محتويات العدد
■ دراسة المذهب الإسلامي الشيعي في الغرب
لياقت تكيم
■ أمّيّة النبيّ
أ.د. جواد كاظم النصر الله
■ صورة العالم العربيّ في الأدبين الفرنسيّ والإيطاليّ
د. فاليريو فيتو ريني
■ منهج الدكتور محمد خليفة حسن في دراسة الاستشراق
د.أحمد البهنسيّ
■نقد المنظور الاستشراقيّ للجهاد مايكل بونر
د.غيضان السيد علي
■فهم العقل الغربيّ
د. محمّد حسن بدر الدّين
■ المعهد الأوروبيّ لعلوم الأديان
هيئة التحرير
ملخصات البحوث باللغة الانجليزية
Study of the Shi‘ite Islamic School In the Western Curricula
Dr. Liyakat Takim
The IIliteracy of the Prophet (PBUH and upon his kins
By Prof. Dr. Jawad Kazem Nasrallah -Lecturer Nizar Naji Muhammad
The Image of the Arab World in the French and the Italian
A PhD. Thesis by Valerio Vittorini on June 13, 2015
The efforts and methodology of Dr. Mohamed Khalifa Hassan
By Dr. Ahmed Al-Bahnasi
Critique of the Orientalist Perspective of Jihad (Michael Bonner as a Model)
By Dr. Ghaidan Al-Sayed Ali
Understanding the Western mind in the light of the burdens
Dr. Muhammad Hasan Badreddin
افتتاحية العدد
عندما ينظر الشرق في مرآته
ينهض الشرق الآسيويّ من مرحلة الهيمنة الغربيّة بكفاح مرير، وتتنوّع تجارب الحكم الخارجة عن ما تمليه الدوائر الغربيّة. تظهر أشكال جديدة من التنمية خارج النموذج الإرشاديّ الغربيّ وتنجح في حلّ مشكلات التنمية، تتبلور أدوار جديدة للدولة المعاصرة في الشرق على وقع انحسار النفوذ الذي استأثر بالمشهد العالميّ منذ الحرب العالميّة الأولى، وستساهم توازنات القوى العالميّة الجديدة عاجلاً أم آجلاً في تمكين العربيّ والمسلم والآسيويّ والأوراسيّ من رسم صورته بنفسه عن نفسه وللآخرين، مستبدلاً مرآة الغرب الأسطوريّة التي لا تظهر من ملامحنا إلا ما يقلّل ثقتنا بأنفسنا. ولا بدّ على هذا الطريق من أن تتصدّى مراكز دراسات مشرقيّة لإعادة رسم الصورة التي يجب أن يراها الشرق في مرآته هذه المرة.
في هذا العدد
1 - يعتمد الدكتور لياقت تكيم منهجًا فينومنولوجيًّا في عرضه لتطوّر دراسة المذهب الإسلاميّ الشيعيّ في المناهج الغربيّة، ويكشف كيف كان الغرب يستقي معلوماته عن الشيعة والتشيّع من المصادر الإسلاميّة السنّيّة، وبالتالي يختزل الشيعة بأنّهم فرقة منشقّة على أقلّ تقدير.
إبتداءً من النصف الثاني من القرن العشرين، بدأت تظهر مؤلّفات غربيّة تعتمد على مصادر شيعيّة وتغيّرت النظرة السائدة إلى الشيعة تدريجيًّا حتى انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران، والتي أحدثت طفرة اهتمام بالشيعة والتشيّع من قبل الدوائر الغربيّة.
حرص الدكتور تكيم على أن يعرض بلا أن يناقش في قيمة المقاربات؛ لأنّ مهمّة الورقة والمنهج يقتضيان ذلك، ومن أهمّ ما أشار إليه، وهو المتخصّص بالوضع الشيعيّ في أميركا، أنّ حادثة 11 أيلول وما رافقها من حملة ضد الإسلام عمومًا، حرّكت جمعًا من الشيعة لإثبات حضورهم وتميّزهم في أميركا الشماليّة، فأصبحوا أكثر حماسًا للاندماج في المجتمع الأميركيّ والتخلّي عن فكرة الغُربة عن الوطن لمصلحة تكوين شخصيّة «أميركيّة شيعيّة» إنّ صح التعبير. يبقى أنّ توقيت الاهتمام الغربيّ بالشيعة والتشيّع وتصاعده قد ارتبط بشكل أو بآخر بالحضور السياسيّ للشيعة كحركات أو دول في مختلف البقاع التي للشيعة حضور بارز فيها، فالغرب لا ينظر إلى المذاهب الإسلاميّة إلاّ عندما تبدأ في الظهور كمنافس سياسيّ للمشهد التقليديّ.
2 - كيف فهم المستشرقون معاني «أمّيّة النبيّP» ودلالاتها، وكيف يمكن فهمها من التفاسير المعتبرة وقواعد اللغة، موضوع شيّق يعالجه الأستاذ الدكتور جواد كاظم النصر الله والأستاذ المتمرّس نزار ناجي محمّد، فنجد في طيّات البحث أنّ معنى أمّيّ وأميّون والأمّيّون، قد يختلف بحسب تفسير الآيات الكريمة، إلى أن يشمل أهل الكتاب أنفسهم عندما يحملون الكتاب ولا يعملون به، ويقترح الباحثان أنّ كلمة النبيّ الأمّيّ لا تعني من لا يعرف القراءة والكتابة؛ بل تعني النبيّ الأمميّ الذي لا مثيل له، باعتباره الوحيد المبعوث للبشريّة جمعاء.
إنّ المعاني التي افتتحها الباحثان جديرة بالتأمّل والنظر، وتشير إلى الغنى في الحقل الدلاليّ للمفردة الواحدة في القرآن الكريم. ولا تتنافى معاني «الأمّيّة» التي ذكرت مع كون الرسول الكريم أمّيًّا بمعنى عدم القراءة والكتابة على الأقل قبل الوحي كما تفيد آيات التحدّي في القرآن الكريم: ﴿فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾[1] وما صحّ في السيرة في صلح الحديبيّة وكتابة الوحي من أنّ الرسول كان يتلو الكتاب على الكتبة ولم يقرأ أمامهم نصًّا أو يكتب وثيقة.
في المحصّلة توجد معانٍ لكلمة الأمّيّ في القرآن الكريم أوسع من دائرة من لا يقرأ ولا يكتب، ولكن بعض الآيات والوقائع دالّة على هذه الصفة حصرًا خصوصاً آيات الإعجاز والتحدّي، وليس هناك ما يمنع من الجمع بين المعاني اعتمادًا على السياق الذي وردت فيه.
3 - صورة العالم العربيّ في الأدبين الفرنسيّ والإيطاليّ للقرن التاسع عشر، رسالة دكتوراه لفاليريو فيتو ريني، تكشف كيف كان الأدب الفرنسيّ والإيطاليّ خاليًا من النظر إلى العربيّ كآخر قبل القرن التاسع عشر، ومع بدايات ذلك القرن تعاونت السياسة والثقافة الغربيّة على بناء الصورة المشوّهة لخدمة أغراض استعماريّة، ومنذ ذلك الحين أصبح عصيًّا حتى على أصحاب النيّة الحسنة انتزاع تلك الصورة، بل على العكس دأب الإعلام الحديث على إعادة إنتاجها بصور شتّى.
4 - تميّز الدكتور محمد خليفة حسن بمدرسة ومنهج خاصّ في دراسة الاستشراق، فهو من الباحثين المسلمين الذين سمحت لهم مؤهّلاتهم العلميّة في مجال اللغات القديمة والحديثة والتاريخ والأديان بأن يكون تكوينهم العلميّ مشابهًا لكبار المستشرقين؛ ولذلك نجد أنّ مقارباته لنتاج المستشرقين كانت تتميّز بالشمول والعمق والموضوعيّة دون إغفال الخلفيّات التبشيريّة والاستعماريّة للحركة الاستشراقيّة.
الدكتور أحمد البهنسيّ، يعرض في بحثه القيّم «جهود ومنهج الدكتور محمد خليفة حسن في دراسة الاستشراق ونقده»، متناولاً أبرز ما تميّز به هذا الباحث العربيّ الأصيل في مقارباته العميقة. وما أضافه على نطاق هذا البحث من موضوعات وأفكار واصطلاحات أصبحت مرجعًا لا بدّ منه لأيّ دارس في هذا الحقل.
5 - نقد المنظور الاستشراقيّ للجهاد كما قدّمه مايكل بونر، بحث يفتتح نقاشًا معمّقًا في مفهوم الجهاد إسلاميًّا، وما أراده المستشرق بونر وأضرابه من تسويق، يجعل الجهاد في الإسلام مساويًا لمقولة انتشار الإسلام بالسيف. الواقع أنّ إشكالات المستشرق التي رد عليها الدكتور غيضان السيّد علي بمقولات إيمانيّة أحيانًا، تحتاج إلى المزيد من التمعّن في خلفيّاتها، فتوقيت نشر كتاب بونر بالفرنسيّة عام 2003 وبالإنكليزيّة عام 2006 بشكل موسع، له أهداف إعلاميّة واضحة تؤسّس لربط الإسلام بالسيف والإرهاب، مما يكمل الجهود المخابراتيّة في تأسيس المنظّمات الإرهابيّة بالتعاون والتنسيق مع السلفيّة التكفيريّة. هذا من حيث التوظيف الإعلاميّ والسياسيّ للمعركة ضد الإسلام ككلّ، وضدّ مفهوم الجهاد فيه بشكل خاصّ.
يذكر المستشرق بعض المطالب وكأنّها مسلّمات، يتكئ عليها للتشكيك بالقرآن الكريم والحديث الشريف، للخروج من سلطة النصّ الدينيّ المقدّس، ويخضع التفسير الإسلاميّ للجهاد لممارسات سلاطين الجور في التاريخ الإسلاميّ. فالمطلوب نسف الأسس وبيان الخلفيّات التي تعرّي هذه الأبحاث من بعدها الأكاديميّ وتضيء على توظيفها السياسيّ من جهة، وتفصيل أخلاقيّات القتال عند المسلمين من جهة أخرى، لفصل الإرهاب عن المفهوم الإسلاميّ للجهاد. وفي تراثنا أيضًا قراءآت نقديّة لفكرة الفتوحات تحتاج إلى من يعمل على إبرازها.
6 - فهم العقل الغربيّ على ضوء أعباء الماضي وتحدّيات الحاضر، قراءة معمّقة للدكتور محمد حسن بدر الدين في خلفيّات صناعة الصورة النمطيّة للشرق والعرب والمسلمين تبدأ من زمن الرسول الأعظمP إلى عصرنا هذا. تكمل هذه القراءة ما نشرناه في هذا العدد عن صورة العالم العربيّ، وتبرز دور التهيئة الثقافيّة للحروب الصليبيّة، ودور البابوات في تمويل عمليّة الافتراء على شخص الرسول أوّلًا ثم على تراث الإسلام والمسلمين. كما إنّ الإعلام المعاصر والبحث الاستشراقيّ أسّس على تلك الصور وأكمل تعقيد المشهد، وذلك عندما ساهم في إعادة إنتاج الحدود والسدود بين الغرب والشرق لمنع المعرفة الصافية التي لم يقدّر لها حتى الآن أن تجد طريقها إلى العلاقة الإشكاليّة.
وابتداء من هذا العدد تقدّم مجلّة «دراسات استشراقيّة»، عرضاً تعريفيًّا لنشاط مراكز الدراسات الغربيّة، وأبرز اهتماماتها، كدليل للباحثين والمهتمّين بالمقاربات الغربيّة لبقيّة العالم. وقد اخترنا لهذا العدد المعهد الأوروبيّ لعلوم الأديان، الذي يهتمّ بنشر وتأسيس منظور علمانيّ للمعارف والتعاليم الدينيّة، ومقرّه فرنسا.
إدارة التحرير
جهاد سعد
----------
[1] سورة البقرة، الآية 23.