الباحث : هبة محمد جابر حلواص
اسم المجلة : دراسات استشراقية
العدد : 42
السنة : ربيع 2025م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث : April / 15 / 2025
عدد زيارات البحث : 32
هبة محمّد جابر حلواص[1][*]
الملخّص
لقد بذل المستشرقون الغربيّون جهودًا كبيرة في الدراسات القرآنيّة، وقد تنوّعت هذه الدراسات من ناحية الهدف والأسلوب، فمنها ما كان بهدف ديني سياسي مغرض، ومنها ما كان بهدف البحث العلمي، وبين أسلوب عدائيّ سافر، وأسلوب علميّ موضوعي، وفي كلا الحالتين فقد كان الغالب هو توجّه الدراسات الاستشراقيّة إلى اعتبار القرآن الكريم نصًّا بشريًّا مقتبسًا من الديانتين السابقتين اليهوديّة، والنصرانيّة، أثّرت في إنتاجه عوامل بشريّة معيّنة، واستمدّ أفكاره وتعاليمه من الديانات السابقة. وتتجلّى أهميّة البحث بكونه يعالج قضيّة مهمّة أثارها المستشرقون، وهي تهمة تمتدّ جذورها إلى عصر نزول القرآن الكريم، وهي تهمة الأصل البشري للقرآن الكريم، والتي تمثّل حاجزًا أمام فهم حقيقة النصّ القرآني. وهذه واحدة من أهمّ القضايا التي يستند المستشرقون عليها؛ لطرح تصوّرات زائفة، حول النبيs والقرآن والإسلام. تهدف إلى عدم وحيانيّة القرآن الكريم، وإثبات كونه نتاجًا بشريًّا مقتبسًا من الديانتين السابقتين، اليهوديّة والنصرانيّة، حيث سيجيب البحث على العديد من الأسئلة، من أهمّها: كيف نظر المستشرقون إلى مصدر القرآن الكريم؟ هل القرآن الكريم جاء متأثّرًا بالديانات السابقة؟ هل يدلّ وجود التشابه بين اليهوديّة والنصرانيّة والإسلام على الانتحال منهما؟
الكلمات المفتاحيّة: الدراسات الاستشراقيّة، اليهوديّة، النصرانيّة، النصّ القرآني، بشريّة القرآن، مصدر القرآن، المستشرقون، وحيانيّة القرآن.
المبحث الأوّل: معاملة القرآن الكريم كنصّ بشريّ
حاول المستشرقون الطعن بالقرآن الكريم والدين الإسلامي بنسبته إلى النبي محمّدs وعَدّهُ من تأليفه، ونفي ﭐرتباطه بالوحي؛ ليُبعدوا عنه كلّ قدسيّة، وهذا ما يتّفق مع مناهجهم الغربيّة في الدراسة، والبحث الذي يقضي بنفي القدسيّة عن كلّ شيء، والنظر إلى الأشياء من منظور عقلي مجرّد، وهذا الأمر ممكن في كثير من الأحيان، إذ إنّ ﭐستعمال العقل في البحث والتقصّي والدراسة شيء مهمّ، إلّا أنّ هناك أمورًا خارج تصوّرات البشر تتعلّق بعالم ماوراء الطبيعة، «فالإنسان لا يمكنه أن يتخلّى عنها في أيّ حال من الأحوال؛ لأن قضيّة الدين من الأمور التي تتعلّق بالروح الإنسانيّة، بعيدًا عن المادّيّات، وتداعيات المادّة والتفكير الواقعي»[2]، لقد كان نفي المقدس من أولويّات المنهج العقلي الذي ﭐتبعه المستشرقون في دراسة الدين الإسلامي، حيث عملوا على نزع صفة القداسة عن كل مقدس، والتّعامل معه وفق المناهج الغربيّة الحديثة، فقد كان ذلك يمثّل (ثقافة عامّة في المجتمعات الغربيّة بعد الثورة الصناعيّة، وعصر التنوير، فأبتدأوا ذلك في محاربة المسيحيّة وتعاليمها، ونبذ القساوسة والرهبان، ومحاولتهم إبدال دينهم بدين آخر يتّفق مع ما هم عليه بعد الثورة الكبرى في الغرب الأوروبي)[3].
ﭐختلفت طرائق المستشرقين ومناهجهم في دراسة القرآن الكريم وترجماته وعلومه عن تلكم الطرق التي وظّفوها في دراسات أخرى؛ ذلك أنّ الأسلوب الاستشراقي العامّ في دراسة تاريخ القرآن وعلومه يكاد يكون مفصولًا عن سياق الموضوعيّة والحياد المطلوبين في كل بحث، ومن ثمّ في كل أسلوب علمي[4].
أوّلًا: عرض الآراء ومناقشتها
إنّ الباحثين الغربيّين والمستشرقين الذين درسوا القرآن الكريم وعلومه، ﭐنقسموا في نظرتهم إلى مصدر القرآن الكريم إلى قسمين، قسم منهم آمن أنّ القرآن الكريم مصدره الوحي الإلهي إلى النبيّ محمّدs؛ لِما وجدوا من الأدلّة والبراهين التي تشير إلى عدم قدرة الإنسان أن يأتي بمثله، وهؤلاء الباحثون هم القلّة القليلة إزاء بقية المستشرقين، الذين نسبوا القرآن الكريم إلى شخص النبيّs، فمن هؤلاء المنصفين، المستشرق الفرنسي اليهودي موريس بوكاي[5] (Maurice Bucaille)؛ إذ كان يرى أن القرآن الكريم وحي من الله تعالى، وقد دَلّه على ذلك تجاربه وأبحاثه العلميّة، التي أَثرَت الدرس القرآني كثيرًا، فآمن أنَّ ما جاء في القرآن الكريم ليس من صنع البشر.
أمّا القسم الآخر وهو الغالب، فقد ذهب إلى أنّ القرآن الكريم من تأليف النبي محمّدs، وابتكاراته، ونبوغ عقله، فما إن تحين قضيّة معيّنة، أو أمر ما، إلّا وأصدر له آية، أو مجموعة آيات، أو سورة -بزعمهم-، وذهبوا إلى أبعد من ذلك، هو أنّ النبيّs كان يأخذ آيات القرآن الكريم من أشخاص معيّنين، فربما كانوا يهودًا، أو نصارى، أو وثنيّين -بحسب اتّجاه المستشرق العقدي أو الفكري-، إذ كان يغلب عليهم التعصّب، والحقد على الإسلام، أو أنّ ﭐتجاههم هذا كان مناسب لمناهجهم في البحث والتفكير، الذي فرضته عليهم إفرازات عصر التنوير، والثورة الصناعيّة في أوروبا[6].
ويظهر هذا الاتّجاه بشكل واضح في عناوين ترجمات المستشرقين للقرآن الكريم والتي تركّز معظمها على نسبة القرآن الكريم إلى النبيّ بجعل عنوان الترجمة، قرآن محمّد أو كتاب محمّد، بالإضافة إلى ما سطّروه من ﭐفتراءات في مقدّمات ترجماتهم وحواشيها، والتي تركّز بشكل كبير على نفي صفة الوحيانيّة عن النصّ القرآني، واعتباره نصًّا بشريًّا قابلًا للخطأ، وقد غلب هذا الاتجاه المعادي للإسلام والرامي إلى ضرب أساس وحيانيّته على عموم المستشرقين، حتى إنّ عدم أصالة القرآن الكريم أصبح من الأمور المسلمة لديهم، ومن هنا فقد حدّد المستشرق الألماني فوك[7] (J.Fuck) في بحث متميّز، على حدّ تعبير المستشرق الفرنسي رودينسون[8] (M.Rodinson)، طبيعة المشكلة قائلًا: «على كلّ حال لقد أصبح النظر في عدم أصالة الإسلام وﭐعتماده على الأديان السابقة موضة بين عموم الـمستشرقين»[9].
ولقد ﭐعترض المستشرق السويدي أندريه[10] (Tor Andrae) على هذا الاتجاه الاستشراقي المشكّك في أصالة القرآن، وقال في سخرية لاذعة: «كأنّ المهمّة الكبرى للمستشرقين الدّارسين لشخص الرسول هي محاولة فهم كيف أنّ الرسول بتأثير روح البيئة المحيطة، قد لفّق أو زوّر أشتاتًا عديدة شديدة التّنافر في كلٍّ واحد هو القرآن»[11].
إنّ هدف هذه المنهجيّة الاستشراقيّة الغربيّة، هو رفع القدسيّة عن القرآن الكريم التي اعتبرها المستشرقون عائقًا أمام فهم النصّ، وهذه المنهجيّة تسعى إلى نقل الآيات القرآنيّة من وضعها الإلهي إلى الوضع البشري عن طريق الترجمة، عبر إجراءات وعمليّات منهجيّة مختلفة، أبرز مظاهرها حذف عبارات التعظيم، التي درج جمهور المسلمين على ﭐستعمالها، مثل: (القرآن الكريم)، و(القرآن العزيز)، و(قال الله تعالى)، و(صدق الله تعالى)، وما إليها، مما يعكس قدر القرآن عند المؤمنين به[12].
سيطر هذا الاتّجاه على غالبيّة الدراسات الاستشراقيّة، وأصبح من ثوابت دراستهم للدين الإسلامي والقرآن الكريم، النظر إليه على أنّه نصّ بشريّ لا يختلف عن غيره من النصوص الأدبيّة والتاريخيّة، ويشابه إلى حدّ كبير القصص والأساطير، ممّا جعل هذه الدراسات تبتعد عن الموضوعيّة ومناهج البحث العلمي، فكان «الاعتقاد السائد بين أكثر المستشرقين بكافّة مدارسهم الفكريّة، وانتماءاتهم العقديّة بمسلمة، يعتبرونها بديهيّة، ﭐرتبطت قلوبهم وعقولهم بها، هي أنّ القرآن (كتاب محمد)، فليس هو كتاب الله أو كلامه، فهذا من مسلّمات الدرس الاستشراقي للقرآن، فيعتبر أكثر المستشرقين هذا أمرًا بديهيًّا أوليًّا مسلّمًا، لا يحتاج إلى إثبات بأدلّة واضحة، أو خافية، أو تكلّف باستدلال؛ ولو بضرب من المحالات، وأكاد أجزم أنه لم يسلم مستشرق من تلك الوصمة، اللهم إلّا من عصمة الله بدراسة الإسلام دينًا سماويًّا، أو بحث في القرآن كتاب الله المبين، ومع إنّ عذر المستشرقين في هذا الاعتقاد، مرتبط بدين المستشرق، وعقيدته الدينيّة؛ فكثيرًا ما كان المستشرق راهبًا مسيحيًّا، أو قسًّا كنسيًّا، أو كان حبرًا يهوديًّا، له أنشطته الدينيّة، فلو ﭐعتقد أن القرآن كتاب الله تعالى، لكفر بعقيدته الدينيّة»[13].
ولذلك فإنّ كل ما أنتجه المستشرقون من دراسات تتعلّق بالقرآن الكريم، لا يمكن الاعتداد بها أو الأستناد اليها؛ لأنّه لا محالة محطم للمُسلّمات والثوابت التي نؤمن بها نحن المسلمين، ومشكّك في الأصول الضروريّة التي هي منهاجنا القويم، وبذلك أصبح من الواضح أن المستشرق الغربي عندما يتأهّب لدراسة القرآن الكريم، يضع دعوى بشريّة القرآن نصب عينيه يعمل على إثباتها؛ محتملًا أن يكون مصدره من كلّ جهة، إلا من عند الله تعالى، وهذا ما صرّح به تقريبًا کل مستشرق اشتغل بدراسة القرآن في أوّل صفحات كتابه أو ترجمته، وبالتالي، وبناء على هذا الاعتقاد، الذي يصبح عند الرجل مسلّمة بديهيّة تكون كل أبحاثه وجميع دراساته قد ﭐستوت على أساس غير صحيح، وانحرفت عن الأسلوب الصائب الذي يفرض نوعًا من التعاطف، أو على الأقلّ نوعًا من الاحترام النسبي للمصدر الغيبي الذي ينبني عليه الوحي القرآني[14].
إنّ ما أقدم عليه المستشرقون في دراسة القرآن الكريم ليس من صفات البحث العلمي في شيء، ولا من الموضوعيّة العلميّة التي رفعوا رايتها، فقد كان تعاملهم مع نصوص القرآن الكريم وفق اعتقادات وخلفيّات ونتائج مسبقة، جعلتهم يبنون عليها فرضيّاتهم، وينظرون إليها على أنّها مسلّمات حقيقيّة لا تحتاج إلى إثبات، وهذا خلاف منهجيّة البحث العلمي وثقافته؛ إذ تخالف المنهجيّة العلميّة هذا المنحى تمام المخالفة، ففي الواقع والحقيقة هي ليست بمسلّمة في شيء؛ لأنه ينقصها الإثبات، ويعتريها من الخلل الشيء الكثير، بل يشملها أغلاط واختلاط، ولبس والتباس، حيث يدرس المستشرق القرآن من وجهة نظره هو، فأولى به أن يكون منصفًا للعلم، موضوعيًّا في البحث، وإن خالف دينه[15].
أحدثت الدراسات الغربيّة للقرآن الكريم فارقًا حقيقيًّا بين النصّ الأصلي المنزل، وبين النصّ الجديد المترجم؛ لما فيه من اختلافات في المعنى، وتباينات كثيرة، أوجدها المترجمون بشكل متعمد غالبًا؛ رغبةً منهم في ﭐستحداث نمط جديد، يمكنهم نشر أفكارهم في النصّ الأصلي من خلاله، وتحميله ما لا يحتمله؛ من أجل أن يكون مناسبًا؛ لتحقيق غاياتهم وأهدافهم التي يمكن من خلالها تصدير صورة مختلفة للنص القرآني، وإيصال رسالة لشعوبهم الغربيّة، تفيد بأنّ النصّ القرآني المعتمد بالمصحف عند المسلمين، هو نصّ قد ﭐنتابه الكثير من التعديل، والتحريف، وهو ليس سوى كلام بشري ﭐبتدعه رسول الإسلام؛ حتى يتناسب مع قومه ورسالته، «فهدف بلاشير (Régis Blachère) وأمثاله من ترجماتهم لمعاني القرآن الكريم، إيهام القرّاء بتناقضاته، وإضفاء صفة النحل والحبكة والتأليف البشري عليه؛ وذلك بما يبثّون في مقدّماتهم وحواشيهم من أكاذيب وافتراءات؛ لاعتقادهم الجازم أنّ ذلك يصيب الإسلام في الصميم»[16].
لم يتردّد أحد من المستشرقين الذين درسوا القرآن الكريم في الإعلان والتصريح بإعتقادهم ببشريّة القرآن الكريم وتأليف النبيّs له، فهذا هو جورج سيل (George Sale) -الذي هو من أشهر المستشرقين الذين تناولوا القرآن الكريم دراسة وترجمة-، يصرّح في مقدمة ترجمته الإنجليزيّة لمعاني القرآن الكريم، التي صدرت عام 1736م: «أمّا أنّ محمّدًا كان في الحقيقة مؤلّف القرآن، والمخترع الرئيسي له، فأمر لا يقبل الجدل، وإن كان من المرجّح مع ذلك أنّ المعاونة، التي حصل عليها من غيره، في خطته هذه، لم تكن معاونة يسيرة...، وهذا واضح في أنّ مواطنيه لم يتركوا الاعتراض عليه بذلك»[17]، وقد حظيت هذه المقدّمة التمهيديّة للترجمة التي جزم فيها جورج سيل بتأليف محمّدs للقرآن نجاحًا عظيمًا باهتمام كبير في أوروبا؛ الأمر الذي جعل بعض المستشرقين يتّخذون من مقدمة (سيل) مقدّمة لترجماتهم لمعاني القرآن الكريم، وقد بقيت هذه المقدمة مصدرًا موثوقًا للمستشرقين في دراساتهم يتوارثون مزاعمها، ويردّدون إفتراءاتها دونما نقد أو تمحيص.
والأمر لم يكن مختلفًا عند شيخ المستشرقين نودلكه[18] (Theodor Noldeke) الذي يذهب صراحة إلى بشريّة القرآن الكريم، أي أنّه من تأليف النبي محمّدs، ففي مجال كيفيّة نشوء الكتب المقدّسة اليهوديّة والمسيحيّة، والقرآن والمقارنة بينهما يشير إلى أنّ القرآن يختلف عنهما ﭐختلافًا تامًّا، فبالرغم من أنّ محمّدًاs، هو مؤلّف الآيات موضوعيًّا وفعليًّا، وجميع السور الموضوعة في هذا الكتاب، فهو لا يعتبر نفسه صاحبها، بل الناطق باسم الله، والمبلّغ لكلامه وإرادته[19].
ويبدو أنّ نفي صفة الإلهيّة عن النصّ القرآني وإثبات بشريّته على ﭐعتبار أنّ النبيّ محمّدs هو مؤلّف أو كاتب القرآن الكريم، جعلت من المستشرقين الغربيّين على ﭐختلاف بيئاتهم يتعاملون مع النصّ القرآني على أنّه نتاج بشري يحتمل الخطأ، ما دفعهم إلى إبراز أي نقطة إشكاليّة، على ﭐعتبارها نصًّا بشريًّا يحتمل الخطأ؛ لذا لم يستطع كل من عمل على ترجمة القرآن الكريم على تجاوز الأخطاء التي وقع فيها المترجمون القدماء في العصور الوسطى؛ إذ عدّت ترجماتهم القديمة أساسًا للترجمات الحديثة، ورغم محاولة المتأخّرين تنقية الترجمات الحديثة من الشوائب اللغويّة وبعض الهِنات، إلّا أنّه لم يتمكّن من تجاوز أصل المشكلة وأصل الفكرة، وربما يجد بعض الباحثين عذرًا لبعض المستشرقين؛ إذ إنهم لو آمنوا أنّ النصّ القرآني هو نصّ إلهي لانتفى إيمانهم بدياناتهم المسيحيّة أو اليهوديّة، ولتحوّلوا إلى الإسلام باعتباره نصًّا إلهيًّا.
ثانيًا: ﭐفتراءات قديمة متهافتة
حاول المستشرقون بشتّى الطرق والوسائل توجيه التهم للإسلام والقرآن الكريم؛ فعمدوا إلى توجيه ﭐتهامات متهافتة أكثر ما تدل عليه هو جهل قائلها، وقلّة معرفتهم بالقرآن الكريم، «والواقع أنّ أغلب هذه الأقوال، والمزاعم ليست كلّها من تأليف المستشرقين واختراعهم، فقد قالها قادة المشركين على عهد النبيّs، فلم تكن تلك الخصومات المليئة بالحقد والكيد تدّخر وسعًا لتكذيب نبوّته، واضعة في اعتبارها أنه يعتبر تهديدًا رئيسيًّا لسيادتهم كقادة للمجتمع آنذاك، ولقد جاء ذكر مزاعمهم واتهاماتهم هذه للنبيّs بصورة حية وصريحة في القرآن»[20]، مثل:
1. قوله تعالى: Nوَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَM (الأنفال: 31)، Nوَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًاM (الفرقان: 5)، يسجّل القرآن الكريم في هذه الآية ﭐتهام المشركين بأنّ آيات القرآن الكريم ليست سوى أساطير وقصص الأمم البائدة صوّرها النبيّs بطريقة جديدة، وهذا مشابه لما وجهه المستشرقين للقرآن الكريم من ﭐتهامات بأنّه ليس سوى نتاج خيال النبي وتفكيره الخلاق متأثّرًا ببيئته الجاهليّة.
2. قوله تعالى: Nإِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَM (الصافات: 35-37)، يشير القرآن الكريم في أكثر من موضع إلى ﭐتهام المشركين للنبيّ الكريم بقول الشعر، أو التأثّر به، رغم معرفتهم بأنّ النبيّ ليس بشاعر، وأنّ ما يقوله من الآيات القرآنيّة ليس من الشعر في شيء، وكذلك الأمر بالنسبة للمستشرقين الذين لم يكن الأمر مختلفًا لديهم، فلم يتورّعوا عن ﭐتّهام النبيّ بقول الشعر، أو التأثّر بأشعار بعض الشعراء السابقين والمعاصرين له، كما سيأتي توضيح ذلك في هذا المبحث.
3. قوله تعالى: Nأَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَM (يونس: 38)، وقالوا عنه: Nفَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُM (المدثر: 24)، فلقد حاول المشركون قديمًا الطعن في القرآن الكريم، والانتقاص منه، وباءت كلّ محاولاتهم بالفشل، وسجّل القرآن عليهم هذه المطاعن، مفنّدًا مزاعمهم، ووصفوه بأنّه مفترى من عند محمّد.
4. قوله تعالى: Nوَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌM (النحل: 103)، يذكر القرآن الكريم في هذه الآية أنّ المشركين ﭐتهموا الرسول بأنّه تلقّى القرآن تعلّمًا بين يدي راهب أعجمي، وهذا ما رددّه المستشرق الفرنسي (بلاشير) في كتابه (القرآن، نزوله، ترجمته، تأثيره)، وغيره من المستشرقين.
وهذا يدلّ على أنّ تهمة الأخذ من الديانات السماويّة السابقة هي ليست بجديدة أيضًا، ففي هذه الآية إشارة إلى زعم المشركين بتلقّي النبيّs القرآن الكريم من بعض الرهبان، أليس بغريب إذن أنّه عندما يردّد المستشرقون المعاصرون ﭐتهامات رُدِّدَت منذ أربعة عشر قرنًا، يعتبرونها ﭐتهامات جديدة ومحدّثة؟ ألا يدلّ ذلك على مدى جهل المستشرقين بالقرآن الكريم! أو أنّ أهدافهم المغرضة والمعادية للإسلام جعلتهم يتشبثون بأيّ ذريعة يمكنهم من خلالها أن ينتقصوا من النصّ القرآني، وإن كانت ﭐتهامات متهافتة، ولكنهم ليس لهم سبيل للطعن بالقرآن الكريم سواها.
لقد ﭐنعكست هذه الاعتقادات المسبقة للمستشرقين على دراساتهم للقرآن الكريم، فحاولوا تكوين هذه الفكرة في ترجماتهم للقرآن الكريم؛ ولذا ظهرت الأخطاء في معظم الترجمات القرآنيّة، إذ عملوا على إيجاد ترجمة حرفيّة للنصّ القرآني، دون النظر إلى روح الكلمات القرآنيّة ومضامينها والصور الأدبيّة والبلاغيّة التي طرحها القرآن الكريم، فجاءت ترجماتهم مليئة بالأخطاء والمغالطات اللغويّة، والفكريّة، والعقديّة، والبلاغيّة، والتي تركت أثرها على كل ترجمة لنصوص القرآن الكريم، من حيث يدري المترجم أم لا.
ثالثًا: التأثّر بالديانتين اليهوديّة والنصرانيّة
سعت الدراسات الغربيّة إلى التركيز على نسبة النص القرآني إلى النبيّ محمّدs، من خلال إثارة بعض الافتراءات التي ترمي إلى نزع صفة القداسة، والارتباط بالوحي عن النصّ القرآني، وأبرز ما ركّز عليه المستشرقون هو نسبة القرآن الكريم إلى الكتب المقدّسة، المتمثّلة بالتوراة، والإنجيل، وكاد هذا المنهج أن يكون هو الغالب في دراساتهم القرآنيّة.
فصرّح كثير من المستشرقين، بأنّ القرآن الكريم لم يأتِ بجديد، وحاولوا دائمًا، التأكيد في مؤلّفاتهم على التشابه بين القرآن الكريم وبين غيره من الكتب السماويّة؛ للوصول إلى نتيجة أنّ القرآن الكريم ليس سوى إعادة للدعوات الدينيّة السابقة، وأنّه لا يوجد مبرّر لوجوده؛ لأنه لم يكن سوى نقل التعاليم السابقة بطريقة مشوّهة تتّخذ طابعًا جديدًا بلغة جديدة.
«لعلّ رؤيتهم هذه للقرآن نابعة من ثقافتهم المسيحيّة، خاصّة قبل عصر التنوير التي كانت تهيّئ الغرب للحرب ضدّ الإسلام، فاخترعوا هذه الفرية لغرض هيمنتهم على المسلمين، وفرض تبعيّة الإسلام للمسيحيّة، أمّا بعد عصر التنوير، فكانت الرغبة جامحة ﭐتجاه إفراغ القرآن الكريم من محتواه المعرفي والفكري، كما أُفرغ الانجيل من ذلك؛ إذ كان ردّ فعل من الثوّار على الكنيسة، فأفقدوه كل قدسيّة قد تحول دون انطلاقتهم في مجابهة الحكّام آنذاك، فأسبغوا هذه الفكرة على كل الكتب السماويّة، ومنها القرآن الكريم»[21].
سيطرت هذه الفكرة على الدراسات الغربيّة المتخصّصة بالقرآن الكريم في مراحل مبكرة، فقد وصفت الترجمات الأولى القرآن الكريم بأنّه ليس سوى هرطقة مسيحيّة، وبقيت هذه الفكرة متداولة عند المستشرقين، وأصبح من الأمور المسَلّمة عندهم هو عدم أصالة القرآن الكريم، وفي مقدمة هؤلاء المستشرقين الذين ﭐهتموا بهذة النزعة في أبحاثهم ودراساتهم، المستشرق الألماني أبراهام جيجر[22] (Abraham Geiger)، الذي ألّف كتابًا تحت عنوان (ماذا أخذ القرآن من اليهوديّة)، (وقد كان هذا الكتاب بداية لحقبة جديدة في البحث الاستشراقي، تهدف إلى التعقيب عن كل ما قد يبدو للمستشرقين في القرآن، منقولًا ومستسقى من اليهوديّة، وقد أقبلت أبحاث هؤلاء على تفكيك مضامين القرآن الكريم، لتردّها إلى عناصر توراتيّة-يهوديّة مزعومة)[23].
ويستمرّ المستشرقون في التنظير لهذة الفكرة، فيتحدّث عدد منهم في هذة المسألة حديث من يتظاهر بأنّه يعلم حقائق تعاليم الإسلام، مع أنّهم لا يستندون إلى دليل واحد يشهد لادّعاءاتهم الباطلة، فمثلًا يقول المستشرق (أندرسون): «لا يمكن أن يكون هناك شكّ على أيّ صورة في أنَّ مُحَمَّدًاs قد تمثّل أفكارًا من (التلمود)[24] و(الأبوكرافيا)»[25][26].
ويزعم المستشرق جيوم[27] (Alfred Guillaume)، أنَّ الإسلام صورة مشوّهة من النصرانية، ويتجرأ مونتجومري واط[28] (Montgomery Watt) ويطالب الإسلام بالاعتراف بالمصادر التي نقل منها -حسب إدّعائه الزائف-ن واعتبر أنَّ على الإسلام أنْ يُقرّ بحقيقة أصله، والاعتراف بذلك التأثير التاريخي للتراث اليهودي النَّصراني[29].
يقول جولد تسيهر[30] (Goldziher Ignác) في كتابه (العقيدة والشريعة في الإسلام): «فتبشير النّبي العربي، ليس إلّا مزيجًا من معارف وآراء دينيّة، عرفها أو ﭐستقاها بسبب ﭐتّصاله بالعناصر اليهوديّة والمسيحيّة وغيرها، والتي تأثّر بها تأثّرًا عميقًا، ورآها جديرة بأن توقظ عاطفة دينيّة حقيقيّة عند بني وطنه»[31]. وقال غوستاف لوبون[32] (Gustave Le Bon): «وإذا أرجعنا القرآن إلى أصوله، أمكننا عدّ الإسلام صورة مختصرة من النصرانيّة، والإسلام يختلف عن النصرانية -مع ذلك- في كثير من الأصول، ولا سيّما في التوحيد المطلق الذي هو أصل أساسي»[33].
ولو راجعنا قائمة الكتب والبحوث التي أصدرها المستشرقون عن القرآن، لرأينا -على سبيل المثال- العناوين التالية، وهي كافية لإبراز هذا الاتجاه الاستشراقي العداوني تجاه القرآن الكريم[34]:
- التوراة في القرآن: فايل (Gustav Weil)1835م.
- ترجمة القرآن وفقًا لترتيب نزول الآيات تاريخيًّا؛ رودويل (rodwel) 1876م.
- أسماء الله الحسنى ومصادرها الشرقيّة في القرآن؛ السير أدوين أرنولد Edwin) (Arnold 1884م.
- راهب بحيرا والقرآن: كراديفو (carra de vaux, bon) 1898م.
-بحوث جديدة في ترتيب القرآن الكريم وتفسيره، هير شفيلد (hirschfeld) 1902م.
-السامريون في القرآن: جوزيف هاليفي (Joseph Halévy) 1908م.
- عيسى في القرآن: جروهمان (grohmann) 1914م.
- القرآن الإنجيل المحمّدي: سترستين (zettersteen) 1918م.
- الألفاظ الأجنبيّة في القرآن: جيفري (Arthur Jeffery) 1938م.
- القصص الكتابي في القرآن: شباير (H.Spyer) 1939م.
إنَّ وجود التَّشابه بين الأديان السماويّة هو أمرٌ طبيعي؛ لأن مصدرها واحد هو الله(عزَّ وجلَّ)، وما الاختلافات بينها إلّا نتاج الفهم الخاطئ، أو نتاج التغيير والتحريف الذي طالها عبر الزمن، قال الله تعالى: Nشَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُM (الشورى: 13)؛ لذا فإنَّ القول بتشابه القرآن الكريم، وتأثّره بغيره من الأديان السماويّة السابقة ليس دليل وجود نقص، أو ضعف؛ بل دليل تكامل، ولا ينقص من قداسته، فهذا التكامل تمثّل آنذاك بخلق هويّة دينيّة في الجزيرة العربيَّة، مع إمكانيَّة التَّوسع خارجها عبر هذه الهويّة ذات التوجّه العالمي، والمتجاوزة للانتماء القبلي السائد حينها[35].
فمن الغريب ألّا نجد شيئًا مشتركًا بين الديانات السماويّة، فكلّها عند الله دين واحد، وكل شريعة إلهيّة تأتي تكون مصدّقة لما قبلها وما بين يديها من الكتب والشرائع السماوية، فقد جاء موسى متأخّرًا عن إبراهيم فآمن به، وجاء عيسى متأخّرًا عنهما، فآمن بإبراهيم وموسى وجاء محمّدs بعدهم، فآمن بإبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم أفضل الصلوات والتسليم، وجاء بالقرآن مصدقًا لما بين يديه من الكتب السماويّة ومهيمنًا عليها.
من ناحية أخرى ينبغي القول، إنّه على الرغم من أوجه الشبه العديدة بين القرآن والعهدين، إلّا أنّ هناك اختلافات جوهريّة في كثير من القضايا والتفاصيل، ويظهر الاختلاف الجوهري بين القرآن والكتب السابقة، خاصّة بشكل واضح في القصص القرآنية، فضلًا عن وجود قصص للأنبياء ذُكرت في القرآن الكريم ولم يتمّ العثور عليها في العهدين، وهو دليل آخر على أنّ نظريّة اقتباس القرآن الكريم من المصادر السابقة غير صحيحة، وإذا كان محمّدs قد قرأ توراتهم وإنجيلهم، وأخذ منها القصص والتشريعات والأخلاقيّات، فكيف يعلّلون وجود قصص في القرآن الكريم ليس في عهديهما.
«ومن جهة أخرى، فقد وردت عناصر في النص القرآني تخالف ما ورد ذكره في الأناجيل الأربعة، مثل إثبات الإنجيل الواحد، ونفي التثليث، ونفي بنوّة المسيح لله، ونفي أبوّة الله للمسيح، ونفي صلب المسيح وقتله، ونصرة الحواريّين للمسيح، فإذا كان القرآن ناقلًا أو منتحلًا، فلِمَ يقع الخلاف في عناصر أساسيّة تعطي القصّة القرآنيّة خصوصيّة ومعاني لا توجد في الأناجيل الأربعة، ولا يقبلها التفسير النصراني»[36].
وهذا يعني عدم وجود دليل مقنع على اعتماد القرآن الكريم على الديانات السابقة، أو الاقتباس منها، ممّا جعل بعض المستشرقين، انطلاقًا من المنهج العلمي، يشيرون إلى عدم صحّة هذه النظريّة التي لا تستند إلى برهان، فكتب المستشرق ريتشارد بيل[37] (Richard Bell) ضدّ هذه الاتهامات فقال: «مهما كانت معرفة الرسول العميقة بكل من هذين الدينين -والمقصود بهما اليهوديّة والمسيحيّة- أو حتى معرفته بالكتاب المقدّس ذاته، فإنّه لا يوجد على العلاقة بينهما دليل مقنع؛ إذ إنّ سورة الإخلاص في القرآن تشكل تعارضًا شديدًا مع أحد المبادئ الرئيسيّة في المسيحيّة»، ولا ريب في أن نظرية (بل) أيّدت بوضوح ذلك التناقض الشديد بين القرآن والإنجيل، وهو ما نراه في بحث بوكاي (Bucaille)، وعنوانه: (The Bible the Qur’an and science) ويعني (الكتاب المقدّس، والقرآن، والعلم)[38].
وكذلك الأمر بالنسبة للمستشرق كلير تيسدل[39] (St.Clair Tisdall) الذي أكّد أنّ دراسة مسألة تأثير النصرانيّة الرسميّة على القرآن الكريم، تثبت أنّ تأثيرها لا يكاد يذكر، وأنّ دعوى ﭐقتباس القرآن منها لا تقوم على دليل؛ لما عرف من بَون في الطرح وتفاوت في الرؤية[40].
يبدو ممّا تقدّم إصرار المستشرقين الذين درسوا القرآن الكريم على إثبات تهمة الأصل البشري للقرآن الكريم، والتماس أيّ وسيلة لإثبات ذلك، وكان أبرز ما ركّزت عليه نظريّاتهم هو ﭐقتباس القرآن الكريم من الديانتين اليهوديّة والنصرانيّة، فلم تكن ترجماتهم للقرآن الكريم وسيلة لنقل حقائق القرآن الكريم، والتشريع الإلهي، كما ينبغي للترجمة أن تكون، بل كانت أداة مقارنة ليبرزوا من خلالها تشابه النصّ القرآني مع النصوص التوراتي والإنجيلي؛ ليتوصّلوا عبر تلك المقارنات غير المنصفة إلى إثبات بشريّة النصّ القرآني، وﭐختلاقه من أشتات الديانات السابقة، متجاهلين الاختلافات الجوهريّة بين النصوص القرآنيّة والكتب السابقة.
رابعًا: القرآن الكريم يدحض عقائد أهل الكتاب
أ- القرآن يرد على العقيدة اليهوديّة
يذهب كثير من المستشرقين إلى أنّ القرآن الكريم أخذ تعاليمه وتشريعاته من الديانة اليهوديّة، ويشيرون إلى أوجه التشابه الكثيرة بين النصوص القرآنيّة ونصوص التوراة، معتقدين أنّ ذلك يمكن أن يكون سببًا في ﭐتهام القرآن الكريم بالبشريّة، وبالعودة إلى الواقع نجد أنّ هناك اختلافات جوهريّة واضحة تثبت بطلان هذه الدعوى، وقد نصّ القرآن الكريم في آيات كثيرة عليها، ودحض تلك العقائد الباطلة، ومن تلك الآيات التي ردّ بها القرآن الكريم على العقيدة اليهوديّة:
1- قوله تعالى: Nوَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَٰلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَM (التوبة: 30)، فردّ القرآن الكريم في هذه الآية على عقيدة الشرك بالله عند أهل الكتاب، مبيّنًا بطلانها، مشيرًا إلى المقاربة بينها وبين عقيدة الكفّار الذين كانوا يعبدون الأصنام لتقرِّبهم إلى الله تعالى زلفى.
2- قوله تعالى: Nوَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًاM (المائدة: 64)، ثمّ ردّ الله في هذه الآية على ما أثبته اليهود لله(عزّ وجلّ) من صفات النقص، مشيرًا إلى فساد عقيدتهم وطغيانهم فيها.
3- قوله تعالى: Nوَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَM (المائدة: 18)، وهذه الآية هي الأخرى تشير إلى صورة من صور الإشراك بالله عند أهل الكتاب، وهي دعوى أُبوّة الله تعالى لهم.
4- قوله تعالى: Nوَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ بَلَىٰ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَM (البقرة: 80-81)، وقوله تعالى: Nذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَM (آل عمران: 24)، يدحض القرآن الكريم في هذه الآية ما ذهب إليه اليهود من أنّ الله فضّلهم على غيرهم من البشر، وأنّه لن يعذبهم مهما كسبوا من الخطايا والذنوب.
وبناءً على ما تقدّم لا يمكن عدّ الدراسات التي حرصت على بثّ فكرة تأثّر القرآن بالديانة اليهوديّة منصفة؛ لأنّ أيّ مترجم للقرآن الكريم ينبغي أن يكون عارفًا بأساسيّات العقيدة القرآنيّة؛ ليميّز من خلال ذلك مدى البَون الشاسع بين عقيدة الإسلام، وبين تحريف التوراة، خصوصًا وأنّ القرآن الكريم وضع الخطوط الواضحة لذلك، وميّز بين ما يدعو إليه من التوحيد وبين بطلان عقائد وتشريعات اليهود التي أقحموها في توراتهم؛ تحقيقًا لمصالحهم وغاياتهم الدنيوّية.
ب- القرآن يردّ على العقيدة النصرانيّة: تناول القرآن الكريم العقيدة النصرانيّة في آيات كثيرة، وبين بطلانها مشيرًا إلى خطورة ما أتى به أهل الكتاب من تحريف لكتبهم المقدّسة، وﭐبتعادهم عن ما أراده الله تعالى لهم، وما أمرهم به نبيّهم الكريمs، ومن أبرز الآيات التي ردت على العقيدة النصرانيّة:
1- قوله تعالى: Nوَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَٰهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِM (النحل: 51).
2- قوله تعالى: Nوَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًاM (مريم: 88-93).
3- قوله تعالى: Nإِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَM (الزخرف: 59).
4- قوله تعالى: Nلَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌM (المائدة: 73).
5- قوله تعالى: Nوَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ...M (النساء: 171-172).
6- قوله تعالى: Nوَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌM (المائدة: 116-117).
7- قوله تعالى: Nمَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَM (المائدة: 75).
وهذا يدلّ على أنّ الاختلافات بين القرآن الكريم والعهدين ليست بالاختلافات اليسيرة كما يصوّرها مترجمو القرآن الكريم الغربيّين، بل أنها تمسّ جوهر الديانتين وحقيقتهما، فقد وقع الاختلاف في قضيّة التوحيد الذي يعتبر من أهمّ القضايا، وهو أوّل أصل في الإسلام، «وبالإضافة إلى الفارق الشاسع بين المفهومين القرآني والكتابي عن الله، والتناقض الرهيب بين أساطير الكتاب المقدّس وحقائق القرآن، فإنّنا نذكر ذلك الموقف العدائي الذى وقفه مجتمع اليهود في المدينة تجاه النبيّs، وهو ما يعطي برهانًا بالغًا على خطأ الافتراض الذى يقول إنّ اليهود والنصارى قد ساعدوه في كتابة القرآن، ولقد ذكر (بوكاي) (Bucaille) حججًا بالغة أيضًا في هذا الصدد»[41].
ولا يعني ذلك أن ننفي وجود تشابه بين القرآن الكريم والعهدين، بل إنّ التّشابه موجود وهو أمر طبيعي؛ لأنّ الأديان كلّها من مصدر واحد، ولكن هذا التشابه ليس مبرّرًا لمترجمي القرآن الكريم الغربيّين للتصريح في مقدّمات وحواشي ترجماتهم بأنّ القرآن الكريم قد أخذ تعاليمه وتشريعاته من الكتب المقدّسة، بل و«إنّ وحدة المصدر تجعل من الممكن وجود تشابه القصص القرآني مع القصص التوراتي، كما الشأن في وحدة الغاية، والمتمثّلة في إخضاع الناس لأمر الله تعالى، وما سنّه من شرائع تهدف إلى تحقيق مصالحهم الدينيّة والدنيويّة»[42].
والواقع أنّ التشابه ينبغي أنّ يكون أكثر من ذلك، ولكن ما حصل من تحريف وتزوير للعهدين، ﭐبتداءً من الابتعاد عن توحيد الله، والإشراك به، ومرورًا بالقصص التوراتي، هي التي دسّ فيها اليهود ما شاءوا من تحريف، وقلب للحقائق، جعل الاختلاف كبيرًا بين القرآن الكريم والكتب السابقة، و«إنّ المقارنة بين القصص القرآني، والقصص في الكتب السابقة، توضح مدى التحريف الذي تعرّضت له الكتب السابقة، فهم يرمون القرآن بالأخذ منهم حتّى يدرأ ما بكتبهم من تحريف، فالقصص المذكورة في الكتب السابقة، يطغى عليها الجانب المادّي والصنعة البشريّة التي تهتمّ ببعض التفاصيل والجزئيّات التي لا تظهر في القصص القرآني، كما إنّ كتابة هذه القصص في الكتب السابقة، تحوي صورًا فاحشة لا يليق أن يكون مثلها في الكتب المقدّسة»[43].
يتبيّن ممّا سبق إصرار المستشرقين الغربيّين الذين درسوا القرآن الكريم وعلومه على التمسّك بكل تهمة يمكن أن توصلهم إلى افتراض أنّ القرآن الكريم لم يأتِ عن وحي من الله تعالى؛ تحقيقًا لأهدافهم المغرضة في معاداة الإسلام، والطعن في القرآن الكريم بكلّ وسيلة تمكّنهم من ذلك، وإن كان على حساب المنهج العلمي، والموضوعيّة.
الخاتمة
بعد إتمام هذه الدراسة بمعونة الله وفضله، أرجو منه تعالى أن أكون قد وفّقت فيها، وقد توصّلت هذه الدراسة إلى مجموعة من النتائج يمكن إجمالها بالآتي:
أوّلًا: يتعامل المستشرقون مع القرآن الكريم بمنهج عقلي مجرّد، بعيدًا عن القدسيّة، من خلال نسبته إلى شخص النبيّs، في محاولة للطعن بمصدر القرآن الإلهي، وجعله صناعة بشريّة خاضعة للنقد.
ثانيًا: يتجلّى مذهب المستشرقين في القول ببشريّة القرآن الكريم بشكل صريح في عناوين الترجمات القرآنيّة، التي أعدّوها، والتي يحمل غالبها عنوانًا يقضي بنسبة القرآن الكريم إلى النبيّ محمّدs.
ثالثًا: حاول المستشرقون الارتكاز على قضيّة الشبه بين القرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل، للقول بعدم وحيانيّة القرآن الكريم، وعدّه من تأليف النبيّs، بعد اطّلاعه على الكتب السماويّة السابقة.
رابعًا: لا يمكن اعتبار التّشابه الموجود بين القرآن الكريم، والعهدين، دليلًا على بشريّة النصّ القرآني، بل لا بدّ أن يكون ذلك دليلًا على وحدة المصدر الإلهي، ودليلًا على ما وقع على الكتب السابقة من تحريف.
خامسًا: إنّ الاختلافات بين القرآن الكريم، والعهدين جوهريّة، تمسّ صميم العقيدتين، وهي تتعلّق بأصول الديانة، وقد صرّح القرآن الكريم بذلك في مواضع كثيرة، ودحض ما أوجدوه من تبديل، وتحريف.
سادسًا: إنّ تعامل المستشرقين مع القرآن الكريم بهذا النهج، يدلّ على أنّ الدراسات الاستشراقيّة، تتعامل مع القرآن الكريم بطريقة مختلفة عمّا تتعامل به مع غيره من الظواهر، أي بطريقة بعيدة عن الموضوعيّة، بل تتأثّر باعتقادات مسبقة، وخلفيّات عقديّة، تشبّع بها ذهن المستشرق.
لائحة المصادر والمراجع
1. القرآن الكريم.
2. أبو عيشه، د. الأمير محفوظ، دراسات استشراقية معاصرة للقرآن الكريم، المدرستان الفرنسيّة والألمانيّة، أنموذجًا تحليل ونقد، العتبة العباسية، النجف، ط1، 2020م.
3. الأديان والمذاهب، مجموعة مؤلفين جامعة المدينة العالمية، د.ط، د.ت.
4. بدوي، د.عبد الرحمن، موسوعة المستشرقين، دار العلم للملايين، بيروت، ط3، 1993م.
5. بن عبد العزيز، الخلف سعود، دراسات في الأديان اليهوديّة والنصرانيّة، مكتبة أضواء السلف، الرياض، ط4، 2004م.
6. التمسماني، محمد حمادي الفقير، التراجم الاستشراقية لمعاني القرآن إلى اللغات الأجنبية، مجلة الفرقان، العدد 28، 1413هـ، الرابط:
http://www.mltzm.com/vb/showthread.php/.
7. خليفة، د. محمد، الاستشراق والقرآن العظيم، ترجمه: مروان عبد الصبور شاهين، دار الاعتصام، القاهره، ط1، 1994م.
8. شايب، د. لخضر، نبوّة محمّد في الفكر الاستشراقي المعاصر، مكتبة العكيبان، الرياض، ط1، 2002م.
9. الشرقاوي د . محمد عبد الله، الاستشراق وتشكيل نظرة الغرب للإسلام، دار البشير، مصر، ط1، 2016م.
10. الصهناجي، أنس، القرآن في الدراسات الاستشراقيّة الفرنسيّة، مجلّة الدراسات الاستشراقية، العدد 8، صيف 2016م.
11. الطريحي، سحر جاسم، الدراسات القرآنيّة في الاستشراق الألماني، أطروحة الدكتوراه، كلية الفقه، جامعة الكوفة، 2012م.
12. طه، محجوب أحمد، نظرة المستشرقين للإصلاح والتجديد في الإسلام في ملتقى أهل التفسير، مقال في ملتقى أهل التفسير نشرته جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، العدد 16، 2008م.
13. عبد الحليم، محمد، قراءات المستشرقين لنصّ القرآن الكريم، المجلّة التعليميّة، المجلد 11، العدد الاول، 2021م.
14. عبد الرحمن، محمود، رحلة إيمانية مع رجال ونساء أسلموا، د.ط، د.ت.
15. العتابي، ليث، القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقيّة، معهد الإمام الحسين للدراسات التخصّصيّة، النجف، ط1، 2018م.
16. العفاني، سيد بن حسين، وامحمّداه إنّ شانئك هو الأبتر، دار العفاني، مصر، ط1، 2006م.
17. العقيقي، نجيب، المستشرقون، دار المعارف، القاهرة، ط4، د.ت.
18. العكلة، حمدان، ترجمة القرآن في الاستشراق الفرنسي، دراسات استشراقية، العدد 36، 2023م.
19. فرحات، د. عبد الحكيم، إشكاليّة تأثّر القرآن الكريم بالأناجيل في الفكر الاستشراقي الحديث، د.ط، د.ت.
20. مجموعة باحثين، موسوعة الملل والأديان، أشرف عليهم: السقاف علوي عبد القادر، موقع الدرر الصينية على الانترنت، الرابط: https://dorar.net.
21. النصراوي، أ. د. عادل عباس، أساسيات فهم النص القرآني ومصادر دراسته عند المستشرقين، مجلة دراسات استشراقيّة، العدد 7، ربيع 2016م.
22. الهاشمي، صالح بن الحسين الجعفري أبو البقاء، تخجيل من حرف التوراة والإنجيل، تحقيق: محمود عبد الرحمن قدح، مكتبة العكيبان، الرياض، ط1، 1998م.
[1](*)- باحثة في الاستشراق، العراق - جامعة الكوفة.
[2]- النصراوي، عادل عباس، أساسيّات فهم النصّ القرآني، دراسات استشراقيّة، ص27.
[3]- أساسيّات فهم النصّ القرآني، م.س.
[4]- ظ: عبد الحليم، محمد، قراءات المستشرقين لنصّ القرآن الكريم، ص70.
[5]- بوكاي، ولد عام 1920، كان طبيبًا فرنسيًّا ورئيس قسم الجراحة في جامعة باريس، ونشأ على المسيحيّة الكاثوليكيّة، ثمّ اعتنق الإسلام عام 1983م بعد أن درس الكتب المقدّسة مقارنة بينها وبين القرآن الكريم، وخاصّة في قصة غرق فرعون، فألّف كتابه التوراة والقرآن والعلم، وهو دراسة للكتب المقدّسة في ضوء المعارف الحديثة، ويعتبر من أهمّ مؤلّفاته الذي أخذ صدى واسعًا، فقد ترجم عن لغته الأصليّة الفرنسيّة إلى اللغة العربيّة والإنجليزيّة والأندونيسيّة والفارسيّة والتركيّة والألمانيّة ولغات أخرى، وله كتاب القرآن الكريم والعلم العصري، تناول فيه الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، للمزيد ظ: محمود، عبد الرحمن، رحلة إيمانيّة مع رجال ونساء أسلموا، ص190 وما بعدها.
[6]- أساسيات فهم النص القرآني، م.س، ص27.
[7]- يوهان فوك، ولد عام 1894م، وتخصّص في دراسة القرآن الكريم والشريعة والمذاهب والفرق، وهو أستاذ اللغة العربيّة في جامعتي ليبزيج وهاله، ومن أهمّ آثاره العربيّة، لغة وأسلوب، وكتاب العربية فقهًا وأدبًا، وكتاب الدراسات العربيّة في أوروبا، وله العديد من المباحث حول الدين الإسلامي وتاريخه، للمزيد ظ: العقيقي، نجيب، المستشرقون، ج2، ص798.
[8]- رودنسون: ولد عام 1915م، تخصّص في دراسة القرآن الكريم والإسلام ونبيّه والفلسفة والحضارة الإسلاميّة، له العديد من الآثار في مجال تخصّصه منها، كتاب محمّد، وكتاب الرأسماليّة والإسلام، وكتاب المركزيّة والعالم الإسلامي، وعظمة الإسلام، للمزيد ظ: المستشرقون، م.س، ج1، ص328.
[9]- الشرقاوي، محمد، الاستشراق وتشكيل نظرة الغرب للإسلام، ص123.
[10]- تور أندريه، مستشرق سويدي، ولد عام 1885م، تخّصص في تاريخ الأديان والعقيدة، سمّي أستاذًا للعلوم الدينيّة في جامعة ستوكهلم، من آثاره، النصرانيّة، الدين الكامل، وأنا أؤمن بالله، ومحمّد حياته وعقيدته، للمزيد ظ: ويكيبيديا
https://ar.wikipedia.org
[11]- الاستشراق وتشكيل نظرة الغرب للإسلام، م.س، ص123.
[12]- ظ: العتابي، ليث، القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقيّة، ص72.
[13]- أبو عيشه، الأمير، دراسات استشراقية معاصرة للقرآن الكريم، ص186.
[14]- ظ: قراءات المستشرقين لنص القرآن الكريم، م.س، ص70.
[15]- دراسات استشراقيّة معاصرة للقرآن الكريم، م.س، ص186.
[16]- الصنهاجي، أنس، القرآن في الدراسات الاستشراقية الفرنسية، ص42.
[17]- الاستشراق وتشكيل نظرة الغرب للإسلام، م.س، ص126.
[18]- ثيودور نولدكه (Theodor Noldeke)، ولد في هامبرج في 2 آذار 1836م، ودرس فيها اللّغة العربيّة، ودرس في جامعة ليبزيج وفيينا وليدن وبرلين. عُيِّن أستاذًا للّغات الإسلاميّة والتاريخ الإسلامي في جامعة توبنجن، وعمل أيضًا في جامعة ستراستبرج. اهتمَّ بالشعر الجاهلي وبقواعد اللغة العربيّة، وأصدر كتابًا بعنوان مختارات من الشعر العربي من أهمِّ مؤلّفاته كتابه تاريخ القرآن نشره عام 1860م، وهو رسالته للدكتوراه، وفيه تناول ترتيب سور القرآن الكريم، وحاول أن يجعل لها ترتيبًا ابتدعه. ذكر عبد الرحمن بدوي أنّ نولدكه يعدّ شيخ المستشرقين الألمان، للمزيد ظ: موسوعة الملل والأديان، مجموعة من المؤلفين، ص710.
[19]- ظ: أساسيات فهم النص القرآني، دراسات استشراقية، م.س، ص29.
[20]- خليفة، محمد، الاستشراق والقرآن العظيم، ص39.
[21]- أساسيّات فهم النصّ القرآني، م.س، ص24.
[22]- جيجر، هو حبر يهودي ولد عام 1810م، وشرع في تعلّم العلوم الدينيّة اليهوديّة، ثمّ بدأ بتعلم اللغة العربيّة واليونانيّة، وكان من أبرز المؤسّسين لمهد اللاهوت اليهودي في برسلا، ويُعدّ من اليهود الإصلاحيّين، فقد حارب فكرة الصهيونيّة معظم إنتاجه العلمي يدور حول موضوعات يهوديّة وأهمّها الكتاب الأصلي وترجمة الكتاب المقدّس، وكتاب ما أخذ محمّد من اليهوديّة، للمزيد ظ: بدوي، عبد الرحمن، موسوعة المستشرقين، ص222.
[23]- الطريحي، سحر جاسم، الدراسات القرآنية في الاستشراق الألماني، ص31.
[24]- التلمود، هو الكتاب الثاني المقدّس عند اليهود، ويحتوي على تعاليم وآداب اليهوديّة، يقدّسه ويعظّمه الفرّيسيّون من اليهود، وتنكره باقي الفرق اليهودية، للمزيد ظ: الخلف، سعود، دراسات في الأديان اليهوديّة والنصرانيّة، ص120.
[25]- الأبوكرافيا، وتسمّى بالأناجيل المنحولة أو غير القانونيّة والتي استبعدتها الكنيسة وأمرت بإتلافها؛ لأنّها تخالف عقائد النصرانيّة التي صارت إليها الكنيسة، ولم يبقى من هذه الأناجيل المستبعدة سوى إنجيل برنابا، الذي تنكره الكنيسة؛ لما فيه من تصريح بتوحيد الله تعالى، والقول ببشريّة المسيح وإنكار صلبه، والبشارة بالنبيّ محمّدs وأمور أخرى، توافق ما جاء به القرآن الكريم، للمزيد ظ: الأديان والمذاهب، منهج جامعة المدينة العالمية، ص224.
[26]- الهاشمي، الجعفري صالح بن الحسين، تخجيل من حرف التوراة والإنجيل.
[27]- جيوم، مستشرق بريطاني ولد عام 1888م، تخصّص في دراسة الشريعة والقرآن الكريم، والحديث والحضارة الإسلاميّة عمومًا، ومن آثاره تراث الإسلام وآثر اليهوديّة في الإسلام واليهود والعرب للمزيد ظ: ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org
[28]- مونتجمري وات، ولد عام 1909 وتوفي عام 2006م وهو رئيس قسم الدراسات العربيّة في جامعة أدنبرة، له عدّةُ كتبٍ ودراسات، منها من تاريخ الجزيرة العربية 1927م، وعوامل انتشار الإسلام 1955م، ومحمد في مكة 1958م والإسلام والمسيحيّة اليوم، للمزيد ظ: وامحمداه إنّ شانئك هو الأبتر، العفاني، سيد حسين، ج4، ص342.
[29]- ظ: شايب، الخضر، نبوّة محمد في الفكر الاستشراقي المعاصر.
[30]- جولدتسهير، مستشرق مجري ولد عام 1850م، تخصّص في دراسة الإسلام والقرآن والشريعة والحديث، عيّن أستاذًا للّغات السامية في جامعة بودابست، أوّل وأهمّ أبحاثه في المسائل الإسلاميّة كتاب الظاهريّة مذهبهم وتاريخهم، ومن أشهر كتبه محاضرات في الإسلام، واتجاهات تفسير القرآن عند المسلمين، للمزيد ظ: المستشرقون، م.س، ج3، ص906.
[31]- طه، محجوب أحمد، نظرة المستشرقين للإصلاح والتحديد في الإسلام.
[32]- لوبون، مستشرق فرنسي، ولد عام 1841م، وهو طبيب ومؤرّخ وعالم آثار، ويعدّ من كبار فلاسفة الغرب، وكان له ﭐهتمام كبير بالحضارة الشرقيّة، من أشهر آثاره: حضارة العرب، وحضارات الهند، وباريس 1884م والحضارة المصريّة وحضارة العرب في الأندلس وسرّ تقدّم الأمم وروح الاجتماع، الذي كان إنجازه الأوّل، للمزيد ظ: ويكيبيديا الموسوعة الحرة:
https://ar.wikipedia.org
[33]- التمسماني، محمد حمادي الفقير، التراجم الاستشراقية لمعاني القرآن إلى اللغات الأجنبيّة، ص30، رابط البحث:
http://www.mltzm.com/vb/showthread.php?t
[34]- الاستشراق وتشكيل نظرة الغرب للإسلام، م.س، ص127-128.
[35]- العكله، حمدان، ترجمة القرآن في الاستشراق الفرنسي، دراسات استشراقية، ص42 .
[36]- فرحات، عبد الحكيم، إشكاليّة تأثّر القرآن الكريم بالأناجيل في الفكر الاستشراقي الحديث، ص6.
[37]- ريتشارد بيل، مستشرق بريطاني، ولد عام 1876م، من رجال الدين، وأستاذ اللغة العربيّة بجامعة أدنبرا، اهتمّ بدراسة القرآن الكريم وتاريخه، وكذلك الحديث النبويّ، وعمل على ترجمة القرآن الكريم عام 1937م، وله العديد من المباحث حول القرآن الكريم والحديث النبوي، والتاريخ الإسلامي، للمزيد: المستشرقون، م.س، ج2، ص527.
[38]- الاستشراق والقرآن العظيم، م.س، ص47.
[39]- كلير تيسدل، مستشرق إنجليزي، ولد عام 1859م، وهو مؤرّخ ولغوي ومنصر، اهتمّ بالبحث في مسألة أصول الإسلام، ألّف كتاب مصادر الإسلام، للمزيد ظ: ويكيبيديا الموسوعة الحرة https://arz.wikipedia.org
[40]- إشكالية تأثر القرآن الكريم بالأناجيل في الفكر الاستشراقي الحديث، م.س، ص7.
[41]- الاستشراق والقرآن العظيم، م.س، ص47.
[42]- قراءات المستشرقين لنصّ القرآن الكريم، م.س، ص73.
[43]- م.ن، ص74.