البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

قضيّة القرآن والشعر الجاهلي عند المستشرق تيسدال

الباحث :  محمود كيشانه
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  37
السنة :  شتاء 2024م / 1445هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 14 / 2024
عدد زيارات البحث :  1893
تحميل  ( 533.418 KB )
الملخّص
ينطلق هذا البحث من محاولة البحث عن موقف المستشرق وليام سانت كلير تيسدال من القرآن والشعر الجاهليّ، حيث حاول إثبات فرضيّة اقتباس القرآن من الشعر الجاهليّ، وصولًا إلى القول بالمصدريّة البشريّة للقرآن.
ويهدف هذا البحث إلى بيان موقف المستشرق تيسدال من القرآن والشعر العربيّ الجاهليّ عند امرئ القيس وأميّة بن الصلت. وكذلك محاولة الكشف عن موقفه من الفرضيّة هل معها أم ضدّها؟ وإذا كان ضدّها أو لم يؤمن بها كامل الإيمان فلماذا ضمّنها كتابه؟! كما يهدف إلى الردّ العلميّ الذي يبيّن خطأ المنطلقات التي تنطلق منها هذه الفرضيّة، والتي قادت إلى الخطأ. هذا الردّ قائم على رافدين: النقد الخارجيّ للنصوص الشعريّة التي ذكرها هذا المستشرق، والنقد الداخليّ لها، والذي يكشف عن الكثير مما ينقد رأي تيسدال ذاته. محاولين الكشف عن العوار الذي تقوم عليه هذه الفرضيّة، بما ينسفها من الأساس. لكن إذا علمنا أنّ هذا المستشرق يسير في اتجاه التعصّب ضدّ كلّ ما هو إسلاميّ، أدركنا أنّنا أمام محاولة للتشكيك في المصادر الأصليّة الإلهيّة للقرآن. وذلك بالاعتماد على المنهج التحليليّ النقديّ، الذي يحلّل موقف تيسدال من القضيّة، ثمّ توجيه ما يلزمه من النقود على المستويين العلميّ والدينيّ.

الكلمات المفتاحيّة: تيسدال، القرآن الكريم، الشعر الجاهليّ.

المقدّمة
يعالج هذا البحث موقف المستشرق تيسدال في ما أورده في كتابه حول مقولة اقتباس القرآن من الشعر الجاهليّ؛ ولذا يحاول هذا البحث الإجابة على مجموعة من التساؤلات التي تمثّل إشكاليّات يحاول أن يجيب عنها، ومن هذه التساؤلات: ما موقف تيسدال من القرآن والشعر الجاهليّ؟ وهل نستطيع أن نجد علاقة ما بينهما كما حاول أن يومئ هذا المستشرق؟! وما المنطلقات التي انطلق منها والمقدّمات أو النصوص التي بين يديه؟!

ما أوجُه النقد التي يمكن أن تُوجّه للمستشرق تيسدال في هذا الصدد؟ وهل تستند إلى بعد دينيّ فقط؟! أم تجمع بين البعدين: الدينيّ والعقلي في بوتقة واحدة تقود إلى إفحام آراء تيسدال وبيان تهافتها؟ وكيف يمكن من خلال النقد الداخليّ والخارجيّ للنصوص الشعرية الجاهليّة التي ذكرها تيسدال أن نرد هذه القضيّة من أساسها؟ ومن خلال الإجابة على هذه الإشكاليّات والتساؤلات تتمحور أمامنا محاور البحث، وهي على النحو التالي: أوّلًا، مقدّمة، ثانيًا، موقف تيسدال من قضيّة القرآن والشعر الجاهليّ، ثالثًا، النقد الخارجيّ للنصوص، رابعًا، النقد الداخليّ للنصوص.

أوّلًا- موقف تيسدال من قضيّة القرآن والشعر العربيّ
رمى تيسدال من طرف خفيٍّ إلى أنّ القرآن مأخوذ من شعر امرئ القيس، وعلى الرغم مما أظهره في بعض المواضع من رد الفرضيّة، إلّا أنّ ما ساقه من بعض النصوص أثار بعض الشبه التي سنعرضها تفصيلًا ثمّ نردّ عليها باستفاضة، حيث حاول هذا المستشرق بذلك أن يشكّك في المصدريّة الإلهيّة للقرآن الكريم، وهو زعم اتّجه إليه كثيرون، وتبعهم فيه أيضًا كثيرون، وهي كلّها أقلام تطرح فكرة ذهنيّة مسبقة تجول حولها خواطرهم، ترتبط بالمصدريّة البشريّة للقرآن.
ومن ثمّ فقد كان موقف هذا المستشرق واضحًا من البداية، وهو موقف يجمع بين النقيضين، حيث يذكر النصوص التي تزكّي الشبهة، ثمّ يؤيّدها حينًا ويرفضها حينًا، وهو الموقف النابع لا أقول من أبعاد منهجيّة علميّة، ولكنّني أقول إنّه نابع من خلفيّة دينيّة قوامها التعصّب لديانته، ومن ثمّ فقد أثار هذا الرجل العديد من الشبه حول هذه القضيّة. ومن هذه الشبه التي أثارها ما هو آت:

الشبهة الأولى: يقول: «حتى الوقت الحاليّ، ما زال يقال في الشرق أحيانًا، أنّ محمّدًا لم يتبنَّ كثيرًا من العادات والشعائر العربيّة الدينيّة للوثنيّين العرب وضمّنها في الإسلام فقط، ولكنّه متهم أيضًا بالسرقة الأدبيّة من خلال اقتباس أجزاء من بعض أشعار إمرئ القيس، الشاعر العربيّ القديم، ومن المؤكّد أنّ هذه السرقات ربما مازلت توجد في القرآن. ولقد سمعت حتّى قصّة بأنّه ذات يوم وعندما كانت فاطمة ابنة محمّد تتلو الآية الأولى من سورة القمر (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) كانت ابنة الشاعر حاضرة وقالت لها، هذا بيت من أحد قصائد أبي، وقد سرقه أبوك، وادّعى أنّه أوحى له به من الله. لكن هذه القصّة قد تكون كاذبة لأنّ امرأ القيس مات حوالى سنة 540م من الحقبة المسيحيّة، بينما لم يكن محمّد قد ولد حتّى عام الفيل سنة 570م»[2].
الشبهة الثانية: يقول فيها تيسدال: «ومع ذلك ففي طبعة حجريّة للمعلّقات حصلت عليها في فارس، وجدت في نهاية المجلد بعض قصائد منسوبة إلى امرىء القيس، رغم عدم ذكرها في أيّ طبعات أخرى مما رأيت من أشعاره. وفي هذه القصائد المشكوك في نسبتها وجدت الأبيات المذكورة أدناه، رغم احتوائها على بعض الأخطاء الواضحة، والتي أعتقد أنّه من الأفضل ذكرها دون تصحيح. إنّ الأبيات المعلّم بخطّ فوقها مذكورة أيضًا في القرآن في السور الآتية (سورة القمر الآية 1) (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ)، والآية 29، (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ)، والآية 31، (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ)، والآية 46 بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرّ، وفى سورة الضحى الآيات 1-2، والضحى والليل إذا سجى، وفى سورة الأنبياء الآية 96 (حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)، وفى سورة الصافات الآية 61، (لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ)[3].

الشبهة الثالثة: وهي التي يقول عنها: «وباستثناء أنّه في بعض الكلمات يوجد اختلافات بسيطة، فإنّ المعنى واحد. فمن الواضح إذن وجود علاقة ما بين هذه السطور والآيات المشابهة في القرآن. ولكن يوجد سبب قويّ للشكّ في ما إذا كان امرؤ القيس هو مؤلّف هذه السطور، فقد تكون مقتبسة من القرآن، بدلًا من أن تكون قد أدخلت عليه من مؤلّف عاش بعد زمن محمّد، ومع ذلك، فمن الصعب أن نفترض، إنّه بعد تأسيس الإسلام كان يمكن لأيّ إنسان أن يتجرّأ على محاكاة القرآن وأخذ آيات منه وتطبيقها على الموضوع الذي تشير إليه هذه الأشعار، ولكن ومن جهة أخرى، فقد كان من المعتاد جدًّا حتّى في العصور الحديثة نسبيًّا، الاستشهاد بآيات من القرآن، وإدخالها في تصنيفات حديثة ذات صبغة فلسفيّة أو دينيّة. إنّه من الصعب التصوّر أن يغامر محمّد بسرقتها من مؤلّف مشهور مثل امرىء القيس (رغم أنّه، وكما سوف نرى، قد فعل ذلك من مصادر أجنبيّة أقلّ شهرة)»[4].

الشبهة الرابعة: يعبّر عنها تيسدال في نصّ يقول فيه: «ولذا فيمكننا أن نفترض جزئيًّا أنّ هذه القصائد لم تكن معروفة على نطاق واسع بين المعلّقات المشهورة، إنّ المعروف عن المعلّقات بشكل عامّ هو أنّه حيثما صاغ أيّ شاعر قصيدة بليغة، فإنّها كانت تُعلّق في سقف الكعبة، وأنّ كلّ الأشعار في هذه المجموعة المشهورة كانت تحمل اسم المعلّقة، على نفس العادة. إنّ المرجعيّات الموثوقة تنفي مع ذلك أنّ هذا كان أصل التسمية، ولكن تلك مسألة غير مهمّة. وعلى الرغم من القصّة الشرقيّة التي ذكرتها عن سرقة محمّد للمعلّقات، فإنّ ميزان الاحتمال يميل بالتأكيد نحو افتراض أنّه بريء من تهمة التجرّؤ على تلك السرقة الأدبيّة التي اتّهم بها»[5].

لقد كان من أئمّة هذا الزعم إذن المستشرق والقس وليام سان كلير تيسدال[6] الذي ذهب إلى أنّ هناك تأثيرًا لأشعار امرئ القيس في بعض آيات القرآن الكريم، يقول: «في طبعة حجريّة من المعلّقات، حصلت عليها في بلاد فارس، وجدت في نهاية المجلد بعض القصائد التي تنسب إلى امرئ القيس، والتي لم ترد في أيّ طبعة أخرى من الطبعات التي اطّلعت عليها لديوانه»[7].

هذه الأبيات المنسوبة لامرئ القيس هي:
دنت الساعة وانشقّ القمر....... عن غزال صاد قلبي ونفر
أحور قد حرت في أوصافه..... ناعس الطرف بعينيه حور
مرّ يوم العيد في زينته ..... فرماني فتعاطى فعقر
بسهام من لحاظ فاتك........ فتركني كهشيم المحتظر
وإذا ما غاب عنّي ساعة..... كانت الساعة أدهى وأمر
كتب الحسن على وجنته..... بسحيق المسك سطرًا مختصر
عادة الأقمار تسري في الدجى... فرأيت الليل يسري بالقمر
بالضحى والليل من طرّته.... فرقه ذا النور كم شيء زهر
قلت إذا شقّ العذار خدّه..... دنت الساعة وانشقّ القمر

ومما نُسب إليه أيضًا قوله:

أقبل والعشاق من خلفه.... كأنّهم من كلّ حدب ينسلون.
وجاء يوم العيد في زينته..... لمثل ذا فليعمل العاملون

لكن على الرغم مما قد يظهر في نصوص تيسدال من التشكيك في عمليّة الاقتباس المزعومة، فإنّ مجرّد إيرادها في كتابه: المصادر الأصليّة للقرآن الذي يشكّك فيه بمصدريّته الإلهيّة، مدّعيًا أنّ الرسول الكريم -حاشاه- قد اقتبس نصوصه من مصادر شتّى: يهوديّة ومسيحيّة وزاردشتيّة وغيرها لا يحمل إلّا معنى واحدًا، وهو أنّه يريد تشكيك المسلمين في دينهم وكتاب ربّهم. فلا بدّ إذن من مناقشته وردّه.

كما أنّ هناك العديد من الأقلام التي تلقّفت رأي تيسدال المتأرجح أو المذبذب حول هذه القضيّة، وراحوا يكيلون التهم للقرآن وللنبيّ الكريم، ظانّين أنّ قضيّتهم هذه نصر لهم على الإسلام عامّة والقرآن خاصّة.
وهذا ما يستوجب منّا الردّ على هذا الافتراء من جانبين: الأوّل: النقد الخارجيّ للنصوص الشعريّة. والثاني: النقد الداخليّ للنصوص الشعريّة.

ثانيًا- النقد الخارجيّ للنصوص الشعريّة
لكنّ المتأمّل في نصّ سانت كلير تيسدال يجد أنّه قدّم الردّ على تلك الفرية الاستشراقيّة، وهي أنّ هذه الأبيات لا وجود لها في ديوان امرئ القيس، وأنّه ينصّ على أنّها مشكوك في صحّتها، لكنّنا نرى أنّه وجدها فرصة للتشكيك في مصدريّة القرآن تُضاف إلى ألوان التشكيك الأخرى التي ضمّنها كتابه. لكن من الواضح أنّ تيسدال الذي أطلق الفرية، معتمدًا على كتاب فيض القدير شرح الجامع الصغير لمحمّد المناوي، يجد أنّه كان متردّدًا بين موقفين: موقف يطرح فيه الفرية وهو يتمنّى أنّ تكون صحيحة، وموقف يأبى فيه اتّجاهه العلميّ الإيمان بها أو تصديقها، فهو هنا تعامل معها بجانبين: جانب شخصيّ تعصبيّ يرى فيه أنّ الإسلام مُقتبَس من الديانات والثقافات السابقة، وموقف علميّ يجد نفسه فيه أنّه أمام شواهد تاريخيّة وعقليّة تمنع من التصديق.

إنّنا نستطيع أن نجد في أقوال كلير تيسدال الشبهة ونقيضها، بل إنّنا نجد الدليل على نقيض رأيه متضمّنًا في ثنايا سطور كلامه، وإنّنا لنجد الشواهد على ذلك كثيرة، منها قوله: «وقرأت في هذا المجال قصّة مفادها أنّه لمّا كانت فاطمة بنت محمّد تتلو آية (اقتربت الساعة وانشقّ القمر).. سمعتها بنت امرئ القيس وقالت لها: هذه قطعة من قصائد أبي، أخذها أبوك، وادّعى أنّ الله أنزلها عليه. هذه القصّة ملفّقة على الأرجح؛ لأنّ امرأ القيس توفّي حوالي سنة 540 ميلاديّ، في حين أنّ محمّدًا لم يكن قد وُلد حتّى عام 570 ميلاديّ عام الفيل»[8]. وهذا دليل على أنّ المستشرق الذي تلقّف الفرية وأذاعها في العالمين هو ذاته الذي ينقض فريته بما يقدّمه من رواية تاريخيّة وقرائن عقليّة، وهو في ذلك يُثبت ما ذهبنا إليه من وجود جانبين في شخصيّته يدعوانه لاتّخاذ موقفين أو على الأقل يتردّد بينهما.
إنّ سان كلير تيسدال كان يدرك جيّدًا مقدار ما تنطوي عليه هذه الأبيات من أخطاء واضحة، ولا سبيل إلى نكرانها، وقد تركها دون تصحيح أو إشارة، وإنّما اكتفى بوضع خطّ تحت الألفاظ التي ظنّ أنّها وردت في القرآن الكريم، ثمّ أردف قائلًا: «إذ لا يمكن لأحد إنكار أنّ هذه السطور المذكورة واردة في سورة القمر (54: 1 و27 و29)، وفي سورة الضحى (93: 1 و2)، وفي سورة الأنبياء (21: 96)، وفي سورة الصافّات (37: 61)، مع اختلاف طفيف في اللفظ، وليس في المعنى»[9].

وهذا المستشرق وغيره يشير إلى آيات:
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) (القمر: 1).
(حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) (الأنبياء: 96).
(فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ) (القمر: 29).
(وَالضُّحَىٰ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ) (الضحى: 1-3).
(لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ) (الصافات: 61).

لكنّ سان كلير تيسدال أشار للشبه وأخذ يدور بكلامه يمينًا ويسارًا، يذكر الشبهة ثمّ يُورد من جانب آخر نقيضها أو الردّ عليها، فهو الذي يقول: «من الواضح إذن أنّ هناك بعض العلاقة بين هذه الأبيات وآيات من القرآن، ويبدو أنّ هناك سببًا وجيهًا للشكّ في السؤال، بعدما أقدم محمّد على استعارتها من المؤلّف الذي عاش قبل زمنه. لكن من جهة أخرى من الصعب أن نفترض أنّه يمكن أن يوجد أيّ شخص في أيّ وقت مما بعد نشوء الإسلام، لديه الجرأة على السخرية من القرآن من خلال أخذ آيات منه وتطبيقها على الموضوع الذي تُشير إليه هذه الأبيات الشعريّة»[10].

وهو الذي يردّ على نفسه أيضًا قائلًا: «ومن ناحية أخرى فإنّه من المعتاد جدًّا في الشعر العربيّ، وحتّى في العصر الحديث إلى حدّ ما، أن يجري اقتباس آيات من القرآن ووضعها في تراكيب لاحقة ذات طابع فلسفيّ أو دينيّ، لكنّ هذه القصائد لا تنتمي لهذا النوع من التضمين. كما سيكون من الصعب أن نتخيّل أن يغامر محمّد بالسرقة من شاعر معروف مثل امرئ القيس»[11].

كلّ ذلك يغذّي لدينا أنّ مروّجي شبهة اقتباس القرآن من الشعر الجاهليّ لم يكونوا على يقين ممّا يروّجون له، بل أقول لم يكونوا مؤمنين بما يدعون إليه في هذه الفكرة، فلا العقل ولا المنطق ولا الأدلّة التاريخيّة واللغويّة تؤيّد رأيهم، وإنّما تؤيّد عكس ما يذهبون إليه، وهذا ما اعترف به الكثير من المستشرقين أنفسهم في بعض كتبهم حول تلك الأشعار وغيرها.
لكنّ سان كلير تيسدال لم يجد بدًّا من أن ينتهي في هذه القضيّة إلى القول الحقّ، وذلك عندما يقول: «فإنّ ميزان الاحتمال يميل بالتأكيد إلى افتراض أنّ محمدًا برئ من تهمة الانتحال المتهوّر التي اُتُّهِمَ بها»[12].
لكنّ هذا المستشرق كان مجبرًا على هذا الاعتراف -الذي أظنّه منقصوصًا- لأمرين: الأوّل القرآئن والشواهد التي تنفي هذه الفرضيّة، والثاني رسالة أرسلها السير تشارلز ليال، والتي تتعلّق بأبيات امرئ القيس، وقد اعترف له سان كلير تيسدال بمكانته وفضله؛ حيث لم يجد أفضل منه في الشعر العربيّ القديمّ، ومن ثمّ كانت حججه في القضيّة سببًا في تعديل رأيه باعترافه هو[13].

هذا هو موقف هذا المستشرق من قضيّة الأبيات المنسوبة لامرئ القيس وعلاقتها بالقرآن الكريم، وقد أردنا أن نعرض لها كما هي من خلال عرض موقفه منها والأسانيد الواهية التي استند إليها في القضيّة، إلى أن اعترف أخيرًا برفض احتمال اقتباس القرآن من شعر هذا الشاعر الجاهليّ، ومن ثمّ كان حقّنا هنا أن نردّ عليه بما تحت أيدينا من أسانيد تُوجَّه له ومن سار على دربه من المستشرقين والعرب.
وإذا أردنا أن نستكشف رأي الاستشراق المعاصر في هذه القضيّة -قضيّة شعر امرئ القيس والقرآن- فإنّنا نقف على موقف واحد من المستشرقين المعاصرين الذين لهم بعض المواقف المعادية من الإسلام والمتعصّبة ضدّ القرآن وهو المستشرق يوخن كاتز jochen katz. والغريب أنّ هذا المستشرق وقف موقف المعارض من هذه القضيّة، ذاهبًا إلى أنّه لم يتمّ إثباتها بأدلّة كافية، وكتب في ذلك مقالة بعنوان: هل انتحل محمّد امرئ القيس؟

?Did Muhammad Plagiarize Imrau’l Qais[14].
وقد ذهب هذا المستشرق إلى أنّ من الخطأ النظر إلى اتّهام النبيّ محمّد بسرقة شعر امرئ القيس على أنّه حقيقة، مؤكّدًا على أنّ الحقيقة هي أنّ هذه الأبيات الشعريّة وإن كانت شبيهة ببعض الآيات القرآنيّة ونسبتها المصادر لامرئ القيس، فإنّ هناك أسبابًا تعارض ذلك، وقد أكّد كذلك على أنّها مسألة فرضيّة لا يُمكن إثباتها بطريقة أو بأخرى، لذا يذهب إلى أنّه من الخطأ القول بسرقة شعر امرئ القيس، ومن ثمّ يجب إسقاط هذه الفرضيّة بالكلّيّة؛ لأنّ الأمر ليس بحاجة إلى ملء الكتب بالتكهّنات[15].
وفي سبيل هذا الرأي رفض القصّة المتداولة في بعض الكتب التراثيّة عن لقاء ابنة امرئ القيس بالسيّدة فاطمة الزهراء... وكان رفض يوخن كاتز مبنيًّا على أساس أنّها رواية خاطئة؛ لأنّ امرأ القيس مات سنة 540م بينما لم يُولد النبيّ محمّد حتّى عام 570م[16].

وقد قلّب يوخن كاتز المسألة على عدّة وجوه مُقرًّا في النهاية بصعوبة إثباتها، فقد كانت هذه المسألة ذات فروض مؤدّاها: إمّا أن يكون القرآن قد أخذ من القصيدة، أو أنّ هناك شخصًا آخر غير امرئ القيس كانت لديه الجرأة هو من اقتبسها، وفي كلا الأمرين ليس هناك إثبات لذلك من وجهة نظره[17].
وفي هذا الصدد يشير هذا المستشرق إلى أنّ هناك كتابين لسان كلير تسيدال حول المصادر الأصليّة للقرآن، وأنّ الكتاب الثاني لم تُعَد طباعته أبدًا، على الرغم من كونه أكثر شمولًا (287 صفحة)، في حين كان الكتاب الأول (102 صفحة)، لكنّه يرى أنّ معظم الناس لا يريدون قراءة الكتب الكبيرة، وهذا هو السبب عنده في عدم معرفة أنّ تسيدال قد غيّر رأيه في كتابه الأخير[18].

تأصيل القضيّة
بل إنّ مما يلفت النظر في قضيّة الردّ على سان كلير تسيدال -وغيره من المستشرقين في هذه القضيّة- أنّه لم يكن أصيلًا، سبقه إلى هذا الرأي المناوي في فيض القدير -لكن على محمل المدح في القرآن لا القدح فيه خلافًا لما أراد تيسدال وغيره- حيث قال:
«وقد تكلّم امرؤ القيس بالقرآن قبل أن ينزل، فقال:
يتمنّى المرء في الصيف الشتا... فإذا جاء الشتا أنكره.
فهو لا يرضى بحال واحد... قُتل الإنسان ما أكفره.

وقال:
اقتربت الساعة وانشقّ القمر... من غزال صاد قلبي ونفر»[19].
وإذا جئنا بديوان امرئ القيس، فلن نجد لهذه الأبيات وجودًا، ممّا يقوّي الزعم بأنّها أبيات منحولة ومنسوبة إليه زورًا، فالديوان الشعريّ هو بمثابة سجل لأشعار الشاعر اجتهد المحقّقون في جمعها، أما وأنّ هذه الأبيات ليس لها وجود، ولم تُعرف في أوساط أهل الاختصاص ولم يتمّ تداولها بينهم، فهذا يعني لا محالة أنّها أبيات منحولة.

ولنا هنا أن نتساءل إذا كانت قضيّة أبيات امرئ القيس صحيحة، فلماذا لم نسمع أنّ قريشًا صنعت ضجيجًا حول هذه القضيّة؟! لقد اتّهموا سيّدنا محمّدًا(صلى الله عليه وآله وسلم) بكلّ نقيصة، فما الذي منعهم من التمسّك بهذه الأبيات كدليل على عمليّة الاقتباس؟! فهذا كلّه لم يحدث، لماذا؟ لأنّ القضيّة محض افتراء من أساسها، ولم يكن لهذه الأبيات أيّام الجاهليّة من وجود، وهذا يقوّي الزعم بانتحالها بهدف تشويه الدين وإظهاره بصورة الدين المسروق، لكن تأبى الأدلّة العقليّة والتاريخيّة إلّا أن تكشف زيف هذه الأباطيل وتهافتها أمامها.
إنّ العرب في الجاهليّة كانوا أهل فصاحة وبلاغة وبيان، وكانت معلّقاتهم الشعريّة تُعلّق على أستار الكعبة من جمال أسلوبها وروعة بيانها وبلاغتها، ولذا كانت المعجزة الإلهيّة التي أتى بها سيّدنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي القرآن معجزة بلاغة، جاءت من جنس ما برع فيه العرب من البلاغة والبيان تحدّيًا لهم بأن يأتوا بمثله أو بسورة من مثله، فما الذي منعهم من أن يردّوا على هذا التحدّي مستغلّين هذه الأبيات المنسوبة لامرئ القيس؟ ما الذي يجعلهم يبارزون المسلمين بالسيف، فيقع منهم القتيل والجريح والأسير وكانت أمامهم هذه الأبيات؟ هذا كلّه يقودنا إلى أنّه لا أبيات لامرئ القيس من هذا النوع، ولو كانت له أبيات لاستغلّتها قريش في حربها المستعرة ضدّ الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم).

وهناك ما يلفت النظر وهو أنّ الباقلانيّ أفرد فصلًا بعنوان: الفرق بين الشعر والقرآن، وذلك في كتابه الأشهر إعجاز القرآن، فلم يُشِر من قريب أو بعيد لهذه الأبيات وهو ابن القرن الرابع الهجريّ[20]، ما يعني أمرين: الأوّل أنّ هذه الأبيات ليست لامرئ القيس؛ إذ لو كانت له لأشار الباقلانيّ إليها، والثاني أنّ هذه الأبيات نُحلت بعد القرن الرابع الهجريّ، إذ لو كانت قد نُحلَت قبله لأشار إليها الباقلانيّ أيضًا، لكنّه لم يفعل، فدلّ على أنّها ليست من أشعار امرئ القيس، وإنّما منسوبة إليه كذبًا.

وقد فطن طه حسين إلى هذه القضيّة -قضيّة الانتحال في شعر امرئ القيس- فأشار في فصل تحت عنوان قصص وتأريخ إلى أنّ أكثر ما يتمّ تناقله من أشعار لامرئ القيس إنّما هي أشعار منحولة، مؤكّدًا على أنّها تُخالف البيئة التي نشأ فيها، واللغة التي يُجيدها، وهي لغة اليمن[21].

بل إنّ البيتين:
يتمنّى المرء في الصيف الشتا... فإذا جاء الشتا أنكره.
فهو لا يرضى بحال واحد... قُتل الإنسان ما أكفره.
منسوبان في كتب أخرى إلى غير امرئ القيس، كدليل واضح على أنّهما منحولان عليه، فهذان البيتان اللذان نسبهما المناويّ -وتبعه في ذلك بعض المستشرقين- إلى امرئ القيس نجدهما منسوبين لشاعر يُدعى يحيى بن صاعد (ت 515هـ)، فقد ذكر أحمد بن يوسف التيفاشيّ هذين البيتين في كتابه سرور النفس بمدارك الحواسّ الخمس[22].
ليس هذا فحسب، فإنّ الذهبيّ في كتاب تاريخ الإسلام تعرّض بالترجمة لمحمدّ بن محمّد بن عبد الكريم بن برز المعروف بمؤيّد الدين القمّيّ فقال: «وكان كاتبًا سديدًا بليغًا وحيدًا، فاضلًا، أديبًا، عاقلًا، لبييًا، كامل المعرفة بالإنشاء، مقتدرًا على الارتجال... وله يد باسطة في النّحو واللّغة، ومداخلةٌ في جميع العلوم، إلى أن قال: أنشدني عبد العظيم بن عبد القويّ المنذريّ، أخبرنا عليّ بن ظافر الأزديّ، أنشدني الوزير مؤيّد الدّين القمّيّ النائب في الوزارة الناصريّة، أنشدني جمال الدّين النّحوي لنفسه في قينة:

سمّيتها شجرًا صدقت لأنّـهـا
كم أثمرت طربًا لقلب الواجد
يا حسن زهرتها وطيب ثمارها
لو أنّها تسقى بـمـاءٍ واحـد
قال: وأنشدنا لنفسه:
يشتهي الإنسان في الصّيف الشّتا
فإذا ما جاءه أنكره
فهو لا يرضى بعيشٍ واحدٍ
قُتل الإنسان ما أكفره»[23]

ومن ثمّ فإنّ التوثيق العلميّ يقودنا إلى أنّ هذه الأبيات ليست لامرئ القيس؛ فإذا كان للمستشرقين ومن سار على نهجهم في هذه القضيّة من الملحدين ومدّعي التنوير توثيق غير هذا فليأتونا به، فإذا كان لديهم الوثائق الدالّة على أنّ هذه الأشعار لامرئ القيس فليطلعونا عليها، أما وأنّهم لم يفعلوا ولن يفعلوا، فإنّ ذلك دليل على تهافت قضيّتهم وعدم ثبوتها أمام النقد العلميّ السديد.
ومن المعلوم أنّ وقوع الانتحال في الشعر العربيّ أمر لا ينكره أيّ من الدارسين والمتخصّصين في الحقل الأدبيّ، بل لا ننكر أنّ هناك الكثير من الانتحال في شعر امرئ القيس ذاته، فهذا الشاعر من أكثر الشعراء الذين نالت هذه الظاهرة من اسمهم ومن شعرهم. وقد اهتمّ الكثير من هؤلاء الدارسين ببيان أشعار امرئ القيس من المنحولة عليه، لكنّ الغريب أنّ هذه الأبيات التي يعتمد عليها المستشرقون في القول باقتباس القرآن من شعر هذا الشاعر لا توجد في ديوانه المعتمد، كما لا توجد في الأشعار المنحولة.
وقد ذكر ابن عبد ربّه في العقد الفريد شيئًا من الانتحال الذي يقع في الشعر، فهو يقول مثلًا عن خلف الأحمر وحمّاد الراوية: «وكان خَلف الأحمر أَروى الناس للشِّعر وأعلَمهم بجيّده... وكان خلفٌ مع روايته وحِفظه يقول الشعر فيُحسن، وينَحله الشعراء، ويقال إنّ الشعر المَنسوب إلى ابن أخت تأبّط شَرًّا وهو:

إنَّ بالشِّعب الذي دون سَلْع لقتيلًا دَمُه ما يُطَلُّ

لخلَف الأحمر، وإنّه نَحلَه إيّاه، وكذلك كان يفعل حمّاد الرواية، يَخلط الشعر القديم بأبيات له، قال حماد: ما مِن شاعر إلّا قد زِدْتُ في شعره أبياتًا فجازت عليه إلّا الأعشى، أعشى بكر، فإنّي لم أزد في شعره قطُّ غيرَ بيت فأفسدتُ عليه الشعر، قيل له: وما البيتُ الذي أدخلته في شعر الأعشى؟ فقال:

أنكرتْني وما كان الذي نَكِرتْ من الحوادث إلا الشَّيبَ والصلعَا»[24].

كذلك من الآيات المنسوبة لامرئ القيس وذكرها المناوي[25]:
إذا زلزلت الأرض زلزالها... وأخرجت الأرض أثقالها
تقوم الأنام على رسلها ... ليوم الحساب ترى حالها

يحاسبها ملك عادل ... فإمّا عليها وإمّا لها.
هذه الأبيات نجدها شبيهة في الحقيقة بأبيات للشاعرة الخنساء، حيث نجدها في ديوانها، وتحديدًا في قصيدتها التي بعنوان: ألا ما لعينيك أم ما لها، تقول:

أَبَعدَ اِبنِ عَمروٍ مِن آلِ الشَريدِ حَلَّت بِهِ الأَرضُ أَثقالَها
فَخَرَّ الشَوامِخُ مِن قَتلِهِ وَزُلزِلَتِ الأَرضُ زِلزالَها[26]

والخنساء هنا متأثّرة بما ورد في القرآن عن يوم القيامة، ولو كانت هذه الأبيات قد قالها امرؤ القيس من قبلُ لَلِيمت الخنساء، ورُميت بسرقة الشعر من شاعر سابق عليها، وهذه من الأمور التي لا يليق بشاعر أن يقع فيها، وإذا كانت الخنساء لم يُعرف في تاريخ الأدب أنّها وُجّه لها الذمّ بسبب هذه الأبيات، فهذا معناه أنّها ليست لامرئ القيس، وإنّما هي للخنساء بتأثير مما ورد في القرآن الكريم، وهذا ما أكّده ابن داوود الظاهري الأصفهاني، المتوفّى في عام 227هـ، الذي أشار إلى قضيّة استعانة الشعراء بالقرآن الكريم وتأثّرهم به، ومن ضمن مَن ذكرهم من الشعراء الخنساء، في تأثّرها بالقرآن في هذين البيتين السابقين[27].
ومن جهة أخرى فإنّ أشعار امرئ القيس كانت مثار اهتمام وعناية المحقّقين قديمًا وحديثًا، وقد اهتمّ العديدون منهم بجمع أشعاره وتحقيقها ونشرها، ومن شدّة العناية والاهتمام بها ظهرت في أكثر من نسخة، منها: نسخة الأعلم الشمنتريّ ونسخة الطوسيّ، ونسخة السكريّ، ونسخة البطليوسيّ وغيرها من النسخ، التي تتّفق جميعها في عدم وجود هذه الأبيات المنسوبة إلى امرئ القيس.

وتفسيرنا لذلك أنّ الإسلام كان مستهدفًا للنيل منه من قبل التيّارات والديانات الأخرى المخالفة له، ومن ثمّ فإنّهم حاولوا أن ينحلوا بعض الأشعار التي قيلت في ظلّ الدولة الإسلاميّة إلى امرئ القيس، حتى يُوهموا بأنّ القرآن مأخوذ من الأشعار الجاهليّة، وقد أشار إلى هذه الجزئيّة ابن أبي الأصبع (ت 654هـ)، عندما أكّد على أنّ هناك بعض الأبيات الأخرى التي تُنسب لامرئ القيس خطأ قائلًا عن السبب: «على أنّ بعض الرواة ذكر أنّه وضعه بعض الزنادقة، وتكلّم على الآية الكريمة، وأنّ امرأ القيس لم يصح أنّه تلفّظ به»[28].

ثالثًا- النقد الداخليّ للنصوص
أ- تحليل المضمون وأثره في نقد الفرية
إذا نظرنا إلى هذه الأبيات التي تُنسب لامرئ القيس نجدها أبياتًا أصابها الضعف العام في الأسلوب والمعنى، وعدم اتفاق ألفاظ الأبيات مع مضمون البيئة الجاهليّة وسمتها، وهذا من أقوى الأدلّة على أنّ هذه الأبيات منحولة.

فالبيت الذي يقول:
اقتربت الساعة وانشقّ القمر عن غزال صاد قلبي ونفر
يمكن الوقوف على بعض كلماته ودلالتها، لنفهم هل تعبّر هذه الدلالات عن البيئة الجاهليّة أم هي تعبّر عن بيئة أخرى؟ فمثلًا كلمة (الساعة) تُثير العديد من علامات الاستفهام هنا، ومن ثمّ فإنّها لا تخرج عن أحد احتمالين: إمّا الساعة بمعنى يوم القيامة، أو الساعة بمعنى موعد اللقاء بالمحبوبة. لكن الاحتمال الأوّل خطأ؛ لأنّ العرب في الجاهليّة لم يكونوا يؤمنون بيوم القيامة ولا بحساب ولا بعقاب، اللهم إلّا بعض الأفراد الذين كانوا على ديانة سيّدنا إبراهيم كزيد بن نفيل، ومن ثمّ فالإيمان بقضيّة المعاد لم يكن موجودًا، بل لم نجد لها ذكرًا في أشعار الجاهليّين، ومن هنا يقول أحد الباحثين: «في قصائد امرئ القيس إيمان باليوم الآخر، وهذا شيء غير واقعيّ، فضلًا عن أنّ هذا الأمر يثير الدهشة للغاية بالنسبة لشاعر عُرف بالوقاحة والتدنّي الخلقيّ»[29]. وعلى الاحتمال الثاني فإنّ التعبير عن جمال المحبوبة لم يكن بانشقاق القمر، فلم نسمع أنّ شاعرًا جاهليًّا وصف جمال محبوبته بانشقاق القمر، وإنّما كان يصف جمالها بالبدر أو القمر فقط دون انشقاق أو انفلاق، فالعلاقة بين الجمال والبدر في الأشعار الجاهليّة كانت شيئًا ثابتًا، وهذا ما نجده في أشعار شعراء العصر الجاهليّ الكبار.

يقول عنترة بن شداد:

وَبَدَتْ فَقُلْت البَدْرُ لَيْلَة َ تِمِّهِ قَدْ قَلَّدَتْهُ نُجُومَها الجَوْزاءُ
بَسَمَتْ فَلاحَ ضِياءُ لُؤْلُؤِ ثَغْرِها فيهِ لِداءِ العاشقينَ شِفاءُ
سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايَلَــتْ لِجَلالِها أَرْبابُنا العُظَمـاءُ[30]

ويقول أيضًا:

ولَوْلا أنَّنَي أَخْلو بِنَفْسِي وأُطْفِئُ بِالْدُّمُوعِ جَوَى غَرَامِي
لَمُتُّ أَسَىً وَكَمْ أَشْكُو لأِنِّي أَغارُ عَلَيْكِ يا بَدْرُ التَّمام[31]

ويقول ربيعة بن مقروم الضبي:
دارٌ لِسُعْدَى إِذْ سُــعادُ كَأَنَّها رَشَأٌ غَريرُ الطَّرْفِ رَخْصُ المَفْصَل ِ
شَمَّاءُ واضِحَةُ العَوَارِضِ طَفْلَةٌ كَالْبَدْرِ مِنْ خَلَلِ السَّحابِ المُنْجَلِي[32]
ويقول رؤبة بن عمرو بن ظهير الثعلبي:
يُهَيِّجُنِي لِذِكْرَى آلِ لَيْلَى حَمَامُ الأَيْكِ مَا تَضَعُ الغُصُونـَا
كَأَنَّ البَدْرَ لَيْلَةَ لاَ غَمَام عَلَى أَنْمَاطِهَا حَرِجًا رَهِينَا
كَأَنَّ المِسْكَ دُقَّ لَهَا فَصِيغَتْ عَلْيهِ يَوْمَ كَانَ النَّاسُ طِينَا[33]

ويقول الشاعر الأسود بن يعفر النهشلي:
وَلَقَدْ لَهَوْتُ وَلِلِشَّبَابِ لَذَاذَةٌ بِسُلافَةٍ مُزِجَتْ بِمَاءِ غَوَادِي
وَالْبِيضُ تَمْشِي كَالْبُدُورِ وَكَالدُّمَى وَنَواِعمٌ يَمْشِـينَ بِالإِرْفَادِ
وَالبِيضُ يَرْمِينَ الْقُلُوبَ كَأَنَّه أُدْحِيٌّ بَيْنَ صَرِيَمَةٍ وَجَمَاد[34]

وقوله أيضًا:
وَنَحْرًا مِثْلَ ضَوْءِ البَدْرِ وافٍ بِإِتْمامٍ أُنَاسًا مُدْجِنِينَا[35]

ومن الشعراء من ربط بين جمال المحبوبة والهلال من ذلك قول عمرو بن كلثوم:
وَلَمْ أَرَ مِثْلَ هَالَةَ فِي مَعَددٍّ أُشَبِّهُ حُسْنَهَا إلا الهِلال[36]

وقول وزير بن المهاجر الأسدي:
وَرَبْعَةُ في الدُّنْيا عَلَيْها مَلاحَةٌ لَها قَصَبٌ خَدْلٌ وَعَيْنُ غـَزَالِ
وَثَغْرٌ كَثَغْرِ الأُقْحُـوانِ إِذا بَدَا وَتَطْلُعُ مِنْ سِتْرٍ طُلُوعَ هِـلال[37]

ومنهم من ذكر القمر في طور المحاق تشاؤمًا، من ذلك قول خفاف بن ندبة السلمي:
وَلَمْ أَرَها إلاَّ تَعِلَّةَ ساعَةٍ عَلى ساجِرٍ أَو نَظْرَةً بِالمُشَرِقِ
وَحَيْثُ الجَميعُ الحابِسونَ بِراكِس ٍ وَكانَ المُحاقُ مَوْعِدًا للتَّفَرُّق[38]

وقد ذكر القمر في كثير من شعراء الجاهليّة، ومنهم سحيم عبد بني الحسحاس الذي يقول أبيات في المحبوبة:
ماذا يُريدُ السِّقامُ مِنْ قَمَـرٍ كُلُّ جَمَالٍ لِوَجْهِهِ تَبـَعُ؟
ما يَرْتَجي خابَ من مَحاسِنِه أَمَا لَهُ في القِباحِ مُتَسَعُ؟
غَيَّرَ مِنْ لَوْنِهَا وَصُفْرَتِهَا فَزِيدَ فِيهِ الْجَمَالُ وَالْبِدَعُ[39]

وغير ذلك من الأشعار التي ربطت بين جمال المحبوبة والبدر والقمر والهلال -أو تشاءمت من المحاق في علاقة الشاعر بالمحبوبة- وقد استُخدمت هذه الألفاظ الثلاثة في وصف المحبوبة، لكنّنا لم نرَ من الشعراء من تحدّث عن انشقاق القمر كما ظهر في الأبيات المنحولة لامرئ القيس، ولو كان انشقاق القمر وصفًا لجمال المحبوبة في الشعر الجاهليّ لوجدناه شائعًا مثلما وجدنا الألفاظ السابقة، وهذا دليل على أنّ هذه الأبيات ليست لامرئ القيس ولا لأيّ شاعر جاهليّ.

وإذا نظرنا إلى البيت الذي يقول فيه:
أحور قد حرت في أوصافه ناعس الطرف بعينيه حور
فالكلمات التي تحتها خطّ تشير إلى معنى متكرّر، (أحور.. بعينيه حور) وهذا لا يقع من شاعر كامرئ القيس، الذي كانت تتدفّق المعاني في شعره بصورة قلّ أن تجدها في غيره من الشعراء.

ولكن نجد أن نظم هذه الأبيات يختلف كلّيًّا عن نظم القصائد الموثّقة لامرئ القيس، فالأسلوب في الأبيات المنحولة فيه ضعف، فضلًا عن ضعف في التراكيب، وتفاوت في الدلالة، فأين هذه الأبيات من أبيات امرئ القيس التي يقول فيها:

أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلي بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ كَأَنَّ نُجومَهُ بِكُلِّ مُغارِ الفَتلِ شُدَّت بِيَذبُلِ
كَأَنَّ الثُرَيّا عُلِّقَت في مَصامِه بِأَمراسِ كِتّانٍ إلى صُمِّ جَندَلِ
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِـه بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأَوابِدِ هَيكَلِ
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَع كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ

أو من الأبيات التي يقول فيها:
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ
فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُه لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ
تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِه وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ
كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلو لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ

أو من الأبيات التي يقول فيها:
أَرى المَرءَ ذا الأَذوادِ يُصبِحُ مُحرَض كَإِحراضِ بَكرٍ في الدِيارِ مَريضِ
كَأَنَّ الفَتى لَم يَغنَ في الناسِ ساعَةً إِذا اِختَلَفَ اللَحيانِ عِندَ الجَريضِ
فإذا قارنّا هذه الأبيات الموجودة في ديوان امرئ القيس وبين الأبيات المنحولة له لتبيّن لنا بون شاسع، بين أبيات تمثّل البيئة والعادات والتقاليد والشجاعة والغزل في قوّتها وشدّتها وجزالتها وبين غيرها من الأبيات؛ ولتبيّن لنا بالتبعيّة أنّنا أمام هذه الأبيات المنحولة لسنا بصدد شعر امرئ القيس، وإنّما بصدد شاعر آخر ليس فيه من سمت امرئ القيس شيء.

ب- التحليل العروضيّ وبيان تهافت الفرية
في الرسالة التي أرسلها تشارلز ليال إلى سان كلير تيسدال بيّن خطأ نسبة هذا الأبيات لدواعٍ تتعلّق بمسألة الوزن، لكن الرسالة التي ذكرها لنا الأخير في كتاب المصادر الأصليّة للقرآن لم تذكر لنا مزيدًا من التفاصيل، وقد حاولت الوقوف على الجانب العروضي في هذه الأبيات، ومحاولة تبيّن صدق ما ذهب إليه تشارلز ليال من وجود خطأ في الوزن الشعريّ لبعض أبياتها.

فالشطر الأوّل في البيت الأول يقول:
دنت الساعة وانشقّ القمر
وكتابته العروضية:
دَنَتِ سْسَا / عة وانشق / ق لقمر

///0/0 ///0 /0 /0//0
فعلاتن فعلاتن فاعلا (بحر الرمل)
وهذا الشطر يروى بصيغة أخرى هي:
اقتربت الساعة وانشق القمر
وهذا يعني أنّ الوزن ينكسر هنا في خطأ فادح لا يقع في مثله شاعر كامرئ القيس شاعر زمانه.
الشطر الثاني من البيت الأول يقول:
من غزال صاد قلبي ونفر

وكتابته العروضية:
من غزالن / صاد قلبي / ونفر

/0//0/0 /0//0 /0 ///0
فاعلاتن فاعلاتن فعلن (بحر الرمل)
فيما كان الشطر الأول من البيت الثاني يقول:
مرّ بي يوم العيد في زينة

وكتابته العروضية:
مرر بي يو / م لعيد في / زينتن
/0//0/0 /0/0//0 /0//0
فاعلاتن مستفعلن فاعلًا (بحر الخفيف)
لكن هذا الشطر ورد بصيغة أخرى مقبولة هي:
مر يوم العيد بي في زينته

مر يوم لـ / عيد بي في / زينته

/0//0/0 /0//0/0 /0//0
فاعلاتن / فاعلاتن / فاعلا

أمّا الشطر الثاني من البيت الثاني فيقول:
فرماني فتعاطى فعقر

وكتابته العروضية:
فرماني / فتعاطى / فعقر

///0/0 ///0 /0 ///0
فعلاتن فعلاتن فعلن (بحر الرمل)

ومن ثمّ فإنّ التضارب في الشطرين الأوليين في هذين البيتين يدلّ على خطأ فادح لا يقع فيه أدنى الشعراء منزلة؛ لأنّ البيتين على بحر الرمل إلّا الشطر الأوّل من البيت الثاني فهو من بحر الخفيف، فضلًا عن أنّ لفظ اقترب التي وردت في إحدى روايات الشطر الأوّل من البيت الأول يحوي خطأ أكثر فداحة، ومن بديهيّات الشعر العربيّ وعلم العروض أنّ القصيدة مهما بلغ عدد أبياتها فإنّها تلتزم بحرًا شعريًّا واحدًا، وإذا ما حدث غير ذلك فإنّ الشاعر تهبط منزلته، فكيف بشاعر سمّع الآفاق كامرئ القيس، فشاعر مثله لا يقع في هذا الخطأ الذي لا يقع فيه المبتدئون من الشعراء. وإن دلّ هذا على شيء فإنّما يدل على أنّ هذين البيتين -والأبيات الأخرى المنسوبة إليه- ليسا من شعره، وإنّما هي أشعار منحولة.

الخاتمة
يمكن القول إنّ هناك مجموعة من النتائج التي تمخّض عنها هذا البحث، وهذه النتائج على النحو التالي:
أنّ الاستشراق قديمه وحديثه يصرّ دائمًا على توجيه الاتهامات إلى القرآن الكريم خاصةً والإسلام عامةً، ولن ينتهي موقفهم هذا منهما مادامت الحياة؛ ولذا كان من اللازم على الباحثين والمفكّرين ومراكز البحث الإسلاميّ أن توجّه عديد اهتمامها إلى ردّ هذه الاتهامات وبيان عدم ثبوتها أمام العقل والمنطق.
أنّ موقف المستشرق تيسدال وآراءه في قضيّة القرآن والشعر الجاهليّ موقف مذبذب لا يقف على منهجيّة واضحة، بل نرى فيه الرأي ونقيضه، وتحمل اتهاماته ردًّا عليها دون أن يدري، ولكن أعماه التعصب عن فهم الحقيقة، أو لعلّه فهمها ولكن حاول إنكارها. ولو كلف تيسدال نفسه قليل من الجهد لعلم أن موقفه من هذه القضيّة لا يستند إلى أي دليل عقلي أو نقلي، ولو كلف نفسه مؤنة البحث قليلًا لاطلع على بعض آراء من المستشرقين الذين ذكرهم لعلم استحالة هذه الفرضيّة.
أنّ محاولة البحث عن قضيّة اقتباس من نوع ما بين الشعر الجاهليّ والقرآن لهي محاولة تشبه من يحاول أن يدّعي أنّ السراب في الصحراء ماء زلال، وهذا ما حاول فيه من طرف خفيّ المستشرق تيسدال الذي حاول أن يوهمنا بشيء ليس موجودًا من الأساس -على الرغم مما حاوله من نفي عمليّة التأثير، إلّا أنّ إيرادها في كتابه تعدّ محاولة للتشويه- فليس هناك علاقة تأثيريّة من نوع ما بين هذا وذاك، ولعلّ البحث قد ردّ على هذه القضيّة بشيء من التوسّع.

أنّ النقد الخارجيّ للنصوص التي أوردها تيسدال في كتابه ونصوص أخرى استعنّا بها من الشعر الجاهليّ يحكم باستحالة عمليّة الاقتباس، سواء في طبيعة اللفظ أو طبيعة التركيب الشعريّ، وكذلك طبيعة القضايا الدينيّة التي تضمّنها، والتي تقضي بأنّ هذه الأشعار كُتبت بعد الإسلام، ثمّ انتُحلت على شعراء العصر الجاهليّ كامرئ القيس.
أنّ النقد الداخليّ لتلك النصوص يقضي باستحالة تلك العمليّة أيضًا، فلا المضمون الشعر الخاصّ بالشعر الجاهليّ، ولا بسمات شعر شاعر كامرئ القيس يتماشى مع تلك النصوص المزعومة، ولا الوزن الشعري أو البحر العروضيّ الذي أصابه عوار الكسر فيها يحكم بأنّها من شعر هذا الشاعر الجاهليّ. بل على العكس تحكم بأنّ القول بعمليّة الاقتباس بين الشعر الجاهليّ والقرآن محض افتراء واضح لا يخفى على الباحث الحقيقيّ.

لائحة المصادر والمراجع
أولًا- المصادر والمراجع العربيّة
ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر، القاهرة، 1963م.
ابن النديم، الفهرست، بيروت - لبنان، دار المعرفة للطباعة والنشر، بدون تاريخ.
ابن داوود الظاهري الأصفهاني، كتاب الزهرة، فصل ما استعانت به الشعراء من كلام الله، المكتبة الشاملة الحديثة، بدون تاريخ.
ابن عبد ربه، العقد الفريد، بيروت، دار الكتب العلميّة، الطبعة الأولى، 1404هـ.
أبو القاسم حسن بن بشر الآمدي، المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء، بيروت، دار الكتب العلميّة، الطبعة الثانية، 1982م.
أحمد بن يوسف التيفاشي، كتاب سرور النفس بمدارك الحواس الخمس، تحقيق إحسان عباس، بيروت، المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، 1980م.
الأسود بن يعفر النهشلي: الديوان، جمع وتحقيق: نوري حمودي القيسي، بغداد، وزارة الثقافة والإعلام، مطبعة الجمهوريّة، الطبعة الأولى، 1970م.
الباقلاني، إعجاز القرآن، القاهرة، دار المعارف، 1971م.
الخطيب التبريزي، شرح ديوان عنترة، قدم له مجيد طراد، بيروت، دار الكتاب العربيّ، الطبعة الأولى، 1992م.
الخنساء، ديوان الخنساء، اعتنى به وشرحه حمدو طماس، بيروت - لبنان، دار المعرفة، الثانية، 1425هـ/ 2004م.
ربيعة بن مقروم الضبي: شعره، جمع وتحقيق: نوري حمودي القيس، جامعة بغداد، مجلّة كلّيّة الآداب، العدد 11، 1986م.
الزركلي، الأعلام، دار العلم للملايين، لبنان - بيروت، الطبعة الخامسة عشر، 2002م.
سان كلير تيسدال، المصادر الأصلية للقرآن، ترجمة: عادل جاسم، بغداد - بيروت، منشورات الجمل، الطبعة الأولى، 2019م.
سحيم عبد بني الحسحاس، الديوان، تحقيق: عبد العزيز الميمني، القاهرة، الدار القوميّة للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1965م.
طه حسين، في الشعر الجاهليّ، سوسة - تونس، دار المعارف للطباعة والنشر، الثانية، 1998م.
عبد الرؤوف المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير، بيروت - لبنان، دار المعرفة للطباعة والنشر، الطبعة الثانية، 1391هـ/ 1972م.
عمرو بن كلثوم، الديوان، جمع وتحقيق وشرح إميل بديع يعقوب، بيروت، دار الكتاب العربيّ، الطبعة الأولى، 1991م.
لأصمعي, أبو سعيد عبد الملك بن قريب: الأصمعيات، تحقيق: أحمد شاكر وعبد السلام هـارون، القـاهرة، دار المعارف، الطبعة الخامسة، 1979م.
محمد بن سلام الجمحي، طبقات الشعراء، بيروت - لبنان، دار الكب العلميّة، 1422هـ/ 2001م.

ثانيًا- المصادر والمراجع الأجنبيّة
Delara Nemati Pir Ali, Mojgan Khanbaba, Orientalists and the Hesitation of Plagiarism in the Holy Quran, New York Science Journal 2013; 6 (12).
Rev. W. St. Clair Tisdall, The Original Sources Of The Qur’an, 1905 Society For The Promotion Of Christian Knowledge: London.

ثالثًا- الروابط الإلكترونيّة
مجدي إبراهيم محرم، طه حسين وانشقاق القمر، على الرابط التالي:
http://alarabnews.com/alshaab/2005/04-11 - 2005/7.htm
jochen katz, Did Muhammad Plagiarize Imrau’l Qais? 1997, Follow The Link below:
http://64.71.77.248/answering_islam/quran/sources/qais.html


-----------------------------------------------
[1][*]- محمود أحمد عبد الرحمن علي، باحث وكاتب مصري، محاضر بجامعة القاهرة فرع الخرطوم.
[2]- تيسدال، سان كلير، المصادر الأصلية للقرآن، ص37-38.
[3]- تيسدال، سان كلير، المصادر الأصليّة للقرآن، ص39.
[4]- م.ن، ص40
[5]- تيسدال، سان كلير، المصادر الأصليّة للقرآن، ص41.
[6]- وليام ست كلير تيسدال (1859-1928م) قسّ بريطانيّ أنجليكانيّ ولغويّ ومؤرّخ، تكلّم عدّة لغات، بما فيها العربيّة، كان مهتمًّا بقضيّة مصادر القرآن في اللغات الأخرى بمنهج استشراقيّ. انظر كتابه:
Rev. W. St. Clair Tisdall, The Original Sources Of The Qur’an, 1905 Society For The Promotion Of Christian Knowledge: London, pp47 -50.
[7]- تيسدال، سان كلير، المصادر الأصليّة للقرآن، ص41.
[8]- تيسدال، سان كلير، المصادر الأصليّة للقرآن، ص41.
[9]- م.ن، ص42.
[10]- تيسدال، سان كلير، المصادر الأصليّة للقرآن، ص42.
[11]- م.ن، ص42-43.
[12]- م.ن، ص44.
[13]- م.ن، ص44.
[14]- jochen katz, Did Muhammad Plagiarize Imrau’l Qais? 1997, Follow The Link below:
http://64.71.77.248/answering_islam/quran/sources/qais.html
[15]- Ibid.
[16]- jochen katz, Did Muhammad Plagiarize Imrau’l Qais? 1997, Follow The Link below:
http://64.71.77.248/answering_islam/quran/sources/qais.html
[17]- Ibid. jochen katz.
[18]- jochen katz.
[19]- المناوي، عبد الرؤوف، فيض القدير شرح الجامع الصغير، ص187.
[20]- انظر: الباقلاني، إعجاز القرآن، ص38–41، 51–56.
[21]- انظر: حسين، طه، في الشعر الجاهليّ، ص154.
[22]- انظر: يوسف التيفاشي، أحمد، كتاب سرور النفس بمدارك الحواس الخمس، ص239.
[23]- انظر: إبراهيم محرم، مجدي، طه حسين وانشقاق القمر، على الرابط التالي:
http://alarabnews.com/alshaab/2005/04-11-2005/7.htm
[24]- ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج6، ص156-157.
انظر: الزركلي، الأعلام، ج2، ص310.
انظر: ابن النديم، الفهرست، ص 74.
انظر: سلام الجمحي، محمد، طبقات الشعراء، ص27-28، 33، 43، 45، 142.
[25]- المناوي، عبد الرؤوف، فيض القدير شرح الجامع الصغير، ج2، ص187.
[26]- طماس، حمدو، ديوان الخنساء، ص100-101.
[27]- ابن داوود الظاهري الأصفهاني، كتاب الزهرة، ص234.
[28]- ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر، ص486.
[29]- Delara Nemati Pir Ali, Mojgan Khanbaba, Orientalists and the Hesitation of Plagiarism in the Holy Quran, New York Science Journal 2013; 6(12), pp144.
[30]- التبريزي، الخطيب، شرح ديوان عنترة، ص21.
[31]- التبريزي، الخطيب، م.س، ص187.
[32]- مقروم الضبي، ربيعة، شعره، ص81.
[33]- بشر الآمدي، أبو القاسم حسن، المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء، ص122.
[34]- يعفر النهشلي، الأسود، الديوان، ص29.
[35]- كلثوم، عمرو، الديوان، ص50.
[36]- كلثوم، عمرو، الديوان، ص90.
[37]- الآمدي، المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء، ص111.
[38]- أبو سعيد عبد الملك بن قريب، الأصمعيّات، ص22
[39]- سحيم عبد بني الحسحاس، الديوان، ص54.