البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

بدايات علم الكلام الإسلامي نقدٌ لآراء يوسف فان آس

الباحث :  أ.حسن قاسم مراد
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  18
السنة :  السنة الخامسة - ربيع 2019م / 1440هـ
تاريخ إضافة البحث :  July / 10 / 2019
عدد زيارات البحث :  3763
تحميل  ( 1.018 MB )
تأتي الدراسة التي بين أيدينا، للباحث الباكستاني حسن قاسم مراد، والمعنونة: (بدايات علم الكلام الإسلامي.. نقدٌ لآراء يوسف فان آس)[1]، كواحدةٍ من المُخرجات العلميّة واسعة الانتشار ومتزايدة الأهميّة في الدراسات الإنسانيّة بصورةٍ عامّةٍ في وقتنا الحالي، وذلك لِمَا حقَّقته الدراسات الكلامية من تقدُّمٍ كبيرٍ تقوم الأعمال العديدة المتنوعة للباحثين من المُستشرقين الألمان -خاصةً- خيرَ شاهدٍ عليه، وهو أمر يعود إلى نشر المؤلَّفات الكلامية ولا سيَّما ما يتعلَّق منها بتراث المعتزلة وتراث الإسماعيليّة الفلسفي والديني وغيرهما من الفِرَق الإسلاميّة.
لقد اتّجهت أعمال المُستشرقين إلى التعرّف على علم الكلام في مضمونهِ الذاتي وقرائنهِ التاريخيّة والحضاريّة وعلى مَعالِم المذاهب الكلاميَّة للفِرَق الإسلاميّة مثل المعتزلة والأشاعرة والإسماعيليّة والإماميّة والإباضيّة من الخوارج[2]. واتّجه الاهتمام كذلك إلى دراسة كُبريات القضايا الكلاميَّة مثل البحث في الصفاتِ الإلهيّة، وفي نظريّة التكليف، وفي منزلة العقل عند المُتكلِّمين. واهتمت بعض الدراسات بالتعرف على أهمِّ الأعلام من المُتكلِّمين من مختلف المذاهب. واتجه الاهتمام إلى الكشف عن المؤثرات الثقافيّة في أنساق المُتكلِّمين فاهتم بعض الباحثين بالنظر في علاقة المُتكلِّمين ببعض الأحداث التاريخيّة المهمَّة في تاريخ الإسلام السياسي والديني والاجتماعي كالبروفيسور يوسف فان آس Josef van Ess.
إنَّ تقدم البحث في هذهِ الاتجاهات هو الذي دفع المُستشرقين عامّة، والألمان منهم خاصّةً، إلى مزيدٍ من التخصّص في القضايا الكلاميَّة وتعميق فهم الأنساق النظريّة التي يصدر عنها المُتكلِّمون والإلمام بمختلف المؤثرات التي كيَّفت علم الكلام ولا سيَّما فيما يتصل بالمرحلة المُبكِّرة من تاريخهِ[3]. ولقد مكَّنت مُجمل هذهِ الدراسات من التعرف على معالم المذاهب الكلاميَّة للفِرَق والمُتكلِّمين، ومن التقدم في الإحاطة بأهمِّ القضايا الكلاميَّة وأُسسها النظريّة، ومكَّنت من تزايد الإلمام بمختلف المؤثرات التي أسهمت في نشأةِ المقالات وتطوّرها.
والواضح من هذهِ المُعطيات هو أنَّ الدراسات الكلاميَّة قد تجاوزت مرحلة التأريخ العام الذي يغلب عليه الاهتمام بالتعرف على مراحل التأليف الكبرى في هذا الباب وتَبْيين أهم الاتّجاهات والمدارس، واتّجهت تدريجيّاً إلى تجذير الاختصاص وتعميقهِ.
وللتعريف بالبروفيسور يوسف فان آس Josef van Ess محلَّ الدراسة، نذكر، أنَّه ولد في 18/نيسان/1934م في مدينة آخن Aachen الألمانية. دَرَس في الفترة (1953-1958م) في جامعتَيْ بون Rheinische Friedrich-Wilhelms-Universitنt Bonn وفرانكفورت Johann Wolfgang Goethe-Universitنt Frankfurt am Main. تفرَّغ لدراسة العلوم الإسلاميّة، إذ ألمَّ بثلاثٍ من اللغات الإسلاميّة القديمة: العربيّة والفارسيّة والتركيّة. ودَرَس بعد ذلك اللغات السامية Semitische Sprachen وعلم اللغات الكلاسيكية Klassische Philologie وكذلك الفلسفة Philosophie[4].
في سنة 1959م حصل يوسف فان آس على شهادة الدكتوراه من جامعة بون (Universitنt Bonn) عن رسالتهِ التي كرَّسها في الصوفي الإسلامي الشهير «الحارث بن أسد المُحاسبي» وفي علم الكلام الإسلامي في النصف الأول من القرن التاسع الميلادي/ الثالث الهجري[5]. وأتبع ذلك حصوله على الأستاذية من جامعة فرانكفورت (Universitنt Frankfurt am Main) سنة 1964م عن دراسةٍ في علم الكلام الإسلامي، أو بعبارةٍ أدقَّ عن «علم المعرفة لعضد الدين الإيجي»[6]، وهو من الفلاسفة المسلمين المتخصّصين في علم الكلام خلال النصف الأول من القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي[7].
بين عامي 1964-1968م عَمِل السيد فان آس مدرِّساً جامعيّاً في جامعة فرانكفورت. وفي هذهِ السنوات رحل بادئ الأمر إلى لوس أنجلوس (Los Angles) إذ أمضى ثلاثة أشهر أستاذاً زائراً في جامعة كاليفورنيا ((University of California ومنها إلى لبنان ليُمضي سنةً كاملةً يُدرِّس في الجامعة الأمريكية في بيروت ((American University of Beirut[8].
وفي سنة 1968م عاد يوسف فان آس ثانيةً إلى ألمانيا إذ شَغَل كرسي الدراسات الإسلاميّة والسامية (Semitistik) في جامعة إيبرهارد كارل في مدينة توبنغنEberhard Karls Universitنt Tübingen. وفي توبنغن تولَّى خلافة المُستشرق الألماني الكبير رودي باريت (Rudi Paret (1983-1901م الذي اشتهر بترجمتهِ للقرآن وتعليقاتهِ الواسعة على هذهِ الترجمة[9]، وقد احتفظ البروفيسور يوسف فان آس بكرسي الدراسات الإسلامية واللغات السامية حتَّى سنة تقاعدهِ في 1999م. هذهِ المدة التي تربو على ثلاثين سنةً من الإنجازات العلميّة الدؤوبة أستاذاً جامعياً بكرسي Ordinarius، أنجز العديد من الأعمال العلميّة الرائدة لا فقط الإسلاميّة منها وإنَّما جعل من مدينة توبنغن Tübingen الصغيرة نسبيّاً قبلةً يؤمها طلاَّب العربيّة والعلوم الإسلاميّة[10].
وفي سنة 2009م حصل البروفيسور يوسف فان آس على تكريمٍ مميَّزٍ، عندما مُنِحَ وسام (Pour Le mérite) للعلوم والفنون[11].

النص المُترجم:
جذبت مسألة بدايات علم الكلام الإسلامي (Islamic Theology) اهتمام علماء الإسلام المُعاصرين منذ بدايات الدراسات الإسلاميّة الأكثر جدِّيةً والأكثر علميّةً في الغرب على الأقل، أي منذ العمل الرائد[12] لإغناتس غولدزيهر[13](Ignac Goldziher) في مجال الفكر الديني الإسلامي[14]. لكن يعود الفضل إلى يوسف فان آس ((Joseph van Ess، وهو واحد من أبرز العلماء الغربيّين الأحياء وأكثرهم إنتاجاً في الفكر اللاهوتي الإسلامي، في جعلهِ هذهِ المسألة بشكلٍ واضح موضوع دراسةٍ موجزةٍ ولكنها مثيرة عن كتابَيِ الحسن بن محمّد بن الحنفية[15]: «كتاب الإرجاء» ((kitāb al-Irjā’ وكتاب «الرد على القدريّة» (Radd ‘alā al-Qadariyyah)، بعنوان: «بدايات علم الكلام الإسلامي»[16]The Beginnings of Islamic Theology، وتحوي حججاً مقنعةً بل وحتَّى استنتاجاتٍ أكثرَإقناعاً. يشعر المرء بالإرباك بسبب نقاشاتهِ واستنتاجاتهِ البارعة التي لا يستطيع القارئ أنْ يختلف مع التفكير البارع لفان آس بشكلٍ واثق أو مريح، ويجمع هذا التفكير بين كونهِ منطقيّاً وتاريخيّاً ونصِّيّاً وسياقيّاً، ويَظهر كلُّ ذلك أكثرَ قوةً بفضل أسلوبهِ الدقيق والحَذِر، ما يؤدي إلى نتائجَ محتومةٍ. سوف نناقش النتائج التي توصّل إليها وهي تؤكِّد الجذور السياسية المُفرطة، الحكومية في الواقع، لعلم الكلام الإسلامي.
على حدِّ علمنا، النتائج المُشار إليها أعلاه جرى تقديمها ومناقشتها بحماسٍ من قِبل يوسف فان آس لمرةٍ واحدةٍ فقط، وذلك في مقالتهِ عن «بدايات علم الكلام الإسلامي»، وفي النقاش الذي تبع قراءة هذهِ المقالة في الندوة التي أُعدَّت المقالة لها. من النظرة الأولى فإنَّ العنوان والحماسة المُصاحبة له تذكِّر المرء بكتاب «جذور الفقه المُحمَّدي» (Origins of Muhammadan Jurisprudence)، والدوغمائية[17](Dogmatism) التي ميَّزت ذلك العمل. عموماً، تحرّرت كتابات فان آس المُبكِّرة بالإنكليزيّة من هذهِ النتائج المتطرّفة والضيّقة والحصريّة والتعميمات المبالغ فيها. وربما لم يختر أيضاً السعي وراءها أكثر من ذلك. الحقيقة هي أنَّ تلك النتائج، أو التعميمات عن ظاهرةٍ معيّنةٍ في تجاهلٍ لظواهرَ أخرى ذاتِ صلةٍ، لا تبدو متوافقةً مع نموذج ومقاربة فان آس الحكيم والمتوازن والمعتدل في اختصاصهِ. ربما لم يكن علينا مُحاججته لو كان قد حصر نتائجه في المقالة من أجل الإشارة إلى عاملٍ ما في أصل ونمو علم الكلام الإسلامي-وهذهِ النتائج نفسها مشكوكٌ فيها بسبب عدد الافتراضات المشتركة بينها- وإنْ يكن عاملاً مهمّاً جدّاً. فلا يمكن لعاملٍ واحدٍ مهما كانت أهميته أنْ يكون شاملاً لجذور علم الكلام الإسلامي، بسبب القيود الحقيقيّة التي تواجد هذا العامل ضمنها.
نبدأ الآن بتفصيل نقدنا لآراء فان آس عن المسألة المعنية، بشكلٍ ملموسٍ أكثرَ.
أولاً، ومثلما أشرنا أعلاه فآراء فان آس بحدِّ ذاتها تُثير الشك، وعلى النقيض مما اعتقده بأنً الحسن بن محمّد بن الحنفيّة كتب «الإرجاء» و «الردِّ على القدرية» نيابةً عن أو بناءً على طلب عبد الملك. ويذكر فان آس أنَّ: «في سنة 73هـ، اعترف محمّد بن الحنفيّة، وهو والد الحسن، بالحقائق السياسيّة ومنح ولاءه إلى الخليفة، ويبدو أنَّ ابنه يتقاسم معه نفس الموقف الواقعي»[18]، وأنَّ: «مُحمَّد بن الحنفيّة زار عبد الملك في دمشق من أجل الاعتراف بديونهِ الثقيلة، ومن ثمَّ تولَّى الخليفة تنفيذ كلَّ التزاماتهِ»[19]. من المؤكَّد أنَّ تلك الحوادث لا توفر أرضياتٍ كافيةً من أجل «الافتراض أنَّ هناك نوعاً من الضغط السياسي، أو على الأقل الإقناع، يقف وراء كتاب «الإرجاء» للحسن»[20]. ولا تكفي تلك الحوادث للاستنتاج أنَّ من المُحتمل قيامه بتأليف هذا الكتاب «كعلامةٍ على الامتنان المُشار إليه»[21]. ولا توجد أُسس كافية للتأكيد على أنَّ الحسن بن محمّد بن الحنفيّة في كتابتهِ الرد على القدرية قد «توافق مع نوايا أو توقعات الخليفة»[22] فيما يتعلَّق بدعمهِ الأفكار القدريّة، وأنَّه أراد «من رعيتهِ الإيمان أنَّ السلطة (المُلك) التي منحها إياه الله ولعائلتهِ كانت مُلكاً غيرَ قابلٍ للتصرّف بهِ بحسب الإرادة الإلهيّة»[23]. على النقيض، وكما ذكر فان آس، لم يكن محمّد بن الحنفيّة وابنه الحسن فحسب، ولكن الكثير من العلويين من ضمنهم أحفاد علي بن أبي طالب حتَّى، «ممَّن لم يفكروا بأيِّ مقاومةٍ ضدَّ النظام الأموي، وفضلوا العيش بهدوءٍ من معاشهم»[24]. يُظهر هذا أنَّ الولاء السياسي أو الالتزام المالي تجاه الأمويين لم يكونا بالضرورة سبب أو دافع كتابة كتاب «الإرجاء» أو كتاب «الردِّ على القدرية»، ففي كتابتهِ لكتاب «الإرجاء»، الذي يحوي استنكاراً واضحاً للسبئية، لا يمكن القول أن الحسن بن محمّد بن الحنفيّة كان «يشعر بالتحفيز لخيانة قضية المُختار، وإجراء مُجاهرةٍ مفتوحةٍ بموقفهِ المُعادي للتطرف والمُعادي للثورية»[25]. سيبدو مثل هذا الافتراض لا مبرر له من وجهةِ نظر ما قاله فان آس نفسه: «الحسن بن محمّد بن الحنفيّة هو علويٌّ، لكنه ليس شيعيّاً بالضرورة»[26]. و لا مبرر له كذلك من وجهة نظر حقيقة أنَّ والده محمّد بن الحنفيّة قد بقي دائماً واقعيّاً وضدَّ التطرف ومعارضاً لإراقة الدماء. ولم يكتفِ بعدم مُساندة الحُسين، لكنه رغب لاحقاً في موالاة أيِّ الجانبين (ابن الزبير أو عبد الملك) الذي ينتصر ويوحِّد المجتمع تحت سلطتهِ. بعدئذٍ، نصح مستشاريه بعدم القتال لصالح أو ضدَّ الأمويين. إضافةً إلى ذلك، لم يُلزم نفسه علانيةً وبوضوحٍ بالمختار الثقفي، ولم يوافق على مخاطبتهِ بالمهدي وأنكر ادعاءات المختار الفئوية عن نفسهِ، وخصوصاً تلك المتعلِّقة بالوحي أو المعرفة السِّرِّيَيْن[27]. إضافةً إلى ذلك، إذا كان الحسن بن محمّد بن الحنفيّة قد أراد دفع «الثمن» وإظهار الامتنان، فأقلّ ما كان يستطيع فعله هو قول شيءٍ إيجابيٍّ في دعم الأمويين. لكن في كتابهِ «الإرجاء»، قد قيَّد نفسه بإرجاء الحكم بشأن عثمان وعليٍّ[28]، في الوقت الذي كان عليٌّ ما زال يُلعن علانيةً على المنابر، وربما عندما كان الأمويون سيعطون أيَّ شيءٍ لفصل عثمان عن عليٍّ وإعادة عثمان إلى جانب أبي بكر وعمر. وفي شجبهِ للسبئية على افترائهم ضدَّ الأمويين (من بين أفعالٍ وآراءٍ كثيرة لهم)، يقول الحسن بن محمّد بن الحنفية:»... في تأنيب خطيئتهم (أي القتل) فهؤلاء الذين ارتكبوها (أي الأمويون) بينما ارتكبوها بأنفسهم (بعد ذلك) عندما سنحت لهم الفرصة (أي السبئية) Sabā’īs»[29]. من الواضح أنَّ هذهِ الكلمات لا تكتفي بعدم الغفران للأمويين على خطيئةِ قتل الحُسين، لكنّها تذكّرنا بكلام الحسن البصري، من أنَّ «الخوارج الذين يحاولون تغيير المُنكر فإنَّهم يرتكبون منكراً أكبر منه»[30]، ولم يقل أكثر من هذا في الدفاع عن الأمويين. وفي كتابهِ «الرد على القدرية» لا يُشير الحسن بن محمّد بن الحنفيّة ولو لمرةٍ واحدةٍ إلى أنَّ الحُكم الممنوح إلى عبد الملك وعائلتهِ هو مُلكية منحها الله، وبالتالي فإنَّه غيرُ قابلٍ للتصرف وفقاً للإرادة الإلهيّة. مثل هذا الإغفال مهمٌّ جدّاً بقدر ما أنّ شعراء البلاط والمدَّاحين المُحترفين مثل جرير والفرزدق قد اعتادوا على قولهِ بكلِّ صراحةٍ[31]، مع أنَّ الله وحده يعلم ما إذا كانوا يؤمنون فعلاً بصدقٍ ذلك. يجب تمييز الحسن بن محمّد بن الحنفيّة وأساليب تآليفه الكلامية عن هذه الحاشية وأساليبها الشعريّة، إذْ تمتلك أطروحتاه بصمة الجدِّية الشديدة ورنين الإيمان الصادق بشأنهما. ولا توجد ذرَّةٌ من الدليل الداخلي تدعم فكرة أنَّهما كُتبتا تحت ضغطٍ سياسيٍّ أو إقناعٍ، وكعلامةٍ على الامتنان المُشار إليه، أو أنَّ الحسن بن محمّد بن الحنفيّة قصد بهما التوافق مع نوايا عبد الملك أو توقعاته، وهي أشياءُ يعترف بها المرء بسهولةٍ كبديهيّاتٍ، في حالة الشعراء مثل جرير والفرزدق. توصل فان آس إلى نتائجَ ثابتةٍ على أساس بعض الأدلة الظرفية الضعيفة وجعل تلك النتائج بالمقابل أساساً لنتائجَ إضافيّةٍ وأكثرَ خطورةٍ عن الطبيعة المُجردة لبداية علم الكلام الإسلامي نفسه. ولا يقتصر الأمر على ذلك، إذ يبدو أنّ هناك بعض الأدلّة الظرفية المتناقضة والتي ذكرها فان آس لكنّه أخفق بطريقةٍ ما في رسم الاستدلال الصحيح منها. وهناك شهادةٌ من مصدرٍ مستقِلٍّ تذكر أنَّ الحسن بن محمّد بن الحنفيّة «كره القدريين بالفعل»[32]، وهي شهادةٌ تؤكِّد امتلاكه دافعاً شخصيّاً وضروريّاً لكتابة البحث ضدَّ القدرية بدلاً عن، كما يعتقد فان آس، أنَّه كتبها باسم عبد الملك. وكذلك الأمر بالنسبة لأطروحته عن الإرجاء التي سُرِدت علانيةً في كلِّ مكان وكفاحه من أجل قناعاته في حلقة أحد علماء الأنساب الكوفيين، ما توجَّب على فان آس أنْ يُبيِّن كلَّ ذلك لا كحملةٍ دعائيّةٍ مدفوعةِ الأجر، ولكنها مسألةُ إيمانٍ جدِّيٍّ للحسن بن محمّد بن الحنفية[33]. أمَّا بالنسبة للأسباب التي دفعته إلى كتابة البحث، وهو بالفعل أول من صاغها، أو على الأقل أعطى شكلاً أدبيّاً لها، فهي كرهه لتطرف السبئية الذي يقوِّض الأساس المكشوف جدّاً للمجتمع وقلقه على الوحدة في أصغر الأساسيات -هذان الدافعان ورثهما عن والدهِ العقلاني والواقعي- ويَظهران بوضوحٍ من البحث نفسهِ[34]. ليس صعباً الافتراض أنَّه كره بصدقٍ الخوارج كما هي حاله مع السبئية. وحتَّى كتابه «الإرجاء» فيما يتعلَّق بعلي (وعثمان) قد يمتلك أساساً مُسبقاً في تصريح والده، أنَّه: «بعد نبي الله، لا أشهد بخلاص أو الانتماء إلى أهل الجنَّة فيما يتعلَّق بأيِّ شخص، ومنهم أبي الذي خُلقت من صلبهِ»[35]. ما هو جديدٌ وفاجأنا بعض الشيء، ومع ذلك فهو مفهومٌ في ضوء تأكيده على وحدة المجتمع تحت حكمهما، هو قبول الحسن بن محمّد بن الحنفيّة بأبي بكر وعمر. لم يتوجب عليه ليكون شيعيّاً، وهو ليس كذلك، أنْ يرفض أبا بكر وعمر. لكن من الواضح أنَّ اعتباراتٍ بخصوص الصالح العام للمسلمين قد فاقت أهميتها عنده أيَّ شيءٍ آخر. ولم يوفر مكتب المحفوظات (chancery) بالضرورة «مساعدةً كلاميةً»، بالإضافة إلى ورقٍ برديٍّ ومخطوطةٍ ورقيّةٍ «مجانيين»[36]، وهما اثنان من افتراضاتٍ كثيرةٍ يقدمها فان آس في مقالتهِ من دون إلزام نفسه بأيٍّ منهما فرديّاً أو بشكلٍ منفصلٍ، لكنه يجمعهما في نظريةٍ متينةٍ. ويقوم بذلك على الرغم من إشارتهِ السابقة للحذر، والتي حفَّزها المعتزلي «النظَّام»[37] في أنَّ: «التراكم المُجرد للشكوك لا يُؤسِّس حقائقَ تاريخيّةً»[38]. إذا كان ابن أخيه البعيد، زيد بن علي، قد اعترف بأبي بكر وعمر وربما كانت لديه أفكارٌ قدريةٌ، ربما تولَّى الأمر من عمِّهِ بدون أيِّ مساعدةٍ -ماديّةٍ أو إيديولوجيّةٍ- من مكتب المحفوظات، ولكن هل يمكن أنْ يختلف الأمر مع الحسن بن محمّد بن الحنفيّة وهو مجردُ علويٍّ وربما اتّبع أو طوَّر التراث الفكري - الديني لوالدهِ؟ لا ينفي كلَّ هذا العلاقة الماديّة السياسيّة للعقائد الكلاميّة التي حملها ونشرها الحسن بن محمّد بن الحنفيّة. ما نتساءل عنه هو هل كان نشر تلك العقائد جزءاً من مشروعٍ حكوميٍّ معيَّنٍ؟ وهو استنتاجٌ قادنا فان آس إليه كخطوةٍ أولى في نظريتهِ المشكوك فيها عن جذور علم الكلام الإسلامي.

ثانياً، حتَّى إذا اتفق المرء مع الاستنتاج الأوّليّ والذي صاغه فان آس بحذرٍ في مقالتهِ بأنَّ: «علم الكلام بدأ كنقاشٍ داخليٍّ - إسلاميٍّ عندما تلاشت تدريجيّاً سذاجة الثقة بالنفس في الأيام الأولى، من خلال التطور السياسي. اتخذ الخليفة عبد الملك مبادرة رفع تلك النقاشات إلى المستوى الأدبي. وكان مهتمّاً بالحوار من أجل تهدئة التوترات الموجودة أو من أجل بثِّ آرائهِ الكلامية - السياسيّة، ممتلكاً الموارد البشرية والمالية للبدء بمشروع كهذا. مع هذا الموقف، وأشياءَ أخرى كثيرةٍ، اتَّبع تراثاً أسَّسه في بلدٍ حيث قرر اختيار عاصمته: وهو تقليد الأباطرة البيزنطيين وقد صاغت البيئة السورية تأثيرهم طيلة قرونٍ من الزمن»[39].
يصح هذا فقط فيما يتعلَّق ببداية «أسلوب الكلام»، وخصوصاً علم الكلام المكتوب، وهما حدَّان مفروضان ذاتيّاً طوَّر فان آس ضمنهما حجَّته باعتراف الجميع[40]. إضافةً إلى ذلك، يصح ذلك فقط إذا كانت مراحل الأدب وما قبل الأدب في النقاش الكلامي متميزةً بوضوحٍ عن بعضها البعض - وهو تميُّزٌ يبدو أنّ فان آس قد أدركه هنا[41]. لكن هذا لا يصح فيما يتعلَّق بالمساعي الكلاميّة عموماً أو جذور علم الكلام الإسلامي بحدِّ ذاتهِ[42]، كما أكَّد فان آس لاحقاً في مناقشة البحث، وربما أثارت اكتشافاته حماسته. وما زال مدركاً لوجود علم الكلام «بدون كلامٍ»، (ربما لأنَّ كتاب «الإرجاء» للحسن بن محمّد بن الحنفيّة وكتاب «الرسالة» للحسن البصري لم يُكتبا بأسلوب الكلام). ويصل الأمر إلى وجود «النقاشات الدينيَّة» ما قبل الأدب مثلما يوجد ضمناً في وجود «الحركات الحزبية الدينيَّة» المبكِّرة (على سبيل المثال، الخوارج)[43]. لكنه يُقلِّل كثيراً من شأنها، بل في الواقع يحاول إقصاء، أهميتها الكلامية عبرَ وصفها بنقاشاتٍ كانت «تهتم أكثر بالقضايا السياسية»[44]. ويفعل ذلك بالطريقة نفسها عندما يتجاهل بسهولةٍ تقييده المفروض ذاتيّاً على فئةِ الكلام، وهو في الواقع سبب وجود تحقيقه. تشويه السمعة هذا للنقاشات الكلامية ما قبل الأدب بين الحركات الحزبية الدينيَّة وتجاهله للشرط المُسبق لبناء «الكلام» في المساعي العقائدية جرى تنفيذهما بوضوحٍ من أجل تمهيد الطريق للاستنتاج النهائي: «يبدو، على الأقل في النصَّين اللذين وجدتهما، أنَّ علم الكلام برز أو جاء عن طريق تحفيز الخليفة؛ ربما بادر الخليفة بسياسةٍ دينيَّةٍ على طراز باسيليوس[45]Basileus»[46]، أو أقل: «الشيء الوحيد الذي اعتقدت بأرجحيته هو أنَّ الأمثلة المُبكِّرة لعلم الكلام ندين بوجودها إلى النوايا السياسية للخليفة»[47].
مثلما أشرنا أعلاه في ملاحظاتنا الأولية، حتَّى إذا قبلنا بنظرية فان آس المشكوك فيها بحدِّ ذاتها بأنَّ النصَّين موضوع البحث قد كُتبا كجزءٍ من مشروع دولةٍ معيَّنٍ، فهذا سوف يُشير فقط إلى وجود عاملٍ شديدِ الأهميّة في التطوّر المبكِّر لعلم الكلام الإسلامي، لكنه ليس عاملاً في أصل علم الكلام الإسلامي. وهذا لأنَّ النصَّين موضوع البحث ليسا «أول الأمثلة التي نمتلكها عن علم الكلام»، إذْ كان علم الكلام الإسلامي موجوداً قبلهما، ونشأ وتطوّر تحت تأثير مجموعةِ عواملَ -سياسيّة واجتماعيّة ودينيَّة ونفسيّة- مرتبطةٍ مع بعضها بشكلٍ لا ينفصم. إنَّ فصل أيِّ عاملٍ وعَزْوِ الصدارة إليه قد يشوّه الواقع التاريخي، ما لم نتعامل مع شخصٍ ووضعٍ محدَّدَيْن وخاصَّيْن جدّاً، وحتَّى في هذهِ الحالة سيكون من الخطير التأكيد كثيراً على أيِّ عاملٍ بمفردهِ. على أيِّ حالٍ، فإنّ الذي دفع فان آس إلى الإيمان بالأصل الحكومي الحصري لعلم الكلام الإسلامي -إضافةً إلى مهارتهِ الملحوظة في تجميع شكوكٍ متعدّدةٍ ضمن شيءٍ أقربَ إلى اليقين- هو نزوعه الواضح إلى «النص» و«الشكل» وربما أيضاً «الحكومة». الأكثر أهمية من بين الثلاثة والذي يسجل البداية الحقيقية والجدية للأشياء هو «النص» والكلمة المكتوبة، أي التركيب الأدبي والذي يتضمَّن بشكلٍ ثابت الصياغة النظرية وربما على الأرجح التحفيز الإمبراطوري المفترض مسبقاً، في حالاتٍ مثل علم الكلام. ويبدو أنَّ فان آس يتقاسم كلَّ تلك الميول الثلاثة مع يوسف شاخت[48]Joseph Schacht (وربما مع علماء آخرين من الخلفيّة الثقافيّة نفسها) لكن مع اختلافٍ مُهمٍّ يتعلَّق بالميلين الأول والثالث. إذ يجعل شاخت الأشياء تبدأ بالحدوث من التاريخ المقبول لمعرفة القراءة والكتابة، لكن فان آس يُعيد بداية القراءة والكتابة إلى قبل ذلك بقرنٍ من الزمان ويسجل البدايات الحقيقيّة منذ ذلك التاريخ[49]. وبينما يتحسَّر شاخت على الاستقلاليّة التدريجيّة للفقهاء عن الدولة بدءاً من أزمنةٍ مبكَّرة جدّاً لأنَّها عَمِلَت على إلحاق الضرر بالتطور المناسب للشريعة الإسلامية، لكن فان آس سيجد أنَّ المتكلمين منذ البداية الأولى (لعلم الكلام) وربّما أيضاً خلال القرنين التاليين (حتَّى محنة أحمد بن حنبل[50]) يعملون تحت إشراف الدولة كأدواتٍ لسياسة الخليفة الدينيَّة/ العقائديّة[51]، ولم يقل لمصلحة من وضرر من. النقطة هنا هي أنَّ فان آس وبسبب ميولهِ إلى الصياغات الأدبيّة، فربما تجاهل كلِّيّاً الأهميّة العقائديّة لمراحل ما قبل الأدب، وهو ما يُسمِّيه «النقاش الديني... وبدلاً عن ذلك اهتم أكثر بالقضايا السياسيّة» بين «الحركات الحزبيّة الدينيَّة»، وبالتالي أهمل الإمكانية الكبيرة لوجود جذرٍ سابقٍ وأكثرَ تعقيداً لعلم الكلام الإسلامي.
في المقام الأول، إنّما يرفضه فان آس «كنقاشاتٍ دينيَّةٍ... مهتمّاً أكثر بالقضايا السياسيّة»، كانت في الواقع نقاشاتٍ ذاتِ سلوكٍ وإيمانٍ دينيٍّ. بالنسبة إليه وغيره ممن يعيشون في الوقت الحالي، فإنَّهم يهتمون أكثر بالقضايا السياسية، وبالتالي هناك غموضٌ في تعريف النقاشات بالدينيَّة فحسب أو بالـدينيَّة - السياسيّة معاً. لكن بالنسبة لهؤلاء الذين شاركوا في تلك القضايا وساهموا في النقاش الناتج، فإنَّهم كانوا على الأرجح ذوي طبيعةٍ أخلاقيّةٍ - قانونيّةٍ وعقائديّةٍ - اجتماعيّةٍ سياسيّةٍ، وهذهِ الجوانب المختلفة متشابكةٌ بشكلٍ لا ينفصم. ومسألة إمامة الحاكم الشرعي للمجتمع (إنْ كانت هي ما أشار إليه فان آس) كانت بالنسبة إليهم مسألةً ذاتَ أهميّةٍ قانونيّةٍ وعقائديّةٍ. إلى جانب ما سيأتي فوراً، فهناك مسألةٌ مترابطةٌ مع بعضها البعض تتعلَّق بالآثم الخطير أو المؤمن الصادق، وهي مسألة الإمامة التي اتخذت قطعاً أهميّةً عقائديّةً في الغالب. ومن ثمَّ هناك مسألة الإثم الكبير نفسه، فيما يتعلَّق بتعريفهِ وتأثيرهِ على الإيمان وعلى الانتماء للمجتمع وعلى المصير النهائي لمُعتنق الإيمان، وخصوصاً فيما يتعلَّق بعثمانَ وعليٍّ، ولكن أيضاً فيما يتعلَّق بالمؤمنين الآخرين، وخاصةً هؤلاء الذين يشغلون السلطة، - وكان كلُّ هذا يحمل أهميّةً كبيرةً في المجالات العقائديّة-الأخلاقيّة والاجتماعيّة-السياسيّة. عند نهاية الحرب الأهلية الثانية تقريباً، جرت مناقشة هذهِ المسألة بحماسةٍ في حلقات الخوارج والخوارج المعتدلين وحتَّى غير الخوارج. حسب وجهة نظرنا، تلك المناقشات هي التي منحت ولادة كتاب «الإرجاء» المُعادي للخوارج والشيعة للحسن بن محمّد بن الحنفية، بدون أيِّ تحفيزٍ بالضرورة من عبد الملك، أو بهدف التوافق مع نواياه السياسيّة. قد يتساءل المرء صدفةً إذا كانت النوايا السياسيّة لعبد الملك التي تعمل وراء كتاب «الإرجاء» لَمْ تُقلِّل من طبيعتهِ العقائديّة، فلِمَ القضايا السياسيّة الكامنة وراء المناقشات الدينيَّة بين الحركات الحزبيّة الدينيَّة قد جعلتها غيرَ عقائديّةً؟
إضافةً إلى ذلك، مثلما أنَّ كتاب «الإرجاء» للحسن بن محمّد بن الحنفيّة يفترض مُسبقاً وجود المناقشات العقائديّة الشيعيّة والخارجيّة، فكتابه «الرد على القدرية»، وربما بعد ذلك بسنواتٍ قليلةٍ، يفترض الحسن البصري مسبقاً في رسالتهِ المؤيدة للقدر[52]، المناقشات العقائديّة لصالح القدر والجبر على التوالي. في الواقع، طالما أنَّ رسالة الحسن البصري ليست ردّاً سريعاً على النقاط المُثارة في كتاب الرد للحسن بن محمّد بن الحنفيّة، فهذا يعني بالضرورة أنَّ ما جرت مناقشته وتطويره مشافهة أكبرُ بكثيرٍ من المكتوب. وبما أنَّ هذا صحيحٌ على الفترة المؤقتة القصيرة بين الرد والرسالة، فيصح أيضاً على الفترة الأطول بين القرآن أو على الأقل الحرب الأهلية الأولى (أي، إذا كان علم الكلام نتيجةً للصراعات السياسية لا للتناقضات الإنجيليّة) وكتاب الرد. لكن كما يقول فان آس في مقالتهِ عن القدرية، «غياب الصياغات العقائدية المبكِّرة يمنع عودتنا إلى ما وراء بحث الحسن»[53]. ويذكر، مع أنَّه يُشكِّك في ذلك، أنَّ هذهِ المعلومات «مضمون الأقدار الإلهية قد جرت مناقشته للمرة الأولى عند حصار مكَّة من قبل قوات يزيد في العام 64هـ/683م، وحرق الكعبة» أو «أنَّ معاوية كان أول من برَّر استخدام القوة عبرَ الإلزام الإلهي (الجبر)» أو أنَّ مبرر النشاط الثوري للمذهب القَدَري قد جرى التلميح إليه أول مرةٍ في «خطبة عمرو ابن سعيد»[54] الثائر ضدَّ عبد الملك في العام 69هـ/689م[55]. كلَّ هذهِ مشتبهٌ فيها بنظر فان آس كسببٍ إضافيٍّ في أنَّها مجردُ «أجوبةٍ عن الأسئلة الخطأ. لم تكن هناك مطلقاً لحظةٌ من الزمن جرى فيها الحديث عن القدر (أو الجبر، مثلما قد نُضيف) للمرة الأولى، هناك فقط لحظاتٌ معيّنةٌ برزت فيها حلولٌ عقائديّةٌ للمرة الأولى، أو أصبحت مهمةً أو مثيرةً للجدل عموماً»[56]. هذا تصريحٌ جميلٌ، لكنه ربما ليس صحيحاً تماماً (على الأقل من غير الواضح بالنسبة لنا غايته الدقيقة). إذا كانت هناك لحظةٌ من الزمن شَهِدَت الكتابة عن القدر والجبر للمرة الأولى، فلِمَ لا تكون هناك لحظةٌ من الزمن شَهِدَت الحديث عن القدر والجبر للمرة الأولى، حتَّى وإنْ لم نكن متأكدين تماماً بسبب الوضع الحالي لمعلوماتنا عن ذلك الزمن المحدّد؟ لكن ربما أسأنا فهم فان آس هنا. ربما هو لم ينفِ حدوث تلك الحلول العقائديّة ما قبل الصياغة النظريّة. ربّما هو ينفي أنَّ أيّاً منها يمكن اعتباره هو الأول فحسب. ويمكن الإشارة إلى ذلك بحقيقة أنَّ فان آس يعطي في مكانٍ آخر[57] تصديقاً للإشارة القدرية في حديث «عمرو بن سعيد»، ربما بسبب تاريخه المتأخر (69هـ/689م)، ولكن ربما أيضاً لأنَّه يُظهر الإمكانيات الثورية للأيديولوجيا القدرية. وعلى المنوال نفسه، ربما أراد منح التصديق لأول حادثتين مذكورتين، على الرغم من تأريخهما المبكِّر نوعاً ما، لأنَّهما تُظهران الإمكانيات المُضادة للأيديولوجيا الجبريّة(؟). وقرب نهاية مقالته عن القدرية، وفي سياق مناقشتهِ للتأثير المسيحي، يذكر بالصدفة أنَّه «لم يكن هناك ما يمنع المُعتنقين المسلمين الجدد، على الأقل بعد فتح سوريا، من إيجاد حلٍّ ساذجٍ للمسألة العقائديّة التي فرضها غموض الكتب المقدسة مع فئاتٍ مشابهةٍ إليهم»[58]. هذا تصريح مهمٌّ للغاية، قدَّمه فان آس وهو يعني ويُدرك بجدية مضامينه حتَّى على البدايات المبكِّرة لعلم الكلام الإسلامي (عهد عمر). وهذا مهم أيضاً للدور الذي ينسبه التصريح للانعكاس على القرآن. لكن يبدو أنَّ فان آس لا يُدرك نتائج ما يقوله، فهو لم يذكره مطلقاً في سياق مناقشاتهِ الرئيسة لبدايات علم الكلام الإسلامي، ولم يذكر القرآن بين «المصادر» التي يسجلها في إعادة بناء أصل وتطور القدرية، مع أنَّه يذكر الجدل المُضاد في أدب الحديث[59]، وهو موضوعٌ سنعود إليه باختصار. وبعد الإشارة إلى ثلاثِ حوادث في ما قبل الصياغة النظرية، يستمر بالقول أنَّ «المُعتقدات القدرية المزعومة للسفياني الأخير وهو معاوية الثاني (حكم سنة 64هـ/684م) ربما اشتُقَّت من عقيدة أنَّه تخلَّى عن اتفاقهِ، قبل موتهِ المُبكِّر، وهو ينسجم مع البرنامج السياسي للقدرية». وأنَّ «رسالةً من الحسن بن علي إلى الحسن البصري بشأن هذهِ المسألة هي مزورةٌ بشكلٍ واضحٍ». (لم يُفسِّر لماذا، لكن سببه ربما كما يذكر هو أنَّها وجدت في الروايتين الحتميّة والقدريّة)[60].

إضافةً إلى ذلك، بينما يذكر فان آس على الأقل معلوماتٍ مهمةً لاهوتيّاً قبل الصياغات النظريّة في كتابَيْ «الرسالة»و «الرد»، بناءً على دليل مصادر تاريخيّة وسيريِّة أي: مصادر السيرة] محدّدة وغيرها، وربما يرغب في منح التصديق إلى بعضها (ولو بعد الوصول إلى نظريتهِ عن البدايات ذات النشأة الحكومية لعلم الكلام الإسلامي في العام (70) تقريباً بعد الهجرة، والتي لم يُنسب إليها أيُّ أهميّةٍ «خلَّاقةٍ»)، ولم يُشر إطلاقاً إلى أيِّ معلوماتٍ مبكِّرةٍ ذاتِ صلةٍ بعلم الكلام بناءً على دليل أدب الحديث. وهذا صحيحٌ لأنَّه يعتبر الأحاديث العقائدية إلى حدٍّ كبيرٍ، إنْ لم يكن كلِّيّاً، تعكس الجدل المتأخر وهو في الواقع الجدل المُضاد للقدرية، طالما أنَّ الأحاديث المؤيّدة للقدرية نادرةٌ.
يقول: «يمكن إثبات أنَّ عدداً كبيراً من الأحاديث المُعادية للقدرية كانت متأخرةً، أو جرى رفعها إلى مكانة أقوال النبي مع استمرار الوقت؛ هؤلاء المُحترمون المتمسكّون بالتقاليد والذين كانوا آنذاك من القدريين لم يعتقدوا أنَّ تلك الأحاديث صحيحةٌ. ويُشير بعضها صراحةً إلى المُحاججات التي طوَّرها الحسن البصري في كتابهِ الرسالة»[61].
النقطة هنا هي ليست ما إذا كانت تلك الأحاديثُ القطعيّة غيرَ صحيحةٍ، وهكذا اعتقد «هؤلاء المحترمون المتمسكون بالتقاليد والذين كانوا قدريين آنذاك»، أو كما اعتقد علماء محترمون مثل فان آس، كما سنرى لاحقاً، والذي يتعاطف مع القدرية. النقطة هي ما إذا كانت تلك الأحاديث، حتَّى مع وجود عددٍ قليلٍ منها، أو استعارةً لمصطلحات شاخت، «قد طُرحت للتداول» قبل أنْ يكتب الحسن البصري كتابه الرسالة، أو قبل التاريخ الذي حدَّده فان آس لجذور علم الكلام الإسلامي. إذا كانت هذه الأحاديث قد تواجدت قبل المواعيد موضوع البحث، فهذا يعني لا مجرّدَ جذورٍ مبكِّرةٍ لعلم الكلام الإسلامي، ولكنه يتضمَّن أيضاً أنَّ الجذور ليست حكوميّةً حصراً مثلما ادّعى فان آس بالنسبة إليها. ويصحّ هذا إلَّا إذا ظهر أنَّ تلك الأحاديث قد جرت صياغتها وتداولها بتحريض الحكومة. يعترف فان آس بشكلٍ غيرِ مباشرٍ بالوجود المبكِّر لِمَا لا يقل عن عددٍ صغير من هذهِ الأحاديث، مثلما يظهر الاقتباس أعلاه لكن من الواضح أنَّ قلبه ليس مع هذا الاعتقاد، فهو لا يعتبرها على الأقل مترابطةً منطقيّاً مع جذور الكلام الإسلامي. ديفيد إيد[62] (David Ede) في أطروحتهِ للماجستير المعنونة: «وجهة نظر في جدال الحريّة-الحتميّة في علم الكلام الإسلامي الكلاسيكي»[63]، قد جادل بشكلٍ مُقنع تماماً لصالح وجود بعض هذهِ الأحاديث -على الأقل- قبل رسالة الحسن البصري، وأنَّ هذهِ الأحاديث «تقف وراء نقاشات خصوم البصري» في الرسالة[64]. خط النقاش الرئيسي لإيد (والذي استعمله بنجاحٍ أيضاً ظفر إسحاق أنصاري[65]Ẓafar Isḥāq Anṣārī في رسالتهِ للدكتوراه عن «التطور المبكِّر للفقه في الكوفة»[66]) هو أكثر إثارةً للانتباه وأهميةً على حساب نتائجهِ الإضافية بشأن التطور المبكِّر للكلام الإسلامي. على الرغم من أنَّ موقف الكاتب «التفسيري» فيما يتعلَّق بآيات الجبر والقدر في القرآن هو أقرب إلى واط[67] من إيد[68]، بقدر ما نعتقد كذلك أنَّ القرآن طالما يركِّز الانتباه على جلالة الله وقدرتهِ الكُلِّية من خلال الإيمان تماماً، وطالما أنَّ في القرآن أقوالاً قطعيّةً وغيرَ قطعيّةٍ تقف جنباً إلى جنبٍ على أساس فكرة الإله الفرد، لذلك أيَّ تفسير قطعي حصري أو بإفراط لتلك الآيات، مثلما انعكس على نحوٍ ساحقٍ في مادة الحديث، فهو يمثل تحريفاً خطيراً جدّاً للرسالة المركزيّة للقرآن. نتفق مع نقاش إيد في أنَّ التأكيد الساحق على القطعيّة المتطرّفة في مادة الحديث هو «تفسيرٌ متطرّفٌ وفوق ذلك متماسكٌ لجوانبَ محدّدةٍ من طبيعة الله الموجودة في القرآن»، وليس هو بالضرورة انعكاساً مباشراً للقدرية الإلحاديّة الخاصة بعالم فكر الجاهليّة العربيّة ما قبل القرآن، مثلما اعتقد واط[69].
«تُعطينا مادة الحديث (كما يقول إيد في هامشٍ عن الملاحظة أعلاه) تقاليدَ كثيرةً، وهي من الواضح متّصلةٌ بشكلٍ وثيقٍ مع فقراتٍ مُحدَّدةٍ في القرآن. التلميح بأنَّ التفسير المُعطى لتلك الفقرات قد جاء في المقام الأول من الرؤية القدرية لما قبل الإسلام، يعني القيام بظلمٍ فادحٍ تجاه المسلمين الأوائل الذين سعوا إلى فهمٍ منهجيٍّ أكثرَ للقضايا الصعبة التي عبَّر عنها القرآن. ويجب عليهم، أكثر من المسلمين اللاحقين، إدراك معارضة القرآن لمنظور الجاهلية»[70].
الأمر الأكثر اتّصالاً وأهميّةً بالنسبة لنقاشنا، هو أنَّ إيد قد نجح من خلال مقارنة أحاديثَ نبويّةٍ مع آياتٍ قرآنيّةٍ قليلة في إظهار أنَّ «الحديث طرح موقفاً عقائديّاً مبنيّاً بشكلٍ رئيسيٍّ ومتصلاً بصورةٍ وثيقةٍ مع تأكيدات القرآن بشأن قوة وسيادة الله الكلِّيَّة»، وأنَّ «الشكل الأدبي للحديث وكثيرٍ من الكلمات المهمة والرئيسة التي وظَّفها الحديث يتبع شكل القرآن وتعبيراتهِ الرئيسة»، (في بعض الأحيان لا يعدو الحديث أنْ يكون مجرّدَ إعادةِ صياغةٍ لفقراتٍ قرآنيّةٍ، وأحياناً الانعكاس العقائدي في الحديث يتدفَّق طبيعيّاً من الوصف المُعطى في القرآن، وأحياناً ينتج الانعكاس الموجود في الحديث عند محاولة الرد على أسئلةٍ متضمِّنةٍ في تصريحات القرآن)[71].
أخيراً، يبدو فان آس وغيره من معظم علماء هذا المجال أنَّهم يعتبرون القرآن بحدِّ ذاتهِ لا يشحذ الفكر ولا يمتلك العاطفة والشغف. بتعبيرٍ آخرَ، لا يعتبرون القرآن وثيقةً تخلق السؤال والجِدال. ويغفلون عن ذلك بقدر ما يُفترض بالقرآن أنْ يكون «متبوعاً» فهو مفهومٌ وحيٌّ، ومن الطبيعي والضروري أنْ يمنح الحياة إلى مسائلَ ونقاشاتٍ ذاتِ طبيعةٍ نظريّةٍ وعمليّةٍ (عقائديّةٍ وقانونيّةٍ...)، ولو كان النبي حيّاً في وقت إثارة تلك المسائل والنقاشات، فإنَّ القرآن كان سيمنح الحياة أيضاً إلى بعض التفسير والحديث النبوي بصدقٍ. لكن الدور المُخصَّص للقرآن هو مجردُ دورٍ فعَّالٍ، مع تبريرٍ أكبرَ للصياغة الإجماليّة اللاحقة للحديث: جرى وضعه للاستخدام من قِبل عدَّة مجموعاتٍ وأفرادٍ، وخصوصاً بعد «الفِتن» والتأسيس المتكرّر للحكم الأموي في عهد معاوية وعبد الملك وهشام، من أجل دعم وتأييد هدفهم الديني-السياسي. هناك الكثير من الصدق في ذلك، وإنكار ذلك لا يقلّ حماقةً عن إنكار الدور الفعَّال للحديث في هذهِ العملية. لكن يجب ألَّا نسمح لذلك أنْ يعمينا عن رؤية الدور المستقل «المبدع» أو «السببي» للقرآن، كما هي حال السُّنَّة النبوية (مثلما يتميَّز عن الحديث المتأخر، والذي ربما نشأ على الأساس الأولي لهذا الأخير، كما أشار فضل الرحمن)[72]. «لا يطرح القرآن مسألة القدر العقائدية (بل هو لا يطرح أيَّ مسألةٍ)، ولا مسألةَ فلسفيّةً تتعلَّق بطبيعة حرية الإنسان: فهو يستحضر لغز العلاقات بين الخالق والمخلوق»[73]، بسبب تصنيفهِ الخاص كأدبٍ نبويٍّ وموحًى، أو أنَّ تأكيداته عن الله والإنسان دينيَّةٌ وليست عقائديّةً أو فلسفيّةً، أو أنَّه مُدرك للمعارضة المتضاربة بين السيادة الإلهيّة وحريّة الإنسان، ولا يعني هذا، كما يقول إيد، عند التفكير مليّاً بهِ أنَّه لا يستطيع أو لم يُثر مسائل، بالنسبة لقُرَّائهِ الأوائل من عميقي التفكير والمؤمنين، عن هذهِ المعضلة بالذات[74]. لكن السؤال الذي يطرحه علينا هو متى حدثت عملية التساؤل هذهِ؟ على الرغم من تصريحات إيد المتكررة أنَّ القرآن هو: «نقطةُ الانطلاق، والمصدر الأساسي لعلم الكلام الإسلامي»، وخصوصاً فيما يخص «جِدال الحريّة-الحتميّة في الكلام الإسلامي المُبكِّر»[75]، وعلى الرغم من شرحهِ على طول فصلين عن كيفية التصاق الحديث الحتمي وإتباعه بإيمان (عند التأمل) لفقراتٍ قرآنيةٍ تُشكِّل أساس الموقف العقائدي الذي قدمه الحديث، وأنَّ النقاشات العقائدية المُتجسِّدة في هذا الحديث هي محاولةٌ لصياغة تأكيداتٍ عقائديّةٍ عن آثار القُدرة الكُلِّية الإلهية على مصير الإنسان[76]، فلم يهتم إيد بشكلٍ كافٍ أو متماسكٍ بما يكفي من أجل الدفع باتجاه تحديد تاريخٍ أسبقَ لجذور الكلام الإسلامي. وكان جريئاً بما يكفي لمعارضة شاخت، الذي وضع الحديثين الحتميين اللذين أشار إليهما الحسن البصري في رسالتهِ في القرن الثاني، وأعادهما مع «بعض» الأحاديث المُشابهة إلى القرن الأول، أي في وقتٍ قريبٍ من كتابة الحسن للرسالة، أي بشكلٍ أكثرَ تحديداً، العقدين الأخيرين من القرن الهجري الأول[77]. وخدم هذا هدفه كثيراً، فاقداً الاهتمام بالسعي أكثر وراء آثار نقاشهِ الأساسي. (مع أنَّ المرء يتساءل عمّا إذا كانت أعماله لم تفقد قليلاً؟ عندما جرى تحديد رسالة الحسن بعد ذلك بين عامي (75) و (80) للهجرة). لكن مثلما أشرنا أعلاه، لم يكن متَّسقاً بما يكفي للسعي وراء استنتاجاتٍ منطقيّةٍ لنقاشهِ عن الجذور المُبكِّرة للكلام الإسلامي. ويعني «الكاتب» أنَّه على الرغم من تصريحاتهِ وشروحاتهِ بالعكس من ذلك، لكن إيد ربّما لم يؤمن حقّاً بالوظيفة المُبدعة أو السببية للقرآن في توجيه الطريق أمام الحديث الحتمي، وإلَّا فهو سيضع بدايات الحتمية العقائدية في زمان النبوة، في وقتٍ بدأ الناس بالتفكير بشأن محتويات القرآن. آمن إيد فقط على غِرار الكثيرين «باشتقاق اللبنات الضرورية المهمة من القرآن لتطوير الموقف العقائدي للحتمية المتطرفة»[78]، بينما تقع قضاياه الحقيقيّة في أماكن أخرى، ربما في الظروف والضرورات السياسية التي نتجت عن الحربين الأهليتين الأولى والثانية. قد يكون محقاً في ذلك. ربما يعتبر الحديث الحتمي محاولةً للتوصل إلى تفاهمٍ مع الحقائق السياسية القاسية للحكم الأموي. وعلى المنوال نفسه، ستظهر الأحاديث غير الحتمية لمواجهة نظيراتها الحتميّة. هذا أمرٌ متقنٌ وواضحٌ. عموماً، نعتقد أنَّ كِلتا هاتين الصورتين على خطأٍ، وتذكر جزءاً من القصة فحسب. ونؤمن بدور القرآن المُنتج للعقيدة، ونؤمن أنَّ المناقشات العقائديّة وخاصةً عن الحريّة والحتميّة قد بدأت خلال حياة النبي وربما حتَّى انعكست في بعض الأحاديث، والتي كانت معتدلةً جدّاً وأقربَ إلى ما يُسمَّى الاستشراف «المزدوج» للقرآن، وهي إمَّا رُفضت كُلِّيّاً من قبل أطراف المشيئة الحرة والقدرية، وخصوصاً هذهِ الأخيرة، أو دُمِجت جزئيّاً في الأحاديث الأكثر تطرّفاً. حقيقة أنَّ النقاشات العقائديّة (الكلامية) عن الحريّة والحتميّة قد نشأت خلال فترة النبوة تُشير إليها أحاديثُ تَشجب ولا تُشجِّع مثل هذهِ النقاشات، والتي نعتقد بامتلاكها أرجحيّةً أكبرَ في كونها صحيحةً من إرجاعها إلى وقتٍ أسبقَ، بقدر ما تصف بإيمانٍ الموقف القرآني الضمني من المسألة. استناداً إلى الحديث المذكور في الترمذي وابن ماجة، ناقش بعض الصحابة في إحدى المرات مسألة القَدَر عندما قابلهم النبي، وبعد أنْ أصغى إلى حديثهم احمرَّ وجهه غضباً كما لو أنَّ رمَّانةً انفجرت على خدَّيه، وقال: «وكانَ الإنسانُ أكثرَ شيءٍ جَدَلاً»[79].

------------------------------------------------
[1] Murad, Hasan Qasim, The Beginnings of Islamic Theology.. A Critique of Joseph Van Ess’ Views, Islamic Studies, Published by: Islamic Research Institute, International Islamic University, Islamabad, Vol. 26, No. 2 (Summer 1987), Pp.191-204.
[2]ومثال على ذلك، نستعرض بعض أهم مؤلَّفات المُستشرقين الألمان التي تناولت موضوع علم الكلام الإسلامي بصورةٍ عامّةٍ، أو تلك التي اهتمت بموضوعٍ محدّدٍ في هذا المجال. وهي:
Antes, Peter Johannes, Zur Theologie der Schi’a, Freiburg: Klaus Schwarz Verlag, 1971; van Ess, Josef, Anfänge Muslimischer Theologie, Wiesbaden: Kommission bei Franz Steiner Verlag, 1977; Nagel, Tilman, Geschichte der islamichen Theologie Von Mohammed bis zur Gegenwart, München: Verlag C.H. Beck, 1994; Berger, Lutz, Islamische Theologie, Stuttgart: Facultas Verlags, 2010; von Stosch, Klaus (Edit.), Prophetie in Islam und Christentum, Paderborn: Ferdinand Schöningh, 2013.
[3]    نُشير إلى أعمال المستشرق الألماني يوسف فان آس Josef van Essخاصّةً، ولاسيَّما موسوعته التي شرع في إصدارها عن علم الكلام، بعنوان:
Theologie und Gesellschaft im 2. und 3. Jahrhundert Hidschra.. Eine Geschichte des religiösen Denkens im frühen Islam, Berlin: Walter de Gruyter, 6 Band, 1992-97.
[4] Gilliot, Claude, Une LeČon Magistrale D’Orientalisme: L’Opus Magnum de J. Van Ess, In: Arabica, Leiden: Brill, 2000, vol.58, Pp.141-142.
[5] Van Ess, Josef, Die Gedankenwelt des Hāriţ al-Muhāsibī anhand von Übersetzungen aus seinen Schriften dargestellt und erläutert, Bonn: Selbstverlag des Orientalischen Seminars der Universität, 1961.
[6] Van Ess, Josef, Die Erkenntnislehre des Ádudaddīn al-Īcī.. Übersetzung und Kommentar des ersten Buches seiner Mawāqif, Wiesbaden: Franz Steiner Verlag, 1966.
[7]    هو: أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار عضد الدين الإيجي (680-756هـ/1281-1355م)، عالم في الأصول والمعاني والعربيّة. من أهل مدينة (إيج) في فارس، ولِّي القضاء، وأنجب تلاميذ عظاماً. وجرت له محنةٌ مع صاحب كرمان، فحبسه بالقلعة، ومات مسجوناً. من تصانيفهِ: «المواقف» في علم الكلام؛ «العقائد العضدية» و «الرسالة العضدية» في علم الوضع؛ «جواهر الكلام» وهو مختصر كتاب المواقف؛ «شرح مختصر ابن الحاجب» في أصول الفقه؛ «الفوائد الغياثية» في المعاني والبيان، وغيرها. يُنظر: ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أحمد بن علي بن محمّد بن محمّد بن علي (ت852هـ/1449م)، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، (بيروت، دار الجيل، 1414هـ/1993م)، ج2، ص ص322-323؛ السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمّد (ت911هـ/1505م)، بُغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم، ط2، (بيروت، دار الفكر، 1979م)، ج2، ص ص75-76.
[8] Kratz, Reinhard G., Centrum Orbis Orientalis et Occidentalis (CORO).. Zentrum für Antike und Orient, Berlin: Walter de Gruyter, 2012, Pp. VIII-IX.
[9] Van Ess, Josef, «Rudi Paret (1901-1983)», In: Der Islam, Berlin: Walter de Gruyter, 1984, Band 61, Heft 1, Pp.1-7.
[10] Kratz, Centrum Orbis Orientalis et Occidentalis, p. IX.
[11]  لمزيدٍ من التفاصيل حول المُستشرق الألماني البروفيسور يوسف فان أس، يُنظر: التميمي، حيدر قاسم مَطَر، علم الكلام الإسلامي في دراسات المُستشرقين الألمان.. يوسف فان آس أنموذجاً، (بيروت-الجزائر، دار الروافد الثقافيّة ومنشورات ابن النديم، 2018م)، ص ص: 311-388.
[12]  يُقصد بهِ كتاب المُستشرق إغناتس غولدزيهر الذي تُرجم للإنكليزية ومن ثمَّ للعربية بعنوان: (العقيدة والشريعة في الإسلام). والذي يُعَدُّدراسةً متعمقةً للإسلام في جانبهِ العقدي والتشريعي، يتناول فيها شخصية النبي محمّد (r)، ونشوء المذاهب الفقهية وتطورها، ونشأة الزهد وظهور التصوف بمدارسهِ الرئيسة في الحضارة الإسلامية، كما يتناول دراسة الفِرق الكلامية الأساسية انتهاءً بأهم الحركات الدينيَّة، ومحاولات تجديد الفكر الإسلامي الحديث. يُنظر: إجناس جولدتسيهر، العقيدة والشريعة في الإسلام.. تاريخ التطور العَقَدي والتشريعي في الدين الإسلامي، ترجمة: محمّد يوسف موسى وعلي حسن عبد القادر وعبد العزيز عبد الحق، ط2، (القاهرة – بغداد، دار الكتب الحديثة ومكتبة المثنى، 1959م)؛
Ignaz Goldziher, Vorlesungen Über Den Islam, Heidelberg: Carl Winter’s Universitätsbuch Handlung, 1910; Goldziher Ignaz,Introduction to Islamic Theology and Law, Translated by: Andras and Hamori Ruth, Modern Classics in Near Eastern Studies, Princeton: N.J., Princeton University Press, 1981.
[13]  إغناتس غولدزيهر Ignaz Goldziher (1850-1921م): مستشرقٌيهوديٌّمجريٌّ، عُرف بنقدهِ للإسلام وبجدية كتاباتهِ، وهو من مُحرِّري دائرة المعارف الإسلاميّة، ولقد اشتهر بغزارة إنتاجهِ عن الإسلام حتَّى عُدَّ من أهم المُستشرقين لكثرة إسهامهِ وتحقيقاتهِ عن الإسلام ورجالهِ، متأثِّراً في كلِّ ذلك ربما بيهوديتهِ. يُعتبر على نطاقٍ واسعٍ من بين مؤسِّسي الدراسات الإسلامية الحديثة في أوروبا. تلقَّى تعليمه في جامعات بودابست، برلين، ولايدن بدعم وزير الثقافة الهنغاري. أصبح جامعيّاً في بودابستعام 1872م. في العام التالي وتحت رعاية الحكومة الهنغاريّة، بدأ رحلةً عِبرَ سوريا وفلسطين ومصر، مستغلّاً الفرصة لحضور محاضرات المشايخ المسلمين في مسجد الأزهر في مدينة القاهرة. وكان أوّل يهوديٍّ يصبح أستاذاً في جامعة بودابست. يُنظر: بدوي، عبد الرحمن، موسوعة المستشرقين، ط3، (بيروت، دار العلم للملايين، 1993م)، ص ص197-203.
[14]    For a brief survey of studies on Islamic religious thought, see: Jean Sauvaget, Introduction to the History of Muslim East, Los Angeles: 1965, Pp.97 ff., 141 ff.
[15]  هو: أبو محمّد الحسن بن محمّد (المعروف بابن الحنفيَّة) بن علي بن أبي طالب (u)، وأمُّه جَمَال بنت قيس بن مَخرَمة بن المطَّلب بن عبد مناف بن قَصي. مدنيٌّ، تابعيٌّ، ثقةٌ. كان من ظرفاء بني هاشم وأهل العقل منهم، وكان يُقدَّم على أخيه أبي هاشم في الفضل والهيئة، وهو أول من تكلَّم في الإرجاء. توفِّي في خلافة عمر بن عبد العزيز، سنة (101هـ/723م). وليس له عقبٌ. يُنظر: ابن سعد، محمّد بن سعد بن مَنِيع الزهري (ت230هـ/845م)، كتاب الطبقات الكبير، تحقيق: علي محمّد عمر، (القاهرة، مكتبة الخانجي، 1421هـ/ 2001م)، ج7، ص322؛ خليفة بن خياط، أبو عمرو بن أبي هبيرة الليثي العصفري البصري (ت240هـ/854م)، كتاب الطبقات، تحقيق: أكرم ضياء العمري، (بغداد، مطبعة العاني، 1387هـ/1967م)، ص239؛ المزِّي، جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن القضاعي الشافعي (ت742هـ/1341م)، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق: بشار عواد معروف، (بيروت، مؤسَّسة الرسالة، 1405هـ/1985م)، ج6، ص ص316-223.
[16]    In: J. E. Murdoch and E. D. Sylla, eds., The Cultural Context of Medieval Learning, Dordrecht - Holland: 1975, Pp.87-111.
[17]  الدوغمائية (أو: الدوغماتية): يعود أصل المصطلح إلى اليونانية: ŏόγµα. ويعني «الرأي» أو «المُعتقد الأوحد». وبذلك فهو مصطلحٌ يمثل التعصب لفكرةٍ معينة من مجموعةٍ دون قبول النقاش فيها أو الإتيان بأيِّ دليلٍ ينقضها لمناقشتهِ، أو هو كما لدى الإغريق «الجمود الفكري». وهو التشدد في الاعتقاد الديني أو المبدأ الأيديولوجي. يُنظر الموقع الإلكتروني: http://en.wikipedia.org/wiki/Dogma
[18]    Van Ess, «The Beginnings of Islamic Theology», in: The Cultural Context of Medieval Learning, op., cit., p.96, top.
[19]    Ibid., middle.
[20]    Ibid., p.95, bottom.
[21]    Ibid., p.96, bottom.
[22]    Ibid., p.98, top.
[23]    Ibid., p.97, bottom.
[24]    Ibid., p.95, middle.
[25]    Ibid., p.95, bottom.
[26]    Ibid., middle. This statement is debatable in the light of Ḥasan b. Muḥammad al-Ḥanafiyyah’s activities and ideas reflected in his works. S. Ali Raza Naqvi].
[27]    See: Ibn Sa’d, kitāb al-Ṭabaqāt al-kabir, ed. Edward Sachau and others, Leiden: 1904-40, V, 66-68, entry on Muḥammad b. al-Ḥanafiyyah, particularly, Pp. 69ff., 73ff., 77ff., 81ff.
[28]    Quoted by: Van Ess, in: «Beginnings», p.94, top.
[29]    Ibid., middle.
[30]    See: W. Montgomery Watt, The Formative Period of Islamic Thought, Edinburgh: 1973, p.80.
[31]    Ibid., p.83; also see his «God’s Caliph, Qur’ānic Interpretations and Umayyad Claims», Iran and Islam, ed. C. E. Bosworth, Edinburgh: 1971, Pp.565-74.
[32]    Van Ess, «Beginnings», p.98, top.
[33]    Ibid., p.94, bottom.
[34]    See: quotations, in: ibid., p.94.
[35]    Ibn Sa’d, Tabaqāt, V, 68.
[36]    Van Ess, «Beginnings», p.99, top.
[37]  هو: أبو إسحاق إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري النظَّام (185-231هـ/777-845م). من أئمة المعتزلة، تبحَّر في علوم الفلسفة واطَّلع على أكثر ما كتبه رجالها من طبيعيين وإلهيين، وانفرد بآراءٍ خاصة تابعته فيها فرقةٌ من المعتزلة سُمِّيت «النظامية» نسبةً إليه. وبين هذهِ الفرقة وغيرها مناقشاتٌ طويلةٌ. وقد أُلِّفت كتبٌ للرد على النظَّام وفيها تكفيرٌ له وتضليلٌ. لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر: عبد القاهر البغدادي، أبو منصور بن طاهر بن محمّد (ت429هـ/1037م)، الفَرق بين الفِرق، تحقيق: محمّد محيي الدين عبد الحميد، (القاهرة، دار الطلائع، 2005م)، ص ص102-116؛ أبو ريدة، محمّد عبد الهادي، إبراهيم بن سيار النظَّام.. وآراؤه الكلامية الفلسفيّة، (القاهرة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1365هـ/1946م).
[38]    Ibid., p.90, middle.
[39]    Ibid., p.101, end of the article.
[40]    Ibid., p.105, top and last-but-one paragraph.
[41]    Ibid., top.
[42]    Ibid., p.106, top.
[43]    Ibid., p.105, top.
[44]    Ibid.
[45]  باسيليوس قيصرية Basil of Caesarea، والمعروف أيضاً باسم القديس باسيليوس الكبير Saint Basil the Great، توفي في 1/كانون الثاني/379م. الأسقفاليونانيللقيصرية التركية Caesarea Mazaca الموجودة في كبادوكياCappadocia، (آسيا الصغرى). يُعتبر باسيليوس من أهم علماء اللاهوت، وكان يدعم العقيدة النيقية معارضاً كلَّ الابتداعات التي ظهرت في الكنيسة في ذلك الوقت، حيث حارب الآريوسيةArianism، وأتباع أبوليناريوسApollinaris of Laodicea. إنَّ قدرة باسيليوس على تحقيق التوازن بين معتقداتهِ الدينيَّة وعلاقاتهِ السياسية جعلت منه مناصراً قوياً للعقيدة النيقية. لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر:
Hildebrand, Stephen M., The Trinitarian Theology of Basil of Caesarea, Washington, D.C.: Catholic University of America Press, 2007, Pp.19-20.
[46] Ibid., p.106, top.
[47] Ibid., p.110, bottom.
[48]  يوسف شاخت Joseph Schacht (1902-1969م): مستشرقٌ ألمانيٌّ متخصصٌ في الفقه الإسلامي. دَرَس الفيلولوجيا الكلاسيكيّة، واللاهوت، واللغات الشرقيّة في جامعتي برسلاو ولايبزغ. وحصل من جامعة برسلاو على الدكتوراه الأولى في 1923م. صار أستاذاً ذا كرسيٍّ عام 1929م في جامعة فرايبورغ، ومنها انتقل للتدريس في عدَّة جامعاتٍ داخل وخارج ألمانيا. اشترك في الإشراف على الطبعة الثانية من دائرة المعارف الإسلامية في ليدن – هولندا. ينقسم إنتاج شاخت إلى الأبواب التالية: دراسةُ مخطوطاتٍ عربيّةٍ، تحقيقُ نصوصٍ مخطوطةٍ في الفقه الإسلامي، دراساتٌ في علم الكلام، مؤلَّفاتٌ ودراساتٌ في الفقه الإسلامي، دراساتٌ ونشراتٌ في تاريخ العلوم والفلسفة في الإسلام، وغيرها. يُنظر: بدوي، موسوعة المستشرقين، ص ص366-368؛
Minhaji، Akh، Joseph Schacht’s Contribution to the Study of Islamic Law، A Thesis Submitted to the Faculty of Graduate Studies and Research in partial fulfillment of the requirements for the degree of Master of Arts in Islamic Studies، Canada: Institute of Islamic Studies، McGill University، 1992.
[49]  Ibid., Pp. 90f., 98f. and 105f.
[50]  خَلْق القرآن، أو كما عرفها البعض بـ»مِحنة خلق القرآن»، وهو فكرٌ انتشر في عهد الخليفة العباسي المأمون من المعتزلة، تعد القرآن الكريم مخلوقاً لا كلامَ الله (Y)، أي إزالة التقديس عنه وعدِّهِ كلاماً قابلاً للتأويل والتحديث والتفسير بحسب مقتضيات العقل. واقتنع بهذا الرأي الخليفة المأمون وطالب بنشر هذا الفكر وعزل أيِّ قاضٍ لا يؤمن بهِ. وهو ما لَقِيَ معارضةً واستهجاناً كبيراً من بعضِ الأئمة مثل الإمام أحمد بن حنبل (164-241هـ/780-855م) (t)، الذي تحمل من أجلِ ذلك الكثير من التعذيب والسجن.. واستمرت هذهِ المِحنة حتَّى بعد وفاة المأمون وفي عهدِ خلفهِ المعتصم والواثق، لتنتهي في عام (232هـ/861م) على يدِ المتوكل بعد وصولهِ إلى سدَّةِ الحكم. لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمّد القرشي (ت597هـ/1201م)، مناقب الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، (القاهرة، دار هجر، 1409هـ)، ص ص416-426؛ أبو زهرة، مُحمَّد، ابن حنبل.. حياته وعصره – آراؤه وفقهه، (القاهرة، دار الفكر العربي، 1418هـ/1997م)، ص ص38-42.
[51]    Ibid., Pp. 106f.
[52]  فيما يخص رسالة الحسن البصري، فقد كانت الرسالة الوحيدة من نوعها، ربما إلى جانب رسالة ابن عبَّاد] إلى عبد الملك، والتي نمتلك دليلاً إيجابيّاً أنَّها كُتبت ردّاً على سؤالٍ من عبد الملك؛ لم نقرأ رسالة ابن عبَّاد حتَّى نستطيع إصدار حكم عنها، لكن رسالة الحسن لم تخدم أياً من نوايا عبد الملك السياسية. ويجب أنْ يجعلنا ذلك عن طريق الصدفة حذرين قليلاً من الدوافع السياسيّة المنسوبة إلى كلِّ تحركٍ قام الخليفة بهِ، على الرغم من حنكة عبد الملك.
[53]    Van Ess, «Ḳadariyya», p.369, bottom-left.
ربما أزاح فان آس رسالة الحسن البصري بكتاب الرد للحسن بن محمّد بن الحنفية، والذي تمكَّن من مصادقتهِ وتحديد تاريخه فقط بعد كتابة هذهِ المقالة، ما لم أنَّه لا يعتبر عقائد القدرية في كتاب الرد بأنَّها «صياغاتٌ نظريّةٌ».
[54]  هو: أبو أمية عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي القرشي، المعروف بالأشدق (3-70هـ/624-690م). أميرٌ، من الخطباء البلغاء. كان والي مكَّة والمدينة لمعاوية وابنهِ يزيد. وقَدِمَ الشام فأحبه أهلها. فلمَّا طلب مروان بن الحكم الخلافة عاضده عمرو، فجعل له ولاية العهد بعد ابنهِ عبد الملك، ولمَّا ولِّي عبد الملك أراد خلعه من ولاية العهد، فنفر عمرو. واتفق خروج عبد الملك إلى الرحبة لقتال زفر بن الحرث الكلابي، فاستولى عمرو على دمشق وبايعه أهلها بالخلافة. وعاد عبد الملك إلى دمشق، فامتنع عمرو فيها، فحاصره وتلطَّف له إلى أن فتح أبوابها، ودخلها عبد الملك، فاعتزل عمرو بخمسمائة مقاتلٍ. ولم يزل عبد الملك يتربص بهِ الفرصة حتَّى تمكَّن منه فقتله. ولُقب بالأشدق لفصاحتهِ. يُنظر: الكتبي، صلاح الدين محمّد بن شاكر (ت764هـ/1363م)، فوات الوفيات، تحقيق: إحسان عباس، (بيروت، دار صادر، 1973م)، ج3، ص: 161؛ ابن حجر العسقلاني، أبو الفضل أحمد بن علي (ت852هـ/1448م)، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، (القاهرة، مركز هجر للبحوث والدراسات، 1429هـ/2008م)، ج8، ص ص435-436.
[55]    Ibid., cf. also idem «Beginnings», p.97, bottom.
[56]    Idem, «Ḳadariyya», Encyclopaedia of Islam, 2nd ed., vol. iv, p.369, top-right.
[57]    Idem, «Beginnings», p.97, bottom.
[58]    Idem, «Ḳadariyya», p.371, bottom-right.
[59]    Ibid., p.368, bottom-right.
[60]    Ibid., p.369, top-right.
[61]    Ibid., p.371, middle-left.
[62]  مستشرقٌ أمريكيٌّ، من مواليد 4/7/1935م. دَرَس اللاهوت اللوثري في كلِّية سانت أولاف (St. Olaf College) ومدرسة لوثر اللاهوتية (Luther Theological Seminary) وحصل على شهادة البكالوريوس من هذهِ المؤسَّسة خلال عامي (1957-1961م). وفي وقتٍ لاحق، دَرَس الإسلام في معهد الدراسات الإسلامية بجامعة ماكجيل (McGill University Institute of Islamic Studies) حيث حصل على درجة الماجستير في عام 1967م ودرجة الدكتوراه الفخرية عام 1978م منها كذلك. بدأ مسيرته المهنية كمدرّسٍ في كلِّية أوغسبورغ في منيابولس(Augsburg College) وجامعة ماكجيل قبل أن ينتقل إلى قسم الدراسات الدينية في جامعة ميشيغان الغربية ((Western Michigan University، حيث درَّس العلوم الإسلامية من عام 1972م وحتَّى وفاتهِ عام 2008م. يبقى دليله للإسلام Guide to Islam عملاً مرجعيّاً أساسيّاً، وهو يضم مجموعةً واسعةً من المواد المرجعيّة والأعمال التاريخيّة من فترة ما قبل الإسلام وحتَّى العصر الحديث. من أبرز أعمالهِ:
Guide to Islam. Boston, Mass.: G.K. Hall, (1983); Reviews: The Muslim World, 74: 204–237, (1984); The International Journal of African Historical Studies, Vol. 18, No. 1, pp.188–190, (1985); Choice, Vol. 21, p.1444 (1984); MullāṢadrā and the problem of freedom and determinism: a critical study of the Risālah fīl̓-qaḍā̓wal̓-qadar. McGill University Press, 1980, dissertation, 1978; Some considerations on the freedom-determinism controversy in classical Islamic theology. McGill University, 1967; «Ḥasan al-Baṣrī, al-», Encyclopædia Britannica, 2006.
[63] Some Consideration on the Freedom-Determinism Controversy in Classical Islamic Theology, By: David Ede, A thesis submitted to the Faculty of Graduate Studies and Research in partial fulfillment of the requirements for the Degree of Master of Arts, Institute of Islamic Studies, McGill University, 1967.
[64]    David Ede, «Some Considerations on the Freedom-Determinism Controversy in Classical Islamic Theology», unpublished Master’s Thesis, McGill University, Montreal: 1967, p.157, and the preceding pages, and the whole of Chap. 111.
[65]  ظفر إسحاق أنصاري (1932-2016م): أحد أبرز الباحثين والأكاديميين الباكستانيين، كان المدير العام لمعهد البحوث الإسلامية Islamic Research Institute التابع للجامعة الإسلامية العالمية (International Islamic University) في إسلام أباد - باكستان. كما درَّس في العديد من الكلِّيات، بما في ذلك الكلِّيات الدولية. عَمِل مستشاراً أكاديميّاً للمعهد الدولي للفكر الإسلاميInternational Institute of Islamic Thought في إسلام أباد. من أبرز أعمالهِ:
Zafar Ishaq Ansari: The Early Development of Fiqh in Kūfah with special reference to the works of Abu Yusuf and Shaybani. (Digitalisat); Ahmad, Khurshid and Zafar Ishaq Ansari: Mawlana Mawdudi: An Introduction to His Life and Thought, Aligarh, Crescent Publishing, 1979; Khurshid, Ahmad und Zafar, Ishaq Ansari: Mawdudi: An Introduction to His Life and Thought. The Islamic Foundation, Leicester: 1979; Abū l-Aʿlā Maudūdī: Towards Understanding the Qurʾān: English Version of Tafḥīm al-Qurʾān, übersetzt von Ẓafar Isḥāq Anṣārī, Leicester 1988 ff.; Khurshid Ahmad und Zafar Ishaq Ansari (Hg.): Islamic Perspectives. Studies in Honour of Mawlānā Sayyid Abul Aʿlā Mawdūdī. Leicester: Jidda, 1979; Ansari, Zafar Ishaq (Hrsg.): Special issue on central Asia. Islamabad: Islamic Research Institute Press, 1994 (Islamic Studies; 33).
[66] Zafar Ishaq Ansari, The Early Development of Fiqh in Kūfah, McGill University,1966.
[67]  يقصد بهِ: المُستشرق الاسكتلندي ويليام مونتغمري واط William Montgomery Watt (1909-2006م). تلقى تعليمه في عددٍ من الجامعات البريطانية حتَّى نال شهادة الدكتوراه في الفلسفة عام 1943م من جامعة أدنبره. عَمِل رئيساً لقسم اللغة العربيّة والدراسات الإسلاميّة في جامعة أدنبره بين سنتي (1947-1979م). نال درجة الأستاذية سنة 1964م. دُعي للعمل أستاذاً زائراً في العديد من الجامعات، داخل بريطانيا وخارجها. كما عَمِل راعياً لكنائسَ عدَّة في لندن وأدنبره. أصدر واط مجموعةً كبيرة من المؤلَّفات، أبرزها:
The faith and practice of al-Ghazālī (1953); Muhammad at Mecca (1953); Muhammad at Medina (1956); Muhammad: Prophet and Statesman (1961); Islamic Philosophy and Theology (1962); Muhammad: Seal of the Prophets (???); Islamic Political Thought (1968); Islamic Surveys: The Influence of Islam on Medieval Europe (1972); The Majesty That Was Islam (1976); What Is Islam? (1980); Muhammad’s Mecca (1988); Muslim-Christian Encounters: Perceptions and Misperceptions (1991); Early Islam (1991); Islamic Philosophy And Theology (1987); Islamic Creeds (1994); History of Islamic Spain (1996); Islamic Political Thought (1998); Islam and the Integration of Society (1998); Islam: A Short History (1999); A Christian Faith For Today (2002).
لمزيدٍ من التفاصيل، يُنظر: مزاحم، هيثم، مونتغومري وات والدراسات الإسلاميّة، تقديم: رضوان السيد، (بيروت، جداول للنشر والترجمة والتوزيع، 2017م).
[68]  يحاول إيد جاهداً دحض أيَّ موقفٍ تفسيريٍّ له، بينما يدّعيه على الآخرين.
Freedom-Determinism, Pp. 74f, 40.
نعتقد أنَّ أيَّ شخصٍ يكتب أكثر من فهرس واحد عن القرآن فهو مُلزم بتبنِّي موقف تفسيري، سواء كان فضل الرحمن (Fazlur Raḥmān) أو داود رهبر (Dā’ūd Rahbar)، أو لويس غارديه (Louis Gardet) أو فون غرونباوم (von Grunbaum)، أو حتَّى توشيهيكو إيزوتسو (Toshihiko Izutsu).
[69]  Ibid., Pp. 82f; cf. Watt, Free will and Predestination in Early Islam, London: 1948, Pp.20-29.
ربما عدَّل واط موقفه، ففي كتابهِ الأخير (الفكر الإسلامي (Islamic Thought)، ص90 أف أف)، يقول إنَّ: «مواعظ أو رسالة القرآن الرئيسة قد افترضت مُسبقاً العالم الفكري لعرب ما قبل الإسلام، حتَّى عندما حاول تعديل أفكارهم»، وأنَّ: «القرآن يحافظ على بعض المفاهيم القدرية لعرب ما قبل الإسلام، على الرغم من تعديلهِ لها...». مع أنَّ واط ربما لم يعتبرها جزءاً من مواعظ القرآن.
[70]    Ede, «Freedom-Determinism», p.106.
[71]    Ibid., Pp. 88, 91, 102f.
[72]    Fazlur Raḥmān, Islamic Methodology in History, Karachi: 1965, Pp. 6, 12, and passim.
[73]    Gardet, «Allāh», EI2. p.408.
[74]    Ede, «Freedom-Determinism», p.44.
[75]    Ibid., Pp. 40, 42, 44.
[76]    Ibid., chaps. II, III, particularly, p.90.
[77]    Ibid., Pp. 152ff., particularly, p.157.
[78]    Ibid., p.90.
[79]  أورده الترمذي في باب ما جاء في التَّشديد في الخوض في القَدَر، فقال: حدَّثنا عبد الله بن معاوية الجُمَحي البصري، قال: حدَّثنا صالح المُرِّي، عن هشام بن حسَّان، عن محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: خَرَج علينا رسولُ اللهP ونحنُ نتنازعُ في القَدَرِ فَغَضبَ حتَّى احمرَّ وَجهُهُ حتَّى كأنَّما فُقِئ في وَجنتيهِ الرَّمَّانُ، فقال: «أبهذا أُمِرتُم أمْ بهذا أُرسِلتُ إليكم؟ إنَّما هَلكَ من كان قَبلكُم حين تَنازعوا في هذا الأمر، عَزمتُ عليكُم ألَّا تتنازعوا فيه». الترمذي، أبو عيسى محمّد بن عيسى (ت279هـ/892م)، الجامع الكبير، تحقيق: بشار عواد معروف، (بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1996م)، ج4، ص11. في حين لم يرد هذا الحديث عند ابن ماجه كما ذكر المؤلِّف. كذلك فإنَّ النص الأخير الذي أورده المؤلِّف أعلاه، وهو اقتباس النبيP مقطعاً من الآية (54) من سورة الكهف، قوله (I):(وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)؛ لم يرد كذلك في نصِّ الحديث الذي أورده الترمذي.