البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

تمثّلات مغرب نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 بعيون رحّالة إيطاليّة

الباحث :  جلال زين العابدين
اسم المجلة :  دراسات اسشتراقية
العدد :  30
السنة :  ربيع 2022م / 1443هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 25 / 2022
عدد زيارات البحث :  4028
تحميل  ( 458.583 KB )
الملخّص[1]
يكتسي كتاب «ذكريات شخصيّة لحياة حميميّة بالمغرب» للمؤلّفة الإيطاليّة «مدالينا شيزوتي فرارا» أهمّيّة بالغة ضمن كتب الرحلات التي تناولت الفترة ما قبل الاستعماريّة من تاريخ المغرب، وتكمن أهمّيّته في تمثّل أدب الرحلة النسويّ للمجال والنّاس خلال مرحلة مهمّة من تاريخ مغرب نهاية القرن 19 وبداية القرن 20؛ مرحلة تميّزت باشتداد الضغوط الأجنبيّة على المغرب، وبتأزّم أوضاعه الداخليّة، نتيجة الفراغ السياسيّ الذي خلّفته وفاة السلطان المولى الحسن، وتعيين سلطان يفتقر التجربة والحنكة الكافيين لتسيير مرحلة مفصليّة في مسار المغرب المستقلّ.

وبما أنّ الاهتمام بالرحلات انصبّ أساسًا على ما دوّنه الرحّالة والمستشرقون الفرنسيّون والإنجليز وبدرجة أقلّ الإسبان، مقابل إغفال ما ألّفه المستشرقون والرحّالة من جنسيّات أخرى. فإنّنا نروم تسليط الضوء على تمثّلات أدب الرحلة النسويّ (الإيطاليّ) للمغرب والمغاربة، عبر قراءة نقديّة لرحلة مدالينا شيزوتي فرارا التي زارت المغرب سنة 1897م وغادرته سنة 1900م، ومحاولة تفكيك خطابها، الذي في نظرنا لم يختلف عن خطاب أغلب الرحّالة الأوروبيّين الممجّد للمركزيّة الأوروبيّة والمُبَخِّس للهويّات الثقافيّة للشعوب غير الأوروبيّة.

الكلمات المفتاحيّة: الرحلة النسائيّة - المغرب - الذات، الآخر، التمثّل، الاستشراق، ذكريات.

المقدّمة
تردّد على المغرب خلال النصف الثاني من القرن 19 العديد من الرحّالة من مختلف المشارب والأصول، ومن شتّى الخلفيّات الإيديولوجيّة والمرجعيّات الفكريّة، والذين لم يألوا جهدًا في جمع ما تيسّر لهم من معلومات ومشاهدات وانطباعات، وتدوينها في نصوص رحليّة اختلط فيها الذاتيّ بالموضوعيّ، والحقيقيّ بالخياليّ، والمألوف بالعحائبيّ.

وقد شكّلت النصوص الرحليّة -رغم الطابع الإيديولوجيّ والخلفيّة الاستعماريّة لأغلبها- أرضيّة غنيّة للباحثين من مختلف التخصّصات؛ نظرًا لما تزخّر به من معلومات جغرافيّة واقتصاديّة واجتماعيّة، ناهيك عن ما توفّره من معرفة أنتربولوجيّة وإثنولوجيّة ودينيّة حول كلّ ما يتعلّق بالعقليّة المغربيّة، حيث تحوي إضافة إلى تجارب مؤلّفيها الشخصيّة في المغرب، معطيات ومعلومات عن علاقتهم بالمغاربة، ووصفًا لعوائدهم وتقاليدهم، وأنماط تفكيرهم وعيشهم وأنشطتهم، وعلاقتهم بالمخزن.

وبما أنّ الاهتمام بالرحلات انصبّ أساسًا على ما دوّنه الرحّالة والمستشرقون الفرنسيّون والإنجليز، وبدرجة أقلّ الإسبان، مقابل إغفال ما ألّفه المستشرقون والرحّالة من جنسيّات أخرى، فإنّنا نروم من خلال هاته المساهمة استجلاء الصورة التي نسجت عن المغرب من طرف كتاب الرحلة الإيطاليّين، عبر قراءة نقديّة لرحلة «مدالينا شيزوتي فرارا»[2] التي زارت المغرب سنة 1897م وغادرته سنة 1900م، ومحاولة تفكيك خطابها، الذي في نظرنا لا يختلف عن خطاب أغلب الرحّالة الأوروبيّين الممجِّد للمركزيّة الأوروبيّة والمُبَخِّس للهويّات الثقافيّة للشعوب غير الأوروبيّة.

السياق التاريخيّ لرحلة مدالينا شيزوتي
تعود وقائع هذه الرحلة إلى نهاية القرن 19 وبداية القرن 20، وهي الفترة التي عرف فيها المغرب تحوّلات مهمّة وحاسمة ناتجة أساسًا عن اشتداد الضغوط الاستعماريّة والاحتكاك بالأوروبيّين، كما اتّسمت هذه المرحلة كذلك بتأزّم أوضاعه الداخليّة، نتيجة الفراغ السياسيّ الذي خلّفته وفاة السلطان المولى الحسن سنة 1894م، وتعيين سلطان يفتقر إلى التجربة والحنكة الكافيتين لتسيير مرحلة مفصليّة في مسار المغرب المستقلّ.

 حلّت «شيزوتي» بالمغرب رفقة زوجها سنة 1897م؛ أي بعد ثلاث سنوات من وفاة المولى الحسن؛ السلطان الذي حرص على مستوى تدابيره الخارجيّة سنّ سياسة مرتكزة على تنويع العلاقات مع الدول الأوروبيّة، وعدم الاقتصار على دولة واحدة سواء من الناحية السياسيّة، أو الدبلوماسيّة، أو العسكريّة أو الاقتصاديّة؛ وذلك للّعب على تناقضات هذه القوى وتضارب مصالحها[3]، ومن هنا جاء انفتاحه على إيطاليا[4] وقيامه بنسج علاقات دبلوماسيّة وعسكريّة معها، حيث كان ينظر إليها كونها أقلّ شراسة من القوى الاستعماريّة الأخرى، وليست لها أطماع مباشرة في المغرب، ويمكن تسخيرها لضمان توازن القوى[5]. وفي هذا السياق، وصلت سفارة ستيفانو سكوفاصو(Stefano Scovasso) إلى المغرب عام 1876م؛ وهي أوّل سفارة إيطاليّة إلى المغرب بعد انتهاء إيطاليا من تحقيق وحدتها سنة 1861م. وقد أسفرت المباحثات بين السلطان المولى الحسن وسكوفاصو عن الاتّفاق على إرسال طلبة مغاربة إلى إيطاليا، وإقامة مصنع للسلاح في فاس بخبرات إيطاليّة، أطلق عليه فيما بعد «الماكينة». وقد وضع المشروع تحت إشراف بعثة عسكريّة إيطاليّة وصلت إلى المغرب سنة 1888م تحت قيادة الكولونيل جيورجيو بريكولي (Georgio Brigoli)[6]، لكن تعرّض هذا المشروع لعدّة تعثّرات وعراقيل فرض تغيير أفراد البعثة، وانتقال المسؤوليّة من بريكولي إلى الكولونيل فرارا (Ferrara) زوج مؤلّفة الرحلة، التي رافقته خلال قدومه وإقامته بالمغرب، وقضت معه مدّة طويلة بفاس ناهزت العشر سنوات.

من هي «مدالينا شيزوتي فرارا»؟
مدالينا شيزوتي فرارا، شابّة إيطاليّة قدّمت صحبة زوجها «فرارا» إلى المغرب بعد ثلاثة أيام فقط من  زواجها، وأقامت في فاس لمدّة سنتين ونصف، حيث وصلت إليها خلال شهر دجنبر سنة 1897م، وغادرتها في شهر ماي سنة 1900م، ويرجع سبب قدومها إلى المغرب واستقرارها به، إلى ضرورة مرافقة زوجها «فرارا» بصفته رئيسًا للبعثة الإيطاليّة المكلّفة بمصنع الأسلحة المعروف بالماكينة. وقد عاودت زيارتها إلى المغرب بعد ذلك رفقة زوجها. وفي عام 1912م ألّفت كتابها الذي صدر تحت عنوان: «ذكرياتي الشخصيّة عن حياة حميميّة بالمغرب» مستعينة بذاكرتها وبالرسائل التي كانت تبعث بها لأهلها[7].

وفضلًا عن كونها زوج القائم على مصنع الأسلحة الإيطاليّ في فاس، فهي سليلة أسرة برجوازيّة مفعمة بالأفكار الوطنيّة التي سادت إيطاليا خلال هاته الفترة[8]،  فأبوها هو «لودوفيكو شيزوتي» أحد أبرز  المنظّرين العسكريّين في إيطاليا، وأحد المشاركين في قيادة بعض حروب الوحدة الإيطاليّة، ناهيك عن تأسيسه ومساهمته في إصدار مجلّات تختصّ بالشأن العسكريّ؛ حيث كان من بين المؤسّسين الفعليّين إلى جانب «دي اميشيش» للمجلّة العسكريّة الإيطاليّة، كما كان من دعاة تعزيز الدور الرياديّ لإيطاليا بين الدول الأوروبيّة الإمبرياليّة[9].

قدّمت «شيوزتي» إلى المغرب وهي متشبّعة برواسب أفكار وصور نمطيّة مسبقة عن هذا البلد وأهله، واستغلّت استقرارها في فاس لتحكي معاناتها وذكرياتها، مؤكّدة على أنّ ما يشفع لها في ذلك، أنّ من كتبوا قبلها عن المغرب كانوا كلّهم رجالًا، وليس ثمّة امرأة قبلها تمكّنت من النفاد إلى عالم الحريم المغربيّ، علاوة على أنّ من سبقوها ممّن ألّفوا عن المنطقة، كانوا مجرّد عابري سبيل، ولم يقيموا طويلًا بالبلد[10].

اعتبارات منهجيّة
يقول عبد الله العروي: «من سوء حظّ المغرب أنّ تاريخه كتبه لمدّة طويلة هواة بلا تأهيل: جغرافيّون أصحاب أفكار برّاقة، موظّفون يدّعون العلم، وعسكريّون يتظاهرون بالثقافة، ومؤرّخو الفنّ، يتجاوزون اختصاصاتهم، وبكيفيّة أعمّ، مؤرّخون بلا تكوين لغويّ يحيل بعضهم على الآخر، يعتمد هؤلاء على أولئك، وتحبك خيوط مؤامرة لتفرض الافتراضات البعيدة كحقائق مقرّرة»[11].

تحيلنا هذه الشهادة إلى مسألة أساسيّة في تاريخ المغرب، وهي كثرة تأليفات غير متخصّصين اهتمّوا بالمغرب، بشكل أو بآخر، حيث شكّل هذا الأخير موضوعًا للكتابات الاستشراقيّة والغزو الممنهج بجميع تجلّياته الفكريّة والسياسيّة، تكريسًا لعلاقة نفعيّة استعماريّة. لهذا نجد أنّ أغلب الكتابات الأجنبيّة التي اهتمّت بالمغرب أسّست لنظرة عميقة إلى البنى المكوّنة للمجتمع المغربيّ، وأنتجت صورة مشوّهة وأحاديّة الجانب حول المغرب الغريب/ البدائيّ/ المتوحّش، الشيء الذي وضعنا أمام خطاب استعماريّ واضح المعالم[12].
وقد شكّلت الرحلة إلى المغرب آليّة ووسيلة للكتابة عن هذا الفضاء، والتعرّف إلى خباياه وميكانيزماته وبناه العتيقة. ولأنّ الرحلة هي اجتياز للحدود الجغرافيّة والثقافيّة، بل وربّما النفسيّة للرحالة، فإنّه غالبًا ما يتمّ اللقاء بالآخر، وتنشأ الرغبة في الحديث عنه وتصويره[13]. والمقصود هنا بالآخر» كلّ ما ترى الذات أنّه مخالف لها أو مختلف عنها... هو ذاك الذي تقضي الذات بمخالفته لها وتحكم باختلافه عنها في نظم الحياة كلّها: في العادات والتقاليد، والأذواق، واللسان، والدين...»[14].

انتهى محمّد الكوش وهو يتحدّث عن الصورة التي ترسمها الأنا للآخر إلى أنّه «غالبًا ما يصوّر الآخر في العديد من نصوص الرحلات الغربيّة كمخلوق مختلف ولا عقلانيّ وهمجيّ أو متوحّش، بينما يتمّ تصوير نظيره الغربيّ على النقيض من ذلك كإنسان سويّ وعقلانيّ ومتحضّر ومتنوّر. وخلف هذه الثنائيّة المغرضة تكمن فكرة إيديولوجيّة خطيرة تتمثّل في الزعم بأنّ ذلك الآخر في حاجة ماسّة إلى تربية وتأديب وتنوير من طرف الإنسان الغربيّ ليصير عقلانيًّا ومتحضّرًا مثله»[15].

ولأنّ الرحلة ذهاب وإياب وعودة بالجسد والخيال، فإنّها تحمل طابعًا مركّبًا جدليًّا؛ فالرحّالة ينتقل من مكان إلى آخر بمكانه وزمانه هو، على أساس أنّ الرحلة ليست تصوّرًا أو تصويرًا للمكان المقصود فقط، وإنّما هي أيضًا في الأساس إعادة إنتاج واستكشاف وتصوير للمكان المنطلق إليه، والتعرّف عليه[16]. فكتابات الرحلة كما يرى حسين محمّد فهيم اضطلعت بدور مهمّ  في تقديم صورة «الغير» لقرّائها، وترسيخ مجموعة من الانطباعات العامّة والتصوّرات عن الشعوب الأخرى، صادقة كانت أم خاطئة[17].

وفي معرض حديثه عن أدب الرحلة، يرى كريم بيجيت أنّ الرحلة «قبل أن تكون سلسة من المعلومات المنظّمة أو جملة من الانطباعات الشخصيّة، هي نصّ جماليّ مستقلّ في تراكيبه اللغويّة وفريد في بنائه السرديّ»[18]. وينطبق هذا الوصف تمام الانطباق على رحلة «مدالينا شيزوتي فرارا»، فقد جاء نصّها مزيجًا من السيرة الذاتيّة، والحبكة الروائيّة والنبذة التاريخيّة، والتقرير الصحافيّ، والوصف الجغرافيّ. والظاهر أنّ ترجمة هذا النوع من النصوص ليس بالأمر السهل؛ بحكم أنّ الكاتبة ليست بالمتخصّصة أو بصاحبة الثقافة الواسعة، لذا قام مترجمًا هذا العمل من حين لآخر بإِرْدَاف متن الرحلة بإحالات تصحّح بعض الأخطاء التاريخيّة، وتشرح بعض الأفكار الملتبسة.

يكتسي إذن هذا الكتاب أهمّيّة بالغة ضمن الكتابات التي تناولت الفترة ما قبل الاستعماريّة من تاريخ المغرب، وتتجلّى أهمّيّته أوّلًا في كونه نصًّا رحليًّا بصياغة المؤنّث، وهو ما يشكّل استثناء في مجال أدب الرحلة الذي جعل من المغرب خلال نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 موضوعًا له؛ إذ إنّ جلّ الرحلات التي كتبت حول المغرب خلال هذه الفترة دوّنها رحّالة رجال. فأنوثة «مدالينا» فتحت أمامها آفاق رحبة في النفاذ إلى عمق المجتمع المغربيّ خصوصًا في ما يتعلّق بعالم المرأة المقفل (الحريم)، حيث تمكّنت من ولوج الحياة الحميميّة للأسر المغربيّة، وأسهبت في وصفها بدقّة معتبرة، وهو الأمر الذي لم يُتَحْ لغيرها من الرحّالة الذين اقتصروا على الرصد والمعالجة من الخارج. لقد كانت «مدالينا شيزوتي» مدركة تمام الإدراك بأنّ كتابتها عن المغرب وخصوصًا عن نسائه تعتبر فريدة جدًّا، إذا ما قورنت بباقي المؤلّفات الأخرى التي ألّفت عنه، والتي دوّنها في أغلب الأحيان رحّالة ذكور، وفي هذا السياق، تقول: كتب الكثير عن المغرب، لكنّ الكتابات توقّفت عند عتبة الحريم المحروس بشدّة، والتي لم يكن بالإمكان تجاوزها، وما كتب عن عالم الحريم من أقلام بارعة، هو مجرّد تخمينات أو محادثات تكوّنت من خلال رؤية نساء قليلات ملتحفات بشكل نادر على الطريق، أو من خلال الأصداء التي تصل عنهنّ إلى آذان الأوروبيّين، دون التمكّن من النفاذ إلى الحياة الحميميّة السرّيّة للحريم»[19].

ثانيًا: في كونه صادرًا عن كاتبة إيطاليّة لم تُسَلَّطْ الأضواء الكافية على علاقة بلدها بالمغرب، سواء من الناحية التاريخيّة أو الأدبيّة أو الثقافيّة. فقد انصبّ الاهتمام على ما كتبه الرحّالة والمستشرقون، والمغامرون، والدبلوماسيّون، والعسكريّون الفرنسيّون، والإنجليز، وبدرجة أقلّ الإسبان والألمان، في حين ظلّت صورة المغرب في الأدبيّات الإيطاليّة غامضة إلى حدود نهاية القرن 19، ولم تحض إلا بالنزر اليسير من الدراسة.

ويعدّ كتاب شيزوتي فرارا موضوع الدراسة، ثاني مؤلّف إيطاليّ خُصِّصَ للكتابة عن المغرب، وعادات سكّانه بعد كتاب «المغرب» لـ إدموندو دي اميتشيش[20] (Edmondo De Amicis)، والذي نشر سنة 1876م. صدر هذا المؤلّف سنة 1912م، وجاءت ترجمته إلى العربيّة في حوالي 224 صفحة موزّعة، على 18 فصلًا، خصّصتها المؤلّفة لتدوين تفاصيل حياتها في المغرب خلال المدّة التي قضتها به (من دجنبر 1897 إلى ماي 1900م)، ناهيك عن مدخل خصّصه المترجمان[21] للتعريف بصاحبة العمل، ثمّ حيثيّات وسياق قدومها إلى المغرب والإقامة به، عدا محور يتضمّن عصارة الكتاب، وهو ملخّص فكّكا فيه المترجمان شفرات خطاب المؤلّفة، وكشفا عن النوايا والرواسب المؤطّرة لفكرها الذي لم يستطع التخلّص من الكليشيهات والصور النمطيّة المسبقة والنظرة الشرقيّة.

تمثّلات مغرب نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 بعيون «مدالينا شيزوتي فرارا»
حاولت الكاتبة من خلال هذه الرحلة التي ابتدأتها من طنجة وأنهتها في فاس مرورا بالعرائش إِبَانَةَ المغرب في صورة الفضاء البدائيّ الجامد والغارق في التقليدانيّة، حيث اجتهدت في رسم لوحة قاتمة لمغرب مُدْرج بكلّ أشكال العتاقة والدونيّة والانحطاط، ورسم التفاوتات القائمة بينه وبين واقع الذات (إيطاليا).

وقد تعمّدت في معرض وصفها لأحوال المغاربة وعوائداهم وطرق تفكيرهم، وأنماط سلوكهم توظيف أسلوب ينطوي على رؤى تبخيسيّة واحتقاريّة في حقّ المغاربة، ويحطّ من شأنهم ومن تصرّفاتهم، ومن أسلوب ذلك وصفهم بالبدائيّين والمتوحّشين والمتعصّبين والمؤمنين بالخرافة، بل ومفاضلتها بينهم وبين الكلاب، فتكتب: «قد يكون من الخطأ اعتبار الكلاب متوحّشة في بلد ناسه ليسوا في العمق أكثر اعتدالًا وتحضّرًا»[22]. فعجرفتها ونظرتها المتعالية ونزعة تفوّقها الغربيّ هذه، جعلتها تمثّل المغاربة بمجموعة من الصور التنقيصيّة، وتختزلهم في مشاهد مختلفة في ظاهرها لكنّها متشابهة في عمقها:

صورة المغاربة الحثالة والمتوحّشين: قدّمت الكاتبة المغاربة على هيأة مخلوق عجائبيّ للقارئين الإيطاليّ والأووربيّ؛ فهؤلاء غريبو السلوكات، ومثيرون للاشمئزاز يعيشون خارج التاريخ ويظهرون رفضًا للحضارة، ولا يعرفون القيام بشيء دون صياح. فما أن رست سفينتها بطنجة حتّى سجّلت على المغاربة صياحهم وشغبهم[23]، وأثناء رحلتها إلى فاس، آخذت عليهم إكثارهم من الصياح[24]. وفي خضمّ وصف فاس، كتبت: «يصيح المغاربة كثير، لكنّهم يتحرّكون قليلًا، وإذا اشتغلوا لبضع ساعات، فإنّهم يستريحون لساعات أطول». وأضافت قائلة: «الكلّ يصيح، والبائعون يصرخون، والناس يصيحون عند تبادل التحيّة وعند التواصل، والمتسوّلون يصيحون عند طلب الإعانة باسم محمّد، وكلّ الأصوات ترتفع في آن واحد، محدثة ضجيجًا خاصًّا، لا علاقة له بالضجيج الموجود بالمدينة الأوروبيّة، حيث تنبعث أصوات العمل والحضارة، ولكن حيث الإنسان يعمل في صمت»[25].

ومن أهمّ الصفات السلوكيّة التي ألصقتها «مدالينا» بالمغاربة: البلادة والكسل، فتقول مثلًا عن أحد خدمها: «كان أحمد دائمًا بصحبة جحش يحب أن يمتطيه، والذي لربّما كان أذكى منه، وكان كلّما توفّر لديه وقت فارغ استلقى بهدوء تحت شجرة ليمون بوجه لا يعبّر عن أيّ شيء، في حالة من الذهول والنعاس، بنظرة تائهة، وهو يحمل بين شفتيه غليونًا صغيرًا مملوءًا بالكيف، ويستمتع بالجوّ المعتدل وبالكسل، بمتعة شبه حيوانيّة وبالراحة والرفاه المادّيّ. هو أنموذج حقيقيّ للانحطاط المغربيّ الذي يسود كثيرًا بالمدن»[26].
ومن بؤرة التعالي والسخرية من ثقافة الآخرين يصبح كلّ ما هو مخالف لثقافة النحن عرضة للازدراء والتحقير، فطعام المغاربة ونظامهم الغذائيّ وموسيقاهم تثير الدهشة والاشمئزاز في الآن نفسه، فالمغاربة لا يميلون كثيرًا إلى تناول السمك ولا الخضر ويعتبرونها سببًا للضعف، بينما يقبلون أكثر خاصّة على اللحوم ويعتبرونها مصدرًا للقوّة وتزيد من الاستمتاع الطويل بمتع الحياة، كما أن ليست لهم دراية بالنكهات الرفيعة، ويهتمّون فقط بالمنتوجات التي تقدّم لهم كمّيّات كبيرة من الطعام، مثل اللفت والقرع الضخمة والباذنجان والفول الكبير جدًّا والفجل والجزر الهائل، بالرغم من أن لا طعم لها، فهي كفيلة بإشباع غرائزهم الحيوانيّة[27]. وتضيف تأكيدًا على قولها: «تتوافر الزبدة بكثرة، لكنّها كانت من احتكار المخزن الذي لا يسمح بتداولها إلا بعد مرور وقت طويل، أي بعد أن تتحوّل إلى سمن بلديّ. هؤلاء المتوحّشون لا يعرفون كيف يتذوّقون المذاق اللذيذ للزبدة الطريّة، وهم في حاجة إلى مذاق قويّ يثير دوقهم الخشن»[28].

أطرت الخلفيّة الثقافيّة إذن فهم المؤلّفة وتمثّلها للآخر، ولم تتردّد من منطلق الأحكام المسبقة في اللجوء إلى الاستخفاف والتحقير، وفي عقد مفاضلات ومقارنات غير موفّقة، مثل أَنْسَنَتِهَا للحيوان وتمسيخها للإنسان حيوانًا، وبهذا المعنى تصف أحد خدمها، قائلة: « كان سريعًا مثل القرد الذي يشبهه في بعض قسمات الوجه»[29]، أو مقارنتها بين أطفال المغاربة ونظرائهم الأوروبيّين: «للأطفال المغاربة القليل من الحيويّة، مقارنة مع أطفالنا الأوروبيّين، فطبيعتهم المتكاسلة تجعلهم يلعبون في هدوء أكبر وبجهد أقلّ. وهذه الحيويّة الضعيفة في الطفولة، تقابلها حركة أقلّ في مرحلة الرجولة»[30].

لقد ظلّت المُؤَلِّفَة على طول المُؤَلَّف معتزّة بذاتها الغربيّة، واثقة من أناها ومستصغرة للآخر حتّى في بعض الأشياء التافهة. ومن أمثلة ذلك، قولها: «أضحكني كثيرًا ذات يوم السيّد الديوري مالك منزلنا... زارنا وأعجب جدًّا بحديقتنا ذات الأزهار اليانعة والمتنوّعة، وتوقّف متسمّرًا أمام قَرْعٍ كبير أصفر برتقاليّ، وطلب بخجل منّي أن أهديه إيّاه ليضعه قطعًا بالكسكس، فقدّمته له عن طيب خاطر. كنت على يقين بأنّ ذلك القرع جعله يقدر حكمة المسيحيّين ويشعر بتفوّق الثقافة الأوروبيّة على ثقافة بلده»[31].

صورة المتشدّدين: برز المغاربة في متن الكاتبة في أوصاف الذين يرفضون الآخر بحقد وصفاقة، ويحملون له كلّ مشاعر الكراهية والعنصريّة والبغضاء، ومن الأمثلة التي بسطتها في ذلك، وصفها لموكب عيساوة، حيث قالت: «لست في حاجة إلى الإطالة في وصف موكب عيساوة المرعب والوحشيّ حقيقة، والذي يحتفل به في عيد المولد النبويّ، حيث ينتفي به الفنّ والشاعريّة، ولكنّه يعبّر عن وحشيّة تعصّب الإسلام. لم تتح لي الفرصة قطّ لأن أحضر هذا الحفل بفاس؛ وذلك لأنّ تعصّب السكّان في هيجان غير عاديّ خلال تلك الأيّام»[32]. وهذا ما جعلها تصبّ جامّ حقدها على الدين الإسلاميّ الذي اعتبرته سببًا في إنتاج هذا الفعل الاجتنابيّ والكره العميق للمسيحيّ، ناهيك عن الكثير من أحكام القيمة التي جعلتها تربط تخلّف المغرب والمغاربة بالقرآن والإسلام، هذا المغرب الذي يمثّل في نظرها كلّ صفات الدُّجْنَة والتوحّش والتشدّد والتقليدانيّة، مقابل خاصّيّات النور والتفتّح والحداثة التي تمثّلها إيطاليا، حيث تقول: «ولا توجد بأرض الشرفاء موسيقى على الأزقّة، ولا سهرات ليليّة، ولا حفلات ولا رقص، ولا مسارح. لكنّ الغروب الملتهب للشمس، ومشهد مائة مسجد رائع جميعها تشعّ بالأصداف والصلوات المثيرة للشفقة في الإسلام، والحريم الغريب والجذّاب، وألعاب البارود الخياليّة، تستحقّ فعلًا أن تسلّينا كأناس متحضّرين، وتغني روح الشاعريّة كلّها بملحمة انتهى زمانها»[33].

إنّ تحامل مدالينا المبالغ فيه على الإسلام والمسلمين يعكس حجم الصور النمطيّة والمسبقات الثقافيّة التي أطرت فهم المؤلّفة لـ «المغرب المشرقن»، والتي لم تتعرّض لأدنى تعديل أو تغيير. فالمغرب الذي حملته معها من نابولي، كما يقول محمّد مخطاري: «هو نفسه الذي وجدته بالمغرب، مغرب التصعّب والتخلّف. الإحساس بالتعالي والتفوّق وعدم مساءلة الذات والاكتفاء والانزواء للأحكام المسبقة طغى إذن على نظرتها للعالم الجديد»[34].

وتجدر الإشارة هنا، إلى أنّ مؤلّف مدالينا شيزوتي قد لا يصل إلى مستوى المؤلّفات التي تصنّف ضمن خانة الأدب الكولونياليّ ككتب دي أمشيش (De Amicis) أو بيير لوتي (Pierre Lotti) أو أندري شوفريون(André Chevrillon) ، لكنّه زخر بالأحكام المسبقة نفسها التي تطبع ذلك الأدب عن الآخر. ويتجلّى ذلك في مجموعة من أحكام القيمة التي تقرن تخلّف المغرب والمغاربة بالإسلام[35]، ففي وصفها لفاس خلال الليل كتبت: «البنايات هادئة ومظلمة، وتخفي وراء أسوارها غير النافذة كلّ أثر للوجود الإنسانيّ، ويبدو أنّنا عدنا إلى الوراء بعدّة قرون. ويمكن القول: بأنّ فاس دخلت في سبات منذ الملحمة المجيدة للقرآن، وظلّت كذلك إلى اليوم»[36]. بينما لم يجد لوتي، وهو الذي قادته رحلته إلى المغرب سنة 1889م، مناصًا من الاعتراف بأنّه «في المغرب تعلّمنا أنّه لا ينبغي الانخداع بالمظهر الخارجيّ للمساكن، فأكثر مداخل البيوت بؤسًا، يمكنها أن تقودك أحيانًا إلى قصور ساحرة»[37].

إنّ هيمنة أحكام القيمة والأحكام المسبقة على الإطار المهيكل لرحلة مدالينا تدخل في إطار ما يسمّى بـ «الاستغراب الرومانسيّ»، وميّزته كما هو معلوم السخرية من ممارسات الآخر، والمغالاة في وصفه بكلّ مظاهر البداوة والتخلّف، والتعجّب من معظم طباعه وتقاليده وعوائده، والانبهار بغرائبيّة المكان، وبصعوبة المغامرة في ربوعه[38].

صورة المرأة المغربيّة: أفردت لها شيزوتي فصلًا كاملًا، ولم تَسْلَمْ هي الأخرى من سهامها، فهي في نظرها مخلوق جميل، غير أنّها مسلوبة الإرادة، كما أنّها «أداة طيّعة بيد الرجل، والذي حسب الطبقة الاجتماعيّة التي ينتمي إليها، يجعل منها بهيمة لتحمّل الأعباء، أو لتزيين حريمه»[39]. وقد تمادت في وصفها التحقيريّ للمرأة المغربيّة بتضمينها لإشارات سلبيّة تحطّ من مكانتها، حيث قالت: «حُكِيَ لي عنها لدى بعض القبائل البربريّة، إذا لم يكن البدويّ متوافرًا على وسائل أخرى لاستعمال المحراث الخشبيّ، فإنّه من أجل ذلك، يضع زوجته إلى جانب حماره أو بغله»[40].

ويتّضح أنّ مسألة إساءة الإسلام للمرأة في إطار تصوّرات نمطيّة وأحكام مسبقة، والمتجذّرة في نفوس الرحّالة الغربيّين، لم تفارق «مدالينا شيزوتي»، خلال تطرّقها لواقع وخصوصيّات المرأة المغربيّة في بداية القرن 20. فمن خلال هذا الفصل المعنون بالنساء في الإسلام، لم تُخْفِ مؤلّفتنا حقدها الكبير على الدين الإسلاميّ الذي اعتبرته العامل الرئيس في وضعيّة الانحطاط التي تعيشها المرأة بالمغرب[41]، فقد أشارت إلى أنّ المرأة المغربيّة ما زالت على الوضعيّة نفسها منذ بداية الإسلام؛ والسبب في ذلك، هو: الإسلام نفسه. ففي نظرها، ضرب هذا الدين جدارًا منيعًا حول المرأة، «ومنع أيّ صدى لعالم آخر غيره، يمكن أن تسمعه»[42]، وتضيف تأكيدًا على قولها: «والمرأة في الإسلام، ولدت حقًّا لخدمة الرجل الذي يضطهدها باستبداده المطلق، وبذكوريّته الوحشيّة»[43]، كما زعمت بوجود نصّ قرآنيّ من دون أن تشير إليه أو تحدّده يلعن المرأة العقيم ويزدريها[44]. بل حتّى حينما تطرّقت للعلاقات الحميميّة التي تربط الرجل بالمرأة، اعتبرت أنّه لا وجود لشيء اسمه الحبّ في الإسلام، وأنّ الرجل المسلم عندما يقوم بمداعبة زوجته، فإنّ مداعباته لا تختلف عن تلك التي يقوم بها لحيوان رائع من الجنس الرفيع[45].

وفي غمرة مقارنتها للمرأة المغربيّة بنظيراتها التركيّة والمصريّة، نجدها تعمد إلى توظيف أسلوب احتقاريّ، فكلّما أشارت إلى حُسْنِها، إلا وأرفقت ذلك بعبارات وأوصاف تحطّ من قيمتها، من قبيل: «فشكلها  هو في الغالب جذّاب... لكنّ روحها عبارة عن لا شيء، ويمكن القول: إنّها تمتلك ما يكفي بالكاد لتحظى بحياة مادّيّة، وللتميّز عن دمية رائعة. وهي في صورتها تمثّل تعبيرًا أسمى للفنّ التشكيليّ، لكنّ الطبيب النفسيّ لن يجد لديها تقاسيم مثيرة للاهتمام»[46] .
وقد تطرّقت مدالينا أيضًا في كتابها للعوامل المسؤولة عن انحطاط وضعيّة المرأة المغربيّة غير العامل الدينيّ، فلاحظت أنّ العوائد والتقاليد في البلدان الإسلاميّة لها أيضًا دور مهمّ؛ إذ يتمّ التمييز بين الجنسين منذ الولادة. فإذا ما كان المولود ذكرًا، يسود المرح، وتعزف الموسيقى، وتتعالى صيحات الفرح، أمّا إذا كان المولود أنثى، فالحزن والصمت هما السائدان. ولربّما الوحيد الذي يحتفل بمولدها فهو الأب، ولكنّ فرحته هذه، تقول مدالينا بأسلوب ساخر وقدحي: «قد لا تختلف كثيرًا عن بهجة استقبال ولادة مهر أو سلوقيّ صغير»[47].

 ومن مظاهر ازدراء المرأة في المجتمع المغربيّ، حرمانها من الدراسة. فهي عكس الذكور، لا تحظى بأيّ تعليم ولا تتعلّم القراءة والكتابة؛ لأنّ الاعتقاد السائد هو أنّ تلك المفاهيم غير مفيدة لها، فقدرها أن «تدفن داخل منزلها، ولا يسمح لها برؤية ما هو أبعد من حريم سيّدها. لا يسمح للرجال برؤية المغربيّات في منازلهن، عدا الأب والزوج والأخ، ولا يمكن لأيّ فرد آخر من العائلة أن يَراهُنَّ. ولا يمكنها امتلاك النقود ولا القيام بعمليّة الشراء... فالتاجر المغربيّ يرفض أن يتعامل مع المرأة[48].

وهكذا، فإذا كانت النساء الأوروبيّات تتمتّعن بوضع اعتباريّ مهمّ داخل مجتمعهنّ، وأَضْحَيْنَ تنافسن الرجل في كلّ المجالات والأنشطة، فإنّ وضعيّة المرأة بالمغرب، أو كما تصفه «بالمغرب المقدّس»، لم تشهد أيّ تطور، فالتعصّب أقفل أبوابه بإحكام أمام تطوّر المرأة المغربيّة وحصولها على حقوقها؛ وذلك بغية الحفاظ وبغيرة على التقاليد القديمة[49].
صورة اليهود المغاربة: رسمت لهم الكاتبة وضعًا يتّسم بحياة البؤس والشقاء رغم أهمّيّتهم الماليّة والصيرفيّة، هكذا استدعت المفارقة بين وضعهم ودورهم لخدمة هدفها المركزيّ، والمتمثّل في تبرير تعاطفها معهم من الظلم الذي يتعرّضون له، حيث تقول: «ويُذِلُّ المسلمون اليهود بألف طريقة... فالمغربيّ في وحشيّته، لا يعترف سوى بقانون الأقوى، هو متسلّط على هؤلاء الضعفاء الذين عبر قرون من العبوديّة، اعتبروا الرعب مسألة طبيعيّة متأصّلة في كلّ حيوان يهان باستمرار، وفقدوا كلّ شجاعة من أجل مقاومة التسلّط من الطبيعيّ في البلدان الهمجيّة أن تكون عيوب الجنس السامي بارزة أكثر، بفعل الجهل الذي يهيمن على كلّ مكان. ويصبح الخجل جبنًا، بينما المغربيّ ينتشي برائحة البارود، فإنّ اليهودي يرتجف لعدّة مرّات لمجرّد رؤية السلاح الذي يراه موجّهًا إليه... ويكره المسلمون المسيحيّين ويحتقرون اليهود، ويودّون أن نباد؛ لأنّهم يخافون منّا؛ باعتبارنا أسيادهم في المستقبل»[50]. وقد عبّرت بشكل لا يحتاج إلى دليل بأنّ من واجب الحضارة الأوروبيّة أن تخلّص اليهود من الاضطهاد الذي يعانونه من قبل المسلمين المتعصّبين، وتبشّرهم بحياة أفضل، حينها لن يصبح اليهود» شعب المضطهدين وستجعل التدابير العلميّة من الملاح البائس نظيفًا ومريحًا»[51]. وهنا، تجدر الإشارة إلى أنّ «مدالينا شيزوتي» كانت تتمنّى أن يكون لبلدها إيطاليا دور في «تحضير المغرب»، لكنّها كانت مقتنعة باستحالة ذلك أمام إصرار فرنسا في استعماره[52].

صورة النموذج الأوروبيّ المتحضّر: تشكّلت هذه الصورة انطلاقًا من الأفراد الأوروبيّين الموجودين في المدينة الذي يمثّلون -حسب الكاتبة- التحضّر والمدنيّة وسط قوم متوحّشين ومتعصّبين، باستثناء بعض الميسورين والمحميّين، الذين أبدت المؤلّفة إعجابها بهم، واعتبرتهم من طينة أخرى ولا يشبهون باقي المغاربة في كثير من الأمور، وذكرت العديد من صفاتهم الإيجابيّة، مثل: النجابة والذكاء والتحضّر والبراعة في القيام بالمهام الدبلوماسيّة، واعتبرت هذه الصفات ليست ذاتيّة، وإنّما مكتسبة بفعل لقاءاتهم المتكرّرة وعلاقتهم بالأوروبيّين، وتستدلّ بنموذج المقري الذي يمتلك في نظرها «عقلًا متوازنًا وهادئًا وطريقة صحيحة في الحكم على الأحداث، وهدوءًا في اتخاذ القرارات، وقدرة على التفاوض في كلّ شيء بلمسة لطيفة جدًّا» وأضافت قائلة: «لم يكن يحمل أيّ كراهية وأحكام مسبقة مثل التي يحملها بنو جلدته...كان لباسه نظيفًا كما هو الشأن بالنسبة لكلّ أثرياء البلد، وهو ما كان ينسجم مع صفاته المهذّبة، ويعطيه تميّزًا وسموًّا وانطباعًا مباشرًا بأنّنا أمام نموذج للنبالة الحقيقيّة»[53]. لا تخفي «مدالينا» إعجابها بشخصيّة المقري، لا سيّما في استعماله للمخترعات الأوروبيّة، مثل: الهاتف، وفي شربه للخمر. تقول عن وجبة الغداء التي تناولتها في منزله: «استأذن زوجي من ربّ المنزل أن يأتي بقليل من الخمر. وحتّى لمن لم يتعوّد على وجود الخمر على المائدة، سيكون بالنسبة له من المزعج جدًّا، أن ترشّ كلّ نعم الله تلك، بالماء العادي، ولو كان معطّرًا، فأحضر زوجي الخمر إلى جانب قنّينات الجعة حيث إنّ المقري الذي كان وفيًّا لأن يتّخذ كلّ مرّة خطوة نحو الذوق الأوروبيّ الرفيع، تناول الجعة عن طيب خاطر، وبدون تردّد»[54].
لقد حاولت المؤلّفة بكلّ ما أوتيت من ذكاء وحنكة أن تنفذ إلى أعماق المجتمع المغربيّ وتقدّم صورة مشوّهة عن المغاربة، مشحونة بكلّ الرواسب والأحكام الانفعاليّة الجاهزة التي ظلّت تحملها عن البلد الذي ستقيم فيه، ومستندة كذلك على علاقات التقابل والتنازع بين الأنا/ المركز المُجَسِّدَة لكلّ القيم الإيجابيّة والنبيلة كالخير والنور والتقدّم والحضارة، والآخر/ الهامش بقيمه السلبيّة والشائنة كالتخلّف والهمجيّة والتعصّب والجمود، وأبلغ تعبير هو ما كتبته بخصوص معمل الأسلحة الذي كان يديره زوجها: «كان معملنا للأسلحة يمثّل الضوء الوحيد بين الخرافة والهمجيّة، وكان منار الذكاء والحيويّة الإيطاليّة يشعّان بين الضباب الكثيف للجهل والتعصّب»[55].

وعلى الرغم من تحاملها المبالغ فيه على المغرب، فقد اتسمت نظرتها أحيانًا إلى الآخر بإعجاب لا مواربة فيه، خصوصًا فيما يتعلّق بكرم المغاربة وسحر بلدهم، وروائع مشاهده الطبيعيّة والجمال المثير لعاداتهم[56]؛ إذ وصفت المغرب بأنّه بلد يمتاز «بشاعريّته الجذّابة وبأصالة تقاليده»، بل اعتبرت «... العالم الإسلاميّ في تكامله ... له سحر خاصّ به، يجدب دائمًا ولا يمكن نسيانه ...»[57]، إلا أنّ ذلك لا يعدو أن يكون مجرّد فلتات، ولحظة افتتان عابر، ما دامت الذات الغربيّة يتحرّك في لا وعيها، وتبرز الترسّبات النفسيّة المتجذّرة فيها، والتي يظهر أثرها في تبخيس الهويّة الثقافيّة للآخر، وأيضًا في طريقة تناول المؤلّفة للأحداث بشكل مُشَوَّه وغير موضوعيّ، وبنوع من التعالي والحقد الدفين، سواء عن وعي أو عن غير وعي، وذلك عوض تناول الوقائع والأحداث بنوع من الموضوعيّة.

خاتمة
 لا بدّ من التأكيد على أنّ القارئ لكتاب «مدالينا شيزوتي فرارا» يندهش من القاموس الذي وظّفته على امتداد صفحات الكتاب، والذي يحمل بصمات استشراقيّة لا تخطئها العين، والمبنيّ على نظرة تجزيئيّة واستعلائيّة تستخفّ بالآخر وتحطّ من قدره وشأوه، حيث أصرّت على تناول صورة المغرب والمغاربة موضوعًا عبر غرائبيّته المطلقة، ونوادره العجيبة، وتقديم صورة شبه كاريكاتوريّة حوله تَعْتَوِرُها الغرابة والذهول حيال مختلف بنياته وأنساقه الاجتماعيّة والثقافيّة.

لقد رسمت المؤلّفة للمغرب التي أطلقت عليه في مرّات عديدة بلد المتعصّبين بجغرافيّته وعلائقه المجتمعيّة لوحة قاتمة، سمتها العتمة والهمجيّة والخمول، ودافعت عن ضرورة تنويره وتخليصه من أغلال التقليد، وتمنّت أن تقوم إيطاليا الحاملة للواء التحضّر بهذا الدور، وتُخْرِجَ المغرب والمغاربة من الدُّجْنَة، وتضعهم على سكّة المَدَنِيَّةِ والتقدّم. لكنّها تحسّرت في آخر مُؤَلَّفِها على خروج بلدها من سباق التنافس حول المغرب، ورغم ذلك، فقد كانت مقتنعة كما تقول بأنّ «الدور التحضيريّ الذي ستنجزه إيطاليا بمستعمراتها بطرابلس وبرقة سيمكّنها من اكتساب المكانة المحترمة والمهابة المنوطة بها في البحر المتوسّط»[58]. وهنا تجدر الإشارة، إلى أنّ الرحّالة الأوروبيّين الذين زاروا المغرب في نهاية القرن 19، والذين كان أغلبهم رسل الحركة التوسّعيّة الاستعماريّة، كانوا يبحثون عن إمكانيّة توغّل حكوماتهم داخل هذا البلد، وبذلك قدّموا كما يقول سمير بوزويتة: «الشعب المغربيّ كشعب فقير، بدائيّ، ينتظر قوّة أوروبيّة لإعادة النظام إليه، وتطوير طاقاته وتحقيق الرفاهية لجميع سكّانه، وهذا يدلّ إلى حدّ كبير على الكتابة المتمركزة حول ذاتها، لهؤلاء الرحّالة»[59].

إنّ مقاربة الآخر، كما أشار إلى ذلك المترجمان في مدخل الكتاب: «تقتضي كيفما كانت مكوّناته الحضاريّة والثقافيّة، وكيفما كان نوع الجنس الأدبيّ الذي تنتمي إليه تلك المقاربة، وجود مجموعة من الضوابط لتحافظ على علميّتها من الرواسب الإيديولوجيّة، ومن أهمّ تلك الضوابط: عدم إقصاء الآخر لمجرّد اختلافه عنا، والاعتراف به كما هو في حقيقته، وإبراز خصوصيّاته كذات مختلفة»[60]. أكيد، فالمغاربة آنذاك لم يكونوا مثاليّين، لكنّهم كانوا يمثّلون مجتمعًا إنسانيًّا بأوجه مختلفة من خير وشرّ وتقدّم وتخلّف، وأنّ انطباعات صديقتنا الإيطاليّة انبنت على أحكام مطلقة وترسّبات نفسيّة متراكمة ولدت لديها نوعًا من الاعتزاز المبالغ فيه بالذات والنظر إلى الآخر نظرة دونيّة تحقيريّة، من دون اعتبار للإكراهات التي كانت تواجه المغرب وقتذاك، وواقع بنياته الاجتماعيّة ومكوّناته الثقافيّة، فتمّ إسقاط ضوابط ذاتيّة على آخر مختلف تمامًا.

لائحة المصادر والمراجع

بيير لوتي، في المغرب، ترجمة: حسن بحراوي، منشورات كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بنمسيك، الدار البيضاء، 2019.
بهيجة سيمو، الإصلاحات العسكريّة بالمغرب 1844-1912، منشورات اللجنة المغربيّة للتاريخ العسكريّ، سلسلة رسائل وأطروحات رقم 1، المطبعة الملكيّة، الرباط، 2001.
حسين محمّد فهيم، أدب الرحلات، عالم المعرفة، العدد 138، الكويت، 1989.
رضوان الضاوي، تمثّلات الثقافة المغربيّة في المؤلّفات السويسريّة والألمانيّة من 1830 إلى 1912 (دراسة مقارنة)، منشورات مجلس الجالية المغربيّة بالخارج، 2019.
سعيد بنسعيد العلويّ، أوروبا في مرآة الرحلة: صورة الآخر في أدب الرحلة الغربيّة المعاصرة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1995.
سمير بوزويتة، مكر الصورة -المغرب في الكتابات الفرنسيّة 1832-1912-، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2007.
عبد الله العروي، مجمل تاريخ المغرب، ط 3، المركز الثقافيّ العربيّ، الدار البيضاء، 1992.
كريم بيجيت، «الرحلة بين النصّ والوثيقة: صورة طاعون سنتي (1798-1800) ومخلّفاته في رحلة جيمس جري جاكسون»، كنانيش، منشورات كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، وجدّة، رقم 3، صيف-خريف 2001.
محمّد الكوش، «الأيديولوجيا الاستشراقيّة في رحلة إدموندو دي أمتيشيش حول المغرب»، الرحلة وصورة الآخر - قراءات في نصوص الرحّالة الأوروبيّين حول المغرب»، إشراف وتقديم: كريم بجيت، منشورات دار الأمان، الرباط، 2013.
محمّد جادور، تمثّلات مغرب نهاية القرن الثامن عشر بعيون رحّالة إنجليزي، الرحلة وصورة الآخر - قراءات في نصوص الرحّالة الأوروبيّين حول المغرب»، إشراف وتقديم: كريم بجيت، منشورات دار الأمان، الرباط، 2013.
محمّد مخطاري، «مغرب نهاية القرن 19 في عيون إيطاليّة دراسة مقارنة لكتابي «المغرب» لدى أميتشيش و«في المغرب» للينا مدالينا فرارا»، الرحلة والغيريّة، مؤلّف جماعيّ من تنسيق عبد الرحيم بنحادة وخالد شكراوي، منشورات كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة الرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 148، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، 2008.
محمّد مزيان، «المغرب في الأدبيّات الكولونياليّة الفرنسيّة ومشروعيّة الغزو والإلحاق»، مجلّة عمران، العدد 17، منشورات المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، 2016.
مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة لحياة حميميّة بالمغرب، ترجمة: مصطفى نشاط ورضوان ناصح، الطبعة الأولى، مطابع الرباط نت، 2019.
Edmondo De Amicis, Marocco, Trèves, Milano, 2eme édition, 1989.

---------------------------
[1]*ـ أستاذ التاريخ المعاصر والراهن، كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بنمسيك، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء.
[2]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريّات شخصيّة لحياة حميميّة بالمغرب، ترجمة: مصطفى نشاط ورضوان ناصح، الطبعة الأولى، مطابع الرباط نت، 2019.
[3]- محمّد مخطاري، «مغرب نهاية القرن 19 في عيون إيطاليّة دراسة مقارنة لكتابي «المغرب» لدى أميتشيش و«في المغرب» للينا مدالينا فرارا»، الرحلة والغيريّة، مؤلّف جماعيّ من تنسيق عبد الرحيم بنحادة وخالد شكراوي، منشورات كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، الرباط، سلسلة ندوات ومناظرات، رقم 148، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، 2008، ص116.
[4]- لم تخف مدالينا شيزوتي إعجابها بشخصيّة السلطان المولى الحسن؛ إذ اشادت به كثيرًا، وثمّنت خطوة انفتاحه على إيطاليا، حيث قالت: «...مولاي الحسن، أحد أكبر أذكياء ملوك المغرب الذي خطّط كما ذكرت عدّة مرّات لنقل بلده اعتمادًا على وسائله الخاصّة إلى مستوى البلدان المتمدّنة، وظنّ أنّ الإيطاليّين كانوا الأدوات الأنسب لتحقيق أهدافه؛ لأنّهم لم تكن لديهم بالمغرب أطماع كما هو حال فرنسا وإنجلترا وإسبانيا، وبالتالي لن يقوضوا استقلال المغرب» (فرارا، ص140) .
[5]- بهيجة سيمو، الإصلاحات العسكرية بالمغرب 1844-1912، منشورات اللجنة المغربيّة للتاريخ العسكري، سلسلة رسائل وأطروحات رقم 1، المطبعة الملكية، الرباط، 2001، ص258.
[6]- بهيجة سيمو، الإصلاحات العسكرية...، مرجع سابق، ص260.
[7]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصية ...، مصدر سابق، ص5-6.
[8]- محمد مخطاري، «مغرب نهاية القرن 19 في عيون إيطالية ...»، مرجع سابق، ص118.
[9]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصية ...، مصدر سابق، ص6.
[10]- المصدر نفسه والصفحة نفسها.
[11]- عبد الله العرويّ، مجمل تاريخ المغرب، ط 3، المركز الثقافيّ العربيّ، الدار البيضاء، 1992، ص27.
[12]- محمّد مزيان، «المغرب في الأدبيّات الكولونياليّة الفرنسيّة ومشروعيّة الغزو والإلحاق»، مجلّة عمران، العدد 17، منشورات المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، 2016، ص108-109.
[13]- حمّد الكوش، «الأيديولوجيا الاستشراقية في رحلة إدموندو دي أمتيشيش حول المغرب»، الرحلة وصورة الآخر - قراءات في نصوص الرحّالة الأوروبيّين حول المغرب»، إشراف وتقديم: كريم بجيت، منشورات دار الأمان، الرباط، 2013، ص161.
[14]- سعيد بنسعيد العلويّ، أوروبا في مرآة الرحلة: صورة الآخر في أدب الرحلة الغربيّة المعاصرة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1995، ص11.
[15]- محمّد الكوش، «الأيديولوجيا الاستشراقيّة...»، مرجع سابق، ص163.
[16]- محمّد مزيان، «المغرب في الأدبيّات الكولونياليّة ...»، مرجع سابق، ص111.
[17]- حسين محمّد فهيم، أدب الرحلات، عالم المعرفة، العدد 138، الكويت، 1989، ص8.
[18]- كريم بيجيت، «الرحلة بين النصّ والوثيقة: صورة طاعون سنتي (1798-1800) ومخلّفاته في رحلة جيمس جري جاكسون»، كنانيش، منشورات كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، وجدة، رقم 3، صيف-خريف 2001، ص63-74.
[19]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص171.
[20]- Edmondo De Amicis, Marocco, Trèves, Milano, 2eme édition, 1989.
[21]- مصطفى نشاط ورضوان ناصح.
[22]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص80.
[23]- المصدر نفسه، ص36.
[24]- المصدر نفسه، ص52.
[25]- المصدر نفسه، ص99-101.
[26]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص76.
[27]- المصدر نفسه، ص107- 108.
[28]-  المصدر نفسه، ص107.
[29]-  المصدر نفسه، ص75.
[30]-  المصدر نفسه، ص138.
[31]-  مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص72.
[32]-  المصدر نفسه، ص150-151.
[33]-  المصدر نفسه، ص112.
[34]-  محمّد مخطاري، «مغرب نهاية القرن 19 في عيون إيطاليّة ...»، مرجع سابق، ص137.
[35]-  مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص20.
[36]-  المصدر نفسه، والصفحة نفسها.
[37]-  انظر: بيير لوتي، في المغرب، ترجمة: حسن بحراوي، منشورات كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بنمسيك، الدار البيضاء، 2019، ص64.
[38]-  محمّد جادور، تمثّلات مغرب نهاية القرن الثامن عشر بعيون رحّالة إنجليزي، الرحلة وصورة الآخر - قراءات في نصوص الرحّالة الأوروبيّين حول المغرب»، إشراف وتقديم: كريم بجيت، منشورات دار الأمان، الرباط، 2013، ص53.
[39]-  مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص160.
[40]-  المصدر نفسه، ص163.
[41]- يرى الباحث رضوان الضاوي أنّه ليس سهلًا تقويض هذه الأحكام المسبقة المتجذّرة في نفوس الرحّالة الغربيّين والمستشرقين ودحضها، إزاء النساء في القرآن، وبأنّ ما يميّز وضعيّة النساء في الشرق هي أنّ النبيّ محمّدًا  لم يشر إلى أيّ مكانة لهنّ بعد هذه الحياة. رضوان الضاوي، تمثّلات الثقافة المغربيّة في المؤلّفات السويسريّة والألمانيّة من 1830 إلى 1912 (دراسة مقارنة)، منشورات مجلس الجالية المغربيّة بالخارج، 2019، ص225-226.
[42]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصية ...، مصدر سابق، ص160.
[43]- المصدر نفسه، ص163.
[44]- المصدر نفسه، ص167.
[45]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص167.
[46]- المصدر نفسه والصفحة نفسها.
[47]- المصدر نفسه، ص160.
[48]- المصدر نفسه والصفحة نفسها.
[49]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص159.
[50]- المصدر نفسه، ص201-202.
[51]- المصدر نفسه، ص210.
[52]- المصدر نفسه، ص250-251.
[53]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص89-90.
[54]- المصدر نفسه، ص94.
[55]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص144.
[56]- المصدر نفسه، ص57.
[57]- المصدر نفسه، ص251.
[58]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص210.
[59]- سمير بوزويتة، مكر الصورة -المغرب في الكتابات الفرنسيّة 1832-1912-، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2007، ص196.
[60]- مدالينا شيزوتي فرارا، ذكريات شخصيّة ...، مصدر سابق، ص21.