البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الاستعراب الإسباني بالمغرب، خوصي ماريا لورشندي نموذجا (1836م ـ 1896م)

الباحث :  عبد العالي احمامو
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  16
السنة :  السنة الخامسة - خريف 2018م / 1440هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 3 / 2019
عدد زيارات البحث :  3247
تحميل  ( 969.016 KB )
1 -المدرسة الإسبانية
لم تحظ المدرسة الإسبانية في مجال الاستشراق بالمتابعة والتقصي العلمي الدقيق، على غرار باقي المدارس كالفرنسية والألمانية وغيرهما،على الرغم ممّا تحفل به من أعلامٍ نقشت أسماءها بالذهب في هذا الميدان، وخلّفت أعمالاً ضخمةً في حاجةٍ إلى إعادة القراءة والدراسة.  وإن كان من الضروري الإشارة إلى بعض من ساهم بالبحث والدراسة في هذا الباب؛ مثل عبد الله عنان، وإحسان عباس، ومحمود علي مكي، وحسين مؤنس وغيرهم من أهل المشرق، كما نسجل بعض الأعمال للمغاربة ويأتي في مقدمتهم محمد بنشريفة، وعبد الله كنون، ومحمد حجي، وإبراهيم حركات، أمّا من الجانب الغربي فنذكر: كوندي، ودوزي، وسكوت، ولاين بول، ومانويلا مانثا ناريس صاحب «المستعربون الإسبان في القرن 19» الذي طبع سنة 2004 بالقاهرة بعدما قام بترجمته جمال عبد الرحمن.
ولعل ما أبدعه المورسكيون في بلاد الأندلس كان له الأثر الإيجابي في إقلاع أوروبا والاستفادة منه، وذلك من خلال الاهتمام به وترجمته والعمل على العناية به، حيث ساهم في ذلك نخبة من المستشرقين الذين أصبح من الضروري الاطلاع على ما أنتجوا، وتناوله باعتباره إشكالاً معرفيّاً إبستمولوجيّاً قصد الاستفادة منه والتمكن من آلياته وغزارة مواضيعه[1].
وإن كان هناك خلطٌ بين الاستشراق والاستعراب، على اعتبار أن المستشرقين الإسبان كانوا يحبون مناداتهم بالمستعربين، فإن أهم إشارةٍ يمكن تسجيلها هي أن المدرسة الإسبانية تُعدُّ أوّلَ استشراقٍ أوروبيٍّ، ولد على أرض شبه الجزيرة الإيبيرية، قبل أن يتخذ مفهوم الاستشراق الدلالة المعروف بها اليوم، وذلك بعد فتح العرب لشبه الجزيرة الإيبيرية أوائل القرن الثامن ميلادي، الشيء الذي ساهم في عملية تحولٍ كبيرةٍ في مجتمع هذه البلاد وفي أوضاعها الدينية والثقافية[2].
وقد اعتنق معظم أهل شبه الجزيرة الإيبيرية الإسلام، مما ساهم في تأسيس دولة دينها الإسلام ولغتها العربية بإسبانيا، مع وجود أقليةٍ احتفظت بديانتها المسيحية، الشيء الذي أرخى بظلاله على مقاومةٍ نشأت للمحافظة على المسيحية، ما فتئت أن تطورت من صراعٍ سياسيٍّ وعسكريٍّ إلى صراعٍ فكريٍّ مثّله من جانب المسيحية عددٌ من رجال الكنيسة ممن عاشوا في وسطٍ إسلاميٍّ، وأتقنوا اللغة العربية[3].
وتنبغي الإشارة إلى أن هناك من يرى أن اسم الاستعراب سواءً عند من ارتضوه أو من لم يرتضوه، لا يخرج عن مدار الاستشراق التصوري، والفكري، والثقافي، الذي لا يخرج عمّا يمثله الاستشراق من مشتركٍ ثقافيٍّ يعالج وقفة الدارس الغربي للتراث الإسلامي والعربي التي تمتاح من الذات أو الهوية التي قد تختلف مكوناتها العقدية، واللغوية، والحضارية من شعب لآخر. وإن كان هناك من يحبذ التفريق بين المستعربين والمستشرقين الإسبان، ومن بينهم محمود صبح الذي يرى »أنه يجب التمييز بين المستعربين والمستشرقين في إسبانيا. المستعربون هم الذين يهتمون بالدراسات العربية الإسلامية، وبخاصة الأندلسية منها، والمستشرقون هم الذين يهتمون بقضايا الشرق على العموم، وبخاصة قضايا الشرق الأقصى»[4].
ويبقى أنّ مفهوم الاستعراب في مفهومه العلمي «علمٌ يختص بدراسة حياة العرب وما يتعلق بهم من حضارٍ وآدابٍ ولغةٍ وتاريخٍ وفلسفاتٍ وأديانٍ، وله أصوله وفروعه ومدارسه وخصائصه وأصحابه وأتباعه، ومنهجه وفلسفته وتاريخه وأهدافه، وأما المستعرب فهو عالمٌ ثقةٌ في كل ما يتصل بالعرب أو باللغة العربية والأدب العربي، أو بالأحرى المستعرب هو من تبحر من غير أهل العرب في اللغة العربية وآدابها، وتثقف بثقافتها وعني بدراستها»[5].
ولقد تميزت إسبانيا عن غيرها من الدول الأوروبية الأخرى بأنها «كانت سباقةً إلى الاحتكاك بالعرب والاستفادة من حضارتهم وثقافتهم، كما أن اهتمام الإسبان اتجه بالدرجة الأولى إلى دراسة الثقافة والفكر العربي الإسلامي الذي أنتجته العبقرية الأندلسية، فأدوا للتراث العربي والإسلامي خدماتٍ لا تُنكر سواءً بأبحاثهم ودراساتهم الجادة، أو بتحقيقاتهم للتراث الأندلسي واكتشاف مصادره ونفض غبار الإهمال عن كثيرٍ من المؤلفات المهمة التي لولاهم ما رأت النور، كما قاموا بوضع فهارس يستفيد منها الباحثون والمهتمون بالتراث الأندلسي»[6].
لقد تعددت أوجه خدمة الاستعراب الإسباني للأدب العربي بالأندلس خاصةً باهتمامه بجمع المخطوطات وتوثيقها والاهتمام بها؛ حيث قام هذا الاستعراب فعلاً بجمع المخطوطات الأدبية الأندلسية شعراً ونثراً، وتوثيقها متناً وتدويناً وتحقيقاً وأرشفةً، وتأريخ معطياتها سياقاً وتحقيباً ومرجعاً، وترجمتها إلى اللغة الإسبانية في مختلف لهجاتها المتنوعة، ودراستها مضموناً وشكلاً ووظيفةً؛ وذلك من أجل تحديد تطوّر الأدب الأندلسي، ورصد مجمل خصائصه الدلالية والفنية والجمالية.
كما لعب المستعربون الإسبان دوراً مهمّاً في نقل الحضارة العربية الإسلامية إلى الممالك المسيحية بشمال إسبانيا وجنوب فرنسا، وكانوا أداة وصلٍ بين شطرَيْ إسبانيا، ولم ينقطعوا عن التنقل بين أراضي المسلمين وأراضي النصارى في الشمال، فعملوا بذلك على نشر الثقافة الإسلامية بين أهل الشمال خاصةً عن طريق ترجمة كتب المسلمين، وشاركهم في ذلك اليهود حيث اضطلعوا بدورٍ كبيرٍ في ترجمة المصنفات العربية إلى اللاتينية والقشتالية، ما جعل الفقيه الإشبيلي ابن عبدون - في القرن الثاني عشر ميلادي - يدعو إلى أنه »لا يباع من اليهود ولا من النصارى كتاب علمٍ إلا ما كان من شريعتهم. فإنهم يترجمون كتب العلوم وينسبونها إلى أهلهم وأساقفتهم، وهي من تواليف المسلمين[7].
ويجسد ما سبق صورة حركة الاستعراب المبكر في إسبانيا والذي لم يصلنا من آثاره ومخلفاته الأدبية والفكرية الشيء الكثير، خاصةً مع ما قامت به حركة التعصب المسيحي بعد سقوط غرناطة من تعقبٍ للعرب وإحراقٍ للكتب العربية وتحريمٍ لقراءة اللغة العربية، وغيرها من العوامل التي حالت دون وصول المؤلفات والمصنفات الأولى للمستعربين الإسبان.
وإن كان لا يفوتنا ذكر تلك الصورة التي طبعت أعمال بعض المستشرقين التي تميزت بالتعصب، والنظر إلى الثقافة التي يدرسونها بتعالٍ واحتقارٍ، ومن بين من يمثل هذا التيار خوليان ريبرا الذي كتب «كانت العربية، في الثقافة كما في الحياة، عديمة الدلالة طوال عقودٍ في إسبانيا غريبة العرق والثقافة والحياة»[8].
ولم تخل ساحة الاستشراق الإسباني من أسماء درست التراث العربي الإسلامي الدراسة الموضوعية، والنقل الرصين الذي من شأنه أن يساهم في تواصل هذه الحضارة مع الحضارات الأخرى، والتعرف على منجزاتها ومقوماتها، كما من شأنه أن يغير نظرة القارئ الإسباني والأوروبي للثقافة العربية، خاصةً وأنه مشبع بأحكامٍ مسبقةٍ.
وأسِّسَت مدارسُ لغرض الدفاع عن دور الحضارة العربية الإسلامية في تاريخ إسبانيا، وضد تعصب بعض المستشرقين، ومن بينها مدرسة فرانسيسكو كوديرا المتوفى سنة 1917، حيث ضمت مدرسته عددا من المستشرقين الإسبان المعتدلين الذين ارتبطوا برباط الإنصاف التاريخي للعصر الإسلامي الإسباني وعُرفوا بأسرة كوديرا، وزاد من تشبثهم بالعربية إطلاق لفظة (بني) أي (أبناء) عليهم ليصبحوا (بني كوديرا)، ويذهبون إلى أن إسبانيا دون احتساب المرحلة الإسلامية تعتبر دولةً عاطلةً عن الأمجاد التاريخية[9].
وتبقى أهم ما عرف عن هذه المدرسة المقولة الشهيرة التي قالها بيدرو مارتينث مونتابث: «إن إسبانيا ما كان لها أن تدخل التاريخ الحضاري لولا القرون الثمانية التي عاشتها في ظل الإسلام وحضارته، وكانت بذلك باعثة النور والثقافة إلى الأقطار الأوروبية المجاورة المتخبطة آنذاك في ظلمات الجهل والأمية والتخلف»[10].
كما عُرفت إسبانيا بتميزها عن باقي الدول الأوروبية الأخرى حيت كانت سباقةً إلى الاحتكاك بالعرب والاستفادة من حضارتهم وثقافتهم، ما جعلها تتبوأ مكانةً خاصةً في الاستشراق بصفةٍ عامةٍ والاستعراب على وجه الخصوص، خاصةً وأن اهتمامها انصبّ بالدرجة الأولى على دراسة الثقافة والفكر العربي الإسلامي الذي كان نتاجاً خالصاً للعبقرية الأندلسية، الشيء الذي ساهم إيجاباً في خدمة هذا التراث بأبحاثهم ودراساتهم الجادة والموضوعية، دون إغفال تحقيقهم للتراث الأندلسي الذي ساهموا فيه باكتشافهم للعديد من المصادر والمؤلفات المهمة التي لولاهم لما رأت النور، إضافة إلى العديد من الفهارس التي وضعوها ليستفيد منها المهتمون والباحثون.

2 - الاستشراق الإسباني
سبقت الإشارة إلى أن الكثير من الإسبان الذين يهتمون بالدراسات العربية الإسلامية يفضلون تسميتهم بالمستعربين عوض المستشرقين، وذلك نظير ما قاموا به خدمةٍ لدراسة اللغة العربية وآدابها، وحضارة المسلمين وعلومهم في شبه الجزيرة الإيبيرية بصفةٍ خاصةٍ، دون أن يهتموا بلغاتٍ شرقيةٍ أخرى كالفارسية والتركية والأردية وغيرها[11].
ويزكي الطرح نفسه حسن الواركلي الذي يرى أحقية تسمية المستشرقين الإسبان بالمستعربين «الاستعراب أدلّ من أيِّ تسميةٍ أخرى على حقيقتها مضموناً وتاريخاً»[12].
وقد أطلقت كلمة المستعربة أو المستعربين في الأندلس على العناصر المسيحية التي استعربت لغتها وعاداتها، ولكنها بقيت على دينها محتفظةً ببعض تراثها اللغوي والحضاري، خاصة وأن الدولة الإسلامية كفلت لهم حرية العقيدة، فأبقت لهم كنائسهم وأديرتهم وطقوسهم الدينية التي كانت تقام باللغة اللاتينية[13].
وكانت البداية حين اتضحت رغبة عددٍ كبيرٍ من رجال الكنيسة في معرفة عقيدة الإسلام، خاصةً بعد فتح شبه الجزيرة الإيبيرية، وإن تعددت أوجه هذه الرغبة بين الاعتدال والموضوعية أحياناً، وبين التهجم المتحيز أحياناً أخرى، إلى أن صارت الأندلس وجهة الطلاب النصارى من جميع أنحاء أوروبا، ففتحت قرطبة أبوابها على مصراعيها أمام طلبة العلم والمعرفة، فنهلوا من معارفها، وتعلم الكثير منهم اللغة العربية، وقاموا بتدريس كتب العرب في جامعاتهم كمؤلفات ابن سينا وابن رشد وغيرهما التي درست إلى نهاية القرن الخامس عشر[14].
وكان لغياب الأندلس عن ذاكرة الإنسان العربي، بعد سقوطها في أيدي الإسبان، العامل المؤثر في حضورٍ قويٍّ للأندلس والأندلسيين في واقع وحياة الأمة الإسبانية التي تشكلت في شبه الجزيرة الإيبيرية عقب سقوط غرناطة.
لقد نشط الاستشراق الإسباني منذ مطالع القرن التاسع عشر، وظهر التراث الأندلسي لأوائل المستشرقين الإسبان كنزاً ثميناً أقبلوا عليه جيلاً بعد جيل، يدرسونه ويقومونه، مقدرين ما ينطوي عليه من الإبداع والمعارف والعلوم، بل هناك من اعتبر المخطوطات الأندلسية تراثاً لهم فشرعوا في ترجمتها والاستفادة من مادتها الغزيرة، الأدبية والعلمية، مثل تأليف ابن الفرضي، وابن شكوال، والضبي، وابن الأبار.
وقد عرف عن المدرسة الإسبانية في نشأتها أنه بخلاف حركة الاستشراق التي تعنى بتراث الشرق، عربيّاً كان أم غيرَ عربيٍّ، فإنها حصرت اهتمامها بالتراث في نطاق المكتوب منه باللغة العربية، وفي أحايينَ كثيرةٍ تحصره، إلّا في ما قل وندر، حول تراث الأندلسيين، وفي كثير من الأحيان اعتبر ذلك الاهتمام ولعاً بما أنتجه الأندلسيون، وهذا ما تأسف عليه الراهب القرطبي بقوله: «إن إخواني في الدين يجدون لذةً كبرى في قراءة أشعار العرب وحكايتهم، ويقبلون على دراسة مذاهب أهل الدين والفلاسفة المسلمين لا ليردوا عليها وينقضوها، وإنما لكي يكتسبوا من ذلك أسلوباً عربيّاً جميلاً وصحيحاً. وليت انصرافهم هذا يؤدي إلى مساعدتهم على دحض المذاهب الإسلامية أو الرد عليها، بل على العكس لكي يتمكنوا من هذه اللغة ومن آدابها وليجيدوا استعمالها أحسن فأحسن… إن الشباب المسيحي الذي تميز بذكائه وعبقريته لا يجد اللذة والمتعة الروحية إلا في قراءة الكتب العربية وآدابها وينفقون الأموال الطائلة على شراء هذه الكتب وتشكيل مكتباتٍ ضخمةٍ، وينادون على رؤوس الأشهاد: أن لا آداب توازي الآداب العربية… كلموهم عن الكتب المسيحية يجيبوكم بازدراء: «إنها لا تستحق الانتباه..».. آه ما أتعسنا! إن المسيحيين منا قد نسوا لغتهم، وبين ألف شخصٍ منهم لا يوجد واحدٌ يحسن كتابة رسالةٍ إلى صديقه باللغة اللاتينيّة، ولكن إذا طلبته للكتابة باللغة العربية أجاد كل الإجادة بحيث إنّ الكثيرين من إخواننا في الدين يحسنون اللغة العربية أفضل من العرب أنفسهم[15].
أما بخصوص ما خلفه المستشرقون الإسبان عن المغرب، فقد تعددت الدراسات والمجالات، ففي التاريخ مثلاً، نجد مجموعة كبيرة من الكتب والدراسات يتعلق الكثير منها بالعلاقات بين المغرب وإسبانيا، وبعضها يتعلق بمدن وأماكنَ وآثارٍ وكتاباتٍ مغربيةٍ، وهكذا نجد الأب دي لاتُور يكتب مثلاً: معلوماتٌ تاريخيّةٌ عن مدينة فاس، ورحلةٌ من طنجة إلى مكناس، ونجد كوديرا يكتب كتابا عن أفول المرابطين واندثارهم ويردّ فيه على دوزي الذي تعصب لملوك الطوائف وشوّه صورة عصر المرابطين. كما خلف روبليس كتاباً في ثلاثة أجزاء عن الأساطير المغربية في إسبانيا، وكتب لونكاس عن قراصنة المغرب ب «غاليسيا» في القرن السابع عشر، في حين كتب كونساليس بالانْسْيا عن مسلمي شمال إفريقيا والنصارى، وكتب الأب كارْلوس كيروسْ عن ابن خلدون، وابن بطوطة، وعن المرابطين[16].
وقد اهتم الإسبانيون بالمخطوطات جمعاً ونشراً وترجمةً، حيث نجد ترجمة فرنانديس إي كونثاليس لكتاب «البيان المغرب» لابن عذارى إلى الإسبانية، والتصحيح الذي قام به إدواردو سابيدرا ل «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» وهو الجزء الذي لم ينشره دوزي، كما حقق فيرنه خينيس كتاب «بسط الأرض في الطول والعرض» لعلي بن سعيد المغربي، إضافةً إلى اهتمام كوديري ثايدين بدراسةٍ عن الكتب القديمة والحديثة في المغرب، والجزء الثاني من تاريخ المرابطين والموحدين للبرجي[17].

ويبقى أهم ما يميز ملامح الاستشراق الإسباني من خلال دراسة محمد فتح الله الزيادي[18]:
1. يعتبر الدافع العلمي المحرك الأول للاستشراق الإسباني، فالرغبة في تعلم اللغة العربية من أجل دراسة وترجمة الكتب العربية كانت السبب الرئيس في إقبال الإسبان على حقل الاستشراق، وإلى جانب ذلك يبرز الدافع الديني المتمثل في المستشرقين الرهبان الذين شكلوا تيّاراً مهمّاً في ميدان الاستشراق الإسباني.
2. يكاد الاستشراق الإسباني أن يكون مشابهاً للاستشراق الألماني في التركيز على التراث العلمي العربي، والاهتمام به حفظاً وفهرسةً وتحقيقاً ونشراً، ولعله امتاز عنه بامتلاك جزءٍ كبيرٍ من هذا التراث في المكتبات الإسبانية.
3. على الرغم من أن القرن العشرين شهد انخفاضاً واضحاً في العمل الاستشراقي من حيث المستوى الكمّيّ، إلا أننا نجد شذوذاً في الاستشراق الإسباني يمثله عدد من المستشرقين الإسبان وفي طليعتهم آسين بلاسيوس الذي خلف ما يقرب عن مائتين وخمسين كتاباً وبحثاً بعضها في عدةِ مجلداتٍ، وكذلك غونزاليث بلانسيا الذي خلف ما يقرب عن ثلاثمائة وعشرين كتاباً وبحثاً، وهو عددٌ يذكرنا بما تميز به الألمان في مراحل الاستشراق الأولى من تفرغ للبحث والإنتاج العلمي.
. له نشاطُ ملحوظٌ في ترجمة الكتب العربية ونشرها، وهو الأمر الذي كان له، إلى جانب الاستفادة العلمية الأوروبية، أثرٌ في تعريف الإنسانية بالفكر العربي الإسلامي، ومن أشهر المترجمين إميلو غرسيا غومث.
5. شهد الاستشراق الإسباني نشاطاً كبيراً في القرن التاسع عشر وما بعده وكان ذلك بسبب الإقبال الكبير للباحثين الإسبان على ميدان الدراسات الشرقية الذي جذبهم إليه وفرة المخطوطات العربية التي ضمتها المكتبات الإسبانية.
6. كان للقساوسة والرهبان أثرٌ واضحٌ في تنشيط الاستشراق الإسباني، وذلك بانخراطهم الشخصي في هذا الميدان، أو بدفعهم الباحثين الآخرين إليه، ومن أشهر هؤلاء يوحنا الأشقوبي، وبدرو القلعاوي، وريموندو مارتيني، وكانيس.
7. فهرسة المخطوطات العربية أحد المجالات التي اهتم بها المستشرقون الإسبان، وكان لهم فيها دورٌ واضحٌ، ومن الأسماء اللامعة في الفهرسة: غينغوس، وسلفادور غوميث، وألاركون.
8. يعتبر المعهد الإسباني العربي للثقافة الذي يديره المستشرق آسين بلاسيوس واحدا من أهم الأماكن التي نشط فيها الاستشراق الإسباني، كما تعتبر مكتبة الأسكوريال أهم المكتبات التي انطلق منها؛ وذلك لما تحويه من نفائس التراث العربي الإسلامي.
والأكيد أن إسبانيا تعتبر أقوى دول أوروبا صلةَ بالشرق؛ لقربها الجغرافي منه أوّلاً، ولاحتضانها أروع وأعظم حضارةٍ أسسها العرب خارج ديارهم دامت قرابة خمسة قرونٍ كانت من القوة بحيث تركت آثارها ماثلةً في الحياة الإسبانية على مختلف الأصعدة حتى يومنا هذا، فالأثر العربي يبرز في كل مرفقٍ من مرافق الحياة الإسبانية ابتداءً بالأشكال الهندسية المعمارية، ومروراً بالعادات والتقاليد، وانتهاء بالمكتبات التي تمتلئ بنتاج العقول العربية الإسلامية في مختلف العلوم، التي كانت ولا تزال الأساس المرجعي الذي انطلق منه الغرب في بناء حضارتهم. وبعد هذا الجرد التاريخي لأهم ما يميز المدرسةَ الإسبانيةَ والمستشرقين الإسبان، ننتقل للحديث عن أبرز شخصيات هذه المدرسة في القرن التاسع عشر، وأحد أبرز أعلام الاستعراب الإسباني.

3 -خوصي ماريا لورشندي
من الأهمية بمكانٍ، قبل التطرق إلى ما خلفه خوصي ماريا لورشندي، أن نقف عند أبرز محطات حياة هذا المستعرب الإسباني، والسمات التي ميزت مساره الاجتماعي والعلمي. والجدير بالذكر أن هذا الباحث لم يحظ بكثير من الاهتمام من طرف الباحثين في الاستشراق، أو المهتمين بالدراسات اللهجية المغربية، حيث نجد شحّاً واضحاً للمعلومات الخاصة بالراهب الفرنسيساكني الإسباني، وتتناقل معظم المراجع ما جاء عند عبد الرحمان بدوي الذي يبقى غيرَ كافٍ، ولا يوازي قيمة مستعربٍ قدم الشيء الكثير للمغرب، لا من الناحية الاجتماعية من خلال مجمل الأعمال والمشاريع التي أنجزها وسهر عليها، ولا من الجانب العلمي المتمثل في الدراسات والأعمال التي خلفها وساهمت بشكلٍ كبيرٍ في إرساء الأسس واللبنات الأولى لعلم اللهجات بالمغرب.
ويبقى أهم ما جاء في موسوعة المستشرقين حول لورشندي، أنه ولد سنة 1836م في إقليم سان سبستيان (شمال غربي إسبانيا، على الحدود الفرنسية)، وانخرط في الرهبانية الفرنسيساكنية في 14 يوليو سنة 1857م، وأوفدته «هيئة التبشير المسيحي» التابعة للبابا في روما إلى المغرب، فرأى أنه لا يستطيع القيام بالتبشير إلا بعد تعلم اللغة العربية الفصحى منها واللهجة العامية المنتشرة في المغرب.
كما يضيف عبد الرحمان بدوي أن لورشندي ألف كتاباً في »مبادئ العربية العامية الدارجة عند أهل مراكش« (مدريد، سنة 1873). وفي إثر ذلك عين مدرساً للغة العربية في كلية البعثات التبشيرية القائمة في مدينة شنت يعقوب شمال غربي إسبانيا[19].
ونقرأ عند مصطفى بوشعراء أن لورشندي كان كبير الرهبان بالمغرب الذي حل به سنة 1862م بعد حرب تطوان. وحيث إنه كان مستعربا فقد كانت له اتصالاتٌ بالدوائر المخزنية العليا، فرافق الطريس إلى روما سنة 1888م لمقابلة البابا وتهنئته، وشارك أيضا في سفارةٍ أخرى إلى إسبانيا. زد على ذلك أنه كان على اتصالٍ بأعيانٍ مغاربةٍ كان يتراسل معهم، ويتسمى في المراسلات بيوسف الجندي، كما كان من المتحمسين لتنصير المغاربة ولاسيما بالصحراء الجنوبية[20].
أما في الجهة المقابلة، فقد حضر لورشندي في كتابات الإسبان أنفسهم، أبرزهم خوان لويس نافال موليرو المؤرخ الرسمي ليتشيبيُونا الذي نشر معلوماتٍ مهمةً عن الباحث الفرنسيسكاني، فإضافةً إلى تاريخ ميلاده (24 فبراير 1836م)، ووفاته التي كانت بطنجة يوم 9 مارس 1896م، نجد إشارةً إلى أن الأب لورشندي عُرفَ بكونه مستعرباً، وكاتباً دبلوماسيّاً، وعضو الأكاديمية الملكية الإسبانية (1874)، كما تقلد منصب عضوٍ فخريٍّ في الجمعية الإسبانية ل Africanists (المهتمين بالأفارقة وإفريقيا والمستعمرين)، دون نسيان الجوائز المهمة التي حصل عليها من إيزابيلا الكاثوليكية، كما يحتفظ تمثالٌ في الساحة الأمامية بمريم تشيبيونا بذاكرته[21].
ونقرأ في الدليل الفرنسيسكاني الإلكتروني أن لورشندي كان دبلوماسيّاً مرموقاً، وصديقاً للسلطان مولاي الحسن، وكان نجم السياسة الإسبانية في المغرب، وشارك في العديد من السفارات، وقد ساهم عمله في تنفيذ وإعداد السفارة التي أرسله بشأنها السلطان لاوون الثالث عشر Leon XIII في عام 1888 بأن تحظى إسبانيا بمكانةٍ مرموقةٍ[22].
وقد نشأ لورشندي وترعرع وسط عائلةٍ شديدة التدين، كما أن اسمه كان هو خوسيه أنطونيو رامون، الذي تغير لاحقاً بسبب مهنته إلى خوسيه ماريا دي سان أنطونيو[23].
ويؤكد لويس موليرو على ثلاث محطاتٍ رئيسيةٍ دينيةٍ يمكن الحديث عنها في حياة المستعرب الإسباني: فالأولى كانت في 14 يوليو 1856م؛ حيث شهد لورشندي العادة الفرنسيسكانية في الكلية التبشرية بريجو Preigo، أما الثانية فسُجلت يوم 24 شتنبر/ سبتمبر 1859م عندما رُسِّم كاهنا، في حين المحطة الثالثة كانت عندما أنشد قُداسه الأول يوم 4 أكتوبر من نفس السنة[24].
وقد أطلق عليه لقب الرسول المبشر من طرف المجمع المقدس لنشر الإيمان سنة 1861م، وفي السنة الموالية بتاريخ 19 يناير نزل إلى طنجة حيث كانت رحلته محفوفةً بالمخاطر ومؤديةً إلى الموت لولا اعتدال المناخ، وتدخل منظمة الصحة العالمية إضافةً إلى سهر مرافقيه على حالته الصحية.
كما تم تعيينه نائب العضو المنتدب لشركة برو سنة 1863م، وفي حالة غياب محافظها يتكلف لورشندي بالأبرشية[25] في طنجة حيث يُسرت له مهام التبشير. وبعد عدة تقارير من لجانٍ مختلفةٍ ومن مقربين وغرباء، وكمكافأة لخدماته الجيدة ومهاراته الاستثنائية رغب في الترشح إلى رئاسة مجلس النواب ببعثة تطوان، بالرغم من كونه لا زالا في الواحد والثلاثين من عمره (1867)، ومع مرور الوقت سيحتل أعلى منصب في بعثة الرسول برو المحافظ سنة 1877 بعد 15 عامًا من الخدمة. إلّا أنّ عدم الاعتراف بتعيين لورشندي أدى إلى نشوب صراعٍ خطيرٍ وغيرِ متوقعٍ بين حكومة مدريد والكرسي الرسولي، الشيء الذي عجل بتقاعد المستعرب الإسباني من كلية المبشرين حيث شغل منصب رئيس الجامعة بسانتياغو دي كومبوستيلا، إلا أن الصراع لم يدم طويلاً حيث بعد العديد من محادثات التسوية والدبلوماسية أُذِنَ له بالعودة إلى المنصب الذي كان فيه[26].
وقد أدرك لورشندي منذ بداية حياته التبشيرية أن أداءه في أرض المغاربة لا يمكن أن يختزل في وزارة الرسولية البسيطة لأنه شعر بميلٍ غريزيٍّ لدراسة اللغة العربية، كما أراد التعرف على حضارة وتاريخ المسلمين، فكرس لذلك طاقته ووقت فراغه. وغلبت الخلفية التعليمية للبعثة التي كان يرأسها بشكلٍ واضحٍ في تاريخها، وذلك من خلال اهتمام لورشندي بأطفال المدارس الابتدائية ومجال التعليم العالي كذلك، فبدأ بإعداد لوائح لما سيحتاجه في التدريس وكل ما من شأنه أن يوفر لهم موادَّ تعليميةً حديثةً ومناسبةً وكافيةً، مع توسيع مجالات التدريس بإضافة اللغات الأجنبية الفرنسية والإنجليزية إلى جانب الموسيقى.
وكرس لورشندي جهده في المجال التعليمي، وإن كان ذلك يقابل باعتراضٍ شديدٍ كما وقع في طنجة عندما حاول إنشاء مؤسسة دينية بعدما استطاع جمع الدعم من مؤسسةٍ خيريةٍ (1883-1886)، كما شجع فقر الموارد في المغرب لورشندي بالاهتمام بقطاع التعليم حيث قام بفتح المدرسة الثانوية سنة 1892م، وأسس جمعية السيدات الكاثوليكية سنة 1895م التي كانت مسؤوليتها البحث عن موارد لصيانة المدارس، دون أن ننسى عدداً مهمّاً من المشاريع التي لم يكتب لها النجاح، وكان مصير معظمها الإخفاق دون أن يؤثر ذلك في مسار لورشندي[27].
ومع كل ما قام به في الجانب الخيري استطاع أن يجني وينتزع لقب (أبو الفقراء) خاصةً بعدما أنشأ ثلاث مؤسساتٍ يمكن اعتبارها الأفضل في المجال الاجتماعي والخيري؛ ويتعلق الأمر ببناء حيٍّ للمنازل الاقتصادية المنخفضة التكلفة لإيواء خمسة وثلاثين من الأسر الفقيرة سنة 1887م، وبناء المستشفى الإسباني بطنجة سنة 1888م، إضافةً إلى افتتاح مطبخٍ لمساعدة المحتاجين سنة 1895م. ومع تزايد أعمال البعثة إضافةً إلى ظروفٍ وحاجياتٍ جديدةٍ، طالب لورشندي سنة 1882م بإنشاء مركزٍ للتدريب أو كلية المبشرين الفرنسيسكان ملزمةً لبعثات كلٍّ من المغرب وأراضي سانتا، فكلفت الحكومة الإسبانية لورشندي بتنفيذ المشاريع بعدما تلقى الدعم والإذن لذلك[28].
وإضافةً إلى الأعمال التبشيرية التي كان يقوم بها في علاقته بالبعثة الكاثوليكية، فقد عرف عن لورشندي اهتمامه البالغ بالأطفال المحرومين، حيث يرى الباحثون أن هذا الجانب من حياته هو الذي يستحق الإبلاغ عنه والتعريف به.
وعند وفاته سنة 1896م، أشادت الصحافة من جميع الأطياف بالدور الكبير الذي لعبه لورشندي باعتباره محارباً ودبلوماسيّاً قدم العديد من الخدمات لقضية الحضارة والمصالح المغربية الكنيسية. فكل ما قام به، وإن يكاد يكون منسيّاً، فإنه يضيء صفحةً تاريخيةً حول العلاقات المغربية الإسبانية في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن التاسع عشر.ومع وفاته اختفى واحدٌ من أهم الشخصيات في القرن المذكور، ومن بين أكثر من يُساء فهمها[29].
ومن بين أعماله وكتاباته، تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى مخطوطةٍ له بها ما يقارب 400 صفحة يسلط الضوء فيها عن بعض سماته البارزة، خاصة وأن من عرفوه يصفونه بالنزاهة وقوة الشخصية، وأنّه وفيٌّ بالتزاماته ومسؤولياته، ولطيفٌ ومتواضعٌ، ومتقشفٌ، ونشط بروحٍ مبتكرةٍ، كما أنه يهتم بالآخرين بجانب توفره على مهاراتٍ عاليةٍ خاصةً في الجانب الديبلوماسي. وقد عرف عنه أيضاً كونه مغامراً وله قدرةٌ كبيرةٌ على التواصل مع جميع أنواع الناس، كما كان رجل صلاةٍ محبّاً لدعوته الفرنسيسكانية والتبشيرية.
وقد ساهم كلٌّ من اندماجه في المغرب، وعلمه باللغة العربية، ونكرانه للذات في كسبه ثقة وصداقة السلطان مولاي الحسن الأول، إضافة إلى تقدير الحكومة الإسبانية خاصةً وزير الخارجية آنذاك، حيث عمل لورشندي على تعزيز العلاقات السلمية ودعم المبادرات المتعددة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للمغرب، وكان وسيطاً مترجماً لمختلف السفارات بين ملوك إسبانيا والسلطان مولاي الحسن[30].
وكان ثمرةُ حبه للغة العربية ودراسته لها، إضافة إلى علاقات التعاون مع المغاربة والأجانب الإسبان المستعربين والمثقفين، ورغبته في مساعدة المبشرين من خلال توفير الوسائل اللازمة لذلك، نَشْرَه كتاباً يخصّ نحو العربيّة ومفرداتها، ويتعلّق الأمر ب: Crestomatia arabe La سنة 1881م، ومعجماً عربيّاً إسبانيّاً سنة 1893م، إضافةً إلى «أساسيات العربية المغربية المبتذلة » سنة 1872م، والذي سنخصص له المحور القادم من هذا البحث للحديث عن أطروحة لورشندي ومنهجه في دراسة الدارجة المغربية.

 4 -أساسيات العربية المغربية المبتذلة عند لورشندي
سنكتفي، في هذا المحور، بالحديث عن مجموعةٍ من الأفكار والملاحظات التي صاحبت عمل لورشندي، والتي نراها مهمةً ويجب أن تحضر كذلك في عملنا هذا، آملين أن نقدم في بحثٍ قادمٍ أساسيات العربية المغربية مقارنةً بالفصحى كما جاءت عند المستعرب الإسباني.
استهل لورشندي دراسته بالحديث عن أهم الأسباب والدوافع من وراء «أساسيات العربية المغربية المبتذلة»، حيث ذكر منها الرغبة الصادقة في أن يكون العملُ ذَا فائدةٍ لبعض الإسبان المستقرين بالمغرب، أو الذين قد يستقرون فيه، إضافةً إلى إهداء هذا العمل لدون فرنسيسكو، مفوض إسبانيا في المغرب، نظراً للجهود التي يبذلها لصالح الإسبان، وتشجيعه للبعثات الإسبانية بالمغرب[31].
كما يشير لورشندي إلى تعدد أسماء العربية الأدبية، ومن بينها (اللغة المُتعَلمة) و (اللغة الكلاسيكية) و (اللغة المكتوبة)، إضافة إلى انتشار اللغة الشفهية في البلدان الإسلامية المختلفة، إلا أنها لا تستعمل للكتابة خاصةً من قبل المتعلمين على اعتبار أنها فسادٌ. غير أن من الخطأ أن نستنتج، مما سبقت الإشارة إليه، أن العربية الأدبية والعامية نوعان لغويان متميزان عن بعضهما البعض[32].
فعلى الرغم من عدم التحدث بالعربية بالطريقة نفسها في جميع البلدان العربية، إلا أن لها القواعدَ الثابتةَ نفسها في جميع الدول المستعملة فيها، وإن تخلت العرب عن بعض قواعد العربية، بشكلٍ أكبر أو أقل في المحادثة والاستخدامات المألوفة، وفقاً لمستوى ودرجة التعلم والحضارة لكل بلدٍ على حدةٍ. ومن كل هذا يؤكد لورشندي على أن العربية الأدبية هي نفسها العربية العامية التي تم تجريدها من الصعوبات النحوية الأساسية، وخُفضت إلى أشكالٍ أكثرَ بساطةً. فإذا كان مقدار تخلي البلدان التي تستعمل العربية، في المحادثات العامة، للقواعد النحوية موحداً، وإذا كان للحروف الهجائية المستعملة في هذه البلدان الوضوح نفسه بشكلٍ منتظمٍ وموحدٍ. وإذا كانت الكلمات نفسها مستعملةً، في سوريا ومصر والمغرب، للتعبير عن الأفكار والأشياء نفسها، فالأكيد، حسب لورشندي، أن العامية العربية ستكون واحدةً، وستخضع المطابقة نفسها في الاختلافات، وسيتم استخدامها بشكلٍ موحدٍ في جميع الأنحاء.
لكن هذا ليس هو الحال؛ فلورشندي يرى أن القواعد النحوية المتبعة في سوريا تختلف عما هو موجودٌ في المغرب، والعكس صحيحٌ، إضافةً إلى أنه يمكن التعبير عن فكرةٍ معينةٍ في المنطقة المذكورة باستعمال حروف عربيةٍ صحيحةٍ ونقيةٍ، في حين يُعبر عن الفكرة نفسها في المغرب بكلماتٍ مأخوذةٍ من لغة أجنبية كالإسبانية أو الفرنسية. وكل هذه الأسباب تؤدي إلى نشوء الاختلافات المحلية، أو بالأحرى مجموعةٍ متنوعةٍ من اللهجات.
ولا يفوت لورشندي الفرصة لكي يشير إلى أن العديد من المتضلعين في العربية الأدبية (الفصحى) سيرون في نشر هذا العمل مضيعةً للوقت وأنّه عديم الفائدة، خاصةً عندما يصرح الباحث أنه تعرف على العديد من الأشخاص الذين يعادون العربية العامية، وحاول مراراً إقناعهم دون جدوى، وعليه يرى المستعرب الإسباني أنه بحاجةٍ لوضع الملاحظات التالية التي يراها إجاباتٍ داعمةً لفائدة دراسة العربية اللهجية[33]:
1 . لن يكون بمقدور الشخص الأوروبي التفاهم مع عامة الشعب بعد تعلمه العربية الأدبية (الفصحى)، ومراعاته للحديث بها واستعمال قواعدها النحوية، وسيتم فهمه فقط من طرف من يُسَمَون ب (الفْقِيهْ) أو (الطَّالبْ) المحدودي العدد.
2 . لا يستعمل المتعلمون العربيةَ الأدبيةَ (الفصحى) أثناء التحدث، وتقتصر قواعدها في الكتابة فقط.
3 . الفرق الوحيد بين الطالب أو الفقيه وغيره في المحادثات العامة يكمن في الأسلوب، أما عدا ذلك فالجميع يستعمل الكلمات نفسها بطريقة النطق نفسها على الرغم من أنها لا تكون عربيةً أدبيةً.
4 . الذي يتقن العربية العامية ليس بمقدوره فهم الجميع فقط، ولكنه يكون قادرا على أن يجعل نفسه مفهوما لجميع المواطنين دون تمييزٍ أو استثناءٍ، في حين من يجيد العربية الفصحى لوحدها سيكون مفهوما من طرف المتعلمين فقط.
وعليه يصرح لورشندي أنه لا يكتب للمتعلمين الذين يكمن دورهم في استكشاف الكنوز الواردة في الكتب الأدبية والشرقية، لأن هذا يقتصر فقط على العربية الأدبية التي تستطيع القيام بهذه الخدمة. فدراسته، كما يوضح ذلك، ستكون مفيدةً لصالح كل من يريد ربط الاتصال من أيِّ نوعٍ مع المغرب.
ففي سنة 1861م، وعندما كانت القوات الإسبانية لازالت تحتل تطوان، وعندما بدأت الأطماع ترصد المغرب، انصب فكر لورشندي أولا نحو ماهية الوسائل التي قد تسهل اكتساب اللغة في البلاد، لذا كرس كل جهده للقيام بهذا العمل دون سواه لغرض التواصل مع المواطنين بناءً على مختلف العلاقات التي يمكن أن تنشأ بين المغرب وإسبانيا الآن أو في المستقبل.
ولم ينس لورشندي التذكير بالصعوبات الكثيرة التي رافقت هذه الدراسة، والتي يأتي في مقدمتها عدم وجود أيِّ راهبٍ في البعثة مُلمٍّ باللسان العربي، إضافةً إلى عدم وجود كتبٍ لهذا الغرض، حيث كما يقول الباحث »إني لا أعرف أيَّ دراسةٍ أو أطروحةٍ حول العامية المغربية سواءً إسبانيةً أو أجنبيةً«[34]، إضافة إلى صعوبة إيجاد مغربي من شأنه تقديم المساعدة المتمثلة في التعليم المستمر التطبيقي.
وقد جاءت هذه الدراسة بناءً على طلبٍ من بعض رجال الدين وبعض العلمانيين، وامتثالا لأوامر رئيس لورشندي، الشيء الذي حتم على الباحث وضع هذه الدراسة منظمةً مع إعطائها شكل النحو المتبع فيها، وقد حاول أن تخضع هذه الأساسيات للقواعد انطلاقا من التعابير المستعملة في المغرب[35].
ويختم لورشندي مقدمته بأن الهدف الرئيسي من هذا الكتاب هو تسهيل التفاهم والتكلم بالعربية المغربية العامية، كما يشير إلى أن عمله يمكن أن يكون ناقصاً عازياً ذلك إلى أنه لم يجمع فيه بين النظرية والتطبيق، وفي هذا الصدد يقول: «لكي تكون مُلمّاً بالعربية العامية، اللغة الحية، لا بد من التحدث بها والاستماع إليها منطوقة»[36].
أما فرانسيسكو سيرفيرا فقد استهل مقدمة الطبعة الثانية من الكتاب بالإشارة إلى دور الفتوحات الإسلامية في انتشار العربية في كلٍّ من مصر وسوريا، مع تمديد هذه الفتوحات إلى جميع شمال إفريقيا من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي عبر القناة (التي ستسمى بعد ذلك جبل طارق)، وقد امتد هذا الانتشار إلى إسبانيا وفرنسا خاصة في ما يتعلق بالقواعد الدينية واللغة الغنية المتناغمة، فكما هو معروفٌ، اللسان العربي تحكمه تعاليمُ وقواعدُ صارمةٌ، إضافةً إلى قوانينَ جامدةٍ rigid laws. وقد تزامنت هذه الفتوحات باختلاط العربية بالعديد من الكلمات المأخوذة من اليونانية والفارسية واللاتينية، أو من بعض اللغات المستعملة من طرف الشعوب المقهورة.
ولأن السكان يعارضون القيود والقوانين التي تقيدهم خاصة في التواصل مع بني جنسهم، بدأت القواعد النحوية يصيبها النسيان مع ظهور تشكيلاتٍ وانحرافاتٍ جديدةٍ، وتم الاعتراف بالألفاظ والالتواءات الغريبة في اللسان العربي الحالي، الشيء الذي ساهم في نشأة قواعدَ ومستوًى لغويٍّ جديدٍ معروفٍ لدى الأوروبيين كابتذال للعربية الأدبية/ الكلاسيكية، التي تتبع القواعد النحوية والمستعملة في الكتب والمخطوطات بجميع أنواعها، إلا أنها لا تُستخدم الآن في المحادثات العامة[37].
كما يضيف فرانسيسكو سيرفيرا إلى أن هناك العديد من الدراسات المنشورة باللغة الفرنسية حول العربية الجزائرية المحكية، مقابل القليل مما كتب حول العربية المغربية المحكية. فالأعمال الوحيدة التي كانت معروفةً آنذاك هي: دراسة فرنسيس دومباي (1800) Grammatica Linguae Mauro -Arabicae juxta Vernacuti idiomatis usum، وهو كتابٌ صغيرٌ بعيوبٍ من ناحية دقة نطق الكلمات أو حتى من خلال عدم وضوح بعض الصفحات، أو فقدانها بالكامل.
وبأمر من الملك تشارلز الرابع بتاريخ دجنبر/ ديسمبر 1798م، أنيطت مهمة السفر إلى المغرب لدراسة اللهجة المغربية لكلٍّ من الآباء: باتريسيو دي لا توري Patricio de la torre، ومانويل باكاس ميرينو Manuel Bacas Merino، وخوان دي أرسي Juan de Arce، من أجل جمع المواد اللازمة لإنشاء معجمٍ/ قاموسٍ، أو على الأقل للإعداد للنشر بحروفٍ عربيةٍ، وهو العمل الذي تم نشره سنة 1805م بغرناطة Granada للأب بيدرو دي الكالا Pedro de Alcalل، تحت عنوان المفردات القشتالية العربية Vocabulista [38]Castellano arلbigo.
وبعد ذلك تُوجت جهود الآباء باتريسيو ومانويل وخوان بنشر العمل الآتي: Vocabulista castellano arلbigo compuesto y declarado en lengua y letra castellana por el M. H. P Fr. ترتيب سان جيرونيمو، وتصحيح وزيادة الحروف العربية باتريسيو دي لا توري.
وقد طُبع هذا العمل في السنوات الأولى من القرن 19، ويتضح من خلال بعض النسخ منه أنه لم يستعمل كثيراً وأنه معروفٌ عند القلة القليلة فقط، كما أن النسخة الوحيدة المعروفة هي تلك الموجودة في مكتبة الأسكريال التي لا يتعدى طولها مقدار الكف، الشيء الذي يدل على عدم الانتهاء من طباعة هذا الكتاب[39].
أما العمل الآخر فقد كان هو: اختصارٌ نحويٌّ في درس العربية على الكيفية اللغوية والعامية Compendio gramatical para aprender la lengua arabigo asi sabia como vulgar، لصاحبه مانويل باكاس ميرينو Manuel Bacas Merino، ويعتبر هذا العمل وجيهاً إلا أن عدد نسخه قليلةٌ، وقد نشر سنة 1807م بمدريد[40].
وإضافةً إلى الأعمال السابقة، ألف الأب خوصي ماريا لورشندي عملاً نحويّاً رائعاً، نُشر بمدريد سنة 1872، وهو المعنون ب »أساسيات العربية المغربية المبتذلة»، الذي بالإضافة إلى شرح قواعد اللغة المغربية، أو كما سماها فرانسيسكو سيرفيرا (قواعد اللسان المغربي المشترك the common Morish tongue)، نجد العديد من التمارين والتراكيب على امتداد الدراسة التي قام بها، مطبقا بذلك مفهوم ازدواجية العمل بالنظرية والتطبيق، الشيء الذي من شأنه أن يساهم في تيسير فهم العامية العربية المغربية[41].
وقد نفذت الطبعة الأولى من هذا العمل، فطُبِع الكتاب طبعةً ثانيةً منقحةً ببعض التحسينات والإضافات من بينها ترجمة الكلمات العربية بأحرفٍ لاتينيةٍ، وذلك بعد أن لام الناس نظام الترجمة المعتمدة في النسخة الأولى، على الرغم من صعوبة أو استحالة ترجمة الكلمات بالدقة التي توجد فيها بالعربية، وهذا ما جعل الكاتب يحاول تقريب الترجمة إلى أقصى حدٍّ ممكنٍ من النطق العامي للكلمات، كما حذف الحروف المزدوجة من الكلمات التي كانت تشكل عائقاً أو تشويشاً خاصةً أمام المبتدئين.
وقد أضيف إلى ملاحق الطبعة الأولى كيفية التعامل مع الحالات السماعية للهجة المغربية، ويتعلق الأمر بطريقة النطق وتقسيم المقاطع.
ويؤكد فرنسيسكو سيرفيرا أن لورشندي لم يعتمد طريقة التكرار الشاقة المعتادة التي عُرف بها آهن Ahn وأوليندورف Ollendorff، حيث اعتمد نظاماً أبسطَ من روبرتسون Robertson الذي يعتمد على تكييف أفضل الأشخاص الذي اعتادوا على الدراسات الأدبية، وذلك من خلال »لغةٍ واضحةٍ، وطباعةٍ ممتازةٍ، وأخطاء مطبعيةٍ نادرةٍ، وبحثٍ تميزه الأصالة والجِدَّة، كما له فائدةٌ واضحةٌ، وجميع الصفات التي تخول للعمل الحصول على استحسان الإدارة الحكومية، التي لا يمكن أن تنكر دور أساسيات الأب لورشندي»[42].
فلورشندي ليس بحاجةٍ إلى تمجيد الجدارة من خلال هذا العمل، أو الحث على فائدة الكتاب لأشخاصٍ أكثرَ كفاءةً منه، خاصةً وأن المستعرب الإسباني اكتسب من خلال عمله هذا التحية والإشادة من أفضل المستعربين، ومثال ذلك:
رسالة الأكاديمية الملكية الإسبانية في إيفادٍ واضحٍ إلى المدير العام للتعليم العام، التي جاء فيها: «الأب لورشندي أعطى لعمله طابعاً مميزاً، من دون الانحراف عن المنهجية الموضوعية والعلمية«[43].
أما مترجم الكتاب إلى الإنجليزية جيمس ماكليود سنة 1900م، فهو في مقدمته يعتبر أن ترجمته إضافةٌ إلى عمل لورشندي، ومساعدةٌ للذين يرغبون تعلم العربية المغربية ولا يجيدون اللغة الإسبانية، كما يضيف أنه لغاية الآن (1890م) فالكتاب الوحيد المخصص للتلاميذ الذي يتحدثون الإنجليزية كان لجيمس إدوارد بادجيت James Edward، والمعنون ب (مدخل إلى العربية المغربية Introduction to the Arabic of Morocco) 1881م، الذي اعتمد على تقنية الحوار والمحادثة لكنه طبع للأسف بالحروف اللاتينية فقط[44].
والأكيد أن إسهامات المستشرقين في دراسة اللهجات العربية، خاصةً العامية المغربية، لا تزال تحتاج دراساتٍ موضوعيةً ومستفيضةً تكون متخصصةً بعيداً عن تعميم النتائج المقرون بدافع الحماس مع المستشرقين أو ضدهم. وتبقى من أهم الوسائل اللازمة في تتبع أعمال المستشرقين، التركيز على الأعلام الذين كان لهم باعٌ طويلٌ، فينصب الاهتمام على مستشرقٍ واحدٍ ويُدرس من جوانبَ متعددةٍ، تُذكر فيها جهوده، كما تُذكر المآخذ عليه، وبهذا يمكن تجميع نتائج الدراسات للخروج بحكمٍ تعميميٍّ على المستشرقين في مواقفهم من الدارجة المغربية، ومناهجهم في دراستها، وإن كان من الصعب الخروج بأحكامٍ تعميميةٍ في ظاهرة الاستشراق لتوسعها وتشعبها، ولكن يبقى تتبعُ الأعمال اللغوية كفيلاً بالإجابة عن مجموعةٍ من الأسئلة ظلت قائمةً بسبب عدم الاهتمام بالدارجة المغربية واللهجات العربية، فتتبع هذه الدراسات تاريخيّاً، ووصفها تحليليّاً وتفسيريّاً، من شأنه مساعدتنا على ربط الماضي بالحاضر، والوقوف على أهم التغيرات، إن هي وقعت، من الناحية المعجمية والتركيبية والوظيفية.
هذا دون نسيان أن دراسة اللهجات العربية أصبحت محط أنظار العديد من الجامعات العالمية، بل أصبحت تُخصَّصُ لها كراسٍ لتدريسها، ويمكن أن نشير هنا إلى ما يعرف بتدريس العربية للناطقين بغيرها (TAFL)، حيث التركيز على العربية في مستويَيْها الفصيح واللهجي، خاصةً في ما يجب أن يتوافر في أستاذ العربية للناطقين بغيرها من: بُعدٍ لغويٍّ، وبُعدٍ تربويٍّ وتدريسيٍّ، وبُعد ثقافيٍّ، وبُعد تقنيٍّ. وإن كنا نسجل أن بعض المراكز والمعاهد الخاصة على قِلَّتها هي قِبلة الأجانب الراغبين في إتقان اللسان العربي الفصيح والمغربي، فالجامعات المغربية ما زالت لم تفتح أبوابها لاستقطاب الطلبة الأجانب الراغبين في إتقان الفصحى واللهجة العربية المغربية مقارنةً بالجامعات العربية والدولية.

-----------------------------------------
[1] للمزيد من التفاصيل اُنظر: السيد عبد العزيز سالم: تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس، دوزي: المسلمون في الأندلس ترجمة حسن حبشي. ليفي بروفنسال: الحضارة العربية في إسبانيا، ترجمة الطاهر أحمد مكي. عبد الحميد العبادي: المجمل في تاريخ الأندلس. محمد عبد الله عنان، دولة الإسلام في الأندلس.
[2] أنظر: عبد الحميد العبادي: المجمل في تاريخ الأندلس، ومحمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس.
[3] محمود على مكي، فرانشسكو كوديرا، دار الكتب والوثائق 2003، ص3.
[4] محمود صبح، الاستعراب والاستشراق في إسبانيا، مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد مزدوج 4-5، 1980، ص165.
[5] أحمد سمايلوفتش، فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر، دار المعارف، القاهرة، 1974، ص34.
[6] محمد القاضي، الاستعراب الإسباني والتراث الأندلسي من خلال ثلاثة نماذج: خوان أندريس، غيانغوس، ريبيرا، مجلة التاريخ العربي، 16،
خريف 2000، ص1.
[7] ابن عبدون، الإسلام في الأندلس وصقلية وأثره في الحضارة والنهضة الأوروبية، رسالة الجهاد الليبية، ع57، 1987، ص 84.
[8] خوان غويتسولو، في الاستشراق الإسباني، ترجمة كاظم جهاد، الفنط للترجمة باللغة العربية، 1997، ص224.
[9] Youness EL M’rabet, cotemporary spanish orientalism its determinants, particularity and authors, Semat, Vol 2 N° 1, 13-32 Jan 2014, P 7.8
[10] الكلمة جاءت ردا على مستشرق إمريكي من جامعة شيكاغو خلال المؤتمر الذي أقامته الحكومة الإسبانية عام 1976م، حيث ألقى بحثا في المؤتمر خصصه للحملة على الإسلام والمسلمين، وانتهى به الأمر بالإعلان أن أعظم ما قام به الإسبان هو طرد العرب والمسلمين من إسبانيا.
[11] محمد القاضي، مرجع سابق، ص 1.
[12] حسن الواركلي، الاستعراب الإسباني والتراث الإسلامي الأندلسي، مجلة المناهل، ع 56، 1997، ص60.
[13](4) أحمد المختار العبادي، الإسلام في الأندلس، مجلة عالم الفكر، عدد 2، 1979، ص60.
[14] محمود علي مكي، مرجع سابق، ص 3.
[15] سيمون الحايك، عبد الرحمن الأوسط، المطبعة البوليسية، بيروت، ص 166- 167.
[16] عبد الكريم غلاب، العرض التمهيدي لموضوع الندوة السادسة للجنة القيم الروحية والفكرية: المغرب في الدراسات الاستشراقية، مطبوعات، ص 32 أكاديمية المملكة المغربية، مراكش، 1993،
[17] نفسه 33.
[18] محمد فتح الله الزيادي، الاستشراق أهدافه ووسائله، دار قتيبة، ط 1، 1998، ص 91.
[19] عبد الرحمان بدوي، موسوعة المستشرقين، دار العلم للملايين، بيروت، ط 3، 1993، ص 514.
[20] مصطفى بوشعراء، الاستيطان والحماية بالمغرب، مطبعة المعارف الجديدة، ج 4، 1989، ص 1404.
[21] Juan Luis Naval Molero, Cronista oficial de la villa de Chipiona, EL PADRE JOSÉ LERCHUNDI: www.chipionacronista.blogspot.com/2011/01/el-padre-jose-lerchundi.html (6 - 10  2016.
[22] www.franciscanos.org/enciclopedia/joselerchundi.htm
[23] نفسه.
[24] Juan Luis Naval Molero, EL PADRE JOSÉ LERCHUNDI.
[25] أصغر وحدة في النظام الكنسي.
[26] Juan Luiss Naval Molero, EL padre José Lerchundi
[27] نفسه.
[28] نفسه.
[29] نفسه.
[30] www.franciscanos.org/enciclopedia/joselerchundi.htm
[31] Joseph Lerchundi, Rudiments of the Arabic Vulgar of Morocco, translation de James Maciver Macleod , The Spanish catholic Mission press, Tangier, 1900, the dedication page.
[32] نفسه.
[33].IX نفسه، ص
[34].X نفسه، ص
[35] نفسه.
[36].XI نفسه، ص
[37] نفسه.
[38].XIV نفسه، ص
[39] نفسه.
[40] نفسه.
[41].XV نفسه، ص
[42].XVI نفسه، ص
[43] نفسه.
[44] نفسه، مقدمة الطبعة الإنجليزية.