البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

دراسة نقديّة لرأي المستشرقين حول سيرة حكم الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)

الباحث :  محمد حسن زماني ـ محمد رضا أحمدي ندوشن
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  41
السنة :  شتاء 2025م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث :  December / 28 / 2024
عدد زيارات البحث :  119
تحميل  ( 512.508 KB )
الملخّص
ربما كانت أكثر انتقادات المستشرقين وشبهاتهم حول أئمة الشيعة(عليهم السلام) هي تلك التي تمّ توجيهها من قبلهم إلى الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)؛ إذ إن الأحداث الزاخرة بالصدامات خلال الفترة القصيرة من خلافة الإمام الحسن(عليه السلام) والتي أدّت إلى إبرام وثيقة الصلح مع معاوية بن أبي سفيان، وكذلك أحداث ما بعد الصلح، أدّى إلى ظهور الكثير من الأسئلة بين المستشرقين وغيرهم حول هذه الأحداث. ويمكن تقسيم أجوبة المستشرقين عن هذه الأسئلة إلى مجموعتين رئيستين، مجموعة تصرّح بنقد الإمام(عليه السلام)، ومجموعة أخذت تنظر إلى الأمر بواقعية وعملت على تقويم الظروف الاجتماعية لتلك الفترة والسلوك السياسي للإمام، واعتبروا الموقف السياسي للإمام منطقيًّا. سوف نعمل في هذه المقالة، بعد بيان آراء المستشرقين على المستويين السلبي والإيجابي، على نقد آرائهم السلبيّة استنادًا إلى المصادر التاريخيّة والروائية والنصوص المعتبرة.

الكلمات المفتاحية: الإمام الحسن(عليه السلام)، المستشرقون، الاستشراق العلمي، السيرة الحكومية، معاوية بن أبي سفيان.

المقدّمة
لقد كان للإمام الحسن(عليه السلام) مسار سياسي واضح، وقد بيّن(عليه السلام) للناس كلّيات هذا المسار وطبيعته، وقد حظي(عليه السلام) باهتمام شخص النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) منذ البداية، فقد أكد النبي الأعظم، مرارًا وتكرارًا تصريحًا وتلويحًا، على الدور القيادي للإمام الحسن المجتبى(عليه السلام) وأخيه الإمام الحسين(عليه السلام) في مستقبل الأمّة الإسلامية، حتى ورد في المأثور عنه أنه قال: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا»[2]. وقال: إنه سيد شباب أهل الجنة، وحجّة الله بين الناس، أمره أمري وقوله قولي، من أطاعه فهو مني، ومن عصاه فليس مني[3].

لقد كانت فترة حكم الإمام الحسن(عليه السلام) قصيرة، وقد كانت مصحوبة بالكثير من المشاكل. وكانت الأجواء السياسية في الكوفة منذ البداية -بعد حروب الجمل وصفين والنهروان والتي وقعت على فترات متقاربة- متوترة للغاية. ومن ناحية أخرى كان هناك تواجد للأمويين في الساحة السياسية، وكان هؤلاء يضعون العراقيل أمام استقرار حكومة الإمام. إن الإمام الحسن(عليه السلام) الذي كان يعارض الوجود الأموي على الساحة السياسية للمجتمع الإسلامي اضطرّ إلى مواجهتهم عسكريًّا، ولكن بسبب الظروف الداخلية الصعبة المحيطة والمشاكل التي تعرّض لها، اضطرّ إلى الصلح مع معاوية بن أبي سفيان. إن النظرة الدقيقة والشاملة للشرائط والمشاكل التي ظهرت في هذه المرحلة، تثبت أن هذا الصلح لم يكن نتيجة لإيثار الدِّعَة وطلب الراحة والعافية والرضى بسياسة بني أمية، وإنما من أجل الحفاظ على لحمة المجتمع الإسلامي وحقن الدماء وإيقاف الاقتتال بين الإخوة في الدين الواحد.

تبحث هذه المقالة من خلال الاستناد إلى آراء المستشرقين سيرة الإمام الحسن(عليه السلام) في الحكم في ضوء الاستفادة من النصوص المعتبرة...، ومن بين الأعمال القيّمة في هذا المجال والتي تناولت موضوع الأئمة(عليهم السلام) من وجهة نظر المستشرقين بشكل خاص، وتبعًا لذلك تعرّضت لموضوع الإمام الحسن(عليه السلام)، كتاب (تصوير امامان شيعه در دائرة المعارف اسلام) الذي صدر عن مؤسسة شيعه شناسي[4]. لقد تمّ في هذا الكتاب ترجمة المداخل التي كتبها المستشرقون في دائرة المعارف الإسلامية حول الأئمة الأطهار(عليهم السلام)، وتمّ العمل على نقدها ومناقشتها. كما تمّ تقديم مقالة تحت عنوان «بررسي ديدگاه دونالدسن درباره زندگي امام حسن»، لكاتبها الدكتور صفري فروشاني والسيدة معصومة اخلاقي، حيث عمد فيها الكاتبان إلى مناقشة ونقد بعض آراء دونالدسن في معالجته لتاريخ الإمام الحسن(عليه السلام)[5]. تركّز هذه المقالة على بيان الآراء البيانية والانتقادية للمستشرقين في خصوص خطوات ومعطيات حكم الإمام الحسن(عليه السلام)، وتجيب عن الشبهات والاتهامات المثارة بشكل مستَنَد ومستدَل.

أوّلًا: الآراء البيانية للمستشرقين
لقد اقترن وصول الإمام الحسن(عليه السلام) إلى الحكم في ظروف سادتها معارضة وتحريض معاوية بن أبي سفيان، الأمر الذي فرض ظروفًا صعبة على العراق والبلدان المحيطة بها، وعلى الرغم من ترحيب الناس الكبير في العراق بحكم الإمام(عليه السلام)، ولكن لم يتوفر الاستعداد اللازم للتماهي الشامل معه في مواجهة المشاكل وإبطال مؤامرات معاوية؛ الأمر الذي شكّل أرضية لظهور مشكلة في الاستجابة لتوجيهات الإمام في الحكم وإدارة الناس واضطرّ في نهاية المطاف إلى الصلح. وقد عمد بعض المستشرقين إلى أخذ هذه الأوضاع المضطربة بنظر الاعتبار، وبيّنوا آراءهم في ظروف وصول الإمام إلى السلطة والظروف السياسية لتلك المرحلة على هذا الأساس، وقد أشاروا إلى العناصر المهمّة التي أدّت من الناحية المنطقية إلى الصلح، وذلك على النحو الآتي:

1 معارضة معاوية لخلافة الإمام الحسن(عليه السلام) وسعيه إلى الإطاحة بها
لقد بيّنت السيدة الرزينة لالاني[6] ظروف ما بعد وصول الإمام الحسن(عليه السلام) إلى الخلافة، وحياكة معاوية للمؤامرات ضدّه على النحو الآتي:
«بعد استشهاد الإمام علي(عليه السلام)، اختار أهل الكوفة نجله الإمام الحسن(عليه السلام) ليكون هو الخليفة عليهم. ولم يكتف معاوية برفض هذا التنصيب بكلماته فقط، وإنما رفضه في رسائله وكتبه أيضًا، وأرسل العناصر والعيون لإثارة الناس على الإمام الحسن بن علي أيضًا. وتمكن من شراء قادة «جيش» الإمام الحسن(عليه السلام) ورشوتهم للتخلي عنه. الأمر الذي أدّى في نهاية المطاف إلى اعتزال الإمام الحسن من منصب الخلافة. وبعدها ترك الإمام الحسن(عليه السلام) الكوفة وأقام في المدينة المنوّرة، وهناك أغرى معاوية واحدة من نساء الإمام الحسن وهي جُعدة بنت الأشعث ودسّت السمّ للإمام الحسن في طعامه. وقد كان هذا الإجراء يبدو ضروريًّا لإعداد الأرضية لخلافة يزيد بن معاوية؛ إذ في ضوء وثيقة الصلح المبرم بين الإمام الحسن(عليه السلام) ومعاوية، لم يكن بوسع يزيد الوصول إلى السلطة مع وجود الإمام الحسن»[7].

2 تأثير بذل معاوية للأموال وشراء الذمم في خداع أصحاب الإمام الحسن(عليه السلام)
عمد نورمان هوليستر[8] إلى بيان الظروف والأجواء التي كانت سائدة في مرحلة حكم الإمام علي(عليه السلام)، وعدم استقامة أهل الكوفة، ولجوء معاوية بن أبي سفيان إلى أساليب الخداع -وهي الظروف التي وصل فيها الإمام الحسن(عليه السلام) إلى السلطة في ظلها- على النحو الآتي:

«لقد أدرك الإمام الحسن(عليه السلام) ضعف وعدم ثبات رأي أهل الكوفة منذ حياة والده الإمام علي(عليه السلام) -أي: منذ حرب صفين وقضية التحكيم فما بعد- في الحرب مع معاوية جيّدًا، وكان يعلم باستياء أهل الكوفة من تشدد الإمام علي(عليه السلام) في تقسيم بيت المال، ومن سلوكه المتصلّب حتى مع أفراد أسرته فيما يتعلق بالأموال العامة، وكانوا يتوقون إلى بذخ معاوية في الإنفاق من بيت المال دون رعاية للحدود الشرعية والقانونية، وكان يُغدق على أصحابه بلا حدود، وكان يخدع الكبار من أصحاب الإمام علي بأموال طائلة ويحرفهم عن الطريق السويّ. في ظلّ هذه الظروف أخذ الإمام الحسن(عليه السلام) قراره بالتنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان في ضوء بعض الشروط ... بيد أن معاوية لم يلتزم بأي واحد من تلك الشروط»[9].

3 ضرورة تجنّب إراقة الدماء بين المسلمين
وهو ما عبّر عنه فرانسوا توال: «لقد أعلن الإمام الحسن بن علي في بيان له إلى العالم الإسلامي، أنه يرغب في تجنّب المزيد من إراقة الدماء، ويميل إلى إقامة الاتحاد والوفاق بين المسلمين»[10].

4 تأكيد الإمام الحسن(عليه السلام) على أحقيته وإصراره على عودة السلطة إليه بعد موت معاوية
لقد شرح هاينس هالم[11] رأي الشيعة حول صلح الإمام الحسن(عليه السلام) مع معاوية بن أبي سفيان، وحدود التنازل عن السلطة لصالح معاوية، على النحو الآتي:

«على الرغم من عدم كتمان وثيقة الصلح مع معاوية في المصادر الروائية الشيعية، إلا أن هذا لا يتم تفسيره بوصفه تنازلًا عن الحق في الخلافة، وإن الإمام الحسن(عليه السلام) إنما تنازل في الحقيقة [عن الخلافة والقيادة السياسية] من أجل الصلح والسلام، ولكنه بعد العودة إلى المدينة بقي في منصبه بوصفه إمامًا وخليفة بحق. وترى المصادر الشيعية أن إمامة الإمام الحسن(عليه السلام) لم تنته إلا بعد رحيله من هذه الدنيا. وإن الرأي القائل بان الإمام الحسن(عليه السلام) كان يُثني على معاوية بوصفه خليفة للمسلمين، يقع موردًا لإنكار الشيعة. وفي ضوء المصادر الروائية الشيعية كان الإمام الحسن(عليه السلام) سيستلم الخلافة مجددًا لولا اغتياله من قبل معاوية بواسطة السم»[12].

ثانيًا: مناقشة آراء المستشرقين ونقدها
لقد تعرّضت سياسة الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام) في الأشهر القليلة من حكمه، وكذلك الحرب التي خاضها ضد معاوية بن أبي سفيان والتي أدّت في نهاية المطاف إلى الصلح مع معاوية، لانتقاد شديد من قبل بعض المستشرقين بل وحتى بعض الكتّاب المسلمين أيضًا.

يمكن اعتبار ضعف أصحاب الإمام الحسن(عليه السلام) وحتى تخاذل قادة جيشه أيضًا أحد الأسباب المهمّة في هذا الصلح؛ إذ لو كان الإمام الحسن قد أصرّ على مواصلة القتال ورفض الصلح، لما كانت خسارة الإمام الحسن(عليه السلام) واستشهاده بعيدة عن التوقع فحسب، بل ولآلت الخلافة إلى معاوية دون قيود أو شروط، ولتمّ استئصال أركان التشيع واجتثاث جذوره في جميع أنحاء العالم الإسلامي على يد معاوية بن أبي سفيان بوصفه الحاكم الشرعي المطلق.

ومن ناحية أخرى لو أن الإمام الحسن(عليه السلام) لم يؤْثر الصلح وأصرّ على مواصلة القتال، لرسم ذلك صورة عنه بوصفه شخصًا يدعو إلى العنف، وسوف يعدّ اندحاره في الحرب وإبادة الكثير من شيعته المخلصين نتيجة حتمية لعناده وإصراره على مواصلة العنف والقتال بين المسلمين.
قال الشيخ المفيد في بيان صلح الإمام الحسن بن علي(عليه السلام): لم يكن هناك بُدّ للإمام الحسن(عليه السلام) من القبول بالصلح وترك القتال؛ بعد أن علم بخذلان القوم له وفساد المحكّمة فيه بما أظهروه له من السبّ والتكفير واستحلال دمه ونهب أمواله ولم يبق معه من يأمن غوائله سوى القليل من خاصّة أصحابه وهم من القلّة بحيث لا تقوم لأجناد الشام، بل وهناك من أفراد عسكره من استحلّ دمه وأراد الفتك به وتسليمه إلى معاوية... كما أن معاوية أرسل إلى ابن عمّ الإمام الحسن عبيد الله بن العباس يُرغبه في المصير إليه، وضمن له ألف ألف درهم؛ فانسلّ عبيد الله بن العباس في الليل إلى معسكر معاوية ...[13]، وعليه فإن الإمام الحسن(عليه السلام) أخذ من معاوية ميثاقًا غليظًا للصلح من أجل إقامة الحجة وأن يكون له عذر بينه وبين الله سبحانه وتعالى وعند المسلمين.

وقد عمد الدكتور أحمد محمود صبحي إلى تحليل الظروف والأسباب التي أدّت إلى إبرام الإمام الحسن(عليه السلام) وثيقة الصلح مع معاوية، والردّ على الناقدين لهذا الصلح بقوله:
«لا شكّ في أن هذه التعليقات تعدّ تجاهلًا للموقف وتجنّيًا على الإمام الحسن(عليه السلام) الذي تولّى الخلافة في أدق الظروف؛ إذ لم يكن تحت ولايته من الأقاليم غير العراق وما وراءها، بعد أن استولى معاوية على معظم أرجاء الدولة، وكانت الأمور في أواخر عهد الإمام علي(عليه السلام) تسير من سيّئ إلى أسوأ، ولم يستطع الإمام علي(عليه السلام) مع مقدرته الفائقة للحرب أن يجابهها، وكان مقتل الإمام علي(عليه السلام) أكبر انهيار في الموقف، ثم توالت الخيانات من أشراف العراق، وقد عبّر الإمام الحسن(عليه السلام) عن سبب تنازله بقوله: يا أهل العراق، إني سخيّ بنفسي عنكم لثلاث؛ قتلكم أبي، وطعنكم إياي، وانتهابكم متاعي. وكرهت الدنيا ورأيت أهل الكوفة قومًا لا يثق بهم أحد أبدًا إلا غُلب، ليس أحد منهم يوافق آخر في رأي ولا يطمأنّ لهم في خير ولا شر، وقد لقى منهم أبي أمورًا عظامًا»[14][15].

بعد الإشارة إلى أسباب صلح الإمام الحسن(عليه السلام)، ننتقل إلى مناقشة بعض الآراء الناشزة للمستشرقين حول سيرة الإمام الحسن(عليه السلام) في إدارة الدولة.

العجز عن إدارة الدولة
أ. العجز الإداري وضعف الإرادة
يُعدّ هنري لمنس[16] -من بين المستشرقين المغرضين- من طليعة المتّهمين للإمام الحسن(عليه السلام)، وقد وصفه بالقول: «لقد سعى أنصاره جاهدين من أجل إقناعه بخوض الحرب ضدّ أهل الشام، ولكنه بسبب عجزه وضعفه وخمول إرادته، لم يكن يفكر بغير التفاهم والاتفاق مع معاوية بن أبي سفيان»[17].

كما عمد مونتغمري واط[18] بدوره إلى اتهام الإمام الحسن(عليه السلام) بالعجز عن مواجهة المشاكل والصعاب، وكتب في وصفه قائلًا: «لقد ادعى الحسن الخلافة بعد مقتل أبيه في الكوفة، وأخذ البيعة من جميع أتباع علي؛ في حين كان من الواضح أنه لم يكن يمتلك القدرة على تحمّل أعباء المشاكل التي واجهته»؛ الأمر الذي اضطرّه إلى الصلح مع معاوية، واعتزال الخلافة[19].

كما وقد شكّك دوايت مارتن دونالدسون[20] بكفاءة الإمام الحسن(عليه السلام) للقيادة، وقال: «تشير الأخبار إلى نقص وضعف في قدرته [الإمام الحسن] النفسية وفي شجاعته وقدرته على الضبط النفسي والاستعداد الذهني لقيادة الناس بشكل ناجح»[21].

الجواب
لقد تولى الإمام الحسن(عليه السلام) إدارة أمور الدولة في ظروف معقّدة وغير مؤاتية وأجواء غير ملائمة. وقد كان في تنظيم الأمور ومواجهة الأعداء -ولا سيّما منهم معاوية بن أبي سفيان- بحاجة ماسّة إلى مساعدة أهل الكوفة أكثر من أيّ بلد آخر. هذا في حين أن الكوفة بعد حرب الجمل وصفّين والنهروان -التي كان لقوات الكوفة مساهمة كبيرة فيها- لم تكن تتمتع بالشرائط المطلوبة. ومن ناحية أخرى كان هناك عدوّ لدود مثل معاوية بن أبي سفيان، الذي شرع في رفع راية الاعتراض والتمرّد منذ اليوم الأول من تولي الإمام الحسن(عليه السلام) لأعباء الخلافة. لقد كان معاوية -بالنظر إلى معرفته للإمام الحسن(عليه السلام)- على يقين من أنه لن يحيد عن نهج وسيرة جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرة أبيه أمير المؤمنين علي(عليه السلام) بما في ذلك نهجهما في إدارة شؤون الدولة؛ ومن هنا فإنه قد سعى منذ البداية -من خلال مواجهة مخطط لها- إلى بثّ الرعب ونشر الشائعات بين صفوف الناس من أجل تفريقهم عنه، وإضعاف عزيمتهم في اتّباع الإمام الحسن(عليه السلام).

إن الذي أدى إلى تبدّل موقف الإمام الحسن(عليه السلام) وتعزيز مكانة معاوية بن أبي سفيان، قبل كل شيء، هي المسائل الخاصة بجيش الإمام(عليه السلام) والظروف الخاصة التي هيمنت على المجتمع الإسلامي، ولا سيّما أهل العراق، وكذلك المسائل الاعتقادية والاجتماعية، وما إلى ذلك.

قال الدكتور أحمد محمود صبحي في تحليل الظروف والشرائط الحاكمة على تلك المرحلة: «الذي لا شكّ فيه أن التنازل [عن الخلافة من قبل الإمام الحسن(عليه السلام) لصالح معاوية] قد تمّ تحت ظروف تجعل حرية الإرادة معطلة والإكراه قائمًا، إذ كان الإمام الحسن(عليه السلام) يواجه عدوًّا أكثر منه عددًا وأوسع منه حيلة وأملك لناصية الأمور، فضلًا عن الخيانة المستمرة في صفوف أنصاره. والذي لا شك فيه أيضًا أن الإمام الحسن لم يتنازل لمعاوية لاعتقاده أن معاوية أولى بالأمر منه أو أجدر به أو لاستحقاق معاوية الخلافة، فالإمام الحسن(عليه السلام) إذن قد تنازل على ملأ من الناس وهو في قرارة نفسه كارهٌ لهذا التنازل، ناقم على الظروف التي هيّأت أن يرى بعينيه معاوية خليفة للمسلمين، فكان تنازل الإمام الحسن(عليه السلام) تقية أصبحت عقيدة لدى الشيعة بعد أن أصبحوا على أمرهم مغلوبين»[22].
وبالإضافة إلى نشاطات معاوية بن أبي سفيان التخريبية الحثيثة، فقد كانت له مكاتبات مع الإمام الحسن(عليه السلام)، وقد عمد في واحد من تلك الكتب إلى تهديد الإمام(عليه السلام) بقوله: «أما بعد فإن الله يفعل في عبادة ما يشاء لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب فاحذر أن تكون منيتك على يدي رعاع الناس، وآيس من أن تجد فينا غميزة، وإن أنت أعرضت عما أنت فيه وبايعتني وفيت لك بما وعدت .. ثم الخلافة لك بعدي وأنت أولى الناس بها»[23].

إن النقطة الجديرة بالملاحظة في هذه الكتب تكمن عن لحن كلام معاوية، فإنه لم يسبق له أن خاطب الإمام علي(عليه السلام) بمثل هذا الموقف وهذا النوع من المكر، ولم يخاطبه بمثل هذا الخطاب أبدًا، وأما في عهد الإمام الحسن(عليه السلام) فأخذ يخاطبه من موقع الخليفة، وكأنه قد جلس على دكّة الحكم واستولى على الأمور السياسية في الحكومة والدولة؛ وما ذلك إلّا لأنه أصبح واثقًا من أمره، وذلك بسبب العلاقات السرّية والوثيقة التي عقدها مع أكثر قادة جيش الإمام الحسن(عليه السلام) وكبار زعماء القبائل الذين حصلوا منه على الأمان لهم ولقبائلهم[24].

عندما أرسل معاوية بن أبي سفيان كتابه الأخير إلى الإمام الحسن(عليه السلام)، وعرض عليه الصلح على أن تكون الخلافة له بعده، خطب الإمام الحسن في الناس خطبة أشار فيها إلى الضعف الذي دبّ في معسكره، وخيّرهم بين الحرب والسلم؛ فاختاروا السلم وترك القتال[25].
وعلى هذا الأساس فإن الذي أعدّ الأرضية لإيراد مثل هذا النقد والاتهام الموجه إلى الإمام الحسن(عليه السلام) -بالإضافة إلى الإعلام السلبي للأجهزة الدعائية لبني أميّة وبني العباس- إنما هو الجهل بالظروف التي كانت محيطة بالإمام الحسن(عليه السلام)، والأجواء المنبثقة عن جهل الناس وعدم إدراك بعض كبار المسلمين في تلك المرحلة لموازين الحكومة الإسلامية وضوابطها، التي أدّت في نهاية المطاف إلى قبول الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام) بالصلح في ظل هذه الظروف العصيبة والبالغة التعقيد.

ب. عدم الاهتمام بإدارة الدولة والسياسة
قال فيليب حتّي: «لقد كانت هموم الإمام الحسن بن علي منصرفة إلى أمور أخرى غير إدارة الدولة، ومن هنا فإنه لم تمض فترة طويلة حتى ترك الخلافة لمنافسه الأقوى، وانقلب راجعًا إلى المدينة المنوّرة»[26].

الجواب
لقد تصدّى الإمام الحسن(عليه السلام) منذ البداية لتمرّد معاوية وخبثه، وأرسل إليه رسائل تحذيرية، وجاء في بعضها قوله إليه: «فليتعجّب المتعجّب من توثّبك يا معاوية على أمر لست من أهله لا بفضل في الدين معروف ولا أثر في الإسلام محمود. وأنت ابن حزب من الأحزاب وابن أعدى قريش لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولكتابه، والله حسيبك فسترد فتعلم لمن عقبى الدار وبالله لتَلْقَيَنَّ عن قليل ربك ثم ليجزينّك بما قدّمَتْ يداك وما الله بظلّام للعبيد .. فدع التمادي في الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي، فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند الله وعند كل أوّاب حفيظ ومن له قلب منيب، واتق الله، ودع البغي، واحقن دماء المسلمين، فوالله ما لك خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به وادخل في السلم والطاعة ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحق به منك ليطفئ الله النائرة بذلك ويجمع الكلمة ويصلح ذات البين، وإن أنت أبيت إلا التمادي في غيّك، سرت إليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين»[27].

وقال الإمام الحسن(عليه السلام) في الجواب عن كتاب سبق لمعاوية أن أرسله إليه: «إنما هذا الأمر [خلافة رسول الله] لي، والخلافة لي ولأهل بيتي، وإنها لمحرمة عليك وعلى أهل بيتك، سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وآله- والله لو وجدت صابرين عارفين بحقي غير منكرين ما سلّمت لك ولا أعطيتك ما تريد»[28].
كما قال الإمام الحسن(عليه السلام) لبيان الأمر للناس وإتمام الحجّة عليهم: «إنا والله، ما يثنينا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنّا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر، فشيّبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم في مسيركم إلى صفّين ودينكم أمام دنياكم، وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم... ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عز ولا نصَفَة، فإن أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه إلى الله، عز وجل بظبى السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضى... فناداه الناس من كل جانب: البقية البقية!»[29].

وكذلك عندما طلب منه معاوية بن أبي سفيان أن يقول من على المنبر إنه أعطى الخلافة لمعاوية، قال: «أيها الناس إن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلًا ولم أر نفسي لها أهلًا، وكذب معاوية، أنا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبي الله، فأقسم بالله لو أن الناس بايعوني وأطاعوني ونصروني، لأعطتهم السماء قطرها، والأرض بركتها، ولما طمعتم فيها يا معاوية. والله إني لأولى الناس بالخلافة على الناس في كتاب الله وسنّة رسول الله، ولم نزل أهل البيت مظلومين، منذ قبض الله نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم)»[30].
«ولقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «ما ولّت أمّة أمرها رجلًا قط وفيهم من هو أعلم منه، إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالًا حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل» ... ولو وجدت أنا أعوانًا ما بايعتك يا معاوية»[31].

كما أن الإمام الحسن بن علي(عليه السلام) -بالإضافة إلى بيان مشروعية حكم الإمام علي(عليه السلام)- قد أشار إلى مشروعيته أيضًا، وهذا يقع مقابل ادعاءات معاوية الذي لم يكن يرى الإمام الحسن(عليه السلام) جديرًا بالخلافة. فقد قال الإمام الحسن(عليه السلام): «أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبى طالب، وابن سيدة النساء فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ... أنا المدفوع عن حقي»[32].

وقال أيضًا: «وقد تركت هذه الأمة أبي وبايعوا غيره، وقد سمعوا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة)، وقد رأوا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) نصّب أبي يوم غدير خم وأمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب. وقد هرب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من قومه، وهو يدعوهم إلى الله تعالى حتى دخل الغار، ولو وجد أعوانًا ما هرب، وقد كفّ أبي يده حين ناشدهم، واستغاث فلم يُغَث، فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه، وجعل الله النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في سعة حين دخل الغار ولم يجد أعوانًا، وكذلك أبي وأنا في سعة من الله حين خذلتنا هذه الأمة، وبايعوك .. ولو وجدت أنا أعوانًا ما بايعتك يا معاوية»[33].

وقال أيضًا: «إن معاوية نازعني حقًّا هو لي دونه، فنظرت لصلاح الأمة، وقطع الفتنة، ورأيت أن حقن الدماء خير من سفكها ولم أرد بذلك إلا صلاحكم وبقاءكم، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين»[34].
وقال الإمام الحسن(عليه السلام) في جوابه عن اعتراض المسيّب بن نجيّة (م 65هـ.ش)، ومن كان على مذهبه بشأن إبرام وثيقة الصلح، ومطالبته بنقض هذه الوثيقة: «يا مسيّبن إني لو أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر عند اللقاء ولا أثبت عند الحرب منّي ولكني أردت صلاحكم وكف بعضكم عن بعض فارضوا بقدَر الله وقضائه حتى يستريح برّ أو يُستراح من فاجر»[35].
وعند خروج الخوارج، أصدر معاوية أمرًا إلى الإمام الحسن(عليه السلام) بالتصدّي للخوارج، فلم يعبأ الإمام(عليه السلام) بأمره، وقال له [ما معناه]: «لو كنت مقاتلًا أحدًا من أهل القبلة لكنت مقاتلك. وإنما تركت قتالك لمصلحة الأمّة»[36].

2 الصلح طمعًا بالأموال
قال هنري لمنس في سياق اتهاماته الطائشة وجرأته في الإساءة إلى الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام): إن الإمام الحسن لم يكتف بالمطالبة بألف ألف درهم كمصارف لأخيه الحسين(عليه السلام) فقط، وإنما طلب لنفسه خمسة ملايين درهم آخر، والذهاب للإقامة في حيّ من أحياء بلاد فارس. وبعد ذلك وفي تنفيذ البند الأخير من وثيقة الصلح خالف أهل العراق؛ حتى إذا استجيبت جميع مطالبه تجرّأ سبط النبي وأظهر الندم علنًا لأنه لم يضاعف مطالبه الشخصية؛ وترك العراق بثمن ملامة الناس له وقصد المدينة للإقامة فيها[37].

كما اتهم هالم الإمام الحسن(عليه السلام) بالحصول على المال، قائلًا:
وعلى كل حال فقد تم الاتفاق على الاعتزال بإزاء الحصول على مبلغ كبير من المال والتنازل عن خراج محافظة في بلاد فارس [!]. ولكن بغض النظر عن هذا الأمر، هناك شك في أن معاوية قد أقرّ له بأن الخلافة ستكون له من بعده[38].

وقال فيليب حتّي: «لقد اعتزل الإمام الحسن(عليه السلام) الخلاقة، قانعًا براتب سنوي من معاوية بن أبي سفيان»[39].
وقال مونتغمري واط: لقد حصل الإمام الحسن على مبلغ كبير من المال، واختار العزلة لينعم بعيش رغيد في المدينة المنوّرة[40].

وقال فاليري في هذا الشأن: إن معاوية بن أبي سفيان -طبقًا لبعض الروايات- قد أعطى الإمام الحسن(عليه السلام) خيارات تامّة، وقد أسف الإمام الحسن(عليه السلام) لاحقًا على عدم مطالبته بالمزيد لنفسه. وقد كان الحسن صالح معاوية على مليون درهم (جراية سنوية)، بالإضافة إلى الملايين الخمسة التي سمح له بأخذها من بيت مال الكوفة، وكذلك خراج كور في إيران لم يكن الإمام الحسن(عليه السلام) قادرًا على جمعه؛ وذلك بسبب خصومة كانت بينه وبين أهل البصرة اعتقادًا منهم أن ذلك الكور يُعدّ من توابع البصرة[41].
كما قال فاليري بشأن الصلح ومضمونه: إن بعض الروايات تضيف شروطًا أخرى؛ حيث يذهب سوء الظن إلى إضافتها إلى بنود الصلح لاحقًا للتخفيف من توجيه النقد إلى الإمام الحسن لإظهار أنه كان يواجه ضغوطًا شديدة ويواجه مشاكل كبيرة، ومع ذلك كان ثابتًا على موقفه. وكان من بين هذه الشرائط أن يتعهد معاوية بعودة الخلافة بعد موته إلى الإمام الحسن(عليه السلام)[42].

وقد أشار ويل ديورانت إلى هذا المطلب باختصار قائلًا: لقد هجم معاوية بن أبي سفيان على الكوفة، واستسلم الإمام الحسن(عليه السلام)، وعيّن له معاوية جراية سنوية، وانتقل الإمام الحسن إلى مكة، وتزوج عددًا من النساء، وتوفي عن خمسة وأربعين سنة[43].
وقال بروكلمان: لقد خلف الحسن بن علي(عليه السلام) منصب أبيه بعد وفاته، ولكنه لم يكن يميل إلى خوض الحروب، ولذلك فإنه قد فاوض معاوية، وفد أجبره معاوية على التخلي عن حقه في الملايين الخمسة من الدراهم التي كانت موجودة في بيت مال الكوفة[44].

مناقشة وجواب
هكذا ترى أن هذه التحليلات والتُهَم تُساق في حق شخص خرج عن أمواله باعتراف المؤرخين والمحدّثين مرتين، وأنفق جميع ممتلكاته في سبيل الله، وكذلك قسّم أمواله ثلاث مرّات، فأنفق نصف ممتلكاته على الفقراء وذوي الحاجة قربة إلى الله[45]. وأما القول إنّ الإمام الحسن(عليه السلام) قد قبل بالصلح من أجل الحصول على جراية سنوية، فهو مردود لعدّة أسباب:
أ. تُشير الأدلة والشواهد إلى أن الإمام كان يمتلك مصادره المالية الخاصة التي تغنيه عن الحاجة إلى مثل هذا المصدر المدّعى. بل إن الإمام بالإضافة إلى الأموال التي كان يمتلكها، كان قائمًا على ممتلكات ورثها من والديه الكريمين. فقد جاء في الوصية التي كتبتها أمّه فاطمة الزهراء(عليها السلام):

«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله- أوصت بحوائطها السبعة: العواف، والدلال، والبرقة، والميثب، والحسنى، والصافية، وما لأم إبراهيم، إلى على بن أبي طالب -عليه السلام- فإن مضى علي فإلى الحسن، فإن مضى الحسن فإلى الحسين، فإن مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدي ...»[46].

وكتب الإمام علي(عليه السلام) في وصية بشأن أمواله:
«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به وقضى به في ماله عبدالله علي ابتغاء وجه الله ... أن ما كان لي من مال بينبُع يُعرف لي فيها وما حولها صدقة ورقيقها ... ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى كله من مال لبني فاطمة (ثلثها وقف) ورقيقها صدقة وما كان لي بديمة وأهلها صدقة ... وما كان لي بأذينة وأهلها صدقة، والفقيرين كما قد علمتم صدقة في سبيل الله. وإن الذى كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتلة (وقف) ... فإنه يقوم على ذلك الحسن بن علي يأكل منه بالمعروف، وينفقه حيث يراه الله عزّ وجل في حل محلل لا حرج عليه فيه، فإن أراد أن يبيع نصيبًا من المال فيقضي به الدين فليفعل إن شاء ولا حرج عليه فيه، وإن شاء جعله سرى الملك وإن ولد علي ومواليهم وأموالهم إلى الحسن بن علي...»[47].
وعليه فهل كان ينقص الإمام الحسن(عليه السلام) شيء من حطام الدنيا حتى يحتاج إلى تعويضه من طريق إبرام الصلح مع معاوية؟ فمن ذا اضطرّه إلى القيام بكل هذا الإنفاق والبذل والكرم غير مرضاة الله عزّ وجل؟ بل إن الإمام الحسن(عليه السلام) هو الذي قال لمعاوية بن سفيان بشأن الأموال التي كان يريد أن يعطيها إليه: «لا حاجة لي فيها... وأنا ابن فاطمة...»، وأعطى ما وهبه من أموال إلى الخادم على الباب[48].

وقال مادلونغ في هذا الشأن: لقد كان الإمام الحسن(عليه السلام) وارثًا لأموال الإمام علي(عليه السلام)، وهي تشمل الصدقات وأموال النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة المنوّرة، وكان عمر بن الخطاب قد أعادها إلى العباس والإمام علي(عليه السلام). وعليه فقد كان الإمام الحسن رجلًا ثريًا، وإن لم تكن ثروته تصل إلى ثروات بعض الصحابة الكبار من أمثال طلحة والزبير التي انتقلت الآن إلى ورثتهم، ولم تكن تضاهي أموال الأمراء من بني أمية. يُضاف إلى ذلك أنه كان يحصل على القسط الأكبر من ديوان عطاء عمر بما يتناسب وشأن كبير قريش، وكان بمقدوره أن يستغني بهذه الأموال عن أموال معاوية بن أبي سفيان، وأن يعيش بها حياة باذخة[49].
ويبدو أن مصدر هذا الكلام وهذه التُهَم، إنما هو عبارة عن كتابات أمثال الطبري، إذ يقول: إن الصلح تمّ بين الإمام الحسن ومعاوية بعد أن اشترط الحسن لنفسه على معاوية أن يبقي عنده الأموال التي أصابها![50].

ب. إن بند الحصول على بعض المصادر المالية للإمام الحسن(عليه السلام) في متن وثيقة الصلح، إنما كان يراد صرفه على أمور الشيعة، ولا سيّما أُسَر الشهداء الذين قضوا في حرب الجمل وصفين؛ كما أضيفت مادة إلى متن الصلح بعد موافقة الإمام الحسن(عليه السلام)، على النحو الآتي: «بايع الحسن بن علي صلوات الله عليه معاوية على أن لا يسميه أمير المؤمنين، ولا يقيم عنده شهادة، وعلى أن لا يتعقب على شيعة علي عليه السلام شيئًا، وعلى أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد من قتل مع أبيه بصفين ألف ألف درهم، وأن يجعل ذلك من خراج دار أبجرد ...»[51][52].
إن معاوية بن أبي سفيان قد تعهّد بعد موافقته على هذه الشروط بأنه سيفي بها، وانتهت الحرب على هذا الأساس. وبالنظر إلى النقاط المذكورة، يبدو ما يلي:

1. إن الإمام الحسن(عليه السلام) لم يطلب تلك الأموال لنفسه. ولم يرد في بنود الصلح ذكر لألف ألف درهم يدعي بعض المستشرقين أنه قد اشترطها على معاوية. كما لم يُشر المؤرخون إلى هذه المسألة؛ حتى ورد أن بعض الأشخاص من أمثال سليمان بن صرد الخزاعي من قادة الشيعة في الكوفة قد لام الإمام الحسن(عليه السلام)، على أنه لم يطلب في بنود الصلح لنفسه شيئًا من بيت المال والعطاء[53].

وقد ذهب بعض المستشرقين إلى القول بأن الإمام الحسن(عليه السلام) قد امتنع عن قبول تلك الأموال. وقال فيليب حتّي: «كان معاوية بن أبي سفيان قد اقترح دفع مال كثير مقداره خمسة ملايين درهم من بيت مال الكوفة مرّة واحدة، وأن يتمّ تخصيص راتب جار من خراج بلدة من بلاد فارس يبقى جاريًا للإمام الحسن(عليه السلام) مدّة حياته، ولكن الإمام الحسن رفض ذلك»[54].
وقال ويلفرد مادلونغ: إن الإمام الحسن(عليه السلام) كان مدركًا لغاية معاوية، وقد رفض في متن وثيقة الصلح مجاملة معاوية له، ولم يطالب لنفسه بأيّ مال. وإن القول القائل بأنه قد أرسل بعض العمال من المدينة إلى إيران، وذلك بعد أن صرّح بوضوح أنه لن يشارك معاوية في حربه ضد الخوارج، مرفوض تمامًا. إذ لا يمكن تصديق أن يجري معاوية للإمام الحسن مبلغًا سنويًا يقدّر بمليون أو مليوني درهم، والحال أنه لم يبرم معه أي ميثاق أو عقد. فلو كان سبط النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) قد تعاون معه، وأيّد حكمه من خلال التصريح بدعمه لولي عهده وأضفى الشرعية على حكمه، لأمكن القول بتخصيص معاوية راتبًا سنويًّا كبيرًا للإمام الحسن(عليه السلام). ولكنه حيث اطلع على قرار الإمام الحسن(عليه السلام) بالاعتزال في المدينة المنوّرة، وتصريحه المستمر بأنه إنما اعتزل حقنًا لدماء المسلمين، وليس لأنه يرى معاوية أهلًا للخلافة، لم تعد لدى معاوية بن أبي سفيان رغبة في التملّق للإمام الحسن(عليه السلام)[55].
إن إعطاء الإمام الحسن(عليه السلام) مبلغًا قدره خمسة ملايين درهم، مخالف للواقع أيضًا. وقد استدل حسين محمد جعفري -وهو محقق هندي معاصر- بأن جميع المصادر تتفق على أن الإمام علي(عليه السلام) كان من دأبه أن يوزّع محتويات بيت المال في آخر كل أسبوع. وعلى هذا الأساس يصعب تصديق هذا القول جدًّا؛ إذ لا يمكن تصور جمع هذا المقدار من الأموال (خمسة ملايين درهم من أموال الضرائب) في فترة قصيرة لا تتعدى بضعة أشهر من حكم الإمام الحسن(عليه السلام)، لا سيّما بالنظر إلى النفقات الطائلة على الحرب والاضطرابات التي عمّت مدينة الكوفة بسبب الاستشهاد المفاجئ للإمام علي(عليه السلام)[56].

2. إن المال الذي تمّت المطالبة به وإدراجه في وثيقة الصلح، إنما كان يخصّ أسر الشهداء فقط. وعلى هذا الأساس فإن خراج دار ابجرد -الذي ادعى بعضهم أن الإمام الحسن(عليه السلام) طالب به لنفسه- كان وفقًا لبنود الصلح يجب توزيعه على أسر شهداء حرب الجمل والصفين الذين قاتلوا في ركاب أمير المؤمنين(عليه السلام)[57]، ولا صلة له بالإمام الحسن(عليه السلام).
وعلى هذا الأساس يكون المُدان في هذا الشأن هو معاوية بن أبي سفيان الذي كان يسعى وراء الحصول على السلطة مهما كلّف الثمن، حتى ولو باتباع أنواع الخداع وشتى أصناف الكذب، وليس الإمام الحسن(عليه السلام) الذي لم يحد خلال الفترة القصيرة من خلافته عن القواعد والقيم الإسلامية والأخلاقية، ولم ينحرف عن هذا المسار.

الخاتمة
لقد حكمت الظروف الناجمة عن أصحاب الإمام الحسن(عليه السلام) وكذلك من قبل الأعداء على السواء، بأن يتنازل عن الحكم من أجل الحفاظ على مصالح المسلمين والتوقيع على وثيقة الصلح. بيد أن بعض المستشرقين وبسبب عدم اطلاعهم الكافي على موقع الإمام وعدم استنادهم إلى المصادر الشيعية المعتبرة، والاستناد بدلًا من ذلك إلى مصادر أهل السنة، أو الرجوع إلى مصادرهم الخاصة في الغرب، قد أصدروا أحكامًا سطحية بشأن أحداث تلك المرحلة في ضوء متبنياتهم ومن زاويتهم الخاصة. إنهم لم يلاحظوا تحريف الحقائق التاريخية وتزييفها من قبل الأمويين والعباسيين للحطّ من شأن الإمام علي(عليه السلام) وأهل بيته(عليهم السلام). كما أن بعض المستشرقين ينطلق في دراساته للإسلام من دوافع تبشيرية واستعمارية، فيسعى لذلك على الدوام إلى الطعن في الحقائق وكيل التهم والافتراءات ضد الإسلام والشخصيات الإسلامية الكبيرة، ويسعون إلى إظهار الإسلام من طريق الحكام وسياساتهم، وليس من طريق قواعد الإسلام وتعاليمه الأصيلة. ومن هنا فإن قادة وطلائع هذا التيار قد عمدوا إلى بيان سيرة الإمام الحسن(عليه السلام) من ذات الزاوية الضيّقة التي رسمها الخصوم السياسيون للمسلمين، وبذلك قدّموا صورة مشوّهة وغير حقيقة عن الإمام الحسن(عليه السلام) وهي صورة بعيدة كل البعد عن العدل والإنصاف.


لائحة المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
ابن أبي الحديد، عبد الحميد بن هبة الله، شرح نهج البلاغة، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، ط1، قم، 1378هـ.ش.
ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ، دار إحياء التراث العربي، ط1، بيروت، 1408هـ.
ابن حيون المغربي، النعمان بن محمد، دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)، ط2، قم، 1385هـ.
ابن شبة، عمر، تاريخ المدينة المنوّرة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1417هـ.
ابن شهر آشوب، أبو جعفر محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، انتشارات علامه، قم، 1379هـ.ش.
ابن عساكر، أبو القاسم علي بن حسن الدمشقي، تاريخ مدينة دمشق، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.
أبو الفرج الإصفهاني، علي بن الحسن، مقاتل الطالبيين، دار المعرفة، بيروت.
بروكلمان، كارل، تاريخ ملل و دول اسلامي، ترجمه إلى اللغة الفارسية: هادي جزائري، بنگاه ترجمه و نشر كتاب، ط2، طهران، 1346هـ.ش.
البلاذري، أحمد بن يحيى، جمل من أنساب الأشراف، دار الفكر، ط1، بيروت، 1417هـ.
پيشوائي، مهدي، امام حسن پرجمدار صلح وآزادي، انتشارات توحيد، 1360هـ.ش.
الجزائري، السيد نعمة الله، رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 1427هـ.
جمال الدين الشامي، يوسف أبو حاتم، الدر النظيم في مناقب الأئمة، انتشارات اسلامي جامعة المدرسين، قم، 1420هـ.
الجويني الشافعي، إبراهيم بن سعد الدين، فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمة من ذريتهم(عليهم السلام)، مؤسسة المحمود، ط1، بيروت، 1400هـ.
حتّي، فيليب، تاريخ عرب، ترجمه إلى اللغة الفارسية: أبو القاسم پايندة، انتشارات آگاه، ط2، طهران، 1363هـ.ش.
حتّي، فيليب، شرق نزديك در تاريخ، ترجمه إلى اللغة الفارسية: قمر آريان، انتشارات علمي و فرهنگي، ط2، طهران، 1382هـ.ش.
الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، دار صادر، ط2، بيروت، 1995م.
تقي زاده داوري، محمود، تصوير امامان شيعة در دايره المعارف اسلام، مؤسسه شيعه شناسي، قم، 1385هـ.ش.
تقي زاده داوري، محمود، تصوير شيعه در دائرة المعارف أمريكانا، چاپ و نشر بين الملل، طهران، 1382هـ.ش.
توال، فرانسوا، ژئوپلتيك تشيّع، ترجمه إلى اللغة الفارسية: علي رضا قاسم آقا، مؤسسة مطالعات و تحقيقات انديشه سازان نور، طهران، 1379هـ.ش.
دونالدسون، دوايت، عقيدة الشيعة، تعريب: ع. م، مؤسسة المفيد، بيروت، 1410هـ.
ديورانت، ول، تاريخ تمدن (قصة الحضارة)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: أبو طالب صارمي وآخرون، سازمان انتشارات و آموزش انقلاب اسلامي، طهران، 1371هـ.ش.
الطبرسي، أحمد بن علي، الاحتجاج على أهل اللجاج، انتشارات المرتضى، ط1، مشهد، 1403هـ.
الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، دار الكتاب العربي، بيروت، 1407هـ.
شريف القرشي، باقر، حياة الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام)، دار البلاغة، بيروت، 1413هـ.
25 الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، دار التراث، ط2، بيروت، 1387هـ.
26 صبحي، أحمد محمود، نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية (تحليل فلسفي للعقيدة)، دار النهضة العربية.
الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، الأمالي، انتشارات كتابچي، ط6، طهران، 1376هـ.ش.
الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، علل الشرائع، كتاب فروشي داوري، قم، 1385هـ.ش.
صفري فروشاني، نعمة الله ومعصومة اخلاقي، «نقد و بررسي زندگي امام حسن(عليه السلام) از ديدگاه دونالدسن»، فصل نامه علمي تخصصي طلوع نور، السنة العاشرة، العدد 39، ربيع عام 1391هـ.ش.
العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، دار إحياء التراث العربي، ط2، بيروت، 1403هـ.
الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، دار الكتب الإسلامية، ط4، طهران، 1407هـ.
لالاني، ارزينا، نخستين انديشه هاي شيعي، ترجمه إلى اللغة الفارسية: فريدون بدره‌اي، نشر و پژوهش فرزان روز، طهران، 1381هـ.ش.
مادلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ترجمه إلى اللغة الفارسية: قاسمي، انتشارات آستان قدس رضوي، مشهد، 1381هـ.ش.
محمد جعفري، حسين، تشيّع در مسير تاريخ، ترجمه إلى اللغة الفارسية: السيد محمد تقي آيت اللهي، دفتر نشر فرهنگ اسلامي، طهران.
مجموعة من المستشرقين، دائرة المعارف الإسلامية، دار الفكر، بيروت.
المرعشي التستري، القاضي نور الله، إحقاق الحق وإزهاق الباطل، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، ط1، قم، 1409هـ.
معروف الحسني، هاشم، سيرة الأئمة الاثني عشر(عليهم السلام)، المكتبة الحيدرية، ط1، النجف الأشرف، 1382هـ.
المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.
المقريزي، تقي الدين، الإمتاع والمؤانسة، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت، 1420هـ.
هالم، هاينس، تشيّع، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محمد تقي أكبري، نشر أديان، ط1، 1385هـ.ش.
هوليستر، جون نورمان، تشيّع در هند، ترجمه إلى اللغة الفارسية: أزرميدخت مشايخ فريدني، مركز نشر فرهنگ دانشگاهي، ط1، طهران، 1374هـ.ش.


------------------------------------------
[1](*)- مقالة مأخوذة عن مجلة تاريخ اسلام (مجلة علمية/ تحقيقية/ ISC)، السنة السادسة عشرة، العدد 4، العدد المتسلسل 64، شتاء عام 1394هـ.ش. تعريب: حسن علي مطر.
(**)- عضو اللجنة العلمية في حقل العلوم القرآنية في جامعة المصطفى العالمية.
(***)- أستاذ مساعد في جامعة كاشان.
[2]- انظر على سبيل المثال: الشيخ الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، علل الشرائع، ج1، ص211؛ ابن شهر آشوب، أبو جعفر محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص394.
[3]- الجويني الشافعي، إبراهيم بن سعد الدين، فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمة من ذريتهم(عليه السلام)، ج2، ص35؛ المرعشي التستري، القاضي نور الله، إحقاق الحق وإزهاق الباطل، ج26، ص329؛ العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص148.
[4]- تقي زاده داوري، محمود، تصوير امامان شيعة در دايره المعارف اسلام.
[5]- صفري فروشاني، نعمة الله ومعصومة اخلاقي، «نقد و بررسي زندگي امام حسن (عليه السلام) از ديدگاه دونالدسن»، فصل نامه علمي تخصصي طلوع نور، السنة العاشرة، العدد 39، ص27-56.
[6]- Arzina Lalani.
[7]- لالاني، الرزينة، نخستين انديشه هاي شيعي، ص37-38.
[8]- John Norman Hollister.
[9]- هوليستر، جون نورمان، تشيّع در هند، ص66-67.
[10]- توال، فرانسوا، ژئوپلتيك تشيّع، ص176.
[11]- Heinz Halm.
[12]- هالم، هاينس، تشيّع، ص40.
[13]- الشيخ المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، ج2، ص14.
[14]- ابن عساكر، أبو القاسم علي بن حسن الدمشقي، تاريخ مدينة دمشق، ج13، ص263.
[15]- صبحي، أحمد محمود، نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية (تحليل فلسفي للعقيدة)، ص324-326.
[16]- Hanri Lammens.
[17]- مجموعة من المستشرقين، دائرة المعارف الإسلامية، ج7، ص401.
[18]- Montgomery Watt.
[19]- تقي زاده داوري، محمود، تصوير شيعه در دائرة المعارف أمريكانا، ص209-210.
[20]- Dwight Martin Donaldson.
[21]- دونالدسون، دوايت، عقيدة الشيعة، ص89.
[22]- صبحي، أحمد محمود، نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية (تحليل فلسفي للعقيدة)، ص324-326.
[23]- أبو الفرج الإصفهاني، علي بن الحسن، مقاتل الطالبيين، ص68؛ ابن شهراشوب، أبو جعفر محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، ج4، ص32؛ العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص148.
[24]- معروف الحسني، هاشم، سيرة الأئمة الإثني عشر(عليهم السلام)، ج2، ص509.
[25]- ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ، ج3، ص406؛ العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص21-22.
[26]- حتّي، فيليب، شرق نزديك در تاريخ، ص235.
[27]- ابن أبي الحديد، عبد الحميد بن هبة الله، شرح نهج البلاغة، ج16، ص33-34.
[28]- العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص268؛ الجزائري، السيد نعمة الله، رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار، ص125.
[29]- ابن عساكر، أبو القاسم علي بن حسن الدمشقي، تاريخ مدينة دمشق، ج13، ص268؛ ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ، ج3، ص406.
[30]- الطبرسي، أحمد بن علي، الاحتجاج على أهل اللجاج، ج2، ص288؛ جمال الدين الشامي، يوسف أبو حاتم، الدر النظيم في مناقب الأئمة، ص500.
[31]- م.ن.
[32]- الشيخ الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، الأمالي، ص179؛ العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج43، ص331.
[33]- م.ن، ص428.
[34]- بحار الأنوار، ج43، م.س، ص436.
[35]- ابن أبي الحديد، عبد الحميد بن هبة الله، شرح نهج البلاغة، ج16، ص15.
[36]- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص15؛ المقريزي، تقي الدين، الإمتاع والمؤانسة، ج5، ص359ـ؛ الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ج4، ص7؛ ابن عساكر، أبو القاسم علي بن حسن الدمشقي، تاريخ مدينة دمشق، ج13، ص263؛ العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص57. (ملاحظة: لم أعثر على نصّ الرواية في مصادر الإحالة، فنقلته بالمعنى اعتمادًا على النص الفارسي. (المعرّب)).
[37]- مجموعة من المستشرقين، دائرة المعارف الإسلامية، ج7، ص402.
[38]- تشيّع، م.س، ص38-39.
[39]- حتّي، فيليب، تاريخ عرب، ص78.
[40]- تقي زاده داوري، محمود، تصوير شيعه در دائرة المعارف أمريكانا، ص209-210.
[41]- The Encyclopedia of Islam, 1991, Vol 3, p.241.
تقي زاده داوري، محمود، تصوير شيعه در دائرة المعارف اسلام، ص102-103.
[42]- م.ن.
[43]- ديورانت، ول، تاريخ تمدن (قصة الحضارة)، ج4، ص64.
[44]- بروكلمان، كارل، تاريخ ملل و دول اسلامي، ص101.
[45]- ابن عساكر، أبو القاسم علي بن حسن الدمشقي، تاريخ مدينة دمشق، ج13، ص244؛ ابن شهراشوب، أبو جعفر محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، ج4، ص14؛ العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج43، ص339.
[46]- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج7، ص49؛ بحار الأنوار، ج43، ص235.
[47]- ابن شبة، عمر، تاريخ المدينة المنوّرة، ج1، ص225-228؛ ابن حيون المغربي، النعمان بن محمد، دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام، ج2، ص341، ح1284؛ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج7، ص49؛ العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج41، ص40.
[48]- ابن شهراشوب، أبو جعفر محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، ج4، ص18؛ العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج43، ص343؛ الجزائري، السيد نعمة الله، رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار، ج1، ص111.
[49]- مادلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص452.
[50]- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص160.
[51]- دار ابجرد تبعد عن شيراز خمسون فرسخًا (انظر: الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، ج2، ص446). ويبدو أن سبب اختيار خراج دار ابجرد يعود إلى أنها طبقًا للوثائق التاريخية قد استسلمت دون قتال وصالحت المسلمين، وبذلك يكون خراجها في ضوء الشريعة الإسلامية خالصًا لرسول الله وأهل بيته واليتامى والمساكين وابن السبيل. من هنا فقد اشترط الإمام الحسن (عليه السلام) أن يصرف خراجها على أيتام شهداء حرب الجمل وصفين. (انظر: العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص10؛ پيشوائي، مهدي، امام حسن پرجمدار صلح و آزادي، ص82).
[52]- بحار الأنوار، ج44، م.س، ص2-3؛ الجزائري، السيد نعمة الله، رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار، ج1، ص119.
[53]- البلاذري، أحمد بن يحيى، جمل من أنساب الأشراف، ج3، ص48؛ العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص29؛ شريف القرشي، باقر، حياة الإمام الحسن بن علي(عليه السلام)، ج2، ص297.
[54]- حتّي، فيليب، تاريخ العرب، ص246.
[55]- مادلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص449.
[56]- محمد جعفري، حسين، تشيّع در مسير تاريخ، ص179.
[57]- العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص2-3.