عليه السّلام».
[39]- ريجيس بلاشير، تاريخ الأدب العربي، العصر الجاهلي، ص101.
[40]- الوليد بن عبد الملك، الخليفة الأموي السّادس تولَّى الخلافة سنة 86هـ وتوفّي سنة 96هـ.
[41]- هو الخطّاط خالد بن أبي الهياج: وفي زمن الوليد بن عبد الملك تولّى كتابة المصاحف والشعر والأخبار.
[42]- الوليد بن يزيد، الخليفة الحادي عشر تولّى سنة 125هـ، وقتل سنة 126هـ.
[43]- ابن لعروة بن زيد الخيل الطّائي ووهبه لابنته فخدمها خمسين سنة ثمّ ماتت. ابن النّديم، الفهرست، ص146.
[44]- فقد كان يلْحَنُ في لغته.
[45]- الأصبهاني، أبو الفرج، الأغاني، المجلّد السّادس، ص83.
[46]- الأصبهاني، أبو الفرج، الأغاني، المجلّد الخامس عشر، ص111-112.
[47]- هشام بن عبد الملك، الخليفة الأمويّ العاشر تولّى الخلافة سنة 105هـ وتوفّي سنة 125هـ.
[48]- يزيد بن عبد الملك، الخليفة الأمويّ التّاسع خلف عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ وتوفِّي سنة 105هـ.
[49]- المهريّة من الإبل نسبةً إلى مَهْرة بن حيدان، وهي نجائبُ تسابق الخيلَ.
[50]- عدي بن زيد العبّادي (ت 35ق.هـ/ 587م) شاعرٌ نصرانيٌّ من أهل الحيرة وكان من دهاة الجاهلية فصيحًا يحسنُ العربيّة، والفارسيّةَ وهو أوّلُ مَنْ كتبَ بالعربيّة في ديوان كسرى.
[51]- الإصبهاني، كتاب الأغاني، مجلد السّادس، ص73-74.
[52]- ابن خلِّكان، وفيات الأعيان، ج2، ص209.
[53]- عبد الله المنصور، هو الخليفة العبّاسي الثّاني خلَفَ السفّاح وامتدّ حكمه من 136هـ إلى 158هـ.
محمد المهدي، الخليفة العبّاسي الثّالث امتدّت فترة حكمه من 158هـ إلى غاية 169هـ.
[54]- الإصمعي (122–216هـ) أبو سعيد عبد الملك بن قُرَيْب صاحب اللّغة والنّحو والغريب والأخبار والمُلَح. أخذ عن شُعْبة بن الحجّاج وحمّاد بن سلمة. قال عنه المبرّد: كان الأصمعي بحْرًا في اللغة لا يُعْرَفُ مثلُه فيها وفي كثرة الرّواية: له «الإصمعيات» «كتاب الأنواء» «كتاب الأمثال» ...
[55]- الحموي، ياقوت، معجم الأدباء، ج3، ص249.
[56]- أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرّومي الحموي (574-626هـ)، مؤرّخ وجغرافيّ عربي روميّ الأصل. عاش في حلب من أشهر آثاره: «معجم البدان» «معجم الأدباء».
[57]- معجم الأدباء، م.س.
[58]- المفضّل بن محمّد بن يعلى الضبّي الكوفي اللغويّ(ت 178هـ ؟) كان علَّامةً راويةً للأخبار والآداب وأيّام العرب، موثّقًا في روايته وكان أحدَ القُرَّاء الذين أخذوا عن عاصم وروى عنه من القُرَّاء الكسائي والجُحْدُري وابن الأعرابي. من أشهر كتبه: «المفضليات» «معاني الشعر» «أمثال العرب».
[59]- معجم الأدباء، م.س، ص249–250.
[60]- لعلّه يريد الثّامن وهو القرن الذي عاش فيه حمّاد.
[61]- سوق عكاظ أحد أسواق شبه الجزيرة العربية الثلاثة الكبرى: سوق مجنّة وسوق ذي المجاز تعود بدايته إلى سنة 500م.
[62]- يوهان جاكوب ريسكي (1716-1774م) عالم وطبيبٌ ألمانيٌّ وكان رائدًا في مجال فقه اللُّغة العربيّة والبيزنطيّة وكان باحثًا بارزًا في الأدب العربيّ وضع الأساس للبحث التّاريخيّ العربيّ.
[63]- ألفريد فون كريمر (1828-1889م) مستشرق وسياسيّ نمساوي عمل قنصلًا لبلاده في مصر ثمّ في بيروت. نشر نحو عشرين كتابًا عربيًّا، وكتب عديد الكتب بالألمانيّة عن الإسلام، والثّقافة الإسلاميّة
[64]- ويلهام أهلواردت (1828-1909م) مستشرق ألمانيّ متخصِّصٌ في أبحاث الأدب العربيّ من مؤلّفاته «دواوين الشّعراء العرب السّتّة القدماء»
[65]- السير تشارلز جيمس ليال (1845-1920م)، تخرّج من كمبردج، وعمل في الهند، ورأس ديوان الهند في لندن. درس العربيّة، وأتْقنها، وعني بشعرها الجاهلي، فاكتسب نقدُهُ صِيتًا ذائعًا ورفع لواء الدّراسات الشّرقيّة. من أهمّ آثاره «شرح المعلّقات السّبع للتّبريزي»، «تراجم شعراء العرب القدماء» «الشّعر الجاهليّ».
[66]- العِلْقُ ج. أعلاق وعُلوق: النّفيس من كلِّ شيْءٍ.
[67]- تيودور نيلدكه (1836-1937م) شيخ المستشرقين الألمان بلا منازع كان يتقِنُ ثلاث لغاتٍ إتقانًا تامًّا العربيّة، والسّريانيّة، والعبريّة. وقد أتاح له ذلك إلى جانب نشاطه الدّؤوبِ، وأَلْمعيته، واطّلاعه الواسع على الآداب اليونانيّة، أن يظفر بهذه المكانة. يعاب عليه تحامله على القرآن، واعتباره مصدرًا بشريًّا.
[68]- سَمَط سمْطًا الشيءَ: علَّقه - سمط الشيء لزِمه/ علّقه بالسموط. وسمَّط الشّاعر نظم الشعر مسمَّطًا.
[69]- أبو عبيدة معمر بن المثنَّى (110-209هـ) عالم باللغة والشّعْر من أهل البصرة. جمع الكثير من أخبارِ العرب وأنسابهم. من أشهر كتبه: «مجاز القرآن» في التفسير «كتاب الخيل».
[70]- عمرو بن كلثوم التّغلبي (ت حوالي 584م) من زعماء تغلب، شاعر جاهلي نصراني من أصحاب المعلّقات. كان عزيز النّفس قتل الملك عمرو بن هند دفاعًا عن كرامة أمّه.
[71]- أبو زيد محمّد بن الخطّاب البري القرشي، وكنيته أبو زيد، صاحب كتاب الجمهرة. يُرجَّحُ أنّه توفِّيَ ستة 170هـ.
[72]- أبو زيد عمر بن شبّة النميري البصري (173–262هـ) محدِّثٌ ثقةٌ ومؤرِّخٌ من أهمِّ مؤلَّفاته «الشعر والشعراء» «كتاب الأغاني».
[73]- ابن رشيق، العمدة، ج2، ص96.
[74]- ابن الأنباري أبو بكر محمّد بن القاسم (271-328هـ) ولد في بغداد ورعاه أبوه. تلقّى النّحوَ على شيْخه أبي العبّاس ثعلب. كان إمامًا في اللّغة، والنّحو، والأدب، والقراءات، والتّفسير، وعدَّه الزبيدي في الطّبقة السّادسة من نحّاة الكوفة أصحاب ثعلب. وكان ثقةً ثبْتًا صدوقًا من أشهر كتبه: «شرح القصائد السّبع الطوال»، «شرح المفضليّات»...
[75]- ابن كيسان محمّد بن أحمد (ت 299 أو 320هـ؟) وقد اقتصر شرحه على معلّقات امرئ القيس، وطرفة بن العبد، ولبيد، وعمرو بن كلثوم، والحارث بن حلِّزة. من أهمّ مصنّفاته «المهذَّب في النّحو»، «شرح الطِّوال»، «معاني القرآن»...
[76]- وليس ابن النّحّاس كما أثبت الكاتب.
[77]- أرموندييار كوسين دي بيرسيفال (1795-1871م) مستشرق فرنسيّ، أستاذ اللّغة العربيّة في كوليج دي فرانس. عمل أرموند مترجِمًا في القسطنطينيّة، وحلب ثمّ أصبح أستاذًا للّغات الشّرقيّة الحيّة. له «تاريخ العرب قبل الدّين الإسلامي»...
[78]- ماثيو لمسدن (1777-1835م) مستشرق أنجليزي. عُيِّنَ وكيلًا لقسم الصّحافة ثمّ أستاذًا للُّغة العربيّة، والفارسيّة في كلّيّة فورت ويليام. نظَّم الاستشراقَ تنظيمًا علميًّا مستقِلًّا، وعُهِد إليه بمطبعة كلكيتا فأحسن تجهيزَها، ونشر فيها الكثيرَ من نفائس المخطوطات: «المعلّقات السّبع للزوزني، و»ديوان المتنبي» و»مقامات الحريري»...
[79]- فلاشر (1801-1888م) ولد في شانداو وتعلّم في بوتزون وتخرّج من جامعة ليبزيج. درس اللَّاهوت فألمَّ بالشّرق إلمامةً حبّبتهُ إليه. تعرّف إلى دي ساسي، والتحق بمدرسته، وتعلّم العربيّة، والفارسيّة، والتّركيّة. خالط شباب مصر الّذين أرسلهم محمّد علي إلى فرنسا. واتّصل بأدباء لبنان. من أهمّ مصنّفاته: «تاريخ العرب قبل الإسلام»، ترجمة «ألف ليلة وليلة»ّ، «تفسير البيضاوي»، «عجائب المخلوقات للقزويني».
[80]- أرنولد ف. (1820-1869م)، أستاذ العربيّة في جامعة هاله. نشر المعلَّقات السّبع، وذيَّلها بالشّروح، والحواشي، وصنّف مختارات عربيّة للطّلبة.
[81]- أبيل ل. ف. (1863-1900م)، نال الدّكتوراه في اللّغّات الشّرقيّة. نشر المعلّقات السَّبع متْنًا وترجمةً.
[82]- جوته يوهان فون (1749-1832م) أديب وسياسي وعالم من كبار رجالات ألمانيا، تأثّر بالثّورة الفرنسيّة، وعمل وزيرًا. من أهمّ أعماله رائعته «فاوست» «الدّيوان الغربيّ الشّرقيّ».
[83]- فريديريك ريكهرت (1788-1866م) مستشرق ألمانيّ، ومترجم، وشاعر.
[84]- فيليب وولف (1810-1894م) مستشرق ألماني. درس اللّاهوت ثمّ ولّى وجهه شطر الدّراسات الشّرقيّة.
[85]- سعدي أبو محمّد مشرّف الدّين مصلح بن عبد اللّه الشيرازي، شاعر صوفيّ فارسيّ بارز عُرِفَ بعَمَليْه «البُسْتان» و«كلْستان».
[86]- ويتلي ستوكس (1830-1909م) محام إيرلندي وباحث.
[87]- ويلفريد سكاون بلانت (1840-1922م) شاعر وكاتب إنجليزي، سافر رفقة زوجته الليدي آن بلانت إلى الشرق الأوسط. اشتهرَ بآرائه المناهضة للامبريالية، من أهمِّ كتبه «التّاريخ السرّي لاحتلال إنجلترا مصر».
[88]- كلوستون ويليام ألكسندر (1843-1896م) عالم فولكلور إسكتلندي، اهتمّ كثيرًا بالخيال الشّرقيِّ. من أهمِّ كتبه «الأقوال الحكيمة»، «الرومانسيات الشّرْقية» «الشِّعر العربي».
[89]- أحمد بن الأمين الشّنقيطي (1872-1913م) أديب، ولغويٌّ عاش في القاهرة، من آثاره «المعلّقات العشر وأخبار شعرائها».
[90]- الشّيخ محمد عبده (1849-1905م) كاتب، ومفكّر، ومصلح مصري يعَدُّ أحد روَّاد الإصلاح الأفذاذ، من كتبه: «رسالة التّوحيد» «العروة الوثقى»...
[91]- عبد الرّحمن عليش (1840-1928م)، درَس في الأزهر، وانضمّ إلى ثورة عرابي لمقاومة الاحتلال الإنجليزيّ إلى جانب أبيه الّذي قضى نحبه في السّجن. حُكِم عليه بالسّجن الانفرادي سنتين ثمّ نُفِيَ مع الشّيخ محمد عبده، وغيرهما فعاشوا في بلاد الشّام. من مؤلّفاته: «رسالة في مبادئ العلوم».
[92]- إدوارد السّابع ألبرت إدواردي (1841-1910م) ملك المملكة المتّحدة (1901-1910م).