البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

المستشرق أغناطيوس كراتشكوفسكي وأصول البديع في القرن الثالث الهجري

الباحث :  أ.دحامد ناصر الظالمي
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  21
السنة :  شتاء 2020م / 1441هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 11 / 2020
عدد زيارات البحث :  1770
تحميل  ( 534.600 KB )
مدخل
كان الاستشراق الروسي في نظر الدارسين مبتعدًا عن الأهداف غير العلمية، أي الأهداف السياسية تحديدًا؛ لذا فإن بعض الدارسين لم يطلقوا عليه (الاستشراق) الروسي بل أطلقوا عليه (الاستعراب) الروسي، إذ تقول الدكتورة فاطمة عبدالفتاح: «إن الاستعراب الروسي لم يكن انتقائيًّا في تعامله مع المصادر والمخطوطات العربية وبما يوظف هذه الانتقائية لخدمة أهدافٍ استعماريةٍ»[1]، بل إن المستشرقين الروس ولا سيما كراتشكوفسكي (1883- 1951)، يُعَدّون من أفضل أساتذة الاستشراق، وكان كراتشكوفسكي لا يحبذ مصطلح (الاستشراق الروسي)، ويرى الأفضل أن يكون (الاستعراب الروسي)[2].

كراتشكوفسكي
نشأ كراتشكوفسكي في فلنا عاصمة ليتوانيا القديمة، فقد كان أبوه يوليان فومتش مديرًا لمعهد المعلمين فيها، ويقوم بتدريس بعض اللغات الأوربية، ثم سافر إلى طشقند وبقي فيها ثلاث سنواتٍ (1885-1888) وانتدب مديرًا للمدرسة الاكليريكية، فدخل كراتشكوفسكي المدرسة الإعدادية سنة 1893 وتخرج في الإعدادية سنة 1901، وتُعدّ طشقند هي العاصمة الفكرية للمقاطعات الإسلامية التابعة لروسيا آنذاك، وقد أمضى إجناتي إغناطيوس كراتشكوفسكي طفولته في هذا الوسط الناطق باللغة الأوزبكية فتعلمها، وتركت الحياة في طشقند أثرًا عميقًا جدًّا في نفسه[3].
أحبَّ اللغة العربية من خلال مطالعاته آنذاك، ثم التحق بقسم اللغات الشرقية في جامعة سان بطرسبورغ، فقد درس اللغة العبرية على كولوفكوف Kolovcov، واللغة الحبشية على تورائيف Turaev، ثم اشمدت Schmidt، كما حضر دروس زوكوفسكي Zukovshij في اللغتين الفارسية والتركية، ودرس تأريخ الشرق الإسلامي عند المؤرخ الروسي العظيم بارتولد، وعلم اللغة عند Melioranskj، وتأريخ الأدب العام عند فسلوفسكي، ومع أنطوان خشاب وهو لبنانيٌّ من طرابلس وكان معيدًا للعربية، فتدرب كراتشكوفسكي على لغة التخاطب بلهجةٍ شاميةٍ[4].
أنجز رسالةً عن إدارة الخليفة المهدي، نال عنها وسامًا ذهبيًّا عام 1905... ثم تم انتدابه أستاذًا، فعميدًا للكلية الشرقية. ثم أوفدته جامعته إلى الشرق من سنة 1908 وحتى عام 1910، فطاف في سوريا ولبنان وفلسطين ومصر مترددًا على خزانتها العلمية ومكتبتها، وكانت تلك السفرة بوصيةٍ من أستاذه روزن (الذي تُوفيَ في يناير سنة 1908)، وقد ذهب كذلك إلى أوديسا (جنوبي روسيا) ومنها إلى إستانبول ثم أزمير وإلى سوريا ولبنان ومصر، وبقي في لبنان شتاءين كان يحضر دروسًا في كلية اليسوعيين، واستطاع أن يتقن التخاطب باللهجة اللبنانية، وأن يتابع قراءة الصحف المحلية وأن يطلع على الأدب العربي المعاصر لا سيما اللبناني منه، وتعرّف على أمين الريحاني، فترجم له في ما بعد مجلدين من أدبه إلى الروسية وتعرّف على الأب لويس شيخو وهنري لامنس اليسوعي وإلى المستشرق الأب رونزفال الذي كان يهتم باللهجات العامية العربية[5].
في عام 1914 رحل إلى ليبزج وهالسه ولندن لدراسة المخطوطات وبعد ذلك أشرف على القسم الشرقي في لينينغراد، وبعد ذلك أصبح عضوًا في مجمع العلوم الروسي خلفًا لأستاذه روزن عام 1921. وحصل على وسام لينين اعترافًا بفضله على الثقافة الروسية والعالمية في حفظ المكتبات أثناء حصار لينينغراد في الحرب العالمية الثانية إذ بقي في تلك المدينة وتحديدًا في المكتبة العامة أثناء العمليات العسكرية ولم يغادرها[6].
عند ذهابه إلى مصر كان يتردد على قسم المخطوطات في دار الكتب المصرية آنذاك، ويتردد كذلك إلى مكتبة الجامع الأزهر، وحصل على مخطوطة رسالة الملائكة، فأمضى عشرين عامًا في دراستها، حتى نشرها عام 1932، ضمن منشورات المعهد الشرقي، ثم نشرها مرةً أخرى محمد سليم الجندي في دمشق سنة 1944، وهكذا اهتم كراتشكوفسكي بجمع مخطوطات المعري وكتب بحثًا عن (رسالة الغفران) للمعري ونشره في مجلة Islamica، الجزء الأول ص: 344-356 [7].
وتقول المستشرقة الروسية ذات الأصل الفلسطيني كلثوم عودة فاسيليفيا أنها حضرت سنة 1916 مناقشة رسالة كراتشكوفسكي للماجستير في جامعة بترغراد، وكانت عن الوأواء الدمشقي، وحقق مخطوطة ديوانه وترجمه إلى الروسية مع التحليل والتعليق، مع مقدمةٍ مهمةٍ جدًّا عن الشعر العربي وتأريخه وتطوره[8]. ثم تطورت علاقته معها وعملا معًا في دراسة مؤلفات أغابيوس المنبجي، وبحث في ترجمات الكتاب المقدس إلى العربية التي تمت في عهد المأمون[9]، وكتبَ مقدمةً لكتابات كلثوم عودة فاسيليفا عندما جمعتها سنة 1928، وكانت مقدمةً شاملةً وعميقةً عن الأدب العربي الحديث خلال الربع الأول من القرن العشرين وتُرجِمَتْ هذه الدراسة إلى لغاتٍ عدةٍ وأُعيد نشرها في (مجموعة كراتشكوفسكي في الجزء الثالث ص47- 64)[10]. وكلثوم عودة فاسيليفا هي التي أشرفت على جمع وطباعة مجموعة كراتشكوفسكي في ستة مجلداتٍ وصدرت عن أكاديمية العلوم في الإتحاد السوفيتي في موسكو سنة 1965 وترجمت كلثوم مجموعةً من البحوث.
وعندما كان الأديب الروسي الكبير مكسيم غوركي مهتمًّا بمشروع نشر الآداب العالمية، شارك كراتشكوفسكي ضمن هذا المشروع وترجم كتاب الاعتبار للأمير أسامة بن منقذ إلى اللغة الروسية[11].
ويبقى كراتشكوفسكي ينماز عن غيره بأنه أول مستشرقٍ أوروبيٍّ يُعنى بالأدب العربي الحديث ولا سيما أدب المهجر الذي لم يشتهر آنذاك كثيرًا ولم ينل عنايةَ الباحثين عربًا ومستشرقين، بل كان أدبًا مجهولًا، فترجم كما ذكرنا أدب أمين الريحاني إلى الروسية مع مقدمةٍ مهمةٍ تعطي القارئ الروسي صورةً واضحة عن الريحاني وأُعيد نشر هذه المقدمة في ما بعد في (مجموعة كراتشكوفسكي 3/137 - 145) وخصّ الريحاني ببحث عنوانه (فيلسوف الفريكة) ونشره في كتابه مع المخطوطات العربية ص97 [12].
وكتب كراتشكوفسكي عام 1928 دراسةً مهمةً عن (الأدب العربي في أمريكا) نشرها في مجلة (أنباء جامعة لينينجراد سنة 1928 الجزء الأول ص1-7)، فكانت أول دراسةٍ جدّيةٍ عن هذه المدرسة الأدبية[13]. وكتب دراسةً عن ميخائيل نعيمة وأدبه (نُشرت في مجموعة كراتشكوفسكي 3/223-228)، ودراسةً عن جبران (نُشرت في مجموعته 3/348-351).

الاستشراق الروسي
امتاز الاستشراق الروسي عن غيره من مدارس الاستشراق بدراسة الأدب العربي الحديث الذي لم تهتم به تلك المدارس التي اهتمت بالدراسات الإسلامية والقرآنية والنحوية واللغوية القديمة. فبعد ثورة سنة 1917، ازداد هذا الاهتمام، لأن مدرسة الاستشراق الروسي نظرت إلى الأدب الحديث على أنه أفضل مَنْ يمثل المجتمع العربي المعاصر وليس الأدب القديم وخاصة الأدب القصصي، وأنّ استعراض هذا الموضوع (أي دراسة الاستشراق الروسي للأدب العربي الحديث) موضوعٌ يطول الوقوف عليه، وقد كتب فيه الأستاذ نجدة فتحي صفوة، وإن لم يستوفه حقه، ولكن موضوعنا هو المستشرق كراتشكوفسكي تحديدًا، إذ كتب سنة 1919 مقالًا مهمًّا استعرض فيه علاقة الأدب العربي الحديث بالآداب القديمة وما ينماز به عليها[14]، وكتب سلسلة دراساتٍ عن:

1.جرجي زيدان (مجموعة كراتشكوفسكي 3/234-237).
2.مي زيادة (مجموعة كراتشكوفسكي 3/244-246).
3.الزهاوي (مجموعة كراتشكوفسكي 3/251-254).
4.محمود تيمور (مجموعة كراتشكوفسكي 3/255-260).
5.توفيق الحكيم (مجموعة كراتشكوفسكي 3 /344-347).
وكتب بحثًا عن الأدب العربي في القرنين التاسع عشر والعشرين «نشره في مجلة فوستوك (أي الشرق) سنة 1922 الجزء الأول 67-73»[15].
وكتب كراتشكوفسكي دراسةً مهمةً عنوانها «درس الآداب العربية الحديثة مناهجه ومقاصده في الحاضر، نظرٌ واقتراحٌ» نشرها في مجلة المجمع العلمي العربي في دمشق سنة 1930 المجلد 10 ص17-28.
ويقول الدكتور نجدة فتحي صفوة: «طلب محررو الطبعة الدولية لدائرة المعارف الإسلامية في سنة 1934 أن يكتب كراتشكوفسكي لها بحثًا لمادة تأريخ الأدب العربي الحديث، فكتبه باللغة الألمانية، وكان أول بحثٍ في موضوعه باللغات الأوروبية وفيه عيّن الظروف الزمنية والجغرافية للأدب العربي الحديث واستشف الخطوط العامة لتطوره محللًا شتى الأشكال الأدبية من شعرٍ وروايةٍ وقصةٍ ومسرحيةٍ»[16]. ولكنني عندما رجعت إلى دائرة المعارف الإسلامية المُشار إليها، وبطبعتها المترجمة إلى العربية ذات الستة عشر مجلدًا لم أجد هذا البحث الذي ذكره الدكتور نجدة فتحي صفوة.
وبعد الحرب العالمية الثانية تطورت دراسات المستشرقين للأدب الحديث وكراتشكوفسكي منهم، إذ «نشر في عام 1946 كراساً عن المدارس والاتجاهات الأدبية في البلدان العربية في القرن العشرين، وألقى في عام 1947 محاضرةً عن التيارات الحديثة في الأدب العربي في مصر، عرض فيها تلك التيارات حتى نهاية سنة 1946 تقريبًا، وأشار إلى ظهور أدباء من الجيل الجديد في مصر يختلفون في آرائهم واتجاهاتهم عن كُتّاب الرعيل الأول، وعاد في سنة 1949 إلى الموضوعات نفسها في مقدمته لكتاب كلثوم عودة فاسيليفا...، كما كتب تحليلاً لشعر يوسف غصوب ومحمد مهدي الجواهري بمناسبة صدور مجموعتين من أشعارهما»[17].
اهتم كراتشكوفسكي بكتابات طه حسين وبدراساته، فقد ترجم «إلى اللغة الروسية كتاب الأيام وعرّف القرّاء الروس بأدب هذا الكاتب العربي المعاصر، وقد نُشرت هذه الترجمة في سنة 1934 مع مقدمةٍ عن المؤلف وتعليقاتٍ على الكتاب، وكتب بعد ذلك مقالًا في (جريدة موسكو المساء) واسعة الانتشار للتعريف بالأيام ومؤلفه، ودراسةً أخرى بعنوان (طه حسين وروايته الأيام) نُشِرت في مجموعته، ولعل هاتين الدراستين هما أول ما كُتِبَ عن هذا الأديب المعاصر الكبير وكتابه الخالد، ولكراتشكوفسكي دراسةٌ أخرى عن طه حسين ناقش فيها آراءه المعروفة في الشعر الجاهلي وآراء نقـّاده»[18].
ولكراتشكوفسكي رأيٌ مهمٌّ في كتابات طه حسين وعدّه متطرفًا ولذلك انتقده، ففي حوار خليل تقي الدين معه في بداية الخمسينيات عندما سأله «هل يصلكم شيءٌ من المؤلفات العربية الحديثة؟ فقال: يصلنا من مصر أكثر مما يصلنا من سوريا ولبنان وغيرها من البلاد العربية، وقد قرأتُ أخيرًا (وحي الصحراء) لمحمد حسين هيكل، وهو كتاب يُلفت النظر، وقرأتُ لطه حسين، وهو متطرفٌ قليلًا، اعتبرَ أنّ جميع الشعراء كوضاح اليمن منحولين وأظنه متطرفًا في هذا لكن انتقاداته مليحةٌ ونظراته طيبةٌ»[19].
تركيزنا على دراسة كراتشكوفسكي لطه حسين، ورأيه فيه، لنا فيها غايةٌ سنعود إليها لاحقًا، وهكذا فنحن أمام مستشرقٍ كتب أول دراساته عن الأدب العربي «سنة 1911 في بحثٍ مستفيض عن الرواية التأريخية في الأدب العربي المعاصر، وهو بحثٌ نقديٌّ تحليليٌّ عن روايات جرجي زيدان ويعقوب صروف وفرح أنطوان وجميل نخلة وغيرهم، وقد تُرجِمَتْ هذه الدراسة إلى اللغة الألمانية سنة 1930 بقلم جوهرد فون مندي، وَتَحَدَّثَ عن ذلك أنستاس ماري الكرملي في مجلته لغة العرب الجزء العاشر السنة الثامنة تشرين أول سنة 1930 ص797»[20].

فيرا كراتشكوفسكايا
تحدثنا عن والد كراتشكوفسكي ودوره في تكوين شخصيته، ولكن الغريب في الأمر أن تكون زوجة كراتشكوفسكي نفسه هي من المستشرقات الروسيات اللاتي عنين بالدراسات القرآنية، وهي (فيرا كراتشكوفسكايا) التي ولِدتْ عام 1884 وهي خبيرةٌ بالنقوش الإسلامية، وقد أصدرت مجلة الكتابات الشرقية عام 1947، ومن مؤلفاتها (نوادر مخطوطات القرآن من القرن السادس عشر نشرته سنة 1960).
ونعود إلى كراتشكوفسكي الذي قرأ لطه حسين وَتَرجَمَ له ودرسه، فبحثه (البديع في القرن السابع الهجري) ما هو إلاّ ردٌّ علميٌّ دقيقٌ على ما كتبه طه حسين حول البلاغة العربية في بحثه (البيان العربي من الجاحظ إلى عبد القاهر الجرجاني) الذي نشره الدكتور عبدالحميد العبادي كتمهيدٍ لكتاب (نقد النثر) المنسوب لقدامة بن جعفر، فبحث طه حسين قُدِّمَ إلى مؤتمر المستشرقين باللغة الفرنسية في 11/9/1933، وتَحَدَّثَ فيه عن الأثر اليوناني والفارسي والهندي في البلاغة العربية كما يراه، وحديث كراتشكوفسكي، كان عن صروح البلاغة الثلاث (اليوناني، الهندي، العربي) ولم يَتكلَّم عن الفارسي، فاليوناني والهندي لم يؤثرا في البلاغة العربية كما أكد كراتشكوفسكي على ذلك في بحثه.
ففي الوقت الذي درس كراتشكوفسكي وحقق كتاب (البديع لابن المعتز) وهو أول تحقيقٍ لهذا الكتاب، وعَدَّ هذا الكتاب رائدًا في الدراسات البلاغية، ولم يتأثر صاحبه بأي مؤثر وافد آخر، نجد أنّ الدكتور طه حسين أراد أن يُبيّن الأثر اليوناني في هذا الكتاب وهو لم يطلع على الكتاب ولم يره إطلاقًا وهو ما قاله الدكتور طه حسين نفسه في بحثه السابق الذكر، وأنه أراد أن يُثبت الأثر اليوناني في الشعر العربي عن طريق شعر أبي تمام الذي اعتقد الدكتور طه حسين أنه من أصلٍ يوناني، ونَسيَ أنّ الشعر اليوناني له طريقته الخاصة في البناء الفني والموضوعي، فهو شعرٌ ملحميٌّ قصصيٌّ مسرحيٌّ، ليس كالشعر العربي الذي يخلو من ذلك تمامًا، وأن أبا تمام لا علاقة له باليونان من قريبٍ أو بعيدٍ. وهذه الأخطاء والتناقضات هي ما تحدّث عنه كراتشكوفسكي في ما سبق عن الدكتور طه حسين حين انتقده.
يرى كراتشكوفسكي أنَّ «في الأدب العالمي ثلاثة صروحٍ كبيرةٍ من البديع جميعها أصيلٌ وجميعها يستحق أن يُسمّى بالكلاسيكي لما كان له من تأثيرٍ في دائرته الخاصة.
الصرح الأول: هو اليوناني الذي نال في كل مكانٍ أوسعَ شهرةٍ، لقد نشأ هذا البديع بتأثير مؤلفات أرسطو وأصبح الآن في فروعه جميعًا يستحق أن يُسمّى عمومًا بالبديع الأوربي.
الصرح الثاني: هو البديع الهندي الذي كان وما يزال الشكل الكلاسيكي الذي يعتمده الأدب التبتي والمونغولي، ونلمسا انعكاسات هذا الصرح من البديع عند شعوبٍ أخرى من شعوب الشرق الأقصى، أما إمكان تأثيره تأثيرًا ذا شأنٍ في الأدب الصيني، فمسألةٌ لم يُبتّ فيها نهائيًّا، فإذا كان هذا التأثير غير موجودٍ وجب علينا أن نضيف إلى هذه الصروح الثلاثة صرحًا رابعًا قائمًا بذاته هو الصرح الصيني وإن لم يكن كلاسيكيًّا إلاّ لدائرة اللغات الصينية.
الصرح الثالث: هو العربي الذي أصبح عامًّا لجميع شعوب الشرق الأدنى بانتشار الحضارة العربية الإسلامية، فنفوذه المباشر يشمل الآداب الفارسية والتركية والهندوستانية والأفغانية وغيرها، كما أن أثره امتدّ إلى الأدب الكرجي عن طريق الأدب الفارسي أضف إلى ذلك أن آثاره تظهر أيضًا في الشعر العبراني في القرون الوسطى»[21].

أصالة البديع العربي
ويؤكد على عدم الأثر الأرسطي في البديع العربي بقوله: «نستطيع التأكيد بأن أرسطو لم يترك أي أثرٍ في تطور تحليل الإبداع الشعري عند العرب، ولم يكن بديع أرسطو إلاّ حادثةً طارئةً في تأريخ البديع العربي[22]، لأنه من الصعب وجدان آثار النفوذ اليوناني في نشوء البديع العربي، فقد ولِدَ هذا في بيئةٍ تختلف عن البيئة التي نشأ فيها البديع اليوناني كل الاختلاف، نشأ في أوساط اللغويين العرب الذين لم يستندوا في أبحاثهم إلى نظريةٍ أجنبيةٍ بل إلى استقصاء لغتهم هم»[23].
ويقول كراتشكوفسكي عن الجاحظ أنه لم يتأثر بكتابات أرسطو «لا نستطيع أن نجد في المؤلفات العربية التي تتناول البديع أي أثرٍ لآراء أرسطو، فهذه المؤلفات تختلف جدًّا عن مؤلفات الفيلسوف اليوناني معنىً ومبنًى، وخير مثالٍ يُساق هنا لتعزيز هذا الرأي الكاتب الشهير الجاحظ (ت255هـ - 869م)، فقد كان الجاحظ يعرف أرسطو خير معرفةٍ وكان يسمّيه بأبي المنطق ويذكره كثيرًا في مؤلفاته خصوصًا في كتاب الحيوان، ولكن (أبا المنطق) هذا لا يُذكر مطلقًا تقريبًا إلاّ حجةً في علم الحيوان، لأن جميع أقواله استقيت من كتابه عن الحيوانات، بل يمكن الشك في مبلغ معرفة الجاحظ بسائر مؤلفات أرسطو، لسنا نستطيع حتى الآن أن نقطع هذا الشك ولكننا نستطيع التأكيد»[24]. 
أما عن فهم الفلاسفة العرب لكتاب الشعر لأرسطو، فإن كراتشكوفسكي يرى أنهم لم يفهموه على الرغم من فهمهم لفلسفة أرسطو وشرحهم لها، إذ يقول عن ابن سينا وابن رشد، «ومن المشكوك فيه أن يكون الأخير قد فهم فهمًا صحيحًا بديع أرسطو، ففي نقله الطليق لهذا البديع عرّف التراجيديا بأنها فن المديح والكوميديا (فن التقريع) وعلى هذا الأساس تصبح القصائد العربية تراجيديات والهجاء كوميديا، فإذا كان حتى الفلاسفة قد فهموا بديع أرسطو هذا الفهم فلا عجب أن رأينا الباحثين في نظرية الأدب ينفرون في كثير من الأحيان من البديع اليوناني»[25].
وعن كتاب البديع لابن المعتز يقول كراتشكوفسكي: «كان فعلًا أول كتابٍ من نوعه ولم ينحُ فيه صاحبه منحى أحدٍ ممَّنْ سبقه، طبيعيٌّ أنه كان يعرف كل ما خلفه شعبه من أدبٍ بل كان يعرف فضلًا عن ذلك كل مَنْ سبقه من الباحثين في المواضيع القريبة من موضوع بحثه ولكن الفكرة الأساسية لكتابه هي له وليست لأحدٍ غيره، أنه أول مَنْ حاول أن يحلل تحليلًا متماسكًا الأسلوب الشعري عند العرب كما كان يفهمه هو بالطبع»[26].
وفي نهاية دراسته للبديع في القرن التاسع وبعد استعراض جهد الجاحظ وجهد ابن المعتز في ضوء مخطوطة كتابه البديع يصل كراتشكوفسكي إلى نتيجةٍ مهمةٍ تنقض فكرة الدكتور طه حسين. وهذا البحث كتبه كراتشكوفسكي سنة 1930، وكان بحث طه حسين بعد هذا أي سنة 1933، ولكن كراتشكوفسكي ينقض أصل الفكرة التي هي ليست لطه حسين تمامًا مثلها مثل فكرة الانتحال في الشعر الجاهلي، فهذه الفكرة وتلك هي من أفكار بعض المستشرقين السابقين لطه حسين أخذها منهم، وكراتشكوفسكي هنا يردّ على أولئك الذين أفاد منهم طه حسين وهو بالضرورة يردّ على فكرة طه حسين، فيقول: «يجب الاعتراف بأن البديع العربي نشأ على أساس دراسة اللغة العربية نفسها لا بتأثير فكرةٍ مجردةٍ، فمن مثال الجاحظ نرى كيف نشأ البديع وكيف تطور المعنى اللغوي البسيط للكلمة بعد تذبذباتٍ وتغيراتٍ كثيرةٍ ونشأ منه المعنى الخاص الذي أزال المعنى العادي إزالةً تامةً من السيكولوجيا اللغوية، وما تحليل الأمثلة عند ابن المعتز والجاحظ إلاّ دليلٌ مفحمٌ على أن البديع العربي قام في بادئ الأمر على أسسٍ لغويةٍ، ولعل هذا ما يفسر كون البديع السيكولوجي الأرسططاليسي لم يترك مطلقًا أَيَّ أثرٍ طويل الأمد في العرب وظلّ بعيدًا عن الباحثين في الأدب»[27].
وَيَتَحَدَّث كراتشكوفسكي عن منهج قدامة بن جعفر في كتابه نقد الشعر وأنه يختلف في منهجه عن السابقين، فهو دقيقٌ في عمله ويعرض فكرته بطريقةٍ منظمةٍ، ولكنه كسابقه ابن المعتز «اعتمد قدامة على المصادر نفسها التي اعتمد عليها سابقاه وهي علم الآداب العربية في ذلك الزمن، ونستطيع اعتبار كتابه أصيلًا أصالة مؤلفات الجاحظ وابن المعتز كما أن طريقة تفكيره أَضفَتْ على كتابه شيئًا كبيرًا من شخصيته... وأنه بلا شكٍّ يعرف كتاب البديع ويأتي على ذكر شواهدَ بديعيةٍ بالترتيب نفسه الذي ذكرها به ابن المعتز ولكنه لا يسمّي هذا الأخير باسمه مطلقًا... وإن كتاب قدامة يترك في النفس شعورًا بأنه غريبٌ عن العرب بعض الشيء وذلك إذا قورن بمؤلفات ابن المعتز والجاحظ وهذا هو السبب الذي جعله رغم مزاياه الجليلة لا يحظى بالأثر الكبير الذي حَظِيَتْ به المؤلفات السابقة»[28].
النتائج التي توصّل إليها كراتشكوفسكي أكّدها دارسون عربٌ محدثون بعده، إذ يقول الدكتور إبراهيم سلامة: إنّ ما فعله ابن المعتز في مصطلحات البديع هو دليلٌ على أصالة البلاغة العربية التابعة لأصالة الأدب، فكما لم يستمدّ الأدب العربي في أصله من أية أمةٍ أخرى حتى ولو كانت الأمة اليونانية من حيث الشكل والأداء والتصوير[29]. وفي نهاية دراسته لابن المعتز يؤكد الدكتور إبراهيم سلامة على ذلك الرأي، إذ يقول: «وقد تتبعنا كلّ ما أتى به ابن المعتز تقريبًا وقارنّا بما يمكن أن يكون له شبيهٌ بالبلاغة اليونانية فوجدنا الأصالة أظهر ما يظهر من خصائص الكتاب – أي البديع – وخطة ابن المعتز بالقياس إلى خطة أرسطو في تعريفاته، فتعريفات ابن المعتز تعريفاتٌ لغويةٌ أكثر منها منطقية حلل فيها مدلول التسمية من الناحية اللغوية ودلَّ على مصدره العربي فليس بين عمله وعمل أرسطو كبير صلةٍ، اللهم إلاّ المشابهة بين الخطتين فكما أنّ أرسطو تتبع شعراء اليونان واستخرج من كلامهم علمًا هو علم البلاغة وفنًّا هو فن البيان، تتبع ابن المعتز أيضًا كلام العرب وشواهد الشعر العربي فاستخرج منها للمرة الأولى عِلمًا وفنًّا»[30]، وأنه أفاد من مصطلحات اللغويين السابقين كأستاذه ثعلب أحمد بن يحيى ت 291هـ وتحديداً كتابه (قواعد الشعر) الذي سار ابن المعتز على نهجه في العرض وذِكر الأمثلة لبعض الفنون البديعية، وقد ألـّف كتابه (البديع) وهو في سن الشباب قبل أن يتعمّق في دراسة آثار الثقافات الأخرى[31].
لم يتنبّه الدكتور طه حسين إلى هذا الأثر المتبادل بين العرب القدماء وأخذهم عن بعضهم البعض سواءً في البلاغة أم في اللغة، ولعلنا نقول أنه حتى فكرة الطبقات عند ابن سلام الجمحي هي فكرةٌ موجودةٌ في التراث الفقهي والحديثي قبل الميدان الأدبي والنقدي، فطبقات ابن سعد (ت 230هـ) هي رائدة في هذا المجال، وقد ذكر ابن النديم مجموعةً من كتب الطبقات لفقهاء ومحدثين قبل ابن سلام منهم الهيثم بن عدي (ت 207هـ) والواقدي (207هـ) بل إن واصل بن عطاء (ت 131هـ) قد سبقهم في موضوع الطبقات، فكتب طبقات أهل العلم والجهل، ويقصد بأهل العلم أصحابه المعتزلة وأهل الجهل غيرهم، وهكذا الحال مع الأدباء والنقّاد بل وأصحاب اللغة والمعاجم، فكتاب الجوهري (الصِحاح في اللغة) لَعلّه يذكرنا بكتب الصحاح في الحديث كصحيح البخاري ومسلم، هكذا هي العلوم العربية والإسلامية. إنها متداخلةٌ مع بعضها البعض ومؤثرٌ أحدها في الآخر دون الحاجة لأثرٍ أجنبيٍ.

البديع عند العرب في القرن التاسع لإغناطيوس كراتشكوفسكي
لم يُعالج البديع عند العرب في القرن التاسع إلاّ مرةً واحدةً وذلك في مؤلفٍ دانيماركيٍّ. وها قد مضى أكثر من خمسٍ وأربعين سنةً على نشر الأستاذ المساعد في كوبنهاغن آ. ميرين أثره الكبير الأول (البلاغة عند العرب)[32] دون أن نستطيع حتى الآن أن نورد ذكر أثرٍ آخر مماثلٍ له حقًّا. إن ميرين لم يستطع إعطاء صورةٍ عن التطور التأريخي لهذه البلاغة وكل المصادر التي اعتمد عليها في كتابه تعود إلى عصر انحطاط العلم العربي ولم يكن الوقت قد حان آنذاك لحل أي مسألةٍ من المسائل المتصلة بنشوء البلاغة والبديع وبالعصر الذي نشأ فيه. ثم جاءت السنوات الأخيرة فحملت معها شيئًا جديدًا، وأدّت الدراسة النظرية للبديع عمومًا إلى نشوء مدرستين في روسيا: الأولى مدرسة الكساندر فيسيلوفسكي التي تنحو منحًى تأريخيًّا، والأخرى مدرسة آ. آ. بوتيبني التي هي أقرب إلى المنحى اللغوي السيكولوجي. وقد ألقت مؤلفات كوينغ، التي سار فيها على طريقةٍ جديدةٍ، الضوء على البديع في التوراة[33] وأعطى ريكيندورف تحليلًا لبعض الألفاظ المجازية في اللغات السامية[34].
وقد حاول أحد علماء العرب أخيرًا أن يتتبع تأريخ تطور النقد الأدبي عند العرب في خطوطه العامة[35]. ثم إن المؤلفات التي تعتمد على التركيب من نوع الكتاب الذي يتمتع بشهرةٍ عالميةٍ نعني كتاب لارسون (Hans Larsson) "La logique de la poésie" (باريس 1909) تُبين بمزيدٍ من الجلاء مقدار تقدمنا عمّا في زمان ميرين في آرائنا النظرية. وإلى جانب المؤلفات النظرية الواسعة ظهرت في الشرق موادُّ جديدةٌ في البديع العربي ولكن كثيرًا مما نشر هناك لم يستعمل الطريقة الانتقادية. ولهذا فليس عندنا حتى الآن، باستثناء كتاب ميرين، نصٌّ واحدٌ من هذا النوع عولج بروحٍ انتقاديةٍ، ومع ذلك فإن هذه المواد الجديدة تسمح لنا بأن نقول – على سبيل الإشارة وإنْ لم يكن بالأمر النهائي – بوجود بعض الخطوط العامة في تأريخ نشوء البديع العربي وتأريخ العصر الذي نشأ فيه. وذلك هو هدفي الوحيد من حديثي هذا.
عُرِفَتْ في الأدب العالمي ثلاثة صروحٍ كبيرةٍ من البديع، جميعها أصيل، وجميعها يستحق أن يُسمى بالكلاسيكي لما كان له من تأثيرٍ في دائرته الخاصة[36] وقد أشرنا إليها في طيات البحث.
وبالنظر إلى هذا الانتشار وهذا النفوذ تكتسب مسألة أصالته أهميةً خاصةً: هل نشأ حقًّا في دائرة لغته أم أنه انعكاسٌ من الانعكاسات العديدة للبديع الأرسططالي الكثيرة؟ إنه سؤالٌ يُسأَل بحقٍّ. فنحن نعرف جيدًا أي تأثيرٍ خطيرٍ كان للعِلم اليوناني في الحضارة العربية بمجموعها وخصوصًا في أوائل القرن التاسع. وكان السريانيون الوسطاء في ذلك في معظم الأحوال. ونعرف أن قواعد اللغة السريانية كلها والبلاغة السريانية كلها ترتقي بتمامها تقريبًا إلى أرسططاليس. ومعلومٌ أن بعض العلماء الألمان استطاعوا في العقود الأخيرة أن يكتشفوا آثارًا للنفوذ اليوناني اللاتيني في نظرية الصرف والنحو العربيين[37] وليس بين هذا والبديع إلاّ خطوةٌ واحدةٌ طبعًا. ولعل الهند أيضًا فضلًا عن اليونان يجب أن ندخلها في دائرة استقصائنا. فقد تسرَّب إلى الأدب العربي بوساطة الأدب الفارسي كثيرٌ من المواضيع الأدبية الهندية، وكان للطب الهندي كثيرٌ من الأنصار في بلاط خلفاء بغداد. ونعرف أسماء بعض الأطباء الهنود الذين انتقلوا إلى العاصمة بفضل البرامكة. ومع كل ذلك يجب أن ننفي تأثير الهند في البديع العربي. فنحن لا نستطيع تقرير الأطر الزمانية كما أن القليل مما وصل إلينا من الأقوال التي تُعزى إلى الهنود في مجالي البلاغة والبديع يَترتَّب علينا حتى الآن أن ننكر صحته[38].
أما التأثير اليوناني فأجدر بالبحث. ومع أن هذه المسألة شديدة التعقّد إلاّ أن شرحها أكثر إمكانًا بكثيرٍ لأن لدينا في هذه الناحية موادَّ أوسعَ. وسنرى في ما يلي أن النتيجة هنا مماثلةٌ. فالبديع اليوناني لم يؤثّر مباشرةً في نشوء البديع العربي وتطوره.
إن تأثير أرسططاليس في العلم العربي معروفٌ جيدًا ولا يمكن أيضًا أن ننكر أن بيانه وبديعه ومعانيه قد تُرجِمَتْ إلى اللغة العربية في عصورٍ مبكرةٍ. قد يكون ثمة خلافٌ كبيرٌ في تعيين التواريخ الدقيقة أو أسماء المترجمين ولكن مما لا شك فيه أن ترجماتٍ عربيةً لهذه المؤلفات قد وجِدَتْ في القرن العاشر[39] ولكننا لا نستطيع أن نجد في المؤلفات العربية التي تتناول البديع أي أثرٍ لآراء أرسطو. فهذه المؤلفات تختلف جدًّا عن مؤلفات الفيلسوف اليوناني معنًى ومبنًى. وخير مثالٍ يُساق هنا لتعزيز هذا الرأي الكاتب الشهير الجاحظ (ت255هـ - 869م)، فقد كان الجاحظ يعرف أرسطو خيرَ معرفةٍ وكان يُسمّيه بأبي المنطق ويذكره كثيرًا في مؤلفاته خصوصًا في كتاب الحيوان[40]، ولكن (أبا المنطق) هذا لا يُذكر مطلقًا تقريبًا إلاّ حجةً في علم الحيوان، لأن جميع أقواله استقيت من كتابه عن الحيوانات، بل يمكن الشك في مبلغ معرفة الجاحظ بسائر مؤلفات أرسطو[41]، لسنا نستطيع حتى الآن أن نقطع هذا الشك ولكننا نستطيع التأكيد بأن أرسطو لم يترك أي أثرٍ في تطور تحليل الإبداع الشعري عند العرب. ولم يكن بديع أرسطو إلاّ حادثةً طارئةً في تأريخ البديع العربي. ولَعلَّ هذا يبدو لأول وهلةٍ غريبًا بعض الشيء لما نعرفه عن منزلة أرسطو العظيمة عند العرب. ولكن هذا الاستغراب يزول عندما نعلم يقينًا أن قرّاءه وشرّاحه كانوا جميعًا تقريبًا من الفلاسفة أو المُتبحِّرين بالعلوم الطبيعية. أما الباحثون في نظرية الأدب وتأريخه، وهم دائمًا اللغويون في أضيق معاني هذه الكلمة، فقد كانوا يتحاشون الخوض في ذلك. وإذا سرنا شوطًا أبعد في تتبع تأريخ بديع أرسطو عند العرب وجدنا شارحين شهيرين له هما ابن سينا وابن رشد. ومن المشكوك فيه أن يكون الأخير قد فهم فهمًا صحيحًا بديع أرسطو، ففي نقله الطليق لهذا البديع عَرَّف التراجيديا بأنها فن المديح والكوميديا (فن التقريع) وعلى هذا الأساس تصبح القصائد العربية في المديح تراجيديات والهجاء كوميديا[42]. فإذا كان حتى الفلاسفة قد فهموا بديع أرسطو هذا الفهم فلا عجب أن رأينا الباحثين في نظرية الأدب ينفرون في كثير من الأحيان من البديع اليوناني. فهذا الجاحظ مثلًا يأتي على ذكر منطق أرسطو أحيانًا ولكن بشيء من سخريةٍ خفيةٍ فهو يقول: «ألا ترى أن كتاب المنطق الذي قد وسِمَ بهذا الاسم لو قرأته على جميع خطباء الأمصار وبلغاء الأعراب لما فهموا أكثره»[43] (ولا أعرف هذا من قول صاحب المنطق... ولعل المترجم قد أساء في الإخبار عنه)[44]. ويذهب أبعد من ذلك النظري المعروف ابن الأثير أخو المؤرخ الشهير. فهو يقول عن ابن سينا بسخريةٍ لاذعةٍ [45]: «فإن ادّعيت أنّ هؤلاء تعلّموا ذلك من كتب علماء اليونان قلت لك في الجواب هذا باطلٌ بي أنا فإني لم أعلم شيئًا مما ذكره حكماء اليونان ولا عرفته... ولقد فاوضني بعض المتفلسفين في هذا وانساق الكلام إلى شيءٍ ذُكِرَ لأبي عليّ بن سينا في الخطابة والشعر وذكر ضربًا من ضروب الشعر اليوناني يُسمّى اللاغوذيا وقام فأحضر كتاب الشفاء لأبي عليٍّ ووقفني على ما ذكره فلمّا وقفت عليه استجهلته فإنه طَوَّل فيه وعَرَّض كأنه يخاطب بعض اليونان وكل الذي ذكره لغوٌ لا يستفيد به صاحب الكلام العربي شيئًا».
ما دام الأمر كذلك فإنه من الصعب وجدان آثار للنفوذ اليوناني في نشوء البديع العربي، فقد ولِدَ هذا في بيئةٍ تختلف عن البيئة التي نشأ فيها البديع اليوناني كل الاختلاف. نشأ في أوساط اللغويين العرب الذين لم يستندوا في أبحاثهم إلى نظريةٍ أجنبيةٍ بل إلى استقصاء لغتهم هم. ولدينا من الأسباب هنا ما يجعلنا نصدق أكثر من أي شيءٍ آخر ما جرى عليه العرف الأدبي العربي الذي يعتبر الشاعر والأديب المشهور ابن المعتز رائد البديع أو بالأصح رائد الاستعارات[46]. فهذا الخليفة السيء الحظ الذي قُتِلَ في سنة 296هـ(908م) بعد يومٍ واحدٍ من توليه الخلافة كتب (كتاب البديع) في الربع الأخير من القرن التاسع وفكرة هذا الكتاب الذي لا يُعرَف حتى الآن إلاّ مخطوطًا في مكتبة ايسكوريال[47] بسيطةٌ جدًّا وذلك ما يقوله المؤلف نفسه في المقدمة. وقد أراد أن يثبت أن البديع أو الأسلوب الجديد باستعاراته ومجازه وصوره لم يوجده الشعراء المحدثون كما يظنون عادةً، فعناصر هذا الأسلوب موجودة في القرآن وفي الحديث النبوي وفي لغة أهل البادية. وكل ما هناك من فرقٍ هو أن هذه الصور كانت في العصور القديمة قليلة الاستعمال. أما في الشعر الحديث وخصوصًا منذ زمن أبي تمام فنرى هذه الصور التي دخلتها الصنعة، تُستَعمَل حتى في غير محلها. ولدعم هذه النظرية جَمَعَ ابن المعتز في خمسة فصولٍ أمثلةً لخمس صورٍ من وضعه، وليس من المُستَبعد أن يكون هو نفسه أضاف إلى ذلك في ما بعد إثني عشر فصلًا عن (جمال) الكلام والشعر، كما سَمَّاها. وتبقى مبادئ تصنيفه غير واضحةٍ مثلها مثل الأسباب التي حدته إلى المعارضة بين الصورة والجمال. وقد شعر هو نفسه بذلك ولهذا عندما ينتقل إلى هذا القسم يتنبأ، عارفًا كل المعرفة منزلته كرائدٍ، بأن أفكاره ستثير كثيرًا من الاعتراضات: فسيجد بعضهم أصنافًا جديدةً من البديع وسيدرج فيه آخرون الجمال. إن حالته النفسية تجاه مثل هذه المحاولات، التي يتنبأ بحدوثها، تكشف في الرجل عن عالمٍ بكل ما في الكلمة من معنًى. فهو يدرك جيدًا أن الألفاظ والتعابير لا تزال متقلقلةً ولا يعتبر تصنيفه نهائيًّاً. وبذلك يترك حرية الاختيار لجميع مَنْ يأتي بعده من الباحثين.
لقد كان ابن المعتز في أفكاره هذه متنبئًا فقد تكاثرت أصناف البديع العربي في ما بعد تكاثرًا لا نهاية له وزال الفرق تمامًا بين البديع والجمال وكل ما وضعه من أصنافٍ كانت ضروريةً للحياة دخل في البديع. ولقي بعض تعريفاته كثيرًا من الاعتراضات. ولكن جميع العلماء يقدرون له عمله ويسمّونه بالبحاثة الأول في أساليب البديع.
لَعلَّ من السهل جدًّا في القرن العشرين انتقاد مؤلف ابن المعتز من حيث محتواه وتصنيفه. وقد رأينا أن فصله البديع عن الجمال كان موضع استغرابٍ حتى لدى الجيل الذي جاء بعده مباشرةً وسرعان ما زال تمامًا، كما أن المبادئ التي استند إليها في تصنيفه غير واضحةٍ لنا البتة. ويمكن أن نتجادل أيضًا في التفاصيل ولكن هذا الانتقاد من وجهة نظرنا الحديثة وبدون التفات إلى العصر هو عملٌ عديم الجدوى إطلاقًا.
لن أُحلّل جميع الصور التي ذكرها كلًّا على حدةٍ. ولكنني سأعدد أصنافه الخمسة في البديع وذلك لكي أعطي فكرةً صحيحةً عن طريقته. ولما كانت المصطلحات هنا لا تنطبق بمعناها انطباقًا تامًّا على المصطلحات اليونانية الرومانية كان على المرء أن يكون حذرًا كل الوقت لكي لا يأتي بمفاهيمَ أجنبيةٍ في معناها الأصيل.
الصنف الأول من البديع حسب تصنيف ابن المعتز هو الاستعارة. ويُترجَم هذا المصطلح عادة إلى اللغات الأوربية بكلمة (ميتافور)[48]، ولكن الأمثلة التي يأتي بها ابن المعتز تدل على أن معنى هذا المصطلح أوسع من ذلك بكثيرٍ. ولَعلَّ حمله على معنى (ميتافور) غير ممكنٍ إلاّ بالمفهوم الأرسططاليسي متضمنًا الكناية والمجاز المرسل Synecdoque et métonymie، والصنف الثاني الذي لا يقل عن الأول صعوبةً في الترجمة هو التجنيس بنوعيه: الجناس والمجانسة وقد أتى ميرين بترجمةٍ ممتازةٍ له إذ اقترح كلمة Homogeneitat[49] ولكن لما كانت هذه الكلمة غير مألوفةٍ، فإن مصطلح التجنيس يُتَرجَم عادة بكلمة Paronomasie[50] التي لا توافق معنى الكلمة العربية. والصورة الثالثة هي المطابقة. ويرى فيها الباحثون عادة antithèse[51]. ولكنها في نظرية ابن المعتز لا تحمل دائمًا معنى المعارضة. والصورة الرابعة تعرّف بجملة كاملة: (رد العجز على الصدر) وقد أطلق عليها في ما بعد، في البديع العربي اسم أبسط وهو التصدير[52] وتعادلها في البديع اليوناني الروماني وفي طريقة كونيغ كلمة ploke[53]. والصورة الأخيرة هي (المذهب الكلامي) وهي طبعًا لا تدخل في صور البديع. أما بقاؤها في الطرائق التي جاءت بعد ذلك فلا يمكن تفسيره إلاّ بما لابن المعتز من منزلةٍ محترمةٍ. والطريف في الأمر أن هذه الصورة هي الوحيدة التي لم يخترعها ابن المعتز بل اقتبسها – حسب اعترافه – من الجاحظ الذي يقر له بفضل السبق في هذه الحالة[54]. ومما يزيد من أهمية هذه الناحية في نظرنا أنها الوحيدة التي تتضمن بعض التلميحات إلى تأريخ البديع السابق: فسائر أمثلة ابن المعتز الأخرى ترتدي طابعًا لغويًّا أو تأريخيًّا أدبيًّا.
إن اقتباس ابن المعتز عن الجاحظ ليس بمستغربٍ إطلاقًا فقد كان الجاحظ الكاتب الوحيد الذي تناول عن كثبٍ قبل ابن المعتز مشاكل النظريات الأدبية وسنعود إليه في ما بعد بالتفصيل. أما الآن فيجب التنويه بأن وجهة نظره تختلف تمامًا عن وجهة نظر صاحب (كتاب البديع)، والفرق بينهما كبيرٌ بل يمكن القول أنّه مبدئيٌّ، بحيث إن الجاحظ لا يمكن بحالٍ من الأحوال عدّه سلفًا مباشرا لابن المعتز. فكل ما تركه من خواطرَ وأفكارٍ ينفي إمكان التحليل المنظم للأسلوب الشعري، فهو يحب النظريات النحوية الموسعة والتعميمات. واستطراداته الكثيرة تؤدي به إلى الخروج عن الموضوع الذي يبحث فيه إلى مواضيعَ أخرى وعندئذ نصادف لديه عرضًا لآراء متفرقةٍ في الأسلوب وقد كانت هذه الآراء، طبعاً، معروفة عند ابن المعتز. وليس من المُستَبعَد أن يكون هذا قد تناولها بالتنقيح والتعديل ولكن لم يكن في وسعه أن يستعير من الجاحظ طريقته. وسنرى في ما يلي أنّ مفهوم البديع نفسه ليس ثابتًا البتة عند هذا الأخير ولم يحصل لديه على ذلك الشكل النهائي الذي ظهرت بفضله عند ابن المعتز فكرة كتابه. ففي تأريخ البديع العربي نرى منحًى أدبيًّا يؤيده علمنا. فكتاب ابن المعتز كان فعلًا أول كتابٍ من نوعه ولم يَنحُ فيه صاحبه منحى أحدٍ ممَّنْ سبقه. طبيعيٌّ أنه كان يعرف كل ما خلّفه شعبه من أدبٍ، بل كان يعرف فضلًا عن ذلك كل مَنْ سبقه من الباحثين في المواضيع القريبة من موضوع بحثه ولكن الفكرة الأساسية لكتابه هي له وليست لأحدٍ غيره، أنه أول مَنْ حاول أن يحلل تحليلًا متماسكًا الأسلوب الشعري عند العرب كما كان يفهمه هو بالطبع.
ورُبّ سائل يسأل: لِمَ نقصر كلامنا على الجاحظ ولا نتناول آثار الآخرين التي ترقى إلى القرن التاسع أيضًا؟ فالجواب على هذا السؤال بسيطٌ جدًّا. ففي رأيي لا يمكن أن يُقارَن أحدٌ بابن المعتز في هذا المضمار غير الجاحظ. فليس ثمة من آثارٍ غير آثاره خُصِّصَتْ لنظرية الأدب. لا شك في أننا لو أردنا تتبع نشوء الاهتمام النظري بالقضايا الأدبية لوجب علينا أن نجمع الملاحظات المتفرقة التي نصادفها عند الشراح واللغويين. ول اشك أيضًا في أننا لو فعلنا ذلك لعثرنا على كثير من الأشياء الممتعة الشيقة. ولكن المؤلفات القائمة بذاتها لم تظهر إلاّ منذ عصر الجاحظ.
إنّ الجاحظ، مع الأسف، ليس من الكُتّاب الذين يسمحون لغيرهم بالاقتراب منهم دون أن ينالهم عناءٌ. فقلّة نشر مؤلفاته المُنتَقِدة تجعل بحد ذاتها هذه المهمة صعبةً جدًّا. ثم يزيد من صعوبتها أكثر من ذلك أسلوبه الخاص. لقد رسم الباحث الأدبي (العسكري) لأكثر من عشرة قرونٍ خلت صورةً رائعةً عن الجاحظ إذ قال: «...وكان أكبر هذه الكتب وأشهرها كتاب البيان والتبيين لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ. (وهو) لعمري كثيرُ الفوائد جمّ المنافع لما اشتمل عليه من الفصول الشريفة والفقر اللطيفة والخطب الرائعة... إلاّ أن الإبانة عن حدود البلاغة وأقسام البيان والفصاحة مبثوثةٌ في تصانيفه ومنتشرةٌ في أثنائه. فهي ضالةٌ بين الأمثلة لا توجد إلاّ بالتأمل الطويل والتصفح الكثير»[55].
ومن الصفات الدالة كثيرًا على طريقة الجاحظ الأدبية أن ملاحظاته في القضايا التي تهمنا غير مبعثرةٍ في (كتاب البيان) وحده -وهو أمر طبيعيٌّ تمامًا- بل مبعثرةٌ أيضًا في (كتاب الحيوان).
إن بحثه في الكلمة والأدب وثيق الصلة بنظريته في البيان: البيان بالصوت والكتابة والتقدير (بلا كلمةٍ ولا شكلٍ) والشكل[56] وقد ذكر بضع مراتٍ حالةً خامسةً هي (النصبة) غير الواضحة تمامًا والتي كَتَبَ عنها مؤخرًا (نالينو). أما نحن فلا يهمنا هنا إلاّ (البيان بالصوت) ولكن نظرةً فيه أكثر إحاطةً تؤدي بنا إلى أبعد مما يجب. لنقلْ عرضًا أن اللغة في رأي الجاحظ قد نشأت اصطناعيًّا لا طبيعيًّا[57]، ولعل أحدًا من المسلمين لا يأخذ بغير هذا الرأي. ذلك أن ميل الجاحظ إلى الفلسفة الطبيعية يجذبه دائمًا إلى المزالق عندما يتكلم مثلًا عن لغة الحيوانات[58] أو يبحث في مقدرة اللسان على التقليد ويعتبر الإنسان عَالمًا صغيرًا[59]. وعندما يعالج الجاحظ قضايا الأدب يأخذ بالطريقة النسبية التي يعتبرها لازمةً حتى في غير ذلك من الميادين[60] وأنه ليعرف بوجود آدابٍ أخرى، يعرف أنّ هناك أدبًا يونانيًّا وأدبًا فارسيًّا ويعرف فوق ذلك أن هناك أدبًا هنديًّا وأدبًا زنجيًّا (يفهمه فهمًا ساذجًا جدًّا)[61]، ويحدد أنواع الأدب بكثيرٍ من البساطة فهي عنده: الشعر والنثر والمراسلة[62] مع تقسيم كلٍّ منها إلى أصنافٍ.
وطبيعيٌّ أن أكثر اهتمامه متّجهٌ نحو الشعر الذي يرى منشأه في العوامل الواقعية، وهو أمرٌ كثير الشبه بالآراء الحديثة. حتى الأشعار التي تتناول الجن والغول يميل إلى تفسيرها بأسبابٍ واقعيةٍ[63].
وإنه يُحسِن المعرفة بآثار علماء اللغة ولكنه يحاول الاحتفاظ باستقلاله عن نظرياتهم الضيقة ويكره الأخذ بآراء غيره دون تمحيصٍ، فهو مثلًا لا ينكر أن مصطلحات العروض هي من وضع الخليل ولكنه يثبت أن بعض المصطلحات قد وجِدَ من قبل[64] وهو قريب إلى بعض مبادئ الأساليب العصرية في تأريخ الأدب: إنه يعرف مثلًا النقد على أساس المقارنة بين مصدرين مختلفين[65] ويعرف مسألة صحة المصدر أو زيفه، إلخ[66].
ومع تنوع هذه النظريات واتساعها في أكثر الأحيان نجد أن الموضوع الذي شَغَلَ ابن المعتز في (كتاب البديع) يبقى ذا شأنٍ ثانويٍّ عند الجاحظ. لا شك في أن لديه بعض اللفتات التي تتناول هذا الموضوع. ولكن هذه التوافه لم تثر كبير اهتمامه. إنّ التحليل المُنسَّق لأساليب البديع لم يشغل ذهنه ويزداد هذا وضوحًا عندما نقارن مصطلحاته في الصور البديعية بمصطلحات ابن المعتز. فكل شيءٍ عند الجاحظ متقلقلٌ مضطربٌ، أما في (كتاب البديع) فلكل كلمةٍ معناها المحدد وأما مبلغ الإصابة في التحديد فقضيةٌ أخرى. والمصطلحات عند ابن المعتز تستقل كل الاستقلال تقريبًا عن معناها اللغوي بينما هي بعكس ذلك عند الجاحظ إذ يمتزج المعنى الاصطلاحي بالمعنى اللغوي دون تميزٍ. وأحسن مثالٍ على ذلك كلمة (البديع) نفسها. فهي تُستَعمَل عند الجاحظ في أكثر الأحيان لا بمعنى (الجدة في الأسلوب) بل بمعناها الأصلي أي (الغريب) و(الطريف) و(غير المعتاد) كصفةٍ لبعض الوقائع من حياة الإنسان والحيوان[67]. صحيحٌ أن كلمة (البديع) ازداد استعمالها في ما بعد في (كتاب البيان) بمعناها الاصطلاحي ولكن المرء ليشعر أنها هنا أيضًا غريبةٌ بعض الشيء وما ثبتت على حالٍ[68].
وإذا انتقلنا إلى المصطلحات الأخرى لا نجد شيئًا شبيهًا بتصنيف ابن المعتز المُنَسَّق المرتَّب. ثم إننا لا نعثر عنده على جميع مصطلحات ابن المعتز، ولكننا من جهةٍ أخرى نجد عددًا من المصطلحات الجديدة ولكنها مضطربةٌ عنده كل الاضطراب حتى البسيطة منها كمصطلح (التشبيه) الذي يفهمه الجاحظ أحيانًا بهذا المعنى[69] ويفهمه أحيانًا بمعنى (المثل) وبمعنى (الاستعارة) أيضا[70]. وبصورةٍ عامةٍ لا نجد لديه ذكرًا لتصنيفاتٍ هامةٍ كالجناس والمطابقة. لن أحلل هنا جميع الأمثلة فهذا أمرٌ لا يهم إلاّ المُستعرِب ولا يفهمه إلا المستعرب ولا داعي للإشارة إلى الاختلاف والانقطاع بين طريقتيْ هذين العالمين في معالجة قضيةٍ واحدةٍ هي قضية الأساليب البديعية. وفي وسعنا الجزم بأن تصانيف ابن المعتز نشأت بدون أي تأثيرٍ مباشرٍ من الجاحظ.
ومن المهم من نواحٍ أخرى أيضًا تحليل صفات كلٍّ من العالمين كما تَتَجلَّى في مؤلفاتهما. فالجاحظ يبدو أمامنا موسوعيًّا ومن أصحاب الفلسفة الطبيعية ولديه ميلٌ عظيمٌ إلى العلوم الطبيعية والتأريخية. فليست ظاهرة الأسلوب البديعي عنده إلاّ ذرةٌ صغيرةٌ من الكون العظيم لا تهمه تفاصيله ولذلك لا يقف عنده ولا يعطي في أحيانٍ كثيرةٍ أيّ تحديداتٍ. إنه يعالج القضايا العامة في إطارها الواسع ويعالجها في كثيرٍ من الأحيان حسب مبادئ المنطق دون أن يضيق من أطر فلسفته الواسعة، وكثيرًا ما يحفظه ميله إلى العلوم الطبيعية من مشاركة اللغويين العرب ضيق نظرتهم إلى قضايا اللغة أيضًا. ولقد كان بإمكان طريقته أن تكون جزيلة النفع في هذا الميدان لولا أن أحدًا لم يواصل ما بدأه. وما يؤسف له أن أسلوبه في العرض وسعيه إلى تسلية القارئ قد حجبا كل الجوانب الإيجابية في عمله العلمي. فالأجيال المتأخرة لا ترى فيه إلاّ قصّاصًا مسلّيًا، والعلماء وإنْ لم ينكروا فضله فإنهم يشاركون العسكري رأيه فيه. نعم إن طريقة الجاحظ لم يكن لها أي تأثيرٍ والكثيرون من المعجبين به لم يكوّنوا لأنفسهم فكرةً واضحةً عن نظرياته. أما ابن المعتز فلا يمكن أن يُسمّى كالجاحظ عالمًا موسوعيًّا. لقد كان ابن المعتز شاعرًا وأديبًا ولم يبحث إلاّ في الكلمة الشعرية وأشكال البديع. لقد بذل قواه كلها للكلمة – ولم ير شيئًا إلاّ الكلمة. لقد وجّه مواهبه التحليلية كلها إلى الكلمة، ومن الكلمة استقى أسلوبه الحي المتجدد، وكانت لطريقته في معالجة الكلمة الشعرية نتائجُ رائعةٌ في أول الأمر. ولكن هذه الطريقة، وقد تلقتها في ما بعد أيدي أناسٍ أقلَّ موهبةً، تَحوَّلت بالتدريج إلى طريقةٍ ميتةٍ، ولعل طريقة الجاحظ هي وحدها التي كان في إمكانها أن تعيدها إلى الحياة.
إن معرفتنا بآراء الجاحظ في البديع تُيسّر لنا الوصول إلى استنتاجٍ آخرّ هامٍّ جدًّا يَتعلَّق بقضية نشوء البديع العربي. وسيان إن اعتبرنا مؤلفات الجاحظ الأولى في هذا الميدان أو رحنا نبحث عن سوابقَ لها في ما تَفَرّقَ من ملاحظات اللغويين والنحويين والشراح. ففي كلا الحالين يجب الاعتراف بأنّ البديع العربي نشأ على أساس دراسة اللغة العربية نفسها لا بتأثير فكرةٍ مجردةٍ. فمن مثال الجاحظ نرى كيف نشأ البديع وكيف تطور المعنى اللغوي البسيط للكلمة بعد تذبذباتٍ وتغيراتٍ كثيرةٍ ونشأ منه المعنى الخاص الذي أزال المعنى العادي إزالةً تامةً من السيكولوجيا اللغوية. وما تحليل الأمثلة عند ابن المعتز والجاحظ إلاّ دليلٌ مفحمٌ على أن البديع العربي قد قام بادئ الأمر على أسسٍ لغويةٍ. ولَعلَّ هذا ما يفسر كون البديع السيكولوجي الأرسططاليسي لم يترك مطلقًا أي أثرٍ طويلِ الأمد في العرب وظل بعيدًا عن الباحثين في الأدب.
وما دمنا في معرض الحديث عن البديع العربي في القرن التاسع فلا مندوحة لنا من ذكر عَلَمه الثالث وهو قدامة بن جعفر الذي عرفناه منذ زمنٍ بعيدٍ جغرافيًّا، مع أنه كبحاثةٍ في الأدب ما زال غير محتلٍّ مركزه في العلم الأوربي. لن أسوق هنا الأسباب التي حدت بي إلى اعتباره أقدم مما يظن عادةً وجعلتني لا أوافق على رأي دي غويي الذي يعتبر وفاته سنة 948م[71]. ولكن مما له أهميةٌ عظيمةٌ في نظرنا هو أنه دَرَسَ على نفس الشخصين اللذين درس عليهما ابن المعتز (وهما المبرد وثعلب)[72]، وهذا يعني أنه ينتمي إلى الأوساط الأدبية نفسها التي ينتمي إليها ذاك. في هذه الأوساط نما ذوقه الأدبي وفيها نشأ الأساس الذي ناقش عليه نظريات ابن المعتز.
عندما نقرأ مؤلفه الشهير (نقد الشعر)[73] نشعر بشيءٍ من الحيرة فإنه يختلف اختلافًا قويًّا عن آثار ابن المعتز والجاحظ بإنشائه وأسلوبه ويمكن القول أنه في بعض المواضع لم يكتب بلغةٍ عربيةٍ سليمةٍ. والتفسير الكافي لهذا نجده في تأريخ حياة المؤلف الأدبية. فهو لم يقتصر على دراسة الأدب بل اشتغل كثيرًا بالفلسفة واشتهر بأنه حجةٌ في المنطق (إننا نلحظ ذلك من مؤلفاته) – كما قال مرةً عنه ياقوت[74]. ونعرف كذلك أن أباه كان مسيحيًّا وأنه لم يعتنق الإسلام إلاّ في بداية القرن التاسع. كل هذا دليلٌ كافٍ على صلته الوثقى بممثلي العلوم غير الدينية الذين عكفوا أكثر ما عكفوا على نقل المؤلفات اليونانية إلى اللغة العربية. والفرق الكبير بين قدامة وهذا الوسط هو ميله إلى الأدب: وطبيعيٌّ أن تترك معارفه الفلسفية أثرها في ما كَتَبَ في هذا الحقل. ولسنا نجد مثيلًا له لا في ذلك العصر ولا في الذي أعقبه. حتى ابن سينا وابن رشد لا يشبهانه كثيرًا من هذه الناحية.
ففي كتاب قدامة نرى بناءً منتظمًا ومنهاجًا، وهو يرى أن لعلم الشعر خمسة أبوابٍ هي العروض والقافية والمفردات والموضوع والنقد. أما كتابه فمقتصرٌ على النقد لأن سائر الأبواب كما يقول كانت موضع درسٍ مُمَحص من قبل علماء آخرين ولأن النقد وحده مهمٌّ بالنسبة للشعر.
واستنادًا إلى القول الشائع بأن الشعر كلامٌ منظومٌ مقفًّى ويتضمن معنًى معينًا. يقول قدامة بن جعفر بوجود أربعة عناصر أساسيةٍ للشعر هي الصوت والموضوع والوزن والقافية ومن تركيب هذه العناصر على صورٍ مختلفةٍ تتكون ستة تراكيبَ جديدةٍ. ولما كانت القافية صوتًا فقط فيجب استثناؤها من هذا التركيب ويبقى جمع القافية بالمضمون لأن القافية تعبّر عن فكرةٍ لها علاقةٌ ما بفكرة القصيدة. وهكذا يكون لدينا ثمانية عناصر للشعر، أربعةٌ منها بسيطةٌ وأربعةٌ مركّبةٌ. أما العناصر البسيطة فيدرس قدامة ثلاثةً منها – الصوت والوزن والقافية – بشيءٍ من السرعة فيما يُوجِّه معظم اهتمامه للموضوع. وفي القسم الثاني من الكتاب يتكلم قدامة عن تركيب العناصر وفي القسم الثالث يَتكلَّم عن عيوب الشعر حسب المنهاج نفسه. الصوت والوزن والقافية والموضوع.
يَتبيَّن من مضمون كتاب قدامة أنه من حيث مقاصدُه بحثٌ كاملٌ عن البديع يفوق كثيرًا بغناه كتاب ابن المعتز. وبالفعل فإن كتاب (نقد الشعر) يختلف عن الكتب الأخرى في سائر النواحي أيضًا: فالأمثلة التي يسوقها مبحوثةٌ بحثًا دقيقًا وليست مُكَدَّسةً بعضها فوق بعضٍ كما عند الجاحظ وابن المعتز. وعرض الفكرة مُنسَّقٌ جدًّا ومدروسٌ دائمًا. وعلى غرار العلماء العرب جميعًا كابن المعتز مثلًا، يعتبر قدامة نفسه مجددًا ومبدعًا للاصطلاحات[75] التي تختلف أحيانًا عن تلك التي يستعملها ابن المعتز. وشعوره نحو مَنْ سيتولى بعده الأبحاث في هذا الموضوع طيبٌ كشعور ابن المعتز. اعتمد قدامة على المصادر نفسها التي اعتمد عليها سابقاه، وهي علم الآداب العربية في ذلك الزمن، ونستطيع اعتبار كتابه أصيلًا أصالة مؤلفات الجاحظ وابن المعتز كما أن طريقة تفكيره أضفت على كتابه شيئًا كبيرًا من شخصيته.
وإذا تكلمنا عن أقرب المصادر التي استقى منها فإن من الممتع جدًّا تتبّع علاقته بابن المعتز. إنه بلا شك يعرف (كتاب البديع) ويأتي على ذكر شواهدَ بديعيةٍ بالترتيب نفسه الذي ذكرها به ابن المعتز[76]، ولكنه لا يُسمّي هذا الأخير باسمه مطلقًا. وليس هذا بشيءٍ عارضٍ. فنحن نعرف كرهه لمؤلفات ابن المعتز ويبدو أنه يتجاهل عمدًا ذكر خصمه في الأدب هنا، لأنه في بعض الأحوال لا يَستَعمِل مصطلحاته بل يسعى لاختراع مصطلحاتٍ جديدةٍ. ولكنه على الرغم من محاولته هذه لم ينل هدفه. ففي أي تأريخٍ للبديع العربي نجد مصطلحات ابن المعتز بدون أي استثناءٍ تقريبًا. أضف إلى ذلك أن كل مَنْ درس البديع لم يحكم على مصطلحات قدامة بالنجاح. وليس من الصواب مع ذلك أن نردّ إلى هذه الأسباب عدم شهرة نظرية قدامة. إن السبب الأول في عدم شهرتها هو نفور الأوساط الأدبية من كل بناءٍ نظريٍّ نشأ بتأثير فلسفةٍ غريبةٍ عنهم ومنطقٍ ليس منهم. إن كتاب قدامة يترك في النفس شعورًا بأنه غريبٌ عن العرب بعض الشيء وذلك إذا ما قورن بمؤلفات ابن المعتز والجاحظ. وهذا هو السبب الذي جعله، على الرغم من مزاياه الجليلة، لا يحظى بالأثر الكبير الذي حظيت به المؤلفات السابقة. ومع أن شأن قدامة في تأريخ البديع العربي لا يجوز أن يُقارن بشأن ابن المعتز إلاّ أنه لا يجوز الاعتقاد بأن (نقد الشعر) لم يحظَ بكثيرٍ من القراء. فلقد اشتهر اسمه وكتبه شهرةً واسعةً منذ القرن الحادي عشر عندما كتب الآمدي كتابه في مهاجمة (نقد الشعر)[77] حتى القرن الخامس عشر عندما ذكر ابن خلدون اسمه في مقدمته الشهيرة بوصفه خامس خمسة أساتذةٍ مرموقين في البلاغة.
نقف عند هذا الحد في بحثنا. ولقد رأينا أن تأريخ البديع عند العرب في القرن التاسع عرف ثلاثة أشخاصٍ وهم الجاحظ وابن المعتز وقدامة. مؤلفاتهم مختلفةٌ ولا تقلّ اختلافًا عنها حيواتهم الأدبية. الموسوعي المعروف الذي أراد أن يشمل العالم كله دون أن يستطيع ولا أن يريد دراسة التفاصيل دراسةً منسقةً يأفل نجمه عند عاشق الأسلوب البديعي، ثم الشاعر الغارق في جمال القول المفضل الشكل على المحتوى، ومن بعده يأتي تلميذ الفلاسفة والمناطقة الإغريق الجاف جدًّا وغير المألوف كثيرًا عند العرب الناظر من علٍ إلى أقرانه الذين لا يفهمون هذه الحكمة البالغة. وليس من العسير الحدس بأن محكمة الخلف قدمت راية الأولوية إلى الشاعر الأمير الذي أصبح مؤسس هذا العلم الجديد. ومن المؤسف أن ورثته لم يرثوا جميعًا عنه حسّه البديعي وقدرته على التغلغل مباشرةً في كيان الكلمة. لقد عالج الكلمة وحدها وهذا ما ضيق أفقه كثيرًا. ولعل هذه الطريقة جعلت البديع الذي أسرف في الازدهار في القرن التاسع أسلوبًا مدرسيًّا ميتًا. أو لَعلَّ تأريخ البديع العربي قد نشأ غير هذا المنشأ أو أن آراء الجاحظ الفلسفية الطبيعية قد أثارت الخصب في علم جمال ابن المعتز. ولو أن منطق قدامة قد أَثَّر فيه تأثيرًا تنظيميًّا. إن هذا طبعًا لا يعدو إلاّ افتراضًا. فتأريخ البديع العربي سار في طريقٍ آخرَ. ولعل القرن التاسع كان أخصب فترةٍ من فتراته. لقد ترك أثرًا كبيرًا في كل التطور اللاحق. وهذا ما يبرر اختياري البديع عند العرب في القرن التاسع موضوعًا لحديثي هذا.  

ملحق: مؤلفات كراتشكوفسكي
نسرد هنا ملحقًا ببعض مؤلفات وكتابات المستشرق كراتشكوفسكي والتي تزيد على الـ(600) بحثٍ وكتابٍ وترجمةٍ وتحقيقٍ ومقالةٍ لمعرفة جهد الرجل وإمكانياته العلمية، م[78]:
1.دراسة في إدارة الخليفة المهدي (نال عليها وسامًا ذهبيًّا سنة 1905).
2.شاعرية أبي العتاهية سنة 1906.
3.المتنبي والمعري سنة 1909.
4.ترجمة رسالة الملائكة للمعري سنة 1910.
5.تحقيق رسالة الملائكة للمعري سنة 1932.
6.رسالة عن أثر الكُتَّاب الروس في الأدب العربي المعاصر سنة 1911.
7.سيرة أبي دهبل الجمحي سنة 1912.
8.ترجمة لمختارات من الكُتاب (قاسم أمين، أمين الريحاني، اليازجي).
9.نَشَرَ مخطوطتين مجهولتين في الجغرافيا.
10.علم الفلك في الحبشة.
11.إسبانيا المسلمة.
12.جنوب جزيرة العرب.
13.الخلفاء العباسيين.
14.إيران.
15.القوقاز.
16.آسيا الوسطى.
17.نظرة وصف مخطوطات ابن طيفور.
18.الأوراق للصولي سنة 1912.
19.الحماسة للبحتري.
20.نَشَرَ كتاب الأخبار الطوال للدينوري سنة 1912.
21.ديوان الوأواء الدمشقي متنًا وترجمةً روسيةً بمقدمةٍ في مائة صفحةٍ، ليدن سنة 1913، وقد نال به لقب أستاذ بالعربية.
22.وصف ديوان عمر المختار الكليبي في مكتبة الإسكندرية (مجلة الحوليات الشرقية)، 1916.
23.مخطوط جديد للمجلد الخامس من تأريخ ابن مسكويه سنة 1916.
24.الخليل واللغة سنة 1916.
25.التعاويذ عند عرب الجنوب سنة 1917.
26.مجموعة مخطوطاتٍ من القرآن لأوزبنزكي سنة 1917 (نشرة مجلة العلوم).
27.المخطوطات العربية من القوقاز في القسم الآسيوي من متحف مجمع العلوم سنة 1917.
28.فهرس مخطوطات البارون فون روزن في المتحف الآسيوي سنة 1918.
29.مخطوط جديد لديوان ذي الرمة بشرح الأصمعي سنة 1918.
30.فهرس المخطوطات العربية التي أهداها البطريرك غريغوريوس الرابع إلى القيصر نيقولا الثاني.
31.فهرس لمخطوطات النصارى العربية في مكتبات لينينجراد، وقد جعله ذيلًا لكتاب الأب شيخو (المخطوطات العربية لكتبة النصرانية) سنة 1934.
32.مجموعة مخطوطات عربية في قازان سنة 1924.
33.نسخ تهافت الفلاسفة للغزالي في المتحف الآسيوي سنة 1925.
34.المخطوطات العربية في المكتبة العامة (المكتبة العامة سنة 1926).
35.المخطوطات الشرقية من مجموعة جيرجاس في مكتبة جامعة لينينجراد سنة 1927.
36.مخطوط جديد في وصف روسيا للشيخ الطنطاوي سنة 1928.
37.المخطوطات الشرقية في قصر كاترين الثانية سنة 1929.

ومن بحوثه باللغة العربية:
38.مخطوط طبي نادر في روسيا.
39.مخطوطان طبيان قديمان في مصر وروسيا.
40.تتمة اليتيمة.
41.درس الآداب العربية الحديثة.
42.حول مخطوطة عبث الوليد (مجلة المجمع العلمي العربي سنة 1924 وسنة 1936، وسنة 1930).
43.المخطوطات العربية النصرانية في المكاسب البطرسبرجية (مجلة المشرق) سنة 1925.
44.المعري والريحاني ولينينجراد (مجلة الطريق) سنة 1945.
45.إلى يوسف أسعد داغر (مجلة الطريق) سنة 1947.
46.نَشَرَ مع فاسيلييف (تأريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي عن ثلاث مخطوطات في مكتبات لينينجراد وباريس والمتحف الآسيوي بلينينجراد (متنًا وترجمةً فرنسيةً) (لينينجراد- باريس سنة 1924).
47.صَنَّفَ كتابًا عن الشيخ محمد عياد الطنطاوي (لينينجراد سنة 1925)، وقد نقلته إلى العربية كلثوم عودة فاسيليفا وحققه الأستاذان عبد الحميد حسن ومحمد عبد الغني حسن، القاهرة سنة 1963.
48.ترجم كليلة ودمنة سنة 1934.
49.ترجم كتاب الأيام لطه حسين سنة 1934.
50.مقدمة ديوان ابن المعتز مع كشاف لمصنفاته (مجلة الحوليات الشرقية عدد 255).
51.نَشَر جمع الصولي لديوان ابن المعتز (مجلة العالم الشرقي).
52.طبقات ابن المعتز سنة 1926.
53.نَشَرَ كتاب البديع لابن المعتز (مجلة العالم الشرقي).
54.طبقات ابن المعتز سنة 1926.
55.نشر كتاب البديع لابن المعتز بتحقيقه على عدة نسخ وتفسير وتعليق ومقدمة بالفرنسية في ثمانين صفحة سنة 1925 ولندن 1935.
56.كتاب القراءة العربية (لينينجراد سنة 1925 ولندن 1935).
57.كتاب الريح لابن خالويه (مجلة إسلاميكا).
58.كتاب المجالسات لثعلب سنة 1930.
59.دراساته عن مقدمة ابن خلدون سنة 1932، سنة 1945.
60.نشأة وتطور الأدب العربي الحديث سنة 1922.
61.الأدب العربي الحديث (بالألمانية سنة 1934).
62.تأريخ الدراسات العربية في الإتحاد السوفيتي (ترجمة إلبر قطان بغداد سنة 1947 وأعيد طبعه في موسكو سنة 1950).
63.إضافات وتصويبات لفهرس آثار جولدتسهير (سنة 1948).
64.ذكريات وخواطر عن عالم الاستشراق في ضوء المخطوطات العربية مع وصف رحلته إلى لبنان وسوريا ومصر.
65.ترجمة القرآن الكريم إلى الروسية.
66.مدخل إلى اللغة والآداب الحبشية (سنة 1955).
67.منتخبات كراتشكوفسكي وهي بستة مجلدات (سنة 1955 – 1958) تم جمعها بإشراف كلثوم عودة فاسيليفا وتضم:
أ.المجلد الأول: وفيه الدراسات العربية ومسائل تأريخ ثقافة شعوب الإتحاد السوفيتي، ودراسة اللغة العربية (سنة 1955).
ب.المجلد الثاني: أبحاث في الأدب العربي الكلاسيكي (سنة 1956).
ج.المجلد الثالث: أبحاث في الأدب العربي الحديث ومقالاته عن الصلات الأدبية بين العرب والروس (سنة 1956).
د.المجلد الرابع: تأريخ الأدب الجغرافي العربي سنة 1943 وقد نقله إلى العربية الأستاذ صلاح الدين عثمان هاشم وراجعه المستشرق إيغور بايايفي (منشورات الجامعة العربية سنة 1963).
هـ.المجلد الخامس: فصول في تأريخ الدراسات العربية في روسيا ومقالاته عن المستشرقين الروس والأجانب (سنة 1958).
و.المجلد السادس: ترجمة لكتاب ابن المعتز ووصف المخطوطات العربية الموجودة في مكتبات الإتحاد السوفيتي.
68.معنى كلمة النجم في القرآن.
69.السورة 55.
70.الأدب العربي.
71.الإبداع الشعري عند المعتزلة.
72.مقدمة لكتاب حكمة أحيقار وحكايات لقمان.
73.أشعار منثورة لأمين الريحاني (مقدمة).
74.ترجمة الشنفرى (مقدمة).
75.مقدمة لمنتخبات كلثوم عودة فاسيليفا.
76.مقدمة لكتاب قصة برلغام ويوصافات.
77.مقدمة لكتاب المنتخبات العربية لبياريفسكي.
78.نشأة وتطور الأدب العربي الحديث.
79.أسامة بن منقذ وذكرياته.
80.مقامة للشيخ ناصيف اليازجي.
81.الشعر العربي سنة 1924.
82.أقوال ابن المعتز المأثورة.
83.ترجمات عربية لفلستان.
84.مؤلف غير معروف للأمير السوري أسامة بن منقذ.
85.نشوء وصياغة رسالة الغفران لأبي العلاء المعري.
86.قطعة من البلاغة الهندية في النقد العربي.
87.نشيد الجندي العربي.
88.كتاب الخمر لابن المعتز.
89.منتجات غير معروفة لابن مماتي.
90.الكأس الساسانية في شعر أبي نؤاس.
91.الأدب العربي في أمريكا.
92.طبعة نادرة لشرح الزوزني على المعلقات.
93.البديع عند العرب في القرن التاسع (سنة 1930).
94.اصطناع الشاعر الإسلامي المصطلحات المسيحية في القرن الثاني عشر ببغداد.
95.نصف قرنٍ عن الاستعراب الإسباني.
96.بلاغة قدامة بن جعفر.
97.نقشان لعرب الجنوب في لينينجراد.
98.موجز عن المصادر العربية لتأريخ أوربا الشرقية والقوقاز وآسيا الوسطى.
99.الخمرة في شعر الأخطل.
100.رسالة غير منشورة من رسائل شميل.
101.الأدب العربي في الترجمات الروسية.
102.ترجمة دنماركية لألف ليلة وليلة.
103.مخطوط لطائف الذخيرة لابن مماتي في لينينجراد.
104.أول طبعةٍ للأشعار العربية في روسيا.
105.مار وآثار الأدب العربي.
106.مار والأدب العربي الحديث.
107.تأريخ الأدب العربي ومهامه في الإتحاد السوفيتي.
108.علم اللغات السامية في جامعات الإتحاد السوفيتي.
109.ملامح الطبيعة الأندلسية في أشعار البستاني.
110.ترجمات مؤلفات جوركي باللغة العربية.
111.الشعر العربي في إسبانيا.
112.تأريخ متقدم لقصة مجنون ليلى في الأدب العربي سنة 1946.
113.مكر النساء.
114.حكايتان عربيتان من القاهرة.
115.تأريخ الأدب العربي لبروكلمان.
116.تشيخوف في الأدب العربي.
117.أصداء ثورة 1905 في الأدب العربي.
118.الشعر الأندلسي باللغة الفصحى في القرن الثاني عشر لبيريس وهوميروس والبيروني.
119.جغرافيا الجزيرة العربية في تصورات الأقدمين.
120.العرب والأدب العربي في إبداع جوركي.
121.الأدب العربي في القرن العشرين.
122.أول وصفٍ عربيٍّ لرحلةٍ إلى أمريكا الجنوبية.
123.تيارات الأدب العربي المعاصرة في مصر.
124.الأدب العربي في شمال القوقاز.
125.طبعة جديدة لمذكرات إبراهيم بن يعقوب عن السلافيين.
126.وصف رحلة مكاريوس الأنطاكي كأثر جغرافي عربي ومصدر لتأريخ روسيا في القرن السابع عشر.
127.تحليل الاستشهادات الشعرية في معجم البلدان لياقوت.
128.الرسالة الثانية لأبي دلف.
129.شهر تموز في معجم البلدان لياقوت.
130.تأريخ قاموس الخليل.
131.يوسف المغربي وقاموسه.
132.مذكرات أبي دلف.
133.قيمة البيروني في تأريخ الجغرافيا الشرقية.
134.تأريخ العلاقات التجارية للخلافة العربية في القرن العاشر.
135.نموذج من أساليب الدواوين في القرن التاسع عشر في شمال القوقاز.
136.جغرافيا البحار في القرن الخامس عشر والسادس عشر عند العرب والأتراك.
137.دراسات عن الجمحي (سنة 1911).
138.سلامة بن جندل (سنة 1914).
139.ذو الرمة (سنة 1918).
140.الشنفرى (سنة 1924).
141.عمرو بن القميئة سنة 1925.
142.كتاب المنازل والديار لابن منقذ سنة 1925.
143.النعمان بن بشير سنة 1925.
144.أبو نؤاس سنة 1928.
145.مسلم بن الوليد سنة 1930.
146.الأخطل سنة 1932.
147.عمر بن أبي ربيعة.
148.عمارة بن أبي الحسن اليمني.
149.ابن زيدون شاعر الأندلس.
150.الشيخ الطنطاوي الأستاذ في جامعة بطرسبورغ.
151.رزق الله حسون ناقل قصص كريلوف إلى العربية.
152.سليمان البستاني.
153.الدكتور طه حسين آراؤه في الشعر الجاهلي ونقّادُه ثم قصة الأيام.
154.الشاعران يوسف غصوب اللبناني ومحمد مهدي الجواهري.

------------------------------------
[1]* جامعة البصره - كلية التربية  librarybasrah@gmail.com.
إضاءات على الاستشراق الروسي، د. فاطمة عبدالفتاح، نشر اتحاد الكُتّاب العرب، دمشق سنة 2000، ص 48.
[2] ينظر: المصدر نفسه، ص12.
[3] ينظر: موسوعة المستشرقين، د. عبدالرحمن بدوي، ص 468. وينظر: الاستشراق الروسي، د. سعدون الساموك، دار المناهج، عمان، ط1، سنة 2003، ص121.
[4] يُنظر: موسوعة المستشرقين، د. عبدالرحمن بدوي، ص 468.
[5]يُنظر: الاستشراق الروسي، د. سعدون الساموك، ص121، وموسوعة المستشرقين، ص 470.
[6] يُنظر: الاستشراق الروسي، ص470.
[7] يُنظر: موسوعة المستشرقين، ص470.
[8] يُنظر: مقال (تذكراتي عن العلامة كراتشكوفسكي)، مجلة الأديب، بيروت، السنة العاشرة، يوليو سنة 1951، العدد 7، ص 14.
[9] ينظر: موسوعة المستشرقين ص 469.
[10] يُنظر: الأدب العربي الحديث في الإستشراق الروسي للدكتور نجدة فتحي صفوة، مجلة الأقلام، بغداد، السنة الرابعة، العدد 5، سنة 1968، ص 74.
[11] ينظر: موسوعة المستشرقين، ص471.
[12] يُنظر: الأدب العربي الحديث في الإستشراق الروسي، ص75.
[13] ينظر: المصدر نفسه، ص 75.
[14] ينظر: المصدر نفسه، ص 74.
[15] ينظر: المصدر نفسه، ص74.
[16] المصدر نفسه، ص 74.
[17] المصدر نفسه، ص 75.
[18] المصدر نفسه، ص 75.
[19] مقال (مع المستشرق الروسي كراتشكوفسكي) لخليل تقي الدين مجلة الآداب السنة الأولى آذار سنة 1953، العدد 3، ص9.
[20] الأدب العربي الحديث... ص75.
[21] (البديع عند العرب في القرن التاسع) ضمن كتاب دراسات في تأريخ الأدب العربي منتخبات، لأغناطيوس كراتشكوفسكي، إشراف كلثوم عودة فاسيليفا، موسكو، دار العلم، نشر أكاديمية العلوم في الإتحاد السوفيتي سنة 1965، ص35.
[22] المصدر نفسه، ص 36.
[23] المصدر نفسه، ص 37.
[24] المصدر نفسه، ص 36.
[25] المصدر نفسه، ص 36.
[26] المصدر نفسه، ص 41.
[27] المصدر نفسه، ص 47.
[28] المصدر نفسه، ص 49.
[29] يُنظر: بلاغة أرسطو بين العرب واليونان، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط2، سنة 1952، ص99-100.
[30] المصدر نفسه، ص 197. ويُنظر نقد الشعر لدى ابن المعتز، د. فائز طه عمر، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ط1، سنة 2009، ص85.
[31] يُنظر: ابن المعتز وتراثه في الأدب والنقد والبيان، د. محمد عبد المنعم خفاجي، دار الجيل، بيروت، سنة 1991، ص575.
[32] A. Mehren. Die Rhetorik der Araber. Kopenhagen und Wien, 1853.
[33] تهمنا خاصة أبحاث كونيغ: (E. Konig. Stilistik, Rhetorik, Poetik in Bezug auf die Biblische Literatur im Vergleich dargestellt. Leipzig, 1900)
حيث إلى جانب الأبحاث يوجد تفسير بعض الاصطلاحات العربية.
[34] H. Reckendorf. Uber Paronomasie in den semitischen Sprachen. Giessen, 1909.
أنظر أيضًا بعض مؤلفات غرونيرت (M. Grunert) التي تهتم أكثر ما تهتم بقواعد اللغة.
[35] Ahmed Deif. Essai sur le lyrisme et la critique littéraire chez les Arabes
قارن: ص Paris, 1917. Cl. Huart. JA, serie II, t.XI, 1918, 351
[36] المقصود هنا صروح البديع التي عُرِفَتْ في العصور القديمة والعصور الوسطى.
[37] قابلوا بوجهٍ خاصٍّ: J. Weiss, Die arabische Nationalgrammatik und die
صفحة 349 – 390  Lateinr. ZDMG, LXIV, 1910,
وقابلوا أيضًا:   G.Well. Zum Verstandnis der Methode der moslemischen Gram-
صفحة 380-392  matiker. Sachau-Festschrift. Berlin, 1915,
والمناقشة بين فيل وفيس في (Der Islam) ( VII, 1917صفحة 168-131، 268 و350-351).
[38] انظروا مقالتي: فقرةٌ من البلاغة الهندية في ترجمتها العربية (الأبحاث الشرقية لجامعة اللغات الشرقية في لينينغراد. 1، 1927، صفحة 26-32).
[39] لقد أعطى دي بور (T.J.de Boer) نظرةً عامةً ممتازةً في الأدب وذلك في مقاله في EI، المجلد الأول، لدائرة المعارف الإسلامية، صفحة 450-451. وقد ظهرت بعد عام 1910 موادُّ جديدةٌ ولكنها لا تحمل شيئًا جديدًا إلى المسألة التي نحن بصددها.
[40] وجد في (كتاب الحيوان) للجاحظ أكثر من 60 استشهادًا بأرسطو (وعدّها فان فلوتين -   G. van Vloten. Een Arabisch Natuurphilosof,1897- في الصفحة ،25 فوجدها ثلاثين تقريبًا). أما في (كتاب البيان) فلا يذكر أرسطو إلاّ نادرًا.
[41] ليس من المهم هنا أن نعرف هل ترجم بيان أرسطو قبل زمان الجاحظ ترجمةً كاملةً أم كان ثمةَ فقط (مختصر) الكندي كما يقول ماكدونالد (EI  المجلد الثاني، ص323). إن جميع المسائل المتعلقة بالترجمات العربية لبيان أرسطو يجب أن يُعاد النظر فيها على أساس مؤلـّف تكاتش – (I. Tkatsch. Die arabische Ubersetzung der Poetik des Aristoteles und die Grundlage der Kritik des griechischen Taxtes, I-II, Wien und Leipzig, 1928-1932).
[42] صفحة 48 E. Renan. Averroes et l,averroisme. Paris, 1886,
[43] كتاب الحيوان . الجزء الأول ، صفحة 45 .
[44] المصدر نفسه. الجزء الثاني، صفحة 18.
[45] المثل السائر. بولاق 1282، صفحة 120.
[46] راجع الوصف العام الذي أعطيته في المجلد  Le Monde Oriental, XVIII 1924، ص56-59.
[47] المجلد  Le Monde Oriental, XVIII, p. 58: Rocznik Orjentalistyczny, III 1925، ص 260-261.
[48] اُنظر: ميرين، المؤلف المذكور، ص 31. E. Konig ، المؤلف المذكور، ص93.
[49] أو (Homogenmachen)، المؤلف المذكور، ص154.
[50] أنظر:   E. Konig ، المؤلف المذكور، ص296 ، وأثر ريكيندورف عن هذا الاصطلاح.
[51] آ. ميرين، المؤلف المذكور، ص97، 01 كونيغ، المؤلف المذكور، ص164.
[52] إن آ. ميرين لم يأتِ على ذكر هذا الاصطلاح. اُنظر لويس شيخو (علم الأدب). الجزء الأول، ص 204.
[53] كونيغ ، المؤلف المذكور، ص 300 .
[54] قارن: ميرين، المؤلف المذكور، ص 117.
[55] (كتاب الصناعتين). إسطمبول ، سنة 1320 ، صفحة 5 .
[56] (كتاب الحيوان). الجزء الأول، ص17، 23. (البيان)، المجلد الأول، ص34 – 35.
[57] قارن: البيان . الجزء الثاني، ص 134 – 136.
[58] المصدر نفسه، الجزء الأول، ص 28-29 وما بعدها.
[59] المصدر نفسه، ص 31.
[60] المصدر نفسه، الجزء الثاني، ص 56.
[61] المصدر نفسه، ص 51 ، 52 ، 55 ، 56 .
[62] المصدر نفسه، الجزء الأول، ص 83 .
[63] الحيوان، الجزء السادس، ص 77-79 .
[64] البيان، الجزء الأول، ص 60 .
[65] المصدر نفسه، ص 32 .
[66] المصدر نفسه، ص 173، 220 . قارن: الحيوان، الجزء الرابع، ص67 – 68.
[67] الحيوان، الجزء الأول، ص 18؛ الجزء السادس، ص 8 وما بعدها.
[68] البيان، الجزء الأول، ص 24، 39؛ الجزء الثاني، ص 175 وغيرها .
[69] مثلاً: الحيوان، الجزء الثالث، ص15؛ البيان، الجزء الثاني، ص38 .
[70] الحيوان، الجزء الثالث، ص34؛ الجزء الرابع، ص 91، 130.
49VI, BGA ص XXII.
[71] ياقوت، معجم الأدباء، الجزء السادس، ص204. قارن أيضًا ما جاء في نقد الشعر لقدامة بن جعفر: ص 66 – أحمد بن يحيى (ثعلبة) وص84 – محمد بن يزيد (المبرد).
[72] نقد الشعر، إسطمبول ، 1302 . طبع أحمد الشدياق صاحب جريدة (الجوائب).
[73] ياقوت، المؤلف المذكور، الجزء السادس، ص 203.
[74] قدامة، (نقد الشعر)، ص6.
[75] المصدر نفسه، ص61. قارن أيضًا ص ،67 حيث بعض الأمثلة مُستَعارٌ من كتاب ابن المعتز.
[76] ياقوت، المؤلف المذكور، الجزء الثالث، ص54. قارن الجزء الثالث، ص58، والجزء السادس، ص205.
[77] ياقوت، المؤلف المذكور، الجزء الثالث، ص54. قارن الجزء الثالث، ص58، والجزء السادس، ص205.
[78] جمعنا أسماء هذه الكتب والدراسات من معاجم وموسوعات الاستشراق إذ كانت متفرقةً فيها.