الباحث : أنور محمود زناتي
اسم المجلة : دراسات استشراقية
العدد : 37
السنة : شتاء 2024م / 1445هـ
تاريخ إضافة البحث : January / 14 / 2024
عدد زيارات البحث : 1387
الملخّص
تدور إشكاليّة البحث الرئيسيّة حول دراسة أعمال ونتاج المفكّر الفرنسيّ ليون جوتييه. والجديد في البحث أنّها أوّل دراسة باللغة العربيّة على الإطلاق عن هذا المستشرق المهمّ الذي نال اعجاب الجميع، ورغم ذلك لم ينل حظًّا من دراسات تنصفه وتقدّمه للقارئ العربيّ، كما أنّ الجديد أيضًا في تلك الدراسة أنّها تقدّم رؤية ودور هذا المستشرق في الحوار الثقافيّ بين الشرق والغرب، وهو ما سوف نتناوله بالتفصيل في ثنايا البحث.
والحقّ يقال إنّه رغم تعدّد أغراض وأهداف الاِسْتِشْرَاقِ الاِسْتِعْماريّة منها والدِّينيّ والتبشيريّ؛ إلّا أنّها لم تكن خاليةً قطّ من الفائدة العِلْمِيَّة في بعض الحالات، وإن لم تكن مقصودة بذاتها عندهم. ومن هؤلاء المُسْتَشْرِقين المُفكِّر الفَرَنْسِيّ «ليون جوتييه» والذي تدور حوله هذه الدراسة التي تهدف إلى إلقاء الضوء على دور المستشرق ليون جوتيه في الحوار الثقافيّ بين الشرق والغرب، والقيام بقراءة وصفيّة نقديّة لأهمّ تلك الأفكار، للخروج باستنتاجات منطقيّة لما ساد في تلك المرحلة الحسّاسة من تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب تشابكت فيها خيوطها وتقاطعت مساراتها.
وقد اعتمد الباحث على المنهج التاريخيّ، كما تطلّب البحث أحيانًا استخدام المنهج التحليليّ والنقديّ، وكذلك المنهج الوصفيّ الذي يقوم على وصف الظواهر واستقرائها.
الكلمات المفتاحيّة: الاستشراق الفرنسيّ، ليون جوتييه، الحوار الثقافيّ، التواصل الحضاريّ بين الشرق والغرب.
التمهيد
ليون جوتييه وتكوينه المعرفيّ
وُلد ليون جوتييه في مدينة سَطِيف (Sétif) بولاية قُسَنْطِينَة (Constantine) شمال شرق الجَزَائِر في 18 يناير عام 1862م. وكانت سَطِيف قد وقعت تحت الاحْتِلاَل الفَرَنْسِيّ في 15 ديسمبر 1848م بقيادة الجنرال «غالبو» (Galbois)[2].
شغل والد جوتييه منصب قاضٍ في محكمة سَطِيف المدنيّة[3] (Juge au Tribunal Civil de Sétif)، ومن ثَم تيسّر له ما لم يتيسّر للكثير من أقرانه من حيث الاطِّلاع على «الْكُتُب والسِّجِلَّات»، التي اطَّلع عليها بحكم نشأته في أسرةٍ مقرَّبةٍ من شؤون الحكم، أو أَطْلَعهُ عليها والده بحكم وظيفته في السلك القضائيّ.
وبطبيعة الحال، لا بدّ وأنّه قد تأثَّر بشخصيّة والده الْقَاضِي؛ أي الحياد والموضوعيّة والتروّي في الحكم على الأمور، وهذا ما يبرّر لنا مَيزة الإنصاف التي اتَّسم بها في أغلب أعماله التي سنعرض لها لاحقًا، فهو لم يغمط حقّ أحد، وكان موضوعيًّا قدر المستطاع، كما اكتسب أيضًا صفةً مهمّةً؛ وهي توخّي الدقّة وإيراد الأدلّة بأكثر من وسيلةٍ عِلْمِيَّةٍ للوصول إلى الأحكام الصائبة قدر الإمكان، وهو ما نلمسه في كِتَاباته وتَحْقِيقاته؛ فكان يلتزم الدقّة في جمع الأدلّة والملاحظات من مَصَادِرَ متعدّدةٍ موثوقٍ بها، وعدم التسرّع في الوصول إلى القرارات والقفز إلى النتائج ما لم تدعمها الأدلّة والملاحظات الكافية.
ثقافة ليون جوتييه
نال جوتييه حظًّا وافرًا من ثقافة عصره، وكان لها تأثيرٌ فعَّالٌ على توجّهاته الفِكْريَّة، وخير شاهد على ذلك، تنوّع إنتاجه واتِّسامه بالعمق والتحليل والتَحْقِيق.
انتقل وأسرته إلى العَاصِمَة الجَزَائِر، ليتلقّى تعليمه الثَّانَوِيّ في ليسيه مدينة الجَزَائِر، وكانت مدرسةً داخليّة[4]. ودرس فيها اللُّغَة العَرَبِيَّة وآدابها، والنحو، وتَارِيخ وحَضَاَرة الإِسْلام، وكلّ تلك الْمَعَارِف تناولها في أبحاثه ودِرَاسَاته وتَحْقِيقاته، كما سنرى لاحقًا. وهو يقر ضمنًا بدراسة اللُّغَة والدِّين والعَادَات وَالتَقَالِيد لأهل الْبِلاد العَرَبِيَّة ومنها الجَزَائِر في كِتَابه «المدخل لدراسة الفَلْسَفَة الإِسْلاميَّة»؛ بل وتحدّث عن تلك العَادَات والتَقَالِيد والصِفَات العَرَبِيَّة[5].
التقى في المرحلة الثَّانَويّة بصديق عمره المصوِّر «جول جيرفايس كورتيلمونت»[6] الذي ظلّ صديقه طوال حياته[7]، وأثَّرت تلك الصداقة على فِكْر جوتييه، فقد اشتركا معًا في عشق الشَّرْق والولع به، وقد اعتنق كورتيلمونت الإِسْلام في عام 1894م، وحجَّ إلى مكّة، وقد اشتهر كورتيلمونت بألتقاطه صورًا بالألوان في أثناء الحرب العَالَمِيَّة الأولى[8]. وفي عام 1880م حصل على شَهَادَة البكالوريا في عمر الثامنة عشر؛ ثمّ دخل المَدْرَسَة العُلْيَا للآداب في مدينة الجَزَائِر (كُلِّيَّة الآدَاب فيما بعد) -وكانت قد أنشأت عام 1881م، وقام بالتدريس فيها نفرٌ من الأساتذة الفَرَنْسِيّين البارزين[9].
كما درس الفَلْسَفَة على يد الفَيلَسُوف الفَرَنْسِيّ «جول إميل ألاو»[10] أُسْتَاذ الفَلْسَفَة بعد ذلك في كُلِّيَّة الآدَاب بالجَزَائِر[11] - الذي تتلمذ على يد فيكتور كوزان[12]. وكذلك درس الآثَار والتَّارِيخِ[13] على يد رينيه دو لابلانشير[14]، و«إميل ماسكراي»[15] و«إدوارد كات»[16] صاحب «الوجيز في تَارِيخ الجَزَائر والذي كان حينذاك أستاذًا في مَدْرَسَة الآدَاب بالجَزَائِر[17].
ثقافة مَوْسُوعِيّة وعشق للقراءة
جمع «جوتييه» بين الثقافتين العَرَبِيَّة والأُورُوبِّيَّة، وأتقن اللغتين العَرَبِيَّة والفَرَنْسيَّة، وألَمَّ باللُّغَات الأجنبيّة، وكان مترجِمًا ومحقِّقًا من الطِّرَاز الأَوَّل، وحاز «جوتييه» على احترام المثقّفين العَرَب والأُورُوبِّيّين وتقديرهم. وكان على حظٍّ وافرٍ بالمَعْرِفة اللُّغَويَّة والفَلْسَفِيَّة والأدَبِيَّة الإِسْلاميَّة.
ارتكزت ثقافته إلى حدٍّ كبيرٍ على قراءاتٍ مستمرّةٍ في الْكُتُب المتوفّرة في عصره، واستمدَّ الكثير من تَحْقِيقاته منها، خاصّةً كُتُب ابن رُشْد وابن طُفَيْل والْغَزالِيّ والكِنْدِيّ والْفَارَابِي وابن سِينا[18]، كما اطَّلع على أعمال ومؤلَّفات أقرانه من المُسْتَشْرِقين، واكتسب بذلك خبراتٍ واسعةً غنيّةً من أهل الشَّرْق وبني جلدته أهل الغَرْب.
أعطى اهتمامًا خاصًّا باللُّغَة العَرَبِيَّة، ودرسها نظريًّا وعمليًّا، درس كِتَاب «برينييه - Bresnier»[19]: «دروس عمليّة ونظريّة في اللُّغَة العَرَبِيَّة»[20]، واستعان به في أبحاثه[21]. وكذلك كِتَاب الكونت دي (لاندبرج - Landberg)[22]: «اللُّغَة العَرَبِيَّة ولهجاتها»[23]؛ وكِتَاب (رينييه باسيه- René Basset)[24]: “الشِّعر الْعَرَبِيِّ في العصر الجاهِليّ»[25].
كما قرأ في التَّارِيخِ والحَضَارَة والأدَب والأَسَاطير، فقرأ بطبيعة الحال «ألف ليلة وليلة» و»عنتر بن شدّاد».. إلخ[26]؛ كما درس واستعان بكِتَاب «سلفستر دي ساسي»: «منشورات في حوادث مختلفة من تَارِيخ العَرَبْ قبل الإِسْلام»[27]. واطَّلع على كِتَاب «كوسان دي برسيفال»[28] (Caussin de Perceval): «بحث في تَارِيخ العَرَبْ قبل الإِسْلام»[29]. وكِتَاب «ديفيرجيه» Duverger -، بِلاد العَرَبْ[30]، وكِتَاب «باوتس-Pautz»[31]: «تعليم مُحَمَّد عن الوحي»[32]، وكِتَاب «أزبرن - Osbron»[33]: «الإِسْلام في عصر خلفاء بَغْدَاد»[34]، وكِتَاب «سل- Sell»[35]: «عقيدة الإِسْلام»[36].
كما استعان في أعماله بكِتاب المُسْتَشْرِق اليهوديّ المجريّ «إجناس جولدتسيهر»[37] (Ignác Goldziher)[38] «تقديس الأولياء عند الْمُسْلِمِين»[39]، وكِتَاب المُسْتَشْرِق الدانماركيّ أوجست مهرن[40]: «عرض الإصلاح الإِسْلاميّ الذي بدأه الأَشْعَرِيّ في القرن الثالث»[41]. وكِتَاب «راينهارت دوزي[42] (Reinhart Dozy)»بحث في الإِسْلام»[43]. وكِتَاب البارون «كارادي فو»[44]: «الإِسْلام، العقليّة السَّاميَّة والعقليّة الآريّة»[45].
نشر وتَحْقِيق وتَرْجَمة «رِسَالَة حَيّ بن يَقْظَانْ» لابن طُفَيْل:
أحدثت تَرْجَمة جوتييه لحَيّ بن يَقْظَان، حركةً واسعةً في فَرَنْسَا للتعرف إلى الثَّقَافَة الإِسْلاميَّة وبيان خصائصها الإيجابيّة، وكان لهذا أيضًا أثره العظيم في تقدّم الدِّرَاسَات العَرَبِيَّة في فَرَنْسَا كما له أخطر الأثر في بعض العِلْم والأدَب في أُورُوبَّا.
فقد نشر جوتييه «حَيّ بن يَقْظَان» لابن طُفَيْل متنًا وتَرْجَمةً من العَرَبِيَّة إلى الفَرَنْسيَّة، فكانت الطبعة العِلْمِيَّة[46] وطُبع في الجَزَائِر 1900، بَيْروت 1936، وباريس1937، والجَزَائِر مرّةً أخرى عام 1969م، وفي باريس مرّةً أخرى عام 1983م[47].
وكانت رِسَالَة حَيّ بن يَقْظَان، من أهمّ الأَعْمَال التي اهتمّ بها ليون جوتييه؛ فترجمها مبكِرًا من العَرَبِيَّة إلى الفَرَنْسيَّة، وحقّقها تَحْقِيقًا علميًّا من ناحية النَّص واختلاف الطبعات والمحفوظات، كما صحح بعض الأخطاء التي وقع فيها الكثير من المُسْتَشْرِقين في دراساتهم العابرة عن ابن طُفَيْل[48]، بعد أن اكتشف مَخْطُوطًا جديدًا للرِسَالَة في مكتبة جزائريّة، ونشرهما معًا في الجَزَائِر عام 1900م.
وقد سمَّى جوتييه نشرة 1900م نشرةً بدائيّة، وهي نشرةٌ قوبلت على ثلاثة مَخْطُوطات (trois nouyeaux manuscrits)[49] على الطبعات المصريّة[50] وكذا على نشرة إدوارد بوكوك[51] في نشرته للرِسَالَة 1671م، وأعيد طبعها عام 1700م مع مَخْطُوط أكسفورد[52]؛ إذ نشر النَّص الْعَرَبِيِّ وأتبعه بتَرْجَمة لاتينية تحت عنوان الفَيلَسُوف المعلّم نفسه (Philosophus Autodidactus). ويمكن عدُّها أوّل نشرة نقديّة للنصّ، وعنها بدأت أولى تَرْجَمَات حَيّ بن يَقْظَان إلى اللُّغَات الأجنبيّة[53].
وفي نشرته الأولى كان جوتييه قد أبرز إعجابه بالرِسَالَة إعجابًا معبِّرًا عن اندهاشه بهذا الوسط الذي وجد فيه نفسه؛ وقد اشتدّ إعجاب جوتييه بنصّ ابن طُفَيْل فعدَّه نصًّا جذّابًا وعميقًا وذا درجة عالية من الإِلْهَام، حيث عمل المؤلِّف على الجمع بين السُلْطة والعَقْل؛ عِلْم الكَلامَ الإِسْلاميّ والعقل الحرّ، الجمع ببين الْإِيمَان البسيط والصُّوفِيَّة المتعالية[54].
وقد ظنَّ بعض الباحثين أنّ لابن طُفَيْل كِتابًا بعنوان: «رِسَالَة في أسْرار الْحِكْمَة المشرقية»، غير أنّ ليون جوتييه يثبت في مقدمة ترجمته لحَيّ بن يَقْظَان أنّ مَخْطُوط رِسَالَة الْحِكْمَة المشرقية الموجودة في الأسكوريال بمدريد، ليست إلّا جزءًا من رِسَالَة حَيّ بن يَقْظَان ذاتها، والاسم الكامل للرِسَالَة هو: «رِسَالَة حَيّ بن يَقْظَان في أسرار الْحِكْمَة المشرقية استخلصها من درر جواهر ألفاظ الرئيس ابن سِينا الإمام الفَيلَسُوف الكامل العارف أبو جَعْفر بن طُفَيْل»[55].
وعندما عثر ليون جوتييه على مَخْطُوطَة ليدن، ووجدها تنتمي إلى عائلةٍ أخرى من المَخْطُوطات، عدَّ تَحْقِيقه الأَوَّل تَحْقِيقًا بدائيًّا، وسيصرّح أنّ نصًّا محقَّقًا من خلال مَخْطُوطتين أو ثلاث، ليس تَحْقِيقًا نهائيًّا وينهض لإعادة تَحْقِيق النَّص، راجيًا أن يكون تَحْقِيقه الأخير متقدّمًا على نشرات النَّص وتَرْجَمَاته السابقة[56].
عندما أصدر جوتييه الطبعة الثانية لحَيّ بن يَقْظَان عام 1936، أكّد بنفسه على أنّها جديدةٌ كلّيًّا (une oeuvre nouvelle)، ومراجعة، مزيدة ومنقحة، ليضع مسافة بينها وبين نشرته الأولى عام 1900م[57].
لكن ما الذي دفع جوتييه إلى إصدار نشرة أخرى؟[58]، يصرّح المُسْتَشْرِق الفَرَنْسِيّ أنّه منذ صدور النشرة الأولى ظهرت دراسات وأعمال مُتنوِّعة قدّمت إضافات جديدة وعجّلت بمراجعة النُّسْخَة القديمة، خاصّةً أنّه عثر على مَخْطُوطات جديدة وخاصّة مَخْطُوطَة ليدن، مما جعل لائحة المقابلة تنمو وتكبر، الأمر الذي تطلَّب إعادة تأسيس النَّص من جديد، وقد أُفرد التَحْقِيق بقسمين: قسم عربيّ وقسم فرنسيّ، ترجم فيه النَّص وأغنى النشرة بالتعليقات والهوامش ولائحة مرتّبة على الحروف الهجائيّة للمُصْطَلَحات بترجمتها للفَرَنْسيَّة وللأعلام مع ذكر لائحة المَرَاجِع، وقد قدّم لنشرته بمقدّمة تحدّث فيها عن بيوغرافية الفَيلَسُوف ومؤلَّفاته وأصالته، مستعيدًا ما ذكره في دراسته التي أفردها عن ابن طُفَيْل قبل أن يقف عند المَخْطُوطات والنشرات ليقدّم وصفًا لها.
اعتمد ليون جوتييه في نشرته على أربع كُتُب مَخْطُوطَة، هي على التوالي: مَخْطُوطَة الجَزَائِر، ومَخْطُوطَة المتحف البريطانيّ، ومَخْطُوطَة المَكْتَبَة الخديويّة بالْقَاهِرَة، ثمّ أخيرًا مَخْطُوطَة المَكْتَبَة الجَامِعِيَّة ليدن، حقًّا لقد كان بحوزة جوتييه مَخْطُوطَة الإسكوريال، لكنّه لم يعتمدها لأنّه كتابٌ مخرومٌ وأفسدته الرطوبة[59].
وبعد أن وصف جوتييه المَخْطُوطات معتبرًا أنّ مَخْطُوطَة الجَزَائِر أفضل المَخْطُوطات[60] على أساس أنّه يقدّم أفضل الدروس ويقدِّم مثالًا على الهفوات التي تلوح في معظم النُّصوص، وموجّهًا اللائمة لناسخ المَخْطُوط «المتحف البريطانيّ»[61]، فهو وإن كان ذكيًّا، إلّا أنّه ضعيف الثَّقَافَة لارتكابه باستمرار أخطاءً نحويّةً وإملائيّةً فظيعة، مثمّنًا مَخْطُوطَة الْقَاهِرَة[62] التي تصحّح في الهامش بعض أخطاء المَخْطُوط التي لا تجدها في النُسَخ الأخرى، مؤكدًا على القرابة بين مَخْطُوطَة الْقَاهِرَة ومَخْطُوطَة ليدن.
ينتقل جوتييه إلى الحديث عن طبعات النَّص إلى عصره، وهي أربع طبعات: طبعة بوكوك (Édition Pococke)[63] وهي إعادة إنتاج لمَخْطُوطَة أكسفورد؛ لذا يعتبره بمثابة مَخْطُوط، ويعتمده في المقابلة، طبعة مطبعة دار الوطن في الْقَاهِرَة، وهي أفضل من طبعتي مطبعة وادي النيل وطبعة المطبعة الخيريّة بالْقَاهِرَة، فالطبعتان الأخيرتان منقولتان عن الطبعة الأولى وهذه منقولة عن طبعة بوكوك، حيث يبدو أنّ الناشر المصريّ أعاد إنتاج نشرة «بوكوك» بإدخال تغييرات على طريقته، ولكنّه لم يستعمل مَخْطُوطَة الْقَاهِرَة، ويعطي بوكوك هذه الطبعات رموزًا ويعتمدها في المقابلة، وهكذا نجدنا مع جوتييه أمام عائلتين مختلفتين: عائلة تمثّلها مَخْطُوطات الجَزَائِر والْقَاهِرَة وليدن، وعائلة تمثّلها مَخْطُوطات المتحف البريطانيّ وطبعة «بوكوك» والطبعات المصريّة الثلاث، وسيخرج جوتييه نشرته النقديّة انطلاقًا من المقابلة بين هذه النُّصوص جميعها[64].
ولا يني جوتييه في أن يقارن بين نشرته الأولى عام 1900م ونشرته الثانية عام 1936م، مكرّرًا أنّه اعتمد في الأولى على مَخْطُوطَة الجَزَائِر، ويرجع في حالة الخطأ إلى دروس بوكوك والطبعتين المصريّتين؛ دار الوطن ووادي النيل[65]، أمّا نشرته الثانية فتعتمد قاعدة وثائقيّة أوسع توظف مَخْطُوطات كثر مع إدخال نشرة «بوكوك» التي تأتي بعد مَخْطُوطَة الْقَاهِرَة، مع الأخذ بعين الاعتبار القيمة العَامَّة لكلّ واحدٍ منها. إنّ النشرة الثانية تعطي في أسفل كلّ صفحة المتغيّرات المنتزعة من المَخْطُوطات والطبعات، بخلاف بعض الأمور الصغيرة التي تتكرّر كثيرًا، حيث يشير إليها مرّةً واحدةً عندما تصادفه[66].
بعد ذلك يشير جوتييه إلى ثلاث طبعات أخرى: واحدة رآها، والأخرى لم يطّلع عليها، والثالثة لم يعتمدها؛ فبعد أن أكمل طباعة عمله، اطّلع على طبعةٍ طُبعت في الْقَاهِرَة في مطبعة النيل عام 1904م في شكل صغير وتحمل عنوان الطبعات الثلاث السابقة نفسه، وهي أجود طبعات الْقَاهِرَة، كما يقول، توظّف طبعتي دار الوطن ووادي النيل وتختار عند المقابلة أفضل ما فيهما، وعندما تتّفقان تختار المتفق، أمّا النُّسْخَة الأخرى فهي طبعة استانبول، وهي طبعة يشير إليها مهران 1882م، ويرجِّح جوتييه أن تكون قريبةً من طبعتي دار الوطن ووادي النيل، أمّا الطبعة الثالثة فيسمّيها نشرة عَبْدِ الْعَزِيز الخاندجي، وابن عمه مُحَمَّد صَبْري، صدرت عن مطبعة السعادة عام 1909م وحروفها هي حروف مطبعة الْقَاهِرَة[67].
لكن ما حدود نشرة جوتييه؟
على الرغم من الجهود التي بذلها «جوتييه» في نشرته النقديّة، إلّا أنّ ظهور مَخْطُوطات لم يكن يعرفها الناشر الغَرْبيّ أمرٌ كافٍ للتفكر الجدّيّ في نشرةٍ نقديّةٍ جديدةٍ للنصّ، وهو ما يبرز حدود نشرة جوتييه، فضلًا عن اعتقاد أنّ خدمة نصٍّ تراثيّ، لن تكون خدمةً كاملة، إلّا إذا قام بها شخصٌ من داخل التُّرَاث ظهرًا وبطنًا[68].
وخلاصة هذه القِصَّة، أنّ حَيّ بن يَقْظَانْ وُلد في جزيرة من جزائر الهند تحت خطّ الاستواء، فمنهم من قال إنّه وُلد من غير أمٍّ ولا أب، ومنهم من قال إنّه ولد من أخت ملك وأب قريب لها يدعى «يَقْظَانْ»، وسواء أقبلنا أحد هذين الرأيين أم أنكرناهما معًا، فإنّ حَيّ بن يَقْظَان قد نشأ في جزيرته وحيدًا منعزلًا عن الناس في حضن ظبية، فتربَّى ونما واغتذى بلبنها وتدرّج في المشي، وما زال معها يحاكي أصوات الظِباء في الاستدعاء والاستئلاف، ويقلِّد أصوات الطير وسائر الحيوانات ويهتدي إلى مثل أفعالها، حتّى نما وترعرع واستطاع بالملاحظة والحدس والتأمّل أن يحصل على غذائه، وأن يكشف بنفسه مذهبًا فلسفيًّا يوضح به سائر الحقائق، ولما بلغ هذه الحال، تعرَّف بآسال، وهو رجل صالح نشأ بجزيرة قريبة من جزيرة حَيّ بن يَقْظَان، ثمّ جاء إلى تلك الجزيرة طلبًا للعزلة، فوقع بصره على حَيّ بن يَقْظَانْ، ولم يشكّ أنّه من المنقطعين عن الدنيا، فلمّا علم بحقيقة أمره، أخذ بسملة الكلام، فاطلع كلّ منهما على آراء صاحبه ومعتقداته وقايسا بينهما، فعلما أنّ المعتقدات الدِّينيّة ليست إلّا صورة محسوسة للحقائق الفَلْسَفِيَّة، فالفَيلَسُوف يتوصّل إلى إدراك الحقائق الإلَهِيّة بعقله وإلهامه الطبيعيّ، أمّا العامّيّ فهو بحاجةٍ إلى من يرقى به إلى هذه الْمَبَادِئ العالية عن طريق الحدس والخيال، فرثى حَيّ بن يَقْظَانْ لحال العَامَّة، وأراد السفر إلى جزيرة «آمال» ليهدي أهلها عن طريق العقل. ومع أنّ آسال كان يشكّ في نجاح رفيقه، فقد رضي بالذهاب معه، فانتقلا معًا إلى تلك الجزيرة، وأخذ ابن يَقْظَانْ يعلِّم الناس ويرشدهم بالعقل، فأعيته في أمرهم الحيلة، فأقلّه عن ذلك وترك العَامَّة في أمان الاعتقاد، وقفل راجعًا مع رفيقه إلى جزيرتهما، وانصرفا فيها إلى التأمّل والرياضة حتّى أدركهما الموت[69].
وقصّة ابن طُفَيْل تريد أن تبيّن كيف يستطيع إنسانٌ انعزل عن كلّ جماعة إنسانيّة وظلَّ دائمًا محرومًا من تعليم الآخرين، أن يرتقي بعقله هو، إلى معرفة حقائق الدِّين الجوهريّة بالتدريج، وأن يبلغ في النهاية حالة الاتحاد الصوفيّ شبه الدائم بالله. ثمّ إنّ ابن طُفَيْل كما أوضح جوتييه يقصد إلى إثبات اتفاق الدِّين مع الفَلْسَفَة اتّفاقًا جوهريًّا.
واسم بطل القِصَّة «حَيّ بن يَقْظَانْ»(Hayy ben Yaqdhân)؛ ثمّ يظهر على المسرح في الجزء الأخير من القِصَّة، شخصان آخران كذلك، وهما الصديقان آسال (Açâl) وسلامان(Salâmân)، وابن طُفَيْل نفسه يصرِّح عند نهاية مقدّمته الطويلة، بأنّه أخذ عن ابن سينا هذه الأسماء الثلاثة لأشخاصٍ رمزيّين، وذكر ذلك جوتييه[70]، فيكون حَيّ بن يَقْظَان رمز الفَلْسَفَة، و«آسال» رمز الدِّين المنزل، و«سلامان» رمز عامّة الناس[71].
إنّ الغرض من الرِسَالَة ليس بيان مبدأ النوع الإنْسَانيّ؛ لأنّ ميلاد «حَيّ» من غير أم ولا أب (l’homme naît sans mère ni père)[72] حسب ليون جوتييه، هو حدث استثنائيّ فريد وتخيّل حاذق يهيئ ويكمل تخيلًا آخر؛ تخيّل فَيلَسُوف يعلم نفسه بأقصى معاني الكلمة.
ولقد أجهد ليون نفسه في تقصي الأخبار عن ابن طُفَيْل وجمعها، ومع ذلك فلم يكد يتيسّر له إلّا ما جاء في مَصَادِر قليلة، ومع قلّتها فقد أخذ في دراستها ووصل منها إلى نتائج ذات قيمةٍ لخَّصت أو اقتبس منها الكثير في المقدِّمة التي كتبها جميل صليبا وكامل عياد لرِسَالَة حَيّ بن يَقْظَانْ[73].
وتعدّ تَرْجَمة جوتييه أفضل وأدقّ ما بين أيدينا من التَرْجَمَات الأُورُوبِّيَّة لحَيّ بن يَقْظَان، حيث أُلحق بهذه التَّرْجَمَة النصُّ الْعَرَبِيِّ ومقدّمةٌ وافيةٌ فيها دراسةٌ عن قصّة «حَيّ بن يَقْظَانْ» ومَصَادِرها، وعن المؤلّف وأفكاره. وذكر في مقدّمة هذه التَّرْجَمَة أنّ مَخْطُوطَة «الحِكْمة المشرقيّة» الموجودة بمكتبة الإسكوريال (مَخْطُوط 669)، ليست إلّا جزءًا من رِسَالَة «حَيّ بن يَقْظَانْ» ذاتها، والاسم الكامل للرِسَالَة هو «رِسَالَة حَيّ بن يَقْظَانْ في أسرار الحِكْمة المشرقيّة» استخلصها من درر جواهر ألفاظ الرئيس ابن سِينا الإمام الفَيلَسُوف الكامِل العارِف أبو جعفر بن الطُفَيْل[74].
دراسة عن ابن طُفَيْل حياته وفلسفته
في عام 1909م قدَّم جوتييه إلى العِلْم وإلى ابن طُفَيْل خدمةً عظيمةً ودراسةً جادة، وألَّف كتابًا في حياته وفلسفته؛ ثم في عام1936 م أعاد طبع كتابه الأَوَّل في بَيْروت.
وسلك في دراسته مسلكًا فيلولوجيًّا وقسَّمها إلى ثلاثة أقسام[75]:
القسم الأوّل: حياة ابن طُفَيْل[76]، تناول فيه سيرة ابن طُفَيْل بالتفصيل[77]، وقدّم فيه معطياتٍ مهمّةً في الموضوع، رغم إحساسه بشحّ المعطيات البيوغرافيّة[78] (Biographia)، وتجاهلُ المُؤرِّخين أو إغفالُهم تقديم المعلومات الكافية[79] حول طفولة الفَيلَسُوف، وأسرته، وشبابه، وشيوخه، والمدن التي درس فيها، منبِّهًا إلى الدور الحاسم الذي أدَّاه ابن طُفَيْل في مصير الفَلْسَفَة الإِسْلاميَّة والفَلْسَفَة الأُورُوبِّيَّة أيضًا عندما شجّع ابن رُشْد على شرح أرسطو، ليقف كثيرًا عند علاقة ابن طُفَيْل بابن رُشْد، ليعرّج أخيرًا على الدور الذي يمكن أن يكون ابن طُفَيْل قد قام به في ميدان علم الفلك[80].
أمّا القسم الثاني: أعمال ابن طُفَيْل[81] وفيه وقف جوتييه على مؤلَّفات وأعمال ابن طُفَيْل الشِّعريَّة والطبيّة، والفلكيّة[82]، والفَلْسَفِيَّة[83].
وينزع جوتييه في دراسته عن ابن طُفَيْل إلى القول إنّ المؤلّفين الطبّيّين الذين أشار إليهما ابن الخطيب (Ibn el-Khalhîb)، والمراسلات التي ذكرها ابن أصيبعة (Ibn Abî 'Oçaïbiya)، هي في الحقيقة مؤلَّف واحد، وهو أمرٌ أصبح مستبعَدًا بعد اكتشاف الأرجوزة. فيبقى إذًا أنّ لابن طُفَيْل كتاباتٍ أخرى في الطبّ لا زالت مجهولة[84].
أمّا عن كتاباته الفلكيّة؛ فيؤكّد أنّ ابن طُفَيْل لم يكتب في الموضوع سوى صفحاتٍ قليلةٍ في بداية قصّته الفَلْسَفِيَّة، وربما رِسَالَة حول المناطق المسكونة[85]. قول ليون جوتييه في كتابه عن ابن طُفَيْل: على الرغم من عدم وجود أيّ شيء مكتوب عن الفلك، باستثناء بعض الفقرات القصيرة في كتاب حَيّ بن يَقْظَان[86]، فإنّنا نعرف أنّ ابن طُفَيْل لم يكن راضيًا عن النظام الفلكيّ الذي وضعه بطليموس (Ptolémée[87])، وأنّه فكّر في نظام جديد. واستشهد الكاتب على ذلك بما كتبه كلٌّ من ابن رُشْد والفلكيّ والفيلسوف البطروجي(El-Bithraoudjî) (ت 600هـ/ 1204م) -صاحب ابن طُفَيْل وتلميذه- فابن رُشْد في شرحه الأوسط لِـ«الآثَار العلويّة» لأرسطو، انتقد بدوره فرضيّات بطليموس عن تكوين الأفلاك وحركاتها، وقال: إنّ ابن طُفَيْل يتوفّر في هذا المجال على نظريّاتٍ رائعةٍ يمكن الاستفادة منها كثيرًا. كما أنّ البطروجي في مقدّمة كتابه الشهير عن الفلك، ذكر أنّ ابن طُفَيْل أوجد نظامًا فلكيًّا ومبادئ لحركاته، بخلاف تلك الْمَبَادِئ التي وضعها بطليموس. ويتساءل البَاحِث الفَرَنْسِيّ عن احتمال أن تكون فرضيّات ابن طُفَيْل تشتمل على بعض العناصر الأساس من الإصلاح الفلكيّ العظيم الذي جاء به كوبرنيك وجاليلي بعد أربعة قرون[88].
وجاء القسم الثالث تحت عنوان: الرِّوَايَة الفَلْسَفِيَّة لابن طُفَيْل[89] وأفرده لمقاربة البُعد الفلسفيّ في القِصَّة مقاربةً شكليّة، فيقف عند المخاطب المحتمل في القِصَّة. ثمّ عند مفهوم الحِكْمة المشرقيّة. ثمّ عند تأثير ابن سينا (ت 428ه/ 1037م)، في ابن طُفَيْل من خلال أسماء شخوصه الروائيّة[90]. ثمّ عند تأثير ابن بَاجَة Ibn) BAddja)[91]، من خلال مفهوم التوحّد، لينتهي إلى أنّ الهدف الأساس من رِسَالَة ابن طُفَيْل؛ هو بيان «التَّوْفِيق بين الدِّين -خاصّة الدِّين الإِسْلامي- وفَلْسَفَة الفَلاسِفَة». وأّن أصالة ابن طُفَيْل تكمن في الحياة والحركة اللتين أسراهما في العقل الفعَّال وفي الْإِيمَان المتنوّر، والْإِيمَان السطحيّ اللذان شخّصهما، كما تتجلّى أصالته في إبداعه للحكي. لينهي كتابه القيَّم بالتساؤل عن «المشاهدة» التي صرّح ابن طُفَيْل أنه وقف عليها: هل يتحدّث عنها ابن طُفَيْل كصوفيّ حقيقيّ، أم أنّها حيلة بسيطة للعرض فقط؟
إنّ حدود عمل ليون جوتييه يتجلَّى في أنّه يقف عند هذا التساؤل قائلًا: إنّه «لكي نجيب عن هذا السؤال، يجب أن ندرس عن كثب الجانب الصوفيّ للنسق الذي عرضه ابن طُفَيْل، ونواجهه بما نعرفه من آراء «أسلافه الفَلاسِفَة»، وهو الأمر الذي يقتضي عدّة فَلْسَفِيَّة لعلّ أسبابها لم تتوفّر له، مع العِلْم أنّ جوتييه قد عايش طويلًا ابن طُفَيْل، حيث إنّه قَبل أن يصدر دراسته القيَّمة هذه، أصدر عام 1900م تَرْجَمة فَرَنْسيَّة لنصّ ابن طُفَيْل الفلسفيّ وقام بـ«تَحْقِيق» النَّص الْعَرَبِيِّ[92].
تحقيق كتاب « فَصْل المَقَال» نظريّة ابن رُشْد حول علاقات الدِّين بالفَلْسَفَة[93].
لقد ﺗﻌﺮﻓﺖ أوروﺑﺎ بفضل تَرْجَمة جوتييه، لفَصْل المَقَال بشكلٍ أوسع وأعمق، ﻋﻠﻰ ابن رُشْد وفكره من خلال دراسة جوتييه عنه[94]؛ ففي عام 1909م أفرد ليون جوتييه أطروحته للدكتوراه لدراسة هذا الموضوع، وهي بعنوان: «نظريّة ابن رُشْد حول علاقات الدِّين بالفَلْسَفَة»[95]، خصّص جوتييه الفصل الأوّل من هذه الأطروحة لدراسة كتاب «فَصْل المَقَال فيما بين الْحِكْمَة والشَّرِيعَة من الاتِّصَال»[96]، والفصل الثاني لدراسة ما أسماه بـ «النُّصوص المشعبة» (Textes divergents)[97]؛ أي مناهج الأدلّة وتهافت التهافت، بالنسبة لفصل المثال، والفصل الثالث والأخير لعرض المحاولات الْيُونَانِيَّة والعَرَبِيَّة التي سبقت نظريّة ابن رُشْد حول علاقات الدِّين بالفَلْسَفَة[98]، ويخلص جوتييه، في ختام كتابه إلى أنّ هذا السؤال: «أكان ابن رُشْد عقلانيًّا؟»[99].
كما ناقش جوتييه وجود حالتين لدى الفَيلَسُوف: الحالة العقليّة والحالة الإيمانيّة، وهذه الثنائيّة في سلوك الفَلاسِفَة، لا تدلّ على تناقضٍ في آرائهم ورياءٍ في مذهبهم، بل على اعتقادهم أنّ الحقيقة حقيقتان: حقيقة فَلْسَفِيَّة وحقيقة دينيّة، وهاتان الحقيقيتان في رأي جوتييه[100] متّفقتان؛ فالحقيقة الأولى تصلح لأصحاب المنطق والبرهان، والثانية توافق أصحاب الحسّ والخيال، فإذا وُجد هناك تعارض بين الفَلْسَفَة والدِّين، كان ذلك ظاهريًّا، ولا بدّ من رفع هذا التعارض بطريقة التَأْوِيل، ومعنى التَأْوِيل عندهم هو إخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقيّة إلى الدلالة المجازيّة من غير أن يخلّ ذلك بعبادة لِسَان العَرَبْ في التجوّز من تسمية الشيء بشبيهه أو سببه أو لاحقه أو مقارنه، أو غير ذلك من الأشياء[101].
وانتهى جوتييه إلى أنّ السؤال المطروح، وهو: هل كان ابن رُشْد عقليًّا؟ سؤال أسيء طرحه؛ إذ لا ينبغي أن نضع السؤال في هذه الصورة، بل أن نسأل: بالنسبة لمن كان عقليًّا؟ وبالنسبة لمن لم يكن كذلك؟ والجواب أنه «كان عقليًّا مطلقًا حين كان يتوجّه إلى الفَلاسِفَة، أي إلى أصحاب البرهان العقليّ والبيّنة العقليّة، وعلى هؤلاء أن يؤوّلوا كلّ النُّصوص المتشابهة، ولا يوجد بالنسبة لهم سرّ ولا معجزات بالمعنى الحقيقيّ، ولكنّه كان ذا نزعة إيمانيّة (fideiste) حين يتعلّق الأمر بالعَامَّة، أي بأصحاب الحجج الخطابيّة، أو أهل الموعظة، العاجزين عن متابعة البرهان العقليّ: وهؤلاء ينبغي عليهم أن يؤمنوا حرفيًّا بكلّ الرُّموز، وكلّ النُّصوص المتشابهة، دون استثناء، أمّا الفريق الثالث من النفوس، وهم وسط بين الفريقين الآخرين، وأعني بهم أهل الجَدَل (les théologiens)، أي المتكلِّمين (les motékallemîn)، القادرين على إدراك صعوبات النُّصوص والبَحْث في هذه الصعوبات، ولكنّهم عاجزون عن فهم تفسيرها الحقيقيّ، فعلى الفَلاسِفَة أن يقدّموا إليهم، وهم نفوس مريضة، الدواء الوحيد الناجح لمرضهم الجَدَليّ، وطريقتهم الشاذّة المختلطة -ونعني به: تأويلات شبه عقليّة وشبه إيمانيّة[102]. ويدافع جوتييه عن هذا التفسير مرّةً أخرى في مقدّمة ترجمته الفَرَنْسيَّة لـ«فَصْل المَقَال» الجَزَائِر، عام 1942[103].
ويخلص جوتييه إلى القول: «إنّ ابن رُشْد إنّما هو فَيلَسُوف عقلانيّ (Rationaliste)، بالمعنى المطلق للكلمة[104]، عندما يخاطب الفَلاسِفَة -أيّ البرهانيون أو أهل التَأْوِيل اليقينيّ؛ لأنّ هذه الفئة من الناس تقوم بتأويل كلّ النُّصوص، حتّى الغامضة منها، ولا تقبل لا بالأسرار ولا بالمعجزات، ولكنّه إيمانيّ لا عقلانيّ- عندما يخاطبون عامّة الناس؛ أي الخطابيّون لأنّ هذه الفئة غير قادرةٍ على فهم الاستدلالات العقليّة، وهكذا فإنّ على الخطابيّين التقيّد حرفيًّا بالرُّموز وبكلّ النُّصوص الغامضة دون استثناء، أمّا الفئة الثالثة المتوسّطة بين الفئتين السابقتين، فهي فئة اللاَّهوتيّين (Les Théologiens) (الجَدَليّون)، أي أهل التَأْوِيل القادرين على إدراك صعوبة النُّصوص، دون أن يستطيعوا فهم التَأْوِيل الحقيقيّ لها ما لم يلجأوا إلى الفَلاسِفَة وحكمة العقل»، إذًا هناك في وجهة نظر جوتييه ثلاثة أنواع من التَّعْلِيم: تعليم خفيّ (ésotérique) خاصّ بالفَلاسِفَة؛ وتعليم ظاهريّ سهل الإدراك (exotérique) خاصّ برجال الدِّين (الخطابيّون)؛ وتعليم مختلط (mixe) خاصّ باللاَّهوتيّين (الجَدَليّون)[105].
كتاب المدخل لدراسة الفَلْسَفَة الإِسْلاميَّة[106]
خرج الْكِتَاب بعد مجموعةٍ من المحاضرات ألقاها ما بين عامي (1907-1908م) بمَدْرَسَة الآدَاب العُلْيَا بالجَزَائِر، -وهي المَدْرَسَة التي صارت كُلِّيَّة بعد ذلك التَّارِيخِ- وكان العنوان الذي جعله لهذه المحاضرات هو: «الفَلاسِفَة الْمُسْلِمون والإِسْلام»، على أنّ الجانب الغالب من المسائل التي تناولها بالدراسة، كان قد عولج -على حد قول جوتييه- من قبل في دروس الأعوام السابقة منذ عام 1899م. وقد ظلّ هذا البَحْث مَخْطُوطًا زمنًا طويلًا، إذ كان مُعدًّا للطبع منذ عام 1909م، ولولا ظروف حالت دون نشره لظهر منذ ذلك العام[107].
قسَّم المؤلف الْكِتَاب إلى ثلاثة فصول، وجعل بعدها ملحقًا، ففي الفصل الأوّل تحدَّث عن العقليّة السَّاميَّة والعقليّة الآريّة، وفي الثاني عن الفَلْسَفَة الْإِغْرِيقِيَّة، وفي الثالث عن الدِّين الإِسْلاميّ. وهو في هذين الفصلين، الثاني والثلاث، كان يُعنى برسم الخطوط البارزة، وتوضيح المميزات والخصائص المهمّة، وبيان المشاكل الأساسيّة. أمّا الملحق فقد ضمّنه موجزًا لأهمّ محاولات الفَلاسِفَة الْمُسْلِمِين التَّوْفِيق بين الفَلْسَفَة الْإِغْرِيقِيَّة والإِسْلام، وهي محاولة ابن رُشْد فَيلَسُوف الأَنْدَلُس الأشهر[108].
وفي هذا الْكِتَاب أكد جوتييه على أنّ الفَلاسِفَة الْمُسْلِمِين اهتمّوا بالتَّوْفِيق بين (الدِّين، والفَلْسَفَة). وكان هذا التَّوْفِيق من أنضج ثمار تفكير الفَلاسِفَة الْمُسْلِمِين. هذا العمل الذي تركّز فيه وفي سبيله فَلْسَفة فلاسفة الإِسْلام، وتساءل كثير من دارسي الفَلْسَفَة الإِسْلاميَّة عن بواعثه وأسبابه، والذي نجده مشتركًا بين كلّ هؤلاء الفَلاسِفَة من غير استثناء»[109].
تعرَّض في هذا الْكِتَاب لمجموعةٍ متنوّعةٍ من الأَفْكَار والمناقشات حول الإِسْلام وحضارته وفنونه وآدابه[110].
دراسة عن ابن رُشْد (سلسلة الفَلاسِفَة الكبار) 1948م
صدر عام 1948، ضمن سلسلة الفَلاسِفَة الكبار كتابه «ابن رُشْد»[111]، الذي استقصى فيه آراء الفَيلَسُوف الدِّينِيَّة والعِلْمِيَّة والفَلْسَفِيَّة. وقد ذهب إلى أنَّ نظرية ابن رُشْد في التَّوْفِيق بين الدِّين والفَلْسَفَة تمتاز بالأصالة والابتكار وأنّها استطاعت لأوّل مرّة في تَارِيخ الفِكْر البَشَريّ أن تشيِّد على أساسٍ عقلانيٍّ مذهبًا فلسفيًّا كاملًا، نظريًّا وعمليًّا في وقت واحد، ويقدّم هذا المُجَلَّد وصفًا مفصَّلًا للعقيدة الحقيقيّة للفَيلَسُوف الْعَرَبِيِّ الذي لم يكن بأيّ حالٍ من الأحوال، مصدرًا لعدم الْإِيمَان الدِّينيّ والإِلْحَاد[112].
عالج فيه القضيّة الشهيرة «الدِّين والفَلْسَفَة»[113].
ومن أبرز ما تناوله وصفه: «ابن رُشْد: عقليّ بأدقّ ما في الكلمة من معنى، ولكن من ذلك تخيّريّ؛ واسع الآفاق، ودين على طريقته الخَاصَّة، حريص على تعيين ما يوافق كلّ طبقة من أعمال العبادة ومظاهر الاعتقاد: فللعامّيّ والجمهور الدِّين كما هو لأنّه ضروريّ في حالته هذه لحفظ النظام الاجْتِمَاعِيّ، وللفَيلَسُوف دين العقل والبرهان الذي يستطيع به أن يشترك في حياة العقل الفعّال وأزليّته، وهو ينظر إلى الفقه نظرةً عنيفةً لأنّه بعيدٌ عن أن يكون طريقة عبادة وقريب من كلّ شغبٍ واضطراب، ولا يحقّ لأهله إلّا أن يُجبَروا على الصمت والتواري عن الأنظار، لقد تفوَّق على سابقيه من مُفكِّري الإِسْلام الذين عبَّدوا له الطريق بمؤلَّفاتهم، فكان أوسع اطلاعًا من الكِنْدِىّ والْفَارَابِيّ وابن بَاجَة، وأشدّ منطقًا واتزانًا من ابن سِينا الذي أخذ عليه أحلامه الصُّوفِيَّة، وأوهامه الاستدلاليّة، ومجاراته الأوهام ورجال الفقه، لقد استطاع ابن رُشْد أن يعطي مذهب التخيّر الأرسطيّ الأفلوطينيّ صورته الكاملة»[114].
إنّ موقف فَيلَسُوف قُرطبة يَتَلَخَّصُ في أنَّ الوحي والفَلْسَفَة مصدرهما الله؛ فلا يُمكن أن يتناقضا، بل لا بدَّ أن يكون بينهما وئام وتعاون متبادل، ولكن الوحي يفوق الفَلْسَفَة في مسائل أساسيّة، فإن اختلفا ظاهريًّا يجب خضوع الفَلْسَفَة للوحي[115]؛ وهو يجعل الوحي فوق العقل، ويُتبع هذا لذاك، أراد بها -كما يقول بحقّ جوتييه[116]-.
خامسًا: أبرز أطروحاته
قضيّة ودراسة عن «المسألة الخَاصَّة بسكان الجَزَائِر الأصليّين ومسلمو شمال إفْرِيقْيَا الفرنسيّون.. تحليل لكتابين حديثين»[117]، الجَزَائِر العَاصِمَة، 1906م
اهتمّ ليون جوتييه ببعض المسائل المَحَلّيّة بالجَزَائِر نتيجة معايشته للشعب الجَزَائِريّ بجانب ثقافته الاِسْتِشْرَاقِيَّة، فكتب مقالًا بعنوان: قضية ودراسة عن «المسألة الخَاصَّة بسكان الجَزَائِر الأصليّين ومسلمو شمال إفْرِيقْيَا الفرنسيّون.. تحليل لكتابين حديثين»[118].
وهذا الْكِتَابان هما: «قضيّة مرجريت» (margueritte)[119] أمام محكمة الجنايات في محافظة الهيرو «Hérault» تأليف برونيل «Camille Brunel»؛ والثاني هو كتاب: «المسلمون الفرنسيّون في شمال إفريقية» تأليف إِسْمَاعيل حَامِد[120]. (1857-1932)م، وقد ظهرا في الوقت نفسه»[121].
وكان ألفريد لوشاتلييه، أُسْتَاذ علم الاجتماع الإِسْلاميّ في الكوليج دي فرانس، هو الذي قدَّم كتاب إِسْمَاعيل حَامِد المذكور. وقد وجدنا الأمير شكيب أرسلان في العشرينات يستشهد منه ببعض الآراء، عندما كان يعلِّق على كِتَاب لوثروب (حاضِر العَالَم الإِسْلاميّ).
وكانت قضيّة إسماعيل حَامِد (Ismaël Hamet) وبرونيل (Brunel) مثيرةً للجدل، ويشكّلان منذ البداية تناقضًا حادًا[122].
أمّا برونييه فيرى أنّ الجَزَائِريين غير قابلين للاِنْدِماج «inassimilable» لأنّهم متعصّبون ومعارضون للتقدّم[123].
بينما يتنبنّى إِسْمَاعيل حَامِد دعوة الاِنْدِماج الحَضاريّ وتذويب الْمُجْتَمَع الجَزَائِريّ في الحَضَارَة الفَرَنْسيَّة، ويرى الاِنْدِماج على الأقلّ في المراكز الحضريّة «capitale»، هو تقريبًا حقيقة واقعة».
وينادي إِسْمَاعيل حَامِد بتفعيل دور النخبة المتفرنسة، ويمكن تصنيفه في فئة المنادين بالاِنْدِماج التدريجيّ والتعلم والتقارب مع الفرنسيّين، وكان متمكّنًا من اللُّغَة العَرَبِيَّة وله ثقافته الواسعة في مجال الأدَب الْعَرَبِيِّ والحَضَارَة الإِسْلاميَّة.
وأصدر إِسْمَاعيل حَامِد كتاب (مسلمو شمال أفريقية)، دعا فيه إلى تخلّي الجَزَائِريّين تدريجيًّا عن تَقَالِيدهم وأفكارهم القديمة كالتَّعصُّب الدِّينيّ، في نظره، وتطلّعهم إلى التعلّم وتقليد الفرنسيّين، وابتعادهم عن الشَّرْق والحياة القديمة. لم يدرس إِسْمَاعيل حَامِد الأسباب، ولكنّه وصف الواقع، ولم يدعُ إلى النَّهضة العَرَبِيَّة الإِسْلاميَّة بثورة عن الذات والرجوع إلى الأصول والاستفادة من حَضَاَرة الغَرْب، وإنّما دعا إلى الانطلاق من الحاضر؛ أي مما وصل إليه التَّأثير الفَرَنْسِيّ المتزايد في المجتمع الجَزَائِريّ، مطبّقًا للمخططات الفَرَنْسيَّة نفسها.
استقبل كتاب إِسْمَاعيل حَامِد بآراءٍ مختلطةٍ من الفرنسيّين، ولكن معظمها تحبِّذ استنتاجه، سيَّما من أولئك الذين يؤمنون بدور النخبة المستغربة في دمج الْمُجْتَمَع الأهليّ في البوتقة الفَرَنْسيَّة.
فكرة إِسْمَاعيل حَامِد في الاِنْدِماج والاستعداد، جعلت جوتييه يعقد مقارنةً بين كتاب إِسْمَاعيل حَامِد وكتاب برونيل، في مستهلّ مقالته أكدّ ليون جوتييه على أن هدف برونيل الأساس هو تحطيم الأسطورة (de ruiner la légende)، التي يستغلّها محامي قتلة Marguerite[124]، ويؤكّد برونيل على أنّ الجَزَائِريّ غير قابل للاِنْدِماج، مستشهدًا بما حدث في قضيّة عين التركيّ[125] (مرغريت) عام 1901. فقد قال إنّ الْمُسْلِمِين ثاروا عندئذٍ لانتزاع الأرض من المستوطنين الفرنسيّين، وأنّهم كانوا ضدّ الاستبداد الإداريّ، حسب ما جاء في الدفاع في أثناء المحاكمة[126].
ويرى برونيل أنّ العوائق مع الشعب الجَزَائِريّ في الاِنْدِماج كما قال بسبب «التَّعصُّب الدِّينيّ (Le fanatisme religieux)[127]، وإيمانهم بالمهديّ المنتظر وإيمانهم الدِّينيّ الذي ينظِّم كلّ سلوكهم، فرديًّا ومدنيًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا، فإنّهم يظلّون طوعًا على طريق الهاوية، غير قادرين على التعامل مع الشؤون العَامَّة، دورهم أن يعيقوا فقط تنمية الْبِلاد، وجعل سيطرتنا تواجه أكبر المخاطر»[128].
وقد دافع جوتييه عن رأي إِسْمَاعيل حَامِد وشرح وجهة نظره بأنّ حَامِد يرى أنّ الاِنْدِماج في المراكز الأُورُوبِّيَّة حقيقة واقعة[129]، وأنّه -حَامِد- ينتمي إلى هذه المراكز.
«والحقيقة أنّ الشعب الجَزَائِريّ، الذي احتلّته فَرَنْسَا، أصبح فرنسيّ اللُّغَة والحَضَارَة «Français de langue et de Civilisation»[130]. «وهذا ما يسمّيه حَامِد الاِنْدِماج «l’assimilation»، ولا يبدو أنّه يشكّ للحظة في أنّ هذا المنظور من الاِنْدِماج مفيد إلى أقصى حدّ؛ ويقترح أن يعجِّل بتدابيرَ معيّنةٍ بتَحْقِيقه وتشجيعه»[131].
وفسَّر إِسْمَاعيل حَامِد أحداث عين التركي، أنّ بعضهم يطمح في الزَّعامَة الشَّخصيّة، وبعض آخر بسسبب غضبه من الواقعة، وليس بسبب التَّعصُّب الدِّيني والتَّزَمُّت الذي يقول به أغلب الفرنسيّين، ومنهم برونيل.
وذكر جوتييه أنّ «إِسْمَاعيل قال إنّه سوف يثبت لنا أنّ الاِنْدِماج في المدن متقدّم جدًّا ومتقدّم بما فيه الكفاية، حتّى نتمكّن من إعطاء كلّ الْمُسْلِمِين في المدن الكبرى أوّلًا، ثمّ مسلمي المراكز الأخرى»[132].
وذكر جوتييه أنّ إِسْمَاعيل يرى أنّ «النخبة، وسكّان المدن، هم الذين يجب أن يبدأ استيعابهم بطبيعة الحال». أمّا عن الموقف من البدو الرحَّل: فالأوّل (برونيل) يعلن أنّهم غير قادرين على استيعابهم، والثاني (حَامِد) لا يجعل من الصعب الاتفاق على أنّ استيعابهم أمر إشكاليّ، رغم صعوبته فهو ممكن.
وتناول جوتييه وجهة نظر حَامِد التي تتبنّى وتؤيد الاِسْتِيطان الفَرَنْسِيّ في الجَزَائِر، وما يعود على الشعب الجَزَائِريّ بالفوائد التعليميّة الجمَّة، وهو أمرٌ لا غنى للجَزَائِريّين عنه[133].
كما أورد جوتييه حجج وبراهين إِسْمَاعيل حَامِد على الاِنْدِماج والاستعداد للذوبان، ألا وهو «الزواج المختلط» «Mariages mixtes»[134]، وقد تزوَّج هو نفسه من فَرَنْسيَّة ومثله رجال آخرون ومنهم رجال دين من أمثال: شريف وزّان وأحمد التجاني وأبو بكر (من أولاد سيدي الشيخ). وهذا في نظره ما يؤكّد وجود فئةٍ مستعدّةٍ لتقليد أُورُوبَّا، وهو يسمّيها الفئة (المتروبنة)[135].
وأكد جوتييه على رأي إِسْمَاعيل حَامِد الذي ذكره في كتابه على أنّه: «لا يوجد في الواقع دينٌ أكثر تسامحًا من الإِسْلام، ولا شعب أكثر تسامحًا من الْمُسْلِمِين»[136]. وقال حَامِد إنّ الدِّين الإِسْلامي أكثر الْأَدْيَان تسامحًا، وأنّ الْمُسْلِمِين أكثر الشُعُوب تسامحًا، وأنّ «الدِّين الإِسْلامي شرط ببراعة على الْمُسْلِمِين أن يكون لديهم القُدْرة على استيعاب الأجناس الأخرى»[137].
وفي ختام المناقشة، ترك جوتييه النهاية مفتوحةً لحلّ الإشكاليّة، وأنّه من الضروريّ الانتظار لبضعة أجيال لحلّ قضيّة الاِنْدِماج تلك، وننتظر ما سوف تسفر عنه الأيام، ولكن يظلّ في الوقت الحاليّ سرّ المستقبل «le secret de l’avenir»[138].
المساهمة في نقل الثَّقَافَة العَرَبِيَّة إلى الغَرْب
لقد تمكَّن ليون جوتييه من نقل الثَّقَافَة العَرَبِيَّة إلى الغَرْب من خلال ثلاثة محاور: الأوّل تَرْجَمة أمهات الْكُتُب العَرَبِيَّة إلى اللُّغَة الفَرَنْسيَّة، والثاني: تَحْقِيق كنوز من التُّرَاث الْعَرَبِيِّ الإِسْلاميّ تمثل في رِسَالَة حَيّ بن يَقْظَانْ لابن طُفَيْل وفَصْل المَقَال لابن رُشْد، والثالث: تقديم دراسات عن حَضَاَرة وتَارِيخ وفَلْسَفَة الإِسْلام.
وقد أسهمت أعمال جوتييه في التَّرْجَمَة والتَحْقِيق للتُّرَاث الإِسْلاميّ بدورها الفعال في التَوَاصُل بين الثقافتين الفَرَنْسيَّة والعَرَبِيَّة، وكذلك تدعيم وتطوير سبل التعاون في المجال الثَّقَافِيّ والتَّبادُل المَعْرِفِيّ بين الثقافات.
وأعانه على ذلك بطبيعة الحال تمكّنه من اللُّغَة العَرَبِيَّة واستبحاره في الحَضَارَة الإِسْلاميَّة والفَلْسَفَة والأدَب الْعَرَبِيِّ، ثمّ توسعه في دراسة فلسفات أهل الشَّرْق وعاداتههم وتَقَالِيدهم، ومعتقداتهم وأساطيرهم. وقد أفاد الثَّقَافَة العَرَبِيَّة فوائدَ عديدةً منها: مساهمته في نشر الثَّقَافَة العَرَبِيَّة في أُورُوبَّا، وتَرْجَمة كثير من كُتُب التُّرَاث الْعَرَبِيِّ إلى اللُّغَة الفَرَنْسيَّة، وكذا تصحيح فكرة الشُعُوب الأُورُوبِّيَّة عن العرب والإِسْلام، وكذلك نشر كثيرًا من كُتُب التُّرَاث نشرًا علميًّا، أضف إلى ذلك كتابة العديد من الْمُؤَلَّفات النفيسة عن الحَضَارَة العَرَبِيَّة والإِسْلاميَّة.
يمكننا القول إنّ الشَّرْق كان ملاذًا حقيقيًّا لتطلّعات الغَرْب بوجهٍ عامّ، في الوقت الذي كان فيه الغَرْب ينظر إلى الشَّرْق نظرة الريبة والشكّ والقصور والتخلّف، وما إن جاء دور الاِسْتِشْرَاقِ حتّى غيَّر رؤيته نحو الشَّرْق واستجاب لدور الحَضَارَة العَرَبِيَّة الإِسْلاميَّة وفنونها عبر وسطاءٍ من أمثال ليون جوتييه، الذي كان له الأثر البالغ الأهمّيّة على هذا التغيير.
وما زاد من دوره في التواصل الحضاريّ بين الشعوب هو تخصّصه في تحقيق المخطوطات العربيّة وبرع فيها؛ فكان واسع المَعْرِفة والاطِّلاع على المَخْطُوطات ونُسَخِها، ويسعى للحصول عليها؛ بل ويخضعها لميزانٍ نقديٍّ حسَّاس، وكان يجمع أكبر قدرٍ ممكنٍ من البَيَانَات والمَعْلُومَات، المتعلَّقة بموضوع المَخْطُوط الذي يقوم على تَحْقِيقه، فكان يدرس المَخْطُوطات دراسة دقيقة، وكان يطَّلع على فَهارِس المَكْتَبات (des bibliothèques) المصريّة والعثمانيّة (turques et égyptiennes) إلخ.
كما كان «جوتييه» واسع الاطِّلاع على كُتُب التُّرَاث ومَصَادِره في مختلف جوانب البَحْث والمَعْرِفة، ومعرفة مناهج المؤلِّفين وتوجّهاتهم العِلْمِيَّة، وطرق البَحْث في مصنَّفاتهم حول شتّى العُلُوم، مما يساعد المُحَقِّق على تحرير وتوثيق نُصُوص الْكِتَاب الذي يعمل على تَحْقِيقه، وكان من عادته في التَحْقِيق أن يعمل على تجميع نسخ المَخْطُوطَة المدروسة، والمقارنة بينها وتحديد منازِل النُسَخ، وعدد أوراق المَخْطُوطَة، ونوع الترقيم الموجودة ومقاس الصفحة طولًا.
ولكي يتوصّل إلى معرفة النُسَخ المختلفة للكِتَاب الواحد، كان يرجع إلى فَهارِس المَكْتَبَات والأَعْمَال البِبْلُوجْرَافِيّة، ويتّضح من أعماله أنّه يلتزم التحرّي والتقصّي الدقيق للمَخْطُوطَة التي يقوم على تَحْقِيقها.
كان «جوتييه» محقِّقًا من طِرازٍ رفيع، فلم يكن يكتفي بمجرّد إخراج النَّص ومقابلة النُسَخ على بعضها، وإنّما كان يدرس النَّصّ ويعمل على تخريج النُّصوص؛ أي ردُّها إلى مَصَادِرها، فإنْ كانت آية قرآنيّة ذكر السورة التي وردت بها ورقمها فيها، وإن كان حديثًا، ذكر المَصْدَر الذي ورد به، وإنْ كان نصًّا من كِتَاب، رجع إليه في مصدره للتثبّت منه وأثبت المَصْدَر والصفحة التي نقل عنها.
كان يفاضل بين المَخْطُوطات ويشرح الفروق بينها، ويتعرّض للتَصْحِيف والتَحْرِيف فيهم. كما كان يقوم بإثبات التعليقات والشروح، كالتعريف بالمواضيع والأشخاص المذكورين في النَّص، وتفسير العبارات الغامضة التي تحتاج إلى بسط ليتسنّى فهم المراد منه، وكذلك التنبيه على الأخطاء العِلْمِيَّة التي وقعت في النَّصّ.
وكان جوتييه ثريًّا في إيراد التعليقات والإحالات والهوامش والفَهَارِس، وكان يضع فهرسًا للآيات القُرْآنيّة، وآخر للأحاديث، وثالث للأعلام، ورابع للغة وخامس للشِّعر، إلخ. وكان يضع بندًا تحت عنوان: «تَصْحِيحَات وإضَافَات»، فيقوم باستدراك ما فاته في التَحْقِيق أو وقع في خطأ فيه.
تخصّصه في التَّرْجَمَة
كما شكّلت التَّرْجَمَة من العَرَبِيَّة للفَرَنْسيَّة، رافدًا آخر من روافد تكوين جوتييه الفِكْريّ؛ وكانت وسيلة لاطّلاع الغَرْب على خصائص الْمُجْتَمَعات العَرَبِيَّة الدِّينيّة، والتَّارِيخِية والثَّقَافِيَّة.
وقد أدَّت تلك التَرْجَمَات دورًا بارزًا في انفتاح الغَرْب على تُراث العَالَم الشَّرْقيّ وتهافت عليه أهل الغَرْب؛ فهي وسيلة التَوَاصُل الأولى عبر الثَّقَافات، وأنّها أيضًا السبيل الأوحد لتَحْقِيق الذات من خلال جسر التَثاقُف، والإحساس بمدارك التَّرْجَمَة، بوصفها فعلًا ثقافيًّا يضعنا أمام حقيقة التَّفَاعُل الثَّقَافِيّ بين الْأُمَم، وقد أسهمت تَرْجَمَات جوتييه بدورها الفعَّال في التَوَاصُل بين الثقافتين الفَرَنْسيَّة والعَرَبِيَّة، ومن ثَمّ إيجاد نقاط التقاء بين الثقافتين؛ لأنّ التَّرْجَمَة حقلٌ معرفيٌّ مُشْتَرَك، يؤدّي دور التَوَاصُل بين النَّص الأصليّ (لغة المَصْدَر)، واللُّغَة التي ينتقل إليها النَّصّ (لغة الهدف)، وهي أيضًا فعلٌ إبداعيّ، ونشاطٌ لُغويّ وفعلٌ ثَقَافِيّ يقوم على إعادة تأهيل الثَّقَافَة الإنْسَانِيَّة وإعادة إنتاجها على نحوٍ واعٍ، وضرورة حضاريّة.
وتوافرت في ليون جوتييه مواهب وقدراتٍ متعدّدةً مكَّنته من أن يتفّهم النَّص الْعَرَبِيِّ ويستوعب معناه جيّدًا وينقله بأمانة من العَرَبِيَّة إلى الفَرَنْسيَّة، وكان يتقن لغة النَّص الأصليّ، فاستطاع أن يتفّهم أبعاده ومدلولاته، لكي ينقل أفكاره العميقة بدقّة.
وقد عَرفت حركة التَّرْجَمَة على يد جوتييه في تلك الفترة، نشاطًا مكثَّفًا في مختلف مجالات الحياة الفِكْريَّة والأدَبِيَّة، وهو ما أسهم بشكلٍ واضحٍ في وصول ذخيرةٍ مهمّةٍ من المَخْطُوطات الإِسْلاميَّة والعَرَبِيَّة التي انكبَّ على ترجمتها، واعتمد عليها في صياغة أهمّ الدِّرَاسَات الاِسْتِشْرَاقِيَّة حول الفِكْر الفَلْسَفِيّ الإِسْلاميّ.
نجح «جوتييه» بلا شكّ في نقل الثَّقَافَة العَرَبِيَّة والإِسْلاميَّة إلى أُورُوبَّا، وقاد حركةً فكريّةً اتَّجهت أكثر نحو النقل من العَرَبِيَّة إلى الفَرَنْسيَّة، في محاولةٍ لمعرفة «الآخر» وإيجاد سبل للتَوَاصُل معه. وقد شارك في هذه المهمّة بنجاح.
أخرج «جوتييه» على سبيل المثال نَصّ «حَيّ بن يَقْظَان» تَرْجَمة وتحقيقًا كثمرةٍ من ثمار ثقافة الشَّرْق، وأحدثت تلك التَّرْجَمَة والتَحْقِيق هزَّةً جَماليّةً وفَلْسَفِيّة، فعلى المستوى الجماليّ أضافت إلى الخيال الأوروبيّ أبعادًا رمزيّة، وفجَّرت لديه طاقةً لا متناهية من الإيحاء بسردها الإدهاشيّ وقصصها العجائبيّ، وخلقت في وجدانه إيقاعًا رومانسيًّا حالمًا، وزوَّدته بروحانيّة الشَّرْق، وهذا لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة تشبُّع «جوتييه» بثقافة اللُّغَة العَرَبِيَّة المراد نقلها، وتمكّنه من عقليّة هذه اللُّغَة، فضلًا عن تعاطفه معها، وفي هذا ما يعزّز مكانة الارتباط الوثيق بين التَوَاصُل والتَثاقُف في فعل التَّرْجَمَة.
وهكذا، فإنّ تَرْجَمة وتَحْقِيق رِسَالَة «حَيّ بن يَقْظَانْ» لجوتييه، قد دشَّنت عصرًا من المثاقفة، وتوَّجت مرحلةً من العطاء الفِكْريّ والفنّيّ جعل أقطاب الأدَب العالميّ يتوحّدون مع هذا التُّرَاث حبًّا، وينصهرون فيه عشقًا. كذلك طوَّر أهل الغَرْب -بفضل احتكاكهم بالثَّقَافَة الشَّرْقِيَّة ومنها حَيّ بن يَقْظَانْ- ذوقهم، وأصبح مثاليًّا في الفَنّ والإبْدَاع.
قدَّم الشَّرْق للعالم الغَرْبيّ، فضاءً بكرًا من المتعة، والحلم، والخيال، أضرمت به حَيّ بن يَقْظَانْ مشاعر الأوروبيّين، فاستلهموا رموز ذلك الفضاء، وأعادوا بناءها، وسخَّروا أجواء الشَّرْق لخدمة أغراضهم الفنّيّة التي اتَّسعت بفضل المؤثّرات الأجنبيّة، إذ صنعت أقاصيصهم عن الحبّ، وحكاياتهم عن المخاطر، والأشعار، وعرف الغَرْب عوالم من الخرافات والخوارق تتجاوز حدود الكائن باختراق عالَمه الأرضيّ، وأدرك الفرنسيّون، والأوروبيّون بعامّة، كيف ينشئون عوالمَ من الغرابة والوحي، ويتخطّون بها واقعهم المبتذل، وكيف يقارنون نتاجهم بنتاج غيرهم ضمن القُدْرة على التَّفَاعُل مع الآخر، ليدمجوا فيه جهدهم الإبْدَاعيّ الخَلاَّق.
وبذلك تكون تَرْجَمة جوتييه لرِسَالَة «حَيّ بن يَقْظَانْ» قد أسهمت في إحداث انقلابات في الذوق والتصوّر والفهم، واستعان بها كبار الكُتَّاب في ابتكار الأدوات الشعريّة، والرُّموز الفنّيّة، والحبكات القصصيّة، فتطوّرت لديهم صناعة الرِّوَايَة والمسرح والشِّعر، بأبعد ما كانوا يتوقّعون.
ولعلّ هذه هي أكثر العوامل إسهامًا في نجاح ترجمته، وانتشارها في أُورُوبَّا، وتشهد جُلّ الدِّرَاسَات بتفوّق هذه التَّرْجَمَة التي كان لها تأثيرات واسعة في الأوساط الفِكْريَّة والأدَبِيَّة، وفي نفوس المثّقفين والمتعلِمين في أُورُوبَّا، ومارست على الفرنسيّين إغراءً كبيرًا؛ لأنّها جاءت في وقتٍ كانت الآدَاب في فَرَنْسَا تمرّ فيه بأزمةٍ خطيرة؛ ذلك لأنّ الجمهور قد ملَّ سماع آداب اللاتين والْيُونَان.
أسهمت تلك التَرْجَمَات التي قام بها «جوتييه» في إذابة الحدود بين الثقافات والتَوَاصُل الحَضاريّ المُثْمِر بين الشُّعوب؛ فالتلاقُح الذي تحدثه التَّرْجَمَة يعد ثَمَرةً من ثَمَرات الإنجازات المتطورة بين الثَّقَافات.
وقد نجحت تَرْجَمَاته في الوصول إلى روح عالَم الشَّرْق الفِكْري والسِحْرِيّ ونقلِه إلى الغَرْب بكل ما فيه من تشويقٍ وجمالية. وأنعش نتاجات الخيال الأوروبي الذي أثارته روائع الطَّبِيعَة الشَّرْقِيَّة.
ولقد أكسبت تلك الخبرات «جوتييه» أساليبَ عِلْمِيَّة في الْكِتَابة وقيمًا جماليّة، ومضامين فكريّة، فانبهر بها كلُّ من تلقّاها، وتخطَّت حدود مكان ترجمتها لأوّل مرّة لتصل إلى باقي دول العَالَم؛ لأنّ التَّرْجَمَة ليست مجرّد نقل نصّ من لغةٍ أولى إلى لغةٍ ثانية، بل هي نقلٌ حضاريٌّ للنصّ الأَوَّل من حَضَاَرةٍ إلى حَضَاَرةٍ أخرى، أو من نسقٍ ثقافيٍّ ما إلى نسقٍ ثقافيٍّ آخر.
وهكذا يمكننا القول إنّ ليون جوتييه نجح وببراعة فائقة في إيجاد قنوات متعدّدة للحوار الثقافيّ بين الشرق والغرب.
لائحة المصادر والمراجع
ابن رُشْد، فَصْل المَقَال فيما بين الحكمة والشَّرِيعَة من الاتصال، الْقَاهِرَة، 1910.
ابن طُفَيْل: حَيّ بن يَقْظَانْ، تَحْقِيق: جميل صليبا وكامل عياد، مطبعة الترقّي، دمشق، ط2، 1939م، من مقدّمة المحقّقين.
أبو القاسم سعد الله: تَارِيخ الجَزَائِر الثَّقَافِيّ، دار البصائر للنشر والتوزيع- الجَزَائِر، 2007م، ج6؛ محمد ولد عبد الحي: البحث في حقل التَّرْجَمَة بموريتانيا. حوليّات كُلِّيَّة الآدَاب، العدد6، بتاريخ 1999.
بورشاشن، إِبْرَاهِيم: كيف أخرج الناشرون قصة حَيّ بن يَقْظَانْ لابن طُفَيْل، مجلة مدارات فلسفية، الجمعية الفَلْسَفِيَّة المغربية، عدد 6، 2001م.
بورشاشن، إِبْرَاهِيم: كيف قرأ الدارسون قصة حَيّ بن يَقْظَانْ لابن طُفَيْل، مجلّة مدارات فلسفيّة، الجمعية الفَلْسَفِيَّة المغربيّة، عدد 3، 2000م.
بورشاشن، إِبْرَاهِيم: معالم من التجربة الفَلْسَفِيَّة لابن طُفَيْل، مجلة التَّارِيخِ العربيّ، الرباط، شتاء 1998م، ع 5.
بورشاشن، إِبْرَاهِيم: هل نحن في حاجة إلى ابن طُفَيْل؟ سليكي أخوين، طنجة، 2016م.
بوزورث، كليفورد: تراث الإسلام، تَرْجَمة: حسين مؤنس وآخرون، سلسلة عالم المَعْرِفة، العدد 12، الكويت، 1978م، ج2.
جوتييه، ليون، المدخل لدراسة الفَلْسَفَة الإِسْلاميًّة، ترجمه وعلّق عليه: محمد يُوسُف مُوْسَى، نشرته دار الكتب الأهليّة مرّةً. الْقَاهِرَة، 1945م، ومرة أخرى نشرته دار الورّاق، بيروت، 2017م.
سعد الله، أبو القاسم: تَارِيخ الجَزَائِر الثَّقَافِيّ، دار البصائر للنشر والتوزيع، الجَزَائِر، 2007م، ج6.
كمال، بيرم، احتلال منطقة سَطِيف وتطور حركة الاِسْتِيطان الأوروبي: مساهمة تاريخية، المَجَلَّة التَّارِيخِية الجَزَائِرية، جَامِعَة محمد بوضياف المسيلة، مخبر الدِّرَاسَات والبحث في الثورة الجَزَائِريّة، ع 1، 2017م.
محمد، بكار: أحداث بلدية حمّام ريغة بمليانة يوم 26 أبريل 1901 حسب تقارير الإدارة الاستعماريّة مجلة الأكاديميّة للدراسات الاجْتِمَاعِيَّة والإنْسَانِيَّة، عدد 14، يونيو، 2015م.
مَحْمُود، عَبْد ٱلْحَلِيم، فلسفة ابن طُفَيْل، دار الكتاب المصريّ، دار الكتاب اللبنانيّ، الْقَاهِرَة - بَيْروت، 1990م.
مُوْسَى، محمّد يُوسُف، مقدّمة ترجمته لكتاب جوتييه، المدخل لدراسة الفَلْسَفَة الإسلاميَّة.
يحيى، مراد، مُعْجَم أسماء المُسْتَشْرِقين، دار العِلْم للملايين، بيروت، 1993م.
لائحة المصادر الأجنبيّة
Analyse du traité d’Ibn Rochd intitule, Accord de la Religion et de la Philosophie., Gauthier, Léon, La théorie d’Ibn Rochd.
Gauthier, Léon, Traité decisive sur l’accord de la religion et de la philosphie, suivi de l’Appendicexte traduction francaise remaniée avee notes et introduction, Car- bonel, Alger, 1942.
Gauthier, Léon, Hayy Ben Yaqdhân.
Gauthier, Léon, Ibn Thofail. Sa vie, ses oeuvres.
Gauthier, Léon, La théorie d’Ibn Rochd sur les rapports de la religion et de la philosophie, Paris, 1909.
Reviewed Work, Ibn Rochd (Averroès) by Léon Gauthier, Review by: George Sarton, Isis, Vol.41, No.1, Mar, 1950.
D’Agostini, Aldo, French Policy and the Hajj in Late-Nineteenth-Century Algeria: Governor Cambon’s Reform Attempts and Jules Gervais-Courtellemont’s Pilgrimage to Mecca. n: The Hajj and Europe in the Age of Empire, Brill, 2017.
Daiber, Hans, Bibliography of Islamic Philosophy: Alphabetical list of publications, Vol 1, Brill, 1999.
Deuxième partie, OEuvres d’Ibn Thofaïl, Gauthier, Léon, Ibn Thofail. Sa vie, ses oeuvres.
Dussaud, René, Léon Gauthier, Ibn Rochd (Averroès), In: Syria. Tome 27 fascicule 3- 4, 1950.
Exposé de la réforme de l’islamisme commencée au IIIe siècle «de l’hégire, par... El - Ash’ari.
Gauthier, Léon, Ibn Rochd (Averroés), Paris, 1948.
Gauthier, Léon, Introduction à l’étude de la philosophie musulmane, Paris, 1923.
Gauthier, Léon, La Question indigène en Algérie et les musulmans français du Nord de l’Afrique, analyse de deux livres récents, impr. de S. Léon, Alger,1906.
Gauthier, Léon, La théorie d’Ibn Rochd sur les rapports de la religion et de la philosophie, Paris, 1909.
La Question indigène en Algérie et les musulmans français du Nord de l’Afrique, analyse de deux livres récents.
Messaoudi, Alain, Les arabisants et la France coloniale. Annexes, Lyon: ENS Éditionsm 2015.
Première partie. Vie d’Ibn Tliofaïl, Gauthier, Léon, Ibn Thofail. Sa vie, ses oeuvres.
Troisième partie Le roman philosophique d’Ibn Thofaïl, Gauthier, Léon, Ibn Thofail. Sa vie, ses oeuvres.
De Pastre, Béatrice, and Devos, Emmanuelle., Les couleurs du voyage. L’oeuvre photographique de Jules Gervais-Courtellemont, Paris Musées & Philéas Fogg, Paris, 2002.
-----------------------------------------------------
[1][*]- جامعة عين شمس، مصر.
[2]- للمزيد انظر: بيرم، كمال، احتلال منطقة سَطِيف وتطوّر حركة الاِسْتِيطان الأوروبيّ، ص47-70.
[3]- Messaoudi, Alain, Les arabisants et la France coloniale. Annexes, Lyon: ENS Éditionsm 2015, p178.
[4]- Messaoudi, Alain, Les arabisants et la France coloniale. p178.
[5]- ليون، جوتييه، المدخل لدراسة الفَلْسَفَة الإِسْلاميًّة، ص28، 72-73-74. وسوف نعرض لذلك بالتفصيل في حينه.
[6]- Jules Gervais-Courtellemont 1863-1931م وُلد في مقاطعة سين ومارن، بالقرب من باريس، لكنّه نشأ في الجَزَائِر، في عام 1894 تحوَّل إلى الإسلام وحجّ إلى مكّة. الصور التي تمّ جمعها في تركيا وفلسطين ومصر وتُونِسْ وإسبانيا والهند والْمَغْرِب والصين، شكَّلت الأساس لمحاضراته المصوّرة الشعبيّة، والتي صوّرها بشرائح الفانوس. مع اندلاع الحرب العالميّة الأولى، عاد كورتيلمونت إلى مقاطعته الأصليّة لتسجيل الحرب. بعد الحرب، بدأ كورتيلمونت العمل في مطبوعة أمريكيّة. في النهاية أصبح مصوّرًا لـ ناشيونال جيوغرافيك. في عام 1911، افتتح كورتيلمونت Palais de l’autochromie في باريس، والتي تضمّ قاعة للمعارض واستوديو ومختبر وقاعة محاضرات بسعة 250 مقعدًا. وفي هذه القاعة، كان كورتيلمونت سيعرض أعمال «أوتوكروم» autochromes الخاصّة به. للشرق وبعد عام 1914، من الحرب، وخاصّةً ساحات القتال في «مارن». أثبتت هذه المحاضرات أنّها تحظى بشعبيّةٍ كبيرة، حتّى أنّ كورتيلمونت أصدرت سلسلةً من اثني عشر جزءًا، والتي أصبحت في وقت لاحق منضمّةً في شكل كتاب يسمّى «معركة مارن»، وسلسلة لاحقة من أربعة أجزاء بعنوان «معركة فردان». وكانت هذه هي الْكُتُب الأولى التي تنشر بالألوان عن الحرب. بين عامي 1923 و1925، كتب مؤلَّفًا من ثلاثة مجلّدات بعنوان La Civilization - Histoire sociale de l’humanité، موضّحة بصوره. كان صديقًا مدى الحياة للروائيّ والمُسْتَشْرِق والمصوّر لوتي بيير. في حين أنّ أكثر من 5500 قطعة من لوحات Gervais-Courtellemont باقية على قيد الحياة في مجموعات مؤسّسيّة مختلفة، إلّا أنّ عمله في أيدي القطاع الخاصّ نادر جدًّا، وقد تمّ البحث عنه. توفي كورتيلمون في عام 1931م.
De Pastre, Béatrice, and Devos, Emmanuelle, Les couleurs du voyage. L’oeuvre photographique de Jules Gervais-Courtellemont, Paris Musées & Philéas Fogg, Paris, 2002, p21.
[7]- Messaoudi, Alain, Les arabisants et la France coloniale. p178.
[8]- D’Agostini, Aldo, French Policy and the Hajj in Late-Nineteenth-Century Algeria: Governor Cambon’s Reform Attempts and Jules Gervais-Courtellemont’s Pilgrimage to Mecca. n: The Hajj and Europe in the Age of Empire, Brill, 2017, p112,126.
[9]- Daiber, Hans, Bibliography of Islamic Philosophy: Alphabetical list of publications, Vol 1, Brill, 1999, p338.
[10]- Jules-Émile Alaux .1828-1903
[11]- من أعماله: الميتافيزيقيا كعلم 1879، المشكلة الدِّينيّة في القرن التاسع عشر 1890، الفَلْسَفَة الأخلاقيّة والسِّياسيَّة 1894 Theory of the och الروح البشريّة 1895.
[12]- Victor Cousin 1792- 1867.
[13]- Messaoudi, Alain, Les arabisants et la France coloniale. p178.
[14]- René de la Blanchère 1853- 1896.
[15]- Émile Masqueray 1843 -1894.
[16]- Édouard Cat 1856 -1903.
[17]- Messaoudi, Alain, Les arabisants et la France coloniale. p178.
[18]- Gauthier, Léon, La théorie d’Ibn Rochd sur les rapports de la religion et de la philosophie, Paris, 1909, p170.
[19]- جوتييه، المدخل لدراسة الفَلْسَفَة الإسلاميَّة، ص79.
[20]- Cours Pratique et théotique de langue arabe.
[21]- جوتييه، م.س، ص79.
[22]- م.ن.
[23]- La Langue Arabe Et Ses Dialectes.
[24]- جوتييه، م.س، ص71.
[25]- La poésie arabe anté-islamique.
[26]- جوتييه، م.س، ص87، 89، 106.
[27]- ضمن منشورات مجمع النُقُوش والآدَاب.
Memoire sur divers événements de l’histoire des Arabes avant l’islamisme, dans les Mémoires de l’Académie des inscriptions et Belles – letters.
جوتييه، م.س، ص146.
[28]- جوتييه، م.ن، ص 146
[29]- Essai sur l’ histoire des Arabes avant l’islamisme.
[30]- جوتييه، م.س، ص146.
[31]- جوتييه، م.س، ص152.
[32]- Muhammeds Lehre von.
[33]- جوتييه، م.س، ص154.
[34]- Islam under the Khalifs of Baghdad.
[35]- جوتييه، م.س، ص156.
[36]- The faith of Islam.
[37]- جوتييه، م.س، ص157.
[38]- Ignác Goldziher )1850-1921(.
[39]- Le culte des saints chez les Musulmansوهو مقال ظهر في مجلة تَارِيخ الْأَدْيَان، ج2، جوتييه، م.س، ص156.
[40]- August Mehren (1822- 1898).
[41]- Exposé de la réforme de l’islamisme commencée au IIIe siècle de l’hégire, par... El - Ash’ari.
[42]- جوتييه، م.س، ص159.
[43]- Essai Sur L›histoire De L›islamisme.
[44]- جوتييه، م.س، ص159.
[45]- le Mahometisme le génie sémitique et le génie aryen.
[46]- يحيى، مراد، مُعْجَم أسماء المُسْتَشْرِقين، ص430-431.
[47]- Messaoudi, Alain, Les arabisants et la France coloniale, p179.
[48]- عَبْد ٱلْحَلِيم، مَحْمُود، فلسفة ابن طُفَيْل، ص6.
[49]- Gauthier, Léon, Hayy Ben Yaqdhân, p. III.
[50]- Ibid, p.III.
[51]- Edward Pococke (1604- 1691).
[52]- كليفورد، بوزورث، تراث الإسلام، ج2، ص77.
[53]- نشرت قصة «حَيّ بن يَقْظَانْ» في الْقَاهِرَة؛ نشرة دار الوطن التي تضم 60 صفحة، ونشرة وادي النيل التي تضمّ 41 صفحة والتي يلاحظ عنها جوتييه أنّها غير مطبوعة جيدة كسابقتها. إِبْرَاهِيم، بورشاشن، كيف أخرج الناشرون قصّة حَيّ بن يَقْظَانْ لابن طُفَيْل، ص100-101.
[54]- هل نحن في حاجة إلى ابن طُفَيْل؟، م.س، ص108.
[55]- Gauthier, Léon, Hayy Ben Yaqdhân, p. V.
[56]- هل نحن في حاجة إلى ابن طُفَيْل؟، م.س، ص122.
[57]- Gauthier, Léon, Hayy Ben Yaqdhân, p. III.
[58]- هل نحن في حاجة إلى ابن طُفَيْل؟، م.س، ص125.
[59]- م.ن، ص125.
[60]- Gauthier, Léon, Hayy Ben Yaqdhân, p. XXII.
[61]- Ibid, p.XXIII.
[62]- Ibid, p.XXIII.
[63]- Ibid, Gauthier, Léon, Hayy Ben Yaqdhân, p.XXVI.
[64]- هل نحن في حاجة إلى ابن طُفَيْل؟، م.س، ص125-126.
[65]- Gauthier, Léon, Hayy Ben Yaqdhân, p.XXVII.
[66]- هل نحن في حاجة إلى ابن طُفَيْل؟، م.س، ص126.
[67]- هل نحن في حاجة إلى ابن طُفَيْل؟، م.س، ص127.
[68]- م.ن، ص126.
[69]- ابن طُفَيْل: حَيّ بن يَقْظَانْ، ص29-30.
[70]- Gauthier, Léon, Hayy Ben Yaqdhân, p17.
[71]- Ibid, pp67 -68.
[72]- Ibid, p. XXI.
[73]- عَبْد ٱلْحَلِيم، مَحْمُود، فلسفة ابن طُفَيْل، ص5.
[74]- Gauthier, Léon, Hayy Ben Yaqdhân, p5.
[75]- إِبْرَاهِيم، بورشاشن، كيف قرأ الدارسون قصّة حَيّ بن يَقْظَانْ لابن طُفَيْل، ص37.
[76]- Première partie. — Vie d›Ibn Tliofaïl, Gauthier, Léon, Ibn Thofail. Sa vie, ses oeuvres, p1.
[77]- Ibid, p1.
[78]- كيف قرأ الدارسون قصّة حَيّ بن يَقْظَانْ، م.س، ص37.
[79]- Gauthier, Léon, Ibn Thofail. Sa vie, ses oeuvres, p1.
[80]- كيف قرأ الدارسون قصّة حَيّ بن يَقْظَانْ، م.س، ص37.
[81]- Deuxième partie, OEuvres d’Ibn Thofaïl, Gauthier, Léon, Ibn Thofail. Sa vie, ses oeuvres, p23.
[82]- Ibid, p23.
[83]- Ibid, p31.
[84]- Ibid, p25.
للمزيد انظر: إِبْرَاهِيم، بورشاشن، معالم من التجربة الفَلْسَفِيَّة لابن طُفَيْل، ص208.
[85]- للمزيد انظر: إِبْرَاهِيم، بورشاشن، كيف قرأ الدارسون قصة حَيّ بن يَقْظَانْ، ص37.
[86]- Gauthier, Léon, Ibn Thofail. Sa vie, ses oeuvres, p26.
[87]- Ibid, p26.
[88]- Ibid, Gauthier, Léon, Ibn Thofail. p27.
معالم من التجربة الفَلْسَفِيَّة لابن طُفَيْل، م.س، ص208.
[89]-Troisième partie Le roman philosophique d’Ibn Thofaïl, Gauthier, Léon, Ibn Thofail. Sa vie, ses oeuvres, p59.
[90]- Ibid, pp60 -62.
[91]- Ibid, p86.
[92]- كيف قرأ الدارسون قصّة حَيّ بن يَقْظَانْ لابن طُفَيْل، م.س، ص38.
[93]- Gauthier, Léon, La théorie d’Ibn Rochd sur les rapports de la religion et de la philosophie, Paris, 1909.
[94]- Reviewed Work, Ibn Rochd Averroès by Léon Gauthier, Review by: George Sarton, Isis ,Vol. 41, No. 1 Mar., 1950, p104-106.
[95]- Analyse du traité d’Ibn Rochd intitule, Accord de la Religion et de la Philosophie., Gauthier, Léon, La théorie d’Ibn Rochd, p31.
[96]- Gauthier, Léon, La théorie d’Ibn Rochd, p31.
[97]- Ibid, p113 .
[98]- Ibid, p159.
[99]- Ibid, p5.
[100]- Ibid, p6.
[101]- ابن رُشْد، فَصْل المَقَال فيما بين الحكمة والشَّرِيعَة من الاتصال، ص8.
[102]- Gauthier, Léon, La théorie d’Ibn Rochd, p180.
[103]- Gauthier, Léon, Traité decisive sur l’accord de la religion et de la philosphie, suivi de l’Appendicexte traduction francaise remaniée avee notes et introduction, p. XII- XIII éd. Car- bonel, Alger, 1942.
[104]- Gauthier, Léon, La théorie d’Ibn Rochd, pp5, 70.
[105]- Ibid, Gauthier, Léon, La théorie d’Ibn Rochd, p70, 179- 181.
[106]- Gauthier, Léon, Introduction à l’étude de la philosophie musulmane, Paris, 1923.
[107]- جوتييه، المدخل لدراسة الفَلْسَفَة الإسلاميَّة، ص23.
[108]- محمّد يُوسُف، مُوْسَى، مقدّمة ترجمته لكتاب جوتييه، المدخل لدراسة الفَلْسَفَة الإسلاميَّة، ص17.
[109]- جوتييه، المدخل لدراسة الفَلْسَفَة الإسلاميَّة، ص24.
[110]- سنختار منها ونعرضها في حينها.
[111]- Gauthier, Léon, Ibn Rochd Averroés, Paris, 1948.
[112]- Dussaud, René, Léon Gauthier, Ibn Rochd Averroès, In: Syria. Tome 27 fascicule 3 -4, 1950. p363.
[113]- CHAPITRE I I I, RELIGION ET PHILOSOPHIE.
[114]- Gauthier, Léon, Ibn Roched, p280.
[115]- Ibid, p15.
[116]- Ibid, p141.
[117]- كما ألقى ليون جوتييه محاضرةً يوم 10 مايو، 1906، حول الكتابين، ونشرها في الجَزَائِر، 1906 في 8 صفحات.
أبو القاسم، سعد الله، تَارِيخ الجَزَائِر الثَّقَافِيّ، ج6، ص 241.
[118]- La Question indigène en Algérie et les musulmans français du Nord de l’Afrique, analyse de deux livres récents.
[119]- انتفاضة عين التركيّ المعروفة عند الأوروبيّين بـ(Margueritte)، حيث أخذت هذه القرية اسم الجنرال الفَرَنْسِيّ الذي قام بالطواف في السودان Jean Auguste Margueritte، ضدّ المستعمر الفرنسيّ في 26 أبريل 1901، بقيادة الشيخ محمّد يعقوب، والتي قمعت بوحشيّة ونكّل بأهلها ووضعت صور قادتها على بطاقات بريديّة للتشهير بهم أمام العالم...
بكار، محمد، أحداث بلديّة حمّام ريغة بمليانة يوم 26 أبريل 1901 حسب تقارير الإدارة الاستعماريّة مجلّة الأكاديميّة للدراسات الاجْتِمَاعِيَّة والإنْسَانِيَّة، ص57-62.
[120]- ولد إِسْمَاعيل حامد بالجَزَائِر في 4 أغسطس 1857 وتوفي بالرباط في 10 ديسمبر 1932، وقد توظف إِسْمَاعيل في سلك المترجمين في الجيش الفَرَنْسِيّ من عام 1877 إلى عام 1913، وتمّت إعارته لوزارة الحرب الفَرَنْسيَّة من عام 1904 إلى 1913 بوصفه مترجمًا رئيسًا. تمّ تعيينه من عام 1913 إلى 1919 رئيس مصلحة المصالح المدنيّة، ثمّ تمّ تعيينه عام 1925 مديًرا لمَعْهَد الدِّرَاسَات المغربيّ، حاز في فرنسا على وسام شرف برتبة فارس عام 1901 ووسام شرف برتبة ضابط عام 1911. وحاز على الوسام العلويّ في المغرب، ومنذ إنشاء الأكاديميّة الاستعماريّة للعلوم عام 1923، وهو عضوها بالمراسلة ولإِسْمَاعيل حامد الكثير من الْمُؤَلَّفات المتعلّقة بالْمَغْرِب وبالجَزَائِر وموريتانيا. وهو من أشدّ المؤيّدين للاندماج بفرنسا والحَضَارَة الأُورُوبِّيَّة. سعد الله، أبو القاسم تَارِيخ الجَزَائِر الثَّقَافِيّ، ج6، ص233؛ ولد عبد الحي، محمد، البحث في حقل التَّرْجَمَة بموريتانيا، ص158.
[121]- Gauthier, Léon, La Question indigène en Algérie et les musulmans français du Nord de l’Afrique, analyse de deux livres récents, impr. de S. Léon, Alger, 1906, p3.
[122]- Ibid, p3.
[123]- Ibid, p3.
[124]- Ibid, Gauthier, Léon, La Question indigène, p4.
[125]- «عين تركي» هي إحدى بلديّات ولاية عين الدفلى الجَزَائِريّة. تقع قرية عين التركي بالقرب من مدينة مليانة، على سفوح جبال زكار بين الأطلس البليديّ شرقًا وجبال الظهرة غربًا. ظلّت هذه المنطقة طيلة القرن التاسع عشر، بؤرة توتّر بسبب مقاومة السكان لأطماع المستعمرين الفرنسيّين وسياسات الإدارة الاستعماريّة تجاههم.
[126]- Gauthier, Léon, La Question indigène, p4.
[127]- Ibid, Gauthier, Léon, p4.
[128]- Ibid, p4.
[129]- Ibid, p5.
[130]- Ibid, p5.
[131]- Ibid, p5.
[132]- Ibid, p7.
[133]- Ibid, Gauthier, Léon, p4.
[134]- Ibid, p5.
[135]- Ibid, p7.
[136]- Ibid, p7.
[137]- Ibid, p7.
[138]- Ibid, p8.