البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

جمع القرآن من وجهة نظر بلاشير

الباحث :  د. محمد جواد إسكندرلو
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  18
السنة :  السنة الخامسة - ربيع 2019م / 1440هـ
تاريخ إضافة البحث :  July / 10 / 2019
عدد زيارات البحث :  3728
تحميل  ( 1.140 MB )
ريجي بلاشير (Regie Blachere) هوأحد الشخصيّات الاستشراقيّة المعاصرة. في مقدمةٍ موسعةٍ كتبها لترجمة القرآن باللغة الفرنسيّة، طرح أبحاثاً مفصلةً حول تاريخ وعلوم القرآن، ومن أهم المواضيع التي تطرق لها كان جمع وتدوين القرآن في زمن رسول الله P وبعد شهادتهP. يعتقد بلاشير أن كتابة وتدوين القرآن لم تكتمل في زمن الرسول P وهذا الأمر أصبح بعد النبي قضيّةً شخصيّةً، على حسب اجتهادات الصحابة في فترة خلافة أبو بكر، وفي فترة خلافة عثمان أصبح عملاً حكوميّاً , يتعلق بالمصالح العرقية والقبلية. هذه الآراء والفرضيّات الخاصّة بالمستشرقين في الدراسات الإسلاميّة وأسلوب تحقيقهم الخاص تخضع للنقد والتأمل.
الكلمات الرئيسيّة: جمع القرآن، المصحف، المصاحف، الصحابة، القراءات، اختلاف القراءة، جمع أبي بكر، جمع عثمان، مصحف الإمام، كُتّاب الوحي، الحفظ وحفاظ الوحي.

- تبيين المسألة
من المسائل المهمّة فيتاريخ القرآن، موضوع جمع وتدوين القرآن في العصور المختلفة، وقد حظيت باهتمام علماء القرآن من المسلمين وغير المسلمين. أولى ريجي بلاشير في أبحاثه اهتماماً واسعاً لهذا الموضوع، ومن خلال الاتكاء على الأدلّة التاريخيّة لجمع القرآن، في فترة نزول الوحي وكذلك جمع وتدوين القرآن في فترة حكم الخلفاء الثلاثة، قام بدراسة لهذه المسألة تمخضت عن النتائج التالية:
ألف-إن للقرآن في عصر النبي P طابعه الحفظ -على الرغم من أنّه قد كُتب بصورةٍ متفرقةٍ-، ففي السنوات الأخيرة من حياة النبي P كانت كتابة وتدوين القرآن تمثل الأهم في جدول أعمال المسلمين، ومع اقتراب وفاة النبي P لم یکن هناك قرآنٌ مكتوبٌ بشكلٍ كاملٍ.(30و31).
ب- من بعد وفاة النبي P قام كبار صحابة النبي P، كلُّ واحدٍ منهم بما يراه صلاحاً وبمزاجه الشخصي بجمع القرآن، وكلُّ واحدٍ من هؤلاء أصبح عنده مصحفٌ وتختلف هذه المصاحف فيما بينها (المصدر نفسه، 66) وظهور مصحف أبي بكر هو ما عمل في هذا المجال (المصدر نفسه، 54).
ج- في فترة خلافة عثمان، تسبب اختلاف القراءات في خلافاتٍ اجتماعيّةٍ. وبسبب هذا الصراع أقدم عثمان على كتابة المصحف ولكن مع انتخاب هيئةٍ خاصّةٍ من المقربين له ومن أشراف مكّة، وعلى هذا قام بتدوين مصحفٍ توخى من ورائه مصالح قريش.(همانجا، 75 إلى 77).
على الرغم من أن آراء بلاشير تعكس نقاطاً ذاتَ أهميّةٍ في إيضاح حالة القرآن في السور الأوائل، لكن فيما يتعلق باستنتاجه بعدم جمع القرآن كاملاً في عصر النبي P وتضخيم مسألة اختلاف المصاحف التي تمت كتابتها على يد الصحابة، وإظهار عمل عثمان بكتابة القرآن وتوحيد المصاحف بأنه عملُ دولةٍ، فهناك اختلافٌ شاسعٌ عمّا عليه آراء علماء القرآن المسلمين وهو محل نقدٍ ودراسةٍ.

1- بلاشير وجمع وتدوين القرآن في عصر النبي P:
يعتقد بلاشير أن «تاريخ القرآن والتطوّر الذي حصل في العلوم القرآنيّة مرتبطٌ بعواملَ ثلاثةٍ، هي:
ألف: الاستفادة من نُسخٍ خطيّةٍ ناقصةٍ.
ب: فقدان نسخةٍ من القرآن مدونةٍ تحت إشراف النبي P.
ج: بناءً على ما ذكر من (نقص في الكتابة وفقدان متنٍ ثابتٍ لا يتغير) كان من الضروريّ الاعتماد على الحافظة والنقل الشفهي في جمع القرآن وحفظه (المصدر السابق، 15).
وهو من بعد التحليل والبحث حول كيفية الخط العربي في القرن السادس الميلادي والشواهد الموجودة عن آلات الكتابة -بحسب عقيدته أن كلا الموردين يعني كيفية الخط وآلات الكتابة لهما جذور خارج الأراضي العربية- وفي المصدر نفسه يعترف بوجود عددٍ من الكُتّاب كانوا يكتبون الوحي في عصر النبي P. وهنا يتطرق إلى طريقتين يستخدهما النبي محمّد P لحفظ الوحي وهما كتابة القرآن وحفظه، كما أنه يقول: «توجد بين أيدينا وثائقُ تكشف عن أسماء عددٍ ممّن تولَّوا كتابة الوحي وتدوينه، ولكن لا تتوفّر شواهدُ تدلّ على تاريخ إنجازهم تلك المهامّ الموكَلة إليهم، أضف إلى ذلك وجود بعض التضارب بين الروايات التي تتضمّن أسماء هؤلاء الكتّاب». (المصدر السابق، 15- 27 بتلخيص). والنتيجة التي ينتهي إليها بلاشير هي وجود فاصلةٍ زمنيّةٍ بين نزول الوحي وبين تدوينه وجمعه، والدلائل التي يستند إليها في تأسيس مدّعياته في هذا المجال، يمكن حصرها في ما يأتي:

ألف: عدم وعي النبي P بأهميّة رسالته:
يقول بلاشير:» لم يكن النبيّ يعرف في بداية رسالته أهميّة ما يدعو إليه، ولا قدرته على تحويل أوضاع العرب إلى ما آلت إليه الأمور بعد سنواتٍ من البعثة. وبالتالي لم تكن فكرة تدوين القرآن لتخطر على باله في مراحل الدَّعوة الأولى، فضلاً عن اهتمام غيره من المؤمنين بهذه الدَّعوة بهذا الأمر. وتبعاً لذلك كان الحفظ والنقل الشفهي، ولذلك تأخّر التدوين التدوين إلى عهدٍ لاحقٍ عندما اختلط المسلمون بعد الهجرة إلى المدينة بدءاً من عام 622 للميلاد، باليهود في المدينة وإحساسهم بضرورة تدوين القانون الجديد».(همانجا، 30).

ب:عدم توفر الوسائل اللازمة:
يعتقد بلاشير أن من أهم الأسباب التي وقفت أمام عدم كتابة القرآن في زمن النبي P خصوصاً في السنوات الأوائل من البعثة هي عدم وجود الموارد الكافية لهذا الغرض، فيقول: «منَعَ عدم توفّر الوسائل الضروريّة للكتابة من تدوين الوحي، حيث كان ينزل القرآن على رسول الله، في مناسباتٍ وأوقاتٍ مختلفةٍ تتراوح بين الليل والنهار، والسفر والحضر، وحالة الصلاة وحالة الانشغال بغيرها من الأعمال والأنشطة...؛ ولذلك لم تتوفَّر خلال حياة النبيّ سوى مجموعاتٍ مدوَّنةٍ قليلةٍ تحتوي على بعض السوَر مرتَّبةً بحسب الطول. وتدلُّ بعض الروايات غير المؤكَّدة أنَّ أخت عمر كانت تملك نسخةً ناقصةً من المصحف تحتوي على سورة طه وكانت تقرأها بصوت عالٍ... ومن مجموع الشواهد المتوفَّرة يُستفاد أنَّ العهد النبويّ لم يُنجز من القرآن المدوَّن سوى بضع مدوَّناتٍ غير مكتملةٍ، ولا تخلو من تصرَّفٍ واجتهاداتٍ شخصيّةٍ. بل كان الحفظ والمشافهة هو الوسيلة المتعارفة في ذلك العهد، بل إنَّ المصحف المدوَّن احتاج إلى الذاكرة والحفظ لتُضاف إليه علامات الإعراب والنقاط عندما دُوِّنَ في الصُحف في فترة لاحقة...».
تساؤلات فيما يتعلق بهذا الكلام: هناك مجموعةٌ من الأسئلة يُمكن أن تُطرح على ضوء ما يدّعيه بلاشير:
1- هل إنّ الصحابة الذين يُوصفون بالحفّاظ والذين يُنسب إليهم حفظ القرآن، وسوف نرى أنّ عددهم محدودٌ، هل كان يحفظ هؤلاء القرآن كلَّه؟ وفي الجواب يرى بلاشير أنّ بعض ما رُوي في السيرة النبويّة يقدّم الجواب عن هذا التساؤل، وذلك أنّه يروى أنّ النبيّP مرّ على مجلسِ وعظٍ فسمِعَ الواعظ يتلو شيئاً من القرآن من ذاكرته، فأثار ذلك عواطفه واستدعى تعجَّبه، بعد أن وعى أنّه نسيَ تلك الآيات التي يتلوها هذا الواعظ وما كان ليتذكّرها لولا صدفة مروره بذلك الواعظ. فإذا كان النبيّP نفسه ينسى شيئاً من القرآن، فكيف نضمن حفظ غيره جميع أجزاء القرآن دون زيادةٍ أو نُقصانٍ. وإذا كانت وثاقة هذه الرواية تقبل البحث والجدال، فإنّ في القرآن ما يدفع عن هذه الدعوى ويدعم احتمالات صدقه، وذلك قول الله في القرآن: ﴿مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَايَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَيۡرٖ مِّنۡهَآ أَوۡ مِثۡلِهَآۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ﴾ (البقرة، 106). وقد قدّم بعض المفسِّرين لهذه الآية تفسيرات تختلف عن المعنى الأوّليّ الظاهر لها، حيث فسَّروا النسيان بالترك والإهمال، ورأى آخرون أنّ المعنى الظاهر هو المراد من الآية وبالتالي فسَّروا النسيان بالمحو من الذاكرة. وعلى ضوء ذلك فإذا كان من المُمكن نسيان بعض القرآن قبل البعثة وحتَّى تاريخ الهجرة إلى المدينة، فإنّ حصول واقعة النسيان بعد ذلك إلى زمان جمع القرآن، أي بعد وفاة النبيّP أمرٌ ممكنٌ، بل في غاية الإمكان. وهذا ما دعا الجيل الثاني من المسلمين إلى جمع القرآن وتدوينه خوفاً عليه من الضياع وطروء التغيير. (المصدر نفسه، 32و33).
2- لِمَ لَمْيُقدِم محمّدP في فترة حياته، على تصنيف آيات القرآن وتدوينها وجمعها في محلٍّ واحدٍ؟... وما هي الأسباب التي دعت النبيّ إلى عدم توفير نسخةٍ معياريّةٍ للوحي؟ يُشير بلاشير في هذا المقام إلى جوابٍ متطرِّفٍ للمستشرق «كازانوفا»، وحاصله أنّ القرآن في جوهره دعوة «إلى الاستعداد ليوم الدِّين، وبالتالي فإنّ الإسلام دينٌ خلاصيٌّ يدعو الناس إلى استقبال يوم القيامة الذي اقترب أجله، وفي القرآن ما يؤكّد ذلك حيث يقول تعالى: ﴿ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ ﴾ (الأنبياء، 1) (12) ونتيجة الكلام المتقدّم هو أنّ الشعور العامّ الذي دعا إلى عدم الإحساس بوجود فُسحةٍ من الوقت تسمح بتدوين الوحي، فما الحاجة إلى التدوين وقد أوشكت القيامة أن تقوم؛ ولكن لمَّا تأخَّر ذلك وبدا للمسلمين أنّ الساعة ليست بذاك القرب الذي كانوا يعتقدون، رأوا الحاجة ماسّةً إلى التدوين وحفظ القانون الجديد، أسوةً بغير الإسلام من الدِّيانات السابقة. (المصدر المتقدم، 40و41)

موقف بلاشير من رأي كازانوفا:
لا يُظهِر بلاشير موقفاً مؤيّدا لـ كازانوفا بخصوص عدم تدوين نسخةٍ من الوحي في زمن النبي P، ويحاول تقديم تصوّرٍ خاصٍّ به، حيث يقول:
1- ربّما كان محمّد ومعاصروه يعتقدون بأنّ تدوين نسخةٍ معياريّةٍ للوحي أمرٌ قريبٌ من الكفر أو هو الكفر، وقد أقعدتهم عن التدوين طاعتهم المطلقة للتطمين القرآني الذي يتضمنّه قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيۡنَا جَمۡعَهُۥ وَقُرۡءَانَهُۥ 17 فَإِذَا قَرَأۡنَٰهُ فَٱتَّبِعۡ قُرۡءَانَهُۥ﴾ (القيامة، 17ـ 18) وبالتالي فإنّ ما نتعجّب منه ويُثير أسئلةً من قبيل: لِمَ ترك صاحب الرسالة تدوين الكتاب المُنزل عليه؟ وما شابهه من الأسئلة. ربّما كان بحسب القرآن نفسه ضرورةً لا مفرّ منها.
2- الأمر الثاني الذي ربّما يكون هو المانع من التدوين هو الاعتقاد بكفاية الحفظ والنقل الشفاهيّ، وبالتالي الاعتقاد بأنّ الذاكرة الإنسانيّة وسيلةٌ مأمونةٌ لنقل الكُتب المقدَّسة، من جيلٍ إلى جيلٍ.
3- ثمّ لا ينبغي إغفال الطبيعة العربيّة وتجاهل دورها في إهمال عمليّة التدوين، وذلك أنّ العربيّ بطبعه أسير اللحظة، ولا يشغل نفسه بمزيدٍ من التفكير في المستقبل. ومن هنا، لم تكن تخطر فكرة التدوين على بال المعاصرين للنبيّ، ولم يكن أحدهم يشعر بالحاجة إلى ذلك ما دامت الأمور تسير بشكلٍ لا يسمح لمن يكتفي بعيش اللحظة بتوقّع المستقبل واستشرافه واتّخاذ الاحتياطات اللازمة لتلافي الأخطار المُحدِقة. وليست مسألة التدوين هي الوحيدة ممّا أُهمِل وله صلةٌ بمستقبل الرسالة، فقد أُهمِل أمرٌ مهمٌّ آخرُ ولم يفكّر فيه المسلمون، إلا لحظة الحاجة إلى الحلّ وبعد أن دهمتهم المشكلة، وذلك في قضيّة الخلافة.
4- ويُضاف إلى ما تقدّم تعدّد القراءات الذي هو بحدّ نفسه معيقٌ إضافيٌّ لعملية التدوين, وذلك لأنّ التساؤل الأوّل الذي كان يجب أن يخطر على بال كلِّ من يعزم على التدوين هو: ماذا ندوّن؟ هل ندوّن النص مع قراءاته المتنوّعة؟ أم الخيار الأمثل هو تدوينُ نصٍّ ثابتٍ والتخلّي عمّا سواه؟ وتتضاعف المشكلة عندما نلاحظ اختلاف الصحابة فيما بينهم في القراءات، ونموذج ذلك الاختلاف بين عمر بن الخطاب وهشام بن الحكم في قراءتهما سورة الفرقان. وما نريد الإشارة إليه في هذا المجال هو: أنّ النبيّ منذ البداية احترز عن ترجيح إحدى القراءات على غيرها. وبالتالي ربّما ترك النبيّ تدوين القرآن في حياته انتظاراً لوضوح الصورة في المستقبل لتتّضح الآثار المترتِّبة على هذه العمليّة، مع مرور الزمان. وبالتالي يُمكن اتّخاذ موقفٍ واضحٍ على ضوء المصالح والمفاسد المترتِّبة على كلٍّ من الخيارين المُتَاحين وهما التدوين وعدمه.(بلاشير، 42 الى 45 مع تلخيص قليل).

حاصل أفكار بلاشير:
يُمكن اختصار ما تقدّم من أفكارٍ ورؤًى عرضناها لبلاشير في العناوين الآتية:
أـ توفّي رسول اللهP والقرآن محفوظٌ في الأذهان، غيرُ مدوَّنٍ ولا مجموعٌ في محلٍّ واحدٍ، وما دُوِّن منه ليس كاملاً.
ب- لا يوجد ما يضمن بقاء القرآن كلّه في الأذهان فإذا كان النبيّP، قد نسيَ بعضه فما الذي يضمن حفظ غيره للقرآن كاملاً دون نقيصةٍ أو زيادةٍ.
نقد نظريّة بلاشير في جمع القرآن في زمن النبي P.
ما مرّ مِن تصوّرات بلاشير حول بحوث المستشرقين في ما يتعلّق بالآفات أمرٌ طبيعيٌّ ولا يمكن التعجب من بيانه، ربّما يبدو تقييمنا الأولي لآراء بلاشير غريباً، لكن لا بدّ من قول الحق، وهو أنّ الآراء التي يطرحها بلاشير تبدو منسجمةً مع المصادر التي يستند إليها، وبالتالي لا غرو أن يصدر عن مثل هذه الأفكار بعد أن ورد مثلَ هاتيك الموارد. فعندما نرجع إلى بعض المصادر كصحيح البخاري ونجد فيه: «عن عائشة قالت: سمع النبيّ P رجلاً يقرأ في المسجد فقال رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتها في سورة كذا وكذا» (البخاري، 8/428).
أفهل يُمكن بعد وجود رواياتٍ كهذه في مصادر المسلمين الاعتراض على مثل بلاشير، والتعجُّب من تشكيكه في قدرة الصحابة على حفظ القرآن ووعيه في الذاكرة. هذا ولكنّنا نوجّه نقدنا إلى بلاشير ونسأله عندما استدلّ بالقرآن، لِمَ جعل دليله على مدّعاه قوله تعالى: ﴿مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَايَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَيۡرٖ مِّنۡهَآ أَوۡ مِثۡلِهَآۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ﴾، وهي آيةٌ مدنيّةٌ كما يعتقد، ويترك قوله تعالى: ﴿سَنُقۡرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰٓ 6 إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّهُۥ يَعۡلَمُ ٱلۡجَهۡرَ وَمَا يَخۡفَىٰ﴾ (الأعلى، 6 و7)، أولاً إن هذه الآية نزلت في مكة، وثانياً فيها وعدٌ جميلٌ من الله سبحانه وتعالى لرسوله بأنه لن يطرأ له النسيان، وبالتأكيد إنّ الله لن يخلف وعده. وأمّا حول الاستثناء المذكور في الآية، فإنّه تابع لأسلوب القرآن في عرض ما يريد عرضه، ويدلّ بالتالي على قدرة الله على فعل ما يريد، ولا يدلُّ على تحقّق كلِّ المستثنيات بالضرورة. وفي القرآن مواردُ عدّةٌ من هذا الأسلوب منهـا قوله تعالى: ﴿وَلَئِن شِئۡنَا لَنَذۡهَبَنَّ بِٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِۦ عَلَيۡنَا وَكِيلًا 86 إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَۚ إِنَّ فَضۡلَهُۥ كَانَ عَلَيۡكَ كَبِيرٗا﴾ (الإسراء، 86 - 87) (الطباطبائي، 20/329). لذلك حديث البخاري يخالف القرآن، والبخاري وبلاشير لم يلتفتا إلى هذا الموضوع.
ب: إنّ رسول اللهP، لم يكن ينقصه وعيٌ وفهمٌ لمعرفة مدى أهميّة ما يحمل من رسالةٍ إلى الناس، بل كان بصيراً بأمر رسالته حريصاً على مستقبلها غاية الحرص، على حدّ تعبير الله سبحانه في القرآن حيث يقول: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ (يوسف، 108).
ج: تدلّ الشواهد التاريخيّة وعلى رأسها القرآن على أنّ القرآن عرِفَ الكتابة والتدوين منذ السنوات الأولى للبعثة في مكة (راميار، 257)، ومن هنا، فإنّ ادّعاء بلاشير عدم توفّر الوسائل الماديّة اللازمة للكتابة والتدوين، ما هي إلا دعوًى تنقصها وسائل الإثبات، وبالتالي لا يمكن الركون إليها لنفي تدوين القرآن في تلك الفترة.
د: وأمّا حول دوافع حفظ القرآن في مكّة فإنّ مراجعة المصادر الإماميّة تكشف عن حضّ النبيّP على الاستفادة من الحفظ والتدوين كليهما لحمل القرآن وتحمّله، وتنقل كتب السنّة الشريفة عدداً من الروايات التي تتضمّن توصية النبيّP المسلمين ودعوته إيّاهم إلى حفظ القرآن، بكلتا الوسيلتين، (أبو القاسم الخوئي، البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار الزهراء، 1408هـ.، ص253؛ محمود راميار، المصدر السابق، ص238؛ مجيد معارف، در آمدى بر تاريخ قرآن (مدخلٌ إلى تاريخ القرآن)، طهران، نبأ، 1383هـ.ش.، ص: 79).
هـ: الوعد الإلهي «إن علينا جمعه وقرءانه» (القيامة، 17) لايتعارض مع سياسة النبي P بإرشاد المؤمنين إلى كتابة الوحي، وعلى هذا الأساس بأمر النبي يتحقق الوعد الإلهي بجمع القرآن.
وتتّضح صورة هذه الدَّعوى من التأمّل في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ﴾ (القيامة، 19) وقوله: ﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (النحل، 44.) ففي الآية الأولى تقول أن الله سبحانه وتعالى هوالذي يفسر القرآن والآية الثانية على عكس الآية الأولى تقول أن النبي مُوكَّل بتفسير القرآن والجمع بين هاتين الآيتين هكذا يكون، في بعض المواضيع تفسير الآيات القرآنية يكون عن طريق توضيحات النبي P والتي أخذها من الله عن طريق الوحي ليبلغها للناس.
و: ثمّ إنّ بلاشير يستند من بين ما يستند إليه إلى قضيّة تعدّد القراءات، وفي وجه هذه الدّعوى نقول: إنّ وجهة النظر التي يتبنّاها أكثر علماء الإماميّة، هي أنّ القراءات أمرٌ استجدّ بعد النبيّP ولم يكن له أصلٌ في زمنه. وأمّا حديث الأحرف السبعة فقضيّةٌ استجدّت في أواخر القرن الأوّل للهجرة (مرتضى العسكري، القرآن الكريم وروايات المدرستين، المجمع العلمي الإسلامي، 1415هـ.، ج2، ص121؛ أبو القاسم الخوئي، مصدر سابق، 177-178).
ز: إنّ ضرورة وجود المصحف المدوَّن لم تكن أمراً طرأ بعد وفاة النبيّP، وبالتالي لم يكن التفكير في مثل هذا الأمر يتوقّف على الهجرة إلى المدينة، والاختلاط باليهود فيها. بل الحاجة إلى المصحف المدوَّن كانت من ضرورات الدَّعوة والتبليغ بين القبائل التي كان النبيّ يرسل إليها موفديه، ولم تحفظ لنا كُتب السيرة والتاريخ نهياً من النبيّP عن نقل المصاحف سوى ما صدر منه حول المنع من نقل القرآن المكتوب إلى ساحات الحرب والقتال، أو دارالحرب. (ابن ماجه، 2/961، 3/36 ومصادر انظر: العاملي، 85).
ح: يدّعي بلاشير أنّ مسألة الخلافة كانت أهمّ من مسألة جمع القرآن ومع ذلك أغفلها النبيّP والمسلمون، وبالتالي فمن الطبيعيّ أن يتركوا الأمر الأقلّ أهميّة! ولكن وجهة النظر الشيعيّة تُجادل في مسألة الخلافة من هذا الباب، حيث إنّهم يعتقدون أنّ أمراً مهمّاً كأمر الخلافة لا يُمكن أن يُترَك وألّا تُتَّخذ الاحتياطات اللازمة له في مجتمع حديث العهد بالإسلام، ولم يعتد في تاريخه تداول السلطة وفق قانونٍ واضحٍ المعالم. وفي السنّة النبويّة ما يدلّ على الاهتمام بهذا الشأن مطلع البعثة بعد أمر النبيّ بالجهر بدعوته في الحادثة المعروفة بحادثة الدار. (انظر: الطبري 2/322).
2. بلاشير وجمع القرآن من بعد وفاة النبي P:
ألف- أبو بكر وجمع القرآن:
يؤيد بلاشير بحسب الروايات المذكورة في كتب أهل السنّة، أنّ القرآن خضع لعمليّة جمعٍ مّا في عهد أبي بكر؛ على الرغم من أنّه طرح بعض الأسئلة الجادَّة في هذا المجال: «برزت بعد وفاة النبيّ ظروفٌ جديدةٌ وواجهت المسلمين أسئلةٌ لم يكن لهم قِبلٌ بها، فقد تُوفِّي النبيّ صاحب الرسالة، وانسدّ باب الوحي، وانقطعت صِلَة الوصل بينهم وبين المعلّم الذي كان حاضراً ومستعدّاً لكلّ سؤالٍ حول القرآن، وفي ظلّ هذه الظروف شعر المسلمون بأنّهم مضطرّون لفعل ما لم يفعله النبيّ من قبل، ألا وهو تدوين القرآن وجمعه في مصحفٍ». ويصوّر بلاشير حالة الوحي في هذه الظروف على النحو الآتي:
1- إنّ المؤمنين الحافظين للوحي بشكلٍ كاملٍ هم قلّةٌ قليلةٌ من المسلمين، ومن المؤسف أنّ الروايات التي تتحدّث عن عددهم وأسمائهم ليست متّفقةً على صيغةٍ واحدةٍ... ولا شكَّ في أنّ مقداراً من الوحي كان مخزّناً في ذاكرةِ عددٍ كبيرٍ من المسلمين في عهد النبيّP لمدَّةٍ طويلةٍ من الزمن، ومن الطبيعيّ في مثل هذه الحالة أن يَجري التساؤل حول مدى دقّة الحُفّاظ في حفظهم، وبالتالي أن تبرز الاختلافات بينهم عند رغبة أيٍّ منهم باسترجاع ما يحفظ وروايته لغيره من الناس. ولا شكَّ في أنّ الاسترجاع المتأخّر ليس مثل الاسترجاع مع قرب العهد بالحفظ وبالرسالة (المصدر السابق، 48).
2.ومن جهةٍ أُخرى كانت بعض القِطَع من القرآن مدوّنةً على خلاف القاعدة الأساس وهي الحفظ، ولكن هل كانت لهذه المدوَّنات نُسخٌ متعددةٌ؟ وكم هو عددها إن وُجدت؟ لا يُمكن الجواب عن هذا السؤال لا بالإيجاب ولا بالنفي. وإذا وجِدت نُسخٌ عدَّة من هذه المدوّنات، فهل كانت متَّفقةً على مضمونٍ واحدٍ؟ أم أنّ يد النسَّاخ تركت أثرها في تلك النُسَخ فاختلفت في ما بينها؟ وبخاصَّةٍ أنّ بساطة الخط العربيّ في تلك الفترة تقوّي احتمالات الاختلاف بين النسّاخ.
وتؤكِّد آخر التحليلات أنّ الذاكرة كانت هي المستودَع الأمين للوحي طيلة فترة حياة النبيّP، ولكن طرأ ظرفٌ مستجدٌّ دعا إلى الخشية على القرآن من الضياع، وهو ما حصل في الحرب ضد (مُسيلمة الكذّاب) (العام 11 للهجرة)، حيث قُتِل في هذه الواقعة عدد من الصحابة الحافظين للوحي، ما دعا إلى التفكير الجادّ بوسيلةٍ داعمةٍ هي التدوين (المصدر نفسه، 50).
وعلى ضوء ما تقدّم كلّه يعمد بلاشير إلى نقل الروايات ذات الصِّلة بجمع القرآن وتدوينه، في فترة خلافة أبي بكر. وعلى الرغم من وجود ما يدلُّ على خشيةٍ حقيقيّةٍ من قِبَل (أبي بكر) و (عمر) حول ضياع القرآن بعد استشهاد عددٍ من الحُفّاظ، كما وجود ما يدلّ على إيكال هذه المهمّة إلى (زيد بن ثابت) إلا أنّ (بلاشير) يشكّك في صحّة الخشية المنسوبة إلى الخليفتين الأوّل والثاني ويحاول تتبّع ما فعله (زيد بن ثابت) وتحليل موقفه والدَّوافع التي دعته إلى ذلك، فيقول: «ليست مسألة تولّي زيد بن ثابت مهمَّة جمع القرآن واضحةً تمام الوضوح، بل يُحيط الشكُّ في تاريخ هذه الواقعة أيضاً، حيث إنَّ زيد بن ثابت تولَّى هذه المهمّة قبل وفاة أبي بكر بخمسة عشر شهراً، ومن هنا يبدو أنَّ اكتمال هذه المهمّة يُرجَّح أنَّه حصل في زمن خلافة عمر. ولكن المسألة لا تنتهي عند هذا الحدّ. فما هو الأثر الذي سوف يتركه تدوين نسخةٍ من القرآن تحفظ بين ممتلكات أبي بكر أو عمر، فالخشية التي تُنسب إلى عمر تكشف عن خشيةٍ اجتماعيّةٍ عامةٍ، على القرآن من الضياع، فهل ينفع في رفع هذه الخشية تدوين مصحفٍ يملكه الخليفة نفسه؟! ثمَّ ألا يمكن أن يكون الدَّافع نحو تدوين القرآن في تلك الفترة هو رغبة عمر نفسه بتملّك نُسخةٍ من الوحي؟ وبالتالي فلَمْ يكن أبو بكر ولا عمر تدوين نُسخةٍ من القرآن وتعميمها على المسلمين، بل ربَّما كان عمُر يريد أن يكون عنده نسخة من القرآن كما كان عند عدد من الصحابة نُسخٌ خاصّة بهم، وبالتالي ربَّما تكون هذه الرواية كاشفةٌ عن رغبة شخصيّةٍ في عدم حرمان خليفة المسلمين من امتياز متوفِّرٍ عند غيره من الصحابة العاديين. (همانجا، 54).
ب:ظهور مصاحف الصحابة في تلك الفترة
يعترف (بلاشير) بوجود عددٍ من الروايات الدالَّة على تملِّك الصحابة في الفترة المبحوث عنها نُسخَاً خاصَّةً مدوَّنةً من القرآن الكريم: «تكشف رواياتٌ عدَّةٌ عن اقتران الحديث عن مصحف الخليفة أبي بكر، بمصاحفَ لصحابةٍ آخرين نتيجةَ اجتهاداتٍ فرديّةٍ. ويبدو أنّ عدد هذه المصاحف لم يكن قليلاً، وربّما من الخطأ بمكان الاعتقاد بانحصار هذه المصاحف في ما ورد ذكره في الكتب المتخصّصة». ولكن ما مصير تلك المصاحف؟ يقول (بلاشير): «يبدو أنّ بعض هذه المصاحف بقي حتَّى أواخر القرن الرابع الهجريّ، حيث بقيت نماذجُ ومجلَّداتٌ من تلك المصاحف المنسوبة إلى الصحابة، إلا أنّ ما بقي حتَّى تلك الفترة قليلٌ، وغيرُ كاملٍ، وبالتالي لا يمكن الرهان عليه... (همانجا، 54الى 56 بتلخيص قليل)
ويُشير (بلاشير) في عِدَاد أصحاب المصاحف إلى كلٍّ من: (سالم بن معقل)، و(عبد الله بن عباس)، و(عبد الله بن مسعود)، و(أبيّ بن كعب)، و(المقداد بن عمرو)، و(أبي موسى الأشعري)، و(عليّ بن أبي طالب(عليه ‏السلام)، ويُشير في دراسته إلى خصائص هذه المصاحف وعدد السوَر الموجودة فيها، وترتيب تلك السور، كما يُشير إلى نماذجَ من الاختلاف بينها معتمِداً في ذلك على ما يُروى في الكتب المتخصصة في هذا المجال (المصدر نفسه، 64).
نتائجُ آراء بلاشير في ما يتعلق بمصاحف الصحابة في فترة خلافة أبي بكر.

أهمّ النتائج التي ينتهي إليها (بلاشير) في بحثه عن هذه الفترة:
1- لا تدلّ الروايات الواردة حول جمع القرآن وتدوينه، على رغبةٍ في توحيد المصحف وتعميم نُسخةٍ واحدةٍ منه واعتمادها بين المسلمين، ويستوي في ذلك ما يرتبط بعصر النبيّP، وما يرتبط بعصر أبي بكر (المصدر نفسه، 66).
2- تكشف المقارنة بين مصحفَيْ (أُبيّ بن كعب) و(عبد الله بن مسعود)، عن اختلافٍ واضحٍ حول ترتيب السوَر فيهما. وهذا الاختلاف عامٌّ في المصحفين كليهما. ولكن هل يوجد هذا الاختلاف في سائر المصاحف أيضاً؟ لا يرى (بلاشير) وجود ما يدلّ على الاختلاف ولا ما ينفيه. ولكن ما لا يشكّ فيه (بلاشير) هو: لو أنّ تدوين المصحف وترتيب سوره تمّ في عصر النبيّP؛ لما استطاع أحدٌ من أصحابه إعادة ترتيبه بطريقةٍ مختلفةٍ عن الطريقة التي اعتمدها صاحب الرسالة (المصدر نفسه، 67).
3- لم يُراعَ الترتيب في هذه المصاحف، فمصحف ابن مسعود خالٍ من بعض السوَر، بينما نجد أنّ مصحف (أُبيّ بن كعب) يحتوي على سوَرٍ لا توجد في المصحف السابق، كما أنّها لا توجد في المصحف الحاليّ المُتدَاول بين المسلمين، ولكن مضمون نموذجين من السور القصار التي يُروى أنّها كانت موجودةً في مصحف (أُبيّ بن كعب)، قد وصلنا، ولا ندري هل كانت هاتان السورتان في مصحف أبي بكر أم لا (المصدر السابق67).
4- بين هذه المصاحف اختلافاتٌ جمّةٌ في القراءات. ولا ندري في عصرنا هذا هل إنّ القراءات التي تُنسب إلى (عليّ بن أبي طالب) وإلى (ابن مسعود)، هل ترجع إلى تلك الفترة أم لا؟ ويبدو أنّ بعض هذه القراءات على الأقلّ يرجع إلى تلك المصاحف، وإلى تلك الفترة، ومن ذلك ما يُروى حول قراءة سورة العصر، فهي في القرآن على النحو الآتي: ﴿وَٱلۡعَصۡرِ 1 إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ 2 إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ﴾ بينما هي في القراءة المنسوبة إلى ابن مسعود، على النحو الآتي: «والعصر إنّ الإنسان لفي خسر. وإنّه لفيه إلى آخر الدهر، إلا الذين...»، وفي القراءة المنسوبة إلى (عليّ بن أبي طالب): «والعصر ونوائب الدهر، إنّ الإنسان لفي خسر، وإنَّه لفيه إلى آخر الدَّهر، إلا الذين آمنوا. (المصدر المتقدم، 68).
5- كما أنّ شكْلَ الخطّ في تلك المصاحف لم يكن واحداً، وما يؤكّد ذلك أنّ الخطّ العربيّ نفسه لم يكن قد تكامل وبلغ ما بلغه في فترةٍ لاحقةٍ من وضوحٍ في كيفيّة تصوير الحروف والكلمات. وبالتالي لم يكن ممكناً الاطمئنان إلى ذلك الخطّ في صورته الأوّليّة والقراءة بالاعتماد عليه دون اللجوء إلى الذَّاكرة والحفظ. ومن هنا، نكتشف أنّ حماس المسلمين ورغبتهم في تدوين القرآن بعد وفاة رسول اللهP، لم تُحقّق ما كانوا يصبُون إليه من الحصول على نُسخةٍ معياريّةٍ كاملةٍ للوحي:»...وبناءً على ذلك، لم يكن لأيِّ حاكمٍ يهتمّ بمصالح الدِّين والمجتمع الإسلاميّ الوليد أن يتحمّل ذلك الوضع وتجاهل اعتماد نسخةٍ معياريّةٍ للوحي، والقيام بالمهمّة التي لم يقم بها النبيّ نفسه في حياته» (المصدر السابق، 69).

نقد آراء بلاشير في ما يتعلق بجمع القرآن في عصر أبي بكرٍ:
في تحليل (بلاشير) للروايات الواردة حول جمع القرآن في عهد أبي بكرٍ ما يستحقّ التوقّف عنده، والالتفات إليه وأُشير على وجه التحديد هنا إلى الاحتمالات التي يُثيرها حول الدَّوافع التي دعت عمراً وأبا بكر إلى جمع القرآن، حيث يرى أنّ المسألة لا تعدو كونها رغبةً شخصيّةً منهما في الحصول على نسخةٍ خاصّةٍ من الوحي. وبالتالي التساوي مع سائر الصحابة الذين يملكون ذلك (المصدر نفسه، 54)، ولذلك نلاحظ أنّ مصحف أبي بكر لم ينتقل إلى الخليفة الثاني بطريقةٍ رسميّةٍ بوصفه من ممتلكات الخلافة الإسلاميّة، بل وصل إلى عمر من خلال الإرث عبر أخته حفصة (نفس المصدره، 71)، ولكن في المصدر نفسه توجد هناك انتقادات عديدة في ما يتعلق بآراء بلاشير وهي كما يأتي:
ألف- يعترف (بلاشير) بتدوين القرآن في زمن رسول اللهP، ولكنّه في الوقت عينه يدّعي أنّ ما دُوّن في تلك الفترة ليس القرآن كلّه، بل كانت الذاكرة هي الأساس في تداول القسم الأكبر من القرآن (المصدر نفسه، 47)، وعلى الأقلّ يدّعي أنّ رغبة المسلمين في الحصول على نسخةٍ معياريّةٍ من القرآن الكريم لم تتحقّق، بالمستوى الذي كانوا يَصبُون إليه. هذا ولكنّ هذه الدعاوى بعيدةٌ عن الواقع ومجانبَةٌ للصواب، حيث إنّ الوقائع التاريخيّة تكشف عن مجموعةٍ من العناصر التي تساعد على الاعتقاد بتدوين القرآن في عصر النبيّP، ومن ذلك: ذكر التاريخ عدداً من لأشخاص ووصفهم بكونهم كتّاب الوحي في زمن النبيّP، وتوفّر وسائل الكتابة في تلك الفترة التاريخيّة، بل وإشارة عددٍ من الروايات التي ذُكِرت في كُتب التاريخ إلى رغبةٍ أكيدةٍ عند النبيّP في تدوين القرآن (المصدر نفسه، 70) وقد تم بحث هذه المواضيع بالتفصيل في كتب تاريخ القرآن. (انظر: راميار، 257، و261، 263، و257و280).
ب- يعتمد (بلاشير) في تثبيت النتائج التي يَنتهي إليها على روايات أهل السنّة، وعلى ضوء تلك الروايات ينتهي إلى: «أنّ الظروف التي استجدّت بعد وفاة النبيّ دعت إلى اعتماد حلولٍ لم تكن ضروريّةً حال حياته» (المصدر نفسه، 45)، وفي المصدر نفسه ادعاء أبي بكر للرد على مقترح عمر لجمع القرآن قال: «كيف أُقدم على عملٍ لم يفعله رسول الله P». (البخاري، 6/580) والكلام نفسه تقريباً يُنقَل عن (زيد بن ثابت)، عندما طلب منه (أبو بكر) و(عمر) تولّي هذه المهمة الثقيلة (المصدر نفسه، 6/ 581، وكذلك انظر (ابن أبي داود، 12و13)، ويُؤخذ على (بلاشير) عدم بناء رؤيته إلى المسألة على جميع ما ورد في روايات أهل السنّة، حيث يُنقل عن (زيد بن ثابت) قوله: «كنّا حول رسول الله P نؤلّف القرآن من الرِّقاع» (نقلاً عن صاحب المباني، 49، انظر: الزركشي، 1/237و256 والسيوطي، 1/202، وهذان -الزركشي والسيوطي- ينقلان عن الحاكم النيشابوري) وهذا الحديث التاريخي كما هو واضحٌ من نصّه يدلّ على عمليّتين كانتا تحصلان في ما يتعلَّق بالقرآن، هما: الكتابة على رقاعٍ متفرَّقةٍ، ثمَّ جمع تلك الرِّقاع. وعلى ضوء هذه الرواية وما شابهها يصعب تصديق أنّ الدَّافع نحو تدوين القرآن هو الخوف عليه من الضيَاع بعد أن استعر القتل بالقرّاء.
ج- يعترف (بلاشير) بوجود ما يدلّ على توفّر عددٍ من الصحابة على نسخٍ مدوَّنةٍ من القرآن، ما يدعوه إلى التشكيك في تصدّي (أبي بكر) و(عمر)، لمسألة جمع القرآن. ولكنّه إلى جانب ذلك يدّعي أنّ الاختلاف بين مصاحف الصحابة كان اختلافاً فاحشاً دون أن يُخضِع الروايات التي تتحدّث عن اختلاف المصاحف للنقد والتمحيص. ويُشار هنا إلى انتشار التعليم في زمن رسول اللهP، على الأقلّ في ما يرتبط بالقرآن، الأمر الذي سمح بانتقال القرآن بالتواتر. (الخوئي، 256، المعرفة، 159)
وبناءً على هذا الفرض الأخير لا يُمكن قبول الروايات التي تتحدّث عن وجود الزيادة في بعض المصاحف كمصحف أُبيّ بن كعب، والنقص في مصاحف أخرى كمصحف عبد الله بن مسعود، والقول بتحريف القرآن اعتماداً عليها.
د-على الرغم من التضخيم الذي يبديه بلاشير في موضوع مصاحف الصحابة والاختلافات الموجودة بينها إلا أنه لم يستطع إنكار تواتر القرآن وقيمته عند المسلمين في هذا العصر حيث يقول: «ومن العجيب أنّ انتقادات الخوارج والشيعة للمصاحف العثمانيّة، لم تمنع هؤلاء من قبول مصحف عثمان واعتماده بينهم» (المصدر نفسه، 61) وما يُؤخذ على (بلاشير) هنا أيضاً، هو تجاهله للمصادر الشيعيّة وما تقوله في هذا المجال، فلو أنّه رجع إلى الكافي مثلاً، لوجد أنّ أئمّة الشيعة لا يكتفون بتأييد القرآن المُتداول بين المسلمين فحسب، بل ويقرّون القراءة المتداولة بينهم أيضاً (الكليني، 2/631و632).
هـ- خلافاً لنظريّة بلاشير الذي يعتقد بأن النبي لم يقم شخصيّاً بمقابلة نصوص القرآن في حياته، لكن بين الروايات ما يدلّ على تصدّي النبيّP لهذه المهمّة قبل وفاته (العاملي، 71: ختم القرآن في العصر النبوي، علي الصغير، 77). وبالإضافة إلى ذلك في بعض الأحيان يطلب النبيّP من بعض الصحابة كـ(ابن مسعود) قراءة القرآن وعرضه عليه، (ابن اثير جزري، 3/283و287) وكذلك تداول هذا في سيرة الإمام علي Q(العسكري 1/182نقلاًعن كنزالعمال)، وعلى هذا المنوال العديد. لقد تمّ ختم القرآن ومقابلته من قبل النبي P والصحابة المقربين مثل الامام علي Q، وأبي بن كعب وعبدالله بن مسعود لعدةِ مراتٍ.
ج- جمع القرآن في عهد خلافة عثمان: بناءً على الروايات التاريخية قام بلاشير بطرح قضية جمع القرآن في خلافة عثمان، واعتبرها حقيقةً مُسَلَّماً بها. ويرى أنّ سبب تصدّي (عثمان) لهذه المهمّة هو اختلاف القراءات بعد التقرير الذي رفعه (حذيفة بن اليمان) بعد عودته من فتح أرمينيا (المصدر السابق، 71). وبعد أن يقبل (عثمان) باقتراح (حذيفة بن اليمان) يشكّل لجنةً مؤلّفةً من: (زيد بن ثابت)، و(عبد الله بن الزبير)، و(سعيد بن العاص)، و(عبد الرحمن بن الحارث). (نفس المصدر) ويرى (بلاشير) أنّ هذه اللجنة انطلقت في عملها من النُسخة التي تركها (أبو بكر) قبل وفاته، والتي كانت عند ابنته (حفصة). ولكن ما سبب ذلك؟ يعتقد (بلاشير) بأنّ مصحف أبي بكر لا يمتاز عن سائر مصاحف الصحابة (المصدر السابق، 75) إلا أنّه يقوِّي مشروعه بالاعتماد على نُسخةٍ منسوبةٍ لخليفتين سابقَين عليه، وبالتالي يكون وارثاً لمن سبقه من السلف، ومتابعاً لما بدأه من خطواتٍ. وبالتالي فإذا لم يستطع بفعله هذا قطع دابر الخلاف بين المسلمين حول القرآن، يكون على الأقلّ قد حاول التخفيف من حدَّة ذلك (المصدر نفسه، 77و78).
ولكن أهم موضوع في تحليل بلاشير بخصوص»جمع القرآن في زمن عثمان هوالاهتمام بهيئة كتابة القرآن التي تشكلت من ثلاثةِ أشخاصٍ مكيين وشخصٍ واحدٍ مدنيٍّ. وبحسب نظرية بلاشير فإنّ الاجراء الذي اتّخذه عثمان في هذا المجال كان وفق حساباتٍ سياسيّةٍ، ففي هذه الحالة «إذا دقّقنا في تركيب هذه اللجنة يتّضح لنا أنّ الخليفة التقيّ (عثمان) الذي كان شديد التأثّر بنفوذ أقاربه، كان خاضعاً في هذا الأمر أيضاً للحسابات القبليّة التي كانت سائدةً بين وجهاء مكَّة وأشرافها في تلك الفترة. فلا يُوجد في تلك اللجنة سوى المدافعين حتَّى الموت كلٌّ منهم عن مصالح أهل بلده، فبين أعضاء هذه اللجنة ثلاثةٌ من وجهاء مكّة هم: (سعيد)، و(عبد الرحمن)، و(ابن الزبير)، وهؤلاء جميعاً بالنسبة إلى الخليفة هم عشيرته الأقربون، بل توجد بينهم صلات قربى من خلال النساء والمصاهرة. وما كان لمثل هؤلاء أن يدوِّنوا مصحفاً يتضمّن غير ما هو متداولٌ بين أهل بلدهم (مكّة). وزيد بن ثابت المدنيّ لم يكن يرى نفسه أدنى منزلةً من هؤلاء، ولذلك كان يعتقد أنّ الانطلاق في تدوين القرآن من مصحفٍ آخرَ غير مصحفه، عملٌ بعيدٌ عن الصواب. ومصحف أُبيّ بن كعب مصحفٌ مدنيٌّ أيضاً ولا بدّ من أن يكون وفيّاً لتُراث أهل بلده، وأمَّا مصحف أبي موسى الأشعريّ فهو مصحفٌ واحدٍ من عرب جنوب الجزيرة، ومصحف عبد الله بن مسعود هو حاصل حماس شابٍّ غيرِ مقرَّبٍ، وأخيراً مصحف علي بن أبي طالب هو مصحف المعارضة. وبناءً على هذا الاستعراض يتّضح الغرض من تشكيل هذه اللجنة من قبل الخليفة عثمان، حيث إنّ جوهر المحاولة تلك هو تحلّي هذه الجماعة المختارة بشرف تدوين مصحفٍ مكّيٍّ وحمل سائر المسلمين على قبوله واعتماده. وبالتالي كان الهدف هو إبعاد بعض الصحابة وحرمانهم من دعوى وجود مصحفٍ خاصٍّ لديهم، وعلى رأس هؤلاء علي بن أبي طالب وأُبَيّ وجماعةٍ آخرين. ولا ينقل لنا التاريخ لوماً أو تأنيباً من هؤلاء المبعدين لهذه اللجنة أو اتّهاماً لها. ولكن بعد ذلك بدأت تظهر بعض الدعاوى من قبل المؤيّدين لعلي (عليه ‏السلام) والمعارضين لعثمان بحذف الإشارات المؤيدة لعلي من القرآن» (المصدر السابق، 75 إلى 77 بتلخيصٍ).
 ثمّ إنّ (بلاشير) ورغم تشكيكه في وثاقة هذه اللجنة التي شكَّلها (عثمان)، إلا أنّه يشير إلى توافق الروايات الواردة حول تلك المرحلة، حول اعتراف جميع المسلمين بالنصِّ الذي جمعته اللجنة المذكورة، وعدم مواجهة إنجاز (عثمان) بأيِّ اعتراضٍ جدّيٍّ. وأمّا معارضة (عبد الله بن مسعود)، فيرى فيها محاولةً شخصيّةً منه للانتصار لنفسه، حيث كان يعتقد بأنّه أفضل من (زيد بن ثابت) للقيام بهذه المهمّة (المصدر المتقدم).

نقد آراء بلاشير حول جمع القرآن في زمن عثمان:
يُمكن توجيه النقد الجادّ إلى آراء (بلاشير) حول جمع القرآن في عهد (عثمان) من جهتين، هما:
ألف- إنّ حكم (بلاشير) على مصاحف الصحابة وعدّها جميعاً منسوجةً على أساس المصالح القبليّة والاجتماعيّة المحيطة بهم، لهو حكمٌ غيرُ صحيحٍ أو على الأقلّ هو حكمٌ لا دليلَ عليه. نعم نحن نعترف بوجود مؤشّراتٍ تدلّ على وجود أشياءَ أُخرى في مصاحف الصحابة غير النصّ القرآني نفسه، مثل بعض التوضيحات والشروح المرتبطة ببعض الآيات ممَّا صدر عن النبيّP في مناسبةٍ أو أُخرى (انظر: مسلم، 1/438، البغوري، 1/220، الزمخشري، 1287 وكذلك مرتضى العسكري، القرآن الكريم وروايات المدرستين، 2/191) بعد جمع القرآن في عهد عثمان وحرق مصاحف الصحابة، فتلك الإيضاحات تكون قد تلفت أيضاً. (العسكري، دور الأئمة في احياء الدين، 14/48 إلى 50)، وتتفاوت نسبة هذه الإيضاحات في مصاحف الصحابة، وأغنى هذه المصاحف هو مصحف الإمام علي Q في الدرجة الأولى، (العياشي، 1/26) ومن ثم مصحف ابن مسعود (راميار، 362، المعرفة، 91)، وإن عثمان لم يعثر على أيِّ واحدٍ من هذين المصحفين، ولكن ليس لديه دليلٌ واضحٌ بأن هذه الإيضاحات لا علاقة لها بالمصالح العرقية والقبلية أو الحزبية، ولا نعرف أن بلاشير على أيِّ دليلٍ يستند في وصفه لمصاحف ابن مسعود وأبي بن كعب والإمام علي بأنها تدافع عن مصالح فئاتٍ خاصّةٍ.
ب- إنّ حكم (بلاشير) على أعضاء اللجنة التي كلّفها (عثمان) بجمع المصحف وتوحيده، بأنّها قريبةٌ من (عثمان) هو حكمٌ صحيحٌ تؤيّده المعرفة بروابط هؤلاء الأشخاص بالخليفة. ولا شكّ أيضاً في أنّ (عثمان) لم يُدخِل في عديد لجنته تلك أفضل الأفراد المؤهلين للقيام بهذه المهمّة (معرفت، 100). ولكن ماذا يُستفاد من هذه الحقائق؟ فهل يعني أنّ اختيار أعضاء اللجنة من المقرَّبين إلى (عثمان) قد أدّى بالضرورة إلى تكوين مصحفٍ موافقٍ لهوى الخليفة، وعلى حدّ تعبير (بلاشير) إلى حذف ما يُزعجه من إشاراتٍ من المصحف؟ إذا كان مراد (بلاشير) من هذا الكلام هو حذف التوضيحات والشروحات الملحقة التي كانت مدوَّنة في المصاحف، فإنّنا نوافقه على ذلك وقد أشرنا إلى هذا المطلب قبل قليلٍ. وأمَّا إذا كان يَقصد أنّ هذه اللجنة عمدت إلى بعض الآيات التي لا توافق مصلحة الخليفة فحذفتها من القرآن، فما الذي يُبرِّر قبول سائر المسلمين بمصحفٍ ناقصٍ نُسِجَ وفق مصالح الحاكم، وهل كان الحاكم في الدولة الإسلاميّة في ذلك العصر يملك كلّ هذه السلطة التي تمنع من الاعتراض عليه حتَّى لو وصل به الأمر إلى تحريف القرآن وحذف بعض آياته؟! إنّنا لا نستطيع تبرير قبول المسلمين للمصحف العثمانيّ، إلا برضاهم عن عمل اللجنة على الأقلّ بالحدود المعقولة التي لم تؤدِّ إلى التصرّف في القرآن بالزيادة والنقص. ويؤكِّد ما نُشير إليه أنّ السلطة قد انتقلت بعد عثمان] إلى من اعتبرهم (بلاشير) متضرِّرين من عمل الخليفة الثالث، فلو كان علي (عليه ‏السلام) عاجزاً عن الاعتراض على (عثمان) وقت خلافته، فإنّ من الطبيعي أن يُبدّل المصحف بعد استلامه السلطة بعد الثورة على (عثمان) ومقتله على يد الثوار، الأمر الذي لم يفعله علي Q كما لم يفعله الأئمَّة من بعده، بل نجد أنّهم كانوا عبر التاريخ يوصون بالرجوع إلى المصحف المُتداول بين المسلمين ويستشهدون به حين يعوزهم ذلك سواءً في مقام الاحتجاج على خصومهم أو غير ذلك من الحالات التي كانوا يرجعون إلى القرآن الكريم.

الاستنتاج:
تبين ممَّا تقدّم أنّ دراسات المستشرقين تحتاج إلى نقدٍ وتمحيصٍ جادٍّ، وعلى هذا الأساس يمكن القول بأننا نتكلم عن نوعين من الاستشراق:
وهما الإستشراق العلمي، وهذا الاستشراق فيه نوعٌ من التعاطف مع الإسلام والمسلمين. والنوع الآخر هو الاستشراق السياسي وهو الذي جمع فينشاطه الإرث التاريخي لعداء المسلمين وواصل السير بهذا الطريق. إن الاستشراق المتعاطف يمكن أن نشاهده في الجامعات وحتى في بعض المؤسّسات الدينيّة وبعض الكنائس, وهناك عدةُ مبرراتٍ لوجوده.
الأول: إن دعم المؤسّسات السياسيّة لدراسات الاستشراق يمكن أخذها على نحو السالبة الجزئية، حيث إن المؤسّسات الاستشراقيّة لم تكن هي جميعُها مدعومةً من قِبل الحكومات، والبعض من هذه الجمعيات يتمتع بدعمٍ من قبل الحكومات، وتوجه لهم الحكومات الطلبات بالقيام ببعض الأبحاث. وحينما ينتفي مبرر السياسة يكون الحافز العلمي بدلاً عن الحافز السياسي.
الثاني: إن الخصومة التي تُظهرها الكنيسة تجاه الشرق الإسلامي أقلُّ حدةً ممّا كان من قَبل. فمن بعد الاعتراف بالإسلام بأنه دينٌ من قِبل هيئة الفاتيكان الثانية ما بين سنة 1962-1965، وذلك يعد من الأحداث المهمّة، زالت النظرة العدائية، وحلّت مكانها نظرةٌإيجابيّةٌ.
الثالث: وهو مهمٌّ جدّاً، وهو الحضور الواسع للمسلمين في الدول الغربيّة في مراكز الدراسات الشرقيّة والدراسات الإسلاميّة، على خلاف الفترات السابقة حيث كان جميع المحققين ليسوا من المسلمين، ولكن في الوقت الحاضر يوجد فيها علماء مسلمون، وهذه أثّر في الحد من روح العداء.
الرابع: يمثّل فضاءً يُصطلح عليه فضاء ما بعد الحداثة، وهو في الواقع ليس محل بحثنا هنا. فمهما كان تفسيرنا وفهمنا لما بعد الحداثة -فسواء اعتبرناه ردة فعلٍ على الحداثة, أو استمرارا للفوضى أو منطق انعدام الضوابط-، ففي النتيجة هو فرصة للخروج من الإطار الضيق الذي وُجد في فترة سيادة مرحلة الحداثة. وهذا أيضاً عاملٌ آخرُ لكسر قواعد عصر الحداثة، وتعزيز النزعة الواقعية. إذاً، بسبب العوامل التي تقدم ذكرها نشأ موقفٌ إيجابيٌّ إلى حَدِّ ما تجاه الاسلام. كل هذا الميول الموجود في الغرب نحو الإسلام يمكن مشاهدتها بشكل ملحوظ، مع زيادةٍ في الطاقات الموجودة في الغرب، لكن التبليغ للإسلام لم يكن صحيحاً وبموازاة تلك الميولات، لا سيما أن الدعاة للإسلام في أوروبا في الوقت الحاضر يدعون للإسلام بروحٍ سلفيةٍ متطرفةٍ وهابيةٍ، وهذا النوع من الإسلاموية يتأثّر بعواملَ من بينها الاستشراق المتعاطف والمنفصل عن المؤسسات السياسيّة. ولكنْ، من جهةٍ أخرى يقال بأن الاستشراق الحكومي والسياسي وبتعبيرٍ صحيحٍ الاستشراق الإعلامي لازال موجوداً، بمعنى أن هذا الأسلوب الذي يوفر الوجبات لوسائل الإعلام أكثر نراه في وسائل الإعلام لا في المحافل العلميّة، والأمر نفسه بالنسبة للصحفي الغربي حينما يأتي للدول الشرقية ويُجري الحوارات فهو يبحث عن مجموعة نقاطٍ في نشاطه الإستشراقي التي تصلح للنشر الإعلامي. هؤلاء يبحثون عن جزئياتٍ صغيرةٍ وهي تشكّل مركز تساؤلاتهم. ومن الواضح أن الصحفي نفسه لا يعرف ماذا يسأل، ولكن في نظرة كليّةٍ فهو يقوم بنوعٍ من جمع المعلومات والدراسات والتعرّف على الإسلام بنموذجٍ خاصٍّ، وخلاصة الكلام: كلا التيار ينيجب أخذه بنظر الاعتبار في التحليل.
1.أنّ دراسات المستشرقين القرآنية تحتاج إلى نقدٍ أساسيٍّ وبنَّاءٍ للبحوث.
2. خلافاً لأفكار بلاشير، إن القرآن الكريم قد كُتب هو جميعُه في حياة النبي P، وهذا مُجمَعٌ عليه من قِبل باحثي علوم القرآن المسلمين.
3.القرآن الكريم كُتب في زمن النبي بصورةٍ كاملةٍ. وعلى الرغم من الاختلاف بين الباحثين في هذا المجال، إلا أنّ هذه النظريّة لها من يؤيدها بين السنة والشيعة، ومن الشيعة نُشير إلى كلٍّ من: (السيَّد الخوئي) و(السيّد مرتضى العسكري) و(السيّد جعفر مرتضى) و(الشيخ علي كوراني).
4 - إنّ جمع القرآن في عهد (أبي بكر) يبدو أنّه كان عملاً فرديّاً يهدف إلى أغراضٍ شخصيّةٍ ومنافسةٍ بعض الصحابة على نُسخٍ خاصَّةٍ بهم من القرآن، لذا لم يجد قرآن أبي بكر استقبالاً في المجتمع.
5. خلافاً لرأي ونظريّة بلاشير، إنّ جمع القرآن في عصر عثمان لم يكن عملاً سلطويّاً محضاً ولمصالحَ سلطويَّةٍ، بل كان عملاً شارك فيه عددٌ من الصحابة وارتضاه آخرون ووثقوا بما نتجَ عن عمل تلك اللجنة المكلّفة من الخليفة بذلك. ويبدو أنّ أحد الأهداف التي كانت تراد من توحيد المصاحف هو القضاء على اختلاف القرّاء والقراءات، وهو هدفٌ قد تحقّق وكانت له آثارٌ إيجابيّةٌ جمَّةٌ.

الهوامش:
1. رجيه بلاشير (Régis Blachere) من علماء فرنسا المعاصرين لديه أعمالٌ عديدةٌ من تأليفٍ وكتابةِ مقالاتٍ في مجال القرآن الكريم والأدب العربي والمباحث الأخرى من العلوم الإسلاميّة. وكانت ترجمته للقرآن الكريم إلى اللغة الفرنسيّة أهمّ أعماله التي كان لها دورٌ كبيرٌ في شهرته. وقد بذل جهداً كبيراً لتكون ترجمته من الترجمات التي تجمع بين الفصاحة والاعتدال، وربما يمكن القول أنّ ترجمته هي من بين أفضل الترجمات الأوروبيّة. وقد كتب لترجمته مقدمةً علميّةً تكشف عن سعة اطلاعه وتضلّعه في الدراسات القرآنيّة والتاريخيّة. كما وتكشف هذه المقدمة عن خبرةٍ واسعةٍ في اللهجات العربيّة المختلفة وعلى الخصوص لهجتَيْ مكة والمدينة. ويكتشف المتتبع لأعمال بلاشير تأثّره بمن سبقه من المستشرقين من أمثال: الألماني نولدكه وغيره من المستشرقين، إلا أنّه يجمع إلى ذلك جهداً واضحاً في الرجوع إلى المصادر الإسلاميّة الأصيلة. ويحاول بلاشير جاهداً إظهار نفسه محايداً، ولذلك يتجنب التشكيك في النص القرآني وإخضاعه للأسئلة التي تشكك في أصالته وتثير غبار التساؤلات حول القرآن الكريم كما حول النصوص الإسلامية الأولية كالسنة النبوية الشريفة. ولكن مع هذه الرغبة في الحياد أو ادعائه، إلا أنّ بعض آرائه وأفكاره على الأقل لا تنسجم مع ما هو مقبولٌ ومسلَّمٌ أحياناً بين المسلمين. ورغم خلوّ كتابات بلاشير من الحملات الحادة التي يمتلئ بها تراث الاستشراق الأوروبي، إلا أنّ من الواضح أنّ الفضاء الذي يحكم على تفكير بلاشير هو الفضاء البعيد عن الفضاء الإمامي، ومردّ ذلك إلى أنّ المستشرقين تعرّفوا على العالم الإسلاميّ بكل تفاصيله ومنها التشيّع، من خلال العالم الإسلامي بقسمه السنّي. وعلى ضوء ذلك نلاحظ أنّ بلاشير وغيره كثيرين يجهلون الكثير عن التشيّع والأفكار الشيعيّة. وعلى أيِّ حالٍ حاول أحد الباحثين المتخصصين في القرآنيّات وهو الدكتور محمود راميار، ترجمة أفكار بلاشير إلى اللغة الفارسيّة مع نقدها والتعليق عليها إلى قرّاء الفارسيّة، ونشر ذلك في كتاب: «در آستانه قرآن»، نشرته مؤسّسة فرهنك إسلامي. لمزيد من الاطلاع على بلاشير وأفكاره، انظر: ريجيه بلاشير، در آستانه قرآن، ترجمة: محمود راميار، دفتر نشر فرهنك إسلامي، 1363هـ.ش.، ص: 3-5. للنشر. لمعرفة المزيد من أخبار وأفكار بلاشير راجع المصدر نفسه (هذا الكتاب) ص: 3 إلى5.
2. قدم الاستشراق في العصر الحاضر أبحاثاً متنوّعةً حول القرآن وكل ما يرتبط به. ويتمايز المستشرقون في المناهج والدوافع ونتائج الأفكار. وتختلف دوافع الاستشراق بين السياسة والتجارة والعلم والاستعمار والتبشير. راجع (حمدي زقزوق، الاستشراق والخلفيّة الفكريّة، القاهرة، دار المنار، 1409هـ.، ص: 88؛ محمّد حسين الصغير، دراساتٌ قرآنيّةٌ، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، 1413هـ.، ص: 15-21؛ مصطفى السباعي، الاستشراق والمستشرقون ما لهم وما عليهم، بيروت، دار الورّاق، 1422هـ.، ص: 20-31). وعلى ضوء ذلك، فإنّ الاستشراق هو طيْفُ عريضٌ يجمع بين صفوفه علماء منصفين ومحايدين كما يضمّ مغرضين لا يمثّل لهم العلم سوى أداة في خدمة الغرض الذي يصبون إلى تحقيقه. ولكن يكشف تتبّع أعمال المستشرقين على اختلاف توجّهاتهم وانتماءاتهم عن عددٍ من المشاكل التي تعاني منها الدراسات الاستشراقيّة حول القرآن. ومن أبرز تلك
المشاكل:
ألف- الانطلاق من فرضيّاتٍ مسبقةٍ حول عقائد المسلمين لا تتفق بالضرورة مع ما يؤمن به المسلمون أنفسهم.
ب- عدم اعتمادهم تصنيفاً واضحاً للمصادر الإسلاميّة، والتعامل معها جميعها بشكلٍ واحدٍ.
ج- الاهتمام بنقد النصوص والروايات لجهة متنها انطلاقاً من الفرضيّات الخاصة المتبنّاة عندهم، وإغفال السند وعدم الاهتمام به.
د- الاستنتاجات غير الصحيحة من الآيات والروايات والسبب في ذلك يعود إلى عدم معرفة اللغة العربيّة وثقافة المسلمين.
هـ- عدم وجود نهجٍ شاملٍ لجميع القرائن القرآنيّة، والحديث، والتاريخ في القضية التي يتم دراستها.
هذه الحقائق تظهر ضرورة دراسة آراء المستشرقين والنقد العلمي لهؤلاء أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى بواسطة علماء القرآن المخلصين.
وهذه المقالةُ تُعَدُّ خطوةً صغيرةً تم فيها نقد ومناقشة آراء بلاشير. (لمعرفة المزيد من الدراسة القرآنية للمستشرقين والخطر الناتج عنها راجع مجلة معارف پژوهش چینی، العدد9، ص: 41 إلى62).
3- كتب الأستاذ محمود راميار ناقداً نظريّة بلاشير: «كيف يمكن لرئيس مجتمعٍ ومؤسّسِ نظامٍ اجتماعيٍّ وفي آخر لحظات حياته هو على فراش الموت أن يغفل عن تحكيم أسسٍ مهمّةٍ في المجتمع، ويغفل عن مسألة خليفته واستمرار الشريعة التي أسّسها؟ وهو خاتم النبيين والشريعة التي جاء بها باقيةٌ ما دامت الحياة. لا بد أن تكون هذه الشريعة حيّةً وشامخةً، فكيف يمكن أن يغفل عن استمرار القيادة في المجتمع من بعده والناس في بداية دخولهم للإسلام ولم يمض زمنٌ طويلٌ على تمسكهم بالإسلام ولم تمض سوى عشرين سنةً على بداية نشوئه فكيف له أن يهمل مستقبل الأمة فيتركها ويغادرالحياة، فكلُّ شخصٍ عاديٍّ يفكر بالجيل الذي من بعده، وعلى الأقل يفكر لتركته وإرثه، فكيف بمعلم البشريّة وقائد الأمة ألّا يعبأ بمستقبل البشريّة، وهل إن الله سبحانه وتعالى يرسل الأنبياء لفترةٍ معينةٍ وتنتهي رسالتهم، والناس في الأرض سدًى بلا هدايةٍ على خلاف نظريّة بلاشير فكرة الخليفة من بعد النبي كانت موجودة ومن بداية الإسلام حينما كان الإمام عليّ صبيّاً والنبي تكفله وعامله معاملة الابن وكان مع النبي حتى آخر ساعةٍ من حياته ومن دون أن يغفل عنه ولا لحظةً واحدةً، ومراراً وتكراراًأكّد على مسامع الناس بأن «من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه»، والنقطة الآخرى وهي أنّ طرح هذه الآراء تبين المستوى الفكري الإسلامي لهذه الطائفة من العلماء وخاصة الفكر الشيعي. (المصدر نفسه، 12).
4- يقول الشيخ «إنّ اللجنة التي كلفها عثمان بهذه المهمة الخطيرة لم تؤدِّ دورها على أكمل وجه وأحسنه، وكان من المناسب اختيار من هو أكثر كفاءةً منهم؛ وتكشف بعض الروايات التاريخيّة عن طلب اللجنة المذكورة مساعدة مجموعة من الصحابة منهم: أبي بن كعب، ومالك بن أبي عامر، وكثير بن أفلح، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، ومصعب بن سعد، وعبد الله بن فطيمة، وبحسب رواية ابن سيرين وابن سعد، استعانت اللجنة بخمسة آخرين وبالتالي يصل عدد الذين كان لهم دورٌ في جمع المصحف وتوحيده إلى ما يقرب من اثني عشر رجلاً. وعلى ضوء ذلك لا يبقى أيُّ اعتبارٍ للقول بأنّ هذه اللجنة مالت إلى مصالحها القبلية ورجحتها أثناء جمعها للقرآن». تاريخ القرآن:
راجع قاموس المعين؛ وكذلك البرهان للزركشي المجلد الأول الصفحة 278؛ والإتقان للسيوطي، المجلد الأول صفحة 50؛ كذلك قاموس العميد والقرآن والدراسات القرآنيّة، قسم القراءات والقراء.
تاريخ القرآن، السيد محمّد باقر الحجتي، الصفحة 250.
في ضيافة القرآن، رجي بلاشير، الصفحة 228.
5- وللمزيد من الإطلاع راجع كتاب «المستشرقون البريطانيّون» تأليف أبوالقاسم الطاهري؛ وكتاب «دراسة العقائد والعلوم الشيعيّة» تأليف د.عبد الجواد فلاطوري؛ ومقالة «إسلام أز دریچه چشم مسیحیان» (الإسلام من وجهة نظر المسيحيين)، تأليف مجتبى مينوي؛ ومقالة «المستشرقون والإسلام» غلامرضا سعيدي؛ ومقالة «الاستشراق في روسيا وأوروبا»، بارتولد، ترجمة حمزة سردادور.

المصادر:
الاستشراق وعلماء الاستشراق، حوار مع د.محسن الويري، الانترنت، 16/ 5/ 1386هـ.ش.
الاستشراق، إدوارد سعيد، ترجمة عبد الرحيم كواهي ص: 15و16.
علماء الاستشراق والدراسات القرآنية، محمّد حسن علي الصغير، ترجمة محمّد صادق شريعت
المصدر نفسه، ص: 22.
الاستشراق وعلماء الاستشراق، مقابلة مع د.محسن الويري، الانترنت، 15/ 5/ 1386هـ.ش.
در آستانه قرآن/ريجي بلاشير.
المفردات في غريب القرآن، الراغب الاصفهاني، مركز نشر الكتاب، طهران1404هـ.ق.
الطباطبائي، سيد محمّد حسين، تفسير الميزان، ترجمة محمّد باقر الموسوي الهمداني، طهران، مجمع النشر المحمدي، سنة 1363هـ.ش.
عبد الباقي، محمّد فواد، المعجم المفهرس، القاهرة، دار الكتب المصرية، 1364هـ.ش.
القرشي، سيد علي أكبر، قاموس القرآن، طهران، دار الكتب الإسلاميّة، 1361هـ.ش.
آرام، زهراء، المقارنة الاجمالية على شرح الحوادث التاريخية بين التوراة والإنجيل مع القرآن، طهران، نشر اميد دانش (رجاء العلم)، سنة 1389هـ.ش.
هاكس، جيمز، قاموس الكتاب المقدس، بيروت، 1928م طهران، أساطير 1377هـ.ش.
العقيقي، نجيب، المستشرقون، بيروت2003م.
داود الكميجاني، تقرير وصفي عن الكتاب المقدس، طهران، منظمة طبع ونشر الارشاد، سنة1384هـ.ش. القرآن الكريم.
ابن ماجه، محمّد بن يزيد، السنن، بيروت، دار الكتب العلمية بلا تاريخ.
بلاشير، ريجي، در آستانه قرآن ترجمة محمود راميار، مركز نشر الثقافة الإسلاميّة، 1363هـ.ش
ابن أبي داود، عبد الله بن سليمان، المصاحف، بيروت، دار الكتب العلميّة، 1405هـ.ق
ابن أثير الجوزي، عزالدين، أسد الغابة في معرفة الصحابة، بيروت، دار الفكر، 1409هـ.ق
البخاري، محمّد بن إسماعيل، صحيح البخاري، بيروت، دار القلم، 1407هـ.ق
البغوي، حسين بن سعود الفراء، معالم التنزيل، بيروت، دار المعرفة، 1415هـ.ق
الحاكم النيشابوري، محمّد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، بيروت، دار الفكر، 1422هـ.ق.
حمدي زقزوق، محمود، الاستشراق والخلفيّة الفكريّة، القاهرة، دار المنار، 1409هـ.ق.
الخوئي، سيد أبو القاسم، البيان في تفسير القرآن، دار الزهراء، 1408هـ.ق.
راميار، محمود، تاريخ القرآن، منشورات أمير كبير، 1362هـ.ش.
الزمخشري، جار الله محمود، الكشاف عن غوامض...، بيروت، دار الكتاب العربي، 1407هـ.ق.
الزركشي، بدر الدين، البرهان في علوم القرآن، بيروت، دار المعرفة 1391هـ.ق.
السباعي، مصطفى، الاستشراق والمستشرقون ما لهم وما عليهم، بيروت، دار الوراق، 1422هـ.ق.
السجستاني، سليمان الأشعث، السنن، بيروت، دار إحياء التراث العربي، بلا تاريخ.
السيوطي، جلال الدين، قم، منشورات رضى، بيدار، 1363هـ.ش.
الطباطبائي، سيد محمّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، منشورات الأعلمي للمطبوعات، 1393هـ.ق.
الطبري، محمّد بن جرير، تاريخ الرسل والملوك، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1378هـ.ق.
العسكري، سيد مرتضى، القرآن الكريم وروايات المدرستين، المجمع العلمي الإسلامي، 1415هـ.ق.
المصدر نفسه، دور الأئمة في إحياءالدين، طهران، نشر مجمع العلمي الإسلامي، 1375هـ .ق.
علي الصغير، محمّد حسين، الدراسات القرآنية، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، 1413هـ.ق.
العاملي، جعفر مرتضى، حقائقُ هامّةٌ حول القرآن الكريم، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1410هـ.ق.
العياشي، محمّد بن مسعود، تفسير العياشي، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1411هـ.ق.
الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي، طهران، دار الكتب الإسلاميّة، 1363هـ.ش.
المعارف، مجيد، مقدمة في الدراسات القرآنية عند المستشرقين ومعرفة آفاته، طهران، مجلة الدراسات الدينيّة، رقم9، 1384هـ.ش.
معرفت، محمّد هادي تاريخ القرآن، منشورات سمت (الجهة)، 1375هـ.ش.
النيشابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1376هـ.ق.
صاحب المباني وابن عطية، مقدمتان في علوم القرآن، مع تصحيح آرتور الجفري، مصر، مكتبة الخانجي، 1954هـ.ق.
تاريخ القرآن، ص: 142.
القرآن والآخرون، ص: 17.
نظريّة علماء العالم حول القرآن والنبي محمدP، ص: 45.
ادموند بورك-25.
اعترافات كبار علماء العالم، ص:61.
تاريخ وعلوم القرآن، ص: 188.
القرآن والكتب السماوية الأخرى، ص: 301.
الأستاذ مونتكرمي واط.
الدراسات الاسلاميّة الغربيّة، 48.
قرآن وديگران، ص: 47.
طبقات مفسران شيعة، ج1، ص: 183.
العقيقي، نجيب، «المستشرقون»، القاهرة، 1947م.
هستينكر، جيمز، «دائرة معارف الأديان»، نيويورك، منشورات اسكيبنر، سنة1910م.
إلياده، ميرشيا، «دائرة معارف الأديان»، فرع لندن، شركة مك مليان في نيويورك.1987م.
أسعدي، مرتضى، «الدراسات الإسلاميّة في الغرب الناطقة باللغة الإنجليزيّة (من البداية إلى الشورى الثانية من الفاتيكان في سنة 1965»، طهران، منشورات سمت (الجهة)، سنة 1381هـ.ش.
بلاشير، روجي، «ادر آستانه قرآن»، (ترجمة محمود راميار)، طهران، منشورات مركز النشر للثقافة الإسلاميّة، سنة 1374هـ.ش.
بوكاي، موريس، «المقارنة بين التوراة، الإنجيل، القرآن والعلم»، ترجمة ذبيح الله دبير، طهران نشر الثقافة الإسلاميّة، سنة1374هـ.ش.
وير، رابرت المحرر العام، «العالم الديني الأديان في المجتمعات المعاصرة»، ترجمة عبد الرحيم كواهي، طهران، منشورات مركز نشر الثقافة الإسلاميّة، سنة1374هـ.ش.
جان. بي. ناس، «تاريخ جامع الأديان»، ترجمة علي أصغر حكمت، طهران، المنشورات العلميّة والثقافيّة، سنة137هـ.ش.