البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

التراث بين الدّراسة الخبريّة ، المعرفيّة ودراسات المستشرقين الإنشائيّة

الباحث :  د. عثمان ويندي انجاي
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  40
السنة :  خريف 2024م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث :  September / 11 / 2024
عدد زيارات البحث :  246
تحميل  ( 491.067 KB )
الملخّص
للإنسان بعدٌ معرفيٌّ ثابت بالتّجربة والوجدان، يدفعه نحو المعرفة من حيث هي معرفةٌ؛ لذلك نرى من يعكف على دراسة الواقع المطلق والوقائع الخاصة، من دون أن يكون له من وراء ذلك هدفٌ سوى الإخلاص للمعرفة، وليس هدفها التغلّب على الآخر وفرض سلطته عليه، فيصبح العلم هنا مجرّد رداء يتخفّى به؛ لذلك سمّينا هذا النوع من الدراسة بالإنشائيّة، حيث لا تبغي كشف الواقع والإخبار عنه، بل تريد صناعة واقعٍ تحت عنوان البحث العلمي، وتحميله على الآخر، ونحن قد لاحظنا من شواهد عديدةٍ أنّ ما يسمّى بالدّراسات الاستشراقية دراسات إنشائيّةٌ، صبّت في شعارات أكاديميّة، لكنها ذات طابعٍ استراتيجيّ وتسخيريّ، من هذه الشواهد اسخدام المستشرقين المفرِط المنهجَ الغريب، بدل المنهج الذاتي، الذي يؤدي إلى عدم الارتباط المعرفي، والاستنتاج غير المعرفي، وقد طبّقنا فرضيتنا في بعض مقاطع كتاب تاريخ القرآن للمستشرق الألماني تيودور نولدكه، وكشفنا فنّه الاستشراقي في التلاعب بالقضايا، وقد استعنّا بالمنهج التحليلي للكشف عن ذلك.

الكلمات المفتاحية: التراث، الدّراسة المعرفية، الدراسة الإنشائية، المستشرق الألماني، تيودور نولدكه.

مقدمة
هذا البحث أشبه ببحثٍ فلسفيٍ؛ لأنّه يشكّل نظرًا في طبيعة الدراسات الاستشراقية من الخارج بأداة العقل التّحليلي، حيث نقوم بتحليل عناصرها المكوّنة لمضامينها واتّجاهاتها ومناهجها وأهدافها؛ لنرى هل هي معرفيّة، تخضع لموازين البحث العلمي أو لا؟
للبحث العلمي عند العقلاء أسسٌ مضبوطةٌ من حيث المبادئ والأساليب وطرق الاستنتاجٍ، فليس مجرّد حشو مقدّماتٍ بطريقةٍ عشوائيّةٍ، منتزعة من أي مصدرٍ من المصادر، سواء أكانت معتبرةً وموثّقةً، ذات قيمة معرفيّةٍ، أو غير معتبرةٍ وغير موثّقةٍ، ليتوصل بها الباحث إلى أيّة نتيجة.
فالبحث العلمي، انطلاقًا من مرحلة استخراج مواد المقدّمات، مرورًا بتحليلها وترتيبها ووصولًا إلى نتائجها، خطواتٌ منطقيّةٌ وعقلائيّةٌ، إن أقحم في الوسط غير ما ترشد إليه القواعد العقلية والعقلائية فهو هوًى ونفسٌ شهوانية وسياسةٌ خبيثةٌ، ليس ببحثٍ أكاديميّ وعلمي.
نعم، يجب أن نميّز بين الذي جنح إلى تلك الجهة الأولى عن درايةٍ، والذي يميل إليها لا عن ذلك، ففي الحالة الأولى نصف البحث بأنّه غير موضوعيّ، وليس في الحالة الثّانية.

فالوصف، على ما يبدو، أخلاقيٌّ أكثر ممّا هو «معرفيٌّ ومنطقيٌّ»، نعم، غير الموضوعي سيكون غير معرفي بالمآل، حيث إنّ الباحث هنا يعلم الحقّ والباطل، وله القدرة العلمية على تمييزهما من خلال بحثه، لكنه لأهداف استراتيجيّةٌ وسياسيّةٌ وحزبيّةٌ يختار مصادر ومضامين تخدم اتّجاهه، وتوصل إلى هدفه المبيّت، مهملًا المصادر الأخرى للآخر وإن كان فيها الحق الساطع.
النتيجة الحاصلة عن التمييز بين الوصف الأخلاقي والوصف المنطقي تظهر، على الأقلّ، في التمييز بين الباحث الموضوعي الذي يتوصّل إلى النتيجة نفسها التي توصّل إليها الباحث غير الموضوعي المتعمّد؛ فإنّه لا يمكن وصف بحث الأوّل بأنه غير موضوعيٍّ، وإن وصل إلى نتيجة غير صحيحة بمنهج غير صحيحٍ، من هنا يتحتم علينا الحفر في نوايا الباحث وهواجسه الدافعة نحو الدراسة والبحث.

نعلم في ضوء التّمييز بينهما أنّه لا يمكن الانطلاق من النتيجة التي قد توصّل إليها الباحث، مهما كانت طبيعتها، للتشكيك في نيته ودافعه، أو وصف بحثه بالموضوعية أو بغيرها، بعبارة أخرى: فليست كلّ «نتيجة باطلة» تكون قد نشأت من بحثٍ غير موضوعي، فقد يكون البحث موضوعيّا ولا يوصل إلى نتيجة صحيحة؛ لأن أسباب الخطأ كثيرة لا تنحصر في هذه الزاوية.
فيمكن على أساس هذه الأسس أن نقسم نتائج الأبحاث إلى معرفية، إن كانت الخطوات منطقية وعقلائية، وغير معرفية إن كانت ليست كذلك، ومفهوم «المعرفي» في العنوان يحيل إلى هذه النقطة، وسيأتي له المزيد من التّوضيح في المحور الأوّل.

فرضية المقال
فرضية المقال هي أنّ الدّراسات الاستشراقية ليست معرفيّةً بقدر ما هي مصلحيّة، قد وقفنا على ذلك بواسطة تحليل مبادئها ومناهجها وغاياتها عبر شواهد عديدة، نكتفي بدراسة شاهدين من هذه الشواهد، في المحور الثاني.

نعثر على إشاراتٍ، في دراسات بعض الباحثيين المعروفين في نقد الاستشراق، تصلح لتُطرح كدراساتٍ سابقةٍ لفرضية المقال، نحو إشارات البروفسور إدوار سعيد في كتاب الاستشراق، فإنّه يذكر للشّرق الذي يدرسه الغربيون، خصوصًا في فرنسا وبريطانيا، «أنجلوفرنسي»، ثلاث خصائص[2]؛ أولاها أنّ الشّرق في الدّراسة الاستشراقيّة شبه اختراعٍ أوروبيٍّ؛ ثانيتها أنّ الشّرق يشغل في الخبرة الأوروبية الغربية مكانة خاصّة، ومن بعض خصائص هذه الخبرة كون الآخر الضعيف، وكون الغرب مركزًا؛ ثالثتها الخطاب الاستشراقي يستقي من المؤسّسات الغربية والبيروقراطيات الاستعماريّة الأساليب الاستعمارية.
إنّ هذه الخصائص الثّلاث، لو صحت كما هو الحقّ الجليّ، خصوصًا الثّالثة منها، فإنها توحي بغياب صفة «الموضوعيّة» عن الدراسات الاستشراقيّة، وإن غابت الصّفة المشار إليها تعيّنت صفة «المصلحة»، إن صدرت الدراسة عن وعيٍ ومعرفة من الباحث.
يمكن كذلك استنباط ما يصلح جنسًا لفرضيتنا من الدوافع التي قد ذكرها باحثو المسلمين للدراسات الاستشراقيّة[3]، من الديني والتبشيري والسياسي والتجاري/ الاقتصادي والاستعماري والإمبريالية، ومن الأهداف ما يمكن أن يسمى بالإبعاد عن قضايا العصر وتحدياته بواسطة إشغال المسلمين بماضيهم القديم وإنتاج علمائهم فيه[4]، ومنها أيضًا الدافع العلمي، الادعاء الذي سنحلله ونناقشه في الفقرات الآتية.

تلتقي فرضيات هؤلاء مع فرضيّتنا في نقطةٍ، هي أنّها تصف الدّراسات الاستشراقيّة بأنّها غير موضوعيّةٍ، وأنّه يوجد من ورائها أغراض غير نزيهة وغير علميّة، لكنها تنفصل عنها من نقطةٍ، وهي أنّ مبدأ هذا الوصف يختلف فيما بيننا، فإن البروفسور إدوار سعيد مثلًا ينطلق في بيان ذلك، من موضوع الدراسة المحرّف، فيدّعي أن المستشرق لا يعرف الشرق الذي يدرسه؛ لذلك فدارسته غير موضوعية، كما هو واضح من عبارته السابقة، وهذا من جانبه حسن ظنٍّ بالغربي الدارس، ومعناه لو عرف لكان بحثه على شاكلة متباينة عما عليه اليوم.
ونحن ندّعي خلاف هذا في المستشرقين الذين درسوا «الإسلام» مصدرًا وتاريخًا، وإضافة إلى ذلك أنّنا نصف الدّراسات الاستشراقيّة بأنّها إنشائيّةٌ واستراتيجيّةٌ تكمن وراءها مصالح هادفة.

إن وصف «المصلحية» يكشف هواجس الدارس المستورة وخططه الكامنة وراء الدّراسات الاستشراقيّة، بينما وصف «غير الموضوعيّة» لا يشير إلى شيءٍ منها، خصوصًا عند هؤلاء الذين يحصرون البحث في المجال المعرفي، فيعني أنّ الهدف من البحث الاستشراقي هو مصلحةٌ ما؛ وقد يسأل حول المنتفع من هذه المصلحة؟
وقد أشار البروفسور إلى أنّ المنتفع من الدراسة الاستشراقية، في الخصوصية الثالثة، المؤسسات الغربية، أو الغرب عمومًا، من خلال فرض سلطته على الشرق، وهو واضح في العبارة التي قد صاغها سعيد ليبين كيف يتعامل بعض المستشرقين مع «الشرق» الذي هو موضوع دراساتهم: «وموضوع هذه المعرفة، أي الشرق، معرّض للفحص الدقيق لضعفٍ في طبيعته، وهذا الموضوع يعتبر «حقيقة» ثابتة، وحتى لو تطور وتغير أو حوّل نفسه بنفسه على نحو ما تفعل الحضارت في أحيانٍ كثيرة، فلا بدّ أن يظلّ على ثباته الجوهري بل والوجودي، وامتلاك مثل هذه المعرفة بمثل هذا الشيء معناه السيطرة عليه، أو فرض السيطرة عليه[5]».

ورد في هذه العبارة التصريح بحِيَل الدارس الاستشراقي لاكتشاف ضعف في الشّرق والشرقي، وإن كان ذلك ضعفًا متوهمًا، إذ هذا الضعف هو أساس كل الخطوات الغربية التالية من فرض إمبراطوريته واستعماره وإمبرياليته؛ لهذا السبب سمينا الدراسات الاستشراقية بقراراتٍ سياسية.

قد وجدنا الدكتور محمد حسين الصغير، وهو من نقّاد الاستشراق، يسلّم بموضوعية بعض الدّراسات الاستشراقيّة: «ويبدو لي من خلال معايشة الحركة الاستشراقية بوجهٍ عامّ أن الهدف العلمي من وراء دراسة القرآن الكريم والتراث العربي قد يشكّل أسلم الدوافع وأنبل الأهداف ترجيحًا لدي»[6].
ويعتبر بعد ذلك غيره من الدوافع والأهداف حالة شاذةً: «وهذا الحكم لا يؤخذ على عمومه، ولكنّه الأعم الأغلب، وسواه شاذٌّ، والشاذّ لا يقاس عليه»[7].

هذه العقيدة لو كانت صحيحة فسوف يكون لفرضيتنا، عندئذٍ، معنًى معقول، ولا يبقى للمقال أي ضرورةٍ تذكر، ولتقويتها نحتاج إلى مزيدٍ من توضيح الموضوعية التي نريد سلبها عن الدراسات الاستشراقية، فإنّه يجب أن نميّز بين الموضوعيّة المرحلية والموضوعيّة الواقعية، فالأولى هي التي لا تضرّ غرض الباحث المقرّر مسبقًا والنهائي، من باب المثال فلو أراد الباحث المستشرق أن ينسب القرآن إلى التّوراة ويتّهم محمّدًاs بالاقتباس منها، فإنه قد يرفض الآراء الأخرى التي تحاول نسبة القرآن إلى حالات الصّرع عند الرسول’؛ لأن رفضه لهذه الفكرة لا يتنافى مع الهدف النهائي المطلوب.

فإن موير لا يمكن أن يقبل هذه النظرية؛ لأنه يريد أن يعتبر القرآن شاهدًا على صحّة التّوراة والإنجيل، وقد ظهر ذلك في كتابه «شهادة القرآن على الكتب اليهودية والمسيحية[8]».

إنّ الدكتور يصف سير وليم موير بالموضوعية والإنصاف معرّضًا[9] بالمستشرقين، الذين ليسوا كذلك حسب رأيه، ودليله في ذلك انتقاد موير فكرتهم، عندما ادّعوا بأن الرّسولs كان يصاب بالصّرع، وأنّ الوحي ليس إلا مجرّد نوبات لهذا الصرع، فيقول في أمثال سير: «قد تكفّل بالردّ على هذه المزاعم جملة من المستشرقين المنصفين لا سيما «السير وليام موير» في كتاب «حياة محمّد» فكان ما تحدّث فيه عن منزلة القرآن ودقّة وصوله سالمًا»[10].
ويختلف عبد الرحمن بدوي معه في موير، كما نختلف معه، يصف بدوي مقالاته حول سيرة النبيs: «كلها كتبها بروحٍ متعصبة خالية من الموضوعية ومن أجل هدف تبشيري خبيثٍ»[11]، وكذلك يقول غير بدوي، فإن نظرية موير في الوحي ليست ما ذكره الدكتور، بل موير يتّهم محمّدًاs بأنه كان من الشعراء[12].

راجع على سبيل المثال خلاصة أفكاره حول سيرة النبيs، والوحي في كتابه «القرآن نظمه وتعاليمه وشهادته على الكتب المقدسة»[13]، يبدأ في شرح سيرته، فيصرّ، لحاجة في نفس يعقوب، على ارتباط النبيّ بورقة بن نوفل، وبزيد[14]، يريد بذلك، من دون تصريح به، أنهما مصدر وحيه، إذ بعد ذلك يصرّح بأنه خيّل إليه أنه أوحي إليه[15]، وفي نهاية الكتاب يدّعي أنّ الإيمان بسلامة الكتب المقدّسة ودراستها فرض على كلّ المسلمين لشهادة القرآن بذلك[16].
وللأستاذ نجيب العقيقي عبارة منحازة إلى جهة تأييد الموضوعية لبعض المستشرقين: «لم يكن الدافع واحدًا للمستشرقين كافةً، في جميع البلدان، خلال ألف عام، بل كانت هناك دوافع منوّعة، متداخلة، متطورة، غلب عليها الطابع العلمي»[17].

وهذا الطابع العلمي الغالب لا نراه، إلا أن يكون نفس ما سميناه بالموضوعية المرحليّة، أو نقول إن الموضوعية هذه تنحصر في بعض الموضوعات التي لا تترتّب عليها مصلحةٌ سياسية، وإن وجدت وراءها مصلحةٌ ماديّة واقتصادية، ما سماه بعض الباحثين بالهدف التجاري، نحو اكتشاف مخطوطٍ، على ما في هذا الاكتشاف من علامات السؤال، وتحقيقه وطبعه[18].
قد أيّد الدكتور حسن حنفي سلب الموضوعية والعلمية عن البحث الاستشراقي: «يبدو أحيانًا أن الأنا الغربي وما كان يدّعيه سلفًا منذ القرن الماضي من شروط الموضوعية والحياد كشرطين للعلم إنّما كان يستعملهما كوسيلة لإخفاء الذاتية والتحيز كما بدا ذلك في الاستشراق»[19].
ميدان العلم مجال مفتوح لكلّ مؤهّلٍ، وليس ملكًا لأيّ تخصّصٍ أو طائفةٍ أو حضارة أو قومٍ، فإنّه يوجد منهجٌ أو مناهج للبحث العلمي، كما يوجد منهجٌ أو مناهج لنقد البحث العلمي، فكل من أبدى رأيًا بالمنهج العلمي يمكن نقده بالمنهج العلمي، وبالتالي فلا يوجد مبرّر عقلائيٌّ يخصّص الموضوعات بباحثٍ دون آخر، فالملاك في الكلام عن أي موضوع هو التنقيب والبحث العلمي، استكشافًا وانتقادًا.

هذه هي القاعدة العامّة، فلا توجد دراسة تختص بالشرق وأخرى تختص بالغرب إلّا من حيث اختلاف نوع موضوع البحث، وإلا فلا يوجد فرق بين يقوم بمهمة دراسة الغرب والذي يقوم بمهمة دراسة الشرق، فلهما نفس الرتبة والميزة لدى العلماء، بغض النظر عن أنّ أحدهما يسكن في عالم الاعتبار في حدود جغرافية فرضها الوهم البشري تسمى «الغرب» أو حدود جغرافية اعتبارية وهمية أخرى تسمى هي الأخرى الشرق.
هذا هو «السير الطبيعي» للمعرفة البشرية لكن الإنسان يملك إرادةً واختيارًا، وتحرّكه أحيانًا مصالح وجهاتٌ وأغراض أحزابٍ، فيتصرف في الموضوعات والمناهج ويستغلهما نحو ما تهوى إليه تلك الجهات، سواء أكانت سليمة أو غير سليمة، فيجب من هذه النّاحية أن نميّز بين هذين النّوعين من الدراسة؛ الدراسة العلمية والمعرفية، والدراسة التي هي لمصلحةٍ يريد الباحث تأمينها.

قد تعوز مقالنا بعض الضرورة إذا ما لم نميّز بين مقاصد الغربي الدارس في دراسة الشرق بهدف معرفة «الواقع الشرقي»، دراسة حرّة، موضوعية، علّمية، والغربي الذي دخل فيها لتحقيق الأهداف المشار إليها، فالاستشراق دراسة استراتيجية تختلف من حيث الجوهر عن دراسة الشرق لمحض المعرفة، وفي ضوئه، يجب أن نميّز مفهوم الاستشراق عن المفاهيم التي تشير إلى دراسة الشرق العلمية والمعرفية، فمفهوم الاستشراق يشير إلى النوع المصلحي منها.
لهذا من الغلط ما يسعى إليه بعض الباحثين في ادّعاء أنّه يوجد من بين المستشرقين منصفون وموضوعيون والمحايدون، المقولة التي تدلّ على غفلة؛ لأن الاستشراق أداة من أدوات الطرف الغربي في الصراع الحضاري الواقعي، فلنختم هذا الفقرة بالإشارة إلى بعض الباحثيين الذي يعتبر مفهوم «الاستغراب» مناقضًا لمفهوم «الاستشراق» متضمّنًا عنصرين أساسيين[20]: عنصر التحرّر، وعنصر عدم طلب التسلّط على الآخر.

هذا الكلام يعني أن الاستشراق ليس إلا وسيلة لتثبيت الاستعمار وفرض السلطة الغربية على غير الغربيين، جوهر الدراسة الاستشراقية، وبعد معرفة معالم الحركة الاستشراقية لا أعتقد أنّ أحدًا سيشكّ في كونها بعيدة عن مناخ الإنصاف والحياد والمعرفيّة والعلميّة والموضوعية، فإن بدت الموضوعية في موضعٍ، فليس إلا قضية جزئية لا تزاحم هدف المستشرق النهائي.
من فوائد هذه الدراسة التأكيد على ضرورة الدراسة المعرفيّة والاعتراف بقدسيتها من النّاحية الإنسانيّة بغضّ النّظر عن طبيعة الباحث وعرقه وحدوده الجغرافيّة والثقافيّة. فلا نريد أن نمنع الغربي أو يقوم بدراسة الشرق ويحكم عليه ما أثبته التحليل والحجة، فالمرفوض تحريف الواقع وصرفه نحو الأهداف والغايات المدروسة بحكم العرق والثقافة والبيئة والمصلحة.

إذا قصد الباحث، كائنًا من كان من بحثه، أهدافًا إنسانيّة بواسطة دراسة خبريّةٍ فإنّ جهده سيكون من حيث المنطق والعقل مشكورًا، أصاب أو أخطأ. أما إن كانت الدراسة «إنشائيّة»، فهي فرضيّة بالدرجة الأولى، وقد يكون قرارًا وسياسةً، لا علاقة لها بالعلم والمعرفة، سواء أكان الدارس غربيًا أم شرقيًّا.

المحور الأول: هوية الدّراسة المعرفية والإنشائية
نستعين في شرح مفهومي «المعرفية» و«الإنشائية» المستخدَميْن في العنوان بما طرحه الأصوليون في التفرقة بين النسبة الخبرية والنسبة الإنشائيّة، فالدراسة إن كانت لأجل كشف أحوال الموضوع وحقيقته فهي «دراسة خبرية»، وإن كانت لمصلحةٍ يبتغيها الباحث من الموضوع فهي إنشائيّة.

ليس للإنشاء علاقة بالواقع، فهو عبارة عن إرادةٍ يريد المنشئ ترجمتها في الواقع الخارجي، يقول المظفّر في تعريف أنواع معاني الإنشاء: «وهذه المركّبات[21] كلها ليس لمعانيها حقائق ثابتة في أنفسها -بغض النظر عن اللفظ- تحكي عنها فتطابقها أو لا تطابقها، وإنّما معانيها تنشأ وتوجد باللفظ، فلا يصحّ وصفها بالصدق والكذب»[22].
هذه العناصر «ليست لمعانيها حقائق ثابتة»، و«إنّما معانيها تنشأ وتوجد باللفظ»، و«لا يصح وصفها بالصدق والكذب»، إنّ الباحث في الدراسة الخبريّة يقصد الموضوع من حيث هو موضوع مستقلٌّ عنه، ويتكلّم عنه مباشرةً بما يفهمه منه، لكن الباحث في الدّراسة الإنشائيّة يقصده لمصالح يريد تحقيقها والوصول إليها.
والدراسة من النوع الأول يمكن وصفها بالصدق والكذب كما يوصف الخبر بالصدق والكذب وبالمعرفية والموضوعيّة، أما المقصود من الدراسة الثانية، فليس هو كشف حقيقة مستورةٍ، حتى يقال إنّه كشف أو لم يكشف؟ بل المراد يعود إلى ما تقصده الجهة الطالبة للبحث، يمكن أن نلخّص أهداف المستشرقين ودوافعهم الكلّية، في دراساتهم حول الموضوعات الإسلاميّة، فيما يلي:

الأوّل: إعادة التّصورات الإسلامية حسب المبادئ الغربية المسلّمة، كالنّظر إلى القرآن حسب تعبيرهم بعنوان خطابٍ قائم بنفسه (Discoure)[23]، من أجل إعادة صياغته في سياق تّاريخ مبهمٌ ومشوّشٍ من حيث الظروف والمعالم.
الثاني: إثارة شبهاتٍ حول قضايا الإسلام الأم، كقضية الوحي مثلًا، على أنه من مرض نفسيّ كما يقول تيودور نولدكه، وسيأتي التعرّض له، أنّه مقتبس من التوراة والإنجيل، كما ميور كما مرّ من ميور، لزعزعة إيمان المسلمين، وسلب قداسته عن نفوسهم، وصرّح بهذا الهدف الأخير بعض الباحثيين[24].
الثالث: إحياء المهملات المعارضة لتراث الإسلام المشهور، من أجل زرع اختلاف بين المسلمين تارة أو دفعهم إلى التشكيك في بعض المسلمات تارة أخرى، نحو إثارة الشبهات حول سلامة القرآن من التحريف بواسطة رواياتٍ ضعيفةٍ مهملةٍ، كما فعل نولدكه في ادّعائه بأنّ هناك وحيًا غائبًا عن القرآن المتواتر، وسنأتي على مناقشة الفكرة والمستندات.
الرابع: استغلال اختلافات المسلمين، فيختار من بين الفرق الإسلام ما يخدم أهدافه، ويهمل الآخر؛ ليكون ذلك الوسيلة للحكم على الإسلام.
الخامس: ادّعاء التفوّق للعقل الغربي، وأن الدين الإسلامي المقبول من قبل الشرقيين يعود إلى ضعف عقولهم في مجال النّقد والتحليل.

بعد وضوح معنى الخبر والإنشاء، فإننا سنفهم مرادنا بالدراسة الخبرية والدراسة الإنشائية فالأولى تكشف لنا أحوال الموضوع، والثانية تصنع لنا موضوعًا، وتريد الوصول إلى هذه الأهداف المشار إليها.
وعليه فالفرق الجوهري بين هذين النوعين من الدراسة يكون في لفظي «الكشف» و«الصنع»، فإن المكشوف يعود إلى أحوال الموضوع/ الشرق أو الشرق الإسلامي، فيكون الموضوع، في هذه الحالة، هو الأصل، وهذا هو الدراسة الخبرية، أو قل هو الدراسة المعرفيّة.

أما مفهوم الصنع يعود إلى الدارس وخلفياته وثقافته وبيئته ومصالحه، فيكون الباحث هو الأصل والأساس في هذه الدراسة، وهو الدراسة الاستشراقية بامتيازٍ.
فما ينتج من الدراسة الأولى يكون منسوبًا إلى الشرق الإسلامي واقعًا، لأنّه مفهومٌ منه، ومن هنا يمكن طرح مسألة الموضوعيّة وعدمها، حتى مع الاشتباه والخطأ والخلط أحيانًا.
أما النوع الثاني من الدراسة فلا معنى للحديث فيه عن الموضوعيّة، والصحيح الكلام عن «المصلحة» فيه، فهي التي يبغي المستشرق الوصول إليها، وهذا هو سبب سلوك المنهج الالتقاطي أحيانًا؛ لأنه الملائم مع الأهداف المذكورة.
هذا هو عين ما يسمي الدكتور حسن حنفي المنهج الإسقاطي: «ويقوم هذا المنهج، وهو في الغالب لا شعوري باستبدال الظّاهرة المدروسة بظواهر أخرى هي أشكال الأبنية النّظرية الموجودة في ذهن المستشرق»[25].

ويذكر للمنهج الإسقاطي خطأين جسيمين[26]، حسب تعبيره:
نفي ما هو ثابت في التّراث الإسلامي؛ لأنّه يخالف خلفيته المعرفيّة.
إدّعاء وجود شيءٍ، في التراث الإسلامي؛ لأنّه يوصله إلى هدفه المخطط مسبقًا.
والنتيجة التي نخرج بها من كلام الدكتور حسن حنفي، أن الاستشراق مرآة لرؤية صورة الغرب الواقعيّة، وليست وسيلة لمعرفة الشرق بصفة عامّة، ولا لمعرفة الإسلام بصفة خاصّة، طبعًا يجب أن نصحح فكرة الدكتور حول أن الغربي يقوم بهذه العملية من حيث لا يشعر، في الغالب، بل العكس هو الصحيح في مجال الاستشراق.

بعد وضوح الفرق بين الدراسة الخبرية والإنشائيّة نرجّح تسمية ما يقوم به الباحث في مقام الإنشاء بـ«القرارات»، كما عبر بذلك البروفسور إدوار سعيد[27]، تشبيهًا له بما يقوم به المنشئ بعد اتّخاذ قرارٍ أو تصديق فائدة أمر بعد تصوّره، وما يقوم به في مقام الإخبار بالدّراسة المعرفيّة. إن كان الهدف من دراسة الشّرق كشف الحقيقة فالدراسة «معرفيّة»، وإن كان الهدف الوصول إلى مصلحةٍ فهي مصلحيّة.

فالمعرفة مقدّسةٌ ومحترمةٌ بالذّات، فالمصلحة ليست كذلك بالضرورة، فهي محترمة إن كانت واقعيةً وناشئةً من المعرفة والواقع. فلنذكر مثالًا لذلك فلو كان عقل الشرقي مثلًا جزئيًا واقعًا، وحسب دليلٍ منطقيٍّ، عقليٍّ، أو نقلٍ صريحٍ، إن وجد الغرب مصلحة في استغلاله بعقله الكلي بواسطة دراسة استشراقية لا يشكّل ذلك مشكلةً، وستكون دراسته عندئذٍ محترمةً ومقدّسةً، وأمّا المصلحة المبتورة عن الواقع والحقيقة، والتي نشأت فقط من شهوة التغلّب على الآخر بأي قيمةٍ، فهي موهومةٌ غير محترمةٍ.
قد اتضح الفرق بين معنيي الدراسة الخبرية والإنشائيّة وسبب وصف الدراسة الاستشراقيّة بها، فإنه قد آن الأوان لنسأل ما الدليل على صحة هذا الادّعاء؟ وجواب هذا السؤال يأتي في المحور الثاني.

المحور الثاني: شواهد على كون الدّراسات الاستشراقية مصلحيّةً
من الشّواهد التي تدفعني إلى وصف دراسات المستشرقين بـ«الإنشائية» ثمّ «المصلحية» استخدامهم المُفرِط للمنهج الغريب والمنهج الإهمالي، وتعمّدهم طمس بعض العناصر الدخيلة في الموضوعات وتوجيه المسائل إلى الجهة التي يبغيها.

الشاهد الأوّل: استخدام منهجٍ غريبٍ بدل المنهج الذّاتي
ينقسم المنهج إلى منهج ذاتيٍ ومجانسٍ، ومنهجٍ غريبٍ، فالأوّل استخدام الباحث أداةً معرفيّةً في الموضوع الذي يدرسه، حيث تكون الأداة مرتبطة به ارتباطًا معرفيًا ومنطقيًا، بدليل العقل[28] أو التجربة[29] أو العقلائي[30] أو الاعتبار[31]. عند استخدام المنهج الذّاتي المرتبط بالموضوع يحصل أمران:

الأوّل: الارتباط المعرفي: يعني أن العلوم تملك موضوعاتٍ وخصوصيات تابعة للموضوعات، وتسمّى هذه الخصوصيات في الفلسفة الإسلاميّة بالعوارض الذاتيّة، فالمنهج القادر على كشف هذه الخصوصيات، من دون أن يزيد فيها أو ينقص منها، هو المنهج الذّاتي، وغيره هو الغريب.

فإذا استخدم الباحث هذا المنهج فإنّه سيستقرّ بينه وبين الموضوع الذي يبحث عنه ارتباطٌ معرفيٌّ، وهذا الارتباط المنطقي هو الشرط للنّظر العلميّ الذي يمكّن الباحث من النفوذ إلى غور الموضوع وخصوصياته، أو بتعبير فنّي إلى عوارضه الذاتيّة، وأخيرًا السبب القابل للقبول المفضي إلى النتيجة العلمية.

إنْ لم يحصل هذا «الارتباط المعرفي»، من خلال المنهج المتجانس، كان الباحث منفصلًا عن الموضوع وخصوصياته انفصالًا جوهريًّا، الانفصال الذي سيؤدّي إلى غرابة تصوراته عن الموضوع وعن عوارضه الذاتية وأخيرًا إلى غرابة أحكامه بالنسبة إليها.
لتطبيق الفكرة فلنأخذ القرآن الكريم كمثالٍ للموضوع، وبعض ما قدّمه نولدكه، في كتاب تاريخ القرآن، عينةً للمنهج الغريب عن الموضوع؛ نحن، بعد التأمّل في طبيعة موضوع القرآن، ندّعي أنّه لا يمكن دراسته اليوم معرفيًا، إلا بعد التسليم، مبدئيًا، بمبدأين:

الأوّل: ضرورة التمسك بسندٍ متين في دراسته بالنسبة إلى كلّ ما ينسب إليه أو يسلبه عنه، فهو الطريق المنحصر للحكم عليه؛ لذلك بالغ العلماء المسلمون في احترامه وتقديره.
الثّاني: افتراض بقدسية النصّ القرآني، وهذا ليس عين التّسليم بقدسيته، وذلك افتراض إمكان صدور النّصّ من الله ومن مصدر هو فوق الطبيعة، وكون النبي مجرّد مبلّغٍ عن تلك الجهة. إلا أن يجد الباحث دليلًا وبرهانًا ينفي إمكان الوحي والاتصال بالغيب، وهذا بحثٌ آخر، فيجب أن يشير إليه حتى نعلم موقفه من هذه الناحية، وهذا المبدأ عقلائي ومنطقي، وقد يسمى أحيانًا بالشعور بالتعاطف مع الموضوع.

فالمبدأ الأول يفرضه العقل والواقع، فإنّنا لم نعش في زمن الرسولs، فلا نجد سبيلًا قطعيًا إلى تعاليمه وقرآنه وأحواله الشخصية سواء فيما لها علاقة بالوحي أو لا، إلا السندّ المتين، وأقصد من «السّند» مفهومه الواسع بحيث يشمل القرائن التي يمكن أن تعين على القطع أو الاطمئنان الصدور.
بعبارة أخرى: عندما يوجد أمام الموضوع الذي ينظر فيه طريقان؛ أحدهما يقينيّ والآخر ظنيّ، يُرجّح الطريق الأوّل، فالسّند المتين في البحث عن القرآن وأصافه وعلاقته بالنّبي محمّد’ هو الطريق الأوّل اليقيني، وتحليل المتن ومقوماته الداخليّة طريقٌ ظنّي.

لكن نولدكه قد رجّح الطريق الثاني، وهو تحليل عناصر المتن الدّاخليّة، ما يجعله يخرج بنتائج ظنّيةٍ، وعليه فإن طريقة تصنيفه للآيات القرآنية إلى مكية ومدنيّة[32]، على أساس هذا التحليل، مع غضّ النظر عن أهدافه السياسية والاستراتيجية والدينية والمصلحية، تعبّر عن منهجٍ ظنّي غريب عن القرآن؛ لأنه ليس هو المنهج الطبيعي المؤدي إلى معرفة الموضوع.
بل في هذا التصنيف مشكلتان؛ الأولى انحيازه إلى اعتبار «القرآن» تأليفًا بشريًّا، فيجب أن يخضع لمعايير التأليف عندهم، وهذا منه يستبطن ادّعاءً غير ثابت عقلائيًا، والادعاء هو أن كلّ تأليفٍ منطقيٍّ يجب أن يكون مرتّبًا حسب الأبواب والفصول والمحاور، والقرآن أيضًا تأليفٌ، فيجب أن يندرج تحت هذه القاعدة. وهذه القضية، بعموميتها، غير ثابتةٍ بالضرورة، وتوجد شواهد عديدة في الفكر البشري تنقضها.

والمشكلة الثانية تكمن في تطبيقه الفكرة الكليّة على القرآن، فمن أين ثبت كون القرآن أيضًا كتابًا وتأليفًا، كسائر التأليفات البشريّة، ومنشأ هذا الزعم منه، هو تفسيره الوحي بأنّه مرضٌ نفسيٌّ، معتمدًا في ذلك، كالعادة، على وثائق ظنّية مبهمةٍ لا تصمد أمام الشّواهد المعارضة لها من حيث الوثوق والمتانة العلمية.

والمشكلة كلها تعود إلى إنّه لم يدرس القرآن بعنوان موضوع مستقلّ عنه وعن تصوراته، بل درس موضوعًا تخيّله تحت اسم القرآن، فأسقط خلفيات غير بديهية عليه، الخلفيات التي سلبت بحثه وصفي الموضوعية والمعرفية، فهو أشبه بمن يحلّل «مادة فيزيائية» معينة، بعد تحويلها إلى أخرى فلا يصل إلى الصواب أبدًا؛ إذ لم يدرس الموضوع بالذات.
فلو تمسك بسندٍ قويّ ثابت بالأمارات اليقينية الموصلة إلى الاطمئنان، لكان حكمه على ترتيب النزول بشكل آخر، ثمّ إنّه لو تمسك بالمبدأ الثاني لكان يحتمل اختلافًا ولو يسيرًا، بين الكتاب الذي بين يديه والتأليف البشري، وعوضًا عن ذلك قد تمسّك بمنهحين غريبين، هو تحليل «عناصر المتن الداخلية»، ودعم ذلك بروايات ضعيفةٍ، فاستخرج منها كون الوحي حالةً من المرض النفسي[33][34]، وأنّه يجب إعادة ترتيب السور حسب ما تعارف عليه البشر في التأليف[35].

الثاني: الاستنتاج المعرفي؛ فهذا مترّتب على الأوّل، إن حصل الارتباط المعرفي، عندئذٍ يمكن أن يتوقّع من الباحث أن يكشف الحقيقة ويصل إلى ما يمكن تبريره منطقيًا ومعرفيًا، وهذا هو الاستنتاج المعرفي في مقابل غير المعرفي والعشوائي.
وسلوك منهجٍ غريبٍ في دراسة الموضوعات قد يكون عن وعيٍ وتدبيرٍ من المستخدِم، وقد يكون عن جهلٍ وخلطٍ منه، فالمنهج في الحالة الأولى مصلحيٌّ، يفضي بالباحث إلى خطأين: أوّلهما استنتاجٌ غريبٌ، ثانيهما ربط النتيجة الغريبة بالأهداف المدروسة.

فالعمليّة الأولى هي الاستشراق، والثانية هي ما يمكن أن يترتب عليه من سياسةٍ وخطّةٍ للإقصاءٍ وللاستغلال وللاستعمارٍ وللإمبريالية، وسيبذل الباحث الاستشراقي كل ما لديه من جهدٍ وتخصّص ومهارةٍ لتشويه العملية الاستنت+اجيّة، لتبدو معرفيّة وضروريّة القبول؛ لذلك نرى من اشتبه عليه الأمر من الناقدين، فيدّعي تمتّع بعض الدراسات الاستشراقية بالموضوعية والأكاديميّة.

الشاهد الثاني: إهمال عنصرٍ دخيلٍ
الإهمال يكون على نحوين؛ إهمال شيءٍ ليس بدخيل في حجم النتيجة وقدرها، وإهمال ما يدخل فيه، وبذكره تتفاوت أقدار النّتيجة، نسمي الثاني الإهمال المعرفي، ومثال الثاني ما إذا كانت هناك رواياتٌ صحيحة السند والدّلالة، كلّها تثبت مسألةً واحدةً، فإذا ذكرنا بعضها في مقام إثبات تلك المسألة، وأهملنا بعضها الآخر، فهذا الإهمال لا يؤثّر سلبًا ولا إيجابيًا في المسألة التي نريد إثباتها، نعم، لو ذكرناها لأكّدها فحسب.

أما لو كانت هناك روايات متعارضة بعضها صحيح السند والآخر ضعيف السند والدلالة، وما صحّ سندها يوافق صريح القرآن، فلو ذكر باحثٌ في مقام الاستدلال الروايات الضعيفة ليثبت مفادها، مهملًا الروايات الصحيحة، يكون الباحث قد ارتكب «الإهمال المعرفي»، أي ما يدخل في حجم النتيجة، وهذا النحو من الاستدلال مرفوض جملةً وتفصيلًا.
لا ينقصنا في الدّراسات الاستشراقية مثال، بل توجد أمثلة كثيرة لذلك، حيث استخدم المستشرق المنهج الإهمالي لدراسة موضوع من الموضوعات، كمحاولة نولدكه، مثلًا، في إثبات تحريف القرآن[36].

وقبل التعرّض لكلامه فلنشر إلى نصيحة السيد الصدر للأصوليين: «قد يتصوّر البعض إنّا إذا درسنا في علم الأصول العناصر المشتركة في عملية الاستنباط وعرفنا -مثلًا- حجية الخبر وحجيّة الظهور وما إلى من العناصر الأصولية فلا يبقى علينا بعد ذلك أي جهدٍ علميٍّ، إذ لا نحتاج ما دمنا نملك تلك العناصر إلا إلى مجرّد استخراج الروايات والنصوص من مواضعها؛ لكي تضاف إلى العناصر المشتركة ويستنبط منها الحكم الشرعي، وهو عمل سهلٌ بطبيعته لا يشمل على جهد علمي. ولكن هذا التصوّر خاطئ إلى درجة كبيرة؛ لأن المجتهد إذا مارس العناصر المشتركة لعملية الاستنباط وحدّدها في علم الأصول لا يكتفي بعد ذلك بتجميع أعمى للعناصر الخاصّة من كتب الأحاديث والروايات مثلًا».

كتب نولدكه بحثًا تحت عنوان «ما لا يتضمنه القرآن مما أوحي إلى محمّد»، وأراد من ذلك تحليل الروايات التي وردت في بعض مصادر المسلمين، إن صح كونها جميعًا روايات، واكتفى كعادته بالتّحليل المتني، منصرفًا عن البحث السّندي السّابق رتبة على التّحليل المتني.

قد قام بداية في تصنيف الروايات إلى اثنتي عشرة مجموعة؛ وقبل تحليل النتائج التي قد استخلصها من المجموعات دعنا نقدم إضاءة حول عنوانه «ما أوحي إلى محمد ولم يتضمنه القرآن».
إنّ لفظ «الوحي» لا يساوي القرآن بالضرورة، في التصوّر الديني، يمكن أن يكون الوحي حديثًا، مع غض النّظر عن طبيعته، قدسي، إلهيّ أو غيرهما، فالقرآن سورٌ مضبوطةٌ، قد وصلت إلينا بالتواتر حاملة هذا الوصف، لا يدخل فيها غيرها. وهذا لا يعني إخراج غيره من دائرة الوحي، فالوحي في هذا العرف الديني إذا أطلق من القيد يختص بالنبيs سواء أكان قرآنيًّا أم حديثًا[37]. إذًا العنوان «ما أوحي إلى النبيs» أو «نزل على نبيهs ولم يتضمنه القرآن» صياغة مضللة بعض الشيء.

أما تحليلات نولدكه على المجموعات الرّوائية التي تنسب التّحريف إلى القرآن، فهي على قسمين، قسمٌ خاصّ بكلّ مجموعة من المجموعات الاثنى عشرة، وقسم عامّ، نكتفي بدراسة المجموعة الأولى، بشكلٍ مختصرٍ، وانتقاد النتيجة العامّة التي استنتجها بعد ذلك:

يستخلص نولدكه من المجموعة الأولى، الدالّة على حرص ابن آدم[38]:
إنّها شبيهة بالآيات القرآنيّة جدًّا، وتحمل نكهتها من حيث الصّياغة، أو هي، حسب ترجمة جورج تامر: في خط طريقة التفكير والتعبير القرآنية، فمن هذه الناحية يجب عدّها جزءًا من سورة قد ضاعت، وحفظها بعض الصحابة لأنها وردت بشكل مكرّر، على لسان النّبيs.
يمكن كذلك احتمال كونها أحاديث نبويّة، زعم بعض الصّحابة كونها قرآنًا لوجوه الشبه بينها وبين الآيات القرآنيّة.
يمكن كذلك اعتبار الرّوايات منحولة ومنسوبة إلى النّبيs كذبًا وزورًا، ويدعم ذلك لفظ «ابن آدام» الغريب بالنسبة إلى استعمالات القرآن.

إنّ الاحتمال الأوّل، هو الأهمّ بالنّسبة إلى نولدكه بكلّ تأكيدٍ، ويفهم ذلك من قرائن قد ذكرها صريحًا أو إشارةً، منها أنه يتوهّم أنّ الوحي النّبوي ناشئ من نفس النّبي المريضة[39]؛ ثانيتها قد ادّعى أنّ النّبيs قد نسي بعض الآيات القرآنيّة وحفظها بعض الصّحابة[40]، ولعلّهم نقلوها إلى غيرهم؛ وثالثتها قد قام النّبي’ بتعديل بعض الآيات القرآنيّة[41].

والنّتيجة غير المذكورة التي يريد نولدكه استخلاصها من وراء ذلك كلّه هي أنّ النّبيs كان تارةً يحفظ ما يسميه آيات قرآنية وينساها تارة أخرى، بل القرآن عبارة عن محفوظات النّبيs وإيحاءاته النفسية، وليس وحيًا سماويًّا، موحى إليه من إلهٍ منفصلٍ عنه.

المهملات الأساسيّة في تحليلات نولدكه
إن النتائج التي قد توصلّ إليها نشأت من إهمال معرفي وطمسه العديد من المقدّمات الأساسيّة، والمقدمات المهملة الضرورية هي كالتالي:
الأوّلى: مقارنة الرّوايات المذكورة بإجماع المسلمين الذي لا يمكن الاستهانة به في المقام، ثم تحليل قيمة كلّ واحدٍ منهما، قيمة الرّوايات، وقيمة الإجماع وما وراءه من رواياتٍ صحيحةٍ ونصّ قرآنيّ ثابت بالتواتر.
لذلك قد اكتفى بعض الناقدين لهذه الفكرة، بالتأكيد على هذا الإجماع بين السنة والشّيعة[42]، ما يعني أن نولدكه أهمل في تحليل القضية عنصرًا دخيلًا وأساسيًا، له تأثيره المصيري في حجم النتيجة.
الثانية: تحليل قيمة «المتن القرآني المتواتر»[43] ومقارنته بـ«الرّوايات الآحاد» الزاعمة للتحريف في ثقافة العلماء المسلمين، فالمجموعات المذكورة تشكّل الآحاد، وفي مقابلها المتواترات، فيكون ثمّة تعارضٌ بين المتواتر والواحد، ولم يطرح نولدكه هذه المسألة أساسًا.
الثّالثة: تحليل موقف علماء المسلمين من الروايات المهملة، إنّ قيمة الرواية عند العلماء المسلمين لا تأتي من تواجدها في المصادر المعتبرة فحسب، بل إن طريقة تعامل العلماء مع الرواية أيضًا أمارة تكشف عن مدى اعتبارها أو عدم اعتبارها، ونولدكه لم يتكلّم عن هذه المسألة بتاتًا، ولا شكّ أنّ لهذه المسألة وزنًا واقعيًل وعلميًا في الفكر الإسلامي.
الرابعة: المواقف المختلفة حول الرّوايات، نعمـ قد ذكر مواقف ببعض علماء أهل السنّة، مهملًا البقية، مع أنه يبحث حول القرآن الذي هو ملك لسائر المسلمين وأصل تراثهم الفكري والحضاري، فيجب أن ينظر في مواقف باقي العلماء أيضًا، فهل خطر بباله أن ينظر في الروايات من وجهة نظر الشيعة مثلًا؟
الخامسة: هناك عنصر مهمّ في الروايات، أو فيما سمّي بالروايات، وهو غياب الرسولs تمامًا كعنصرٍ حاسمٍ، فلم يرو عنه في هذا السياق حتى إشارة، بل الكلام هنا يدور حول الأسماء التالية:

قراءة أبي: «الدّين عند الله الحنيفية السمحة لا اليهودية والنصرانية ومن يفعل خيرًا فلن يكفره»[44]. أو تلاوة مسلمة بن مخلّد الأنصاري على أصدقائه الآيتين التاليتين: «إن الذين آمنوا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا ابشروا أنتم المفلحون. والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم غضب الله عليهم...»[45]. أو سؤال عمر، أثناء خلافته، لعبد الرحمن بن عوف عن أنّ كون هذا القول «إن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّةٍ» آية أو لا؛ فأجاب أنه «أسقطت فيما أسقط من القرآن»[46]، أو قول أبي موسى في قوله: «كنّا نقرأ سورة كنّا نشبهها بإحدى المسبّحات»[47]. أو قول أنس: «أن آية نزّلت في الذين قتلوا ببئر معونة»[48]، أو اعتبار عمر آية الرجم من القرآن[49]، أو نسبة قراءة نص إلى أبي بن كعب: «ولا تقربوا الزنا إنّه كان فاحشة مقتًا وساء سبيلًا، إلا من تاب فإنّ الله كان غفورا رحيمًا»[50]، أو عن ابن إدريس في قوله: «إذ جعل الله كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية الأولى ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام، فأنزل الله سكينه على رسوله»[51]، أو قول عائشة: «كان فيما أنزل الله عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس معلومات»[52]، أو ما روي عن الواقدي من أنه: «كان سعيد بن جبير يقول في هذه الآية من رمى محصنة لعنه الله في الدنيا والآخرة»[53].

وترد هنا ملاحظاتٌ عامة:
الملاحظة الأولى: أين صاحب الرسالة من هذه القصّة، فلو قال أحد هؤلاء قال رسول اللهs إن هذه آيةٌ أو جزء من القرآن، أو كانت كانت آية فأسقطت، أو نحو هذين القولين لكان لهذه الأقوال قيمة معرفيّة ودينيّةً، لكن نكاد نلاحظ غياب مثل هذا التعبير بشكل تامّ.
الملاحظة الثّانية: للصحابة والتابعين الذين ذكروا في هذه الروايات مع غيرهم من الصّحابة قاسمٌ مشتركٌ، حول الآيات الداخلة في القرآن والخارجة منه، وهو القرآن المنقول إلينا بالتّواتر. فنأخذ ما اتفقوا عليه ونترك مورد اختلافهم.
الملاحظة الثالثة: كان هؤلاء يشكّون كما يظهر من بعض الروايات، في كون هذه من القرآن أو لا، وقد تيّقنوا بعد ذلك أنها ليست من القرآن؛ لذلك فصلوها عن أصل القرآن الواصل إلينا؛ لذلك لم يرو عن أيّ واحدٍ منهم الاعتراض على نقصان القرآن بسبب غياب هذه الآيات.

الملاحظة الرابعة: ما المانع من احتمال صدور خطأٍ من الذين زعموا كون هذه المرويات آيات قرآنية؟ فليس عدم إمكان الخطأ من هؤلاء ضرورة من ضروريات الدين، فالتّشابه يمكن أن يوقعهم في خطأٍ، لكنّهم قد يزيدون أو ينقصون خطأ منهم، أو يدخلون آية في أخرى، أليس هذا من الاحتمالات المعقولة في المورد؟

وهذه الملاحظات تعمّ جميع المجموعات التي قد تناولها نولدكه بالدراسة والتحليل، ولا تختص بالأولى منها، والغريب من الرجل هو تبرئته جهة الرواة واتهام جهة الرسولs.
ليست النتائج السابقة التي قد أشرت إليها من نولدكه بغريبةٍ، حسب هذه المرويات، لكن نولدكه يدّعي إضافة إلى ذلك، نتيجة غريبة يستنتجها منها، وهي قوله: «نملك بعض المعلومات عن مقاطع قرآنيّة ضاعت، من دون أن يبقى لها أثرٌ»[54].
وأما النتيجة، فإنّه بعد هذه الملاحظات نفهم وهنها، وضعف الرجل في أصل تحليله، إذ النتيجة يجب أن يكون لها أثرٌ في المقدمات السابقة، وليس لها، لا حسب الوضوح البدهي ولا حسب الدليل المنطقي والوثائقي أيّ أثرٍ فيها، والدليل الوحيد عليها هو التشابه بين هذه المرويات وبين بعض الآيات القرآنية، والملاحظة الأولى والثانية يصلحان ردّا صارمًا على هذه المزعمة.

سؤالٌ وجوابٌ
لماذا لا نكتفي بوصف دراسات المستشرقين بأنّها غير موضوعية وغير دقيقة وغير معرفية، ضعيفة في النّهاية، ونكفّ عن وصفها بأنّها إنشائية، الوصف الذي يدل على كتمان أهداف مبيّتة، وخطة استراتيجية مدروسة؟
جواب هذا السؤال المفصّل قد يحتاج إلى مقالٍ آخر مستقلٍ؛ لذلك نكتفي بذكر الأسباب التي دفعتنا إلى وصف أبحاثهم بهذا الوصف، منها عدم الاستهانة بأقلام المستشرقين وبما تنتجها من أفكارٍ ووعيٍ غير صحيحٍ، ومنها كوننا في صراعٍ حضاري، شئنا أم أبينا، والصّراع يقتضي عدم الغفلة والخروج من حالة البساطة ودراسة مواقف الطّرف المقابل بمزيدٍ من الوعي والمسؤولية، والسبب الأخير منها، هو الأهمّ، هو أن الموضوع الذي قد تناوله المستشرق بالدراسة، موضوع حسّاس وخطرٌ، وهو التراث بوجهٍ عام، ومصادر الإسلام الأساسية بوجه خاصّ، فالوحي وسلامته من التحريف ونبوة محمّد وسيرته العطرة هي الميدان الذي يتحرك فيه المستشرق، ولم يترك منها منطقةً إلا وقد أولد فيها، حسب ما يزعم، شبهاتٍ بواسطة منهج مشوّشٍ.

الخاتمة
تكون نتائج البحث كالآتي:
الأولى: إنّ من شروط الدراسة العلمية والمعرفية أن تكون خبريّة، يبحث عن الموضوع بواسطة منهج ذاتيّ متجانسٍ معه، وإلا فالدراسة لا تنتج نتيجة قابلة للقبول على مستوى المعرفة والمنطق.
2.تعد الدراسة الإنشائية، حيث يكون هدف الباحث أولًا صناعة موضوعٍ، يشترك مع الموضوع الواقعي في اللفظ فقط، ويقوم ثانيًا بتوجيهه إلى حيث تهوى مصالحه، لا يمكن وصفها بالصدق أو الكذب، نظير الإنشاءات التي لا يصح وصفها بذلك، الكلام هنا يدور حول المصلحة وعدم المصلحة.
3.تقع الأبحاث الاستشراقية في سياق الدراسات الإنشائية غير العلميّة، حيث إنّها صيغت للوصول إلى أهداف سياسية واستراتيجية حسب ما يقتضيها الصراع الحضاري والثقافي.
4.المناهج التي يستخدمها المستشرقون تكشف كون دراساتهم إنشائيّة ومصلحيّة، منها المنهج الغريب، المناسب مع هدف الباحث ليس المناسب مع الموضوع، والمنهج الإهمالي، الذي يدير حجم النتيجة وجهتها.
5.تصدم القارئ لتاريخ القرآن للمستشرق الألماني تيودور نولدكه، عينات كثيرة تفضح منهجه الغريب والمُهمل، ما دفعنا إلى اعتبار استنتاجاته فيه عبارة عن مصالح استراتيجيّة، وليست نتائج علميّة ومعرفيّة.

لائحة المصادر والمراجع
بدوي، عبد الرحمن، موسوعة المستشرقين، بيروت: دار العلم للملايين، ط3، 1993م
بن نبي، مالك، إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي المعاصر، حمص: دار الإرشاد، ط1، 1969م.
حنفي، حسن، التّراث والتجديد، مصر: مؤسسة هنداوي، ط1، 2017م
حنفي، حسن، مقدمة في علم الاستغراب، مصر: دار الفتية للنشر، ط1، 1991م.
الديّب، عبد العظيم، المستشرقون والتراث، دار الوفاء، ط3، 1992م
الرضا، محمد رضا، المظفر، بيروت: دار التعارف والمطبوعات، 2006م
زقزوق، محمّد حمدو، الاستشراق والخلفية الفكريّة للصراع الحضاري، الدوحة: كتاب الأمّة، ط1، 1404هـ.
السباعي، مصطفى، الاستشراق والمستشرقون، دار الورّاق، غير مؤرخ.
سعيد، إدوار، الاستشراق، ترجمة د. محمد عنائي، القاهرة: رؤية للنشر والتوزيع، ط1، 2006م.
الصدر، محمد باقر، دروس في علم الأصول، مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر، ط8، 1436هـ.
الصدوق، محمد بن علي، الاعتقادات، تحقيق عصام عبد السيد، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، ط1، 1413هـ.
الصغير، محمد حسين، المستشرقون والدراسات القرآنية، بيروت: دار المؤرخ العربي، ط1، 1999م.
الطوسي، محمد بن الحسن، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد، دار الأضواء، ط2، 1987م.
العقيقي، نجيب، المستشرقون، القاهرة: دار المعارف، 1119.
العليلي، حيدر مجيد حسين، الدراسات القرآنية عند وليم ميور، العراق: العتبة العباسية المقدسة، ط1، 2021م.
الغزالي، محمد، الاقتصاد في الاعتقاد، بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1983م
ماضي، محمود، الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي، دار الدعوة للطبع والنشر، ط1، 1996م.
المفيد، محمد بن محمد، تصحيح الاعتقادات، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، ط1، 1413هـ.
ميور، وليم، القرآن: نظمه وتعاليمه، ناشر: جمعية تعزيز المعرفة المسيحية، 1878م.
نولدكه، تيودور، تاريخ القرآن، تعديل فريدريش شفالي، ترجمة: جورج تامر، دار النشر جورج ألمز، 2000م.

------------------------------
[1](*)- الأستاذ في جامعة الزهراءA بليتكنيك، فرع السنغال، متخصص في الفلسفة والعرفان الإسلامي.
[2]- سعيد ـ إدوادر، الاستشراق، ص44.
[3]- راجع على سبيل المثال: السباعي، د. مصطفى، الاستشراق والمستشرقون، من ص20 إلى ص23؛ الديب، د. عبد العظيم، المستشرقون والتراث، 27 إلى ص36، يقوم بالإشارة إلى بعض الخيانات والتحريفات لبعض المستشرقين في هذه الصفحات.
[4]- راجع: بن نبي، مالك، إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي المعاصر، ص10-12.
[5]- سعيد، إدوارد، م.س، ص86.
[6]- الصغير، محمد حسين، المستشرقون والدراسات الاستشراقية، ص18.
[7]- الصغير، م.س، ص19.
[8]- The testimony borne by the Coran to the jewish amd Christian scriptures.
[9]- الصغير، م.س، ص15.
[10]- الصغير، م.س، ص15.
[11]- بدوي، عبد الرحمن، موسوعة المستشرقين، ص578.
[12]- راجع: حسين، د. حيدر مجيد، الدراسات القرآنية عند وليم ميور، ص306.
[13]- The Coran: composition and teaching.
[14]- ميور، وليام، القرأن: نظمه وتعاليمه، ص7.
[15]- م.ن، ص8.
[16]- م.ن، ص129.
[17]- العقيقي، نجيب، المستشرقون، ج1، ص1148.
[18]- راجع: الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري، من ص61 إلى 63، يفهرست الخدمات الجبارة التي قد بذلها المستشرقون في جمع المخطوطات عن طريق شرعية أوغير الشرعية لتحقيقها وطبعها.
[19]- حنفي، حسن، مقدمة في علم الاستغراب، ص32.
[20]- حنفي، حسن، م.س، ص32.
[21]- يقصد من المركبات الأمر والنهي والاستفهام والنداء والتمني والتعجب والعقد والإيقاع.
[22]- رضا، محمد، منطق المظفر، ج1، ص53-54.
[23]- يدافع جورج تامر المترجم لكتاب «تاريخ القرآن لنولدكه» عن المؤلف فيما ذهب إليه حول الوحي، ويقارن بينه وبين مذهب حامد أبو زيد تحت عنوان دراسة الوحي بعنوان خطاب، راجع: نولدكه، تاريخ القرآن، صXXI.
[24]- راجع: الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي، ص21.
[25]- حنفي، حسن، التراث والتجديد، ص90.
[26]- م.ن، ص90.
[27]- سعيد، إدوارد، الاستشراق، ص38.
[28]- كالبحث عن أحوال المعرفة والمنطق والفلسفة والرياضيات بالمنهج العقلي البرهاني.
[29]- كالخوض في علمي الفيزياء والكيمياء بالمنهج التجريبي.
[30]- كعلم أصول الفقه ودراية الحديث وعلم الرجال، يستخدم في كلّ واحد منها منهج عقلائيٌّ وعرفيّ.
[31]- كعلمي النحو والصرف، فهما اعتباريان، يمكن تغيير حكم الفاعل فيصبح منصوبًا كما يمكن تغيير شكل الفعل الماضي ليصبح هو شكل فعل مضارع، ولا تحدث أزمةٌ.
[32]- راجع: تاريخ القرآن، من ص61 إلى ص148.
[33]- راجع: نولدكه، م.س، ج1، ص23-25.
[34]- قد اعتمد في تفسير الوحي إلى بعض الحالات التي كانت تعتري النبيs أحيانًا وعممها، ولم يميز فيها بين ما كان وحيًا مباشًرا من الله وما كان فيه وحيًا عن طريق الملك، وخلط بين الجميع، بل عمم من خلال حالة خاصة كانت تعتري النبيs أثناء الوحي، والشيخ الصدوق يميز بينهما، بقوله: «وأمّا الغشوة التي كانت تأخذ النبيs فإنها كانت تكون عند مخاطبة الله إياه حتى يثقل ويعرق» [الاعتقادات، باب الاعتقاد في كيفية نزول الوحي من عند الله بالكتب].
[35]- راجع: نولدكه، م.س، ج1، ص65.
[36]- راجع: نولدكه، م.س، من ص110.
[37]- راجع: المفيد، تصحيح الاعتقادات، ص121.
[38]- تاريخ القرآن، ج1، ص217.
[39]- راجع: نولدكه، تاريخ القرآن، ج1، ص23-25.
[40]- راجع: م.ن، ج1، ص42.
[41]- راجع: م.ن، ج1، ص44.
[42]- راجع: الصغير، محمد حسين، المستشرقون والدراسات القرآنية، ص33-34.
[43]- قد تمسك العلماء المسلمون بالتواتر لإثبات أصل القرآن، راجع في ذلك، على سبيل المثال: وأثبتوا معجزته من الناحية البلاغية وعدم ثبوت معارضة إما عن طريف العجز أو عدم عن طريف الصرف بالتواتر أيضًا، راجع على سبيل المثال،: الخواجة الطوسي، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد، ص269 إل ص286؛ الغزالي، الاقتصاد في الاعتقاد، ص129 إلى ص130.
[44]- راجع: نولدكه، تاريخ القرآن، ج1، ص217.
[45]- راجع: م.ن، ج1، ص218.
[46]- راجع: م.ن، ج1، ص219.
[47]- راجع: م.ن، ج1، ص220.
[48]- راجع: م.ن، ج1، ص221.
[49]- راجع: م.ن، ج1، ص222.
[50]- نولدكه، تاريخ القرآن، ج 1، ج1، ص225.
[51]- راجع: م.ن، ج1، ص226.
[52]- راجع: م.ن، ج1، ص226.
[53]- راجع: م.ن، ج1، ص228.
[54]- نولدكه، م.س، ج1، ص228.