البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

موقف الحركة الاستشراقية من تاريخ النحو العربي ونقدها

الباحث :  أ. د. حمداد بن عبد الله
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  17
السنة :  السنة الخامسة شتاء 2019م / 1440هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 18 / 2019
عدد زيارات البحث :  4602
تحميل  ( 901.044 KB )
لا ريب أن لظاهرة الاستشراق أثرًا عظيمًا في العالم الإسلامي والعالم الغربي على السواء، ونستطيع القول: إن الاستشراق في واقع أمره كان ولا يزال جزءًا لا يتجزأ من قضية الصراع الحضاري بين العالم الإسلامي والعالم الغربي، بل ذهب أحد الباحثين إلى جعله أبعد من ذلك فذكر قائلا: «ونقول: إن الاستشراق يمثل الخلفية الفكرية لهذا الصراع، ولذا فلا يجوز التقليل من شأنه بالنظر إليه على أنه قضيةٌ منفصلةٌ عن باقي دوائر هذا الصراع الحضاري. فقد كان للاستشراق من  غير شكٍّ أكبر الأثر في صياغة التصوّرات الأوروبية عن الإسلام، وفي تشكيل مواقف الغرب إزاء الإسلام على مدى قرونٍ عديدةٍ»[1].

مفهوم الاستشراق واختلاف التعاريف حوله:
لقد تباينت الرؤى في حد هذا المصطلح، فألفينا تعريف العرب يخالف تعريف الغربيين له، فمنهم من يرى أنه طلبُ علوم الشرق ولغاته، مولده عصرية تُقال لمن يعنى بذلك من علماء الفرنجة، ويتبدى هذا التعريف لمن يهتم بالجانب العلمي في هذه المسألة، غير أننا نجد في تعاريف أخرى ما يمتّ بقربى إلى السياسة والسيطرة. فهذا الكاتب الشهير إدوارد سعيد يورد عن هذا المفهوم فيقول: «الاستشراق هو المؤسسة المشتركة للتعامل مع الشرق بإصدار تقريراتٍ حوله، وبوصفه وتدريسه، والاستقرار فيه وحكمه، وهو  بإيجازٍ أسلوبٌ غربيٌّ للسيطرة على الشرق واستبنائه، وامتلاك السيادية عليه»[2]. وقد نقصد بالشرق  معناه الواسع ليشمل شعوب الهند وفارس، والصين واليابان، وهو ما نفقهه من أحد كبار الباحثين المستعربين الإيطاليين في هذا القرن وهو فرانسيسكو غابرييلي إذ يقول: «وقد اعتبر في البداية كعلمٍ  واحدٍ متكاملٍ ثم سرعان ما انقسم إلى فروعٍ وتخصصاتٍ مستقلةٍ بعضها عن بعضٍ، ومتعلقةٍ بمختلف الحضارات الخاصة بالشرق الإفريقي-الأسيوي. وهكذا شهدنا ظهور الاستشراق الصيني والهندي، والدراسات الإيرانية والتركية، والعالم السامي والإسلاميات، والدراسات المصرية القديمة، و دراسة إفريقيا، وبقية التجمعات المناسبة أو المتعلقة بتقسيماتٍ محددةٍ تمامًا من  النواحي اللغوية، والتاريخية، والعرقية للحضارات. كل هذه التخصصات راحت تحل محل التسمية العامة والمشتركة للاستشراق، وأصبحت هذه التسمية القاسم المشترك بينها أو اللحمة المشتركة لها»[3]. غير أن المتأمل في الجهود المبذولة في هذا المضمار يرى أن الدراسة تركزت على الشرق الأوسط أي على العرب والمسلمين أساساً.
وإذا كان هناك تمايزٌ في التعريف الاصطلاحي للاستشراق، فهذا آيل لا محالة إلى تباين المشارب والرؤى، وكذا الخلفيات الفكرية التي ينطلق منها  كلُّ باحثٍ، وهو ما نلمسه من هذا القبيل في قول أحد المهتمين بالظاهرة الاستشراقية حيث يقول: «على الرغم من القواسم المشتركة بين  مختلف الخطابات الاستشراقية، إلا أنه لا يمكننا أن نهمل الفروقات المتدرجة الكائنة بينها، وهي فروقاتٌ مهمةٌ أحيانًا. صحيحٌ أنها تدافع جميعها عن المنهجية الغربية، أو المنهجية العلمية التاريخية [في زعمهم]، وتدعو إلى تطبيقها على التراث الإسلامي، إلا أنها تختلف  فيما عدا ذلك، فمنهجية رودنسون ذاتُ تلوينٍ اجتماعيٍّ - ماركسي أكثر من منهجية برنارد لويس التي يبدو أنها تنتمي إلى منهجية تاريخ الأفكار التقليدي كما هو سائدٌ في الغرب منذ القرن التاسع عشر. منهجية فيلولوجية- تاريخية كلاسيكية لا تعنى كثيرا بالمشروطية الاجتماعية- الاقتصادية للموضوع المدروس، وإنما تدرس الأفكار، وكأنها  ذات كيانٍ مستقلٍّ بذاته. وكذلك منهجية كلود كاهين، فهي تولي أهمية للعوامل الاجتماعية والاقتصادية أكثر من منهجية فرانسيسكو غابرييلي، أو وليام كانتول سميت»[4].
أما إذا يممنا وجهنا شطر الوجه الآخر أي نظرة العرب إلى ظاهرة الاستشراق فسنجد أيضًا هذا التباين، فعلى سبيل المثال نلحظ أن تعريف المفكر الإسلامي الشهير محمود شاكر لهذا المصطلح غير تعريف إدوارد سعيد الذي أشرنا إليه آنفًا، وذلك أن هذا الأخير كان نصرانيًّا، وإن كان شرقيًّا، فنرى تركيزه على الجانب السياسي متأثرًا ب ميشال فوكو في نظرته الفلسفية. أما الباحث محمود شاكر فكان ينظر إلى أن هذا الأمر هو محاولةٌ لهيمنة المسيحية الشمالية كما نعتها على البلاد الإسلامية[5]. وعمومًا فإن كثيرا من المستشرقين يتفقون على عناصرَ مشتركةٍ  للاستشراق، وعلى أيِّ حالٍ فهو في صورته العامة: عبارةٌ عن اتجاهٍ فكريٍّ غربيٍّ يقوم بدراسة حضارة الأمم من جوانبها الثقافية والفكرية، والدينية، والاقتصادية والسياسية كافةً لغرض التأثير فيها. وقد ذهب في هذا السياق الباحث محمود حمدي زقزوق على أن «المعنى الخاص لمفهوم الاستشراق الذي يعني الدراسات الغربية المتعلقة بالشرق الإسلامي في لغاته وآدابه، وتاريخه وعقائده، وتشريعاته وحضارته بوجهٍ عامٍّ، وهذا هو المعنى الذي ينصرف إليه الذهن في عالمنا العربي والإسلامي عندما يطلق لفظ «استشراق» أو «مستشرق»، وهو الشائع أيضا في كتابات المستشرقين المعنيين»[6]. وقد يعني هذا المفهوم كل ما يصدر عن الغربيين من أوروبيين شرقيين وغربيين بما يشمل السوفيات والأمريكيين من دراساتٍ أكاديميةٍجامعيةٍ تتناول قضايا الإسلام والمسلمين في شتى الحقول المعرفية فضلاً عمّا تنشره وسائل الإعلام المتباينة بلغاتها، أو لغة الضاد لمعالجة قضايا العرب والمسلمين. كما يمكننا أن نُلحق بهذا التعريف ما يخطه  النصارى العرب ممن ينظر إلى الإسلام من خلال المخيال الغربي، وكذلك تلامذة المستشرقين من بني  جلدتنا الذين تبنوا كثيرا من أفكار المستشرقين، ويتبدى أن هذا التعريف الأخير هو الأعم والأشمل إذ أومأ إلى كل ما له علاقةٌ بالتأثير في العقل العربي والمشرقي، أو هو باختصارٍ تذوق أشياء الشرق.
والاستشراق في واقع  أمره قضيةٌ تتناقض  حولها الآراء في عالمنا العربي الإسلامي، فبين مؤيدٍ له ومتحمسٍ إلى أقصى حدٍّ، وبين رافضٍ له جملةً وتفصيلاً، لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الاستشراق له انعكاساته القوية على الفكر الإسلامي الحديث إيجابًا أو سلبًا أحببنا أم كرهنا. ولهذه العلة لا نستطيع أن نتجاهله، أو نكتفي بمجرد رفضه، وكأننا بذلك قد قمنا بحل المشكلة، ولو فعلنا ذلك في تصورنا كنا كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال. وفي هذه الحال فليس هناك بدٌّ من مواجهة المشكلة وطرحها على  بساط البحث ودراستها ومقاربتها، واستخلاص النتائج، ووضع  الحلول، واقتراح البدائل، وما إلى ذلك[7].
وإذا كانت جهود فئةٍ من هؤلاء قد اتسمت بالإيجابية، فإنه لابد لنا من الإشارة إلى ما لدى فئةٍ أخرى من سلبياتٍ، وقد أسهبت الباحثة القديرة الدكتورة نفوسة زكريا في الحديث عن هذا الصنف في مؤلفها الشهير (تاريخ الدعوة إلى العامية وآثارها في مصر)، وقد وصف الدكتور عبد الصبور شاهين في هذا السياق آفتهم فقال: «وآفة المستشرقين أنهم يسوقون مجرد الاحتمالات العقلية مساق الحقائق المسلّمة، ويقيسون الماضي- الذي لم يكن يومًا جزءًا من تاريخهم، وبالتالي لم يكن من مكونات ضمائرهم- بمقياس حاضرهم مع تباين المكان والزمان، والعقلية والروح. وآية ذلك أنهم يغضون أبصارهم عن الطابع الميتافيزيقي الذي نشأت في ظله أحداث التاريخ القرآني على عهد النبوة[8].
ولعله من النصفة أن  نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، فقد كان هناك  منهم من أنصف التاريخ الإسلامي، وخدم الحضارة العربية بعامةٍ، وهو ما نلمحه عند المستشرق غوستان لوبون في مؤلفه (حضارة العرب)، وتوما س أرنولد في كتابه العظيم (الدعوة إلى الإسلام)، وكذا المستشرق الفرنسي دينيه مؤلف (أشعة خاصة بنور الإسلام)، والمستشرقة الألمانية سيغريد هونكه صاحبة كتاب (شمس الله تسطع على الغرب) وغيرهم.

اهتمام المستشرقين بالدرس النحوي العربي:
لقد كان للمستشرقين جهودٌ ضخمةٌ في مجال الدراسات التاريخية، تمثل ذلك جليًّا وواضحًا في سعيهم إلى تأليف المعاجم التاريخية للغة العربية، كما كثرت بحوثهم وتآليفهم في فقه اللغة، ودراسة لباقي العلوم، ومنها النحو العربي دراسةً تاريخيةً تطوريةً. كما ألفوا في المجال النحوي كتبا كثيرة. وقد أصبحت الدراسات الاستشرافية للغة العربية وآدابها وعلومها مهمةً حتى أننا لن نبالغ لو قلنا: إن ما يكتب عن العربية وعلومها بلغات الغرب حاليًّا في الكتب والدوريات الغربية على أيدي المستشرقين، وتلاميذهم من العرب لكثيرٍ إلى الحد الذي يستدعي عند بعضنا الغرابة[9]. ولعل كتاب الدكتور محمد حسن باكلا (اللسانيات العربية)، (مقدمة وبيبلوغرافيا اللسانيات، أو البيبلوغرافيا) التي صنعها ديم، وأكملها فرستيج للدراسات الاستشراقية للنحو العربي، ونشرت في المجلة التي يرأس تحريرها الألماني فيشر وهي (Journal of Arabic Linguistics) لخير دليلٍ على وجود كمٍّ كبيرٍ من البحوث المكتوبة بمختلف اللغات الأوروبية عن اللغة العربية، ولقد أثبت الدكتورعبد الرحمن يوسي في بحثٍ له موسومٍ ب (هل توجد لسانياتٌ استشراقيةٌ؟: is there an orientalistlinguistics) اهتمام الغرب بالعربية منذ الإسباني ألكالا (1505م)، حتى عصرنا هذا موضحًا اتجاهاتهم البحثية[10].
ويتجلى الاهتمام باللغة العربية من قبل عددٍ كبيرٍ من المستشرقين وغيرهم في الجامعات الغربية من خلال دائرة المعارف الخاصة باللسانيات العربية، حيث يرأس تحريرها المستشرق الهولندي كيس فرستيج، وقد صدرت في خمسة أجزاء  حتى الآن، وقد نوّه الدكتور حمزة المزيني بمكانة العربية في الدراسات اللغوية المعاصرة في مؤلفه (مكانة اللغة العربية في الدراسات اللسانية المعاصرة). وفي الواقع إن الاهتمام باللغة العربية في أوروبا كان منذ زمنٍ بعيدٍ، وكان الاهتمام بذلك يختلف من عصرٍ إلى آخر، وهو ما أفصح عنه غير قليلٍ من المستشرقين[11].
وقد ارتأى يوهان فوك أن فتوحات العرب الكبرى، والمواجهة  المسلحة بين الدولة الإسلامية والإمبراطورية البيزنطية، وبين الدول الأوروبية الأخرى فيما بعد، وقيام العالم الإسلامي بالمحافظة على تراث القدماء مثل اليونان وغيرهم في المجالات العلمية، كانت الدافع إلى حث الأوروبيين على الترجمة من العربية إلى اللاتينية، لكن هذا الصنيع لم يؤد إلى القيام بدراساتٍ فقهيةٍ للغة، برغم المحاولة، فإن أقدم ترجمة لاتينية للقرآن ترجع إلى سنة 1143م، وقد اضطلعت بتقديم مضمون الفكرة، ولم تكترث بأسلوب الأصل العربي وصياغته[12].
والحقيقة أن بدايات الاهتمام بالعربية عمومًا، وبالنحو العربي خصوصًا قد بدأت منذ أن كتب ألكالا(Pedro Alcala) في إسبانيا عن النحو العربي في سنة 1505، وأعيد طبع مؤلفه باختصار في باريس سنة 1538 م على يد وليم بوستل، وفي عام 1610م طبع بيتركريسين(P. Kristen) ترجمةً باللاتينية لمقدمة ابن داود، وهذه هي  الترجمة الأولى لكتاب نحوٍ عربيٍّ. كما أن ريموند(JeanBaptist Raymand) طبع  في روما نص وترجمة كتاب (التصريف) ل النحوي البغدادي الزنجاني، وكان توماس إربنيوس كتب باللاتينية قواعد العربية، ولأول مرةٍ يكتب كتابٌ عن النحو العربي بيد وتصور أوروبيين حسب تعبير فوك[13]. وفي سنة 1613م  نشر في باريس جابريل سيونيتا(G.Sionita)، وجان هسرونينا(J. Hesronit) الجزء الأول  من كتابهم  (نحو اللغة العربية) ويقع في 48 صفحة[14]. وهكذا تتعدد الأعمال  إلى أن يلقانا كلود إتين سفاري(E. Savary) الذي ألف مؤلَّفًا وسماه ب (نحو اللغة العربية العامية والفصحى) وذلك عام 1813م.
ولقد  كانت المرحلة الجديدة في دراسة النحو العربي مع المستشرق الشهير سلفستردي ساسي الذي نشر أكثر من مؤلَّفٍ عن النحو العربي، والأدب العربي، وأهم كتبه (النحو العربي)، والملحوظ أن مناهج المستشرقين في بدايات اهتمامهم بالنحو العربي كانت متمايزةً عن درس دي ساسي، ومستشرقي القرن التاسع عشر. وقد لمس هذا المستشرق جوانب من النحو العام (GrammaireGénérale) في معالجته للنحو العربي متأثرًا في ذلك بروح بورويال(Port-Royal)، كما  كانت دراسته متأثرةً بالدراسات النحوية القديمة.
وهكذا توالت الكتابة في النحو العربي حتى القرن التاسع عشر، فقد وجدنا في هذه المرحلة إفالد(Ewald)، ونولد كه، وركندروف، ووليام رايت وغيرهم.
أما في القرن العشرين فالاهتمام يزيد زيادةً كبيرةً، والمناهج تتعدد، وتلاقينا أسماء أخرى منها: بلاشير، وفيشر، وبرجستراسر وغيرهم. ولقد كان المستشرق الألماني فيشر من أكثر المستشرقين عنايةً بتقسيم العربية إلى مراحلَ زمنيةٍ، ومن أهم أبحاثه في هذا المجال (المراحل الزمنية للعربية الفصحى) الذي نشر في المجلة الثقافية، الجامعة الأردنية سنة 1987م بترجمة الدكتور إسماعيل أحمد عمايرة، وفي مؤلف فيشر (الأساس في فقه اللغة العربية) مباحثُ وموضوعاتٌ تتعلق بتاريخ اللغة العربية متتبعًا خطوطها ومخطوطاتها وتطور لهجاتها[15]. وقد عقد مقارنةً بين اللغة التقليدية- كما وصمها هو- واللغة المعاصرة في الأساليب. ويلقانا أيضا كتابٌ آخرُ للمستشرق برجستراسر بعنوان (التطور النحوي للغة العربية) وأصل هذا الكتاب محاضراتٌ ألقاها هذا المستشرق في الجامعة المصرية عام 1929، وقد طرح المؤلف في بداية كلامه  مع طلابه فذكر قائلا: «أيها السادة... إن الغرض من محاضراتي التي سألقيها عليكم، هو درس اللسان العربي من الوجهة التاريخية، أي من جهة نشأته، وتكوّنه، وأصول حروفه، وأبنيته، وأشكال الجملة فيه، والتغيرات التي وقعت فيه مع توالي الأزمان»[16].
والغريب عند هؤلاء الباحثين حول تراثنا اللغوي بعامةٍ، والنحوي بخاصةٍ ما نراه جليًّا في مزاعم بعض الأوروبيين من غمطٍ لحقوق غيرهم في أسبقيتهم للعلوم، وقد ادّعوا في كثير من المواطن أنهم أهل الأمر أصالةً، وأن العرب قد تطفّلوا على تراثهم فنقلوا واجتروا، وقد أضحى من مناهج هؤلاء المستشرقين، بل ومن سماتهم الراسخة عندهم أن أغلبهم على اختلاف  تناولهم للمواضيع  وتفرعهم في شتى العلوم ينتهون إلى أمورٍ منها:
1.أن العنصر العربي عنصرٌ متخلفٌ بفطرته، وطبيعته الجنسية والمناخية الأمر الذي عطّل فيه دواعي الإبداع والابتكار.
2. إن دور العلماء المسلمين في كل أطوار التاريخ لم يتعد النقل عن الحضارات واللغات الأخرى نقلاً حرفيًّا مجردًا، وأحيانا نقلاً محرفًا دون ابتكارٍ أو إضافةٍ.
وهكذا لم يجد كثيرٌ منهم بُدَّا من الزعم بأن الفقه العظيم مستمدٌّ من الفقه الروماني، وكأن العرب أيضًا عند هؤلاء تلامذة الأغارقة في الجغرافيا، كما كانوا في مجال الهندسة والبناء يعتمدون على حذاق الحرفيين من الإغريق، والسريان، والأرمن في تشييد المساجد[17].
أما فيما يخص النحو العربي ونشأته، فقد تباينت آراؤهم حول قضية أصالته، وقد تحامل بعضهم على الفكر اللغوي العربي تحاملاً يفضي إلى خلع كلِّ فضيلةٍ عنا، وهو ما نفقهه من كلام الباحث اللغوي الشهير عبد الرحمن الحاج صالح إذ يقول: «والغريب المقلق أن هذه البحوث أُلبست لباس البحث النزيه التي تنفي كل طرافة للمناهج العربية في النحو، وتنكر أن يكون النحاة العرب أخرجوا شيئًا جديدًا... وذهبوا يقارنون بين مصطلحاتهم وما تواضع عليه اليونان من قبلهم في علم النحو، ورأوا في تقسيم العرب للكلام تقسيمًا أرسطو طاليسيًّا محضًا»[18]. كما نجد هذا الزعم في كثيرٍ من إصدارات دائرة المعارف الإسلامية[19]، ونومئ في هذا الموضع إلى أنه من أظهر الموضوعات التي تتعلق بتاريخ النحو قضية نشأة الدراسات اللغوية، فقد استوقفت كثيرًا من المستشرقين، وأوْلاها هؤلاء عنايةً بالغةً، لكن هذا الصنف نظر إليها بشيءٍ من  الاستعلاء والفوقية.
ومن أجل ذلك سوف أبسط الفرضيات القائلة بتأثر النحو العربي بالمنطق اليوناني أو بأيِّ جهةٍ خارجيةٍ، وذلك بالدرس والتحليل، والمناقشة والنقد  معتمدًا على منهج البحث العلمي مع نشدان الحقيقة -ليس إلا- ولا يهمنا من أيِّ وعاءٍ صدرت.

اختلاف فرضيات المستشرقين حول أصالة النحو العربي:
لقد شرع موضوع أصالة النحو العربي يأخذ صورة سجالٍ بين المستشرقين في النصف الثاني من  القرن التاسع عشر الميلادي، وكان أشهر هؤلاء في هذا المضمار أرنسترينان(A.Rénan)، وإجناس جولدزيهر (I.Goldziher)، وكان الأبرز في هذه القضية  مركس(A.Merx) مقتفيًا أثر جويدي(I.Guidi) الذي نشر بحثًا سنة 1877م باللغة الإيطالية زاعمًا فيه أن أصل النحو العربي مأخوذٌ من الفكر اليوناني[20].
وفي عرض هذه الآراء نألف الأستاذ رينان، وهو أول من مثّل الاتجاه النقدي التاريخي بين المستشرقين الفرنسيين- في مؤلفه (تاريخٌ عامٌّ ومنهجُ مقارنٌ للغات السامية)- يتطرق إلى مسألة أصالة النحو العربي متسائلا ف: هل هناك تأثيراتٌ أجنبيةٌ في نشأة النحو العربي، أو هل أخذه المسلمون عن السريان، وهل أبدع النحاة العرب عملهم اقتداءً بالنحو اليوناني؟ وقد استبعد ذلك معللاً بقوله: «إن الإجابة بالنفي، فلو أن النصارى السريان كانوا المؤسسين للنظام النحوي عند العرب لظل هذا باقيًا ومذكورًا في تاريخ العرب... كما أن إبداع النحو العربي كان من خلال كتاب كل المسلمين، وهو القرآن الكريم، فالنحو جاء لحفظ لغة القرآن الموضوع الأساس الذي طرح من خلال النحاة الأوائل»[21]. كما ارتأى أن تقسيم الكلام عند النحاة العرب إلى اسم وفعل وحرف أصيلٌ، وذلك أن تأثرهم باليونانيين تجلى في العلوم الأخرى كالفلسفة والطب وغيرهما، وقد أكد هذا العالم ذلك من خلال المصطلحات المقترضة من اليونانية، ويخلص من ذلك أن لو كان العرب اقترضوا شيئًا في النحو العربي لظهر في مسميات المصطلحات، فالذي في العلوم الأخرى غيرُ موجودٍ في النحو والبلاغة، فأسماء هذين العِلمين، ومصطلحاتهما، وتقسيماتهما، ومحتوياتهما العامة عربيةٌ، أما العلوم الأخرى، فقد أخذها العرب عن علوم اليونان القديمة[22]. لكننا نجد المستشرق المجري إجناس جولدزيهر يخالف رؤية رينان، وينظر إلى القضية من زاويةٍ أخرى ليذهب إلى أن لا أحد يمكن أن يفترض أنهم أخذوا النحو مباشرةً[23]. ولعله يشير هنا إلى السريان، ويصل هذا المستشرق إلى أن القضية ليست ما إذا كان النظام النحوي اقترض، ولكن المسألة هي كيف وصل العرب إلى المحتويات اللغوية الأساسية في تحليلات أقسام الجمل والكلام، وكذا تقعيد القواعد. كل ذلك في غياب أيِّ تأثيرٍ أجنبيٍّ، ويستنتج من كل ذلك إلى أن العرب لا توجد أصالةٌ في حياتهم ولا في عقليتهم[24]. كما نوّه هذا الباحث بكون العرب لم يطوّروا معظم محتويات النحو من خلال نبوغهم، وإنما كان ذلك من خلال السريان لأنهم عرفوهم، كما يذكر بأنه لو كان علم النحو عربيًّا مميزًا كما يزعم رينان لوجدت بدايات العلم الأولى في المدينة، كما وجدت فيها مدرسة علم الحديث، وعلى أيِّ شيءٍ يدل أن هذا العلم تطور على شاطئ الفرات، وعلى أيِّ شيءٍ يدل أن معظم علمائه من جنسياتٍ أجنبيةٍ وبخاصةٍ الفرس[25].
وما هو قمينٌ بالذكر أن أكثر المستشرقين شهرةً بالفرضية اليونانية في القرن التاسع عشر هو المستشرق مركس حيث قرر أن العرب تأثروا في نحوهم باليونانيين من خلال السريان، وهو ما نقرأه من قوله: «فقد عرف النحاة السريان أفكار ثراكس وغيره من النحاة  اليونانيين، وقد وصلت أفكار السريان إلى النحاة العرب، وللتأكيد على زعمه قرر وجود علاقةٍ ما بين المصطلحات والمفاهيم النحوية العربية والفكر اليوناني»[26]. وقد أشار أيضا إلى سبب عدم ذ كر المؤرخين العرب لأيِّ تأثيرٍ أجنبيٍّ، فلم يتكلموا فيه أبدًا، وذلك أنهم جهلوا العمل الذي وضع النحو مع المنطق، وتطلب ذلك زمنًا من المؤرخين العرب لمعرفة ذلك[27]. وقد أكد أيضا أن مفهومي الإعراب والصرف يرجعان إلى التراث اليوناني، وكذلك مفهوم الخبر، ومقولة الجنس، وفكرة الظرف أي ظرفا الزمان والمكان يربطها بهذا التراث أيضا، وكذا مقولة الحال، والتمييز بين الأزمنة الثلاثة عند النحاة العرب يربطها بالتراث اليوناني[28].
 ولم ينته هذا الأمر إلى هذا الحد بل أطلت علينا هذه الفرضية اليونانية  مرةً أخرى في السبعينيات من القرن العشرين، وقد تبنى ذلك كلٌّ من روندجرين وفرستيج ومن بعدهما رافي طلمون.
وقد زعم روندجرين أن التأثير اليوناني في النحو العربي يؤول حتى إلى مرحلة ما قبل ترجمة العلوم اليونانية للعرب مشيرًا إلى أن المعرفة بالمنطق اليوناني والفلسفة اليونانية وصلت إلى العرب من خلال الترجمات الفارسية، التي صنعت في أكاديمية جنديشابور. وهذه الترجمات الفارسية، وبعض عناصر المنطق اليوناني أصبحت متاحةً للعرب من خلال كتاب (المنطق) ل ابن المقفع[29]. أما كيس فرستيج فقد تعددت أبحاثه منذ مؤلفه الأول سنة 1977م، وفيه ذهب إلى أنه لا يؤكد على أن الفكر اللغوي العربي كان نسخةً من النحو اليوناني، ولكن يرى فعلاً أن الدرس النحوي اليوناني كان النموذج  ونقطة الانطلاق للنحو العربي[30]. وفي مقاربته المعنونة ب: «التربية الهيلينية وأصل النحو العربي»، يرتئي أن النحاة العرب كانوا على الأقل متآلفين مع عناصر من الفكر النحوي اليوناني، كما يزعم فرستيج أن كتاب ثراكس (فن النحو) ترجمته للسريانية أصبحت معروفةً، لأن التأثير اليوناني في النحو السرياني واضحٌ، ومنه إلى النحو العربي، ولدعم نظرته هذه يورد أن وجود الفكر اليوناني جاء من خلال المراكز العلمية التي كانت بها الثقافة والتعاليم اليونانية في الحيرة وحرّان، ونصبين، وغيرهما من المراكز التي نشرت الثقافة الهيلينية، وهذه الأماكن ليست بعيدةً عن العرب فقد انتشرت فيها الثقافة الهيلينية ليؤكد على وصول الفكر اليوناني إلى النحاة الأوائل، وليؤكد فرستيج أيضًا بكل ذلك على التشابه بين أمثلة سيبويه في تقسيم الكلام والتراث الهيليني[31]. ويركز هذا المستشرق على فرضيته من خلال بحثه المعنون ب« أصل مصطلح القياس قي النحو العربي»، وفيه يقرر أن كثيرًا من عناصر الثقافة الهيلينية أصبحت موجودةً في العالم العربي من خلال دراسة الفقه، وقد لوحظ أن علم الفقه كان غير خالٍ من التأثير الهيليني، ويضيف حسب زعمه ليصل إلى أن تعاليم المدرسة الهيلينية كانت عاملاً أساسيًّا في أصل الثقافة الإسلامية ككلٍّ[32].
وكان المستشرق رافي بدوره متمسِّكًا بموضوع التأثير اليوناني على النحو العربي، فكان يحاول إيجاد الأدلة لذلك، ففي بحث له سنة 1990م يخلص إلى أن دراسته لكتاب (معاني القرآن) ل الفراء فتحت له أبوابًا جديدةً للبحث في التأثير الضخم للدراسات المنطقية في عالمٍ بارزٍ من علماء الفترة المبكرة للنحو العربي ألا وهو الفراء، وفي مقاربته هذه يقرر أن الفراء يختلف في نظريته عن سيبويه، ومرجعه أن الفراء لديه تأثيرٌ يونانيٌّ ضخمٌ، أما سيبويه فلم  تفلح محاولات الباحثين في ربط فكره النحوي بالتأثير الهيليني[33]. ويعتقد رافي طلمون في ضوء بحثه أنه يجوز مثلاً أن هؤلاء النحاة القدماء كانوا على معرفةٍ ببعض المبادئ الفلسفية بل ببعض فصول مصنفاته الرئيسة إلا أنهم  تغافلوا عنها رغبةً منهم في إنشاء علمٍ إسلاميٍّ أصيلٍ[34]. وهكذا يتضح لنا من خلال متجه هؤلاء المستشرقين ذيوع الفرضية اليونانية وأثر ذلك على النحو العربي حيث سادت ردحًا من الزمن.

نقد نظرة المستشرقين القائلين بأثر اليونان على النحو العربي:
إن المتأمل في الزعم المتمثل في أن أصالة النحو العربي، وبداية نشأته تأثرت بفكرٍ يونانيٍّ عن طريق ترجمة الكتب اليونانية إلى العربية يألفها محفوفةً بالشك والارتياب، وإن محاولة هؤلاء أن يصلوا  بين نشوء النحو في البصرة، والنحو السرياني أو الهندي لا يمكن إثباته إثباتًا علميًّا، وبخاصة إذا علمنا أن النحو العربي يقوم على نظرية العامل، وهي لا توجد في أيٍّ نحوٍأجنبيٍّ على حد تعبير الدكتور شوقي ضيف في كتابه (المدارس النحوية)[35]، كما ذ هب الدكتور تمام حسان في مؤلفه (الأصول) إلى أن الثقافة العربية مرّت بطورين: الطور الأول ما قبل الترجمة حيث كان النحو أصيلاً لم يتأثر البتة بالفلسفة اليونانية أو المنطق اليوناني، أما الطور الثاني فهو عصر المأمون حيث تسربت الثقافة اليونانية إلى العرب، وذلك  بدءًا ب الفراء المتوفى سنة 207ه،  وانتهاءً ب أبي علي الفارسي وابن جني في نهاية القرن الرابع[36]. وقد ندعم ما ارتآه هذا الباحث الأخير بكون انتشار عملية وضع القواعد النحوية في البدء كانت بأيدي أوائل القرّاء، وهم في الغالب من تلاميذ أبي الأسود الدؤلي، ونصر بن عامر وعبد الرحمن بن هرمز، ويحيى بن يعمر وعنبسة الفيل، وميمون الأقرن، وأما  تلاميذ  هؤلاء الذين قاموا بتطويرها فهم عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وعيسى بن عمر الثقفي، وأبو عمرو بن العلاء، ويونس بن حبيب، والخليل بن أحمد الفراهيدي وسيبويه، وكان أكثرهم من البصريين الذين سبقوا إلى وضع النحو، ولعل عبقرية سيبويه ووضعه لمؤلفه (الكتاب) هو الذي أغرى هؤلاء المستشرقين ما حدَا بهم إلى الطعن في أصالة النحو العربي، وذلك ما نص عليه الدكتور عبد العال سالم مكرم فذكر: «ومع أن المستشرقين قد جُبِلوا على التعمق في البحوث العربية، وأنهم يحاولون أن يستنبطوا من النصوص العربية حقائقَ جديدةً، وأفكارًا متطورةً، ومادةَ حيةً، فإنهم وقفوا في حيرةٍ وتعجبٍ إزاء هذه المرحلة، وقد كان منشأ هذه الحيرة وهذا التعجب هو كتاب سيبويه، إذ  كيف يولد كتاب سيبويه عملاقًا من دون أن يُسبق بمراحلَ  نموٍّ وتطورٍ تؤدي إلى ولادته ولادةً طبيعيةً»[37].
وهذا الدكتور إبراهيم السامرائي يرد على المستشرق فيشر أنه فات هذا الأخير أن اليونانية تختلف نحوًا وطبيعةً عن العربية، ولم يكن واضعُ النحو صارفًا أو متأثرًا باليونانية بأيٍّ وجهٍ من الوجوه[38]، وقد اعتقد المحدثون أيضا أن هناك جوانبَ معيّنةًتصل النحو العربي بمنطق أرسطو، وهي فكرة القياس والتعليل، واستخدام المقولات وغير ذلك، وقد رد الدكتور عبده الراجحي هذا الرأي بتبيان العناصر المحددة التي تختص بالدرس النحوي اختصاصًا مباشرًا، وذلك أن التعريف عند أرسطو يختلف عن التعريف عند النحاة العرب[39].
وإذا كان هؤلاء الباحثون وغيرُهم من العرب قد نقضوا هذا الزعم فإننا نجد أيضا ثلةً من المستشرقين يعترضون أيضًا على من ادعى هذا التأثر الكلي بالحضارة اليونانية في المجال النحوي، ولذا فقد كانت الكتابات الاستشراقية بأقلامٍ مختلفةٍ  ثقافيًّا، وبالتالي نلمح أن هناك تطورًا واضحًا قد حدث لكثير من المستشرقين المنصفين الذين تناولوا التراث النحوي العربي بالدرس والتمحيص والتدقيق، وقد ردوا فيها حتى على بعض العرب الذين قالوا بالتأثر ومن أبرز هؤلاء المستشرقين ليتمان الذي قال: «ونحن نذهب في هذه المسألة مذهبًا وسطًا، وهو أن العرب ابتدعوا علم النحو في الابتداء، وأنه لا يوجد في كتاب سيبويه إلا ما اخترعه هو، والذين تقدموه، ولكن لما تعلم العرب الفلسفة اليونانية من السريان في بلاد العراق  تعلموا أيضا شيئا من النحو، وبرهان هذا أن تقسيم الكلمة يختلف، قال سيبويه: «فالكلام اسم وفعل وحرف جاء لمعنًى، وهذا تقسيمٌ أصليٌّ»[40]، كما رفض المستشرق تربو هذا الزعم القائل بأن تقسيم الكلام عند النحاة العرب متأثرٌ بتراث أرسطو، فالعرب عندهم ثلاثةُ أقسامٍ، أما أرسطو فنجد في كتابه (الشعر) سبعة أقسامٍ[41]. وما يؤكد ذلك أنه لا يوجد تأثيرٌ من قبل ترجمة السرياني متى بن يونس لكتب أرسطو في مصطلحات النحاة العرب، فعنده «الفعل» يستخدم له مصطلح  «كلمة»، ويستخدم مصطلح «رابطة»  مقابل «حرف»، كما أن مفاهيم الفعل في التراث اليوناني غير متكافئةٍ مع مفاهيم النحاة العرب، وينتهي تربو إلى القول بأن النحو العربي منذ بدايته كان مرتبطًا بالحديث والفقه[42]. وهذه الرؤية تقترب من فهم السياق الثقافي الإسلامي آنئذٍ، وهذا المستشرق لوثر كوبف أكثر تبيانًا لهذه المسألة حيث يشير إلى أن الدين  كان عاملاً مهمًّا في التأثير المباشر وغير المباشر في العرب، فالقرآن الكريم والحديث الشريف كما يذكر كوبف هما مصدرا النحو والمعجم [دون أن ننسى الأدب بشعره  خاصةً ونثره]، وأن اللغويين العرب تباهوا بخدمتهم في نشاط العلوم الإسلامية، ومن هنا فالتأثير الديني في الفكر اللغوي كان مؤسسًا بعمقٍ في تفكير المسلمين، وقد ذكر هذا الباحث عددًا من مواضع التأثير في المنهج والرؤى[43]. وهذه المسألة أي أسباب نشأة النحو العربي قد فصل فيها علماء المسلمين في القديم والحديث، فهي لا تحتاج إلى أدنى تعليقٍ أو إيضاحٍ، إذ أرجعوا ذلك إلى سببٍ دينيٍّ وقوميٍّ وسياسيٍّ. ولعل دراسات فرستيج، الذي تبنى فكرة تأثير اليونان في العرب، للتفاسير القرآنية الأولى جعلته يقرر أن وجهات نظره تحولت بشكلٍ ملحوظٍ، فقد أقنعته دراسته للتفاسير القرآنية المبكرة أن كثيرًا مما اعتقد أنه اقتراض من التراث اليوناني كان في حقيقته تطورا داخليًّا للفكر العربي[44]. كما ارتأى في بحثه المعنون ب«النحو العربي وتفاسير القرآن في بداية الإسلام» أن مسألة التأثير من خلال المصطلحات مسلَّمٌ بعدم فاعليتها من خلال المعطيات المأخوذة من كتب المفسرين الأوائل، وذهب هذا المستشرق أيضا إلى أن الربط بين مصطلحات النهايات الإعرابية، وأقرانها في الدرس اليوناني أصبح إسهابًا، لأن المصطلح العربي حسب نظرته فُسّر بسهولةٍ من خلال التطور الدلالي الداخلي في الثقافة العربية، ومن هنا حسب هذه النظرة تكون الفرضية اليونانية متخلًى عنها كليةً، أو قد تكون مساعدةً في تفسير بعض الغموض المحيط بأصل النحو العربي[45].
وهذا أرنست رينان الذي أشرنا إليه أعلاه  يؤكد أصالة النحو العربي، فمن ناحية  تقسيم الكلام عند النحاة العرب إلى اسم وفعل وحرف فهو أصيلٌ، وذلك أن العرب في العلوم الأخرى كالفلسفة والطب، وغيرهما كان علماؤهم متأثرين باليونانيين، وينوه هذا المستشرق على ذلك من خلال المصطلحات، والذي يوجد فيها عددٌ مقترضٌ من اليونانية، ويصل من خلال ذلك إلى أنه لو كان العرب اقترضوا شيئا في النحو العربي لظهر في مسميات المصطلحات، فالذي في العلوم الأخرى غير موجودٍ في النحو والبلاغة، فأسماءُ هذين العِلْمَيْن ومصطلحاتُهما وتقسيماتُهما ومحتوياتُهما العامة عربيةٌ، أما العلوم الأخرى فالعرب عرفوها عن علوم اليونان القديمة[46].
وفي النصف الثاني من القرن العشرين خصص المستشرق الشهير كارتر بحثًا معمقًا درس من خلال جذور النحو العربي مشاطرًا رأي رينان في نفي فرضية التأثر بالفكر اليوناني، ويعتقد هذا  المستشرق أن المرحلة الأولى من تاريخ النحو العربي كانت بدائيةً وعقيمةً، وأن سيبويه في كتابه (الكتاب) لم يعتمد على تعاليم سابقيه عليه في دراسة النحو العربي، وأن كتابه هو العمل النحوي الأول من نوعه، كما أن سيبويه في زعمه دمج مراحل النحو العربي[47]. كما يشير الأستاذ إلى أنه لا يوجد في كتاب سيبويه مصطلحٌ دالٌّ على مفهوم «نحو» بالمفهوم التقني، غير أنّهناك مصطلحاتٍ دالةً على الطريقة التي يتكلم بها الناس، وهي استخداماتٌ لدى الدارسين للفكر الإسلامي ومنها كلمة «طريقة» التي تدل على الطريقة الصوفية و«سنة»، وهي مصطلحُ تقنيٌّ للدلالة على السنة الإسلامية، وكذلك مصطلح «مذهب» الدال على طريقة التفكير، وكذا «وجه» بمعنى الطريقة المميزة، وكذلك «مجرى» ومشتقاتها العديدة، ولكن أكثر المصطلحات استعمالاً  في الكتاب- حسب نظرة كارتر- للدلالة على طريقة الكلام هو «نحو»، وأنه حرفيًّا بمعنى طريقةً، اتجاه، نمط[48]. كما لم يرق مصطلح نحويين - حسب رأيه- عند سيبويه- ولا عند سابقيه من النحاة إلى المعنى التقني، وأن هذا المعنى اكتسب فيما بعد صاحب الكتاب، وذلك بعد الاحتكاك مع مصادر الفكر اليوناني، وهكذا يتضح لنا جليًّا أن هذا المستشرق قد اتخذ من دلالات مصطلحَيْ «نحو» و«نحويين» عند سيبويه وسابقيه بيانًا على فرضيته القائلة بعدم تأثر النحو العربي بالفكر اليوناني في مرحلة البدء.
ومن أجل دحض التأثير اليوناني يؤكد الأستاذ كارتر على العلاقة بين النحو والفقه، حيث نجد أن سيبويه قد استعمل مصطلحاتٍ أخلاقيةً مثل: حسن وقبيح ومستقيم ومحال، وكان صاحب (الكتاب)- حسب المستشرق- قد استخدم هذه المصطلحات بعد أن منحها المعنى النحوي التقني، وأن مصطلح «جائز» أُعطيَ  مظهرًا فقهيًّا في (الكتاب) وعند كل النحاة العرب اللاحقين[49]. كما يومئ إلى أن مصطلحاتٍ نحويةً مهمةً مثل: بدل وعوض، وشرط ولغو، وخيار وحد، وحجة وأصل، ودليل ونية، ومصطلحاتٍ أخرى بدون ريبٍ لا يمكن أن تكون مفهومةً إلا في ضوء استعمالها في السياقات الفقهية[50]. وقد بحث هذا العالم العلاقة بين الفقه والنحو في أكثر من بحث، ويخلص إلى أنّ هناك علاقةً قويةً خاصةً بين النحو العربي والفقه في كل من الهدف والمنهج، فكلُّ منهما وسيلةٌ للتحكم الاجتماعي، كما أن هناك علاقاتٍ متبادلةً بين الأسس اللغوية للفقه، والطبيعة الفقهية للأفكار النحوية[51]. وإن كان النحو متأثرًا بالفقه، فالفقه بدوره متأثرٌ بالنحو، وقد ذهب في هذا السياق الدكتور أحمد الجندي قائلا: «معظم أبواب أصول الفقه ومسائله مبنيٌّ على علم الإعراب، وأنه إذا  عجز الفقيه عن تعليل  الحكم قال هذا تعبديٌّ، وإذا عجز النحوي عنه قال هذا مسموعٌ، وأن أصول النحو هي أدلة النحو التي تفرعت منها فروعه وأصوله، كما أن أصول الفقه أدلة الفقه التي تنوعت عنها جملته وتفصيله»[52]، وراح أحد الباحثين إلى أن «مسيرة النحو خلال تطور الفقه الإسلامي من بداياته الأولى على يد الصحابة والتابعين إلى أن صار صناعةً لها منهجها ومنطقها الواضح الذي هو أصول الفقه، وجدنا النحو عنصرًا أصيلاً من عناصر هذا المنهج  وإن اختلف قوةً وضعفًا»[53].
وإذا كان الأمر كذلك فهذا يدفعنا إلى بحث أصول النحو العربي في مصطلحات ومناهج الفقهاء المسلمين، وهو ما خلص إليه المستشرق كارتر، فقد ألفى مصطلحاتٍ أخلاقيةً  وفقهيةً كثيرةً في كتاب إمام النحاة سيبويه، ويُعدُّ ذلك دليلاً جليًّا على تأثير الفقه في النحو وهو الأجدر بالرجحان عند توافر الأدلة.
ولعلنا نخلص بعد هذه المقاربة النقدية لموقف بعض المستشرقين إزاء النحو العربي إلى جملةٍ من النقاط التي نراها صائبةً وصحيحةً ألا وهي:
1.إن نظرة هؤلاء إلى تأثر النحو العربي بالتراث اللغوي اليوناني يقوم على التعصب الأوروبي الذي يبين من خلال ذلك أن الهدف هو كون اليونان مصدرًا لكل الإبداعات العلمية في القرون الوسطى معتمدين في ذلك على الترجمات التي ترجمت من بداية القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي، وهم بذلك يهمشون مساهمة الحضارة العربية الإسلامية في بناء صرح الحضارة الإنسانية، وهو موقفٌ لا يمت بأدنى قربى إلى الموضوعية أو الأمانة العلمية.
2.إن عدم وجود التأثير الأجنبي في النحو العربي يدل عليه عدم وجود أيِّ ذكرٍ أو قل الغياب الكامل لأيٍّ ذكرٍ للتأثير الأجنبي عند مؤرخي النحو العربي وهو ما ارتآه  المستشرق كارتر، حيث يذكر أيضا أن ابن النديم صاحب كتاب (الفهرست) لم يشر إلى أيّ علاقةٍ بين النحو اليوناني والنحو العربي[54]. كما أن المصادر العربية لم تذكر أيَّ تأثيرٍ أجنبيٍّ في النحو العربي، وهل  رفض العرب فعلا هذا الذكر رغبةً منهم في إنشاء علمٍ إسلاميٍّ أو عربيٍّ؟ وإذا كان هذا الاحتمال صحيحًا، فلِمَ ذكر العرب في بعض العلوم الأخرى التأثير اليوناني، وهو واضحٌ في مصطلحاتها، وإن تشكيك هؤلاء المستشرقين في المصادر العربية لكونها أهملت ذكر التأثير الأجنبي لهو موقفٌ ينأى عن موقف العالم المتمسك بمنهجية البحث العلمي الأكاديمي.
3.عدم اعتماد النحو العربي على الفكر اليوناني في تقسيم الكلام، ذلك أن هذا الفكر أي اليوناني عرف ثمانية أقسام من الكلام، أما النحو العربي فيعتمد على ثلاثةٍ: اسم وفعل وحرف، فهناك إذًا تمايزٌ جوهريٌّ ونوعيٌّ بين النحوين العربي واليوناني، كما أن التقسيم الأرسطي جاء على مستوى الجملة محاذيًا ل أفلاطون مع تفصيلاتٍ، أما التقسيم العربي فهو على مستوى الكلمة مع التنويع في أقسامها عند إمام النحاة سيبويه.
4.الملحوظ أن كلام سيبويه كلامٌ وصفيٌّ أكثر منه تعريف، فهو إذًا لم يطبق التعريف الأرسطي، كما أن الكتاب غالبًا ما يخلو من التعريف، فهو لم يعرف الحال أو البدل، أو الفاعل، كما أن طريقته تبدأ بذكر اسم الباب، ثم يشرع مباشرةً في عرض القاعدة المستخلصة من الاستعمال، فإذا انتقلنا إلى القرن الرابع الهجري وجدنا اختلافًا كبيرًا، إذ نلمس تأثر النحاة بمنطق أرسطو وبمنهجه في التعريف[55]. وهو ما نراه جليًّا من تعريف الزجاجي للنحو الذي يعد نموذجًا للتأثير اليوناني، يقول: «علمٌ قياسيٌّ ومسبارٌ لأكثر العلوم لا يقبل إلا ببراهينَ وحججٍ»[56]. ولذا نؤكد أن التأثير اليوناني لم يكن إلا في القرن الثالث الهجري، وقد بدأ  هذا التأثير بفعل ميزتين هما: أ- ذكر النحاة العرب أن التقسيم الثلاثي في كل  اللغات، فقد ذكر الزجاجي في هذا السياق: «وأما الاحتجاج للأولين الذين زعموا أن الكلام كله اسم وفعل وحرف، فجعلوا العربي وغيره في ذلك سواءً، فهو بعينه الاحتجاج الذي تقدم ذكره لمذهب سيبويه... وقد اعتبرنا ذلك في عدةٍ لغات عرفناها سوى العربية، فوجدناه كذلك، لا ينفك كلامهم  كله من اسم وفعل وحرف، ولا يكاد يوجد فيه معنًى رابعٌ ولا أكثر منه»[57].
ب- وجود تعريفات لكل أقسام الكلام، وهذا يتضح جيدًا من كتب النحو العربي في القرن الثالث الهجري وما بعده.
وفي الختام نستطيع أن نقول، بعد المعالجة والدرس والتحليل والتمحيص، أن الملابسات كانت غيرَ مهيأةٍ في  البحث في قضية أصالة النحو العربي في القرن التاسع عشر في أوروبا بفكرٍ محايدٍ، وبعقلٍ نزيهٍ، وذلك أن الفرضية اليونانية بُنيت بجهلٍ إذا طبقت على أوائل النحاة حتى إمامهم في كتابه (الكتاب). ولعلنا نتساءل: هل بالفعل أصل كل تحليلٍ لغويٍّ الفلسفة والمنطق؟، فقد كان اهتمام العرب بالمجال اللغوي في بدايته من أجل خدمة النص القرآني، وخدمة هذه اللغة التي تنزّل بها، أو بعبارةٍ أخرى فقد وُجد ذلك في سياقٍ ثقافيٍّ مغايرٍ تمامًا للتحليل النحوي عند اليونان وعند الهنود، وكذلك وُجد عند الصينيين لمقاصدَ أخرى ناجمةٍ عن ظروفهم الثقافية، وهذه النظرة الموضوعية لا تنفي أبدًا قضية التأثير فيما بعد، وذلك لأن الحضارات دولٌ ومتداولةٌ، وكل الأفكار العلمية تبدأ بسيطةً في حضارةٍ ما، ثم تنطلق  في حضارةٍ أخرى بشكلٍ آخرَ. ولذا نستطيع أن نقول: ليس من الموضوعية العلمية أن يذهب أحد المستشرقين مثل رافي طلمون إلى  القول: «إني مقتنعٌ مما مثّلناه هنا بأن النحو العربي في عهد نشأته لم يجهل تراث الفلسفة اليونانية بل إنه استرشد به إلى حدٍّ ما وخاصةً في مجال الاصطلاح... ويبدو الآن أن قلة التأثر بهذا التراث إنما هي نتيجة مجهود النحويين القدماء الواعي الصارم في خلقٍ علميٍّ يتصف ويتسم بعلامات النحو الوطني العربي»[58]. وهل بالفعل كانت هذه الأيديولوجيا موجودةً عند سيبويه والخليل، والحضرمي والفراء، وغيرهم من الأجيال المتتابعة التي شاركت في بناء هذا الصرح الكبير الذي صنعه العرب من نشأته إلى كتابي سيبويه والفراء في سنينَ كثيرةٍ؟ هل هؤلاء كلهم بهذه الأيديولوجيا؟ وهل كانوا كلهم عربًا، فالنحاة كانوا ينتمون إلى أوطانٍ شتى، وأعراقٍ متباينةٍ وهذا ما نسيه طلمون؟[59]. كما أقنعت المستشرق فرستيج دراسته للتفاسير القرآنية المبكرة أن كثيرًا مما اعتقده اقتراضًا من التراث اليوناني كان في الواقع تطورًا داخل الحضارة العربية. وأشير في هذا الصدد إلى أن هناك كتاباتٍ كثيرةً تقرر تأثير مدرسةٍ لغويةٍ في أخرى، وعالِمٍ في عالِمٍ، وعالِمٍ في مدرسةٍ، وذلك نحو تأثير مدرسة براغ في اللغويين الأمريكيين، وتأثير دوركايم في دوسوسير، وتأثير ياكوبسون في اللغويين الأمريكيين، وكذا تأثير البورويال في اللغوي تشومسكي، وتتنوع الكتابات في هذا المضمار ما يسمح لنا أننتناول البحث في موضوع التأثير في تراثنا بشيءٍ مختلفٍ عن تلك النظرة المتعصبة لدى ذلك الصنف من المستشرقين. ويعود موقفهم هذا من كل تلك الاحتمالات أنها تحاول أن تفسر مجمل التراث النحوي بعاملٍ واحدٍ فقط، وينتهون إلى أنه بصرف النظر عن النموذج الذي احتذاه -إذا كان هذا النموذج حقًّا موجودًا - فإن النحو العربي قد تطور إلى تعاليمَ مختلفةٍ وأصيلةٍ تمامًا. ونقول أنّ الحقيقة العلمية تفرض علينا  الحذر في الخوض في الكلام عن التأثير والتأثر في العلوم من حضارةٍ إلى أخرى دون بينةٍ، وذلك لأن هناك تشابهاتٍ كثيرةً بين كثيرٍ من النقاط العلمية المشتركة بين علمٍ في حضارةٍ ما، وآخرٍ في حضارةٍ أخرى، ولا يكون التشابه  دليلاً أو مؤكِّدًا لتأثير أحدهما في الآخر، فقد يوجد والحال هذه - ما يدعى توارد الأفكار أو الخواطر ليس إلا.

------------------------------------
[1] د. محمود حمدي زقزوق: الإسلام والاستشراق، دار التضامن للطباعة، الطبعة الأولى، القاهرة، (1404ه/1984م)، ص3.
[2] إدوارد سعيد: الاستشراق، تر جمة: د/محمد عناني، رؤية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، القاهرة، 2006م، ص39
[3] د/فرانسيسكو غابرييلي وآخرون: الاستشراق بين دعاته ومعارضيه، ترجمة  وإعداد: هاشم صالح، دار الساقي، ط/3، بيروت، لبنان، 2016م، ص21-22.
[4] هاشم صالح: الاستشراق بين دعاته ومعارضيه، ص8.
[5] ينظر: محمود شاكر: رسالة في الطريق إلى  ثقافتنا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ص48.
[6] مراد باهي: فكرة تيسير النحو عند المستشرقين مذكرة ماجستير، جامعة الجيلالي ليابس، سيدي بلعباس، قسم اللغة العربية وآدابها، السنة الجامعية (1436ه- 1437ه/2015م - 2016م)، ص14 عن حمدي زقزوق، الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري، ص18.
[7] ينظر: د/محمود حمدي زقزوق: الإسلام والاستشراق، ص3-4.
[8] د/عبد الصبور شاهين: تاريخ القرآن، دار النهضة، ط/5، مصر، أبريل 2015، ص8-9.
[9] ينظر: د/  عبد المنعم السيد أحمد جدامي: المستشرقون والتراث النحوي العربي، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، ط/1، (1437ه/2016م)، ص9.
[10] ينظر:
Youssi, A., 2004: is there an orientalist linguistics? In haak, M. et AL (eds): approaches to arabic dialects, Birll: lindex, boston, P329.
[11] Versteegh, K., 2001, Greek elements in arabic linguistics thinking,leiden, P335
[12] ينظر: يوهان فك: تاريخ حركة الاستشراق، الدراسات العربية الإسلامية في أوروبا حتى بداية القرن العشرين،  ترجمة: د/عمر لطفي العلم، دار قتيبة، دمشق، 1996م، ص11.
[13] ينظر: المصدر السابق، ص69، وتوماس إربينيوس (1584/1623): هولندي نشر في 1617 كتابا عن الأجرومية النحوية، وكتاب العوامل المائة للجرجاني، ويسير يوهان فك إلى أن الاهتمام الذي دفع إربينيوس نحو المصادر الإسلامية كان ذا طبيعةٍ لغويةٍ على الراجح..
[14] ينظر: عبد المنعم جدامي: المستشرقون والتراث النحوي، ص18
[15] ينظر: فيشر فولف ديتريش: الأساس في فقه اللغة العربية، نقله إلى العربية وعلق عليه: د/سعيد حسن البحيري، مؤسسة المختار، الطبعة الأولى، القاهرة، 2002، ص51.
[16] المصدر نفسه، ص7.
[17] ينظر: مراد باهي: فكرة تيسير النحو عند المستشرقين، ص67.
[18] الحاج صالح عبد الرحمن: بحوثٌ  ودراساتٌ في اللسانيات العربية، موفم الجزائر، 2007م، ج1، ص42-43.
[19] ينظر: دائرة المعارف الإسلامية، الطبعة الفرنسية، ج1، ص435.
[20] ينظر: د/المهيري عبد القادر: نظرات في التراث اللغوي العربي، دار الغرب الإسلامي، ط/1، تونس، 1993م، ص85.
[21] Renan E., histoire générale et système comparé des langues sémitiques, première partie, 6ème édition, Paris, 1863, PP377-378
[22] Ibid, P378.
[23] Goldziche, on the history of grammar among the arabs, translated and edited by devenyi, K. et  Ivanyi T , Benjamins, Amsterdam,  Philadelphia, 1877, 1994, P5.
[24] Ibid, P5.
[25] Ibid, P9.
[26] د/عبد المنعم جدامي: المستشرقين والتراث  النحوي العربي، ص27
[27] ينظر:Merx A., l'origine de la grammaire arabe, Ble 3(2), 1891, P16.
[28] Ibid, P19-27.
[29] ينظر: د/عبد المنعم جدامي: المستشرقون والتراث النحوي العربي، ص27
[30] ينظر:
 K. Versteegh: Greek element in arabic  linguistic thinking, leiden 1993, P16
[31] K. Versteegh: 1980a, PP336-339...
[32] Ibid, 1980b, PP13-14
[33] ينظر: د/عبد المنعم جدامي: المستشرقون والتراث النحوي العربي، ص33.
[34] ينظر: رافي طلمون: التفكير النحوي قبل كتاب سيبويه، دراسةٌ في تاريخ المصطلح النحوي العربي، نشر بمجلة الكرمل، العدد 5، 1984، ص37-53
[35] ينظر: د/شوقي ضيف: المدارس النحوية، دار المعارف، الطبعة الحادية عشر، ص20.
[36] ينظر: د/تمام حسان: الأصول دراسةٌ إيبستمولوجيةٌ لأصول الفكر اللغوي العربي، دار الثقافة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى، (1401ه/1981م)، ص55-56.
[37] مراد باهي: فكرة تيسير النحو عند المستشرقين، ص71، عن د/عبد العال سالم مكرم، الحلقة المفقودة في تاريخ النحو العربي، ص6.
[38] ينظر: د/إبراهيم السامراني، دراساتٌ في اللغة، مطبعة العاني، بغداد، 1961، ص13.
[39] د/عبده الراجحي: النحو العربي والدرس الحديث، دار النهضة العربية بيروت، 1979، ص88.
[40] أحمد أمين: ضحى الإسلام، لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، 1969، ج3، ص293.
[41] ينظر: د/عبد المنعم جدامي: المستشرقون والتراث النحوي العربي، ص35.
[42] ينظر: تربو جيرار: نشأة النحو العربي في ضوء كتاب سيبويه، بحثٌ منشورٌ بمجلة مجمع اللغة العربية الأردني، المجلد الأول، العدد الأول، 1978، ص137.
[43] ينظر: د/أحمد عبد المنعم جدامي: المستشرقون والتراث النحوي العربي، ص37.
[44] K. Verstreegh: the notion of underlying levels' in the arabic grammatical tradition, HL 21 (3), PXII.
[45] K. Verstreegh:Arabic grammar and quranic exegesis in early islam leiden, 1993, P200.
[46] Renan E., histoire générale et système comparé des langues sémitiques, première partie, 6ème édition, Paris, 1961, P379.
[47] M.G. Carter: les origines de la grammaire arabe, Rei 40, 1972, P95.
[48] ينظر: د/عبد المنعم جدامي: المستشرقون والتراث النحوي العربي، ص41
[49] M.G. Carter, 1972, PP83-84.
[50] Ibid, P80.
[51] ينظر: M.G. Carter: writing the history of arabic grammar, In H.L 21(3), 1994, P409.
[52] د/أحمد علم الدين الجندي: في الأصول والفروع بين الدراسات الفقهية والنحوية في القرآن والعربية: الصراع بين القراء والنحاة، بحثٌ منشورٌ في مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، الجزء 59، ص91.
[53] د/مصطفى جمال الدين: البحث النحوي عند الأصوليين، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، الجمهورية العراقية، ص38.
[54] ينظر:M.G. Carter: les origines de la grammaire arabe, Rei 40, 1972, P72.
[55] ينظر: د/عبده الراجحي: النحو العربي والدرس الحديث، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ص72-73
[56] الزجاجي أبو القاسم عبد الرحمن: الإيضاح في علل النحو، تحقيق: د/مازن المبارك، دمشق، 1974، ص41..
[57] المصدر نفسه، ص44-45
[58] رافي طلمون: التفكير النحوي قبل كتاب سيبويه، دراسةٌ في تاريخ المصطلح النحوي العربي، نشر بمجلة الكرمل، العدد 5، ص53..
[59] ينظر: د/إسماعيل عمايرة: المستشرقون ونظرياتهم في نشأة الدراسات اللغوية عند العرب، دار الملاحي، بغداد، ط/1، ص89