البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

أثر الاستشراق اليهوديِّ في الدَّرس اللُّغوي الحديث

الباحث :  أ.د. محمد رباع ـ فريد نصار
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  38
السنة :  ربيع 2024م / 1445هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 13 / 2024
عدد زيارات البحث :  914
تحميل  ( 723.335 KB )
الملخّص
تتناول هذه الدِّراسة أثر الاستشراق اليهوديِّ، وخطورته على الدَّرس اللُّغوي الحديث، وبخاصَّة أنَّه قد بُني، في معظمه، على أسسس سياسيَّة، أو دينيَّة، أو غيرها تنأى به عن العلميَّة، أو الموضوعيَّة إلى حدٍّ بعيد.
وتكمن أهمِّيَّة هذه الدِّراسة في الدَّعوة إلى إعادة قراءة المنتج الاستشراقيِّ الَّذي غزا الدِّراسات اللُّغويَّة، قراءة متوازنة فاحصة، بعيدة من التَّأثُّر والانبهار، وبعيدًا من الانغلاق، والاستهجان من أجل التقاط ما يتلاءم والهويَّة العربيَّة الثَّقافيَّة، وما تصلح آليَّاته لإثراء المعرفة، والكشف عن أنساق التُّراث العربيِّ وجماليَّاته، واتِّخاذ مواقف نقديَّة جادَّة، وواضحة من المناهج الاستشراقيَّة، مرتكزة على أسس معرفيَّة، خصوصًا أنَّ تلك المناهج الَّتي ظلَّت تفد من أجهزة الآخر بأجهزتها المصطلحيَّة، بقي بعض النُّقَّاد العرب في السَّاحة الثَّقافيَّة يعيدون إنتاجها، ويجعلونها مجالًا للتَّطبيق.
وتتبع هذه الدِّراسة المنهج الاستقرائيَّ التَّحليليَّ، الَّذي يقوم على تتبُّع الآراء المختلفة حول الاستشراق اليهودي، وتوظيفه في خدمة الأغراض اليهوديَّة.

وقد اطمأنَّت هذه الدِّراسة إلى أنَّ الباحث اليهوديَّ قد آثر العمل داخل الحركة الاستشراقيَّة بوصفه استشراقًا أوروبيًّا، وليس بوصفه استشراقًا يهوديًّا؛ الأمر الَّذي استفادوا منه كثيرًا في خدمة قضاياهم الصُّهيونيَّة مع تقديمها في قالب غربيٍّ، لضمان قبولها في أوساط العرب والمسلمين، مستغلِّين في ذلك عقدة النَّقص الشَّرقيَّة اتِّجاه الغرب.

كلمات مفتاحيَّة: الاستشراق، الاستشراق اليهودي، الدَّرس اللُّغوي، المحدثون العرب.

المدخل
يُجمع الباحثون[2] على أنَّه لم يكن في تاريخ اللُّغة العربيَّة حدث أبعد أثرًا من ظهور الدِّين الإسلاميِّ في تقرير مصيرها؛ فمذ نزل القرآن، تأكَّدت صلة وثيقة بين اللُّغة العربيَّة، والدِّين الإسلاميِّ، وكان لهذه الصِّلة عظيم النَّتائج على تاريخ، ومستقبل العربيَّة؛ فأصبحت لغة الدِّين والحضارة، ثمَّ لغة الطَّبقات السَّائدة بعد أن زحفت مع الفاتحين البدو تحت راية الإسلام، وامتدَّت رقعة انتشارها حتَّى وصلت إسبانيا غربًا، وأواسط آسيا شرقًا، واستقرَّت في بعض الأقاليم لتصبح لغة العلم المعتمدة، ولم تتأثَّر مكانتها بسقوط الدَّولة الأمويَّة، بل كان لها في العصر الذَّهبيِّ حظٌّ كبير من العناية بقواعدها، وأصبحت الرَّابط بين جميع الأقطار الإسلاميَّة على أنَّها لغة العلم، والأدب، والثَّقافة حتَّى يومنا هذا[3].

فلو نظرنا إلى تاريخ الدِّراسات الأوروبيَّة للعربيَّة في بداياته، لرأينا أنَّه كان نشاطًا يعتمد على الاستفادة الفعَّالة ممَّا أنجزه اللُّغويُّون العرب، وكان للغويِّين العرب، ونحاتهم أثر لا ينكر على الدِّراسات الفقهيَّة للُّغة العربيَّة، وتوصَّل بعض علمائهم المتقدِّمين إلى وضع بعض الأصول، والعلل الَّتي استخدمها المستشرقون، واستعانوا بها في المقارنات التَّاريخيَّة للُّغات السَّاميَّة كما يذهب خليل نامي[4]. وينسحب هذا الكلام على المعاجم أيضًا؛ إذ يذهب «أنستازي ماري الكرملي» إلى أنَّ المستشرقين كانوا قد وضعوا معاجمهم «مقتفين أثر الأصبهاني، ولم يبتكروا الطَّريقة من عندهم، بخلاف ما يظنُّه جمهور المتطفِّلين على اللُّغة»[5].

ولكنَّ الدَّرس اللُّغويَّ المعاصر أبى أن يقف عند ذلك الحدِّ ممَّا ترويه المصادر العربيَّة القديمة، وكتب التُّراث، بل قرَّر أن يقرأ هذه الصُّورة قراءةً أخرى، معتمدًا على المصادر القديمة، وعلى ما صدر من أبحاث، ودراسات حديثة، ولا سيَّما أنَّه يرى صورة مغايرةً للُّغة العربيَّة في جزء ليس بقليل منها عن تلك الَّتي رسمها لنا القدماء، وما جاءَ في مصادرهم. فالنَّتائج الَّتي رشحت عنها البحوث والدِّراسات، ووجدت طريقها إلى الدَّرس اللُّغويِّ العربيِّ المعاصر، سواء من خلال ما طَرَسَتْهُ أقلامُ الدَّارسين من أبناء العربيَّة، أم عن طريق ترجمة أعمال كثيرة، جعلت من دراسة العربيَّة، وتطوُّرها عبر التَّاريخ محورًا لها، ويُسأل: ما ماهيَّة هذه المصادر القديمة الَّتي اعتمدت عليها دراسات الغربيِّين، والمستشرقين، ولا سيَّما اليهود منهم في الدَّرس اللُّغويِّ العربيِّ المعاصـر؟ وما قيمة هذه النَّتائج الَّتي توصَّلت إليها؟ ثمَّ ما مدى تأثيرها لغويًّا، وأبعاد ذلك دينيًّا، وتاريخيًّا، وثقافيًّا، وحضاريًّا؟ ثمَّ كيف أثَّرت هذه الدِّراسات على مستوى الدَّرس اللُّغويِّ العربيِّ المعاصر؟ فهل ما زالت آراء اللُّغويِّين القدماء هي المهيمنة على رؤية المتخصِّصين في اللُّغة العربيَّة؟ أم أنَّنا نقع على بعض الآراء المتناثرة في أعمال المحدثين، ودراساتهم المتأثِّرة بمواقف الباحثين الغربيِّين المهتمِّين بدراسة اللُّغة العربيَّة، ومواكبتها على طول قرن ونيِّف من الزَّمان؟

«الاستشراق»: المفهوم والغايات
تنطلق هذه الدِّراسة من فرضيَّة مفادها أنَّ للاستشراق اليهوديِّ تأثيرًا كبيرًا في تصوُّر المستشرقين للُّغة العربيَّة، وبخاصَّة أنَّ لهذه اللُّغة صلة وثيقة جدًّا بالإسلام الَّذي كان الحدث الأهمَّ، والأقوى من حيث الأثر الَّذي تركه في اللُّغة.
فالاستشراق، كما يراه محمَّد زقزوق، جزء لا يتجزَّأ من الصِّراع الحضاريِّ بين العالم الإسلامي، والعالم الغربيِّ، ويمثِّل الخلفيَّة الفكريّةَ لهذا الصِّراع؛ فلا يجوز التَّقليل من شأنه، بالنَّظر إليه على أنَّه قضيَّة منفصلة عن باقي دوائر هذا الصِّراع؛ إذ كان له أكبر الأثر في صياغة التَّصوُّرات الأوروبِّيَّة حول كلِّ ما يمتُّ بصلة للعرب والإسلام، وفي تشكيل مواقف الغرب إزاء الإسلام على مدى قرون عديدة، فقد عرفت أوروبا الدِّراسات الاستشراقيَّة بمعناها الواسع ابتداءً من أواخر القرن السَّادس عشر، حيت تأسَّست معاهد متخصِّصة، اكتسبت، فيما بعد، عراقة علميَّة في «ليدن»، و«روما» و«أكسفورد»، تلتها معاهد مماثلة في غيرها من الجامعات الأوروبيَّة الكبرى[6].

فلم تكن بدايات الاستشراق، كما يشير جورج تامر، منظَّمة لخدمة أهداف سياسيَّة، بل كانت ثمار جهود فرديَّة قام بها العلماء رغبة في التَعرُّف إلى الشَّرق، ولغاته، وحضاراته. ولاحقًا، بعد بداية الاستعمار، اقترن الاهتمام بالاستشراق بأهمِّيَّته السِّياسيَّة بالنِّسبة إلى بسط الدُّول المستعمرة سيطرتها على المستعمرات في الشَّرق، واستغلال ثرواتها، ولم يعد الاستشراق، عندئذٍ، حرًّا من الدَّوافع السِّياسيَّة والاقتصاديَّة الَّتي كانت تتحكَّم فيه إلى حدٍّ ما. غير أنَّ أحد أهمِّ العوامل الَّتي شكَّلت منعطفًا خطيرًا في تطوُّر الدِّراسات الاستشراقيَّة، والإسلاميَّة في أوروبا، هو أنَّها تأثَّرت بالتَّطوُّر الَّذي عرفته، قبل ذلك، دراسة لغَّات الكتاب المقدَّس، اليونانيَّة واللَّاتينيَّة، والعبريَّة، فتركَّزت في عصر النَّهضة على دراسة معمَّمة للُّغة العربيَّة أوَّلًا، ثمَّ الفارسيَّة، والتّرِكيَّة، هكذا، سيطرت الفيلولوجيا في ذلك الحين منهجيًّا على دراسة الحضارات القديمة، والشَّرقيَّة الَّتي تمَّ السَّعي إلى استكشافها بواسطة فهم النُّصوص الَّتي أنتجتها[7].
وتعود الجذور التَّاريخيَّة لمصطلح «الاستشراق»، من حيث الانطلاقة، والانتشار في الغرب، إلى أواخر القرن الثَّامن عشر الميلادي، حين ظهرت في أوروبا للمرَّة الأولى كلمة «مستشرق» في إنكلترا عام 1779، وفي فرنسا عام 1799، ثمَّ في الأكاديميَّة الفرنسيَّة عام 1838م، ودخلت إلى معجم أكسفورد عام 1812 [8].

ويبدو جليًّا عدم الاتِّفاق على تعريف شامل ومحدَّد بين الباحثين لمصطلح «الاستشراق»؛ سواء بسبب رؤيتهم، أو تعاليمهم العلميَّة، بل حتَّى بسبب شمول هذا المصطلح لعدد كبير من العلوم الإنسانيَّة؛ التَّاريخ، والجغرافيا، والسِّياسة، والاقتصاد، والاجتماع[9]، ممَّا دفع الباحثين إلى وضع تعريف خاصٍّ للاستشراق، ينطبق على مشاهداته، ومعلوماته، ورؤيته الخاصَّة، الأمر الَّذي أفضى إلى ظهور كثير من التَّعريفات المختلفة، باختلاف المشارب، والرُّؤى، والخلفيَّات الفكريَّة الَّتي ينطلق منها كلُّ باحث، حتَّى ذهب بعض المختصِّين في شؤون الاستشراق إلى استحالة تدوين تعريف دقيق جامع ومانع للاستشراق[10].
من جهَة أخرى، فإنَّ معظم التَّعريفات، إن لم نقل كلَّها، تدور في فلك تعريف إدوارد سعيد؛ إذ يرى أنَّ الاستشراق، يمكن أن يُحلَّل ويُناقَش «بوصفه المؤسَّسة المشتركة للتَّعامل مع الشَّرق-التَّعامل معه بإصدار تقريرات حوله، وإجازة الآراء فيه وإقرارها، وبوصفه، وتدريسه، والاستقرار فيه، وحكمه: وبإيجاز، الاستشراق كأسلوب غربيٍّ للسَّيطرة على الشَّرق، واستبنائه، وامتلاك السِّيادة عليه»[11]؛ فقد ذهب أحمد صلاح بهنسي، مثلًا، إلى أنَّ الاستشراق هو: حركة علميَّة غربيَّة، ظهرت لخدمة الأهداف الاستعماريَّة على بلدان العالم الإسلاميِّ الشَّرقيِّ، من خلال دراسة شؤون الشَّرق كافَّة؛ سياسيًّا، واقتصاديًّا وتاريخيًّا، وأنتروبولوجيًّا، وبخاصَّة أنَّ المصطلح كان قد ظهر مع بدايات الحركة الاستعماريَّة الغربيَّة لبلدان الشَّرق؛ آسيا وإفريقيا، في القرن الثَّامن عشر، في ظلِّ الاستعمار، وبرعايته ولخدمته[12]، وهو ما ينسجم، ويتقاطع كثيرًا مع ما ذهبت إليه فاطمة جان أحمدي في تعريفها للاستشراق اليهودي؛ فهو «الحركة العلميَّة اليهوديَّة الَّتي تهدف إلى دراسة كلِّ شؤون الشَّرق الإسلامي، السِّياسيَّة، والاقتصاديَّة، والتَّاريخيَّة، والجغرافيَّة، والأنتروبولوجيَّة، وغيرها، من خلال اتِّباع منهج ديني، والهيمنة على البلدان الإسلاميَّة؛ من أجل تحقيق أهدافها الدِّينيَّة، والسِّياسيَّة، وتحقيق الهيمنة العلميَّة على العالم الإسلامي»[13].

وعلى كلِّ حال، فإنَّ الدِّراسات الاستشراقيَّة في أواخر القرن الثَّامن عشر، وبداية القرن التَّاسع عشر، كانت قد «أضحت تمثِّل مؤسَّسة استراتيجيَّة بدأت تنتظم في نسق واحد يعتمد تقنيَّات، ومناهج محدَّدة؛ حيث ازدادت فيه أهمِّيَّة المعرفة المنظَّمة بالشَّرق، وهي معرفة دعمتها المواجهة الاستعماريَّة، فافتضح أمر الاستشراق، وانكشفت نواياه»[14]، وهو الأمر الَّذي جعل إدوارد سعيد لا يتردَّد في وصفه بأنَّه أسلوب غربيٍّ للسَّيطرة على الشَّرق، وامتلاك السِّيادة عليه «الاستشراق بصفته المؤسَّسة الجماعيَّة للتَّعامل مع الشَّرق، والتَّعامل معه معناه التَّحدُّث عنه، واعتماد آراء معيَّنة عنه، ووصفه، وتدريسه للطُّلَّاب، وتسوية الأوضاع فيه، والسَّيطرة عليه: وباختصار بصفة الاستشراق أسلوبًا غربيًّا للهيمنة على الشَّرق، وإعادة بنائه، والتَّسلُّط عليه»[15]. فالاستشراق، كما يراه سعيد، هو «نهج من الرُّؤيا، والدِّراسة، والكتابة المنظَّمة، والمقنَّنة (أو المشرقنة) تسيطر عليه الضَّرورات الحتميَّة، والمنظورات، والأهواء العقائديَّة الملائمة، ظاهريًّا، للشَّرق. فالشَّرق يُدرَّس، ويُبحث، ويُدار، وتُصدر عليه الأحكام بطرق معيَّنة خفيَّة محترسة»[16].
فليس من السَّهل تحديد أهداف الاستشراق وحصرها؛ لتعدُّدها، وتداخلها؛ فتارة يكون الهدف علميًّا، ثمَّ سرعان ما ينقلب استعماريًّا، أو غير خال من أيديولوجيَّة تؤثِّر في المستشرق، ونتائج بحثه، إضافة إلى الجوانب الاقتصاديَّة، والتَّاريخيَّة، والدِّينيَّة، والنَّفسيَّة، وغيرها من الدَّوافع الثَّانويَّة نحو «أسباب شخصيَّة مزاجيَّة عند بعض الَّذين تهيَّأ لهم الفراغ والمال، واتَّخذوا الاستشراق وسيلة لإشباع رغباتهم الخاصَّة في السَّفر والتِّرحال، أو في الاطِّلاع على ثقافات العالم القديم، ويبدو كذلك أنَّ فريقًا من النَّاس دخلوا ميدان الاستشراق طلبًا للرِّزق عندما ضاقت بهم سبل العيش العاديَّة، أو دخلوه تخلُّصا من مسؤوليَّاتهم الدِّينيَّة المباشرة في مجتمعاتهم المسيحيَّة»[17]. ومهما تعدَّدت هذه الأهداف، فإنِّها قد تركَّزت في خلق التَّخاذل الرُّوحيِّ، وإيجاد الشُّعور بالنَّقص في نفوس المسلمين والشَّرقيِّين عامَّة، وحملهم من هذا الطَّريق على الرِّضا، والخضوع للتَّوجيهات الغربيَّة[18]، وهذا هو الخطر الأكبر الَّذي يهدف إليه الاستشراق، وبالتَّالي: كيف يمكن مواجهته، والتَّعاطي معه؛ بخاصَّة أنَّ الثَّقافة الغربيَّة «اكتسبت مزيدًا من القوَّة والهويَّة بوضع نفسها موقع التَّضادِّ مع الشَّرق، باعتباره ذاتًا بديلة، أو حتَّى سرِّيَّة تحترضِيَّة»[19].

دوافع مشاركة اليهود في الحركة الاستشراقيَّة
لقد بلغ اهتمام المستشرقين اليهود بالأدب العربيِّ القديم مبلغًا كبيرًا؛ وذلك لأسباب دينيَّة، وسياسيَّة ارتبطت بالمصالح الدِّينيَّة، والسِّياسيَّة في العالم العربيِّ، والإسلاميِّ، ومن أهمِّها تحقيق الهدف اليهوديِّ الصُّهيونيِّ القوميِّ الخاصِّ بإنشاء ما يسمَّى بـ«الوطن القوميِّ لليهود في فلسطين»؛ فقد غطَّت الدِّراسات الاستشراقيَّة اليهوديَّة معظم المجالات السِّياسيَّة، والاقتصاديَّة، والدِّينيَّة، والفكريَّة، كما اهتمَّت أيضًا بالمجالات الخاصَّة باللُّغات، والآداب، والفنون، والعلوم عند المسلمين[20]، فشرع المستشرقون اليهود في قراءة التُّراث العربيِّ بنصوصه المختلفة، بهدف الوقوف عند خصوصيَّة العقل العربيِّ عبر التَّاريخ، وتحليل مواطن الضُّعف والقوَّة، بغرض الهجوم والنَّقد[21]. ويعزو رجاء النِّقاش اهتمام المستشرقين اليهود بالفكر العربيِّ، والثَّقافة العربيَّة، والأدب العربيِّ، إلى الحرب الثَّقافيَّة ضدَّ العرب، فهم «يهدفون إلى دراسة العرب، وفهمهم فهمًا دقيقًا، حتَّى يعرفوا موضع القوَّة، وموضع الضُّعف فيهم، وحتَّى يتمكَّنوا من مواجهة العرب، ورسم الخطط المناسبة لهذه المواجهة، بناءً على فهم دقيق، ومعرفة واسعة، ويمكن أن نسمِّي هذه الجهود الإسرائيليَّة كلَّها باسم «الحرب الثَّقافيَّة ضدَّ العرب»، وهي الحرب الَّتي تساند الحرب العسكريَّة، وتمهِّد لها. فاليهود يصرُّون على تسليح أنفسهم بفهم واضح للعرب من خلال أدبهم، وثقافتهم، وفكرهم، وذلك قبل مواجهتهم في الميادين العسكريَّة، أو الاقتصاديَّة»[22].
وينبغي أن نشير إلى الرَّأي القائل بأنَّ الاهتمام اليهوديَّ بدراسة العالم العربيِّ، والإسلاميِّ، ليس وليد الحاجة القوميَّة اليهوديَّة الحديثة والمعاصرة، بل إنَّ ظهور الإسلام كان البداية الحقيقيَّة للاهتمام اليهوديِّ بدراسة الإسلام، والمجتمع الإسلاميِّ[23]؛ بخاصَّة أنَّه أتى برؤية دينيَّة ناقدة، ومصحِّحة لليهوديَّة، والمسيحيَّة، وللوضع الدِّينيِّ في العالم القديم كلِّه؛ إذ شعر اليهود آنذاك بأنَّهم أمام دين قويٍّ ينافس اليهوديَّة، والمسيحيَّة، وبالتَّالي، فقد اعتُبِر مُهَدِّدًا لهما في المناطق الَّتي فتحها الإسلام، وكان ذلك إيذانًا ببداية الشُّعور اليهوديِّ، والمسيحيِّ بما سمَّوْه بالخطر الإسلاميِّ، وشكَّل تحدِّيًّا دينيًّا لا يمكن التَّصدِّي له إلَّا من خلال المعرفة بالإسلام، وبطبيعة المجتمع الإسلاميِّ؛ ولذلك، بدأت هناك حركة علميَّة بين اليهود، هدفها دراسة الإسلام في محاولة لغزوه من الدَّاخل، والتَّأثير فيه من خلال محورين؛ الأوَّل الَّذي أصاب علم التَّفسير، والتَّاريخ عند المسلمين؛ إذ تسرَّبت إلى هذين العلمين بعض الأفكار اليهوديَّة الَّتي اصطلح المفسرون، وعلماء الحديث على تسميتها بـ «الإسرائيليَّات»؛ وهو مصطلح يعني الأفكار، والمفاهيم الإسرائيليَّة الَّتي دخلت في بعض كتب التَّفسير، والحديث والتَّاريخ الإسلاميِّ. أمَّا التَّأثير الثَّاني، فتمثَّل بظهور بعض الفرق، والمذاهب الإسلاميَّة المتأثِّرة بالأفكار، والمفاهيم اليهوديَّة[24].

فالاستشراق اليهوديُّ إذًا، استشراق قديم، بدأ مع بداية الإسلام، وكنوع من المواجهة الفكريَّة اليهوديَّة للدِّين الإسلاميِّ. وتستخدم كلمة «استشراق» هنا تجاوزًا؛ وذلك لأنَّ اليهود في تلك الفترة لم يكونوا من الغرب، إنَّما كانوا من العرب، ومن البلاد الإسلاميَّة، ولكن دراساتهم عن الإسلام، ونتائجها في الفكر الإسلاميِّ، تدخل في مضمون الاستشراق، وتتشابه مع نتائج الاستشراق اليهوديِّ الحديث، وهو نتاج غربيٌّ خالص[25]. وقد رأى اليهود أنَّ الاستشراق باب خطير من أبواب التَّسلُّل إلى البلاد الَّتي يحلمون بالسَّيطرة عليها، وفق طريقتهم، ويريدون أن يتَّخذوا لأنفسهم صنائع فيها من أبنائها؛ فتخصَّص فريق منهم بالدِّراسات الشَّرقيَّة، وتابعوا المسيرة ضمن خططهم، حتَّى احتلُّوا عددًا كبيرًا من كراسي الدِّراسات الشَّرقيَّة في الجامعات الكبرى، وأخذوا يخدمون الأغراض اليهوديَّة الصُّهيونيَّة تحت ستار أغراض المستشرقين المسيحييِّن، وأغراض الدَّوائر الاستعماريَّة[26].

وبالتَّالي، فقد تضافرت أسباب عدَّة وراء الاستشراق اليهوديِّ، يمكن إيجازها على النَّحو التَّالي:
- الدَّوافع الدِّينيَّة: يتَّفق كثير من الدَّارسين[27] على أنَّ اليهود كانوا قد سارعوا إلى ولوج باب الاستشراق، تحرِّكهم عقدة الانتقام من الدِّين الإسلاميِّ، لذلك، سعوا بكلِّ طاقتهم لتشويه صورة الإسلام والرَّسول، على نحو ما نجده لدى «جولدتسهير»، في هجومه على مفردات القرآن، ومزاعمه في أنَّ آياته مستمدَّة من نصوص التَّوراة. وقد حاول المستشرقون اليهود بكلِّ ذكائهم، وسعة اطِّلاعهم، وإجادتهم للعديد من اللُّغات، وخبرتهم بعادات الشُّعوب، أن يستبسلوا في الدِّفاع عن دينهم، وتصوُّراتهم العقائديَّة، وفلسفتهم الحياتيَّة، وتاريخهم، وتراثهم، وتبرئتهم من التُّهم الَّتي أُلصقت بهم عبر التَّاريخ القديم والحديث، من جهَّة، ومن جهَّة أخرى، سعوا إلى رسم صورة ناصعة لإسهامات اليهود وفضلهم في بناء الحضارة العربيَّــة الإسلاميّـَة.

وممَّا زاد من اهتمام المستشرقين اليهود، تلك الفكرة الَّتي نادى بها رجال الدِّين اليهود، منذ ظهور الإسلام، وهي مستمرَّة حتَّى الآن، ومفادها أنَّ الإسلام مقتبس من اليهوديَّة، لذلك، ترجم القرآن عدَّة مرات، وعولجت السِّيرة النَّبويَّة، وجميع المواضيع الإسلاميَّة، من عبادات، وعقائد، بعناية فائقة، مقارنة بما يقابلها في الدِّيانة اليهوديَّة، وقد احتلَّت دراسة الطَّرائق الصُّوفيَّة، والفرق، والمذاهب الإسلاميَّة مساحة لا بأس بها من كتابات المستشرقين، سعيًا وراء البحث عن مصادر الانقسام في صفوف الإسلام والمسلمين[28]. فالاستشراق اليهودي الإسرائيلي، وإن كان يفتقد الأهداف الدِّينيَّة التَّبشيريَّة المألوفة في الاستشراق الأوروبيِّ النَّصرانيِّ، إلَّا أنَّه اتَّخذ شكلًا آخر لا يخلو من دوافع دينيَّة، ويتمثَّل هذا النَّوع من الدِّراسات الَّتي تعكس صورة من صور «الصِّراع الحضاري»، اليهوديِّ الإسلاميِّ، والَّذي تترجمه تلك المحاولات المتواصلة من لدن المستشرقين الإسرائيليين لتشويه صورة الإسلام، ونقض دعائمه وأسسه[29].
- الدَّوافع السِّياسيَّة: لقد نشأ الاستشراق الإسرائيليُّ أساسًا لخدمة الأهداف السِّياسيَّة الإسرائيليَّة والصُّهيونيَّة، والَّتي من أهمِّها محاولة تأصيل الوجود اليهوديِّ في البلدان العربيَّة، من أجل إثبات وجود حقٍّ تاريخيِّ لليهود في هذه المنطقة، وأنَّهم ليسوا دخلاء عليها، وما منشورات مركز أبحاث «يد بن تسفي» الإسرائيليِّ التَّابع للجامعة العبريَّة في القدس، المتخصِّص بتاريخ الجماعات اليهوديَّة في العالم العربيِّ والإسلاميِّ، إلَّا محاولة لإعادة «التَّأريخ» لهذه الجماعات اليهوديَّة على نحو يثبت مدى ارتباطها بالبلدان العربيَّة[30].

فقد كان العامل السِّياسيُّ حاضرًا بقوَّة في عقليَّة جمهور المستشرقين اليهود، وحلمه في إقامة دولة تجمع أشتاتهم، وتوحِّد أفرادهم، وظلَّ هذا الحلم يحرِّك عقولهم، وتوحَّدوا في خدمة المشروع الصُّهيونيِّ الَّذي نادى بإقامة دولة لليهود في فلسطين. وقد وظَّف كثير من المستشرقين اليهود أبحاثهم العلميَّة لخدمة هذا المشروع، وراحوا ينقِّبون في الآثار، ويقلِّبون دفاتر التَّاريخ، ويركِّزون على دور العلماء اليهود الَّذين عاشوا في فلسطين، وتعاون كثير منهم مع الدُّول الاستعماريَّة بطريقة مباشرة، وقدَّموا خدماتهم لمن يدفع أكثر، ووضعوا بحوثهم العلميَّة، ودراستهم الواسعة للفقه الإسلاميِّ وتاريخه، وللحضارة العربيَّة الإسلاميَّة لمساعدة المشروع الاستعماريِّ، وإحكام السَّيطرة على الدُّول العربيَّة، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، التقاء أفكار المستشرق الفرنسي «ألفونس دي لامارتين» مع الصُّهيونيَّة بأنَّ فلسطين صحراء خاوية تنتظر من يزرعها، وأنَّ سكَّانها من الرُّحَّل الَّذين لا قيمة لهم، ولا حقَّ فعليًّا لهم في هذه الأرض[31]، الأمر الَّذي كان له تداعيات كبيرة، وعلى رأسها انطلاق الخطاب الصُّهيونيِّ بأنَّ هذه الأرض هي «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، وهو ما انعكس بشكل واضح في تصريح رئيسة الوزراء الإسرائيليَّة «غولدا مئير»؛ «لا يوجد هناك شعب فلسطينيٌّ»[32]. وبالتَّالي، هناك من يرى أنَّ هذا التَّعاون من جانب بعض المستشرقين مع الصُّهيونيَّة، والاستعمار كان قد شوَّه صورة الاستشراق، وأساء إلى دوره في خدمة التُّراث العربيِّ الإسلاميِّ، وأدَّى إلى خصم الكثير من رصيده العلميِّ، وزعزع مفهوم الموضوعيَّة الَّذي يتشدَّق به الغرب دائمًا[33].
إضافة إلى هذين العاملين الأساسين، فقد كان هناك دوافع علميَّة، إذ كان هناك بعض المستشرقين اليهود ممَّن كان دافعهم علميًّا خالصًا من أجل استكشاف الأبعاد الدِّينيَّة، والفلسفيَّة، والأدبيَّة، والفنِّيَّة للحضارة العربيَّة العظيمة[34]. ودوافع تاريخيَّة؛ حيث دأب المستشرقون اليهود على استدعاء تاريخهم القديم، ونفخ الرُّوح فيه، والتَّأكيد المستمرُّ على حقِّهم التَّاريخيِّ في أرض فلسطين[35]. وهناك أيضًا الدَّوافع المادِّيَّة؛ إذ شكَّل الاستشراق بابًا واسعًا للرِّزق بالنِّسبة للمستشرقين، وتحقيق بعض الثَّروات[36]، ثمَّ الدَّوافع النَّفسيَّة؛ فقد أشار عدد من الباحثين[37] إلى أنَّ المستشرقين اليهود سعوا إلى تغيير الصُّورة النَّمطيَّة الَّتي التصقت بهم، وإخفاء معالمها، ومحو ذلك النَّقص الَّذي ارتبط به من خلال التَّعويض الزَّائد، وبالتَّالي، التَّحرُّر من نظرة المجتمع الدُّونيَّة لهم؛ مؤكِّدين وجودهم المادِّيِّ والمعنويِّ، لا سيَّما أنَّهم يؤمنون بتفوُّقهم، وقدرتهم على الإبداع، طرحهم أفكارًا جديدة غير مسبوقة.

توظيف الاستشراق لخدمة الأهداف اليهوديَّة
يتَّفق كثير من الباحثين[38] أنَّ من أهمِّ أهداف الاستشراق اليهوديِّ، والغربيِّ هو زرع بذور الشَّكِّ في التَّاريخ الإسلاميِّ، وتشويه المصادر الأساس للإسلام؛ القرآن الكريم، والحديث الشَّريف؛ للتّشكيك في مدى مصداقيَّتها، وصحَّتها، ومن أبرز وسائله في ذلك إعداد ترجمات عبريَّة غير أمينة ومشوِّهة لمعاني القرآن الكريم، وتزويدها بهوامش تردُّ المادَّة القرآنيَّة لمصادر يهوديَّة، ومسيحيَّة، ووثنيَّة. وتذهب عائشة عبد الرَّحمن إلى أنَّ مهمَّة الاستشراق اليهودي هي قذف الفكر الإسلامي المعاصر ببدع من تأويلات عصريَّة للقرآن مشحونة بالإسرائيليَّات، تزيِّن للنَّاس أن يأخذوا دينهم بتأويل علماء هذا الزَّمان[39]، ومثل هذه الأهداف تتقاطع مع الاستشراق الغربيِّ العامِّ، فتقول فاطمة جان أحمدي: «ولو نظرنا بواقعية إلى تاريخ الدِّراسات الإسلاميَّة في الغرب، سيتجلَّى لنا بوضوحٍ أنَّ البحوث العلميَّة في مجال التَّاريخ الإسلاميِّ كانت متأثِّرة بالأحكام المسبَّقة، وذات الصَّبغة الحادَّة، والنَّاقمة على الإسلام، أو الاتِّجاهات الَّتي تسعى لتحقيق أهدافٍ سياسيَّة من خلال استثمار الآليَّات المنهجيَّة للدِّراسات الاستشراقيَّة»[40]، ويؤكِّد العديد من الدَّارسين[41] أنَّ عداوة اليهود للإسلام واضحة كالشَّمس، من يومه الأوَّل إلى يومنا هذا، ومكائد اليهود للإسلام متتابعة، وقد وجدوا في مجال الاستشراق بابًا ينفثون منه سمومهم ضدَّ الإسلام وأهله، فدخلوا هذا الباب بعباءة العلم، كما وجدوا في الصُّهيونيَّة بابًا آخر، يفرضون منه سيطرتهم على العرب والمسلمين، وهو ما يؤكِّده أحمد البهي أيضًا في قوله إنَّ هناك من الأهداف ما هو خاصٌّ بالمستشرقين اليهود خاصَّة؛ إذ يبدو أنَّ هؤلاء قد أقبلوا على الاستشراق لأسباب دينيَّة؛ وهي محاولة إضعاف الإسلام، والتَّشكيك في قيمه بإثبات فضل اليهوديَّة على الإسلام بادِّعاء أنَّ اليهوديَّة، في نظرهم، هي مصدر الإسلام الأوَّل، ولأسباب سياسيَّة تتَّصل بخدمة الصُّهيونيَّة: فكرة أوَّلًا ثمَّ دولة ثانيًا[42].

وقد اهتمَّ المستشرقون اليهود بالأدب العربيِّ، والشِّعر، والأدباء بشكل واسع ولافت، وقد تنوَّعت دراساتهم لتشمل التَّاريخ، قديمه، وحديثه، ماضيًا، وحاضرًا، والحضارات الَّتي سكنت هذه البقعة، ولم يبق أيٌّ من المجالات، أو المواضيع، ولم يكتب فيها ضمن توجُّه هو في الأغلب يستخدم التَّاريخ لمصلحة اليهود، وفيه الكثير من التَّجنِّي، وإعلاء للذَّات على حساب الآخر[43].
وتتعدَّد مظاهر الاهتمام الإسرائيلي بالشَّرق العربي الإسلامي، بمكوِّناته المختلفة، حيث يبرز في الميزانيَّات الضَّخمة الموجِّهة للأبحاث العلميَّة الَّتي تتناول هذا الشَّرق. وشجَّعت الباحثين على الحضور المكثَّف في المؤتمرات الاستشراقيَّة، والاحتكاك بمستشرقي العالم، وتبادل الخبرات في هذا المضمار[44]. ولمّا كانت الحكومات الإسرائيليَّة المتعاقبة تدرك مدى أهمِّيَّة الدَّور الَّذي يقوم به هؤلاء المستشرقون الإسرائيليُّون، فإنَّنا نعثر على كثير منهم يشغلون مناصب على درجة من الأهمِّيَّة في الحكومة، والاستخبارات الإسرائيليَّة، أمثال: «يهوشفاط هركابي»، و«مناحيم ميلسون»، و «يوسف جينات»، ممَّا يدلُّ على أنَّ الاستشراق الإسرائيليَّ يتجاوز الدِّراسات الأكاديميَّة العلميَّة، ويتحوَّل إلى مصدر معلومات وأداة استشارة[45].

تأثير الاستشراق اليهوديِّ في الدِّراسات الإسلاميَّة في الغرب
يُلاحظ أنَّ كثيرًا من المستشرقين اليهود يحملون جنسيَّات غربيَّة، وفي المقابل، استقوا معظم نظريَّاتهم، وأطروحاتهم من الحركة الاستشراقيَّة الغربيَّة، وركَّزت جهودهم على دراسة الموروث الشَّرقيِّ، وكان واضحًا مدى ارتباطهم بالحركة الصُّهيونيَّة، ودعمهم للموجة الاستعماريَّة ضمنيًّا، وتصريحيًّا. فقد بدأ المسار الفعليُّ للاستشراق الإسرائيليِّ بعد سنة 1948، من خلال مجموعة مستشرقين ولدوا بفلسطين، واهتمُّوا بتعليم اللُّغة العربيَّة، وأدبها بوصها جزءًا من استراتيجيَّتهم لاكتشاف المنطقة من خلال معرفة الآخر، ولتحقيق هذا الهدف، أقيمت مدرسة الدِّراسات الشَّرقيَّة[46] في الجامعة العبريَّة، في القدس، والَّتي تُعنى بدراسة الحضارة العربيَّة والإسلاميَّة[47]، وينبغي أن نشير هنا إلى أنَّ «يهوشع بلاو» كان من خرِّيجي هذه المدرسة عام 1942.

فقد اشتهر المستشرقون اليهود بأنَّهم من أوائل الَّذين بادروا إلى ترجمة القرآن الكريم إلى اللُّغة العبريَّة، واللُّغات الأوروبيَّة[48]، وسعى هؤلاء، من وراء تلك التَّرجمات، إلى تحقيق أهداف ثقافيَّة، ودينيَّة، وسياسيَّة أيضًا، فحظيت هذه التَّرجمات بأهمِّيَّة كبيرة، وأحدثت تيَّارًا علميًّا هامًّا في الدِّراسات التَّاريخيَّة وغيرها؛ ولا رَيْبَ في أنَّ هذه التَّرجمات، كما يذهب أحمد البهنسي وآخرون[49]، كانت قد اشتملت على أغلاطٍ، وخَلْط في المواضيع والمطالب، الأمر الَّذي أثر تأثيرًا عميقًا في الدِّراسات الإسلاميَّة في الغرب؛ فكان هناك الكثير من سوء الفهم، والتَّسرُّع في استخلاص النَّتائج، وسطحيَّة ناشئة عن التَّرجمات الخاطئة للقرآن في أوروبَّا[50].
ومن نافل القول أنَّ هذا الفهم الخاطئ النَّاشئ من التَّرجمات الأولى للقرآن كان قد انتقل إلى المجتمعات غير المسلمة، وبقي مسيطرًا على ذهنيَّة المستشرقين لعدَّة قرون. وإلى جانب هذه التَّرجمات للقرآن، أُنجزت دراسات شاملة في هذا المجال، وافتُتحت مراكز أبحاث، ومعاهد علميَّة تحمل عنوان «الدِّراسات الشَّرقيَّة»، وتجدر الإشارة إلى أنَّ أوَّل خطوة في طريق الاستشراق، والدِّراسات الشِّيعيَّة كانت في الغرب وإسرائيل، وتدريجيًّا مُهِّدَتْ الطَّريق لإنشاء جامعات في هذا المجال[51].
ويتَّفق كثير من الباحثين[52] على أنَّ اليهوديَّة قد وجدت أنَّه ليس من الحكمة أن تستمرَّ في صراعها مع الغرب المسيحيِّ؛ لأنَّ ذلك يبدِّد طاقاتها، ولا يعود عليها بأيِّ فائدة، ولهذا، أخذ اليهود يعملون للتَّحالف مع الغرب المسيحيِّ لاستغلاله في تحقيق أهدافهم، ما يعني أنَّ هذا الالتقاء بين التَّوجُّه اليهوديِّ، والتَّوجُّه الغربيِّ كان قد انطلق من عداوة كبيرة للإسلام الَّذي شكَّل الخطورة الأكبر على مشاريعهم الاستعماريَّة، وخططهم في السَّيطرة على العالمين العربيِّ، والإسلاميِّ اقتصاديًّا، علاوة على أنَّ كليهما يعدُّ الإسلام نقلًا عن اليهوديَّة، أو المسيحيَّة، وبالتَّالي، كان لا بدَّ لهؤلاء من تكوين جبهة لمواجهة الإسلام[53].

ويذهب عبد القادر بخوش إلى أنَّ طبيعة العلاقة الَّتي تربط جماعة من المستشرقين، هي وحدها الكفيلة بتحديد نوع الاستشراق، ومن المؤكَّد أنَّ اليهوديَّة الصَّهيونيَّة استطاعت أن تلتقي بالفكر الغربيِّ الَّذي مثَّله الاستعمار التقاء تعاطف، وتعاون في بداية الأمر، ثمَّ التقاء احتواء بعد ذلك إبَّان تهويد المسيحيَّة، وانبثاق البروتستانتيَّة[54]، ويضيف بأنَّ البعد الأيديولوجيَّ يتَّضح أكثر عند محاولة التَّعرُّف على الرُّؤية الموحِّدة للاستشراق اتِّجاه الإسلام بصفة خاصَّة؛ فيرى إدوارد سعيد بأنَّ المستشرقين قد يختلفون في ما بينهم، لكن، إذا تعلَّق الأمر بدراسة الإسلام؛ فإنَّهم يتغاضون عن خلافاتهم، ويتجمَّعون على عدائه ومقته[55].

ويذهب أشرف بدر إلى أنَّ الصُّهيونيَّة تلتقي مع الاستشراق في الجذور الفكريَّة؛ إذ إنَّ هناك مقامات مشتركة بينهما قائمة على النَّظرة الاستعلائيَّة العنصريَّة، مع ادِّعاء النَّقاء والتَّفوُّق، وبالتَّالي، فإنَّ الأيديولوجيا الاستعماريَّة الغربيَّة المبنيَّة على مفاهيم الاستشراق، تعدُّ أحد أهمِّ المصادر للأيديولوجيا الصُّهيونيَّة؛ فالدَّافع الدِّينيِّ للاستشراق كان قد التقى مع الطُّموحات الصُّهيونيَّة، وحصل ذلك الانسجام الكبير بين أهداف الاستشراق الدِّينيَّة والصُّهيونيَة. وتقاطعت مصلحة الاستعمار مع الصُّهيونيَّة سياسيًّا، واقتصاديًّا، وأمنيًّا، فتحوَّلت «إسرائيل» إلى أداة استعماريَّة لحماية المصالح الغربيَّة[56].
ويرى عبد اللَّطيف زكي أبو هاشم، أنَّ الاستشراق اليهوديَّ هو قسم ملتئم غير منفصل عن المشروع الغربيِّ؛ فهناك قاسم مشترك بين الاستشراقيِّين، فضلًا على الدَّور المهمِّ للدِّراسات الأولى للاستشراق، الَّتي لم يكن لتقوم لها قائمة لولا جهود «شبرنجر»، و«جولدتسهير»، و«مونك»، وغيرهم؛ فالتَّوافق بين المستشرقين اليهود، والاستشراق الغربيِّ المسيحيِّ، في نظره، قائم منذ أمد بعيد، في الوجهة العامَّة حول الإسلام، ولكنَّه اختلف في التماس المستشرقين اليهود جوانب معيَّنة تخدم قضيَّتهم[57].
وهكذا، وبعد أن أدرك المستشرقون اليهود عزلتهم في أوروبا، كما يشير محمود زقزوق، «نجحوا في أن يصبحوا عنصرًا أساسًا في إطار الحركة الاستشراقيَّة الأوروبيَّة النَّصرانيَّة؛ فقد دخلوا الميدان بوصفهم الأوروبيِّ لا بوصفهم اليهوديِّ، وقد استطاع «جولدتسهير» في عصره -وهو يهوديٌّ مجريٌّ- أن يصبح زعيم علماء الإسلاميَّات في أوروبا بلا منازع، ولا تزال كتبه، حتَّى اليوم، تحظى بالتَّقدير العظيم، والاحترام الفائق من كلِّ فئات المستشرقين»[58]، ومن الصَّعب أن تجد ما يشير في الدِّراسات المختلفة إلى يهوديَّته، ولا إلى يهوديَّة الفرنسي «سالومون مونك»، ولا إلى البريطاني «ريتشارد جوتهيل»، وغيرهم[59].

وقد لاحظ مصطفى السباعي بعد جولته الَّتي طاف بها على أكثر جامعات أوروبا سنة 1956، أنَّ الاستشراق يحظى بمكانة عالية في جامعات لندن، وأكسفورد، وكمبردج، وأدنبرة، وجلاسك، وغيرها، ويشرف عليه يهود، وإنجليز استعماريُّون ومبشِّرون، وهم يحرصون على أن تظلَّ مؤلَّفات «جولدتسهير» و«مرجوليوث»، و«شاخت» من بعدهما، هي المراجع الأصليَّة لطلَّاب الاستشراق من الغربيِّين، وللرَّاغبين في حمل شهادة الدُّكتوراة عندهم من العرب المسلمين[60].
وعليه، فقد رأى اليهود أنَّه ليس من الصَّواب أن يعملوا داخل الحركة الاستشراقيَّة كلِّها، بوصفهم مستشرقين يهودًا، حتَّى لا يعزلوا أنفسهم، فيقلُّ تأثيرهم؛ ولهذا، عملوا بوصفهم مستشرقين أوروبيِّين، فكسبوا فرض أنفسهم على الحركة الاستشراقيَّة كلِّها من جهَّة، وكسبوا، من جهَّة أخرى، تحقيق أهدافهم في النَّيل من الإسلام، وهي أهداف تلتقي مع أهداف غالبيَّة المستشرقين النَّصارى[61].

فاليهود، كما يذهب محمَّد الزيادي، كانوا قد استفادوا من التصاقهم بالغرب في عدم ظهورهم بشكل مستقلٍّ يعرِّضهم للهجوم المباشر، ويجعلهم عرضة للمحاربة حتَّى من قبل الغربيِّين أنفسهم، ونتيجة لذلك كلِّه، فضل المستشرقون اليهود العمل في الدَّائرة الغربيَّة طوال مرحلة الشَّتات[62]. ومن الصَّعب تمييز مدرسة مستقلَّة للاستشراق اليهوديِّ، قبل النِّصف الثَّاني من القرن العشرين؛ فأغلب رواد هذه المدرسة كانوا يمارسون أدوارهم باعتبارهم غربيِّين لا يهودًا وصهاينة، الأمر الَّذي استفاد اليهود منه كثيرًا في خدمة قضاياهم الصُّهيونيَّة مع تقديمها في قالب غربيٍّ، لضمان قبولها في أوساط العرب والمسلمين، مستغلِّين في ذلك عقدة النَّقص الشَّرقيَّة اتِّجاه الغرب، ولا يجد الباحث عناء في اكتشاف سمات الاستشراق اليهوديِّ الصُّهيونيِّ، بعد محاولة الصُّهيونيَّة السَّيطرة على زمام الأمور في العالم اقتصاديًّا، وسياسيًّا، وثقافيًّا، وأنَّ توجُّهها لصالحها، من خلال السَّيطرة على وسائل الإعلام العالميَّة صناعة وخبرًا، حتَّى غدا تأثيرها واضحًا في مدارس الاستشراق الغربيِّ، وكذلك استغلالها، وتسخيرها لخدمة قضاياها[63].

فإذا كان المستشرقون اليهود قد ساروا، في البداية، في ركب الاستشراق الغربيِّ، فإنَّ الواقع المعاصر، كما تؤكِّد أميرة قاسم أبو هاشم، هو استشراق يهوديٌّ، ظهرت سماته بعد أن أقاموا دولتهم، فلم يعودوا بحاجة للتستُّر خلف الاستشراق الغربيِّ، على الرَّغم من التَّقارب، والتقاء المصالح، إلَّا أنَّ ما نجده من موقف مساند لقضايا اليهود، ودور كبير للمستشرقين الغربيِّين، وما يقدَّم لهم من إمكانات ومنح كبيرة لاستمرار قيامهم بهذا الدَّور، قد جعلنا ننظر للاستشراق المعاصر على أنَّه استشراق يهوديٌّ[64].

خطورة الاستشراق اليهوديِّ
لا تكمن خطورة الاستشراق اليهوديِّ في تغذية الحركة الاستشراقيَّة، والرَّأي العامِّ في الغرب، كما أشار محمَّد جلاء إدريس، بعناصر الصُّورة المشوِّهة للإسلام، وبآرائهم المغرضة عن الأدب العربيِّ[65]، وفي الاستفادة من الدَّعم الَّذي يتلقَّاه هؤلاء من الغرب؛ إذ استطاعت دوائرهم السِّياسيَّة استقطاب عدد من المستشرقين الغربيِّين لخدمة مصالحهم ومفاهيمهم[66]، فحسب، بل «إنَّ نشاطاتهم تعدَّت لما هو أكثر خطورة علينا من خلال أولئك الَّذين يروِّجون لآرائهم، وأفكارهم، ودعواتهم من العرب والمسلمين، وهؤلاء هم أعظم تأثيرًا بالقرَّاء العرب أوَّلًا، والغربيِّين ثانيًا، لأنَّ الشَّهادة هنا لشاهد من أهله»[67]، ومعنى ذلك؛ أنَّ التَّأثُّر، والتَّأثير كانا متبادلين بين الاستشراق اليهوديِّ، والآخر الغربيِّ، من جهَّة، ومن جهَّة أخرى، وجد الاستشراق اليهوديُّ له بابًا واسعًا للدُّخول إلى العالم العربيِّ؛ إذ «روَّج له تلاميذ قاموا بخدمة مخطَّطات اليهود، وأدُّوا لهم أدوارًا، ما كان لليهود أنفسهم أن قاموا بها لهم الأثر نفسه، وقد أصبحوا تلامذة مخلصين لأساتذتهم، وفي بعض الأحيان يقوم من يقوم بهذا الدَّور، لا عن سوء قصد أو نيَّة، إنَّما لمحدوديَّة النَّظرة إلى الأمور؛ فيقدِّم خدمة جليلة لمن هم في الخانة المناوئة للإسلام»[68].

فاليهود هم من كانوا وراء ما لقي الإسلام «من بنيه المتفرنجنين الَّذين حملوا إلى صميم وجودنا سموم المستشرقين اليهود، والَّذين خلبوا ألباب العامَّة ببدع من تأويلات عصريَّة للقرآن مشحونة بالإسرائيليَّات»[69]، كما تذهب بنت الشَّاطئ، وبلهجة لا تخلو من السُّخرية، والتَّهكُّم تقول إنَّ «كلَّ الطُّرق تؤدِّي إلى تل أبيب»؛ فما أن تمَّ تمهيد التُّربة الإسلاميَّة بالغزو الفكريِّ الاستعماريِّ الَّذي فتن من فتن من أبناء الجيل، حتَّى كانت بضاعة الإسرائيليَّات تتحرَّك محوَّمة حول الموقع الدِّينيِّ الَّذي ظلَّ الطَّريق إليه، إلى ماضٍ قريب، مسدودًا أو يكاد؛ فقد استهوتهم البضاعة بمظهرها الخلَّاب، وغرَّهم منها تعلُّق هؤلاء الفرنجة الكبار بتراثنا الَّذي لا نكاد نعرف له قيمة، ونفاذهم العجيب إلى أخفى أسراره، واستيعابهم لما يغيب عن أهله من مصادره ومراجعه، ومن تفسيره ومنطقه»[70].
فقد وصلت إلينا مثل هذه الأفكار والطُّروحات، من «حسن نيَّة» فيما تفترض، بأنَّ هؤلاء المفتونين بهذه «البضاعة القيِّمة» قد أرادوا إخصاب وجودنا الفكريِّ بها، فكانوا هم الَّذين حملوها إلينا، وروَّجوها فينا وزكُّوها لدينا؛ ترجمةً، ونقلًا، واقتباسًا، ومنُّوا على جامعتنا الحديثة باستدعاء أساتذة من يهود المستشرقين، فمكَّنوا لهم من اقتحام أعز معاقلنا الفكريَّة بالجامعة[71].

وتتَّفق أقوال بنت الشَّاطئ هذه مع ما جاء على لسان محمَّد عيساوي؛ إذ اتَّخذ بعض المستشرقين[72] المجامع اللُّغويَّة مطيَّةً لتسريب مطاعنه في اللُّغة العربيَّة الفصحى من خلال بحوثه، ودراساته الَّتي يسهم بها في دراسات تلك المجامع، فكان هناك كثير من المستشرقين ممَّن شارك في المجامع اللُّغويَّة في كلٍّ من مصر، ودمشق، وبغداد، وغيرها[73].
وما حدث في المجال اللُّغويِّ والثَّقافيِّ، بحسب أقوال بنت الشَّاطئ، هو أنَّ الاستعمار «كان قد ترك في الشُّعوب الَّتي سرق ألسنتها، من يدافعون من بينها عن لغته وثقافته، وترك في الشُّعوب الَّتي شقَّ عليه قهر عربيَّتها، دعاة من مثقَّفيها إلى نبذ هذه اللُّغة البدويَّة العقيم المسؤولة لا عن تخلُّفنا العلميِّ، والحضاريِّ، وأمراضنا الاجتماعيَّة فحسب، بل مسؤولة كذلك عن استعبادنا للسَّادة المستعمرين المتحضِّرين»[74]. وبذلك، فقد انتقلت شحنة الإسرائيليَّات من كتب المستشرقين المعزولة عن الجماهير والمتَّهمة من الأمَّة، إلى كتب عصريَّة بأقلام مسلمين شرقيِّين، وأخرجت إلى النَّاس في عدَّة طبعات رُوِّجت في الجماهير باسم العلم والإيمان العصريِّ. وهو ما يتَّفق مع أقوال أحمد سمايلوفتش: «وقد انزلق إلى هذا التَّزييف، والواقع بعض تلاميذ الاستشراق من العرب، فألَّفوا الكتب، وكتبوا الرَّسائل، وأثاروا الشُّكوك في ماضي العرب وحاضرهم، وأدرك الصَّهاينة ما لهذه الكتب من آثار عميقة على الباحثين، وعامَّة المثقَّفين، فعملوا على تشجيعها، وترويجها، واستخدموها في الدِّعاية لقضيَّتهم الباطلة»[75].

فهؤلاء، تلاميذ المدرسة الجديدة، من حملة الإسرائيليَّات المسلمين، كما تصفهم بنت الشَّاطئ: «لا علم لهم بتراثنا في أوراقه الصَّفراء، ويعييهم الاتِصال المباشر بكتب التَّفسير؛ إذ لم تصحَّ لهم أدنى دراية بعلوم العربيَّة والإسلام»[76].
ويُجمع كثير من الدَّارسين[77] على أنَّ الاستشراق اليهوديَّ قد نجح في تحقيق هذا الأمر، من خلال سيطرة اليهود على مراكز الدِّراسات الإسلاميَّة الشَّرق أوسطيَّة، ومعاهدها، فكان لهؤلاء الأساتذة أثر كبير في الطَّلبة العرب، والمسلمين الدَّارسين في الخارج، حتَّى أصبحوا مستغربين على أيدي هؤلاء المستشرقين، وقد وصفهم برنارد لويس في كتابه «الغرب والشَّرق الأوسط» بـ«حواريِّين من الشَّرق الأوسط للعلماء الأوروبيِّين»[78]، وقد فتح هذا الباب واسعًا أحد أولئك المفتونين بالثَّقافة الغربيَّة (طه حسين)، حينما ألقى محاضراته عن أثر اليهود في الأدب العربيِّ، ودورهم في الجزيرة العربيَّة[79].

أمّا زكي مبارك، وهو ممّنَ عُرف عنهم تأثُّرهم بالثَّقافة الغربيَّة بشكل عامٍّ، فيزعم في كتابه «الأسلوب القرآنيُّ وإعجازه» أنَّ القرآن يعطينا صورة للنَّثر الجاهليِّ. وتضيف قائلة إنَّ الأمر لم يقف عند حدِّ نشر، وتعزيز آراء الاستشراق اليهوديِّ، بل قام لطفي السَّيِّد، وكان ممثِّلًا عن الجامعة المصريَّة، بحضور افتتاح الجامعة العبريَّة في القدس، كما عهد هو نفسه على الاحتفال بالفيلسوف اليهوديِّ موسى بن ميمون، في الأوبرا المصريَّة، وقد حشد له الكثير من الإعلاميِّين ورجال الثَّقافة، كما سعى لإنشاء كراسي اللُّغات السَّاميَّة[80].
وفي المقابل، ورغم خطورة الاستشراق اليهوديِّ، باتِّجاهاته المختلفة، ودوره البارز في الحركة الاستشراقيَّة، يشير محمَّد جلاء إدريس إلى أنَّنا لا نجد عمقًا في الدِّراسات الَّتي تناولت هذه الحركة، ولا نجد تركيزًا على الدَّور اليهوديِّ؛ فهي جمل، أو فقرات محدودة نجدها في بعض المؤلَّفات الَّتي صدرت حول الاستشراق، بل قلَّما نجد دراسة منفردة تتناول الاستشراق اليهوديَّ منذ نشأته، وحتَّى وقتنا الرَّاهن[81]. بالفعل هناك تقصير في دراسة الاستشراق الإسرائيليِّ من جانب الدَّارسين العرب، وربَّما يعود ذلك لمجموعة أسباب يحصر أحمد البهنسي أهمُّها في:
وجود إشكاليَّة أساس في تمييز الاستشراق الإسرائيليِّ من حيث تاريخه، ونشأته، وموضوعاته، واهتماماته عن الاستشراق اليهوديِّ، والصُّهيونيِّ، وكذلك الغربيِّ؛ نظرًا لتداخل موضوعات واهتمامات هذه التَّقاليد الاستشراقيَّة بعضها ببعض، لا سيَّما في ظلِّ شحِّ الدِّراسات العربيَّة الَّتي تمكَّنت من وضع حدود فاصلة بينها.

عدم تقدير الدَّارسين العرب لأهمِّيَّة الاستشراق الإسرائيليِّ، وخطورة تأثيره؛ نظرًا لاتِّسام المستشرق الإسرائيليِّ بالتَّعدُّديَّة اللُّغويَّة؛ فهو لا يكتب بالعبريَّة محدودة الاستخدام، والانتشار فقط، لكن يكتب بلغات أجنبيَّة أوروبيَّة أخرى، ويشارك بأبحاثه في محافل علميَّة دوليَّة بشكلٍ دوريٍّ منتظم ينقل من خلالها أفكاره المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، المشبَّعة بأيديولوجيَّة استشراقيَّة إسرائيليَّة ذات خلفيَّة صهيونيَّة.
صعوبة الحصول على دراسات استشراقيَّة إسرائيليَّة، لا سيَّما تلك المكتوبة بـالعبريَّة الَّتي تعدُّ اللَّغة الأساس للاستشراق الإسرائيليِّ رغم اتِّسامه بالتَّعدُّديَّة اللُّغويَّة. وهذه الصُّعوبة نابعة من عدم وجود تعاملات، وعلاقات علميَّة، أو ثقافيَّة بين إسرائيل، والدُّول العربيَّة، ووجود عراقيل أمنيَّة كثيرة تحول من دون استقدام كتب، أو مراجع استشراقيَّة إسرائيليَّة، إضافة إلى أنَّ الشَّبكة العنكبوتيَّة لا تحلُّ هذه المشكلة بقدرٍ كبيرٍ؛ فالدَّوائر الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة تعرف جيِّدًا احتياج الدَّارس العربيَّ لهذه الدِّراسات، ولا تقوم بنشرها كاملة إلكترونيًّا إلَّا بعد مرور سنوات عدَّة على إصدارها، أو لا تنشرها إطلاقًا، وتكتفي بنشر النُّزر اليسير عنها، أو صفحات قليلة، ومعدودة منها.

قلَّة الدَّارسين العرب النِّسبيَّة الَّذين يتقنون اللُّغة العبريَّة، وهي اللُّغة الأساس للاستشراق الإسرائيليِّ، وما يرتبط بذلك من قلَّة الأقسام، والمخابر العلميَّة، ومراكز الأبحاث المتخصِّصة في الاستشراق بشكل عامٍّ، والاستشراق الإسرائيليِّ خاصَّة[82].

تلخيص واستنتاجات
سعت هذه الدِّراسة إلى رصد أثر الاستشراق اليهوديِّ في الدَّرس اللُّغويِّ العربيِّ الحديث؛ إذ تحرَّك داخل الحركة الاستشراقيَّة بوصفه استشراقًا أوروبيًّا، وليس بوصفه استشراقًا يهوديًّا، فكان من الصَّعب تمييز مدرسة مستقلَّة للاستشراق اليهوديِّ قبل النِّصف الثَّاني من القرن العشرين؛ إذ إنَّ غالبيَّة روَّاد هذه المدرسة كانوا يمارسون أدوارهم باعتبارهم غربيِّين لا يهودًا وصهاينة، الأمر الَّذي استفادوا منه كثيرًا في خدمة قضاياهم الصُّهيونيَّة مع تقديمها في قالب غربيٍّ، لضمان قبولها في أوساط العرب والمسلمين، مستغلِّين في ذلك عقدة النَّقص الشَّرقيَّة اتِّجاه الغرب، وحتَّى أولئك الَّذين لم يعودوا بحاجة للتَّستُّر خلف الاستشراق الغربيِّ، بعد إقامة اليهود لدولتهم، إلَّا أنَّه ليس من السَّهل أن نعثر لديهم على إشارات تدلُّ على يهوديَّتهم.

فغياب الأدلَّة القاطعة، وندرة الآثار، واعتماد بعضهم، أمثال «رابين» Chaim Rabin ومن سبقه من المستشرقين على الحدس والتَّخمين، واتِّخاذهم، بالمقابل، بقايا بعض السَّاميَّات القديمة دليلًا على حال العربيَّة، كانت قد دفعتهم إلى قياس أمر العربيَّة على ما وجدوه في تاريخ لغَّاتهم ووقائعها. فمثل هذا التَّصوُّر ينطوي على كثير من الفهم الخاطئ؛ إذ إنَّ الواقع اللُّغويَّ في الجاهليَّة مختلف تمامًا عن الفترة الَّتي تلت ظهور الإسلام؛ وإذا كانت اللُّغة في الجاهليَّة ممثِّلة لحياة العرب، وانعزالهم إلى حدٍّ كبير، فقد انطلق العرب، بعد الإسلام، بدينهم الجديد، واستوطنوا البلاد المفتوحة، لتجد لغَّتهم نفسها أمام حضارات غريبة عليها، الأمر الَّذي ألزمها التَّعبير بصورة تتلاءم والتَّغيُّر الجديد.

إضافة إلى تلك العوامل، فإنَّ الحرب العالميَّة الثَّانية، كما نرى، شكَّلَت عاملًا إضافيًّا لاختلاف الرُّؤى والتَّوجُّهات؛ فقد شهد الغرب نهضة لغويَّة واسعة بعد الحرب العالميَّة الثَّانية، أدَّت إلى قراءة موضوع الاستشراق قراءة مغايرة، على ضوء الوضع السَّياسيِّ، والاستعماريِّ الجديد؛ وبخاصَّة أنَّ الفوقيَّة الَّتي كانت تطغى على المستشرقين عامَّة، قد خفَّت حدَّتها بعد الحرب، ليستعيد الشَّرق مكانه السَّليم في الحياة الإنسانيَّة، وبدأ الأدب الشَّرقيُّ يفرض نفسه من جديد، ويؤدِّي وظيفته التَّاريخيَّة، وأخذت اللُّغة العربيَّة تتحرَّر من التَّصوُّرات الخانقة المقولبة الَّتي كانت ترافق دراستها على مدى عقود طويلة، وكأنَّ الغرب، كما ذهب إدوارد سعيد، قد أدرك أنَّه بحاجة إلى الشَّرق بوصفه عالمًا ينبغي دراسته؛ إذ بدا الشَّرق في ظلِّ الظُّروف الجديدة الَّتي تلت الحرب شريكًا في هذه الجدليَّة لوعي الذَّات الثَّقافيِّ، وبخاصَّة أنَّ الغرب كان قد دخل مرحلة من الأزمة الثَّقافيَّة نتيجة تقلُّص سلطانه على بقيَّة العالم.
فالواقع الجديد بعد الحرب كان قد أسَّس لنظريَّات بحثيَّة ذات مكانة عالية من حيث شموليَّتها وبُعد تأثيرها، جعلت من دراسة اللِّسانيَّات في اللُّغات المختلفة واقعًا ملموسًا لدى من التحق بأصحاب هذه النَّظريَّات وتأثَّر بهم، أو ترجم أعمالهم، وقد أثبت كثير من الباحثين الغربيِّين، ومن بينهم «رابين» نفسه، تأثُّر اللِّسانيَّات الحديثة بالتُّراث اللُّغويِّ العربيِّ، إن من خلال الاطِّلاع المباشر على هذا التُّراث، وإن من خلال ترجمة أعمال النُّحاة واللُّغويِّين والبلاغيِّين العرب إلى لغات أجنبيَّة كثيرة، وبالتَّالي، يمكن القول إنَّ هذه النَّهضة ربَّما كانت عاملًا حاسمًا لدى بعض المستشرقين اللَّاحقين، في أن يعيدوا قراءة اللُّغة العربيَّة، وتاريخ تطوُّرها قراءة موضوعيَّة حياديَّة بعيدة من أهداف الاستشراق، وأن يعيدوا التُّراث اللُّغويَّ العربيَّ إلى ما كان عليه مكانة، وحضورًا، وأثرًا في الدِّراسات اللُّغويَّة الحديثة.

أمَّا بالنِّسبة للدَّارسين العرب، فقد تراوح الدَّرس اللًّغويُّ لديهم بين درس متأثِّر في جلِّه بما أخذه من الغرب، وتحت شعار الحداثة، والعلميَّة، والموضوعيَّة، راح يُقرأ بعيون المستشرقين، وبين درس يلوذ بمرجع ثقافيٍّ يتمثَّل في المحافظة، وحماية العربيَّة من الدَّعوات المغرضة، منطلقًا من أنَّ تاريخ الدِّراسات الأوروبيَّة للعربيَّة، في بدايته، كان نشاطًا يعتمد على الاستفادة الفعَّالة ممَّا أنجزه اللُّغويُّون العرب، وأنَّ ما يرجع إلى البحث الحديث من معلومات المستشرقين عن بناء اللُّغة العربيَّة كان محدودًا جدًّا، أمَّا الجزء الغالب، فإنَّهم يدينون بالفضل فيه إلى العلمـــــــــاء المسلمين في القرون السَّابقة، وبين درس آخر تمثَّل في اتِّباع النَّظريَّات اللِّسانيَّة الَّتي طوَّرها الغرب في سياقه الخاصِّ، وقام على المزاوجة بين المنهج المستعار والموضوع العربيِّ، إضافة إلى درس تمثَّل في استثمار حصيلة الجهود المتراكمة، لتشكيل وعي علميٍّ بالعربيَّة، ولسانيٍّ عامٍّ، تطرح فيه العربيَّة أسئلتها، وقضاياها الخاصَّة.

ويخطئ من يظنُّ أنَّنا نرمي إلى إحاطة تراث العربيَّة بهالة من القدسيَّة، وأن نسيِّج ما جاء به العلماء والنُّحاة الأوائل بأسوار يُحرِّم اقتحامها، ويُطعن في كلِّ من يوجِّه له سهام النَّقد الموضوعيِّ والبنَّاء، لكن، المطلوب هو أن «نستوحي» لنخلق الجديد، سواء عبرنا المكان لننقل عن الغرب، أو عبرنا الزَّمان لننشر عن العرب الأقدمين، فلا يجب أن نكون ناقلين لفكر غربيٍّ، أو ناشرين لفكر عربيٍّ قديم، كما يقول زكي نجيب محمود، فلا النَّقل في الحال الأولى، ولا النَّشر في الحال الثَّانية يصنع مفكِّرًا عربيًّا معاصرًا، لأنَّنا في الحال الأولى سنفقد عنصر «العربيَّ»، وفي الحال الثَّانية سنفقد عنصر «المعاصرة، فليس كلُّ ما يأتي به أولئك المستشرقون يستحقُّ الوقوف عنده، بل يجب أن نميِّز بين الغثِّ والسَّمين منه، ولا يتأتَّى ذلك إلَّا حين تكون الأمَّة على قدر من الوعي بتراثها اللُّغويِّ؛ فلا تطارد ما ينتجه الغرب من نظريَّات لغويَّة حتَّى أصبح شغلها الشَّاغل، وتنزلق بمزالق الاستشراق الَّذي يضمر جرَّ أبنائها إلى قضايا، ومسائل تعمِّق من الخلافات بينهم، وتثير الشَّكَّ في نفوسهم، وفي تراث العربيَّة؛ فليس الإِشكال في ما يقوله هذا المستشرق أو ذاك، ولكن الإشكال هو أنَّ بعض المحدثين استنسخوا جلَّ ما لدى المستشرقين، وبنوْا عليه، في الوقت الَّذي كان عليهم أن يقرأوا التُّراث قراءة متأنِّية محايدة موضوعيَّة، ومن خلال توجُّه منهجيٍّ واضح سمَّته الحداثة والمعاصرة، فربَّما كان الأثر الاستشراقيُّ سيبقى محدودًا لولا هذا الانجرار وراءه، والإعجاب به عند بعض الدَّارسين والمحدثين.

فعلى الدَّرس اللُّغويِّ العربيِّ أن يوازن بين طرفيِّ المعادلة، وأن يعمل على المصالحة بين العربيِّ والغربيِّ، بين الأصالة والمعاصرة؛ فعين على التُّراث، وعين على الحداثة، مع التَّشديد على إبقاء الدَّرس النُّحويِّ خارج دائرة هذا الصِّراع، وإن حاول، ويحاول البعض حشره في ذلك من خلال بعض المسائل ذات الصِّلة، كالعاميَّة والفصحى، وحتَّى يتسنَّى ذلك، يجب دراسة موقف الغرب من الإسلام، لا سيَّما وأنَّ المرحلة الَّتي وقف فيها أبناء العربيَّة موقف المقلِّد من المستشرقين قد انقضت، وتهيَّأت سبل البحث والتَّحقيق، بعد أن كانت وعرة قبل النَّهضة العربيَّة.

وبالمقابل، لا يجوز أنَّ إنكار دور بعض المستشرقين، ممَّن جاءت آراؤهم، وتوجُّهاتهم مصحوبة بالنَّظر اللُّغويِّ المحايد والموضوعيِّ، بخاصَّة وأنَّ في الكتب العربيَّة ليس هناك ما يسدُّ الفراغات الموجودة فعلًا، علاوةً على أنَّ بعض الكتب العربيَّة في معالجتها للدَّرس اللُّغويِّ لا تتميَّز بالعمق، أو الجدِّيَّة الَّتي تتَّصف بها غالبًا كتب المستشرقين؛ فليس من الإنصاف أن نسحب أحكامنا على الاستشراق والمستشرقين جميعًا من حيث موجَّهاتهم، وأهدافهم المضمرة منها والمعلنة؛ وبالتَّالي، لا بدَّ من استثماره في الإفادة والمنفعة.
من جهَّة أخرى، يمكننا أن نلتمس عذرًا للدَّارسين، والمحدثين من أبناء العربيَّة، فنحن لا نشكُّ إطلاقًا في حسن نواياهم، ولا نقلِّل من جهودهم، وأثرها في الدَّرس اللُّغويِّ، وفي طلَّاب العربيَّة، ويقيننا هو أنَّهم لو بُعثوا من جديد، لكان جلَّهم، إن لم نقل جميعهم، قد نهجوا منهجًا آخر، وأنصفوا العربيَّة بما تستحقُّ من الإنصاف؛ فمثل هذا المجال من الدِّراسات ليس بالأمر السَّهل واليسير، لما يعتريه من صعوبات في البحث والتَّدقيق، ولا سيَّما أنَّه لا يزال علمًا حديثًا نسبيًّا، ولا يخفى أثر المستشرقين الَّذين دأبوا على نشر آرائهم ونظريَّاتهم بشتَّى الطُّرق والوسائل، في سبيل تحقيق المراد، والوصول إلى الغاية.

لائحة المصادر والمراجع
إدريس، محمَّد جلاء، (1995)، الاستشراق الإسرائيلي في المصادر العبريَّة، العربي للنَّشر والتَّوزيع، القاهرة.
البهي، محمَّد، (1964)، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، ط4، مكتبة وهبة، القاهرة.
الجندي، أنور، (1977)، المخطَّطات التِّلموديَّة الصَّهيونيَّة اليهوديَّة في غزو الفكر الإسلامي. ط2، دار الاعتصام، القاهرة، 1977.
حسن، محمَّد امين بني عامر، (2004)، المستشرقون والقرآن الكريم، ط1، دار الأمل للنَّشر والتَّوزيع، إربد، الأردن.
حمدان، نذير، (1988)، مستشرقون؛ سياسيُّون، جامعيُّون، مجمعيُّون. ط1، مكتبة الصديق، الطَّائف.
زقزوق، محمود حمدي، (1989)، الاستشراق والخلفيَّة الفكريَّة للصِّراع الحضاري، ط2، دار المنار للطِّباعة والنَّشر والتَّوزيع، القاهرة.
زقزوق، محمود حمدي، (1984)، الإسلام والاستشراق، ط1، دار التَّضامن للطِّباعة، القاهرة.
الزيادي، محمَّد فتح الله، (1998)، الاستشراق: أهدافه ووسائله، ط1، دار قتيبة، دمشق.
السباعي، مصطفى، (د.ت)، الاستشراق والمستشرقون، ما لهم وما عليهم، دار الوراق للنَّشر والتَّوزيع، المكتب الإسلامي.
سعيد، إدوارد، (2006)، الاستشراق، ترجمة: محمَّد عناني، ط1، رؤية للنَّشر والتَّوزيع، القاهرة.
سعيد، إدوارد، (2010)، الاستشراق: المعرفة، السُّلطة، الإنشاء. ترجمة: كمال أبو ديب، ط8، مؤسسة الأبحاث العربيَّة، بيروت.
سمايلوفيتش، أحمد، (1998)، فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر، دار الفكر العربي، القاهرة.
عبد الرحمن، عائشة، (1975)، الإسرائيليَّات في الغزو الفكري، معهد البحوث والدِّراسات العربيَّة، القاهرة.
عبد الكريم، إبراهيم، (1993)، الاستشراق وأبحاث الصِّراع لدى إسرائيل، ط1، دار الجيل للنَّشر، عمان.
عمايرة، إسماعيل أحمد، (1996)، بحوث في الاستشراق واللُّغة، (المراحل الزمنية للغة العربيَّة الفصحى، بقلم: المستشرق فولف ديتريش فيشر، ترجمة عن الألمانية)، ط1، دار البشير، عمان، الأردن.
عمر، أحمد مختار، (1988)، البحث اللُّغوي عند العرب مع دراسة لقضيَّة التَّأثير والتأثُّر. ط6، عالم الكتب، القاهرة.
فوك، يوهان، (2014)، العربية: دراسات في اللُّغة واللَّهجات والأساليب، ترجمة عبد الحليم النجار، المركز القومي للتَّرجمة، القاهرة.
الكرملي، أنستاس ماري، (2020)، نشوء اللُّغة العربيَّة ونموِّها واكتهالها، مؤسَّسة هنداوي، المملكة المتحدة.
نامي، خليل يحيى، (1974)، دراسات في اللُّغة العربيَّة، دار المعارف بمصر، القاهرة.
نهر، هادي، البحوث اللُّغويَّة والأدبيَّة، (2009)، البحوث اللغويَّة والأدبيَّة، ط1، عالم الكتب الحديث، إربد، عمان.
نولدكه، تيودور، (2000)، تاريخ القرآن. ترجمة: جورج تامر، دار نشر جورج ألمز، نيويورك.
أبو هاشم، أميرة قاسم، (2016)، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي. دار النَّهضة العربيَّة، ط1، بيروت.

الدَّوريَّات والأبحاث
أحمدي، فاطمة جان، (2018)، الاستشراق اليهودي، ترجمة: عماد الهلالي، مركز البحوث المعاصرة، بيروت.
أحمد، محمَّد خليفة حسن، (2021)، المجتمع اليهودي بين الاستشراق والاستغراب. مجلَّة كلَّيَّة الشَّريعة والدِّراسات الإسلاميَّة، مجلد 39، عدد 2.
أحمد، محمَّد خليفة حسن، (2003)، المدرسة اليهوديَّة في الاستشراق، مجلَّة رسالة المشرق، مركز الدِّراسات الشَّرقيَّة، مجلد 12، عدد 1، 4، جامعة القاهرة.
أبو حمدية، زكريا أحمد، (1989)، دور اللُّغة العربيَّة في تكامل الوطن العربي ووحدته، هل اللَّهجات عامل معاكس للتَّكامل والوحدة؟ مركز دراسات الوحدة العربيَّة ومعهد الشُّؤون الدَّولية بإيطاليا، المجلد 2.
الأفيوني، أبو الحمد، (2000)، قضيَّة الازدواجيَّة في اللُّغة، مجلَّة كلِّيَّة الآداب بقنا، مجلد 9، عدد 10.
أمين، طاهر محمَّد، (2021)، الجهود الاستشراقيَّة لآنا ماري شميل، مجلة المعيار، مجلد 25، عدد 53.
بحري، نوارة، (ديسمبر 2017)، الكتابة اللِّسانيَّة العربيَّة الحديثة؛ إبراهيم أنيس أنموذجا، حوليات جامعة قالمة للغَّات والآداب، العدد 21.
بخوش، عبد القادر، (2004)، الظَّاهرة الصُّهيونيَّة في الدِّراسات الاستشراقيَّة، مجلَّة كلِّيَّة العلوم الإسلاميَّة، السَّنة الرَّابعة، العدد 8.
بدر، أشرف، (ربيع 2019)، الأيديولوجيا الصَّهيونية والغرب؛ رحلة التَّوظيف من الاستشراق إلى الإسلاموفوبيا، دراسات استشراقيَّة، العدد 18.
بدر، حمدان، (1975)، المستشرقون ومعاهد الاستشراق في إسرائيل، منظَّمة التَّحرير الفلسطينيَّة: مركز الأبحاث.
البهنسي، أحمد صلاح أحمد، (2007)، الاستشراق الإسرائيلي - الإشكاليَّة والسِّمات والأهداف. مجلَّة الدِّراسات الشَّرقيَّة، عدد38.
البهنسي، أحمد صلاح، (ربيع 2015)، «الجاحظ» في الكتابات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة. دراسات استشراقيَّة، السَّنة الثَّانية، عدد 4.
البهنسي، أحمد، (ربيع 2018)، يهود الجزائر في الفكرين الاستشراقي والسِّياسي الإسرائيلي. دراسات استشراقيَّة، العدد 14، السَّنة الخامسة.
البهنسي، أحمد، (2019)، كتاب «مصادر يهودية في القرآن» للمستشرق شالوم زاوي، مجلَّة القرآن والاستشراق المعاصر، عدد 3، سنة أولى، 2019، المركز الإسلامي للدِّراسات الاستراتيجيَّة، بيروت.
ابن بو زيد، لخضر، (ربيع 2015)، الدِّراسات الاستشراقيَّة وخطرها على العقيدة والفكر الإسلامي، دراسات استشراقيَّة، السَّنة الخامسة، العدد 15.
بوكبل، أمينة، (فبراير 2015)، آليات تلقِّي للنَّصِّ العربي القديم في ضوء الاستشراق الإسرائيلي المعاصر، مجلَّة جيل الدِّراسات الأدبيَّة والفكريَّة، سنة 2، عدد5.
حسن، محمَّد خليفة، المدرسة اليهوديَّة في الاستشراق، رسالة المشرق، جامعة القاهرة، مركز الدَّراسات الشَّرقيَّة، مجلد 12، عدد1-4، 2003.
زماني، محمَّد حسن، (صيف 2014)، الاستشراق.. تاريخه ومراحله. دراسات استشراقيَّة، عدد 1، السنة الأولى.
زيدان، عباس سليم، (2013)، جذور الاستشراق اليهودي. لارك للفلسفة واللِّسانيَّات والعلوم الاجتماعيَّة، عدد 11، سنة 5.
ابن عبد الله، حماد، (شتاء 2019)، موقف الحركة الاستشراقيَّة من تاريخ النَّحو العربي ونقدها. دراسات استشراقيَّة، العدد 17.
عبد العزيز، هشام فوزي، (1997)، مدرسة الدِّراسات الشَّرقيَّة في الجامعة العبرية في القدس 1926-1948، مجلَّة عالم الفكر، مجلد 26، عدد 1.
عيساوي، محمَّد، (مارس 2017)، التَّأثيرات الاستشراقيَّة في مسيرة اللُّغة العربيَّة الفصحى- بين الإنصاف والإجحاف، مجلَّة تاريخ العلوم، العدد 7.

مواقع إلكترونيَّة
https://nosos.net
https://www.hamichlol.org.ilF
https://tafsir.net/interview/18/al-astshraq- _3


-------------------------------------
[1][*]- جامعة النَّجاح الوطنيَّة، نابلس- فلسطين.
[**]- جامعة النَّجاح الوطنيَّة، نابلس- فلسطين.
[2]- ينظر مثلًا: فوك، يوهان، العربيَّة، ص1-3. ينظر أيضًا في: فيشر، المراحل الزَّمنيَّة للُّغة العربيَّة الفصحى، ص433.
[3]- ينظر: فوك، يوهان، العربيَة، ص1-3
[4]- نامي، خليل، دراسات في اللُّغة العربيَّة، ص11.
[5]- ماري، أنستازي، نشوء اللُّغة العربيَّة ونموِّها واكتهالها، ص15.
[6]- ينظر: زقزوق، محمود، الإسلام والاستشراق، ص3.
[7]- تامر، جورج، في مقدِّمته لكتاب تاريخ القرآن، لتيودور نولدكه، صXIII-XIV.
[8]- ينظر: البهنسي، أحمد صلاح، الاستشراق الإسرائيلي: الإشكاليَّة والسِّمات والأهداف، ص457. ينظر أيضًا: أحمدي، فاطمة جان، الاستشراق اليهودي، ينظر أيضًا: محمَّد حسن زماني، الاستشراق.. تاريخه ومراحله، ص176. ينظر أيضًا: بو زيد، لخضر، الدِّراسات الاستشراقيَّة وخطرها على العقيدة والفكر الإسلامي، ص15.
[9]- البهنسي، أحمد صلاح، الاستشراق الإسرائيلي: الإشكاليَّة والسِّمات والأهداف، ص457. ينظر أيضًا: بخوش، عبد القادر، الظَّاهرة الصُّهيونية في الدِّراسات الاستشراقيَّة، ص283.
[10]- للاطِّلاع على التَّعريفات المتعدِّدة لمصطلح الاستشراق، ينظر: الزيادي. محمَّد فتح الله، الاستشراق: أهدافه ووسائله، ص15-20. ينظر أيضًا: عبد الله، حمداد، موقف الحركة الاستشراقيَّة من تاريخ النَّحو العربي ونقدها، ص182.
[11]- سعيد، إدوارد، الاستسراق: المعرفة، السُّلطة، الإنشاء، ص39.
[12]- ينظر: البهنسي، أحمد صلاح، الاستشراق الإسرائيلي: الإشكاليَّة والسِّمات والأهداف، ص459.
[13]- أحمدي، فاطمة جان، الاستشراق اليهودي.
[14]- بخوش، عبد القادر، الظَّاهرة الصُّهيونيَّة في الدِّراسات الاستشراقيَّة، ص283
[15]- سعيد، إدوارد، الاستشراق، ص45-46. سعيد، إدوارد، الاستشراق: المعرفة، السُّلطة، الإنشاء، ص73.
[16]- سعيد، إدوارد، الاستشراق: المعرفة، السُّلطة، الإنشاء، ص214.
[17]- البهي، محمَّد، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، ص523. ينظر أيضًا: بو زيد، لخضر، الدِّراسات الاستشراقيَّة وخطرها على العقيدة والفكر الإسلامي، ص20-24. ينظر أيضًا: احمامو، عبد العالي، الاستشراق.. الأهداف والغايات، ص142. ينظر أيضًا: الزِّيادي، محمَّد فتح الله، الاستشراق: أهدافه ووسائله، ص32-47.
[18]- البهي، محمَّد، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، ص524.
[19]- سعيد، إدوارد، الاستسراق: المعرفة، السُّلطة، الإنشاء، ص39.
[20]- حسن، محمَّد خليفة، المدرسة اليهوديَّة في الاستشراق، ص11.
[21]- ينظر: بوكبل، أمينة، آليات التَّلقِّي للنَّصِّ العربي القديم في ضوء الاستشراق الإسرائيلي المعاصر، ص9.
[22]- النِّقاش، رجاء، أضواء على الحرب الثَّقافيَّة، لماذا يدرسون توفيق الحكيم ونجيب محفوظ في إسرائيل؟ ص39، مجلة «المصور»، 27 ديسمبر 1973، نقلًا عن: سمايلوفيتش، أحمد، فلسفة الاستشراق، ص152.
[23]- حسن، محمَّد خليفة، المدرسة اليهوديَّة في الاستشراق، ص12. ينظر أيضًا: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص53.
[24]- حسن، محمَّد خليفة، المدرسة اليهوديَّة في الاستشراق، ص13.
[25]- حسن، محمَّد خليفة، المدرسة اليهوديَّة في الاستشراق، ص14. ينظر كذلك: الزيادي، محمَّد فتح الله، الاستشراق: أهدافه ووسائله، ص99.
[26]- بني عامر، محمَّد أمين حسن محمَّد، المستشرقون والقرآن الكريم، ص56.
[27]- ينظر: الزيني، محمَّد عبد الرَّحيم، الاستشراق اليهودي، ص282-286. ينظر: زقزوق، محمود حمدي، الاستشراق والخلفيَّة الفكريَّة للصِّراع الحضاري، ص59-67. ينظر أيضًا: السباعي، مصطفى، الاستشراق والمستشرقون، ص20-24. ينظر أيضًا: الصَّغير، محمَّد حسين علي، المستشرقون والدِّراسات القرآنيَّة، ص13-18. ينظر أيضًا: بني عامر، محمَّد أمين حسن محمَّد، المستشرقون والقرآن الكريم، ص31-40.
[28]- أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص97.
[29]- ينظر: إدريس، محمَّد جلاء، الاستشراق الإسرائيلي في المصادر العبريَّة، ص94-109. ينظر أيضًا: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص83-87. (للاستزادة حول مؤسَّسات الأبحاث الإسرائيليَّة، ينظر: عبد الكريم، إبراهيم، الاستشراق وأبحاث الصِّراع لدى إسرائيل، الفصل الثَّالث، ص101-178).
[30]- البهنسي، أحمد، يهود الجزائر في الفكرين الاستشراقي والسياسي الإسرائيلي، ص18.
[31]- سعيد، إدوارد، الاستشراق، ص437.
[32]- سعيد، إدوارد، تعقيبات على الاستشراق، ترجمة وتحرير: صبحي الحديدي، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، 1996، ص: 111.
[33]- الزيني، محمَّد عبد الرحيم، الاستشراق اليهودي، ص286-291. ينظر أيضًا: زقزوق، محمود حمدي، الاستشراق والخلفيَّة الفكريَّة للصِّراع الحضاري، ص59-67. ينظر أيضًا: السباعي، مصطفى، الاستشراق والمستشرقون، ص20-24. ينظر أيضًا: الصَّغير، محمَّد حسين علي، المستشرقون والدِّراسات القرآنيَّة، ص13-18. ينظر أيضًا: بني عامر، محمَّد أمين حسن محمَّد، المستشرقون والقرآن الكريم، ص31-40.
[34]- الزيني، محمَّد عبد الرَّحيم، الاستشراق اليهودي، ص292-296.
[35]- الزيني، محمَّد عبد الرَّحيم، الاستشراق اليهودي، ص302. ينظر: زقزوق، محمود حمدي، الاستشراق والخلفيَّة الفكريَّة للصِّراع الحضاري، ص59-67. ينظر أيضًا: السباعي، مصطفى، الاستشراق والمستشرقون، ص20-24. ينظر أيضًا: بني عامر، محمَّد أمين حسن محمَّد، المستشرقون والقرآن الكريم، ص31-40.
[36]- الزيني، محمَّد عبد الرَّحيم، الاستشراق اليهودي، ص302-304. قارن بين ما جاء هنا، وبين ما ورد على لسان «يهوشع بلاو»؛ إذ يتحدَّث بشكل صريح عن العامل المادِّيِّ الَّذي دفع والده لتوجيهه نحو دراسة اللُّغة العربيَّة لتأمين جانب العيش.
[37]- ينظر: الزَّيني، محمَّد عبد الرَّحيم، الاستشراق اليهودي، ص280-282. ينظر أيضًا: زقزوق، محمود حمدي، الاستشراق والخلفيَّة الفكريَّة للصِّراع الحضاري، ص59-67. ينظر أيضًا: م السباعي، صطفى، الاستشراق والمستشرقون، ص20-24. ينظر أيضًا: الصَّغير، محمَّد حسين علي، المستشرقون والدِّراسات القرآنيَّة، ص13-18. ينظر أيضًا: بني عامر، محمَّد أمين حسن محمَّد، المستشرقون والقرآن الكريم، ص31-40.
[38]- ينظر: البهنسي، أحمد صلاح، الاستشراق الإسرائيلي: الإشكاليَّة والسِّمات والأهداف، ص471-472. وكذلك ينظر: البهنسي، أحمد صلاح، «الجاحظ» في الكتابات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة، ص196-197. ينظر أيضًا: بخوش، عبد القادر، الظَّاهرة الصُّهيونيَّة في الدِّراسات الاستشراقيَّة، ص286. ينظر أيضًا: بو زيد، لخضر، الدِّراسات الاستشراقيَّة وخطرها على العقيدة والفكر الإسلامي، ص31.
[39]- عبد الرَّحمن، عائشة، الإسرائيليَّات في الغزو الفكري، ص153. ينظر أيضًا: بخوش، عبد القادر، الظَّاهرة الصُّهيونيَّة في الدِّراسات الاستشراقيَّة، ص288.
[40]- أحمدي، فاطمة جان، الاستشراق اليهودي.
[41]- ينظر: البهي، محمَّد، الفكر الإسلامي الحديث، ص543. ينظر أيضًا: زقزوق، محمود حمدي، الاستشراق والخلفيَّة الفكريَّة للصِّراع الحضاري، ص61-62. ينظر أيضًا: بني عامر، محمَّد أمين حسن محمَّد، المستشرقون والقرآن الكريم، ص58.
[42]- البهي، محمَّد، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، ص523- 524.
[43]- ينظر: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص96-97.
[44]- ينظر: بوكبل، أمينة، آليات التَّلقِّي للنَّصِّ العربي القديم في ضوء الاستشراق الإسرائيلي المعاصر، ص11.
[45]- ينظر: م.ن، ص12.
[46]- للاستزادة في المعلومات عن هذه المدرسة ينظر في دراسة: عبد العزيز، هشام فوزي، مدرسة الدِّراسات الشَّرقيَّة في الجامعة العبريَّة في القدس، 1926-1948، 251-282.
[47]- ينظر: بوكبل، أمينة، آليَّات التَّلقِّي للنَّصِّ العربي القديم في ضوء الاستشراق الإسرائيلي المعاصر، ص11. ينظر أيضًا: بخوش، عبد القادر، الظَّاهرة الصُّهيونيَّة في الدِّراسات الاستشراقيَّة، ص289-290. ينظر أيضًا: عبد الكريم، إبراهيم، الاستشراق وأبحاث الصِّراع لدى إسرائيل، ص71 وما بعدها.
* للاستزادة في المعلومات عن هذه المدرسة ينظر دراسة: عبد العزيز، هشام فوزي، مدرسة الدِّراسات الشَّرقيَّة في الجامعة العبريَّة في القدس، 1926-1948، 251-282.
[48]- عُرفت ثلاث ترجمات للقرآن إلى العبرية قبل القرن التَّاسع عشر كانت محفوظة في مخطوطة ولم يُطبع أيٌّ منها:
- نسخة محفوظة في مكتبة بودليان في أكسفورد. كتب هذه النَّسخة العالم اليهودي «جاكوب بن إسرائيل هاليفي» الَّذي ترجم القرآن من الإيطاليَّة إلى العبريَّة عام 1636.
- نسخة ثانية محفوظة في المكتبة البريطانية بلندن. تمت كتابة هذه النسخة في القرن الثامن عشر بواسطة مترجم غير معروف.
- نسخة ثالثة محفوظة في مكتبة الكونغرس الأمريكية. ترجمة «إيمانويل جاكوب فان دورت» عام 1757.
أما في العصر الحديث، فهناك عدة ترجمات:
-- ترجمة Zvi Herman Reckendorff تسفي هيرمان ريكيندورف הרמן רקנדורף عام 1857
-- ترجمة Yosef Yoel Rivlin يوسف يوئيل ريفلين יוסף יואל ריבלין عام 1936.
-- ترجمة Aharon Ben-Shemesh أهارون بن شيمش אהרן בן שמש عام 1971.
-- ترجمة Uri Rubin أوري روبين אורי רובין عام 2005.
(ينظر: חוקר מצרי: תרגומי הקוראן לעברית בידי יהודים - מסולפים במכוון ואינם משקפים אותו נכונה) המכון לחקר תקשורת המזרח התיכון. THE MIDDLE EAST MEDIA RESEARCH INSTITUTE- 1/3/2019). ترجمة عنوان المقال: «باحث مصري: ترجمات اليهود للقرآن إلى العبريَّة - يتمُّ تحريفها عمدًا ولا تعكسه بشكل صحيح». والمقصود بالباحث هو أحمد البهنسي).
[49]- ينظر: أحمدي، فاطمة جان، الاستشراق اليهودي، وينظر أيضًا: البهنسي، أحمد، كتاب «مصادر يهوديَّة في القرآن» للمستشرق شالوم زاوي، مجلة القرآن والاستشراق المعاصر، ص14.
[50]- ومن أمثلة ذلك كتاب «מקורות יהודיים בקוראן" (مصادر يهوديَّة في القرآن) لمؤلِّفه الحاخام والمستشرق الإسرائيلي «أندريه شالوم زاوي» א. שלום זאוי الصَّادر عام 1983، والَّذي يُعدُّ من المؤلَّفات النَّادرة الَّتي تركِّز بالتَّحليل والنَّقد على الآيات القرآنيَّة؛ إذ شمل جميع سور القرآن الكريم، وفيه يردُّ عددًا كبيرًا من الآيات القرآنيَّة إلى مصادر دينيَّة يهوديَّة قديمة ومتأخِّرة، وإلى مصادر أخرى غير أصيلة، إضافة إلى اعتبار عدد من ألفاظه ذات أصول «عبريَّة» وأخرى أجنبيَّة .
ويُعد الكتاب من المؤلَّفات الَّتي تعكس مرحلة «الاستشراق الإسرائيليّ»؛ بوصفها واحدة من أهمِّ مراحل المدرسة اليهوديَّة وأخطرها في الاستشراق، كما أنَّه يعكس سمات هذه المرحلة وما يميِّزها عن المراحل الاستشراقيَّة الأخرى، وعن مدارس استشراقيَّة غربيَّة عامَّة؛ وبخاصَّة في ما يتعلَّق بفهم الرُّؤية الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة للقرآن الكريم، وكيفيَّة توظيف هذه الرُّؤية ومحاولة ترويجها في الغرب؛ سواء في المحافل العلميَّة، أو حتَّى الإعلاميَّة، وفي الوقت نفسه كيفيَّة توظيفها في الدَّاخل الإسرائيلي، لتقديم صورة مغلوطة ومشوَّهة عن القرآن؛ باعتباره الكتاب المقدَّس للمسلمين والمصدر الأول لعقيدتهم الدِّينيَّة، وهو ما يمثِّل إضافة معرفيَّة وعلميّة لفهم الاستشراق الإسرائيليِّ ومثاقفته على نحو جيِّد. (ينظر: البهنسي، أحمد، كتاب «مصادر يهوديَّة في القرآن» للمستشرق شالوم زاوي، ص14).
[51]- ينظر: أحمدي، فاطمة جان، الاستشراق اليهودي.
[52]- ينظر على سبيل المثال: أنور الجندي، المخطَّطات التَّلموديَّة الصَّهيونيَّة اليهوديَّة في غزو الفكر الإسلامي، ص196. ينظر أيضًا: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص80. ينظر أيضًا: بني عامر، محمَّد أمين حسن محمَّد، المستشرقون والقرآن الكريم، ص59. ينظر أيضًا: السباعي، مصطفى، الاستشراق والمستشرقون، ما لهم وما عليهم، ص74-75.
[53]- ينظر: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص53.
[54]- ينظر: بخوش، عبد القادر، الظَّاهرة الصُّهيونيَّة في الدِّراسات الاستشراقيَّة، ص286.
[55]- ينظر: م.ن، ص286.
[56]- ينظر: بدر، أشرف، الأيديولوجيا الصُّهيونيَّة والغرب؛ رحلة التَّوظيف من الاستشراق إلى الإسلامو فوبيا، ص111-112.
[57]- ينظر: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص79-80.
[58]- ينظر: زقزوق، محمود حمدي، الاستشراق والخلفيَّة الفكريَّة للصِّراع الحضاري، ص60. ينظر أيضًا: بني عامر، محمَّد أمين حسن محمَّد، المستشرقون والقرآن الكريم، ص57. ينظر أيضًا: إدريس، محمَّد جلاء، الاستشراق الإسرائيلي في المصادر العبريَّة، ص83-84.
[59]- ينظر: إدريس، محمَّد جلاء، الاستشراق الإسرائيلي في المصادر العبريَّة، ص84. ينظر أيضًا: زيدان، عباس سليم، جذور الاستشراق اليهودي، ص2. ينظر أيضًا: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص52، وص58، وص175 كذلك. ينظر أيضًا: بو زيد، لخضر، الدِّراسات الاستشراقيَّة وخطرها على العقيدة والفكر الإسلامي، ص32.
[60]- ينظر: بني عامر، محمَّد أمين حسن محمَّد، المستشرقون والقرآن الكريم، ص59. وكذلك ص58 من نفس الكتاب. ينظر أيضًا: السباعي، مصطفى، الاستشراق والمستشرقون، ما لهم وما عليهم، ص74-75. ينظر أيضًا: الصَّغير، محمَّد حسن علي، المستشرقون والدِّراسات القرآنيَّة، ص14.
[61]- ينظر: زقزوق، محمود حمدي، الاستشراق والخلفيَّة الفكريَّة للصِّراع الحضاري، ص60. ينظر أيضًا: بني عامر، محمَّد أمين حسن محمَّد، المستشرقون والقرآن الكريم، ص57. ينظر أيضًا: زيدان، عباس سليم، جذور الاستشراق اليهودي، ص3. ينظر أيضًا: بخوش، عبد القادر، الظَّاهرة الصُّهيونيَّة في الدِّراسات الاستشراقيَّة، ص283. ينظر أيضًا: بو زيد، لخضر، الدِّراسات الاستشراقيَّة وخطرها على العقيدة والفكر الإسلامي، ص31.
[62]- ينظر: الزيادي، محمَّد فتح الله، الاستشراق: أهدافه ووسائله، ص96.
[63]- ينظر: الزيادي، محمَّد فتح الله، الاستشراق: أهدافه ووسائله، ص95. ينظر أيضًا: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص99-101.
[64]- ينظر: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص99-101. ينظر كذلك: الزيادي، محمَّد فتح الله، الاستشراق: أهدافه ووسائله، ص96.
[65]- ينظر: إدريس، محمَّد جلاء، الاستشراق الإسرائيلي في المصادر العبريَّة، ص86. ينظر أيضًا: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص53. ينظر أيضًا: أحمدي، فاطمة جان، الاستشراق اليهودي. ينظر أيضًا: زيدان، عباس سليم، جذور الاستشراق اليهودي، لارك للفلسفة واللِّسانيَّات والعلوم الاجتماعيَّة، ص3-4.
[66]- ينظر: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص77.
[67]- أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص77.
[68]- ينظر: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص78. ينظر أيضًا: أحمد، محمَّد خليفة حسن، المجتمع اليهودي بين الاستشراق والاستغراب، ص112-113.
[69]- عبد الرحمن، عائشة، الإسرائيليَّات في الغزو الفكري، ص153.
[70]- ينظر: عبد الرحمن، عائشة، الإسرائيليَّات في الغزو الفكري، ص154. ينظر أيضًا: بو زيد، لخضر، الدِّراسات الاستشراقيَّة وخطرها على العقيدة والفكر الإسلامي، ص33.
[71]- ينظر: عبد الرحمن، عائشة، الإسرائيليَّات في الغزو الفكري، ص154. ينظر أيضًا: بخوش، عبد القادر، الظَّاهرة الصُّهيونيَّة في الدِّراسات الاستشراقيَّة، ص289.
[72]- ينظر: حمدان، نذير، مستشرقون (سياسيُّون، جامعيُّون، مجمعيُّون)، ص137-231. حيث يعرض في هذه الصَّفحات أسماء لعشرات المستشرقين الَّذين عملوا في المجمَّعات اللُّغويَّة في الأقطار العربيَّة المختلفة.
[73]- ينظر: عيساوي، محمَّد، التَّأثيرات الاستشراقيَّة في مسيرة اللُّغة العربيَّة الفصحى- بين الإنصاف والإجحاف، ص304.
[74]- عبد الرَّحمن، عائشة، الإسرائيليَّات في الغزو الفكري، ص155.
[75]- سمايلوفيتش، أحمد، فلسفة الاستشراق، ص151.
[76]- عبد الرَّحمن، عائشة، الإسرائيليَّات في الغزو الفكري، ص153-156.
[77]- ينظر: أحمد، محمَّد خليفة حسن، المجتمع اليهودي بين الاستشراق والاستغراب، ص112-113. ينظر أيضًا: إدريس، محمَّد جلاء، الاستشراق الإسرائيلي في المصادر العبريَّة، ص95. ينظر أيضًا: السباعي، مصطفى، الاستشراق والمستشرقون، ص20-24. ينظر كذلك: الزيادي، محمَّد فتح الله، الاستشراق: أهدافه ووسائله، ص97-98.
[78]- ينظر: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص77. لويس، برنارد، العرب والشرق الأوسط، تعريب نبيل صبحي، ص14.
[79]- ينظر: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص77. ينظر كذلك في: الزيادي، محمَّد فتح الله، الاستشراق: أهدافه ووسائله، ص100.
[80]- ينظر: أبو هاشم، أميرة قاسم، المستشرقون اليهود وموقفهم من التَّاريخ الإسلامي، ص78. ينظر أيضًا في: عبد الرحمن، عائشة، الإسرائيليَّات في الغزو الفكري، ص154.
[81]- ينظر: إدريس، محمَّد جلاء، الاستشراق الإسرائيلي في المصادر العبريَّة، ص85.
[82]- ينظر: أحمد البهنسي في حوار خاص بعنوان «الاستشراق والاستشراق الإسرائيلي».
https://tafsir.net/interview/18/al-astshraq-walastshraq-al-isra-iyly-1- 2