البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

نظرية ما بعد الاستعمار استشراقًا مضادًا وميلادًا لعلم الاستغراب

الباحث :  أ. أحمد دحماني
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  39
السنة :  صيف 2024م / 1445هـ
تاريخ إضافة البحث :  June / 4 / 2024
عدد زيارات البحث :  635
تحميل  ( 469.390 KB )
الملخّص
تعدّ ثنائيّة الأنا والآخر من المقولات البارزة في نظريّة مابعد الاستعمار، التي تعمل على فضح الإيديولوجيّات الغربيّة وتقويض مقولاتها المركزيّة، وجاءت مرافقة لمرحلة مابعد الحداثة، فهي تهدف إلى تحليل ما أنتجته الثقافة الغربيّة، وفكّ العقدة المزدوجة بين الأنا والآخر، والجدل بين مركّب النقص عند الأنا والعظمة عند الآخر، ضمن رؤية نقديّة مستبصرة.

وإذا اعتبرنا الآخرَ موضوعًا للدراسة في إطار ما يسمّى بالاستغراب (occidentalism)، فهذا يجعلنا نتساءل عن الإشكالات الجوهريّة التي طرحتها نظريّة مابعد الاستعمار والتي تتعلّق بالاستغراب كالمركز والهامش وقراءة الفكر الغربي وأنساقه الثقافيّة وخطاباته المركزيّة، وهو ما يدعو إليه كثير من المثقّفين الذين ينتمون إلى نظريّة مابعد الاستعمار ودعوتهم إلى استشراق مضاد، وهو جوهر فلسفة الاستغراب موضوع هذه الورقة البحثيّة.

كلمات مفتاحية: مابعد الاستعمار؛ منهج؛ استغراب؛ مركز؛ هامش.

تقديم
لطالما تغنّت الأقلام الأوروبيّة بمركزيّة الحضارة الغربيّة والإعلان عن تفوّقها، والواقع أنّ الحضارة الإنسانيّة بمفهومها الشامل هي حضارة تشاركيّة ساهم في صنعها كلّ البشر وليست حكرًا على نموذج غربي يسعى لفرض هيمنته وعلوّه وإقصاء ما دونه. «فمنذ نشأة الحضارة الغربيّة في بلاد اليونان وثمّة اعتقاد راسخ لدى الغالبيّة العظمى من مفكّريهم ومؤرّخيهم بأنّهم الأصل لكلّ إنجاز بشري، وأنّه لولاهم لما كان هناك فلسفة ولا علم، وقد بُنيَ هذا الاعتقاد على أساس أنهم الجنس الأرقى، وأنّ ما عداهم لا يصلح إلّا للرقّ والعبوديّة»[2]، وقد سار على هذا الدرب معظم المؤرّخين بعد ذلك، معتبرين أن جلّ المنجزات الحضاريّة الكبرى مصدرها اليونان القديمة، فطال هذا المعتقد اليوناني إلى العصر الحديث للاستدلال به كركيزة من ركائز إثبات المركزيّة الغربيّة.

وقد ترسّخت تلك المركزيّة خلال حملات الغزو والاستعمار التي خاضها العالم الغربي لشعوب العالم الثالث من أجل فرض هيمنته وبسط نفوذه، لكن بعد تراجع الاستعمار التقليدي ظهرت خطابات مناهضة للكولونياليّة سمّيت مابعد الاستعمار، انطلاقًا ممّا سبق ذكره، هل يمكننا القول إنّ خطابات مابعد الاستعمار وما تناولته من قضايا قد أسهمت في بلورة مفهوم الاستغراب؟ وخاصّة أنها حملت على عاتقها نقض المركزيّة الغربيّة وتقويضها إلى أن ظهر الاستغراب كمصطلح مستحدث بل كمنظومة معرفيّة أو علم معاصر يعنى بفهم الغرب ومعاينته بالملاحظة والنقد ويكون نظيرًا لعلم الاستشراق، فهو مشروع معرفي حضاري من أولويّاته التعرّف على مناهج التفكير الغربي الفكريّة والثقافيّة والإيديولوجيّة وإعادة قراءتها بروح نقدية عارفة.

1. فلسفة الاستغراب وعلاقته بنظريّة مابعد الاستعمار
مابعد الاستعمار ينتقد المزاعم الشموليّة لنظم الفكر الغربيّة[3]، يمكننا الاكتفاء بهذا التعريف المختصر والجامع لنظريّة مابعد الاستعمار وما تتضمّنه من حمولات فكريّة في مقولاتها الكبرى، ولعلّ ذلك يؤكّد تقاطعها مع علم الاستغراب كما ذكر سعد البازعي وميجان الرويلي[4]؛ كون الاستغراب حقلًا من البحث والتأليف يُعنى بدراسة الغرب أو الحضارة الغربيّة من خارجها، ممّا يجعله حقلًا مقابلًا للاستشراق كما مارسه الغربيّون في دراسة الشرق من زوايا مختلفة. وقد شاع مصطلح الاستغراب نتيجة الجهود التي بذلها حسن حنفي في بعض دراساته، إلا أن الحقل نفسه موجود منذ فترة طويلة، وقد سبق لباحثين آخرين أن أشاروا إليه، كما أنّه حقل يتقاطع بوضوح مع حقول أخرى، منها حقل الدراسات مابعد الاستعماريّة أو مابعد الكولونياليّة.

فنظريّة مابعد الكولونياليّة تشير إلى انتهاء مرحلة الاستعمار التقليدي وانتهاء الخطاب المتّصل به، كالهيمنة والإمبريالية والمركزية وضرورة تركيز البحث على المرحلة التالية، وهي مابعد الاستعمار. كما يرى آخرون أن الاستعمار لا يزال قائمًا، وأنّ فرضية المابعدي لا مبرّر لها، فكان من أولويات الاستغراب تحليل ما بلورته الثقافة الغربيّة في مختلف المجالات في مناهضة المركزية الغربيّة ومحاولة التأسيس لثقافة وفكر نابع من أصالة راسخة، وفك عقدة التبعية.

2. الاستغراب قراءة الفكر الغربي وأنساقه الثقافيّة
بما أنّ مثقّفي نظريّة مابعد الاستعمار انكبّوا على توجيه النقد للغرب وتتبّع الخطاب الاستشراقي الغربي وفضح مضمراته، فهم بذلك قد أسّسوا خطابًا استشراقيًّا مضادًا، فالاستشراق باعتباره خطابًا كولونياليًّا لا تكون مجابهته إلّا بعلم الاستغراب، «ويعدّ حسن حنفي من أهم روّاد علم الاستغراب العربي، فقد كان هدفه مواجهة الاستشراق بفهمه بشكل جيد، واستيعاب منظومته الفكريّة والفلسفيّة والعلميّة لتبيان مظاهر قوّة الغرب وضعفه»[5].

وما أنجزه في كتابه (مقدمة في علم الاستغراب)[6] 1981، حيث حاول فكّ عقدة النقص التاريخيّة في علاقة الأنا بالآخر، والقضاء على مركب العظمة لدى الآخر الغربي بتحويله من ذات دارس إلى موضوع مدروس، حيث إنّ الاستغراب في نظره هو الوجه الآخر والمقابل بل النقيض للاستشراق، فإذا كان الاستشراق هو رؤية الأنا (الشرق) من خلال الآخر (الغرب)، يهدف علم الاستغراب إلى فكّ العقد المزدوجة بين الأنا والآخر، والجدل بين مركّب النقص عند الأنا والعظمة عند الآخر، فقد أخذ الغرب دور الأنا فأصبح ذاتًا، واعتبر اللاغرب هو الآخر، فأصبح موضوعًا لعلاقة الذات الدارس بالموضوع المدروس، فكان الأنا الأوروبي هو منشأ العظمة عنده كونه ذاتًا دارسًا، كما نشأ لدى الآخر مركب نقص كونه موضوعًا مدروسًا، فالاستغراب استطاع قلب الموازين وتبديل الأدوار، فأصبح الأنا الأوروبي الدارس هو الموضوع المدروس، فكانت مهمّة علم الاستغراب هي فكّ عقدة النقص التاريخيّة في علاقة الأنا بالآخر.

3. نظرية مابعد الاستعمار استشراقًا مضادًا
تعدّ نظريّة مابعد الاستعمار (Théorie.Postcolonial) من أهم النظريّات الأدبيّة والنقديّة التي رافقت نظريّة مابعد الحداثة. بدأت دراسات مابعد الاستعمار منذ فترة طويلة، وقد ترعرعت على أساس من انهيار الإمبراطوريات الأوروبيّة العظمى في أربعينات القرن العشرين وخمسيناته وستّيناته.

أمّا نظرية مابعد الاستعمار، أو الخطاب مابعد الكولونيالي فلم تعرف طريقها إلى الوجود في مجال النظريّة السياسيّة إلّا في أواخر السبعينات من القرن الماضي، ويعدّ كتاب الاستشراق (Orientalisme) 1978 للأكاديمي الفلسطيني الأمريكي والمفكّر الحداثيّ مابعد الكولونيالي إدوارد سعيد (Edwardw.Said)[7] أحد الأعمال التأسيسيّة الأولى في هذا المجال. لم يكتسب هذا الخطاب معناه الذي نعرفه الآن، ولم يصبح تسمية لنظريّة في الدراسات الثقافيّة والنقد الأدبي إلّا في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين. ونظريّة مابعد الاستعمار هي في الحقيقة قراءة للفكر الغربي في تعامله مع الشرق، بتعبير آخر تحلّل هذه النظريّة الخطاب الاستعماري في جميع مكوّناته الذهنيّة والمنهجيّة والمقصديّة تفكيكًا، بغية استكشاف الأنساق الثقافيّة المؤسّساتيّة المضمرة التي تتحكّم في هذا الخطاب المركزي[8].
لقد شكّلت هذه التجربة الاستعماريّة التي لم تزل آثارها بزوال الاستعمار المباشر وتحقيق الاستقلال، الخلفيّة أو الأساس الذي ترتكز إليه مصطلحات (الأدب مابعد الكولونيالي) (النقد مابعد الكولونيالي) (النظريّة الكولونياليّة) و(الخطاب ما بعد الكولونيالي)، يمكن أن يدخل ضمن فضاءات النقد الثقافي المقارن، وهو نظريّة الخطاب الاستعماري، والخطاب مابعد الاستعماري، وكذلك دراسة الاستعمار، وأثر الاستعمار على المجتمعات المستعمرة، «لقد أجريت الكثير من البحوث النظريّة التي تنطلق أساسًا من عمل إدوارد سعيد الذي حاول أن يصهر الخطاب عند فوكو وفرانز فانون»[9].

يمكن تقسيم مراحل خطاب مابعد الكولونياليّة إلى ثلاث مراحل متميّزة ومتداخلة[10]؛ فقد كانت المرحلة الأولى هي مرحلة الكتابة أيام الاستعمار وبلغة القوّة الاستعماريّة، ولا يمكن لهذه الكتابات أن تمثّل الثقافة الوطنيّة على الرغم أنها وصفت تلك البلدان المستعمرة وصفًا دقيقًا، أي أنها كانت منحازة للمركز ولم يكن ادّعاؤها للموضوعيّة سوى غطاء يخفي الخطاب الاستعماري الذي ولدت فيه، وتتمثّل أهم المصادر في هذه المرحلة في كتابات المستوطنين والرحّالة، والسيّاح والموظفين الاستعماريّين وغيرهم.
أمّا المرحلة الثانية فهي المرحلة التي كتب فيها السكان الأصليّون بلغة المستعمر وبأدواته ومنهجه. ولكن هذه الكتابات لم تستطع أن تجابه عنفوان الإمبرياليّة، على الرغم من أنها حاولت أن تكشف ثراء الثقافة المحليّة وتاريخها الأصيل. وعنايتها بموضوعات مؤثّرة مثل الظلم والوحشيّة ووجود تراث ثقافي غني أقدم من تراث أوروبا، لكن هذه النصوص كانت محاصرة وتحت ضغط القوى الاستعماريّة، مثلما كانت مؤسّسة الأدب في المستعمرات تحت السيطرة الاستعماريّة، التي هي وحدها من يجيز الشكل المقبول ويسمح بنشر الأعمال وتوزيعها.

وتمثّل المرحلة الثالثة مرحلة تطوّر الآداب المستقلّة التي وضعت حدًّا لهذه القوّة القامعة، وكيّفت اللغة والكتابة لاستخدامات جديدة ومميّزة، وهو الأمر الذي يشكّل السمة المميّزة لظهور الآداب مابعد الكولونياليّة الحديثة أكثر من أي أمر آخر، فمن السمات المميّزة الكبرى لهذه الآداب عنايتها بالمكان والانزياح، حيث تبرز أزمة الهويّة الخاصّة بمابعد الكولونياليّة بروزًا صارخًا[11].

كما أننا نجد أنّ الكتابات المهاجرة حاولت خلخلة ثقافة المركز عبر طرحها لمجموعة من التساؤلات المثيرة وعبر محاولتها نزع صفة النقاء الثقافي الذي فرضته الهيمنة الاستعماريّة، فحدث تقاطع بين تصورين أو مشروعين أو ثقافتين، كل ذلك أدّى إلى ميلاد فضاء جديد يسمى بفضاء الهجنة، حيث تتعايش أو تتصارع ثقافة المركز وثقافة المهاجر، وهذه الهجينة هي اللون الثقافي الجديد، وليس الهدف هو إقصاء ثقافة المركز لتحلّ محلّها الذاكرة التاريخيّة المهمّشة، بل تفكيك تلك المركزيّة وإضافة تلك الذاكرة التاريخيّة المهمّشة، وقد انخرط في الكتابات مابعد الاستعماريّة روّاد من المفكّرين والنقّاد، سواء أكانوا باحثين ينتمون إلى الغرب أم ينتمون إلى العالم الثالث، وفي مقدّمة هؤلاء الثالوت البارز: إدوارد سعيد، وغاياتري سبيفاك (Gayatri-Spivac 1942-...) وهومي بابا (Homi.k.bhab)[12] وفرانز فانون.
أمّا الخصائص الأساسيّة للنصّ مابعد الكولونيالي، فقد تناولها بيل أشكروفت في مؤلّفه المشترك «الإمبراطوريّة» حيث يرى: أنّه نصّ هجين في أفضل الأحوال، أي أنه يتضمّن علاقة جدلية بين المنظومات الثقافية للدولة المستعمِرة وبين المنظومات الثقافية للدولة المستعمِرة، حيث إنّ لغة الاستعمار لم تعد نقية هي الأخرى بعد أن دخلتها وداخلتها شعوب وثقافات وطنية مختلفة[13].

وهكذا نستطيع أن نقول بكل ثقة ودون منازع أن إدوارد سعيد هو أوّل من أسّس هذا الحقل المعرفي (كتابة مابعد الاستعمار)، وإن كان أوّل من أشار إليها هو فرانز فانون، نجد لدى إدوارد سعيد في مقالاته التي اختارها في كتابه (العالم والنص والناقد) تأكيدًا على الروابط التي تجمع النصوص بالوقائع الوجوديّة للحياة البشريّة والسياسيّة والمجتمعات والأحداث[14]، وسبب ذلك أن الأدب بالنسبة إليه كان مهمًّا في عالمنا الحاضر، لأنّه يحمل كلّ ما هو جمالي وتاريخي ومجتمعي؛ ولذلك ينبغي للنظريّة النقديّة أن تصنع كل هذا في اعتبارها أثناء تعاملها مع النصوص، حيث نجد الكتابات في هذه النظريّة تلجأ إلى تفكيك بعض المفاهيم ومحاولة تطوير مفاهيم بديلة كالوطن والقوميّة والتعدديّة والتوافقيّة والهجينة hybridité، مثلما أخضع إدوارد سعيد[15] للدراسة فكرة المنفى والوضعيّة البينيّة والهامشيّة التي يعيشها.

أ. فرانز فانون (1925-1961) في الخطاب مابعد الاستعماري
لا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن نظريّة مابعد الاستعمار دون التوقّف أمام المنظّر الأوّل لهذه النظريّة (فرانز فانون) بأعماله التي عزّزها إدوارد سعيد في كتابه الاستشراق، وهي الأعمال التي استخدم فيها نظريّة التحليل النفسي، مطوّرًا إيّاها لإبراز عواقب الاستعمار السيكولوجيّة والاجتماعيّة، وذلك بتركيزه على خطورة خاصيّة السواد باعتبارها عرقيّة، وأهميّتها بالنسبة للمشروع الاستعماري القائم على القمع والتشويه، كذلك قابليّة المستعمر الأسود للاقتناع بارتداء قناع أبيض في كتابه الشهير (وجه أسود وأقنعة بيضاء)[16]، فحين يعلي الاستعمار من شأن الجنس الأبيض على الشعوب غير البيضاء، فإنّه يخلق بذلك إحساسًا بالاغتراب في هوية هذه الشعوب ضمن ظروف يتمّ فيها اعتبار تاريخ المستعمر الأبيض وثقافته ولغته وتقاليده ومعتقداته كونيّة ومتفوّقة بالنسبة لثقافة المستعمر، ممّا يخلق إحساسًا قويًّا بالدونيّة داخل ذات المستعمر، ويقوده إلى تبنّي لغة المستعمر وثقافته وتقاليده في محاولة لمواجهة هذا الشعور بالدونيّة.
كان فانون يؤمن على الدوام بأنّ مركّب النقص هذا المفروض على الشعوب المستعمرة بالقوّة لا يمكن إزالته إلّا بمكافحته ومحاربته وتحطيم الحاجز المبني حول بياض الرجل الأبيض وسواد الرجل الأسود، فهويّته الزنجيّة، حتى وإن كان إنسانًا مهذبًا تشرّب من الحضارة الأوروبيّة وكان يوهم نفسه بأن لون البشرة لا أهميّة له واضعًا على وجهه قناعًا أبيضَ، أمّا العناصر البيضاء فكانت من جهتها تتمسّك بعناد بالصورة التي تحملها للزنجي البدائي الذي يبدو لها أشبه ما يكون بالدمية المضحكة، وهو يرطن بالفرنسيّة حتى حين تجتمع بإنسان مثل فانون يجيد الفرنسيّة إجادة تامّة لا تستطيع إلّا أن تستشف العنصر الزنجي من خلال لونه الأسود[17].

لقد استطاع فانون أن يصف ببراعة كيف ينظر العنصر الأبيض إلى السود على أنهم مجرّد رعايا بأقنعة بيضاء تلك المهانة التي يفرضها عليهم لونهم الأسود، لقد تكلم فانون باسم ملايين من الأفارقة والكادحين في جزر المارتينيك والمستعبدين تحت وطأة الاستعمار؛ إذ لم يكن قدومه إلى البليدة (جوان فيل) علم 1953 بمحض الصدفة، بل اختار المجيء كي يفهم تأثيرات الاستعمار على الأشخاص، ويندّد بالممارسة القهريّة والقمعيّة تجاه المرضى الأهليين (indigènes)[18]، ويحلل بصفة معمّقة تلك الحالات ويعمل على شفائها ورعايتها، فكان مناضلًا متمرّدًا يشيد التحرّر والانفلات من عبوديّة المستعمر.

غير أنّه تمّ تجاهل أو إساءة فهم هذا الكتاب من قبل دول (العالم الأوّل) وعلى الأرجح أن سارتر (Sartre.J.P) قد تنبّأ بردّة فعل الغرب هذه عندما كتب مقدمته المتأججة لكتاب فانون: «إن فانون لا يطمح في أن يحاور أوروبا الغرب، أن يخجلها من نفسها، أن يعري كذبها، إنه يعلم أن الاستعمار لا يمكن اقتلاعه بالإقناع، وأن التحرّر من الاستعمار لا يكون إلّا بالعنف، إن فانون يائس إلى أن تثوب أوروبا إلى رشدها إنه يفضح الاستعمار الجديد، مابعد الاستعمار[19].
«كيف يمكن مداواة المستعمَر من تبعيته...؟» ذلك هو السؤال الوجودي الذي كان يؤرق فرانز فانون في تحليلاته المستفيضة لحالة الإنسان الجزائري في فترة خضوعه للشرط الاستعماري، والذي لم يكن درسًا نادرًا في القدرة المعرفيّة على إخضاع الفكر الكولونيالي إلى وجهة النظر التي يحملها المستعمر (المارتينكي، الجزائري) عن مستعمِره الفرنسي فحسب، بل كان كذلك رؤية مواجهة للتصور الكاموي في آنية انشغاله المخيف بالذات الغربيّة طيلة كل المعارك الفكريّة التي خاضها في أوروبا (تحررية) مقابل (الجزأرة)[20]* Algerianisme[21].

يقف على رأس أعمال فانون كتابه الشهير «معذبو الأرض» الذي كتبه وهو على فراش الموت يصارع مرض ابيضاض الدم وصدر عام 1961 وارتبط اسمه بالثورة الجزائريّة إلى الأبد. وله كتاب (سوسيولوجيا الثورة)[22] الذي غُيّر عنوانه بعد الترجمة، في حين أن اسمه الأصلي «خمس سنوات على الثورة الجزائريّة»[23]، وهكذا أعيدت طباعة أعمال فرانز فانون واكتسبت أفكاره حياة جديدة بعدما ظن الكثيرون أنها قد انتهت بانتهاء العالم الذي تحدث عنه، عالم الاستعمار العسكري المباشر، لتعود كتاباته معاصرة وكأنها تكتب اليوم.

4. براديغم التحرر الفانوني وعلم الاستغراب
إنّ البراديغم الغالب على تفكير فانون هو التحرّر، خاصة كتاب (بشرة سوداء وأقنعة بيضاء، وكتاب المعذبون في الأرض)؛ إذ تأثّر ببعض وجهات نظر جون بول سارتر وأفكار الشاعر والسياسي المارتينيكي إيمي سيزار (Aimé.Césaire 1913-2008)، والفيلسوف الظواهري ميرلبونتي (M.Merleau-Ponty 1908-1961) والمحلّل النفساني الفرنسي جاك لاكان (Jacques.Lacan 1901-1981)، لكن هذا الاستثمار الفانوني لم يكن بمنأى عن بعض التحريفات التي يصعب نوعًا ما أن يتقبّلها النصّ الفانوني في الخطاب مابعد الكولونيالي، مثلما فعل هومي بهابها في دراسته لفرانز فانون في كتابه (موقع الثقافة)[24] عندما ألبسه قبعة دريدا والتفكيكيّين، إنّ مسايرة هومي بابا في قراءته لفانون ستوصلنا إلى إفراغ فانون من مبدأ المقاومة، ويعدّ هذا الإفراغ الثوري بمثابة نسف جذري للمشروع الفانوني[25].

فحينما يقرّ فانون بتلاشي ثنائيّة المستعمر والمستعمَر في سياق الانشطار الذي يخلقه السياق الاستعماري، فلا يعني هذا بتاتًا نفي هذه الثنائيّة بقدر ما يعني محاولة تطويرها للوصول إلى جدليّة هيغيليّة ذات تركيب منطقي يؤمن بالمقولة التاريخيّة، لقد ذكر فانون في مقاطع كثيرة من كتبه جدلية السيّد والعبد التي فلسفها هيغل في كتابه (فينومينولوجيا الروح)[26]، إذ لا يمكن الاتّكاء عليها في سياق كولونيالي؛ لأن المستعمَر لا يمكنه الانعتاق من عقدة المستعمِر إلّا حينما يكون التحرّر نابعًا من طبيعته النفسيّة، إن تناسي هومي بابا هذا الجانب أوصل بنزعته التفكيكيّة فرانز فانون إلى منطق خال تمامًا من المقاومة؛ لأن تفكيك ثنائية (المستعِمر، المستعمَر) سيجرُّ البحث لا محالة إلى نفي ظاهرة الاستعمار من الأساس، إنّ قراءة هومي بابا لفانون فيها خلط بين براديغمات (Paradigmes) من طبيعة مختلفة، فقراءة (براديغم التحرّر) لفانون مع (براديغم العدم والسيولة) لجاك دريدا سيحوّل الفانونيّة إلى مجرّد لعبة لغويّة حرّة ويفرغ هذا العمل من مغزاه وبعده الثوري. إنّ فانون يعتقد أنّ مشروعه لا بد أن يثمن؛ لأن فيه مبدأ نفي الهويّة الاستعماريّة (الانشطار) الذي بفصله يمكن إعادة توزيع الأدوار التاريخيّة وكتابة فصل جديد يقوم على الندّية وليس على الفوقيّة[27].
إنّ مشروع قراءة مدوّنة فرانز فانون كما يرى زواوي بغورة[28] تأخذ بعدين أساسيين؛ أوّلهما التوجّه الوجودي ويمثّلها جون بول سارتر ضمن ما سمّاه بالاستعمار الجديد (Néo-Colonialisme)، وعرضها في مقدمة كتاب فرانز فانون (معذّبو الأرض) التي كانت منطلقًا لعدد كبير من الدراسات والأبحاث، أمّا التوجّه الثاني فينتمي إلى دراسات مابعد الاستعمار (Post-Colonialisme) والتي يمثّلها مجموعة من المفكّرين منهم إدوارد سعيد وهومي بهابها، وما قدّمه إدوارد سعيد في كتابه (الثقافة والإمبرياليّة) يشكّل إسهامًا أساسيًّا في تقديم فكر فانون للثقافة العربيّة، ونجده يقارن بين ما قدّمه فانون في كتابه معذّبو الأرض وما قدّمه ميشيل فوكو (Michel.foucault) في كتابه (تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي)[29].

وقد طرح فانون عدّة مسائل ذات بعد فلسفي، منها فلسفة الاعتراف التي شكّلت إحدى أهم الموضوعات الأساسيّة في كتابه، وقضيّة جدل السيد والعبد، وهي من إرث الفيلسوف هيغل الذي صاغ موضوع السيّد والعبد في كتابه فينومينولوجيا الروح واحتلّ موضوع الاعتراف مكانة مركزيّة عند فلاسفة الاعتراف الذين تناولوه بالتحليل والنقد، منهم بول ريكور(Paul-Ricœur 1913-2005) مسار الاعتراف[30]، وغيرهم. أمّا فانون فإنّه لم يكتف بشرح موقف هيغل في الاعتراف إنما أضاف إلى جدلية السيد والعبد جدلية جديدة، وهي السيد والزنجي، وجاء ذلك بشكل صريح في فصله السابع من كتابه (بشرة سوداء وأقنعة بيضاء)، الزنجي والاعتراف[31].

وممّا نقله زواوي بغورة من ترجمة لكتاب فانون في فصله السابع في مسألة الاعتراف أن الإنسان لا يكون إنسانًا إلّا عندما يفرض نفسه على إنسان آخر بهدف الاعتراف به، وهذا الانقلاب في العلاقة بين السيد والعبد من خلال الاعتراف ما هو إلّا انتقال من نمط معين إلى نمط آخر حالة المريض الذي يقرّر الطبيب أنّه شفي، لكن لا يمنع ذلك من معاودة المرض، فالسيد الزنجي لم يناضل من أجل الحرية، وإنّما السيّد الأبيض هو من اعترف به في لحظة معيّنة؛ لذلك لا يدرك قيمة الحرية والعدالة، لكن ليس كما يفهمها الرجل الأبيض؛ لذلك فإنّ الأنا تفرض نفسها المعارضة وهو ما يسمّيه فانون بالفعل أو الممارسة لتحقيق الحياة والحب ورفض أي إذلال أو استغلال للإنسان أو احتقاره[32].

إنّ القضايا التي طرحها فرانز فانون في خضمّ الخطاب مابعد الكولونيالي كالتحرّر والانشطار أي نفي الهويّة الاستعماريّة وفلسفة الاعتراف هي القضايا ذاتها التي تؤسّس لعلم الاستغراب في مفهومه العملي والإجرائي؛ حيث استطاع الاستغراب أن يمنح (الأنا) القدرة على دراسة الآخر وتحويله إلى موضوع خاضع للتقويم والتقويم.
وبذلك يصبح الاستغراب كما دعا إليه منظّروه ضرورة واقعيّة ملحّة، وحاجة معرفيّة يلجأ إليها الباحثون في سبيل إعادة ترتيب أولويات البحث العلمي ومنطلقاته التي يتوجّب عليها من خلال كسر طوق الاحتكار الذي ألفه الآخر سبيلًا للهيمنة وبسط النفوذ وادّعائه امتلاك ناصية الحل وتمركزه حول المنتج العلمي من أجل إعادة التوازن لطبيعة العلاقة التي تحدّد مكانة الأنا وقيمتها عند الآخر[33].

5. خاتمة
وفي خاتمة هذه المداخلة يتّضح لنا من خلال تتبّع نشأة نظريّة مابعد الاستعمار والإشكالات الجوهريّة التي تطرحها هذه النظريّة مثل علاقة الأنا بالآخر وعلاقة الشرق بالغرب وعلاقة الهامش بالمركز وعلاقة المستعمِر بالشعوب المستعمَرة، وهي إشكالات تصبّ في مفهوم الاستغراب، حيث يتقاطع هذا الأخير مع نظريّة مابعد الاستعمار؛ لأنّ كلًّا منهما يشكّل قراءة للفكر الغربي في تعامله مع الشرق ومحاربة سياسة الاستعلاء، فتعرية التصوّرات الفكريّة والذهنيّة والإيديولوجيّة للغرب مرهون بفهم الغرب، ولا يكون ذلك إلّا من خلال الاستعانة بعلم الاستغراب، أو إعادة النظر في كثير من المسلَّمات والمقولات الغربيّة في إطار ما يسمّى بعلم الاستغراب.

إنّ نظريّة مابعد الكولونياليّة من أهم النظريات ذات الطابع الثقافي والسياسي تهدف إلى تحليل ما أنتجته الثقافة الغربيّة باعتبارها خطابًا يحمل في طيّاته توجّهات استعماريّة إزاء الشعوب التي تقع خارج المنظومة الغربيّة، وهي تدخل كأصل منهجي في علم الاستغراب الذي أخذ توجّهات عديدة في دراسة الغرب ومشروع التجديد من خلال العودة إلى التراث وإحياء القيم الاسلإميّة ثمّ الموقف من التراث الغربي ونقده.

لائحة المصادر والمراجع
النشار، مصطفى، المركزيّة الغربيّة نشأتها التاريخيّة وخلفيّاتها الإيديولوجيّة، رؤيا انتقاديّة، مجلّة الاستغراب، العدد 29، شتاء 2023.
لومبا، آنيا، في نظريّة الاستعمار ومابعد الاستعمار الأدبيّة، ترجمة: محمّد عبد الغني غنوم، دار الحوار، اللاذقية سوريا، ط1، 2007.
الرويلي، ميجان، سعد البازعي، دليل الناقد الأدبي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت لبنان، ط3، 2002.
حمداوي، جميل، نظرية مابعد الاستعمار الأطروحة في خدمة علم الاستغراب، مجلة الاستغراب دورية فكري تعنى بدراسة الغرب وفهمه، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية بيروت، العدد الثاني عشر، السنة الرابعة، صيف 2018.
حنفي، حسن، مقدمة في علم الاستغراب، الدار الفنية للنشر والتوزيع، القاهرة (دط).
بيل أشكروفت وآخرون: الإمبراطورية ترد بالكتابة، آداب ما بعد الاستعمار النظرية والتطبيق، ترجمة: خيري دومة، دار أزمنة، عمان، الأردن، 2005.
بعلي، حفناوي، مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن، منشورات الاختلاف، ط1، 1428، 2007.
سعيد، إدوارد، العالم والنص والناقد، ترجمة: عبد الكريم محفوظ، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2000.
إدوارد، سعيد، الثقافة والإمبرالية، ترجمة: كمال أبو ديب، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1997 من مقدمة الكتاب.
كوت، ديفيد، فرانز فانون سيرة فكرية، ترجمة: عدنان كيالي، مدارات للأبحاث والنشر، القاهرة جمهوريّة مصر العربيّة، ط1، يناير 2017.
فانون، فرانز، معذبو الأرض، تقديم: ك شولي، موفم للنشر الجزائر عاصمة الثقافة العربية، 2007.
فانون، فرانز، معذبو الأرض، (les-damnes-de-la-terre)، ترجمة: سامي الدروبي وجمال الأناسي، دار الطليعة، بيروت، ط3، 1979.
رابحي، عبد القادر، كامو... فانون معكوسًا عن الخيار الكاموي وغربة المثقف الجزائري، مجلة القدس العربي، العدد 7375 آذار/ مارس 2013/ 1434، مجلد 24.
فانون، فرانز، سوسيولوجيّة ثورة، (Sociologie-d’une-révolution) ترجمة: ذوقان قروط، دار الطليعة، بيروت، 1970.
دوري، ثائر، أشباح فانون، كنعان مجلّة فكريّة ثقافيّة إلكترونيّة، السنة السابقة، العدد 1086، 7 آذار/ مارس 2007. www.kanaanonline.org
هومي. ك. بابا، موقع الثقافة، ترجمة: ثائر ديب، المشروع القومي للترجمة، ط1، 2004.
فانون، فرانز، في التفكير ما بعد الحداثي الكلمة والشيء، مجلة القدس العربي، عدد 7542، السنة الخامسة والعشرون، 18 أيلول سبتمبر 2013، تاريخ الزيارة: 20/ 09/ 2023، الرابط: https://www.alquds.co.uk
فريدريش، هيغل، فينومينولوجيا الروح، ترجمة: ناجي العَونَلّي، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، ط1، نيسان أبريل 2006.
بغورة، زواوي، الهوية والعنف نحو قراءة جديدة لموقف فرانز فانون، مؤسّسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، ومجلّة يتفكّرون، فصليّة فكرية عن مؤسّسة مؤمنون بلا حدود، العدد الخامس، خريف 2015، ومنتدى مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، أبريل 2015، تاريخ الزيارة 20/ 09/ 2023، الرابط: https://www.mominoun.com/articles/-2688
فوكو، ميشيل، تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي (histoire de la folie a l’âge classique)، ترجمة: سعيد بنكراد، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2006.
ريكور، بول، سيرة الاعتراف، (Parcours-de-la-reconnaissance) ترجمة: فتحي إنقزّو، مراجعة: محمد محجوب، المركز القومي للترجمة، دار سيناترا، تونس، ط1، 1010.
سعد الله، محمد سالم، نظريّة الاستغراب في الفكر العربي المعاصر، مجلّة فتوحات، جامعة عباس لغرور خنشلة، العدد الأوّل جانفي، 2015.
Frantz Fanon, Peau noir, masques blancs (essai), première publication: 1952, Édition Talantikit, Bejaia, 2015.


------------------------------------
[1][*]- جامعة أحمد زبانة غليزان/ الجزائر كلية الآداب واللغات.
[2]- النشار، مصطفى، المركزية الغربية نشأتها التاريخيّة وخلفيّاتها الإيديولوجية، رؤيا انتقاديّة، ص185.
[3]- لومبا، آنيا، في نظرية الاستعمار ومابعد الاستعمار الأدبيّة، ص245.
[4]- الرويلي، ميجان، البازعي، سعد، دليل الناقد الأدبي، ص38
[5]- حمداوي، جميل، نظرية مابعد الاستعمار الأطروحة في خدمة علم الاستغراب، ص70.
[6]- حنفي، حسن، مقدمة في علم الاستغراب.
[7]- إدوارد سعيد (1935-2003) فلسطيني الأصل، ولد في مدينة القدس وتوفي في نيويورك، كان ناقدًا وأديبًا وأكاديميًّا من جامعة كولومبيا الأمريكيًة، ينظر ترجمته في مجلة فصول مجلة النقد الأدبي، الهيئة المصرية العامة للكتاب عدد 34، ملف خاص بإدوارد سعيد.
[8]- سبيفاك، غايتري، منظّرة هندية لخطاب مابعد الاستعمار، دان شمناد جامعة كيرالا الهند، ص37.
[9]- بيل أشكروفت وآخرون، الإمبراطورية ترد بالكتابة، آداب ما بعد الاستعمار النظرية والتطبيق، ص28.
[10]- ينظر: بعلي، حفناوي، مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن، ص68.
[11]- بعلي، حفناوي، مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن، ص69.
[12]- هومي بابا (Homik.bhabha 1949)، بومباي، أكاديمي هندي وأستاذ الأدب الأمريكي والبريطاني في جامعة هار فارد، ومنظّر نقدي، يرأس مركز الدراسات الإنسانيّة هناك، يعدّ من أبرز الشخصيّات في مجال دراسات مابعد الاستعماريّة المعاصرة، طوّر عددًا من الألفاظ الجديدة والمفاهيم الرئيسة في هذا المجال مثل التهجين، المحاكاة، الاختلاف، التناقض، ينظر تفصيلًا أكثر موسوعة المعرفة، تاريخ الزيارة 20-09-2023، التوقيت 11:00 صباحًا، الرابط: www.m.marefa.org
[13]- بعلي، حفناوي، مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن، ص48.
[14]- سعيد، إدوارد، العالم والنص والناقد، ص8-9.
[15]- سعيد، إدوارد، الثقافة والإمبرالية، من مقدمة الكتاب.
[16]- Frantz Fanon, Peau noir, masques blancs (essai), première publication: 1952, Édition Talantikit, Bejaia, 2015.
[17]- كوت، ديفيد، فرانز فانون سيرة فكرية، ص38، 44، 51.
[18]- ينظر: فانون، فرانز، معذبو الأرض تقديم ك شولي، ص11.
[19]- فانون، فرانز، معذبو الأرض، (les-damnes-de-la-terre)، ص5.
[20]- مدرسة الجزائر تيار الجزأرة وتسمى مدرسة شمال أفريقيا حسب ألبير كامو، وهي حركة أدبية تأسست في الجزائر في عقد الثلاثينات وجّه المستوطنون اليساريون مسارها وتميّزت بالتركيز على مواضيع البحر والشمس والحياة في المدن الساحلية. تحمل أفكارًا تدعو ظاهريًّا إلى تقارب الشعوب، وتتخطّى الحدود القوميّة الضيقة إلى الانفتاح على كل سكان المتوسط، لكن سرعان ما ظهرت بوجهها الحقيقي ومطالبها التسلطية للمركزيّة الأوروبيّة، من خلال محاولة بعث القيم الروحيّة والفكريّة اليونانيّة والرومانيّة متجاهلة تمامًا بقية الحضارات المتوسطية، وقد كانت تضم عددًا من الأدباء الجزائريين أمثال كاتب ياسين مالك حداد مصطفى الأشرف وغيرهم. ينظر: منور، أحمد، الأدب الجزائري باللسان الفرنسي، ص144 وما بعدها.
[21]- رابحي، عبد القادر، كامو... فانون معكوسًا عن الخيار الكاموي وغربة المثقف الجزائري، ص10.
[22]- فانون، فرانز، سوسيولوجية ثورة، (Sociologie-d’une-révolution).
[23]- دوري، ثائر، أشباح فانون، www.kanaanonline.org
[24]- هومي.ك. بابا، موقع الثقافة، الفصل الثاني: استنطاق الهوية فرانز فانون والامتياز مابعد الكولونيالي، ص103.
[25]- ينظر: فانون، فرانز، في التفكير ما بعد الحداثي الكلمة والشيء، تاريخ الزيارة: 20/ 09/ 2023، الرابط:
https://www.alquds.co.uk
[26]- فريدريش، هيغل، فينومينولوجيا الروح.
[27]- فانون، فرانز، في التفكير ما بعد الحداثي مجلة القدس العربي، م.س، بتصرف.
[28]- بغورة، زواوي، الهوية والعنف نحو قراءة جديدة لموقف فرانز فانون، ومجلة يتفكرون، ومنتدى مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، تاريخ الزيارة 20/ 09/ 2023، الرابط:
https://www.mominoun.com/articles/-2688
[29]- فوكو، ميشيل، تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي (histoire de la folie a l’âge classique).
[30]- بول ريكور، سيرة الاعتراف، (Parcours-de-la-reconnaissance).
[31]- le nègre et la reconnaissance, Frantz fanon, Peau noire; masques blancs; p.242.
[32]- بغورة، زواوي، الهوية والعنف نحو قراءة جديدة لموقف فرانز فانون، م.س، بتصرف.
[33]- سعد الله، محمد سالم، نظرية الاستغراب في الفكر العربي المعاصر، ص54.