البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

أوري روبين ونظرية الإمامة الوراثيّة عند الشيعة

الباحث :  السيد رسول الهاشمي، علي راد
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  41
السنة :  شتاء 2025م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث :  December / 28 / 2024
عدد زيارات البحث :  96
تحميل  ( 531.068 KB )
الملخّص
لم يكن البحث والخوض في مسألة الإمامة وافيًا وشاملًا بسبب الظروف السياسية والاجتماعية التي رافقت المرحلة الأولى من تاريخ الإسلام. علمًا بأنّه قد تمّ بحثه في المراحل اللاحقة بشكل جامع ومركّز، ولا سيّما ما يتعلّق بوضع إطاعة الإمام في عرض إطاعة الله ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) في القرآن الكريم. وهو ما يؤكّد مكانة مسألة للإمامة بين المسائل الإسلاميّة.
وعندما نتتبّع تاريخ المسألة عند الغربيين نجد أنهم لم يتعاملوا مع التشيّع على أنّه من المذاهب الإسلامية المهمّة؛ وأنّ أكثر الأبحاث والتحقيقات تدور حول المذاهب السنية، بل لقد تمّ التعريف بـ(التشيّع) في المصادر الغربية بوصفه فرقة هامشية، ومن خلال إرجاع سبب ظهور التشيّع إلى مجرّد النزاع السياسي والاجتماعي، قلّما تمّ الالتفات إلى العلل الدينية لظهوره؛ وحتى بالنسبة إلى الدراسات الخاصّة بالشيعة تمّ إعطاء الهامش الأكبر فيها إلى الفرقة الإسماعيلية، وتمّ اعتبار الإمامية جزءًا من هذه الفرقة.

وعلى الرغم من حداثة وتأخّر الدراسات حول التشيّع والنشاط في حقل الأبحاث الشيعية، قام الباحث اليهودي «أوري روبين» بتخصيص بعض أبحاثه حول الإمامة، حيث ركّز في بحوثه على ربط الوراثة بأجداد النبي العرب، وادّعى بأن الشيعة إنما يعتقدون بإن الإمام علي هو الشخص الأجدر بالخلافة بسبب صلة القرابة التي تربطه بالنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا ما يتطلّب دراسة ونقدًا منهجيًا ومضمونيًا وبيانًا لنظرة الشيعة إلى ذلك في الاستدلال على إمامة الإمام علي(عليه السلام) فقط.

الكلمات المفتاحية
أوري روبين، الوراثة، الوراثة الجينية، الوراثة المؤاخاتية، الإمامة، أئمّة الشيعة، الإمام علي(عليه السلام).

مدخل
نظرًا إلى دور الإمامة الحساس والخطير ومكانتها الخاصة، فإنّها عدّت من المسائل الخلافية الأولى في المجتمع الإسلامي بعد رحيل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)[2]. وتنشأ أهمية مسألة الإمامة من ما جاء في القرآن الكريم، حيث تمّ وضع إطاعة الإمام في عرض إطاعة الله ورسوله أيضًا[3].

وعلى الرغم من أن البحث في مسألة الإمامة لم يكن معمّقًا وشاملًا بسبب الظروف السياسية/ الاجتماعية الخاصة في المرحلة الأولى من تاريخ الإسلام، ولكن في المراحل اللاحقة تمّ بحث مسالة الإمامة في بعض التفاسير المهمّة لدى الفريقين مشروطة بترك الظلم[4]. بالإضافة إلى الشرط المذكور فإن وضع إطاعة الإمام في عرض إطاعة الله ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)[5]، يُشير إلى المكانة البارزة للإمامة بين المسائل الإسلامية الأخرى.

علماً بأن دينية مسألة الإمامة قد أدّت إلى عدم اهتمام أتباع سائر الأديان بها، ولذا اقتصر التحقيق على رؤية عامّة وكليّة حول الإسلام والمذاهب الإسلامية، حيث لم يُلحظ فيها أنّ التشيّع من المذاهب الإسلامية المهمّة، وعلى هذا الأساس كانت أكثر الأبحاث والتحقيقات تدور حول المذاهب السنية. وهذا ما يؤكّده السيد حسين نصر، حيث قال في مقدمته على كتاب (الشيعة في الإسلام) للعلامة الطباطبائي: «لقد تمّ التعريف بـ(التشيّع) في المصادر الغربية بوصفه فرقة هامشية، ومن خلال خفض سبب ظهور التشيّع إلى مجرّد النزاع السياسي والاجتماعي، وقلّما تمّ الالتفات إلى العلل الدينية لظهوره؛ وحتى بالنسبة إلى الدراسات الخاصّة بالشيعة تمّ إعطاء الهامش الأكبر فيها إلى الفرقة الإسماعيلية، وتمّ اعتبار الإمامية جزءًا من هذه الفرقة»[6].

وهو ما يؤكّده هاينز هالم أيضًا في كتابه (التشيّع)، حيث قال: «لا يزال هناك غياب تام للتحقيقات حول التشيّع بوصفه مذهبًا مستقلًا، من خارج أطر الدراسات الإسلامية العامة. وقد بدأت الدراسات المقارنة للأديان تعمل مؤخرًا على التعرّف على التشيّع»[7].

ولم يستمر هذا الركود البحثي حول الشيعة، حيث نشطت الدراسات حول التشيّع في العقود الأخيرة بين المستشرقين. ويبدو أنّ سبب نشوء هذا الاتجاه الجديد لدى الغربيين -بشأن التحقيقات حول التشيّع- ذو صلة بالتأثير الفكري/ الاعتقادي للشيعة على المستوى الإقليمي والعالمي. وقد ذهب إيتان كولبرغ في هذا السياق إلى القول: «إن تحقيقات المحقّقين الأوروبيّين حول الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) في القرن السابع عشر للميلاد إنما اقتصرت على شخصه بوصفه شخصية أدبية وسياسية بارزة في الإسلام، لا بوصفه مؤسّسًا للتشيّع... وفي النصف الثاني للقرن العشرين للميلاد، ولا سيّما بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، أخذت الدراسات حول التشيّع الإمامي تشهد تزايدًا كبيرًا وملحوظًا جدًّا»[8].

وعلى الرغم من حداثة وتأخّر الدراسات حول التشيّع والنشاط في حقل الأبحاث الشيعية، كان البحث في مسألة الإمامة أوسع نسبيًّا من البحث في المسائل المهمّة الأخرى، بحيث إن مستشرقة بارزة مثل «ليندا كلارك» قد خصّصت فصلًا من رسالتها على مستوى الدكتوراه لمسألة الإمامة، وإنّ جزءًا من أبحاث «إيتان كولبرغ» تتعلّق بالإمامة عن التشيع، وكذلك مادلونغ أشار في كتاب مستقل له بعنوان «خلافة النبي محمّد» إلى أحقية إمامة الإمام علي(عليه السلام).

ومن بين المستشرقين قام الباحث اليهودي «أوري روبين»[9] بدوره بتخصيص بعض أبحاثه على الإمامة. ومن بين تلك الأبحاث مقالة له بعنوان: «الأنبياء والأجداد في أحاديث الشيعة الأوائل»[10] وخلاصتها على النحو الآتي:

1. مسألة الوراثة ودورها في الفكر الإمامي الشيعي[11].
2. مسألة الوراثة ودورها في نقل العلوم والمعارف الإلهية إلى الجيل اللاحق[12].
3. السعي إلى إثبات اعتقاد الشيعة بالإمامة الوراثية[13].
4. مسألة الوصاية وكيفية انتقالها من جيل إلى جيل[14].
5. الخلقة النورية ودورها في النبوّة والإمامة[15].
6. الفرق بين نظرية النور الموروث (للنبي) محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) ونظرية الوصية النورية[16].
7. دور نظرية الوصية النورية في انتقال النبوّة والإمامة[17].
8. السعي إلى إثبات اتحاد نظرية الإمام والوصاية الشيعية مع نظرية الوصاية في بني إسرائيل[18].

إن مقالة «الأنبياء والأجداد في أحاديث الشيعة الأوائل» من بين الأعمال التي سعى فيها إري روبين إلى بحث دور أجداد النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) في انتقال النبوّة إليه. وقد سعى الكاتب في هذا التحقيق -من خلال تقسيم الناقلين لمقام النبوّة إلى النبي الأكرم إلى «الأجداد الوراثيين» و«الحملة المنتجبين»- إلى ربط الوراثة بأجداد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) العرب، في حين لم يكن لهم أيّ دور في نبوّته. ومن هنا فقد اعتبر اعتقاد الشيعة بالخلقة النورانية للأئمة قد جاءت بتأثير من عقيدة عرب الجاهلية بمسألة الوراثة، ومن خلال طرح الوصية النورية، عمد إلى تعريف الأجداد بالوصاية بوصفهم عنصر انتقال النبوّة إلى النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)[19].

وعلى هذا الأساس، فقد تمّ الادعاء -في مقام بيان أدلة الشيعة على إمامة الإمام علي(عليه السلام) استنادًا إلى القرابة والمؤاخاة بين الإمام علي وبين النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)- بأنّ الشيعة إنما يعتقدون بإن الإمام علي(عليه السلام) هو الشخص الأجدر بالخلافة بسبب صلة القرابة التي تربطه بالنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) ومؤاخاته مع النبي أيضًا[20].
في نقد ادّعاء الكاتب تمّ الاقتصار على بحث دور الوراثة (القرابة، والمؤاخاة، والخلقة النورية)، ونظرة الشيعة إلى ذلك في الاستدلال على إمامة الإمام علي(عليه السلام) فقط، دون الدخول في بحث صلة الأجداد بالنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة(عليهم السلام).

النقد العام
في البحث العام، بالنظر إلى وجود المقالة في سلسلة (Shi’ism)، ترد عليها انتقادات جادة، نشير فيما يلي إلى بعض منها، وذلك على النحو أدناه:

1 عدم تناسب العنوان مع المتن
إن العنوان يُعدّ من المشخصات الأصلية للمقالة، ويجب أن يكون مرتبطًا بمضمون المقالة ومعرّفًا لها. وبالنظر إلى عنوان المقالة: «الأنبياء والأجداد في أحاديث الشيعة الأوائل» يبدو أن موضوع التحقيق سوف يدور حول الارتباط القائم بين الأنبياء وأجدادهم، بيد أن ترتيب المطالب في هذه المقالة، بحيث إن الأبحاث المرتبطة بالعلاقة المذكورة ذات صبغة تمهيدية لبحث مسالة الإمامة من وجهة نظر الشيعة. وبعبارة أخرى: على الرغم من أن عنوان المقالة يوحي بالارتباط بين الأنبياء وأجدادهم، إلا أننا نجد أن التركيز في المتن يتمّ على تحقيق وبحث رؤية الشيعة في مسألة الإمامة، وتشابه هذه الرؤية بمفهوم الوصاية عند بني إسرائيل، وطريقة ارتباط المؤاخاة بين الإمام علي والنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وقرابة الإمام علي(عليه السلام) من النبي، بالخلافة؛ وهما مسألتان لا صلة لهما بالعنوان أعلاه أبدًا[21].

2 عدم جامعية مصادر التحقيق
إن التناسب بين مصادر التحقيق وموضوع التحقيق أمر يحظى باهتمام من قبل المحقق من أجل إضفاء الاعتبار والإتقان على بحثه. وعلى الرغم من أهمية هذا المطلب، نجد أن بعض المستشرقين قلّما يهتمّون بهذه الناحية، وذلك بالنظر إلى اتجاههم التحقيقي (التاريخي/ التوصيفي). إن كاتب مقالة «الأنبياء والأجداد في أحاديث الشيعة الأوائل» في واحدة من أهم الموضوعات الاعتقادية للشيعة (وهو موضوع الإمامة)، لم يستفد من المصادر الرئيسة والأصيلة لدى الشيعة أبدًا، بل وغالبًا ما يستفيد في هذا الشأن من مصادر أهل السنة[22]؛ ومن هنا فإنه بالنظر إلى الحساسية المذهبية عند أهل السنة تجاه مسألة الإمامة، والنظرة الأحادية لبعض علماء أهل السنة في نسبة بعض العقائد إلى الشيعة، تؤدّي الاستفادة من مصادر أهل السنة في هذا التحقيق إلى ضعف ولا علمية هذه المقالة والتقليل من قيمة الاستناد إليها أو التعويل عليها.

النقد المنهجي والأسلوبي
إن من بين المسائل المهمّة والأساسية في التحقيق بشأن موضوعات علم ما، هو دراسة مدى إمكانية الاستفادة من الأساليب والمنهجية المتناسبة مع ذلك العلم؛ وإلا فسوف يواجه التحقيق مشاكل جمّة، سواء أكان على مستوى التحليل أو الوصول إلى النتيجة.

إن علم «الكلام» من جملة العلوم الإسلامية التي تحظى باهتمام خاص من قبل العلماء البارزين في العالم الإسلامي. وعلى الرغم من أن المتكلمين في بحث المسائل الكلامية لم يستفيدوا من أصول الاستنباط الخاص بعلم الكلام، بيد أن أساليبهم في بحث المسائل الكلامية قريبة من منهجية الفقهاء في علم الفقه[23][24].
وبشكل عام فإنهم يستفيدون في دراسة المسائل الكلامية واستنباطها من الأساليب العقلية والجدلية والنقلية والمناهج البينية؛ وذلك لأن هذا الأسلوب في البحث يتحدّد بحسب مقتضيات ذات الموضوع. وعلى هذا الأساس فإنه في المسائل الكلامية ذات الصبغة الإثباتية/ الجدلية، لا يمكن التعاطي معها تاريخيًّا؛ بمعنى أنه على الرغم من استناد أوري روبين إلى الأحاديث والروايات، إلا أن طريقة استناده طريقة تقريرية، تخلو من الملاحظة العلمية المتناسبة مع المنهج النقلي الشائع في الاستفادة من المصادر الروائية[25].

في منهج الاستنباط النقلي للمسائل الإسلامية، لا يكفي مجرّد نقل الروايات أو ترجمتها، بل من المهم والضروري فهم دلالة النصّ أيضًا؛ ومن هنا فإنّه في مقام التحقيق بالإضافة إلى ضرورة دراسة دلالة النصّ مورد البحث، يجب بحث دلالته في المقارنة والتقويم مع سائر النصوص المتناظرة والمشابهة له أيضًا؛ بمعنى أنه في الاستنباط من الآيات والروايات تجب ملاحظة جميع النصوص والمتون المرتبطة بالموضوع، واستخراج النتيجة من تضاعيف دلالة النصوص[26].

وعلى هذا الأساس يجب في معرض نقل روايات الشيعة، بالإضافة إلى الروايات الناظرة إلى المقارنة بين الأديان في مسألة الخلافة، أن يتمّ الاستدلال بالروايات التحليلية أيضًا[27]؛ ونعني بذلك الروايات التي تبحث مسألة الإمامة بطريقة الاستدلال الجدلي والعقلي.

لو أن كاتب المقالة «أوري روبين» قد نظر في باب الإمامة الى مجموع الروايات الموجودة في المصادر الروائية الشيعية، لما انتقل في بيان أدلة الشيعة إلى الأسلوب التاريخي/ التوصيفي[28]، وكذلك لما تمسّك في مسألة الخلافة بمجرّد الروايات الناظرة إلى التشابه الموجود بين الأديان[29] في هذه الناحية[30]. ومن هنا لا يمكن اعتبار الأسلوب والمنهج النقلي الذي انتهجه أوري روبين منهجًا علميًّا.
ومن الجدير ذكره، أن مدعيات الكاتب تقوم على أساس المصادر النقلية، لذلك سوف نستفيد في عملية النقد من «الأسلوب النقلي»، وسوف نستند ونستدلّ بطبيعة الحال ـ خلافًا لأوري روبين ـ بالمصادر الروائية المعتبرة والأصيلة لدى الشيعة وإلى آيات الوراثة أيضًا.

النقد المضموني
التعريف المفهومي: إن التعريف بالمفردات الأصلية في كل تحقيق موضوعي يُعدّ أمرًا ضروريًّا، وفي هذه المقالة نجد أن كلمات من قبيل: «الوراثة»، و«الوصاية»، و«الخلقة النورية»، و«التابوت» من الألفاظ المحورية والأساسية. وعليه كان يجب على أوري روبين أن يبحثها من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية. ولكن على الرغم من هذه الضرورة لم يقدّم روبين أيّ تعريف لهذه المفردات. وهذا ما يؤدّي إلى ضعف المفاهيم والغموض والإبهام في مراد الكاتب؛ بحيث إن أوري روبين في الاستدلال على مسألة كلامية قد استدل بمفهوم الوراثة المذكور في الفقه. إن هذا الخلط ناشئ من عدم تعريف المفردات والألفاظ المحورية في التحقيق. ومن هنا سوف نعمل في بحث الإمامة الوراثية على بحث مفردة «الوراثة» من أجل تحديد موقعها واستعمالها في الأبحاث الكلامية.

«الوراثة» لغة واصطلاحًا
إن الإرث لغة يعني: انتقال شيء من شخص إلى شخص آخر، وهو بطبيعة الحال انتقال يقوم على أساس السبب أو النسب، كما وردت هذه المفردة في المصادر اللغوية بهذا المعنى أيضًا[31]. وقال ابن فارس: «ورث: كلمة واحدة هي الورث. والميراث أصله الواو، وهو أن يكون الشيء لقوم ثمّ يصير إلى آخرين بنسب أو سبب»[32].
وعلى هذا الأساس فإن «الإرث» لغة حتى من وجهة نظر الخليل بن أحمد -الذي ذكر نتيجة الإرث وفائدته- يعني «انتقال الشيء»[33]. وإن وقع الخلاف في حقيقته في غير المال، بيد أنه لكثرة استعماله في القرآن الكريم بهذا المعنى، قد تمّ حمله على الحقيقة أيضًا[34].

وأما «الإرث» اصطلاحًا، فلم يرد ذكره في غير الفقه؛ إذ إن الإرث والوراثة والميراث من الموضوعات والمسائل الفقهية. فهو في المصطلح الفقهي يعني استحقاق شخص في ممتلكات الآخر بنسب أو سبب[35]. ومن هنا فإن أحد أركان الوراثة هي النسبة بين طرفي الإرث، وهي التي تستوجب انتقال الإرث من الموروث إلى الوارث. وفي ضوء رؤية فقهاء الشيعة تأخذ كل طبقة من الإرث بمقدار سهمها، بمعنى أن المورِّث لا يستطيع أن ينقل الميراث إلى بعض دون بعض، بحيث يؤدّي إلى حرمان سائر الطبقات من الإرث. وعلى هذا الأساس، وكما سيتّضح لاحقًا، فإنّ ما ورد بحثه في الروايات الكلامية بشأن الوراثة، هو المعنى اللغوي، بمعنى صرف انتقال المال أو المقام دون ملاحظة طرفي العلاقة، وإن سبب الانتقال هو استحقاق الشخص الوارث.

وبعد بيان مفهوم مفردة «الوراثة» وبيان التعريف اللغوي والاصطلاحي لها، ننتقل إلى بحث ونقد مدّعى كاتب المقالة «أوري روبين»، في نسبة الشيعة إلى الاعتقاد بالإمامة الوراثية استنادًا إلى القرابة والمؤاخاة والخلقة النورية. ومن هنا فإن أصل الإمامة الوراثية بناء على رؤية الشيعة، يتمّ بحثها وتحليلها ضمن العناوين الآتية:

1. الوراثة في الفهم الفقهي.
2. الوراثة الجينية.
3. الوراثة المؤاخاتية.

1 الوراثة في الفهم الفقهي
سندقّق في هذا المبحث الفهم الفقهي لأوري روبين عن الوراثة من ثلاث زوايا، وهي: الفقه، والقرآن، والروايات؛ ليتضح الرأي الكلامي للشيعة في مسألة دور الوراثة في إمامة الأئمّة(عليهم السلام).

أ . الوراثة في الفقه: من خلال ملاحظة البحث المفهومي للإرث، نجد أن ما ورد في الروايات الخاصة بإرث الإمام علي(عليه السلام)[36]، إنما هو مجرّد انتقال العلوم وسائر الأمور من النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الإمام علي، وإلا فإنه بناءً على الإرث الفقهي لم يكن للإمام علي(عليه السلام) أي حق في ميراث النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)؛ لأنه لا يمتلك نسبة تؤهّله للحصول على الإرث الفقهي؛ خلافًا لما يدّعيه أوري روبين الذي نسب إلى الشيعة الاعتقاد بخلافة الإمام علي(عليه السلام) على أنها كانت بسبب الإرث الفقهي المتمثّل بـ«المؤاخاة والقرابة»[37].
وقد ذهب الشهيد المطهري -استنادًا إلى الرواية القائلة: «إن الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء»- إلى الاعتقاد بأن الإمامة أمر وراثي؛ وذلك بمعنى أن الاستعداد لها ينتقل من جيل إلى الجيل اللاحق -بطبيعة الحال- لا بمعنى الوراثة القانونية[38].
يُضاف إلى ذلك أن عدم ذكر الخلافة الوراثية في المصادر الكلامية الشيعية -التي تعكس عقائد الشيعة- ونسبة هذا الأمر إلى بني العباس[39]، يمثّل شاهدًا آخر على عدم استدلال الشيعة بمسألة الوراثة في إثبات الإمامة وحصرها بالإمام علي(عليه السلام).

وينبغي هنا ملاحظة أنه بالنظر إلى كثرة استناد أوري روبين إلى مصادر أهل السنة، وكذلك ارتباط المستشرقين بالمراكز العلمية لأهل السنة، فإنه ربما يكون قد تأثّر في نسبة الإمامة الوراثية إلى الشيعة بالنظريات التاريخية والكلامية لبعض علماء أهل السنة التي نسبوها في آثارهم إلى الشيعة[40]، وإلا فإنه على الرغم من ذكر روايات المؤاخاة في الروايات الكلامية لدى الشيعة، فإنهم لم يستندوا إليها بوصفها دليلًا على الإمامة[41]. بل إن بعضهم ذكر المؤاخات بوصفها فضيلة للإمام علي(عليه السلام)[42]، لتجعله أهلًا لخلافة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، في قبال الفضائل المختلقة للآخرين. وإن العلّامة الحلي في بحثه لأدلة الفِرَق الإسلامية من خلال نسبة فكرة الإمامة الوراثية إلى العباسيين، عدّ الاعتقاد بوجوب النصّ على الإمام بوصفه من عقائد الشيعة.[43]

بناءً على ما تقدّم فإن بيان الوراثة في الروايات الشيعية إنما يمكن أن يمثّل شاهدًا على انتقال الفضائل من جيل إلى جيل آخر، وعلامة للإمام ليثبت أحقّيّته، وليس دليلًا على اعتقاد الشيعة بالإمامة الوراثية على مبنى علم الكلام والفقه.

وعلى هذا الأساس، فإن دليل الشيعة الوحيد على الإمامة هو الاستناد إلى النص، وإن الروايات مورد الإشارة إنما هي تعابير متنوّعة عن الدليل على إمامة الشخص المختار من قبل الله سبحانه وتعالى.
ب. الوراثة في القرآن: إنّ بحث الوراثة من زاوية القرآن الكريم وآراء المفسرين، يمكن أن تشكّل شاهدًا على دلالة الروايات الدالة على ميراث النبوّة، فقد قال بعض المفسرين في تفسير بعض آيات القرآن الكريم[44]: «على الرغم من ذكر بحث الإرث والميراث في سلسلة الأنبياء، بيد أن ميراث الأنبياء ليس هو النبوّة، وإنما هو مثل سائر مواريث الناس من الأموال والممتلكات، حيث يتركونها لمن وراءهم؛ وذلك لأنّ العلم رهن بالتعليم والتعلّم، أو هو موهبة إلهية يختص بها الله بعض عباده. والنبوّة بدورها تابعة للمصلحة دون النسب؛ لتنتقل من جيل إلى جيل من طريق الوراثة»[45].

وعلى هذا الأساس فإن عدم وراثة النبوّة والعلم، يمثّل شاهدًا على عدم وراثة الإمامة أيضًا؛ لأن الإمامة بدورها تابعة للشرائط والمصالح دون النسب؛ لتورث من طريق القرابة.

وكذلك ذهب الشيخ المفيد إلى الاعتقاد بأنّ التعبير بإيراث الكتاب، الوارد في قوله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ) (فاطر: 32)، ليس هو الإرث الشائع في العرف (من تملّك أموال الفرد وأشيائه بعد موته)، بل هو من باب التشبيه والاستعارة، باعتبار الورثة في مقام الحكام الذين يُترك الكتاب عندهم وديعة وأمانة، ويتولون مهمّة المحافظة عليه[46].
من خلال الاستفادة من تفسير المفسرين، فإن الروايات الدالة على إرث الأنبياء[47]، إنما يمكن حملها على مجرّد انتقال علم النبوّة إلى أوصيائهم، وليس الإرث المعروف في الفقه التابع للشروط الخاصّة.

ج. الوراثة في الروايات: من أجل تحليل الروايات الخاصّة بإرث الأئمة الواردة في بعض أبواب الكتب الروائية، يجب العمل على بحث مجموع الروايات. فنقول: إن الروايات الواردة في هذا الشأن يمكن بحثها من أربع جهات، وهي: متعلّق الإرث، والإرث، والعلاقة بينهما، والمورّث.

لقد ورد التعبير في روايات إرث النبي عن العلم[48]، وعن إقامة الدين[49]، وعن علم التوراة والإنجيل وتبيان ما في الألواح[50]، وعن صحف إبراهيم وألواح موسى[51]، وعن الزبور والكتب المنزلة[52]، وعن القرآن الكريم[53]، بوصفها متعلقًا للإرث.

كما ورد التعبير عن الأئمة وعن أوصياء الأنبياء، بوصفهم ورثة الأنبياء والأوصياء السابقين[54].
والنقطة المهمّة الأخرى هي أنه -بالإضافة إلى علاقة الوراثة بين الأنبياء والأوصياء والأئمة(عليهم السلام)- قد تمّ التعريف بالله بوصفه مورّثًا[55] أيضًا.

تحليل الروايات
بالنظر إلى انتساب الإرث إلى الأئمّة(عليهم السلام) وإلى الأوصياء في الروايات (المذكورة في كتابَي الكافي وبصائر الدرجات)، يبدو أن العلاقة بين الطرفين إنما هي علاقة حقوقية وليست علاقة حقيقية، في حين تُشترط العلاقة الحقيقية في الإرث؛ بمعنى أن يصدق عنوان الوارث على الشخص في ضوء واحد من العلاقات المتعدّدة في الإرث.
وعلى هذا الأساس، فإنه بملاحظة متعلّق الإرث -الذي يحتوي بشكل عام على بُعد ربّاني؛ بمعنى أن الله يضعه تحت تصرّف بعض الأشخاص بخصوصهم- يكون ميراث الأنبياء متعلقًا بشخصيتهم الحقوقية، ويكون الأنبياء مجرّد متقبّلين وناقلين له، ولذلك لا يحق لهم التصرّف فيه دون إذن من الله سبحانه وتعالى.

كما أن تعيين بعض الأشخاص بأعيانهم من أهل بيت النبي(عليهم السلام) للحصول على هذا الإرث، والإعلان عن ذلك حتى قبل رحيل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، يُشكل قرينة على أن إرث النبي هو إرث من نوع آخر، غير الإرث المذكور في الفقه والعُرف، وإلا لما كان متعلق الإرث خاصًا ولا الوارث.

وإن ذكر الله سبحانه وتعالى بوصفه مورّثًا بالإضافة إلى ذكر الأنبياء بهذا العنوان، يشكّل بدوره شاهدًا آخر على اختلاف الإرث النبوي عن الإرث العُرفي والفقهي. كما أن الحصول على الإرث يُشكّل هو الآخر دليلًا وعلامة على خلافة التخلف، فإن الشيعة بدورهم يقولون إنّ الصفات الأخلاقية والفضائل والرذائل بدورها تورث من الآباء والأجداد أيضًا»[56].
من الضروري -قبل البحث في ارتباط الوراثة بالتأثير الجيني للجيل السابق على الجيل اللاحق- أن نعمل على دراسة مناشئ المعتقدات الشيعية ومصادرها. من الواضح جدًّا أن هذه المعتقدات تستند إلى الآيات والروايات، وبطبيعة الحال فإن معيار قبول هذه الروايات أو رفضها، يعود إلى تطابقها أو عدم تطابقها مع القرآن الكريم[57].
بالنظر إلى الافتراض المذكور حول منشأ المعتقدات الشيعية، يجدر بنا قبل كل شيء بحث تأثر القرآن الكريم والنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) بثقافة ذلك العصر.

على الرغم من ذكر تأثّر القرآن بثقافة العصر من قبل بعض المفسرين من أهل السنّة[58]، إلا أن بعض المفسّرين من الشيعة[59] رفضوا ذلك[60]. وبغض النظر عن آراء المفسرين من الفريقين، نجد أن تعامل القرآن الكريم مع ثقافة عصره، كان يتراوح ما بين التعامل الانتقادي[61]، والإنكاري[62]، والإصلاحي[63]، والتقريري[64].

إن فرضيّة التعامل الانتقادي والإنكاري والإصلاحي والتقريري للقرآن الكريم مع ثقافة العصر، تؤيّد هذه النقطة، وهي أن هذا التعامل يتمّ تأييده بسيرة العقلاء أيضًا؛ وذلك لأن العقلاء في مواجهة الظواهر الاعتقادية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، يعملون على تقويمها في ضوء متبنّياتهم؛ فيتخذون في تقويمها واحدًا من هذه المواقف الأربعة عادة، وإن كان من المحتمل أن يكون لأحدها صبغة غالبة على الأخريات. ومع ذلك لم يقل أحد أن تعامل العقلاء مع المسائل الاجتماعية ينطوي على تأثّر العقلاء بها، وإنما يكون ذلك على سبيل التقويم وفرز الغثّ من السمين، الذي هو من لوازم الحضور المؤثّر للأنبياء وسائر المصلحين في المجتمعات البشرية. يُضاف إلى ذلك أن تأثير القرآن الكريم على المعايير العرفيّة والاجتماعيّة والسياسيّة والعقائديّة يُعدّ من المسلّمات في تاريخ الإسلام؛ حيث أدّى ذلك إلى بناء حضارة لها أصولها المعرفية ونماذجها السلوكية الحديثة.

وبعد نفي تأثر القرآن الكريم بالثقافة المعاصرة، ننتقل إلى بحث الوراثة من وجهة نظر القرآن بوصفها منشأ للاعتقاد الشيعي. لقد أشار القرآن الكريم -في الآيتين 26 و27 من سورة نوح- إلى مسألة الانتقال الوراثي للفضائل والرذائل الأخلاقية عبر الأجيال؛ إذ يقول تعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا) (نوح: 26-27).

والشاهد على المدّعى هو الآية 27 من هذه السورة؛ حيث يُشير النبي نوح في دعائه إلى ولادة الكافر من كافر، واعتبار الكفر من الخصائص الشخصية للفرد؛ وعلى هذا الأساس تكون الآية مشتملة على بيان التأثير الوراثي في الكفر من جيل إلى جيل. وبطبيعة الحال فإن الوراثة ليست هي العلة المنحصرة للاتجاه نحو الكفر، وإنما تُعدّ واحدة من عوامل وأسباب الاتجاه نحو الكفر.
إن الانتقال الوراثي للخصائص الروحية لا يقتصر على الكفر فقط، بل الإيمان بدوره ينتقل من جيل إلى جيل أيضًا. وبطبيعة الحال -كما سبق أن ذكرنا- فإن الوراثة ليست هي العلّة الحصرية لانتقال الفضائل والرذائل؛ إذ لو كان الأمر كذلك لكان كل شخص محكومًا للشخصية الروحية لدى الأجيال السابقة عليه، وهذا الأمر يتنافى مع عنصر الإرادة والاختيار. بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد زوّد الإنسان بعنصر الإرادة والاختيار في إطار مسؤوليته، ليرسم مصيره بنفسه على الرغم من تأثره بالوراثة المطلوبة وغير المطلوبة. ومن هنا فقد أصبح بعض أبناء الأنبياء من الأشقياء، كما أصبح بعض أبناء الكفار من السعداء[65].

ثمّ إن الاعتقاد بالخلقة النورية للأئمّة الشيعة له منشأ روائي، ولم يكن بتأثير من معتقدات المجتمع العربي؛ وذلك لأن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي ذكر هذا الأمر[66]، وهذا لا يخرج من إحدى صورتين؛ فإما أن يكون النبي قد أخذه من شخص آخر، أو أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أخبره بذلك.

والصورة الأولى -تعلّم النبي من شخص آخر- على خلاف المسلّمات الاعتقادية الشيعية الثابتة[67]، كما أنها تتنافى مع مسلّمات التاريخ الإسلامي[68]. وبناءً على الصورة الثانية، لا يكون اعتقاد الشيعة متأثرًا بمعتقدات المجتمع العربي في ذلك العصر، بل هو ناشئ من أخبار الخلقة النورية[69] التي وصلت إليهم من طريق النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أو الأئمّة(عليهم السلام).

وعلى هذا الأساس فإن اعتقاد الشيعة بالانتقال الوراثي للإمامة، له منشأ قرآني وروائي، ولم يكن بتأثير من ثقافة عرب الجاهلية؛ بمعنى أن النبي الأكرم والأئمة الأطهار(عليهم السلام)، بالاستلهام من القرآن الكريم والارتباط بعالم الغيب، قد حصلوا على معرفة وعلم بالقوانين التكوينية التي تبيّن كيفية ارتباط الأجيال ببعضها. إن هذا النوع من العلم والمعرفة، بالإضافة إلى دلالته على جامعية علم النبي الأكرم والأئمة الأطهار(عليهم السلام)، يمثّل شاهدًا على عدم وجود صلة بين الاعتقادات الخرافية لعرب الجاهلية وبين العقائد المستندة إلى القرآن الكريم وروايات الشيعة.
وبعد البحث الكلي لمسألة الوراثة من وجهة نظر الشيعة، ننتقل إلى بحث الارتباط الجيني بين الإمام علي(عليه السلام). والنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم). في ضوء الروايات التي تذكر الاشتراك الوجودي بين النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الأطهار(عليهم السلام) يرد الحديث عن الارتباط الجيني للإمام علي(عليه السلام) والنبي الأكرم بنظرية الخلقة النورية، طبقًا لهذه النظرية فقد وصل النور الذي خلق قبل النبي آدم(عليه السلام) عبر الأجيال إلى عبد المطلب، وقد انشطر هذا النور في هذا الانتقال إلى جزءين متساويين، ومن هنا فقد جاء في بعض الروايات أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: «أنا وعلي من شجرة واحدة، وسائر الناس من شجر شتّى»[70]. وفي الحقيقة فإن التعبير بالارتباط الجيني ينطوي على نوع من التسامح في التعبير، وإلا فإن عينية الخلقة النورية مع الارتباط الجيني بين الإمام علي(عليه السلام) والنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) تحتاج إلى بحث أشمل، لا يتسع له هذا المقام.

3 الوراثة المؤاخاتية
إن من بين المسائل التي يرد ذكرها في هذا الشأن هي مسألة المؤاخاة، وما لها من التأثير السياسي/ الاجتماعي. قال أوري روبين في هذا الشأن: «إن الإمام علي(عليه السلام) -في رؤية الشيعة- لم يصبح خليفة للنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) انطلاقًا من مجرّد الفضيلة التوافقية المتمثّلة بـ المؤاخاة فقط، بل وكذلك بسبب القرابة المستقبلية بالنبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)»؛ بمعنى أنه قد ورث النبي محمد بناءً على الأصل القديم القائم على التوارث الأسري، وكذلك على أساس من الأصل الجديد القائم على التوارث الأخوي أيضًا[71].

وعليه يمكن بحث مسألة المؤاخاة من ناحيتين، وهما: الناحية الاجتماعية، والناحية الحقوقية.

أ- الناحية الاجتماعية
في بحث أسباب الدعوة إلى التآخي والمؤاخاة في الأيام الأولى من ظهور الإسلام من الزاوية الاجتماعي، يجب الالتفات إلى الثقافة والآداب القبلية والأسرية؛ وذلك لأن العلاقات الاجتماعية آنذاك كانت تقوم على أساس التركيبة القبلية.
وإن من بين الأصول الأساسية الحاكمة على العلاقات القَبَلية في شبه الجزيرة العربية قضية دفاع أفراد القبيلة عن بعضهم أو الدفاع عن الذين يدخلون معهم في الحلف والولاء؛ بحيث أنه في ظل هذا السلوك وقعت أكبر الأحداث المريرة في التاريخ البشري والتي تمثّلت في الحروب بين قبائل الأوس والخزرج واستمرّت لمئة وعشرين سنة.

لقد ظهر الدين الإسلامي في ظلّ هذه الظروف، وكان هذا الدين الحديث بحاجة ماسّة إلى دعم الناس وحمايتهم؛ وكان تحقق الدعم من الناس لا يبدو ممكنًا في ضوء الأخلاق القبلية؛ ومن هنا فقد عمد النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) -من خلال الاستفادة من هذا المفهوم القبلي في الدعم والحماية، ومن خلال إيجاد معتقد جديد يقوم على أساس العلاقة الدينية- إلى تأسيس نظام اجتماعي ديني جديد لكي يقوم الأخوة الجُدد في ضوئه بالدفاع عن بعضهم.

وقد ذهب العلامة الطباطبائي -في معرض تفسيره، لقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (الأنفال: 72)- إلى الاعتقاد بأن هذه الوشيجة الدينية المستحدثة من قبل النبي كانت تعني قيام المسلمين الجُدُد بالدفاع الشامل عن بعضهم، وليس مجرد التوارث فيما بينهم، وقال في هذا الشأن: قد جعل الله بينهم ولاية بقوله تعالى: (أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، والولاية أعم من ولاية الميراث وولاية النصرة وولاية الأمن، فمن آمن منهم كافرًا كان نافذًا عند الجميع، فالبعض من الجميع ولي البعض من الجميع، كالمهاجر هو ولي كل مهاجر وأنصاري، والأنصاري ولي كل أنصاري ومهاجر، كل ذلك بدليل إطلاق الولاية في الآية. فلا شاهد على صرف الآية إلى ولاية الإرث بالمواخاة التي كان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) جعلها في بدء الهجرة بين المهاجرين والأنصار وكانوا يتوارثون بها زمانًا حتى نُسخت[72].

وعلى هذا الأساس فقد تمّ التأسيس للأخوّة الدينية منذ السنوات الأولى من ظهور الإسلام في ظلّ هذا التآخي المستحدث؛ حيث حلّت الأخوّة الدينية محلّ الأخوّة القبلية، وتمكّن النبي الأكرم بهذه الطريقة الاجتماعية من إدارة العصبيات القبلية والعشائرية بشكل غير مباشر، وتأسيس مجتمع واحد حول محور الدين، وبالتالي فقد كانت فلسفة المؤاخاة هي العمل على إدارة ظاهرة الولاء والدعم والحماية القبلية في إطار تحقيق الاتحاد والوفاق بين المسلمين، وليس التمهيد لخلافة أئمة الشيعة، ومن هنا فإنه سرعان ما تمّ نسخها بعد فترة وجيزة.
وعلى هذا الأساس فإن المؤاخاة بين الإمام علي(عليه السلام) والنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) وإن كانت من أبرز المسائل في التعاليم الشيعية، وقد عبّر عنها النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) في الكثير من المواطن، إلا أنها لم تتخذ دليلًا على الإمامة، بل مجرّد فضيلة لم يكن هناك من يستحقها غير الإمام علي(عليه السلام) فقط.

ب- الناحية الحقوقية
إن الدين الإسلامي -مثل سائر الإديان السماوية- عبارة عن مجموعة من التشريعات والعقائد والأخلاقيات والحقوق، وكان لهذه الحقوق فيما يتعلق بالأعراف الحاكمة على المجتمع صبغة تقريرية أو صبغة تأسيسية. إن الوراثة النسَبية كانت تُعدّ واحدة من القوانين الشائعة في الأعراف العربية فيما يتعلق بحقل الحقوق الأسرية في تلك الحقبة. وإن الإسلام على الرغم من تقريره لقانون الإرث بشكل عام، إلا أنه أجرى الكثير من التغييرات على تفصيلاته وجزئياته.

وفيما يتعلّق بمسألة المؤاخاة يجب بحث أمرين، وهما:
دلالة روايات المؤاخاة على الإرث.
دلالة الإرث بالمؤاخاة على إمامة أئمة الشيعة.

1 دلالة روايات المؤاخاة على الإرث: قال بعض المفسّرين[73] -من خلال حمل الآية 72 من سورة الأنفال على مسألة المؤاخاة- بأن المؤاخاة كانت قد أوجبت توارث الإخوة في الإسلام لبعضهم. ولكن على الرغم من قول بعض المفسرين بدلالة هذه الآية على الوراثة بالتآخي، إلا أن ظاهر الآية لا يدلّ على ذلك، كما أشار العلامة الطباطبائي إلى هذه النقطة في تفسيره[74]. وبالإضافة إلى ذلك فإن الروايات الخاصة ببيان هذه الواقعة التاريخية -ومن بينها المأثور عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «تآخوا في الله أخوين أخوين»[75]- هي الأخرى لا تدلّ على الوراثة أيضًا. وبطبيعة الحال فإن الفيض الكاشاني في تفسير الآية رقم: 72 من سورة الأنفال في تفسير الصافي، فيما يتعلق بالإرث بالمؤاخاة، قد استند إلى حديث مأثور عن الإمام الباقر(عليه السلام).

وعلى هذا الأساس فإنه على الرغم من عدم دلالة ظاهر الآية مورد البحث على الإرث بالتآخي، إلا أن لازم الجمع بين هاتين الطائفتين من الروايات هو الإرث المؤقّت بفعل عقد المؤاخاة، كما أشار الشهيد مرتضى المطهري إلى الإرث المؤقّت (الفترة التي عاش المسلمون فيها ضيقًا)[76].

2ـ عدم دلالة الإرث بالمؤاخاة على إمامة أئمة الشيعة: بعد بحث تحقق الإرث المؤاخاتي بين المهاجرين والأنصار، يجب بحث كيفية ارتباط هذا الحدث التاريخي بمسألة الإمامة من وجهة نظر الشيعة. وفي تحليل هذه المسألة لا بدّ من الالتفات إلى عدد من النقاط:
إن فقهية وتوقيت الإرث المؤاخاتي بين المهاجرين والأنصار، خصيصتان تحولان دون الدلالة على الإمامة، وذلك لأن الإمامة مسألة كلامية. كما أن ضرورتها ومصلحتها كانت قائمة قبل وبعد ظهور ضرورة ومصلحة المؤاخاة، وقد دلّت عليها الأدلة العقلية والنقلية المعتبرة والمذكورة في الكتب الكلامية والروائية. ومن هنا فإن المتكلّمين الشيعة لم يستدلّوا بأدلة المؤاخاة لإثبات الإمامة[77]. وإنما يتحدّثون عنها بوصفها من بين الفضائل البارزة للإمام علي(عليه السلام)[78].

إن الوراثة تابعة للشرائط والظروف الخاصة، ومن بينها تساوي الورثة في الإرث، ولازم التساوي في الإرث مشاركة جميع الورثة في التركة، وهذا ما ينفيه الاقتضاء الذاتي للإمامة والمبيّن بقوله تعالى: (لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة: 124)، عن مسألة الإمامة.

من خلال النظرة التاريخية إلى مسألة الإمامة، يبدو أن الإمام علي(عليه السلام) قد استند إلى مسألة المؤاخاة في مقام الاحتجاج على المخالفين لإثبات أحقيّته في الإمامة. ولكن لا يخفى أن الاستناد في مقام الجدل مع الخصم، ينطوي على صبغة إسكاتية، ولا يحتوي على بُعد استدلالي.
إن أدلة إثبات الإمامة يجب أن تكون عامّة، وليست خاصة بإمام واحد، وحيث إن المؤاخاة إنما تخصّ الإمام علي(عليه السلام)، فلا يمكن التمسّك بها في الاستدلال على الإمامة بشكل عام، وإنما هي مجرّد شاهد على أفضليّة الإمام علي(عليه السلام) على سائر الذين ادّعوا خلافة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).

وبغض النظر عن الملاحظات الآنف ذكرها والتي تمثّل شاهدًا على عدم دلالة المؤاخاة الوراثية على إمامة الأئمة الشيعة، من الجدير ذكره أنه على الرغم من القبول بأصل المؤاخاة الوراثية في حقل الفقه، إلا أن الكثير من روايات المؤاخاة ذات صبغة كلامية؛ بمعنى أنه ليس لها صلة بالوراثة الفقهية[79]؛ وذلك لأنّ اتجاه الروايات ناظر إلى إتمام حجّة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) في موضوع الخلافة، ولهذا الأمر صبغة كلامية.

ومن هنا فإن الأخوّة المذكورة في هذه الطائفة من الروايات، لا تدلّ على المؤاخاة الوراثية، وعليه لا يمكن الاستدلال بمثل هذه الوراثة لإثبات خلافة الأئمة(عليهم السلام).

الخاتمة
إن البحث عن الإمامة في كلّ مرحلة، يُعدّ من الأبحاث المهمّة والحيوية والمثيرة للجدل، وهي في العادة قابلة للبحث والدراسة من مختلف الزوايا.
ـ في البحث والدراسة والنقد الذي قدّمناه في هذه المقالة، تم السعي -على الرغم من عدم وجود سابقة لبحث الإمامة الوراثية- إلى تقديم تحليل جامع لاعتقاد الشيعة بالإمامة. وقد تمّ بحث المسألة المذكورة من زاوية الفقه والتفسير والكلام والروايات.

ـ إن الروايات الخاصّة ببحث الوراثة، تعمل بدورها على بيان احتجاج أهل البيت(عليهم السلام)، ولا سيّما الإمام علي(عليه السلام) على الخصوم بناء على مبنى العرف الغالب؛ بمعنى أن القرابة -التي تمثّل المؤاخاة واحدة من علاماتها- إذا كانت شرطًا، فإن قرابتنا من رسول الله هي الأقرب.
ـ إن الشاهد الآخر على عدم فقهية الوراثة المذكورة في الروايات، عبارة عن نوع الصلة القائمة بين بعض الأنبياء وبين أوصيائهم؛ لأنها لم تكن من سنخ العلاقة النسبية أو السببية المذكورة في باب الإرث؛ لتستوجب التوارث، من قبيل: العلاقة بين النبي شعيب والنبي موسى والعلاقة بين النبي موسى ويوشع بن نون، والعلاقة بين النبي الأكرم والإمام علي(عليه السلام)، وهكذا.

ـ بغض النظر عن أدلة الشيعة في إثبات إمامة الأئمة الأطهار(عليهم السلام) ، فإن نتيجة البحث في الآيات والروايات الخاصّة بالإمامة، هي أن الوراثة المذكورة في المنظومة الاعتقادية لدى الشيعة، إنما كانت عبارة عن مجرّد انتقال مقام الإمامة ولوازمها من قبيل: العلم والكتاب ونظائر ذلك إلى أشخاص اجتباهم الله لحكمة ومصلحة ليكونوا هم الحجج له على الناس. وبعبارة أخرى: بالنظر إلى أن الله سبحانه وتعالى هو الأعلم بحال عباده وما يتمتعون به من الظرفيات في تقبّل الأمور وتطبيقها على النحو الأفضل، قد اختار عددًا من عباده لتولي منصب النبوّة أو خلافة الأنبياء، على ما ورد في القرآن الكريم؛ إذ يقول الله تعالى: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) (الأنعام: 124).

وأما التعبيرات التي هي من قبيل: الإمامة والوراثة والوصاية وما إلى ذلك، فإنها تمثل بيانًا بمنزلة الإمامة وموقعها والمصداق المعيّن من قبل الله سبحانه وتعالى، وطريقة ارتباطه بالنبي أو الوصي السابق، ولا يفيد ثقلًا مفهوميًا خاصاً؛ من ذلك أن النبي الأكرم عندما يقول للإمام علي: «أنت وارثي»، كان بعض الأصحاب يسأله بالقول: ما الذي يرثه منك؟ (فكان الذي يخطر على أذهانهم فيما يبدو هو الوراثة الفقهية)، ولكنه كان يقول في الجواب: يرث عني الكتاب وسنن الأنبياء السابقين. إن هذا الجواب من النبي الأكرم ينبئ عن وساطته في انتقال ميراث الأنبياء السابقين إلى الجيل اللاحق؛ وذلك لأن الكتاب والسنة هي الحقائق والمعارف والأحكام التي لا تقبل التمليك لتكون موردًا للوراثة المصطلحة في الفقه، بل تحتوي على صبغة تعليمية؛ وفي بعض الموارد تكون لها صبغة إشراقية فيما يتعلق بالأنبياء وأوصيائهم.

لائحة المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد الجزري، أسد الغاية في معرفة الصحابةـ دار الشعب، بيروت، 1351هـ.
ابن فارس بن زكريا، أبو الحسين أحمد، ترتيب مقاييس اللغة، پژوهشگاه حوزه و دانشگاه، قم، 1387هـ.ش.
ابن النديم، محمد بن إسححاق، الفهرست، مكتبة الأسدي ومكتبة الجعفري التبريزي.
الأشعري، أبو الحسن علي بن إسماعيل، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، النشرات الإسلامية، 1400هـ.
الندوي، أبو الحسن علي الحسني، صورتان متضادتان عند أهل السنة والشيعة الإمامية، دار البشير، جدّة، 1410هـ.
البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، الجامع الصحيح (صحيح البخاري)، دار البشائر، بيروت، 1428م.
برنجكار، رضا، روش شناسي علم كلام، مؤسسة دار الحديث، قم، 1391هـ.ش.
البغدادي، أبو منصور عبد القاهر بن طاهر، أصول الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، 1401هـ.
البيضاوي، عبد الله بن عمر، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، تفسير الآية المذكورة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1418هـ.
جوادي آملي، عبد الله، التفسير الموضوعي للقرآن الكريم (الوحي والنبوّة في القرآن)، نشر إسراء، قم، 1384هـ.ش.
الحر العاملي، محمد بن حسن، وسائل الشيعة، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)، قم، 1404هـ.
العلامة الحلي، حسن بن يوسف بن المطهر، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، تحقيق: حسن حسن زاده الآملي، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1413هـ.
راد، علي، مباني كلامي اماميه در تفسير قرآن، انتشارات سخن، طهران، 1390هـ.ش.
الفخر الرازي، فخر الدين أبو عبد الله محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1420هـ.
الزمخشري، محمود، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، دار الكتاب العربي، بيروت، 1407هـ.
السيد المرتضى، علي بن حسين بن موسى، الشافي في الإمامة، مؤسسة الإمام الصادقg، ط2، طهران، 1410هـ.
السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، قم، 1404هـ.
الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، الملل والنحل، منشورات الشريف الرضي، قم، 1364هـ.ش.
الشهيد الثاني، زين الدين بن علي بن أحمد العاملي، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، كتاب فروشي داوري، قم، 1410هـ.
الشيخ الصدوق، محمد بن بابويه القمي، أمالي الصدوق، انتشارات كتابجي، طهران، 1376هـ.ش.
الصفار، محمد بن حسن، بصائر الدرجات في فضائل آل محمد(عليهم السلام)، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، قم، 1404هـ.
الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، دفتر انتشارات جامعه مدرسين، قم، 1374هـ.ش.
الطباطبائي، السيد محمد حسين، شيعه در اسلام، دفتر انتشارات اسلامي، قم، 1378هـ.ش.
الطبرسي، الفضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، ترجمه إلى اللغة الفارسية: مجموعة من المترجمين، انتشارات فراهاني، 1360هـ.ش.
الطوسي، محمد بن الحسن، الرسائل العشر، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1414هـ.
ـــــــــــــــــــــــــ، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد، دار الأضواء، بيروت، 1406هـ.
ـــــــــــــــــــــــــ، التبيان في تفسير القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
ـــــــــــــــــــــــــ، الفهرست (اختيار معرفة الرجال)، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
عبد الله خروش، حسين، فرهنگ اسلام شناسان خارجي، نشر گل افشان، 1362هـ.ش.
العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1328هـ.
الفاضل المقداد السيوري، المقداد بن عبد الله، الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد، مجمع البحوث الإسلامي، 1412هـ.
الفراهيدي، الخليل بن أحمد، کتاب العين، انتشارات هجرت، قم، 1410هـ.
الفيض الكاشاني، محسن، الوافي، مكتبة أمير المؤمنينg، إصفهان، 1406هـ.
الفيض الكاشاني، محسن، الشافي في العقائد والأخلاق والأحكام، دار اللوح المحفوظ، 1425هـ.
الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، دار الحديث، قم، 1429هـ.
العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار(عليهم السلام)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1403هـ.
ـــــــــــــــــــــــــ، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1404هـ.
المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، بنگاه ترجمه و نشر كتاب، طهران، 1360هـ.ش.
المطهري، مجموعه آثار (الأعمال الكاملة)، انتشارات صدرا، طهران.
النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1374هـ.ش.
هاينزهالم، تشيّع، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محمد تقي أكبري، نشر أديان، ط1، قم، 1385هـ.ش.

Rubin, Uri, Prophets and Progenitors in the Early Shi`a Tradition, In Shi’ism Critical concepts in Islarnic studies, edited by Pend Luft and Colin Turner, Routledge New York and London, 2008.

Kohlberg, Etan (ed.), Shi’ism, Routledge, New York and London, 2003.

-----------------------------------------
[1][*]- المصدر: نُشرت هذه المقالة باللغة الفارسيّة تحت عنوان «اری روبین و نظریه امامت موروثی شیعه» في مجلّة «تحقیقات کلامی» الفصليّة التي تصدر في جمهوريّة إيران الإسلاميّة، السنة الأولی، العدد 2، سنة الإصدار 2013م، الصفحات 139-156، ترجمة: السيد حسن علي مطر الهاشمي.
[**]- باحث في كلية القرآن والحديث (كلية كلام أهل البيت(عليهم السلام))، طالب على مستوى الدكتوراه في جامعة القرآن والحديث.
[***]-أستاذ مساعد في جامعة طهران (برديس قم).
[2]- الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، الملل والنحل، ص24؛ الأشعري، أبو الحسن علي بن إسماعيل، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، ص9.
[3]- سورة النساء (3): 59.
[4]- الزمخشري، محمود، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، ج1، ص184؛ الطبرسي، الفضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج2، ص35؛ السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، ج1، ص118؛ الفخر الرازي، فخر الدين أبو عبد الله محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، ج4، ص31؛ الطوسي، محمد بن حسن، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد، ج1، ص449؛ الطباطبائي، السيد محمد حسين، شيعه در اسلام، ج1، ص268.
[5]- على الرغم من أن بعض المفسرين من أهل السنة قد فسّروا آية «أولي الأمر» بـ«أولي الفقه» وأهل الحلّ والعقد، بيد أنهم على هامش الآية رقم 55 من سورة المائدة التي تتحدّث عن ولاية الله والنبي الأكرم، قالوا إن مصداق هذه الآية هو الإمام عليA. وبطبيعة الحال فإن العلامة الطباطبائي بعد ردّ جميع الاحتمالات الواردة في الآية الخامسة والخمسين من سورة المائدة، قال إن الولاية في هذه الآية متّحدة مع الولاية في الآية التاسعة والخمسين من سورة النساء. (الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج3، ص4).
[6]- الطباطبائي، السيد محمد حسين، شيعه در اسلام، المقدّمة.
[7]- هاينزهالم، تشيّع، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محمد تقي أكبري، ص19.
[8]- Kohlberg, Etan, Shi’ism. 2003, p. xxiv.
[9]- أوري روبين (1944-2021م): باحث يهودي في حقل الإسلام في ضوء الاتجاه القرآني والروائي والتاريخي. من خلال دراسة عناوين مجموع كتبه ومقالاته، يبدو أن محور تحقيقاته يدور حول سيرة وشخصية النبي الأكرمs، وبعض الوقائع المرتبطة بالنبي وبعض الأماكن الإسلامية المهمّة.
https://www.urirubin.com/
[10]- Prophets and Progenitors in the Early Shi`a Tradition.
[11]- Rubin, Uri, Prophets and Progenitors in the Early Shi`a Tradition, in Shi’ism, p.41.
[12]- Rubin, Uri, Prophets and Progenitors in the Early Shi`a Tradition, in Shi’ism, p.46.
[13]- Ibid, p.43.
[14]- Ibid, p.45-46.
[15]-Ibid, p.44.
[16]- Ibid, p.44-45.
[17]- Ibid, p.46.
[18]- Ibid, p.45-95.
[19]- Ibid.
[20]- Rubin, Uri, Prophets and Progenitors in the Early Shi`a Tradition, in Shi’ism, p.41
[21]- See:Ibid, p.41-42.
[22]- إن بعض مصادر أهل السنة التي استفا دمنها إري روبين في مقالته، عبارة عن: (الطبري، تاريخ الطبري، ج6، ص85؛ الثعلبي، ص23؛ ابن هشام، السيرة النبوية، ج1، ص135؛ ابن سعد، ج1، ص57؛ البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، الجامع الصحيح (صحيح البخاري)، ج4، ص203؛ مسلم، صحيح مسلم، ج7، ص43؛ أبو داود، ج2، ص522. وغيرها من المصادر الأخرى).
[23]- ونعني بذلك الأبحاث الأدبية، من قبيل: البحث عن الوضع، والاستعمال، والدلالة، والحقيقة والمجاز، والبحث عن المفاهيم، والعام والخاص، والمطلق والمقيّد، والمجل والمبين، والكثير من أبحاث الحجيّة.
[24]- برنجكار، رضا، روش شناسي علم كلام، ص45 (مصدر فارسي).
[25]- See: Rubin, Uri, Shi’ism. 2008. P.43–44 & p.56-61.
[26]- برنجكار، رضا، روش شناسي علم كلام، ص46 (مصدر فارسي).
[27]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ح1 و3؛ الفيض الكاشاني، محسن، الوافي، ج2، ص22؛ الشيخ الصدوق، محمد بن بابويه القمي، أمالي الصدوق، ص589، ح15؛ العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج2، ص29.
[28]- See: Rubin, Uri, Prophets and Progenitors in the Early Shi`a Tradition, p.56-57.
[29]- لقد عمد أوري روبين -في المقارنة بين الأديان فيما يتعلق بمسألة الإمامة والخلافة- إلى بحث عنوان بني إسرائيل وأهل البيت، بشكل مستقل وعلى نحو مقارن.
[30]- See: Rubin, Uri, Prophets and Progenitors in the Early Shi`a Tradition, p.51-53.
[31]- الفراهيدي، الخليل بن أحمد، کتاب العين، ج8، ص234؛ المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج13، ص77.
[32]- ابن فارس بن زكريا، أبو الحسين أحمد، ترتيب مقاييس اللغة.
[33]- الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين، ج8، ص234.
[34]- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج14، ص23.
[35]- زين الدين العاملي، الروضة البهية، ج8، ص20؛ الطوسي، محمد بن حسن، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد، ص270.
[36]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص555.
[37]- Rubin, Uri, Prophets and Progenitors in the Early Shi`a Tradition, p.41-42.
[38]- المطهري، مجموعه آثار (الأعمال الكاملة)، ج1، ص283.
[39]- السيد المرتضى، علي بن حسين بن موسى، الشافي في الإمامة، ج2، ص121.
[40]- البغدادي، أبو منصور عبد القاهر بن طاهر، أصول الدين، ص285؛ الندوي، أبو الحسن علي الحسني، صورتان متضادتان عند أهل السنة والشيعة الإمامية، ص12ـ13.
[41]- في معرض بيان الأدلة على الإمامة، لم يتمّ الاستناد إلى المؤاخاة بوصفها دليلًا على ذلك في هذه الآثار الكلامية. السيد المرتضى، علي بن حسين بن موسى، الشافي في الإمامة، ج3، ص81؛ الفيض الكاشاني، محسن، الشافي في العقائد والأخلاق والأحكام، ص297؛ الفاضل المقداد السيوري، المقداد بن عبد الله، الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد، ص87؛ الطوسي، محمد بن حسن، التبيان في تفسير القرآن، ج3، ص81.
[42]- السيد المرتضى، علي بن حسين بن موسى، الشافي في الإمامة، ج3، ص81.
[43]- العلامة الحلي، حسن بن يوسف بن المطهر، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، ص187.
[44]- سورة مريم (19): 6.
[45]- الطوسي، محمد بن حسن، التبيان في تفسير القرآن، ج7، ص106؛ الطبرسي، الفضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج7، ص106؛ الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج14، ص15.
[46]- راد، علي، مباني كلامي اماميه در تفسير قرآن، ص240. (مصدر فارسي).
[47]- الصفار، محمد بن حسن، بصائر الدرجات، ج1، ص120؛ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص555.
[48]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص551؛ الصفار، محمد بن حسن، بصائر الدرجات، ج1، ص118، ح2 و4.
[49]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص555.
[50]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص558، ح3؛ الصفار، بصائر الدرجات، ج1، ص138، ح15.
[51]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص559، ح4؛ الصفار، بصائر الدرجات، ج1، ص135، ح1 و2، وص324، ح1.
[52]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص560، ح6؛ الصفار، بصائر الدرجات، ج1، ص136، ح5.
[53]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص562، ح7؛ الصفار، بصائر الدرجات، ج1، ص47، ح1.
[54]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص557، ح1.
[55]- الكليني، محمد بن الأوصياء والأئمة(عليهم السلام) أيضًا. وعلى هذا الأساس فإن الإرث لا يستوجب الحصول على مقام الإمامة، لكي يصلح أن يكون دليلًا عليها.
وبالتالي فإن انتقال الإرث على أساس الوراثة الشائعة في الفقه والعُرف -خلافًا للإرث النبوي- إنما يكون بعد تحقق الوفاة. وإن هذا الاختلاف في حدّ ذاته يُشكّل قرينة على مهمّة الأنبياء في انتقال الميراث النبوي إلى شخص معيّن من قبل الله.
2 الوراثة الجينية
إن من الأبحاث المذكورة في هذه المقالة، تشبيه القول بوراثة الأئمة من وجهة نظر الشيعة، بالوراثة من وجهة نظر العرب في عصر الجاهلية وقبل الإسلام (وراثة الخصائص الجسدية). فقد سعى أوري روبين من خلال عقد هذه المقارنة والتشبيه إلى إلقاء شبهة تأثّر الشيعة بعرب الجاهلية وما قبل الإسلام؛ حيث قال: «إن هذه النظرية المفتراة تتطابق مع نظريات العرب قبل الإسلام؛ وقد عمد إجناتس جولدتسيهر إلى تشبيهها بما كان عليه العرب في العصر الجاهلي من الشرك والإلحاد. فكما كان العرب يقولون بوراثة الخصائص الجسدية ويعتبرون ذلك أمرًا لا يقبل يعقوب، الكافي، ج1، ص562، ح7؛ الصفار، بصائر الدرجات، ج1، ص47، ح1.
[56]- See: Rubin, Uri, Prophets and Progenitors in the Early Shi`a Tradition, p.43.
[57]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص69.
[58]- الفخر الرازي، فخر الدين أبو عبد الله محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، ج1، تفسير الآية رقم 257 من سورة البقرة؛ الزمخشري، محمود، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، ج1، ص320؛ البيضاوي، عبد الله بن عمر، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، تفسير الآية المذكورة.
[59]- الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج17، ص605.
[60]- سورة فصّلت (41): 42؛ سورة الحجر (15): 9.
[61]- سورة البقرة (2): 64.
[62]- سورة آل عمران (3): 64
[63]- سورة البقرة (2): 35؛ سورة الأنفال (8): 35.
[64]- سورة النساء (4): 4؛ سورة التوبة (9): 3.
[65]- سورة الإنسان (76): 3؛ الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج2، ص123؛ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص155.
[66]- الطوسي، محمد بن الحسن، الرسائل العشر، ص655؛ الطبرسي، الفضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج2، ص129.
[67]- المطهري، مجموعه آثار (الأعمال الكاملة)، ج3، ص280.
[68]- م.ن.
[69]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص389.
[70]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج8، ص718، وانظر أيضًا: العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج99، ص106.
[71][2]- See: Rubin, Uri, Prophets and Progenitors in the Early Shi`a Tradition, p. 41.
[72]- الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج9، ص189.
[73]- الطبرسي، الفضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص270؛ الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج9، ص188؛ الفيض الكاشاني، محسن، الوافي، ج؟، ص315.
[74]- الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج9، ص188.
[75]- ابن إسحاق، محمد، سيرة النبي، ص119.
[76]- المطهري، مجموعه آثار (الأعمال الكاملة)، ج6، ص338.
[77]- السيد المرتضى، علي بن حسين بن موسى، الشافي في الإمامة، ج3، ص81.
[78]- الشافي في الإمامة، م.س.
[79]- الطبرسي، الفضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج2، ص76؛ الكليني، الكافي، ج1، ص502.