البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الاستيطان الأوروبي في المغرب على عهد الحماية الفرنسية وانعكاساته الاجتماعية

الباحث :  جلال زين العابدين
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  16
السنة :  السنة الخامسة - خريف 2018م / 1440هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 3 / 2019
عدد زيارات البحث :  8920
تحميل  ( 796.036 KB )
مقدمـــة
أدت الهيمنة الاستعمارية والسياسة الفلاحية التي اتبعتها سلطات الحماية الفرنسية بالمغرب إلى إحداث تحولاتٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ عميقةٍ في الوسط القروي؛ حيث تمّت هيكلة بناه الإنتاجية على أساس مقتضيات السوق الفرنسية والمراكز الرأسمالية، فاحتكر الأوربيون الفلاحة العصرية المعتمدة على التقنيات والمفاهيم الزراعية الحديثة والتي تحظى بمختلف أشكال الدعم من إقامة بنياتٍ تحتيةٍ، ونظام المكافآت المتعددة والمتنوعة للمستوطنين الزراعيين لتسهيل غرس جذورهم في التربة المغربية أولاً، ولتسهيل اندماجهم في الاقتصاد الفلاحي الفرنسي ثانياً.
 وإلى جانب الفلاحة الكولونيالية، نجد الفلاحة المغربية التي أحاطتها سياسة الحماية بحزامٍ من البؤس والتخلف، فكان من نتائجها تجميد وتفتيت هذه الفلاحة رغم أهميتها الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة للسكان الحضريين والقرويين على السواء، فأغلقت أمامها جميع أبواب الطموح لتجاوز وضعية الفلاحة المعاشية، وقد أدت الأشكال الجديدة من الاستغلال التي رافقت الاستيطان الأوروبي إلى ظهور تناقضاتٍ اجتماعيةٍ عميقةٍ مست الأسر والقبائل، وأعادت تصنيف المجتمع المحلي حسب المهن والدخل ومستوى المعيشة، كما أدت إلى زعزعة كيان المجتمع المغربي، وإلى تصدع البنى والعلاقات القبلية لتحل محلها علاقات الإنتاج المبنية على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والفردانية التمايز الاجتماعي، وإلى بروز علاقاتٍ اجتماعيةٍ لم يألفها المجتمع المغربي الذي كان مبنيّاً على التآزر والتضامن وعلى أساس علاقات القرابة وروابط الدم وأواصر التضامن القبلي.

أولاً: الفلاحة المغربية في استراتيجية سلطات الحماية الفرنسية
 1 - الفلاحة المغربية قبل الحماية
 كانت الفلاحة تلعب دوراً اجتماعيّاً واقتصاديّاً مهمّاً في حياة المغاربة، وقد ظلت لوقت طويلٍ تقوم على علاقاتٍ بين عاملين: الإنتاج المحلي والاستهلاك الذاتي للسكان، فكانت تقوم بتلبية حاجياتهم كمّاً ونوعاً. غير أنها عانت من توالي سنوات الجفاف التي كانت تدوم أحياناً لسنوات طويلة، كان آخرها الجفاف التي امتدت لخمس سنواتٍ بشمال المغرب بين سنتي 1878 و 1883، وإلى سبع سنواتٍ في الجنوب أيْ إلى حدود سنة 1885. كما عانت من الاجتياح الكثيف لجحافل الجراد، إذ يبرز نيكولا ميشيل(Nicolas Michel) أنه بين 1800 و 1912 اجتاح الجراد 32 مرة جهاتٍ مختلفةً من المغرب في ظل انعدام إمكانية محاربته[1]. يضاف إلى هذه المشاكل مشكل البنية العقارية المعقدة وغير المساعدة، والتي لم تمنح السلاسة والمرونة الكافية للاستثمار في الفلاحة، حيث إن الملكية الخاصة للأرض لم تكن منتشرةً في المغرب قبل الحماية، وكانت محصورةً جدّاً في أراضي بعض العائلات الكبرى[2]. وكانت الأرض تتوزع من الناحية القانونية إلى:
الأراضي الجماعية أو أراضي القبائل، وهي أراضٍ في ملكية الجماعة ولا يمكن التصرف فيها أو تفويتها.
أراضي المخزن، وهي أراضٍ تابعةٌ للدولة وتشمل الأملاك المخزنية وكل ما لا يمكن امتلاكه لأنه في مصلحة العموم مثل الشواطئ والغابات.
أراضي الجيش، وهي أراضٍ تابعةٌ للدولة أقطعتها لبعض القبائل مقابل تقديمها لخدماتها العسكرية لصالح المخزن.
أراضي الأحباس، وهي الأراضي التي تم توقيفها على الأحباس، وهي كذلك لا يمكن تفويتها.
أراضي الخواص، وهي أراضٍ في ملكية الأفراد لكن كما سبقت الإشارة إلى ذلك ظل انتشارها محدوداً[3].
 لم يكن التعقيد الذي ميز البنية العقارية في المغرب غير محفزٍ للإنتاج والاستثمار الفلاحي بالنسبة للمغاربة فحسب، بل شكّل أيضاً حاجزَ صدٍّ قانونيٍّ بالنسبة للأوربيين الطامعين في امتلاك الأراضي المغربية ما جعلهم يناورون عن طريق المخالطة والحماية القنصلية، قبل أن يطرحوا الموضوع للتفاوض على أساس أحقيتهم في امتلاك العقار مقابل أدائهم للضرائب الفلاحية، وهو موضوع تطرقت إليه المواد 11 و12 و13 من مؤتمر مدريد، والمادتين 59 و60 من مؤتمر الجزيرة الخضراء[4].
 وإذا كان إنتاج هذا القطاع قد ظل تحت رحمة التقلبات المناخية وعانى من البنية العقارية المعقدة ومن الأساليب التقليدية المستعملة، فإن عوامل أخرى أسهمت في تغيير ملامحه، وخاصة الإكراهات الجديدة التي أفرزها التدخل الاستعماري. ذلك أن دخول المستعمر إلى المغرب وما تبعه من جحافل المعمرين، أدى إلى خلخلة هذا التوازن من خلال استيلائهم على أجود وأخصب الأراضي الفلاحية، فأخذت وسائل العيش تتضاءل بالنسبة للفلاحين تدريجيّاً بسبب نقص مساحة الأراضي الصالحة للزراعة، ويقول القبطان روميو (Capitaine Romieu) في هذا الصدد عن بني وراين »إن دخولنا البلاد قد أخل بالتوازن العريق بين أعداد السكان وبين الإنتاج، وهو توازنٌ كان يفيد السكان أنفسهم، فأعطي المعمرون أزكى الأراضي التي كان الناس يستغلونها (...) وحدّدت مناطق الغابات وأسندت إدارتها إلى مصلحة المياه والغابات، وذلك ما اعتبر نقصاً من حقوق السكان على هذه المناطق«[5].

2- الاستيطان الزراعي وانعكاساته على الفلاحة المغربية
 كان الجنرال ليوطي حذراً منذ البداية في تعامله مع مسألة الأرض في المغرب، فقد كان يدرك أن«مس آلةٍ دقيقةٍ على شاكلة التنظيم الاجتماعي للمغرب (...)، يمكن أن تكون له انعكاساتٌ خطيرةٌ جداً على أمن وتنظيم البلاد، ولذا يجب التحرك باحتياطاتٍ دقيقةٍ، وعدم الإقدام على تغيير الوضعية القانونية للأراضي الجماعية إلا بعد أن تكون قواعد الغزو قد ترسخت، وحتى تكون الإدارة قد بدأت تسير بشكلٍ طبيعيٍّ»[6]. ولم يكن من السهل العثور على صيغةٍ تمنع الابتزاز الذي جرى في الجزائر، وتحول دون تجريد الفلاحين المغاربة من أراضيهم [7]، مع ما عرفوا به من تعلقٍ وارتباطٍ غريزيٍّ بأرضهم وغيرتهم عليها[8]، فنشط تفكير ساسة الحماية على مستوى التحليل والتشريع واستنباط الحلول، لوضع أسس بناءٍ ضخمٍ من التأويلات والنظريات والنصوص القانونية، تشرع وتبرر ابتزاز الفلاحين والسيطرة على أراضيهم، تارةً باسم استرجاع أراضي الدولة التي استولى عليها السكان في مراحل ضعف السلطة المركزية، وتارة بحجة الحصول عليها بتواطؤٍ مع عناصرَ قياديةٍ في السلطة المركزية، وتارةً أخرى لعجز الفلاحين وعدم قدرتهم على الإدلاء بالوثائق الضرورية التي تؤكد ملكيتهم للأرض.
 وهكذا سنت إدارة الحماية مجموعةً من التشريعات شكلت القاعدة القانونية للنهب والابتزاز[9]، فأصدرت ظهير 12 غشت 1913 الذي نص على تسجيل العقارات، وضرورة التدقيق في الوثائق المدلى بها[10]. فأصبح لكلِّ قطعةٍ أرضيةٍ بمقتضاها سندٌ عقاريٌّ يحمل اسماً ورقماً وتصميماً للملكية، وسهل ذلك تسلط الأجانب على الأرض لجهل المغاربة بالإجراءات القانونية الجديدة. ثم صدر ظهير 7 يوليو 1914 فجعل الأراضي الجماعية وأراضي الأحباس وأراضي الكيش، غير قابلةٍ للتفويت، ووضعها تحت حماية الدولة التي أصبح لها حق مراقبتها وتسييرها[11].غير أنه بعد سنتين (1916) تم تأسيس «لجنة استعمار الأراضي» من أجل تشكيل وتوزيع القطع الأرضية القروية، وقررت سلطات الحماية انسجاماً مع مبادئ الاستعمار المختبرة، تدعيم الاحتلال العسكري بإسكان عائلاتٍ فرنسيةٍ في القرى المغربية، وسيكون لهذه العائلات تأثيرٌ حضاريٌّ على الفلاحين المغاربة بالمثل الذي ستعطيه لهم[12]. وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، صدر ظهيرٌ جديد في 27 أبريل 1919 جعل الأراضي الجماعية تحت رقابة مجلس وصايةٍ له صلاحيات تفويت أراضي الجماعات لطرفٍ ثالثٍ، فاقتطعت أجزاء مهمةٌ من الأراضي تحت غطاء المصلحة العامة، وسهلت الاستيلاء عليها لفائدة الكولون بطرقٍ شرعيةٍ غير منازعٍ فيها[13]، فتدهورت الجماعات ولحق التفقير بأفرادها وتغيرت الهياكل الزراعية التقليدية ما انعكس على الوضع الاجتماعي لسكان البوادي.
 إن ما تجب الإشارة إليه هو أن السيطرة والاستيلاء على أراضي الفلاحين في المغرب، قد ارتبط إلى حدٍّ كبيرٍ بالغزو العسكري، فالمستوطنون المزارعون كانوا يسيرون على حد تعبير أحمد تافسكا، في عصاباتٍ مسلحةٍ خلف القوات الاستعمارية التي تتولى إبادة ومطاردة السكان لتتيح المجال للمستوطنين للحصول على أملاكٍ فلاحيةٍ، وتزيل كل ما من شأنه أن يشعرهم بأنهم غرباء في مجتمعهم الجديد، وتصفهم الصحافة الاستعمارية بأنهم »طلائع جيشٍ قويٍّ«[14]. لذلك قامت السلطات الفرنسية بتمهيد الطريق أمام الاستيطان الزراعي وتدعيمه، لأنه هو الذي يعطي حضوراً واستمراراً للنفوذ الفرنسي بالمغرب، وهو ما يوضحه كاديل Cadile). (J بقوله: «لقد تم الاستيطان الرسمي بشرق تازة في 1924، وفي الريف ما بين 1926 و1930 بالموازاة مع التهدئة العسكرية».[15] وقد وصل هذا الاستيطان إلى أقصى تأثيره في حياة الفلاحين، كما يؤكد ذلك ألبير عياش حيث يقول »في الريف الشرقي وسهول ما بين تازة ووجدة وزعت القبائل الرحلية سابقاً في ما بينها أراضيَ فقيرةً تزرعها بالحبوب (...) غير أن الهجرة نحو السهول المستعمرة تبدو مفروضةً«[16].
 ونشير إلى أن الاستيطان الزراعي كان قد تعرقل تطوره في بداية الحماية بسبب تمسك المغاربة بأراضيهم، واستمرار المقاومات المسلحة في عدةِ مناطقَ بشكلٍ أعاق الاستيطان الأوروبي. وبعد القضاء على هذه المقاومات أصبح الفرنسيون أحراراً وسارعوا إلى الحصول على المزيد من أراضي الأهالي المغاربة ما أدى إلى تدمير القاعدة الاقتصادية للفلاحين المغاربة الذين تزايدت أراضيهم المغتصبة والمسلوبة، وتحول قسمٌ كبيرٌ منهم إلى »خمّاسةٍ»، أو إلى عمَّالٍ في المزارع الأوروبية[17]، كما تحول الوسط القروي إلى مصدرٍ واسع النطاق للهجرة سواءً كان داخل البلاد أو إلى خارجها.
 وهكذا وُجدت تشكيلةٌ من المعمرين نافسوا الفلاحين المغاربة الذين أصبحوا في درجةٍ دنيا مقارنةً معهم، لأن زراعاتهم التقليدية ذات الإنتاج البسيط لم تصمد أمام الزراعات المنتجة في الضيعات الأوروبية العصرية المستفيدة من الأسمدة الكيماوية، والبذور المنتقاة، كما أن الفلاحين المغاربة لم يستفيدوا من الامتيازات المختلفة التي منحتها سلطات الحماية للمعمرين الأوروبيين. فرغم أن الظهائر لم تميز بين الأهالي والمستوطنين من حيث حق الاستفادة من المنح والمكافآت، إلا أن إمكانيات الفلاحين المغاربة المتواضعة لم تسمح لهم باستيفاء الشروط المحددة لنيل هذه المكافآت. فكيف يمكن الحديث عن إدخال تقنياتٍ وأساليبَ حديثةٍ في عملية الإنتاج أو الزراعة على الطريقة الأوروبية لفلاحين جردوا من أراضيهم الخصبة ؟
 لقد ظلّ الفلاح المغربي خارج منظومة الإرشاد الكولونيالي، الذي ركز على توعية الكولون الأوروبي بأهمية وضرورة استعمال الأساليب العصرية في الفلاحة، كما حرص الفلاحون الأوروبيون على عدم انتقال المعرفة بهذه الأساليب العصرية إلى جيرانهم الفلاحين المغاربة، ليحافظوا على تفوق إنتاجهم، فبقي الفلاحون المغاربة يعتمدون على ما ورثوه عن أسلافهم من طرقٍ ووسائلَ زراعيةٍ تقليديةٍ، وهو ما كان يدفع أحيانا بعض الفلاحين المغاربة إلى«التجسس المعرفي» على الكولون الأوروبي عبر استخدام معارفهم وأصدقائهم العاملين في مزارع الأوروبيين، لاكتشاف سر تخلف إنتاجهم عن إنتاج الأوروبيين، أو سر عدم تأثر حقول الكولون بأمراض تجتاح المنطقة، أو طرق تخلص الأوروبيين من أعشابٍ ضارةٍ تعجز الأساليب التقليدية عن مكافحتها[18].
 وواجه الفلاحون المغاربة بالإضافة إلى تربص المعمرين بأراضيهم، عواملَ طبيعيةً أرهقتهم وزادت من بؤسهم مثل الجفاف، والعواصف الرعدية والثلجية والجراد وهو ما أسهم في تأزيم وضعية الفلاحين وتراجع مستواهم المعيشي، كما دفعتهم في العديد من الأحيان إلى الخروج عن القبيلة، في إطار هجراتٍ جماعيةٍ للبحث عن مصدر عيشٍ ملائمٍ، يعوض النقص الحاصل في المدخول الفلاحي[19].
أما الضريبة الفلاحية (الترتيب) فقد شكلت إلى جانب العوامل السابقة عبئاً ثقيلاً على الفلاحة الأهلية، ما زاد في تأزيمها. ولم تكن مصلحة الضرائب تأخذ في الحسبان ظروف الفلاحة المغربية، حيث كانت تحدد مبلغها بناءً على تقديرات اللجنة الجهوية المكلفة بوضع تقديرات إنتاج المغاربة، وعلى ضوء ذلك كانت تتم عملية تحديد الترتيب الواجب على كلِّ فلاحٍ، وكذلك إعداد تقديرات الإنتاج الفلاحي[20]، كما أن هذه التقديرات لم تكن تتم على أساس بحثٍ موضوعيٍّ لوضعية الفلاحة والأشجار المثمرة ورؤوس الماشية التي توجد في حوزة المغاربة، بل كانت تتم بناءً على تصورات أعوان السلطة المحلية التي غالباً ما كانت تجانب الواقع، ليجد الفلاح نفسه ملزماً بمبالغ تفوق إلى حدٍّ كبيرٍ محصوله الفلاحي[21].
ثانيا:  بعض الإجراءات الإصلاحية للحماية في مجال الفلاحة المغربية
اتخذت الإدارة الفرنسية عدة مبادراتٍ، لتظهر أنها تريد النهوض بالفلاحة المغربية التقليدية وإصلاح العالم القروي، فتم التفكير في إنشاء تعاونياتٍ فلاحيةٍ تقوم بتخزين المنتوج وتحويله وبيعه وتقديم قروضٍ لصغار الفلاحين لحمايتهم من المرابين، ويتعلق الأمر بما كان يعرف بـالجمعيات أو«الشركات الاحتياطية الأهلية»(Sociétés Indigènes de Prévoyance) أو (SIP) التي أنشئت ونظمت بمقتضى ظهير 26 ماي 1917 [22]المغير بظهير 19 يوليوز1917، وظهير 12 أبريل 1912، وظهير 28 نونبر 1921، ثم ظهير 28 يناير 1922؛ وهي عبارةٌ عن مؤسساتٍ مدنيةٍ تحدث بقرارٍ وزاريٍّ يحدد دائرتها الترابية، تشمل إلزاماً كل الفلاحين الأهليين غير المحميين المسجلين في قائمة الترتيب[23]. وتهدف إلى إعانة الفلاحين بالقروض، ماديةً كانت أو عينيةً، ليتمكنوا من مواصلة أعمال فلاحتهم ومن توسيع نطاقها، واعتماد التقنيات الحديثة الضرورية في ميدان الفلاحة وتربية الماشية والمساهمة في تطبيقها، وتهدف إيضا إلى حماية الفلاحين الأهالي من المضاربات العقارية(الربا- الاحتكار)، كما يمكنها أن تقوم مقامهم عند الحاجة بإلغاء كل رهنٍ أو التزامٍ يبدو لها مبالغاً أو العمل على الحد منه، والمساهمة كذلك في عقد تأمينات ضد الكوارث الفلاحية(حريق، موت المواشي، جراد...)[24].
 وإضافة إلى تقديم السلفات والإعانات، كان بإمكان الشركات الاحتياطية الأهلية، إحداث جمعياتٍ تعاونيةٍ يعهد إليها هي الأخرى بصيانة المنتوج وتحويله وتسويقه وفق الشروط المتبعة في المؤسسات الصناعية (مضاربة، احتكار، تحقيق القيمة المضافة...)، وذلك - كما ينص عليه ظهير 24 أبريل 1937- بعد الحصول على ترخيصٍ من إدارة الداخلية استناداً إلى موافقة إدارة الفلاحة والتجارة والغابات، وكذا المسؤول عن الصناعة التي قد يهمها الأم[25] وفي هذا الصدد شهدت سنة 1937 بالمغرب تأسيس 11 «تعاونية أهلية فلاحية» Coopérative Indigène Agricole) أو (CIA بمقتضى ظهير 24 أبريل 1937 في مجموعةٍ من المدن، الرباط، البيضاء، القنيطرة، مكناس، فاس، تازة، وجدة، واد زم، مازاكان، آسفي، ومراكش[26]. وحتى لا نعطي لإجراءات سلطات الحماية أبعاداً أكثر من حجمها، نتساءل ماهي حقيقة وفعالية هذه المحاولات التحديثية؟
 لم تؤد هذه المجهودات في الواقع إلى النتائج المرجوة من طرف الأهالي لأسبابٍ عديدةٍ، ذلك لأن إدارة الحماية كانت تسعى من وراء كل المبادرات التي اتخذتها في هذا المجال إلى الاستحواذ على أقصى ما يمكن من الأراضي لتوزيعها على المستوطنين، وإلى تكوين «طبقةٍ» متوسطةٍ من الفلاحين الذين يزكون سياستها، والحد في الوقت نفسه من الهجرة القروية للحفاظ على حشود العمال الفلاحين الذي يمكن استثمارهم في ضيعات المعمرين[27]. فالقبائل ارتفعت معاناتها من هذه القروض التي كانت تمنحها هذه التعاونيات المحلية[28] بفوائد عالية[29]، كما أن هذه القروض لم يكن يستفيد منها إلا الفلاحون الميسورون، أما صغار الفلاحين فقد كانوا في حالة عدم تأدية ديونهم في الأجل المحدد عرضةً لفقدان أراضيهم، أضف إلى هذا أن عدم إشراك الفلاحين، وهم المعنيون الأساسيون بكل ما تقرره الشركات الاحتياطية الأهلية (SIP) والتعاونيات الفلاحية الأهلية (CIA) في اتخاذ القرار، أفرغ الجانب التعاوني التي تدعو إليه هذه المؤسسات من كلِّ مضمونٍ حقيقيٍّ، وجعل منها مجرد مجالٍ لتكوين الأطر التقنية والمراقبين أكثر من كونها مجالاً لتكوين الفلاحين وتحسين أوضاعهم[30].
 وأنشأت الإقامة العامة إضافة إلى هاتين التعاونيتين، مركزية التجهيز الفلاحي للبيزانا Central d’EQuipement Agricole du Paysanat) أو (C.E.A.P بظهير 26 يناير 1945؛ وهي مؤسسةٌ عموميةٌ تتمتع بالشخصية المدنية والاستقلال المالي[31]، تهدف إلى تنمية الفلاحة وتربية الماشية، بتقديم قروض للفلاحين وتأطيرهم تقنيّاً وبيع المعدات الفلاحية أو كرائها لهم[32].
 ولإنجاز مهامها، اعتمدت مركزية ال (C.E.A.P) على مكاتبَ محليةٍ تقوم بتقديم معلوماتٍ حول التكوين الكيميائي للتربة ونوعية الأسمدة التي ينبغي استخدامها وطريقة محاربة التعرية والأمراض النباتية لقطاع التحديث الفلاحي Secteur de Modernisation du Paysanat» أوS.M.P المنشأ بظهير 5 يونيو 1945[33]، وهو عبارةٌ عن مؤسسةٍ عموميةٍ تسيرها السلطة المحلية، ترمي إلى تحقيق أهدافٍ ماديةٍ واجتماعيةٍ وأخلاقيةٍ، تتمثل في تحسين الإنتاج وتوجيه الفلاحين نحو زراعاتٍ جديدةٍ والعمل على تطبيق مخطط للتنمية وتحسين أوضاع الفلاحين الاجتماعية، وذلك ببناء المدارس والمستوصفات ودور السكن قصد تحسين أوضاع الفلاحين الاجتماعية، وإشراكهم في مداولات مجالسS.M.P قصد تهيئتهم لتحمل مسؤولياتهم مستقبلا[34].وعموماً كانت ترمي »البيزانا« من خلال تدخلاتها هاته تحقيق تغييرٍ جذريٍّ وإصلاحٍ شاملٍ في حياة الفلاح المغربي. فالتعليم الإجباري، والمراقبة الطبية ضد الأمراض، والمساعدة الاجتماعية واستخدام الآلات...، ستسهم في توعية الفلاح وتجعله يتحرر من الاعتقادات الروتينية والقيود التي كانت تقف عائقاً أمام تقدمه. وبلا شكٍّ فالإصلاح سيكون صدمةً نفسيةً صادرةً عن المكننة، وهو ما سيؤدي إلى زعزعة أنماط الانتاج التقليدية والرفع من القدرة الإنتاجية للفلاح ثم تغيير نمط عيشه[35]..
 بعد أن فرضت فرنسا سيطرتها على المغرب وتوغلت داخل أراضيه وجدت أمامها عدداً من خدام المخزن، وهم الفئات الحاكمة المكونة من شيوخ القبائل والقواد والأعيان وبعض الزوايا. وقد أبقى الاستعمار على معظم هذه الفئات وامتيازاتها الأدبية والاجتماعية، ومنحها مساحاتٍ كبيرةً من الأراضي الزراعية عند إدخال نظم تسجيل الأراضي لكي تكون دعامةً وسنداً للمحتل، ولكنه جردها في المقابل من نفوذها السياسي الحقيقي لأنه أصبح الحاكم الفعلي للبلاد. وظلت هذه الفئات أداةً مسخرةً من طرف الاستعمار حيثما يريد واجهةً لإضفاء الشرعية على بعض سياساته الاستيطانية[36].
 وقد أدت الهجرة القسرية بفعل التدخل الاستعماري في القرى إلى فقدان المغرب لتوازنه السكاني جغرافيّاً، حيث أفرغت البادية من سكانها، وازدحمت المدن بعشرات الآلاف من المهاجرين الفلاحين، الذين فقدوا كليّاً أو جزئيّاً صلتهم الماضية بعالم الزراعة ولا رابطةَ تاريخيةً لهم بعالم المدينة ومجتمعها، وفجروا الإطار التقليدي للمدن التاريخية المغربية، وشكلوا قاعدةً كبيرةً من العاطلين وأشباه العمال في خدمة الاقتصاد الرأسمالي الأوروبي، ووضعوا بذلك اللبنة الأولى في تكوين الطبقة العمالية المغربية[37].
 وبإدخال نمط الإنتاج الرأسمالي الاستعماري عملت سلطات الحماية على تفكيك الملكية الجماعية للقبائل المغربية، والتي هي أساس التضامن القبلي. ومركزت سلطات الحماية الملكية الفردية للأرض ووسائل الإنتاج الأخرى، وأصدرت من أجل ذلك سلسلة من القوانين لتدعيمها وتعميمها. واستهدفت من ذلك تسهيل عمليات انتزاع أجود الأراضي، وجعلتها تحت تصرف المعمرين. وأدى ذلك إلى فصل الفلاح عن أرضه، وبالتالي عن «جماعته» وعشيرته وقبيلته. ووقع تحوُّلٌ وتدجينٌ لدور«الجماعة» لدى القبيلة، وصدرت قوانينُ تحدد مهمتها الجديدة[38]. ففقدت «الجماعة» سلطتها السابقة، وأصبحت تابعةً ومراقبةً من طرف سلطات الحماية. ونفَذَت عن طريقها إدارة الحماية، بشكلٍ أعمقَ لنسف جذور الحياة الجماعية القبلية.
 وهكذا ظهر نمط الملكية الفردية للأرض، وتحولت العلاقات داخل القبيلة من علاقاتٍ عشريةٍ في مفهومها التقليدي القديم إلى علاقات اقتصاديةٍ ترتكز على امتلاك رؤساء القبائل والقواد ورؤساء الطرق الصوفية للأراضي الزراعية الواسعة، وتحول سائر أفراد القبيلة بالتدريج إلى فلاحين أجراء في أراضي زعمائهم.
وما لحق الزراعة من تغيّرٍ في نمط ملكيتها لحق تدريجيّاً ملكية الماشية، فقد تحولت هذه الأخيرة من ملكية عشيرةٍ مشاعيةٍ إلى ملكيةٍ أسريةٍ أو فرديةٍ، ولكن النشاط الرعوي لم يتطور في وسائله بالدرجة أو السرعة نفسيهما اللتَيْن تطورت بهما الزراعة في البادية المغربية، لذلك يظل الفائض الاقتصادي المتولد من هذا النشاط، والقابل للتوزيع والاستحواذ من خلال الآخرين محدوداً للغاية[39].
إن الاستعمار الذي أدخل الرأسمالية إلى البلاد لم يزد إلا في تأزمها، ولم يسهم إلا في «بلترة» أهاليها وتهميشهم، وتحويل أغلبيتهم إلى خمّاسةٍ ومزارعين أو أيدٍ عاملةٍ بخسةٍ في متناول المعامل الاستعمارية التي تحول ثروات البلاد إلى بلدها الأصلي. صحيحٌ أنّ الاستعمار قد ساهم في عصرنة الفلاحة بالمكننة وتقنيات الري الحديثة، لكن لم يكن ذلك لصالح البسطاء من المغاربة بل لصالح المستوطنين أو لصالح «الأرستقراطية العقارية» التي ستستولى بعد الاستعمار، على ما سمي ب«أراضي المعمرين المسترجعة»؛ ولكن صحيحٌ أيضاً أن الرأسمالية الاستعمارية قد أسهمت في تفكيك المجتمع المغربي وأشكال تضامناته التقليدية، وشردت العائلة وقتلت الآلاف من الأهالي المغاربة تحت ذريعة التهدئة والسلم[40]. فكان السلم والتهدئة الكولونياليان »مساهمةً فعالةً في إيقاف صيرورة التاريخ الاجتماعي الداخلي بتجميد البنيات المحلية، وبإدخال تحوّلٍ اقتصاديٍّ واجتماعيٍّ وسلوكيٍّ«[41].
ومع تطور نظام ملكية الأرض، وظهور تقسيم العمل ونمو المبادلات التجارية بدأت تتبلور عملية التمايز الاجتماعي. وقد أصبحت هذه العلاقات تحلّ تدريجياً محلّ التمايزات القبلية التقليدية القائمة على أساس علاقات القرابة وروابط الدم وأواصر التضامن القبلي. وقد ساهم التغلغل التدريجي لعلاقات الإنتاج الرأسمالية في هذا التحول من غير أن تختفي تماماً البنيات التقليدية بل حدثت عملية مزاوجة وتهجين بين الهياكل والتمايزات القبلية التقليدية والعلاقات والتمايزات الرأسمالية الحديثة[42].
 وهكذا أخذت عمليات التمايز الاجتماعي تسير في اتجاهاتٍ متعددةٍ. فالتغيير الذي أجراه الفرنسيون في شكل الملكية، لم يؤد إلى خراب الفئات الإقطاعية، بل أسهم في تبلورها وصياغة معالمها ورسم حدودها لكي تكون سنداً قويّاً للمستوطنين الأجانب. كما ظهرت فئة من المغاربة المكونين من كبار مُلّاك الأرض الذين لا يقومون بزراعة أراضيهم بأنفسهم. وغالباً ما كانوا يقومون بتأجير أراضيهم للفلاحين أو يستأجرون عمالاً زراعيين لفلاحتها. وأغلبية هؤلاء المُلّاك كانوا يقطنون المدن، وبهذا لم يكن بينهم وبين قراهم وفلاحيها أيّ روابطَ وثيقةٍ أو علاقاتٍ شخصيةٍ[43].
لقد أدت التغييرات الاستعمارية الكبيرة إلى تحول أعداد كبيرةٍ من الفلاحين إلى عمالٍ يتقاضون أجراً، فقد وجدت هذه الفئة من الفلاحين نفسها محرومةً من الملكية وعاجزةً عن تطوير مقدرتها لامتلاك إنتاجها، تدفعها حركةٌ مزدوجةٌ، فعليها من جهةٍ أن تجد عملاً مأجوراً يضمن لها حياتها، وعليها من جهةٍ ثانيةٍ، كي لا تفقد كلَّ شيءٍ، أن تحافظ على تضامنٍ تقليديٍّ معينٍ عائليٍّ قرويٍّ ورثته من ماضيها. وكان الوصول إلى ظروف العمل المأجور يحصل بعقدٍ فرديٍّ شفهيٍّ بين العامل وصاحب المزرعة وهذا مما أدى إلى نشوء شكلٍ جديدٍ من تبعية العامل الذي كان قد تحرر من التبعية السابقة للإقطاعيين.
 إن هذه الفئة من الأجراء التي نمت ونشأت في ظل السيطرة الاستعمارية قد تضخم حجمها بسرعةٍ كبيرةٍ، وقد حصل هذا التوسع في حجمها بشكلٍ رئيسيٍّ على حساب الفئات الاجتماعية الأخرى والتي اضطرها الإفقار المتزايد إلى الالتحاق بسوق العمل، بسبب سياسة الدمج الاقتصادي للسلطات الاستعمارية[44].
ونشير إلى صعوبة التحديد الدقيق لعدد اليد العاملة الزراعية وتوزيعها خلال فترة الهيمنة الاستعمارية، ويزيد في تعقيد هذه المهمة أن الزراعة الأوروبية كانت تعتمد على اليد العاملة المغربية اعتماداً كلّيّاً، وأن الكثرة الساحقة من هذه اليد العاملة موسميةٌ تأتي من المناطق القريبة من مزارع الأوروبيين، أو من أقاليمَ بعيدةٍ مثل سوس ودرعة وتافيلالت والأطلس والريف ودكالة والرحامنة وعبدة وبني حسن، أما العمال الدائمون في مزرعة أوروبية مساحتها 250 هكتارا فيختلف عددهم باختلاف المناطق والظروف، ويتراوح بين أربعة واثني عشر عاملاً في أحسن الأحوال، منهم عاملٌ أو عاملان أوروبيان متخصصان في تغيير آلات المزرعة والإشراف على عمل العمال المغاربة[45].
وعلى عكس العامل المغربي، كان العامل الأوروبي يتمتع بكثيرٍ من الامتيازات منها، عقودُ عملٍ مضبوطةٍ، وأجرةٌ مرتفعةٌ، وسكنى، ومكافآت تتراوح قيمتها بين ألفين وعشرة آلاف فرنك سنويّاً بالإضافة إلى امتيازاتٍ أخرى منها الاستفادة من خدمات المستوصفات، والمدارس لأبنائهم[46].
 ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن التنظيم النقابي في البادية المغربية قد واجه صعوباتٍ عديدةً لعدم استقرار العمال نتيجةً للسياسة الاستيطانية والتقاليد الفلاحية، وعدم وجود الوعي السياسي والنقابي، وانتشار الأمية، ومحاربة سلطات الاحتلال لأيِّ نوعٍ من النشاط النقابي. أما «النضال الطبقي» في البادية فقد كان معدوماً أيام الاستعمار الفرنسي لأن التناقض الرئيسي بين الاستعمار والحركة الوطنية قد غطى كل صراعٍ.
كما تحولت أعدادٌ كبيرةٌ من الفلاحين إلى مزارعين بالمحاصّة حيث يحصل المزارع على حصّةٍ عينيّةٍ من المحصول بعمله هو وأفراد أسرته في أرض المالك. وتراوح نظم اقتسام المحصول بين »المرابعة« أي بربع المحصول و«المخامسة« أي بخمس المحصول حسب الترتيبات والأعراف السائدة في الوسط القروي[47].

خاتمــــة
 يتضح من المعطيات سالفة الذكر، أن الاستعمار الفرنسي أحدث تحولاتٍ عميقةً بالبوادي المغربية، تمثلت في تحول أخصب أراضيها إلى مزارعَ كولونياليةٍ، بعدما قامت إدارة الحماية بنسف المؤسسات والمبادئ التي كان يقوم عليها المجتمع المغربي، والتي كانت تشكل عائقاً أمام احتلال الأرض المغربية، حيث غيرت الوضعية القانونية للأرض بسن ترسانةٍ من التشريعات شكلت السند القانوني للاستحواذ على أراضي المغاربة، وتوزيعها على الكولون الأوروبي، ما أدى إلى حدوث تحولاتٍ في شكل البنية العقارية. وحرص الأوروبيون على تطبيق أشكال الاستغلال الرأسمالي في الأراضي المغتصبة، باعتبار الأرض بمثابة رأسمالٍ يدر دخلاً أي ينتج فائضَ قيمةٍ، فركزوا على إنتاج مزروعاتٍ تسويقيةٍ يُوجّه إنتاجها لتلبية حاجيات الجاليات الأوروبية، ويُصدَّرُ جزءٌ منها إلى الخارج لتلبية متطلبات المتربول، مستفيدين من مساعدة ودعم إدارة الحماية من إقامةٍ للبنيات التحتية، ومن مختلف التسهيلات المالية والتقنية.
 أما الفلاحة المغربية المحلية التي كانت تلعب دوراً اجتماعيّاً واقتصاديّاً لأكثريةٍ بشريةٍ، فقد تعرضت خلال فترة الحماية إلى تحولاتٍ عميقةٍ، نتجت عما لحقها في علاقتها بالاقتصاد الاستعماري الذي سيطر على أجود أراضي الفلاحين المغاربة بشتى الطرق والوسائل، وحصرهم في المناطق القاحلة، فتضاءلت وسائل عيشهم، كما تصدعت البنى والعلاقات القبلية القائمة على التآزر والتضامن وعلى أساس علاقات القرابة وروابط الدم وأواصر التضامن القبلي، لتحل محلها علاقات الإنتاج المبنية على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والفردانية والتمايز الاجتماعي، وهي علاقاتٌ اجتماعيةٌ لم يألفها المجتمع المغربي بل كانت وليدة التحولات التي رافقت التدخل الاستعماري. وقد دفعت الأوضاع والمتغيرات الجديدة بالعديد ممن اُنتُزِعت منهم أراضيهم إلى العمل كعمالٍ في ضيعات المعمرين، أو الهجرة إلى المدن ليشكلوا النواة الأولى »للبروليتاريا».

-----------------------------------
[1] الطيب بياض، المخزن والضريبة والاستعمار- ضريبة الترتيب-، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2011، ص.32.
[2] الطيب بياض، " قرن من الفلاحة بالمغرب"، مجلة زمان، العدد7، 15 أبريل/ 15 ماي 2014/ ص.63.
[3] المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[4] المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[5] توفيق أكومي، "أربع عشرة سنة من المقاومة في ناحية تازة"، مذكرات من الثرات المغربي - تجزئة ومقاومة-، ج.5، الخزانة العامة والأرشيف بالرباط،
1985، ص:146.
[6] أحمد تافسكا، الفلاحية الكولونيالية في المغرب (1912-1956، مطابع أمبريال، الطبعة الأولى، الرباط، 1998،ص:35.
[7] أحمد تافسكا، تطور الحركة العمالية في المغرب (1919-1939، دار ابن خلدون، بيروت، الطبعة الأولى، 1980، ص:12.
[8]Charles André Jullien, L’AfriQue du Nord en marche: nationalismes musulmans et souveraineté française, vol.1, Tunis., 2000, p:210.
[9] أحمد تافسكا، الفلاحة...مرجع سابق،ص:35-36.
[10] René Hoffherr, L’économie marocaine, Librairie du Recueil Sirey,Paris., 1932, p:126.
[11] René Hoffherr,Op.cit, pp:126.
[12] ألبير عياش، المغرب والاستعمار- حصيلة السيطرة الفرنسية-، ترجمة عبد القادر الشاوي ونور الدين سعودي، مراجعة وتقديم إدريس بنسعيد وعبد الأحد السبتي، دار الخطابي للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1985، ص:174.
[13] أحمد تافسكا، الفلاحة...مرجع سابق،ص:38-39.
[14] أحمد تافسكا، الفلاحة... مرجع سابق، ص:41.
[15] Mostafa El Arji, Immigration rurale et urbanisation à Taza (Maroc, Thèse de doctorat du 3ème cycle, Université de Toulouse de Mirail,1984, p:47.
[16] ألبير عياش، الفلاحة...مرجع سابق، ص:263.
[17] Mostafa El Arji, Op.cit, p:51
[18] أحمد تافسكا، الفلاحة...مرجع سابق،ص:102.
[19] -BibliothèQue nationale de Rabat, Rapports Mensuels du Protectorat, janvier1 1927, p.2.
[20] أحمد تافسكا، الفلاحة...مرجع سابق، ص: 102.
[21] المرجع نفسه، ص: 102.
[22]  ظهير شريف في أحداث شركات احتياطية مختصة بالأهليين"، الجريدة الرسمية، العدد 215،11 يونيو 1917، الموافق ل20شعبان 1335.، ص: 460 -461.
[23] ظهير شريف في إلغاء الظهائر الشريفة المؤرخة برابع شعبان عام1335 الموافق لسادس وعشرين مايو سنة 1917 وبعشرين شوال عام 1337 الموافق لتاسع عشر يوليو سنة 1919، وبثاني وعشرين رجب عام 1338 الموافق لثاني عشر أبريل سنة 1920 المتعلق بالشركات الاحتياطية الأهلية وتعويضها بهذا الظهير الشريف"، الجريدة الرسمية، العدد461، 28 فبراير 1922، الموافق ل4 جمادى الثانية1340.، ص: 242-248.
[24] المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[25] حليم، عبد الجليل، "الإصلاح القروي في عهد الحماية، البيزانا والتحديث"، مجلة المناهل، العدد 69/70، السنة السادسة، منشورات وزارة الثقافة، 2004، ص: 53.
[26] Anonyme, Rapport général sur le mouvement coopératif en milieu autochtone (1934-1950, in C.H.E.A.M, Rabat, 1950, p:3.
[27] عبد الجليل حليم، "الإصلاح... مرجع سابق، ص: 54.
[28] BibliothèQue nationale de Rabat, Rapport mensuel du Protectorat, décembre, 1920, p:21.
- René Rosier, Les societés indigènes agricoles de prévoyance au Maroc, Librairie Emille la rose, 1925, p:126
[29] René Rosier, Les societés indigènes agricoles de prévoyance au Maroc, Librairie Emille la rose, 1925, p:126.
[30] عبد الجليل حليم، "الإصلاح... مرجع سابق، ص: 54.
[31] "ظهير شريف في إحداث مؤسسة مركزية للتجهيز الفلاحي خاص بالفلاحين"، الجريدة الرسمية، العدد 1688، 2 مارس1945/ الموافق ل 17 ربيع الأول 1346.، ص: 170.
[32]Abdeljalil Halim, Structures Agraires et Changement Social au Maroc de l’iQtae au capitalisme, Imprimerie Info-Printe, Fès, 2000, p:103.
[33] عبد الجليل حليم، "البيزانا"، معلمة المغرب، ج.6،نتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا.،1998، ص: 1944-1945.
[34] المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[35] J. BerQue,et J.Couleau, «Vers la modernisation du fellah marocain », in B.E.S.M, vol.7, n°26, juillet1945.,1945, p:20.
[36] عبد السلام أديب، الصراع الطبقي والتحولات الاقتصادية والسياسية في المغرب، منشورات النهج الديموغرافي، الرباط، 2005. ص: 82.
[37] أحمد تافسكا، تطور...مرجع سابق، ص:67.
[38] Abdeljalil Ben Abdellah, « Société et gestion des ressources dans le haut Atlas central, cas des Ait ougoudid », revue Abhath, n°4, 1994, pp.56- 57.
[39] عبد السلام أديب، مرجع سابق، ص: 82.
[40] الهادي الهروي، القبيلة، الإقطاع والمخزن- مقاربة سوسيولوجية للمجتمع المغربي الحديث 1844- 1934، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2004، ص: 311-312.
[41] Abdelatif Ben chrifa,Culture, Changement Social et Rationalité, in PratiQues et résistances culturelles au Maghreb, Sous la direction de Noureddine Sraib, Ed CNRS,1992, p:141
[42] عبد السلام أديب، مرجع سابق، ص: 85.
[43] المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[44] المرجع نفسه، ص: 86.
[45] أحمد تافسكا، تطور... مرجع سابق، ص: 89.
[46] المرجع نفسه، ص: 90.
[47] عبد السلام أديب، مرجع سابق، ص: 87.