البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

آسين بلاثيوس في الكتابات العربية المعاصرة

الباحث :  أ. د. أحمد عبد الحليم عطية
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  17
السنة :  السنة الخامسة شتاء 2019م / 1440هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 18 / 2019
عدد زيارات البحث :  3692
تحميل  ( 1.002 MB )
مقدمة:
تحتاج جهود المستعرب الإسبانى المعاصر ميغيل آسين بلاثيوس Miguel Asin Placios (1871-1944) إلى عناية كبيرة من الباحثين العرب المعاصرين، ليس فقط لبيان فضله الكبير على الدراسات العربية الإسلامية في إسبانيا، ولكن أيضاً لمناقشة القضايا التي طرحها، والآراء التي قدمها، والمنهج الذي استخدمه للكشف عن الدور الكبير لهؤلاء الرواد للحياة العقلية في إسبانيا، وللتأثير الكبير الذي مارسوه على اللاحقين عليهم، والتفاعل الخصب بين، لا فقط الديانتين الإسلامية والمسيحية، بل والحضارتين العربية الوسيطة والإسبانية الحديثة ما يجعله بحق من رواد ما يسمى ب «حوار الحضارات»، على ألا يفهم هذا المصطلح باعتباره حواراً خارجيّاً بين حضاراتٍ مختلفةٍ، بل حواراً روحانيّاً داخليّاً بين حضاراتٍ ذاتِ طبيعةٍ واحدةٍ تكوّن خصائص الفكر والثقافة الأسبانية، وتحدّد معالم تاريخها الخاص.
إنه دينٌ في أعناقنا نحن أحفادَ الفلاسفة والصوفية المسلمين؛ الذين كرس آسين بلاثيوس جهوده للكشف عما قدموه للفكر الإنسانى، وأعاد لهم حضورهم القوى بعد نسيانٍ طويلٍ، ومن هنا أقبل الباحثون العرب على أعمال المستعرب الكبير دراسةً وبحثاً، ترجمةً وشرحاً، تعليقاً وتعقيباً؛ لبيان دوره في الدراسات الإسلامية في إسبانيا، خاصةً الدراسات الفلسفية والصوفية، ومهمتنا هنا عرض صورة بلاثيوس في كتابات هؤلاء؛ سواء من ترجموا أعماله أو عرضوا لها أو قدموا وجهات نظرٍ أخرى فيما طرحه من قضايا.
والحقيقة أن صورة ميغيل آسين بلاثيوس هى صورة الباحث الإسبانى الجاد الدؤوب المثابر على درس تاريخ بلاده الثقافي، والراهب المسيحى الساعى لبيان أثر المسيحية في الكتابات الإسلامية، وتأثير الأخيرة في الأولى. وهو في كل الأحوال يحظى باحترامٍ كبيرٍ لدى من كتب عنه بالعربية.
1- ويهمنا في البداية أن نعرض لشهادات الباحثين العرب الذين تناولوا أعمال بلاثيوس، ونحلل آراءهم المختلفة في جهوده لبيان صورته كما قدمها هؤلاء.
1 - 1 - لقد كتب د. محمد بن عبود في «مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية» عن «منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامى» مُركّزاً بصفةٍ خاصةٍ على لويس ماسينيون وميغيل آسين بلاثيوس: «الذين استطاعوا أن يرتفعوا بأعمالهم فوق أغلب زملائهم المعاصرين لهم، وأن يمدوا الدراسات الإسلامية بإسهامٍ من أكثر الإسهامات التي تنم عن عمقٍ دراسيٍّ وأصالةٍ على الرغم من وقوعهم تحت تأثير ما نسميه بالروح الاستعمارية (التى سادت) عصرهم»[1]. ويضيف في الدراسة نفسِها «أننا نجد في حالة ماسينيون وبلاثيوس أن مستواهما العلمي قد وصل شأواً بعيداً من الكمال وأن نظرياتهما قد أثّرت على زملائهما تأثيراً قويّاً بحيث يمكننا أن نعتبرهما مسؤوليْن عن تكيّف الدراسات الإسلامية في تطورها الذي حدث بفرنسا وإسبانيا على التوالي»[2].
يفصح ابن عبود عن نظرته لبلاثيوس الذي يقرنه بماسينيون باعتباره متميزاً عن أقرانه من المستشرقين مشيداً بالنزاهة العلمية والدقة في البحث، وتأثيرهما على غيرهما ما جعلهما بدايةً وعلامةً مميزةً للدراسات الإسلامية. «فكلاهما أكد على البعد الديني في التاريخ الإسلامي. وكلاهما يكنّ للإسلام احتراماً عميقاً يندر وجوده بين مؤرخي جيلهم»[3].
1 - 2 - ونجد الموقف نفسَه لدى د. الطاهر أحمد مكي الذي اهتم اهتماماً كبيراً بدراسات بلاثيوس، وترجم له عدداً من الأعمال فهو يراه[4] «عالماً ثبتاً وحجةً في الفلسفة الإسلامية وقف عليها حياته: نشر مخطوطاتٍ ودراسةَ تراثٍ، وحرر فيها عدداً هائلاً من الرسائل والأبحاث وترجم إلى الإسبانية أمهات كتب الفلسفة الإسلامية في الأندلس[5]. ويكرر الرأي نفسَه في كتابه «دراساتٌ أندلسيةٌ»: فبلاثيوس «وقف حياته على دراسة الفلسفة الإسلامية بعامةٍ وفي الأندلس بخاصةٍ، وكان دوره عظيماً ورائعاً: ترجم روائعها إلى الإسبانية، ونشر عدداً من مخطوطاتها المجهولة، وتتبع روافد العطاء والأخذ بينها وبين الفلسفة الأوربية ولايدانيه في عمق تمكنه أحدٌمن المستشرقين»[6]. وخصص له-في ملفٍّ أصدرته مجلة الهلال عن أعلام الاستشراق– دراسةٌ بعنوان «آسين بلاثيوس دفاعٌ عن الفلسفة الإسلامية» موضحاً تميز الاستشراق الإسباني الحديث بأنه كان استشراقاً قوميّاً إن صح هذا التعبير، غايته أن يدرس تاريخ إسبانيا نفسها حين كانت لغتها العربية، ودينها الإسلام، على امتداد فترة تتجاوز التسعمائة عام مؤكداً على تبنيه مقولة أستاذه خوليان ريبيرا. «إسبانية التراث العربي في الأندلس»[7]. وإنه قد استغرق كل جوانب الفلسفة الإسلامية في الأندلس دراسةً وتتبعاً لما هو مجهولٌ من مخطوطاتها.. ولم يكن يتردد في الدفاع عن الموقف الإسلامي في مواجهة مستشرقين أوربيين آخرين علمانيين. وكان الوحيد الذي وقف في مواجهة المستشرق الهولندي رينهارت دوزي حين عرض لعفة ابن حزم في حبه وردها إلى أصولٍ إسلاميةٍ»[8].. ومع هذا فهو يرى أننا يجب أن نضع في الاعتبار دائماً أنه كان راهباً من رجال الكنيسة الكاثوليكية في إسبانيا، وفي أظلم أيامها، يخضع نشاطه ودراساته وكل ما ينشر لرقابة الكنيسة مسبقاً وموافقتها بدءًا، وهو بحكم وضعه ملزمٌ بخدمة أهدافها كما يتلقاها من رؤسائه ولا حرية له في رفض ما يطلب منه أو تركه أو انتقاده»[9].
ويتضح من شهادة الطاهر مكي صورة بلاثيوس العالم الحجة الثقة المتخصص في الدراسات الإسلامية وبالتحديد الفلسفة والتصوف ودوره الكبير في دراستها وترجمتها وتحقيق نصوصها، إلا أنه يمدنا بملمحين هامين في الصورة: أولهما الملمح القومي الوطني، الذي يدرس التراث العربي الإسلامي باعتباره تراثاً إسبانيا قوميّاً وجزءًا من تاريخ ثقافة بلاده، والملمح الثاني هو التوجه الديني المسيحي المتعاطف مع الإسلام، لكنه ينطلق ويسير في إطار رؤاه الدينية ويلتزم بها. وهذا الملمح الثاني هو ما أكد عليه ميكيل ديإيبالثا في بحثه المقدم للمؤتمر الثالث للدراسات الأندلسية بالقاهرة عن «بعض الأحكام اللاهوتية عند آسين بلاثيوس عن الإسلام»[10]. بينما نجد الباحث العراقى د. حكمت الأوسي يؤكد على هذا الملمح في دراسته عن «أعلام الاستشراق الإسباني: آسين بلاثيوس»، موضِّحاً إجلاله للمستعرب الكبير بقوله: «لقد كان ميغيل آسين بلاثيوس عَلَماً كبيراً من أعلام الاستشراق الإسباني، اِمتاز بوجدانٍ علميٍّ أخلاقيٍّ صافٍ، بعيدٍ عن الميول والأهواء وعنعنات الأغراض والعصبية التي تشوّه الحقائق الموضوعية وتزوّر الوقائع التاريخية، فكان يُعلن بكل شجاعةٍ ونبلٍ ما يتوصل إليه بنظره العلمي وبحثه الموضوعي، من الحقائق التي يؤلم الإعلان عنها قومه ويثير القول فيها رجال دينه مع أنه منهم نذر نفسه لخدمة الكنيسة والقيام بكل ما تتطلبه من واجبٍ من راهبٍ مخلصٍ متعبدٍ»[11]. ويشير إلى الملمح الأول بقوله: «إن الموضوع المركزي الذي شغل ذهن آسين طيلة حياته العلمية هو دراسة التأثير المتبادل بين الإسلام والمسيحية والسعي العلمي الحثيث إلى ضم أمجاد الفكر الإسلامي الأندلسي وأمجاد الأدب الأندلسي إلى التراث الوطني الإسباني المشترك والدفاع عن وحدة الجهود الثقافية الإنسانية»[12].
1 - 3 - ويعتني عبد الرحمن بدوي عنايةً كبيرةً بدراسات بلاثيوس ويعتمد عليها في كتاباته خاصة «دور العرب في تكوين الفكر الأوربي» حيث يؤكد أن «أثر التصوف الإسلامي في نشأة التصوف الأوربي أمرٌ لم يعد من الممكن إنكاره بعد الدراسات الممتازة التي قام بها المستشرق الإسباني العظيم «آسين بلاثيوس» وأيدتها النصوص الجديدة التي تنكشف باستمرار[13]. ويوضح لنا جهود المستعرب الإسباني في هذا المجال ويترجم كتابه «ابن عربي حياته ومذهبه» ويتوسع في الحديث عنه في موسوعة المستشرقين[14]. يرى بدوي أن «آسين بلاثيوس مستشرقٌ ممتازٌ وباحثٌ واسع الإطلاع، عبقري الوجدان، له الفروض الثورية في التأثير والتأثيرات بين الأفكار والمذاهب وكبار المفكرين»[15].. وهو بارع التحليل عميق الفهم، يتقصي أطراف الموضوع، ويملك ناحية البحث. ولهذا جاءت دراساته من هذه الناحية ممتازةً خليقةً بعناية الباحثين»[16]. لقد كان طودًا شامخاً من أطواد الاستشراق، وبه رسخت أقدام البحث العلمى الممتاز في التاريخ الإسلامى الروحي في إسبانيا»[17].
وهذا هو نفس موقف الباحث السوري د. محمد رضوان الداية في تحقيقه لكتاب «الحدائق في المطالب الفلسفية العالية العويصة»، الذي سبق لبلاثيوس الكتابة عنه في العدد الخامس من مجلة الأندلس 1940، والذي يضمّن المحقق السوري ترجمة لمقدمته في تحقيقه، ويصفه «بالباحث الإسباني القدير المحب للثقافة العربية الإسلامية، والذي قدم جهوداً عظيمةً في الأدب العربي والفلسفة الإسلامية، وكان له شأنٌ خاصٌّ في حقل تبيّن الأثر الإسلامي في الفكر الأوربي»[18].
إلا أن بدوي ينتقده في المنهج الذي تناول به الفكر الإسلامي، وأعلامه، وعلاقته بالفكر الأوربي. فبعد أن يشيد بفروضه الثورية في التأثير والتأثيرات. يستدرك قائلاً «لكن آفة آسين بلاثيوس في الوقت نفسه اندفاعه أحياناً في تلمس الأشباه والنظائر، استناداً إلى قسماتٍ عامةٍ ومشابهاتٍ قد تكون واهيةً.. وغلوه في هذه الناحية كثيراً ما يباعد بينه وبين تقرير الحقائق التاريخية، وهذا الغلوّ يظهر أجلى ما يظهر في كتابه الذي نقوم بترجمته للعربية، ولهذا ننبه هنا إلى أنه ينبغي أن نأخذ أقواله هنا فيما يتعلق بالتأثير والتأثر بأشد الحذر لأن منهجه هنا غير محكمٍ»[19]، ويكرر منبهاً القارئ إلى النقد نفسه في مواضع أخرى[20]. ويضيف «والمآخذ التي أخذناها عليه فيما يتصل بكتابه عن أبن عربي هي بعينها التي نأخذها على كتابه عن العزالي: غلو وشطط في تلمس الأشباه والنظائر مع افتقار إلى الأسانيد المكتوبة أو الشفوية للدلالة على التأثير والتأثر»[21].
أن أهمية حكم بدوي يتركز في إشادته بجهد بلاثيوس من جهةٍ، وفي الوقوف عند المنهج التاريخي القائم على فكرة التأثير والتأثّر من جهةٍ ثانيةٍ، ذلك المنهج الأثير لدى بلاثيوس، والذي وجهت إليه انتقاداتٌ عديدةٌ. ورغم أن بدوي أشار إلى نموذجٍ من استخدام هذا المنهج في كتاب بلاثيوس «المصادر الإسلامية للكوميديا الآلهية» واستخدمه في بيان دور العرب في تكوين الفكر الأوربى، ولم يوجه إليه النقد انطلاقاً من دراسات اتريكو تشرولى التي أكدت ما افترضه بلاثيوس. إلا أن نقده هنا-الذي يوضح ملمحاً أساسيّاً من صورة المستعرب الأسبانى– في محله تماماً ونوافقه عليه.
1 - 4 - ومقابل نقد بدوي لمنهج بلاثيوس في التأثير والتأثر ينظر د. حامد أبو أحمد لجهد بلاثيوس باعتباره تأكيداً «لعالمية أدب التصوف الإسلامي» في بحثه الذي يحمل العنوان نفسَه موضِّحاً الاهتمام الشديد الذي صاحب صدور الطبعة الثانية من كتاب «الإسلام على الطريقة المسيحية» 1982، لدرجة اعتباره أحد أهم عشرة كتب صدرت طوال 1982 حيث يستشهد بما كتبه ماريانو نافارو في الملحق الثقافي لجريدة الاثنين يقول: «وما يهمنا من هذا المقال هو ما جاء بشأن التأثير الكبير لمذهب ابن عربي على متصوفه الإسبان في العصر الذهبي، أي في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين وأهمهم سان خوان دي لاكروث وسانت تيرسا دي خيسوس أو ما يسمى عادة بالمدرسة الكرملية. ويعرض لنظرية التأثير الإسلامي على المدرسة الكرملية معتبراً ظهور نظرية بلاثيوس بمثابة قنبلةٍ انفجرت في أوساط اللاهوتيين ودارسي الآداب الرومانية»[22].
فإذا كانت عادة المستشرقين قد جرت على تقديم التصوف الإسلامي للقارئ الغربى بترجمة نصوصه أو عرضها، يصحب ذلك تعليقاتهم التي تهتم بدراسة المصادر التي نهل منها التصوف الإسلامي فإننا في عمل بلاثيوس «ابن مسرة ومدرسته» (كما يرى د. سليمان العطار) أمام محاولةٍ جادةٍ ومرهقةٍ لإقامة تاريخٍ شاملٍ للتصوف الأندلسي منذ بدايته-حسب ما ظن بلاثيوس– حتى نهايته، وامتداد هذا التصوف في التراث الأسباني والأوربي. ويعد العطار ما قدمه بلاثيوس «أكبر جهدٍ للتأريخ للتصوف الإسلامي في الأندلس»[23]. أما عن تأثير التصوف الإسلامي في المدرسة الكرملية في إسبانيا فيوضح أن ذلك كان على يد أقرب المتصوفة الأندلسيين تاريخيّاً إلى هذه المدرسة وهو «ابن عباس الرندي» المنتمى إلى المدرسة الشاذلية. ولا يمكن اعتبار التشابه بين سان خوان دي لاكروث والشاذلية صدفةً وبمحض الاتفاق، فابن عباد الرندي قريب الزمان من سان خوان دي لاكروث كما كان قريب المكان»[24]. ومع تأكيده على نظرية التأثر، فإن سليمان العطار، وانطلاقاً من عرضه لدراسة «ابن مسرة ومدرسته» يرى أن في عمل بلاثيوس تحليلاً مسرفاً لما بين يديه من أخبار»[25] متفقاً في ذلك مع بدوي.
ولن نتوقف-الآن– للتعقيب على هذه الصورة لبلاثيوس التي قدمها الكُتّاب العرب، ولا تحليل الملامح المميزة لشخصيته كما تحددت في كتاباتهم قبل عرض كتاباته في العربية سواءً أكانت أعمالاً مترجمةً أم أفكاراً مطبقةً في نفس مجال التخصص أو استدراكاً وإكمالاً لجهوده. وهذا هو موضوع الجزء الثاني من هذا البحث.
 2 - لقد قدم الكُتّاب العرب صورةً دقيقةً لحياة بلاثيوس وأعماله تعرض للتطور الفكري للمستعرب الإسباني، ودوره في الدراسات العربية الإسلامية. وأول هذه الدراسات ما قدمه عبد الرحمن بدوي في ترجمته لكتاب بلاثيوس «ابن عربي حياته ومذهبه» 1965 وأعادها ثانية في «موسوعة المستشرقين» 1984. كذلك كتب الطاهر أحمد مكي عن «بلاثيوس دفاعٌ عن الفلسفة الإسلامية» مجلة الهلال يناير 1976 وأعاد أجزاء من هذه الدراسة في بعض كتاباته التالية في سياق أبحاثه عن ابن حزم، وكذلك حكمت الأوسي «آسين بلاثيوس من أعلام الاستشراق الأسباني» مجلة الاستشراق، العدد 3 عام 1989. والحقيقة أن معظم هذه الدراسات تعتمد اعتماداً كبيراً على ما كتبه إميليو غراسياغوميزE. Gracىa Gَmez عن بلاثيوس في مجلة الأندلس المجلد الرابع Al-Andalus, 1944, كما صرح لنا هؤلاء الباحثون. وعلى هؤلاء اعتمد بقية من كتب عن بلاثيوس ممن لا يعرف الإسبانية مثل ما كتبه رضوان الداية في تحقيقه لكتاب ابن السيد البطليوسي «الحدائق».
2 - 1 -  إلا أن ما يهمنا هنا هو تقديم صورةٍ لأعمال آسين بلاثيوس التي ترجمت إلى العربية. ثم في الفقرة التالية نتناول أفكاره وكيف طبقت في بعض الأبحاث التي تناولت قضايا الأدب والفلسفة والتصوف الإسلامي في الأندلس، وموقف الباحثين العرب منها. وفي مقدمة هذه الأعمال كتابه عن «ابن عربي حياته ومذهبه» الذي نقله بدوي عن الأسبانية عام 1965.
واهتمام بلاثيوس كبير بابن عربي. كتب عنه عديداً من الدراسات فقد كتب عنه بحثاً قدم إلى مؤتمر المستشرقين بالجزائر عام 1905، وفي مجلة الثقافة الأسبانية بمدريد 1906، وفي نشرة مجمع التاريخ في أعداد 25، 26، 1928، والمتصوف ابن عربي، مدريد 25-1931، ونشر رسالته القدس، مدريد 1929 و«علم النفس عند ابن عربي»، ليروا باريس 1906 بالإضافة إلى تناوله في سياق دراساتٍ عديدةٍ مختلفةٍ لبيان أثره على اللاحقين عليه. وسوف نتوقف هنا للحديث عن كتابه المترجم إلى العربية. وهو يتكون من قسمين، الأول عن حياته في أربعة فصولٍ، والقسم الثاني عن مذهبه الروحي في خمسة عشر فصلاً. وهو يتناول حياة الصوفي المرسي مما ورد من نصوص تتعلق بحياته في كتبه خصوصاً «الفتوحات» لبيان الحياة التي عاشها هذا الصوفي «الإسباني» (ص3). فيعرض في الفصل الأول سنوات الشباب، والثاني جولاته في إسبانيا وأفريقيا، والثالث أسفاره في المشرق، والرابع السنوات الأخيرة. ويختتم هذا الجزء ببيان أنه «بفضل ابن عربي نفذت الروح الأفلاطونية المحدثة والمسيحية في حياة الإسلام وأفكاره، واستطاعت الثقافة التي شكلت الحضارة الغربية أن تصل-عن طريق الإسلام– إلى آخر حدود العالم الشرقي، وأن تساعد مساعدةً فعالةً في أن يثير اسم أفلاطون والمسيح-في نفوس بعض الأقليات الدينية المختارة– أفكاراً وعواطف من أعلى طرازٍ في المثالية» (ص98).
والنغمة السائدة في الكتاب بامتداد صفحات القسم الثاني هو رد مذهب ابن عربي في مجمله وتفصيلاته إلى أصول مسيحيةٍ سابقةٍ عليه. في حديثه في الفصل الأول من القسم الثاني عن «المصادر، والمنهج، والخطة» يقول: «سأتعرض على هامش كل مسألةٍ في التصوف والزهد وأثارها ابن عربي لنظائرها المتقدمة عليها في كتب الرهبانية المسيحية قبل الإسلام».. فإن هذه الدراسة عن روحانيات ابن عربي تحقق، على نحو متواضع، هدفين: فهي تسهم من ناحيةٍ في إيضاح لغز أصول الزهد والتصوف في الإسلام، ومن ناحيةٍ أخرى تقدم عن الدراسة المقارنة للظاهرة الدينية وثيقةً هامةً (ص109). ويعرض في الفصل الثالث من هذا القسم أجناس الحياة الروحية؛ ويتوقف عند الطريقة وأصلها المسيحي، وفكرة الشيخ وما يناظرها في المسيحية (117). ويذكر أن فلمون لقن قواعد الطريقة الرهبانية إلى تلميذه القديس باخوم قبل سنة 320م.. وقد بقيت لدينا واحدةٌ من القواعد منسوبةٌ إلى القديس أنطون بروايةٍ أو ترجمةٍ عربيةٍ، وهذا دليلٌ واضحٌ على احتمال تأثيرها في الإسلام (ص122). ويبين أن المرشد الروحي في الإسلام يسمى «شيخاً» وهي ترجمة حرفية لكلمة Presbyterus  أو Seni في الرهبانية المسيحية» (ص126) ومن المعتاد في حياة الصوفية في الإسلام أن يتولى المريدون القيام بخدمة الشيخ كما كان الشأن كذلك أيضاً في الرهبانية المسيحية» (128).
وفي الفصل الرابع «نظام المريدين» يتحدث عن الإرادة أو طلب الحق وسوابقها المسيحية (ص129). ويتناول عادات الصوفية ووصاياهم ويرى أننا يمكن أن نجد نظائرها في المسيحية (133) وبيان ابن عربي أن المريد بين يدي الشيخ مجرد أداةٍ وعليه أن يدع نفسه تنقاد لإرشاده وكأنه جثةٌ بين يَدَي الغاسل، هو التشبيه نفسُه الذي وضعه أغناطيوس دي لويولا، وله سوابقُ في كتب الرهبان المسيحيين في الشرق (141) وحتى الأوامر المخالفة للشريعة التي يأمر بها الشيوخ المريدين المسلمين على سبيل الامتحان لطاعتهم وإخلاصهم نجد سوابقَ لها ونماذجَ في الرهبانية المسيحية.
وفي الفصل الخامس «المنهج الصوفي» يعرض للطابع المسيحي له؛ يقول: «إن الوسيلة التي لا غنى عنها للنجاح هي أن يميت إرادته في طاعة شيخه وهو ممثل الله، فإنه لا يبقى عليه إلا أن يمتثل أوامر شيخه، مرشده الوحيد في الطريق وقائده في الجهاد الذي لا قائد غيره. وهذان التشبيهان اللذان يرجعان إلى أصلٍ مسيحيٍّ يمثلان عند ابن عربي وعند كلِّ صوفيٍّ مسلمٍ المنهج الروحي (145). والرهبان المسيحيون يسمونه agonisma (نضال) والمسلمون يسمونه مجاهدةَ (ص146). أما ما يسميه ابن عربي ب «الروحانية» فهو ما يقصده الصوفية المسيحيون «بالحياة الباطنية» (ص147)، ومنهج التصوف يقوم في الإسلام على النظرية الأفلاطونية المحدثة، (148) وفي تسميات ابن عربي للفضائل الصوفية الدليل المقنع على اتفاقها مع روح المسيحية (150) و«التوكل» هو الثقة بما عند الله.. يشبه في المسيحية تسليم الأمر لله ولإرادته (152).. ويختتم الفصل بأنه لا حاجة بنا إلى بيان ما في مذهب المحبة هذا (عند ابن عربي) من اتفاقٍ مع المسيحية، ففي اللهجة العاميّة وحتى في بعض القسمات المميزة نجد صدًى صادقاً لتعاليم الأنجيل وما كان يفعله الرهبان المسيحيون في المشرق(ص154).
ويبين التشابه في «وسائل بلوغ الكمال» موضوع الفصل السادس بين ابن عربي والرهبان النصارى. «فابن عربي لا يعالجها تفصيلاً» تحت هذا العنوان. لكنه يتفق مع الرهبان النصارى في اقتراح ممارسة غالبية وسائل الكمال (ص155-156). ومحاسبة النفس عند المسلمين كما هي الحال في رهبانية المسيحية الشرقية (ص160). والباحثون في الإسلام من الغربيين قد تناقشوا أمر الصلاة. وذهب البعض إلى بيان وجود بعض التشابه بينها وبين ما عند المسيحين في الملامح العامة (ص164). وكُتب ابن عربي لا تخلو من تأملات حقيقية من ذلك النوع السائد عند الرهبان والنصارى (ص171).
ويعرض في الفصل السابع للسماع وممارسته في الرهبانية المسيحية (172) فهو يبين أن الأوصاف الدقيقة التي يوردها ابن عربي في كتابه «الأمر المحكم» حول السماع توحي بالأولى أن السماع كان لا يزال بقسماته الإجمالية الجوهرية موجوداً لدى الجماعات التي وصفها الراهب كسيان في القرن الخامس الميلادي وقد لخصناها في مستهل هذا الفصل» (ص175). وفي تناوله «الخلوة» موضوع الفصل الثامن يتحدث عن العزلة في الرهبانية المسيحية (ص182)، قد عرف في الإسلام في عهد مبكر جداً نوعاً من التعبد الإرادي يقوم به عامة المؤمنين، فيه كثيرٌ من الشبه مع هذه الخلوة الديرانية» (ص183)، 184، وحتى الآن لا نعثر إلا بصعوبة على فروق جوهرية في مذهب ابن عربي ما جرى عليه الرهبان في المسيحية (ص186). ويتحدث في بداية الفصل التاسع عن الأحوال والمقامات موضِّحاً النسب المسيحي لهذه النظرية (ص189، 194). وفي نهاية هذا الفصل يذكر الأصول المسيحية لنظرية الكرامات (ص208). وفي الفصل العاشر عن المعرفة يعرض السوابق المسيحية لهذا المذهب». كذلك في حديثه عن «الفناء» في الفصل الحادي عشر، يتناول ما في نظرية الفناء من آثارٍ مسيحيةٍ وغير مسيحيةٍ (ص222)، فبعض الخصائص المميزة للفناء (الوجد) الذي وصفه أفلوطين وديونسيوس الأريوباغي والقديس أوغسطين نجدها من غير شكٍّ في المذهب الذي عرضه ابن عربي (ص227). والأمر نفسُه في الفصل الثاني عشر «تمييز النفوس» حيث يعرض لظهور هذه النظرية في التصوف المسيحي (ص229). كما يعرض النظائر المسيحية للرموز الإسلامية في «حب الله» الفصل الثالث عشر، وانتقال المسيحية إلى التصوف الإسلامي (ص237، ص244، 247، 248) ويعرض للعقيدة المسيحية في التجسد وأثرها في ابن عربي في الفصل الرابع عشر. الأصول «الاتحاد بالله» (ص251، 256)، ويؤكد على ذلك في ختام كتابه في الفصل الخامس عشر الذي يتناول فيه خصائص المذهب الروحي عند ابن عربي (ص259، 265، 267، 270، 271، 274).
لقد توقفنا أمام هذه النقاط التي تبرز الهدف الذي سعى إليه بلاثيوس في حديثه عن ابن عربي، وهو إبراز الأصول المسيحية لتصوفه، الذي ينتمي لإسبانيا المسيحية بقدر ما ينتمي للتصوف الإسلامي–ذي المصدر المسيحى في رأيه– الذي أثّر بدوره في الصوفية المسيحية فيما بعد خاصةً في المدرسة الكرملية.
2 - 2 - والعمل الثاني الذي تُرجم إلى العربية، هو أثر الإسلام في الكوميديا الإلهية الذي ترجمه عن النسخة الإنجليزية الملخصة جلال مظهر القاهرة 1980. وهو العمل الذي أشاد به كلُّ من كتب عن بلاثيوس بالعربية وعرض له بدوي بالتفصيل في كتابه «دور العرب في تكوين الفكر الأوربي»، وفي مقابل ذلك شككت بنت الشاطئ د. عائشة عبد الرحمن في قيمة الكتاب وذلك في كتابها «الغفران» القاهرة 1954 فقد أنكرت أن يكون لدانتي أيُّ صلة بالأدب الإسلامي عموماً، مقارِنةً بين عمل دانتي ورسالة الغفران، مشيدةً بالأولى على حساب الثانية، وكأن عمل بلاثيوس هو رد الكوميديا الإلهية إلى رسالة المعري متجاهلةً المصادر الإسلامية الأخرى التي أشار إليها المستعرب الإسباني، وقد رد عليها مترجم الكتاب إلى العربية في مقدمته التي تتناول أهمية الكتاب[26] يقول دوق البا في مقدمته للطبعة الإنجليزية أن هذا الكتاب هو أهم اكتشافات ميغيل آسين بلاثيوس، وهو الاكتشاف الذي بنيت عليه شهرته[27] وقد أقر نلينو بأن الكتاب عظيم القيمة باعتباره فتحاً جديداً لدراسات القرون الوسطى عموماً من حيث إنه أثبت تسلل الأفكار الإسلامية عن الحياة الأخرى إلى المعتقدات الشعبية المسيحية الغربية»[28].
وتتضح لنا العلاقة بين عمل دانتي ومصادره الإسلامية في عرضنا باختصار لمحتويات عمل بلاثيوس وفصوله المختلفة وهي تدور على التوالي حول:
- مقارنة قصة الإسراء والمعراج الإسلامية بكوميديا دانتي، الفصل الأول، الذي يتناول فيه أصل القصة «روايات الإسراء»، روايات المعراج، وتداخل قصتَي الإسراء والمعراج، ثم تعليقات المفسرين على القصة، فالقصص الرمزية الصوفية المستقاة من قصة المعراج، لدى البسطامي وابن عربي، الذي توفي قبل ميلاد دانتي بخمس وعشرين سنة يقول بلاثيوس: «لا شك في أن وجوه التشابه بين هذه الرحلة الرمزية وعروج دانتي إلى السماء إنما تبدو واضحةً جدّاً. والحق أن التعمق في دراسة الفقرات التي لخص فيها دانتي في مؤلّفيْه Monarchia وEpistiola a can Grandc della scala  المعاني الغامضة التي تنطوي عليها الكوميديا الإلهية، إنما يبين لنا بوضوحٍ تامٍّ كيف يتفق تفسير دانتي لمراميه مع قصة ابن عربي الرمزية»[29] ويعرض لنا ملامح التشابه في أحداث كلٍّ من القصتين لتوضيح هذا التطابق ويخرج من ذلك أنهما متشابهان في مادة الصياغة، والأحداث، والمرمى الرمزي وفي شخصياتهما الرئيسية والثانوية، وفي تصميم سماوات النظام الفلكي، وفي الاتجاه التعليمي للأفكار التي قدمها كلٍّ منهما (ص65) وأخيراً يعرض للمحاكيات الأدبية للقصة خاصة المعري في «رسالة الغفران» (ص66-79) ثم يلخص المقارنات بين عمل دانتي والآثار الإسلامية.
ويقارن في الفصل الثاني الكوميديا الإلهية بقصصٍ إسلاميةٍ أخرى عن الحياة بعد الموت (ص88) فيعرض للنار الإسلامية، والمطهر الإسلامي (الصراط)، وجنة الإسلام الأرضية، وكذلك جنة الإسلام السماوية كما وردت في الكوميديا الإلهية، ولا ينسى أن يؤكد أن اللاهوت المسيحى أصلٌ لهذه التصورات يقول: «تشرب الفلاسفة والصوفيون المسلمون أفكاراً استقوها من اللاهوت المسيحي ومن ميتافيزيقا الأفلاطونية المحدثة، ومن ثم عملوا على التخلص التدريجي من التصور الحسي للجنة، وذلك من خلال إعطائهم للنعائم المادية للجنة معانيَ صوفيةً رمزيةً» (ص141).
ولتأكيد فرضه يتناول الملامح الإسلامية في القصص المسيحية السابقة للكوميديا الإلهية في الفصل الثالث. يقول «أما طريقة البحث والمقارنة هذه فقد حملت في طياتها استنتاجاً لم أكن أتوقعه، فهي لم تؤكد فحسب أن الأصول الإسلامية كانت نماذج لملامح في الكوميديا الإلهية، وإنما كشفت أيضاً عن الأصل الإسلامي لقصص القرون الوسطى المسيحية ذاتها، ومن ثمة ألقت ضوءًا قويّاً على الموضوع بأكمله» (ص11). فيعرض بعد مقدمة قصص رؤى النار، وقصص وزن الحسنات والسيئات، وقصص الجنة، قصص الرحلات البحرية (وقد دارت موضوعات هذه القصص أيضاً حول زيارات لأماكن ليست في متناول الإنسان العادي، يمكن وصفها بأنها من مناطق الحياة الأخرى (ص197)، قصص النائمين، وأبطال هذه القصص أمراء أو رهبان يعودون إلى ديارهم بعد أن يزوروا الجنة الأرضية وهم يعتقدون أن غيابهم لم يدم أكثر من عدةِ ساعاتٍ أو يومٍ واحدٍ في حين يكونون قد غابوا في واقع الأمر سنين طويلةً أو قروناً بأكملها (ص209)، وقصص الراحة من العذاب وقصص تنازع الملائكة والشياطين حول حيازة روح الميت ويعرض فيها قصصاً حول سجلات الحساب، وحول تجسد الفضائل والرذائل، وحول تجسد أعضاء الجسم.
وفي الفصل الرابع والأخير يتناول أرجحية انتقال النماذج الإسلامية إلى أوربا المسيحية، وعلى الأخص إلى دانتي. ويعرض فيه الاتصال بين الإسلام وأوربا المسيحية في القرون الوسطى، وانتقال قصص الحياة الأخرى الإسلامية إلى أوربا وإلى دانتي، وفي الفقرة الرابعة يؤكد أن «افتتان دانتي بالثقافة العربية أمرٌ يؤكد الافتراض القائل بالمحاكاة» (ص245-249) ويرى في الفقرة الأخيرة أن «المشابهات القريبة بين أفكار دانتي وأفكار ابن عربي تزودنا ببرهانٍ آخرَ على الرأي القائل بالمحاكاة. يقول لقد تصور كلٌّ من الكاتبين أفكاره وألف مؤلَّفه بالطريقة نفسِها. فقد كتب كلٌّ منهما مؤلفه بالدافع الشخصي نفسِه، وتبع كلاهما الطريقة نفسَها في التفسير الرمزي لموضوع الحب في قصائدهما. والحق أن النصيب الذي يستحقه ابن عربي وهو من إسبانيا (لاحظ هذه العبارة)-وعلى الرغم من أنه مسلم– في المجد الأدبي الذي حققه دانتي أليجيري في قصيدته الخالدة، أمر لا يمكن تجاهله بعد الآن» (ص262).
2 - 3 -  والعمل الثالث الذي نعرض له الآن هو دراسة بلاثيوس «أبو العباس بن العريف وكتابه محاسن المجالس»، الذي ترجمه الدكتور الطاهر أحمد مكي في كتابه دراسات أندلسية في الأدب والتاريخ والفلسفة. وقد درس الأستاذ المصري في إسبانيا واهتم كثيراً بأعمال بلاثيوس، كتب عنه في مجلة الهلال وترجم بالإضافة إلى هذه الدراسة عملين هامين من أعماله-وإن كانا لم يريا النور- وهما: «ابن مسرة ومدرسته»[30] وكتاب «ابن حزم القرطبي»[31]. وهو يخبرنا في مقدمة تحقيقه لكتاب «الأخلاق والسير في مداواة النفوس» لابن حزم، أن أول ترجمة لمؤلَّفٍ كاملٍ من أعمال ابن حزم قام بها المستشرق الإسباني آسين بلاثيوس لكتاب الأخلاق والسير... وصدرت عن جمعية تشجيع الدراسات والبحوث العلمية، مركز الدراسات التاريخية، مدريد 1916 مع مقدمةٍ تحدث فيها بلاثيوس عن المؤلف والكتاب، وفهارس للأعلام وكشافاً تحليلياً للموضوعات. وهو يرى أن بلاثيوس لم يكن، وهو يترجم الكاتب، مستشرقاً عاديّاً، فقد تخصص في الفلسفة الإسلامية بعامة والجانب الأندلسي فيها بخاصة. وخص ابن حزم بأعظم دراسةٍ له نعرفها حتى الآن في أيِّ لغة بما فيها اللغة العربية وشغلت الجزء الأول كاملاً من ترجمته لكتاب «الفصل في الملل والنحل» وجاءت في خمسة أجزاء، برلين 27-1932. ويشيد بترجمته ويوجه له بعض النقد في ترجمة عباراتٍ قليلةٍ[32].
إن بلاثيوس يتحرى الدقة في الموضوعات التي يختارها ومثال ذلك دراسته لابن حزم وترجمته لكتاب «الفصل في الملل والنحل». فقد بذل جهوداً عظيمةً لإعطاء ابن حزم المكانة التي تليق به كمفكرٍ وفقيهٍ عظيمٍ كما يخبرنا د. محمد بن عبود في دراسته «منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامي» ويعرض لموضوعات كتابه عن ابن حزم الذي يتناول: تحليلاً للمصادر الغربية والشرقية المتوفرة عن حياة ابن حزم، وتتناول أفكاره السياسية وحياته الأدبية، وتكوينه الفقهي، والمدارس المختلفة التي أثّرت في فكره، كما تتناول ابن حزم الفقيه الشافعي القاضيالظاهري، ومد رقعة مقاييسه الظاهرية لتشمل حقل الدين» وتعاليمه عن التوفيق بين العقل والدين، وابن حزم الجدلي، وابن حزم في مالوركا وشخصيته واعتزاله وموته، وأعماله ثم مدرسته، ثم تلاميذه ابن حزم وأتباعه خلال القرون من الخامس حتى العاشر للهجرة، متتبعاً آثار ذلك ومداه حتى وصل إلى القرن العشرين.
ويتضح مما سبق جهده الكبير في دراسة ابن حزم وربط حياته وأفكاره بالإطار العام الذي تنتمى إليه. وقد أشرنا إليه بالتفصيل لبيان جهدين: أولهما جهد بلاثيوس وجهد المترجم، الذي قدم عدة أعمال عن ابن حزم وعدة دراساتٍ عن بلاثيوس. نتوقف أمام ترجمته عن زاهد المرية «أبي العباس بن العريف وكتابه محاسن المجالس». وابن العريف صوفي مجهول بيننا رغم أن كتابه سبق أن طبع في القاهرة منذ حوالي قرن من الزمان، وقام بلاثيوس بطبع الكتاب بالعربية وترجمته إلى اللغة الإسبانية في مدريد 1931 وهو لا يقف عند حد الزاهد وحده، وإنما يلقي الضوء على الحياة الثقافية في مدينة المرية[33]. وهو يعرض لحياته، ومؤلفاته وكتاب محاسن المجالس ومخطوطاته، ثم ترجمة الكتاب إلى الإسبانية، وتحليل الكتاب مع بيان أهميته وأسلوبه الأدبي، مع ملاحق من الفتوحات المكية التي يشير فيها ابن عربي إلى ابن العريف، وأن كان المترجم لم ينقلها إلى العربية واكتفى ببيان موضعها من طبعة القاهرة[34].
وعن ترجمة الكتاب إلى الإسبانية يقول: «حاولت في ترجمتي الأسبانية لكتاب محاسن المجالس أن أعكس فكر المؤلف في أصالته، وأن أنقل مذهبه بكلٍّ أمانةٍ، وهو أمرٌ صعبٌ للغاية فيما يتصل بنصٍّ صوفيٍّ عربيٍّ تكثر فيه المصطلحات، وليس لها دائماً مقابلٌ في اللغة الإسبانية» (ص353). وفي تحليل الكتاب يقول: «الموضوع الرئيسي لهذه الرسالة دراسة منازل طريق التصوف على النحو التالي: المعرفة، والإرادة، والزهد، والتوكل، والصبر، والحزن، والخوف، والرجاء، والشكر، والمحبة والشوق. وفي الفصل الثالث عشر أوجز ابن العريف كل مذهبه وأضاف إلى هذه المنازل العشرة منزلتين أخريين لا توجدان في الفصول السابقة، وهما: التوبة، والأنس (ص354). ومن أسباب اهتمامه برسالة ابن العريف وأهميتها في تاريخ التصوف، هو التأثير الخصب الذي أحدثه ابن عربي في تطور نظرية وحدة الوجود الإسلامية في العالمين العربى والفارسي على السواء[35] نجدها لدى ابن العريف في صورةٍ أوليةٍ[36].
2 - 4 -  والعمل الأخير الذي نعرض له هو ترجمة دراسة بلاثيوس لابن السيد البطليوسي التي ضمّنها محقق كتاب البطليوسي «الحقائق في المطالب العالية الفلسفية العويصة» إلى تحقيقه وقد نقل الدراسة عن الإسبانية د. سيمون حايك، وتشغل الترجمة صفحات 141-152 من التحقيق الصادر في دمشق 1988. وفي هذه الدراسة يقدم بلاثيوس صورة للبطليوسي غير تلك المعروفة لدى الكُتّاب الذين أرّخوا له وكتبوا عنه مثل ابن بشكوال، الضبي، ابن خلّكان، ابن خاقان الذين تركوا جانباً- مواهبه الحقيقية؛ أي «المفكر والفيلسوف». ويرى أن مؤلفات هذا الرجل الفلسفية في تاريخ الفلسفة الإسلامية الإسبانية تمثل نواة تلك الفلسفة المتخصصة التي ولدت عند ابن باجة وابن طفيل وابن رشد. وبلاثيوس في دراسته يعرض لحياة البطليوسي (ص141-144) ومؤلفاته، ويقوم تحليل كتاب الاقتضاب، وتحليل كتاب الإنصاف ثم تحليل كتاب الحدائق. ويحيل رضوان الداية إلى تحقيقه لكتاب الإنصاف موضّحاً أن في عبارات بلاثيوس شيئاً من الغموض واللبس[37] ويخبرنا أنه ترك المقدمة (مقدمة بلاثيوس) كما هي لم يحذف منها شيئا خصوصاً تقويمه لكتب ابن السيد البطليوسي التي اطلع عليها، وأن ما أورده عن كتاب الإنصاف ففيه أحكام نظرٍ كثيرةٍ[38].
ويستدل حسن عبد الرحمن علقم في دراسته الجوانب الفلسفية في كتابات ابن السيد البطليوسي من إشارة بلاثيوس إلى رقم مخطوط كتاب الحدائق أنه نفس رقم مخطوط «شرح الخمس مقالات الفلسفية عند بروكلمان وأنهما كتابٌ واحدٌ، أو بمعنًى أدقَّ الأخير جزءٌ مقتضبٌ من الأول»[39] ويشير الباحث في سياق حديثه عن ابن السيد وابن رشد-في دراسته وهي أصلاً رسالة ماجستير بالجامعة الأردنية– إلى فضل الأستاذ المشرف في توجيهه لاكتشاف تأثر ابن رشد بابن السيد.. (ص184) وتلك مسألة أفاض فيها بلاثيوس وهو أول من نبه إليها وهو ما يؤكده الباحث فعلا فيما بعد[40]. وهو يعتمد على بلاثيوس أيضاً في بيان اهتمام كهنة اليهود وفلاسفتهم بكتاب الحدائق[41].
3 -  أما عن الدراسات التي تناولت أعمال بلاثيوس وتحقيقاته وعرضت لها أو ناقشت منهجه وما طرحه من قضايا، أو انطلقت من كتابات لبحث مشكلاتٍ مختلفةٍ، أو استدركت عليه فهي موضوع هذا القسم من الدراسة. وسوف نعطي فكرةً موجزةً عن أعماله قبل بحث كيفية تعامل الكتاب العرب معها.
وقد أشار نجيب العقيقى في الجزء الثاني من كتابه «المستشرقون» إلى بلاثيوس وآثاره[42]. ولأننا لا ننوي أن نقدم سرداً بأسماء هذه المؤلفات، فقد أشرنا إلى بعضها وسنعرض في هذه الفقرة بعضاً منها، فنكتفي فقط بتصنيف مؤلفاته إلى ثلاث مجموعاتٍ كما فعل ميغيل كروث إيرنانديث في دراسته «معنى وحدود الفكر الإسلامي عند آسين بلاثيوس»، وهو من الباحثين الذين تابعوا مستشرقنا[43]. وأعمال بلاثيوس هي:
1- المفكرون ومدارس الفكر الإسلامي.
2- العلاقات بين الإسلام والعالم الغربي المسيحي.
3- ما قدمته المسيحية من آراء للإسلام، الذي أعادها بدوره مزيدةً ومنقحةً للفكر المسيحي «الإسلام من منظور المسيحية».
وإن كنا نلاحظ تداخل بعض الأعمال في أكثر من مجموعةٍ مثل كتابيه عن ابن عربي، وابن مسرة اللذيْن يمكن تصنيفهما في أيٍّ من المحاور الثلاثة.
وسوف نتوقف أمام بعض مؤلفات بلاثيوس لنرى الطرق المختلفة التي تعامل بها الأساتذة العرب مع أفكاره، وأول هذه الأعمال «ابن مسرة ومدرسته».
3-1-1 في دراسته «الخيال والشعر في تصوف الأندلس» 1981 يعرض سليمان العطار ما قدمه بلاثيوس، أكبر جهد للتأريخ للتصوف الإسلامي في الأندلس». ويتوقف عند دراسته ابن مسرة، فالمستعرب الإسباني يعرض بدايات التصوف قبل ابن مسرة، وبذكر ابن مسرة تبدأ محاولةٌ جريئةٌ وجديرةٌ بالإعجاب حقًّا يقوم بها مستشرقنا الإسباني، ليقدم لنا هذا الفيلسوف المتصوف المعتزلي موضحاً أهم النقاط التي تميز شخصيته «التي جعل منها أسطورة حقيقية» ثم يعقد فصلاً عن أنبادوقليس، «لأنه قد ورد في المصادر العربية اتباع ابن مسرة لتعاليمه» ويتتبع امتداد تعاليم ابن مسرة حتى عصر ابن عربي، الذي اكتملت على يديه صورة التصوف الأندلسي، ويتأثر بها ابن عربي نفسه في مسائل جوهرية، ثم يركز على أهمية ابن عربي كمصدرٍ متكاملٍ للتصوف الأندلسي المسري جاعلاً من هذا المتصوف الكبير صورةً لابن مسرة «وأن كان ابن عربي أكثر جرأةً من ابن مسرة فيما أدعاه من وجود مادة جوهر الجوهر التي يشترك فيها الله والإنسان، بينما نرى أن ابن مسرة قد نزه الله عن هذه المشاركة. ومما سبق يستنتج الباحث (بلاثيوس) -ونحن معه في ذلك حتى لو تحفظنا على منهجه– أن فكر ابن مسرة صار مدرسةً فكريةً صوفيةً تمتد في الأندلس حتى يصل الأمر بإسبانيا المسلمة إلى أن تنجب أعظم صوفية الإسلام، ومن ثم صارت إسبانيا منذ ابن مسرة وبسببه وطن الصوفيين العظام المسلمين ولقرونٍ بعد ذلك كان من المحتم أن تصير عن طريق سانت تريزا وسان خوان دي لاكروث وطن الصوفيين العظام المسيحيين»[44].
ويوظف سليمان العطار نتائج أبحاث بلاثيوس-مع تحفظه على المنهج وبعض التحليلات– في أبحاثه كما يتضح في قوله: «لو أخذنا بالتصور الوارد في فكرة «ابن مسرة ومدرسته» عند بلاثيوس، وهو التصور القائل بامتداد التصوف في نهاية القرن الثالث حتى بدايات الظهور الرسمي للتصوف فلنا أن نسأل هل صاحب هذا الامتداد شعرٌ تصوُّفيٌّ[45]؟ وإذا بحثنا عن أوليات شعر التصوف فإننا لن نلتقي بأشعارٍ زهديةٍ عاديةٍ حتى يقابلنا -كما يضيف العطار- أول شعر للتصوف جديرٌ بمكانٍ فنّيٍّ في الشعر من ناحيةٍ، وبمكان في التعبير عن وجدانات العشق الصوفي من ناحيةٍ أخرى، ألا وهو ديوان «ترجمان الأشواق» لابن عربي في أواخر القرن السادس عشر[46]. إن هذه التقديمة النظرية التي يستند فيها الباحث المصري على المستشرق الإسباني لا غنى عنها لدراسة شعر التصوف عامةً في الأندلس، اعتباراً من البدايات الحقيقية لهذا الشعر على يد ابن عربي نفسه في نهاية القرن السادس الهجري.
3-1-2 وفي تحقيق محمد كمال جعفر للتراث الصوفي لابن مسرة، يقدم لأول مرةٍ في العربية رسالتين للصوفي الأندلسي هما: «رسالة الاعتبار» و«رسالة خواص الحروف» القاهرة 1982، وتظهر في مقدمة تحقيقه أفكار بلاثيوس خاصةً فيما يتعلق بأثر نشر هاتين الرسالتين، الأمر الذي سيتيح الفرصة لإلقاء الضوء على كثير من المسائل والحقائق الفلسفية والصوفية في فكرنا الإسلامي وذلك مثل:
- حقيقة تأثير ابن مسرة في ابن عربي بعد تأثره بالتستري.
- حقيقة الارتباط بين فكر ابن مسرة وإخوان الصفا.
- حقيقة ارتباط العالم والمعلوم عند ابن مسرة وابن رشد في الإسلام والأكويني في المسيحية[47].
- إلقاء الضوء على مسألة الكلام الإلهي وحقيقة الخلاف حولها في الفرق الإسلامية. وهو في حديثه عن ابن مسرة سيرةً ودراسةً (ص17 وما بعدها) يحيلنا فيما يتعلق بالآراء والجوانب التاريخية إلى كتاب بلاثيوس ابن مسرة ومدرسته، مدريد 1914. وكذلك يعتمد عليه كليةً في عرضه مذهبه الفلسفي يقول: «يرى الباحث الجاد آسين بلاثيوس أن أصول المذهب الفلسفي لابن مسرة تدور حول المذهب الأمبيدوقليسي»[48]. ويقف طويلاً للمقارنة بين ابن مسرة وأمبيدوقليس (ص36-40). ويلاحظ إحالة توجه مدرسة ابن مسرة إلى الغنوص الذي قال به بربسلين في القرن الرابع للميلاد[49] وأن بلاثيوس وفيليب حتى يتفقان على أن مدرسة ابن مسرة قدمت نشاطها من خلال ابن جييرول الفيلسوف اليهودي (ت 1058، أو 1070م)[50].
3-1-3 ونجد لدى شيخ الباحثين العرب في الدراسات الأندلسية الدكتور محمود مكي مواصلةً وإكمالاً لبعض ما فات بلاثيوس في بحثه عن ابن مسرة. حيث قدم لنا في المؤتمر الثالث للدراسات الاندلسية دراسةً عن «بدايات التصوف الأندلسي، ما قبل ابن مسرة» يستدرك فيها على دراسة المستعرب الإسباني. فإذا الفضل يرجع إلى بلاثيوس في أول دراسةٍ جادةٍ للتصوف الأندلسي منذ بداياته المبكرة وإلى إعادة بناء مذهب أول صوفيٍّ أندلسيٍّ كبيرٍ هو ابن مسرة (ت319ه - 931م)، وأنه ألحق بدراسته هذه قائمة بزهاد الأندلس السابقين على ابن مسرة منذ فتح الأندلس حتى أواخر القرن الثالث، فإنه على الرغم من الجهد الكبير الذي بذله آسين بلاثيوس في تتبع هؤلاء الزهاد الذين كانوا تمهيداً ورواداً للتصوف الأندلسي فإن شيخنا قد استطاع بعد استقصاءٍ للمصادر الاندلسية أن يقدم لنا أخباراً كثيرة عن بعض هؤلاء ممن لم يردوا في دراسة مستشرقنا الكبير.
والدراسة التي يقدمها لنا مكي تحاول أن تتبين هذه البدايات حتى تقدم صورةً مقاربة للحياة الروحية في الأندلس حتى أوائل القرن الرابع الهجري. لقد بدأت الحركة الصوفية في الأندلس بما كان من الطبيعي أن تبدأ به، أي بحياةٍ زهديةٍ بسيطةٍ، وقد احتفظت لنا كتب التراجم بأخبار بعض من مارسوا مثل هذه الرياضات الدينية القائمة على حياةٍ متقشفةٍ، وكان لهؤلاء مكانةٌ عظيمةٌ بين الشعب الأندلسي في تاريخه المبكر. ويقدم لنا بعضا من هؤلاء الزهاد. «وممن نعرفه من هؤلاء الصالحين الأندلسيين خلال القرن الثاني الهجري ثلاثةٌ يصفهم كُتَّاب التراجم والمؤرخين بأنهم «عباد الأندلس»: أولهم ميمون بن سعد مولى الوليد بن عبد الملك[51]. أما الزهدان الثانيان فهما أبو الفتح الصدفوري، وفرقد السرقسطي. وهناك العديد من الممارسات الزهدية التي نسبتها كتب التراجم إلى بعض زهاد الأندلس خلال القرنين الثانى والثالث مثل مداومة الصلاة أو القيام أو الإضراب عن الزواج أو افتكاك أسرى المسلمين. وقد سجل بعض هذه الأخبار وأسماء ممارسي هذه الألوان من السلوك آسين بلاثيوس«ولو أننا عثرنا على المزيد منها مما يستدرك عليه»[52].
ومن هؤلاء: الزاهد أيوب البلوطي، وقاسم بن ثابت السرقسطي (ت 302ه / 1914م)، وأبو وهب العباس القرطبي، واجع بن مالك القبري (ت 299ه / 311م). وأول من بدأ لبس الصوف باعتباره من مظاهر التقشف والزهد قاضي قرطبة سعيد بن سليمان (ت 240ه / 854م) وأول من حمل لقب الصوفي في الاندلس هو عبد الله بن نصر القرطبي (ت 315-928م). ويشير مكي إلى من رحل منهم إلى المشرق وسجل ذلك في كتاباته، أو جمع سير العُبّاد والزُهّاد المشارقة مثل: أحمد بن محمد الرومي القرطبي الذي يذكر في ترجمته أنه لقي إبراهيم بن الجنيد الصوفي البغدادي، وكذلك محمد بن وضاح القرطبي (ت 287-900م) مؤلف أول كتاب جمع فيه أخبار الزهاد والزاهدات في المشرق وعنوانه «العباد والعوابد». والشخصية التي يختتم بها دراسته، والتي يعدها ممِّهدةً للتصوف بمعناه الحقيقي وسابقةً لابن مسرة هي شخصية بكر يمني بن رزق التطيلي «الذي يدهشنا أن بلاثيوس أهمله تماماً في دراسته لابن مسرة»[53].
3-2 والعمل الثاني الذي نتوقف أمامه هو تحقيقات بلاثيوس لأعمال ابن باجة. حيث حقق له الرسائل التالية:
- من قول أبي بكر في النبات، مجلة الأندلس، العدد الخامس 1940 ص255-299.
- رسالة اتصال العقل بالإنسان، مجلة الأندلس، العدد السابق 1942 ص1-47.
- رسالة الوداع، مجلة الأندلس، المجلد الثامن 1943 ص1-87.
- تدبير المتوحد، مدريد عام 1946.
وإن كان دنلوب D.M. Dunlop قد نشر جزءًا من كتاب تدبير المتوحد قبل أن ينشر بلاثيوس النص الكامل للكتاب. وقد تسابق الباحثون العرب في تقديم عددٍ من التحقيقات لبعض رسائل ابن باجة ومنها ما قد سبق لبلاثيوس نشره.
فقد نشر ماجد فخري عدة رسائل تحت عنوان «رسائل ابن باجة الإلهية» بيروت 1968. والملاحظ أن فخري في هذه الرسائل نشر ثلاثة نصوصٍ سبق لبلاثيوس أن نشرها. ونشر معن زيادة «تدبير المتوحد» بيروت 1978، وهذه هي النشرة الثالثة لهذا النص تضاف إلى نشرة بلاثيوس 1946 ونشرة فخري 1968. يصف معن زيادة بلاثيوس بأنه «صاحب أكبر مساهمةٍ معروفةٍ في دراسة ونشر أعمال ابن باجة»[54]. ويضيف أن قراءة التدبير كما حققه بلاثيوس، الذي نشره في إسبانيا مع مقدمة إسبانية، أوضح الحاجة الملحة لإعادة نشر هذا الكتاب باللغة العربية»[55]. ولم يوضح لنا أيّ أسبابٍ تدعو لذلك، وقد أعاد أحمد فؤاد الأهواني نشر رسالة الاتصال لابن باجة ضمن مجموعٍ يحمل عنوان تلخيص النفس لابن رشد[56]. وقد أعاد في هذه النشرة ما سبق لبلاثيوس أن نشره. والأمر نفسُه حدث مع عبد الرحمن بدوي الذي قدم في كتابه «رسائل فلسفية» بنغازي 1973 مجموعةَ رسائلَ جديدةً لابن باجة مع مقدمةٍ لنشرته موضحاً المخطوطات المعروفة للباحثين، مشيراً إلى أنه بالإضافة لمخطوطات بودلي باكسفورد Pocoke، وبرلين (5060)، والأسكوريال (612) فإن هناك مخطوطةً رابعةً بها رسائلُ جديدةٌ هي مخطوطة طشقند رقم 2385 التي اعتمد عليها. وبعد أن يتناول نشرات رسائل ابن باجة السابقة يعرض للرسائل التي ينشرها وهي: «في الوحدة والواحد»، «في الفحص عن القوى النزوعية»، «في المتحرك» و«القوى النزوعية». وهو يذكر لنا تحقيقات بلاثيوس المختلفة لرسائل ابن باجة في سياق تناوله لمحتويات هذه الرسائل[57].
ويعرض الباحث المغربي المحقق المدقق جمال الدين العلوي في كتابه «مؤلفات ابن باجة، الدار البيضاء 1983 مجهود المستعرب الإسباني، في الفصل الثاني عن مؤلفات ابن باجة المنشورة موضحاً أهميه نشرته» لقد اعتمد بلاثيوس في تحقيقه للنصوص الثلاثة الأولى (النبات، اتصال العقل، الوداع) على مخطوطَيْأكسفورد وبرلين، ولعل معتمده في نشر الرسالتين الثانية والثالثة كان أساساً على مخطوط برلين، ومن ثم يمكن القول، وخاصة بعد ضياع المخطوط الأخير، أن بلاثيوس قد قدم للتراث الفلسفي في الغرب الإسلامي وللمهتمين بهذا التراث وربما لابن باجة نفسه خدمةً جليلةً؛ وذلك لأن المخطوط الآخر، أعني مخطوط أكسفورد لا يمكن الاعتماد عليه أصلا في نشر الرسالتين المشار إليهما[58]. ويشيد بجهد الرجل قائلاً: «وبالرغم مما يمكن أن نقول اليوم عن هذه النشرات فسيظل لِآسين بلاثيوس على كل حالٍ فضل البداية، لأنه أول من اهتم بنشر نصوصٍ لابن باجة. وهي نصوصٌ من الأهمية بحيث لا نغالي إذا قلنا أنها تنقل إلينا الصورة الأخيرة التي انتهى إليها المشروع الفلسفي لابن باجة»[59].
3 - 3 ونتناول في هذه الفقرات عدة أعمالٍ لبلاثيوس أشار إليها الباحثون العرب بإيجازٍ، وهي توضح جهود بلاثيوس في دراسة الفكر الإسلامي من جهةٍ، واهتمامنا نحن به في سياق بحثنا عن جهود المستعرب الإسباني.

لقد اهتم بلاثيوس ببعض صوفية الإسلام من المشارقة الذين كان لهم حضورٌ قويٌّ، وأهم هؤلاء الغزالي الذي كرس له أكثر من دراسةٍ وتناوله في سياق دراساتٍ عامةٍ. فقد كتب عن «العقيدة والأخلاق والتصوف لدى الغزالي» 1901، ومصنف في «الغزالي والنصرانية» في جزئين، به تحليلٌ عميقٌ لكتاب الإحياء. مدريد 1934-1935. و«دراساتٌ نفسيةٌ عن معنى كلمة التهافت في مصنفات الغزالي وابن رشد»، المجلة الأفريقية، 1906، وتصوف الغزالي، جامعة القديس يوسف بيروت، العدد 7، عام 1914.
ويشير بدوي في كتابه «مؤلفات الغزالي» إلى المحاولات المختلفة للبحث في مؤلفات حجة الإسلام، تلك التي بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر حين كتب ر. غوشه R. Gosche بحثه عن «حياة الغزالي ومؤلفاته» 1858 مروراً بمكدونالد جولدزيهر، ثم ماسينيون، ويقف عند «أول بحثٍ مفصلٍّ في تمييز المنحول من الصحيح في مؤلفات الغزالي، وهو ذلك الذي قام به آسين بلاثيوس في كتابه الضخم «روحانية الغزالي» (أربعةُ مجلداتٍ، مدريد 1934-1941) ففي الجزء الرابع (ص285-390) بحث في كتب الغزالي من كافة نواحيها، وأورد ثبتاً بما يراه منحولاً أو مشكوكاً في صحته من هذه الكتب»[60].
3-3-2 وإذا تحولنا عن المحور الأول الذي يتناول فيه المفكرين ومدارسَ الفكر، إلى محاور العلاقات بين الإسلام والعالم الغربي المسيحي حسب تصنيف ميغيل كروث إيرنانديث يمكن أن نشير إلى كتاب بلاثيوس «الإسلام على الطريقة المسيحية» الذي اهتم به د. حامد أبو أحمد في دراسته «عالمية أدب التصوف الإسلامي» فهو يشير إلى الرواج الكبير لطبعة الكتاب والاهتمام والحفاوة التي استقبلت بها. ويرجع أهمية ذلك لما تناولته من أثرٍ للإسلام على تصوف المدرسة الكرملية فيما أطلق عليه «نظرية التأثير الإسلامي». ويدرس بلاثيوس في الجزء الثاني من الكتاب «مذهب ابن عربي الروحي»، وهذا الجزء كما يذكر حامد أبو أحمد أهم ما في الكتاب ويشتمل على حوالي 1154 صفحة من القطع الكبير وهي على النحو التالي: مصادر ابن عربي ومنهجه وخطته، ويقارن بينه وبين الاتجاه الروحي المسيحي قبل الإسلام-كما رأينا في كتابه الذي ترجمه بدوي– وفي الفصل الثاني: الأسس الرئيسية لهذا الاتجاه، ووجودها في الإسلام في صورة مذاهبَ مستقلةٍ، والتمييز بين هذه المذاهب حسب ابن عربي والفصل الثالث دراسة للأنواع المختلفة للحياة الروحية وتعدد مناهج الحياة الروحية وثرائها في تصوف الأندلس. والفصل الخامس، الذي يتناول منهج الزهد أي التوجه نحو طريق الكمال، وفي السادس يشرح بلاثيوس طريق الوصول إلى الكمال الروحي ويبين أن سانت تريزا وسان خوان دي لاكروث يتفقان مع ابن عربي في مسألة الحضور الإلهي.
ويعلق د. أبو العلا عفيفي على دعوى بلاثيوس بإرجاع روحية الغزالي، بل روحية الإسلام كله إلى مصادرَ أجنبيةٍ غيرَ إسلاميةٍ أخصها المصدر المسيحي بقوله: «ويظهر أنه في هذه الدعوى الأخيرة يصدر عن عقيدةٍ وخطةٍ موضوعهٍ أكثر من صدوره عن منطق البحث العلمي وحده»[61]. والموقف نفسُه تجده لدى محمد عبد الله الشرقاوي في كتابه «الاتجاهات الحديثة في دراسات التصوف الإسلامي»[62].
نجد لدى الدكتور أبو الوفا التفتازاني متابعةً دقيقةً لأعمال بلاثيوس حيث يستشهد بكتاباته ويشير إليها ويذكرها ضمن مراجعه ويعتمد على تحقيقاته وترجماته لبعض النصوص العربية مثل المدخل لصناعة المنطق لابن طملوس، مدريد 1916 و«في اتصال العقل بالإنسان» 1942. ففي دراسته عن ابن سبعين وفلسفته الصوفية يذكر نشرة بلاثيوس للمدخل لصناعة المنطق ويشيد بمقدمته التي لا غنى عنها للباحث في تاريخ الفكر في الأندلس وتطوره في إسبانيا الإسلامية[63]، كما يعتمد على عمل بلاثيوس ابن السيدج البطليوسي في بيان الحركة الفلسفية في إسبانيا[64]. وعلى دراسته ابن مسرة ومدرسته[65] كما يعرض لدراسته عن ابن العريف ونشرته لكتابه محاسن المجالس، ورأي ابن سبعين فيه[66] وتأثير الأخير في ريمون ليل[67].
وفي دراستيه عن ابن عطاء الله السكندري وتصوفه وابن عياد الرندي يشير إلى أثر حكم ابن عطاء الله السكندري وشرح ابن عباد عليها في المدرسة الكرملية فقد وصف بلاثيوس هذا الشرح بأنه مرجعٌ كاملٌ في النظرية الزهدية الصوفية»[68] ويبين بلاثيوس أوجه الشبه في مسألة القبض والبسط بين دي لاكروا والشاذلية وابن عطاء الله[69].
وأخيراً نشير إلى المقدمة التي تناول فيها د. جمال عبد الكريم العدد التذكاري الذي أصدرته مجلة كلية الآداب بمناسبة المؤتمر الثالث للدراسات الإسبانية وتكريم آسين بلاثيوس والتي أشار فيها إلى أبحاث المؤتمر وموضوعاتها وبلاثيوس يقول: «لقد عقدنا هذا المؤتمر لنكرم عالماً إسبانيا جليلاً أفنى حياته في خدمة العلم والاستشراق» ويشير إلى أهم أعمال بلاثيوس واكتشافاته التي كانت سبب شهرته وهي بيان فضل إسبانيا المسلمة على كثيرٍ من روائع الإبداع الإنساني في الفلسفة والتصوف والأدب.
تعقيب
لا يمكننا في نهاية هذه الدراسة الادعاء بأنها تناولت كل ما كتب وترجم لبلاثيوس في العربية، فلا شك أن هناك جهوداً أخرى مغربيةً ربما لم تصل إلينا، إلا أن ما عرضنا له يكفي لبيان فضل العالم الإسباني، الذي سعينا في الفقرة الأولى من هذا البحث لبيان ملامح صورته عند الكُتّاب العرب وتتلخص في الآتي:
-اهتمام جادّ أصيل ومثابر على البحث والتحقيق الذي يتعلق بالفلسفة والتصوف الإسلامييْن في إسبانيا.
-بيان دور المسلمين في التاريخ الثقافي الوطني باعتباره مرحلةً هامةً من مراحل الثقافة الإنسانية.
-الاتصال بين الفكر الإسلامي وما سبقه وتأثيره على الفكر المسيحي التالي عليه.
-المنحي الديني الذي يسيطر على كتاباته برده إلى أصولها المسيحية.
إلا أنه مما لا شك فيه أن للرجل خطةً طموحةً للتأريخ للفكر الإسلامي الإسباني نشراً وتحقيقاً، بحثاً وتأليفاً، من أجل التأكيد على دور الفلاسفة والصوفية العرب في إثراء الفكر الإنساني.
وبهذا يتضح التأثير المتبادل بين الثقافة العربية الإسلامية من جانب والثقافة الإسبانية المعاصرة من جانب آخر كما يتضح الاهتمام الشديد، الذي قدمه الكُتُّابُ العربُ المعاصرون بالمستعرب الأسبانى الكبير الذي نحتفل بذكراه تدعيماً لحوار الأنا والآخر وإثراءً للجدل المتبادل بين الحضارات.

-----------------------------------
[1]  د. محمد بن عبود: منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامى، في مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الجزء الأول 1985 ص354.
[2]  المصدر السابق ص365.
[3] المصدر السابق ص366.
[4] راجع إشارتنا إلى هذه الترجمات الجزء الثالث من الفقرة الثانية.
[5] د. الطاهر أحمد مكي: دراساتٌ عن ابن حزم وكتابه طوق الحمامة، ط3، دار المعارف، القاهرة 1981 ص192.
[6]  د. الطاهر أحمد مكي: دراساتٌ أندلسيةٌ في الأدب والتاريخ والفلسفة ط2، دار المعارف، القاهرة 1983 ص6.
[7]  د. الطاهر أحمد مكي: آسين بلاثيوس دفاعٌ عن الفلسفة الإسلامية، الهلال، يناير 1976 ص43.
[8] المصدر السابق ص44.
[9] د. الطاهر أحمد مكي: دراساتٌ أندلسيةٌ ص6.
[10] يرى ميكيل دي إيبالثا، وانطلاقاً من مما يسميه «عقيدة اللاهوت» ويقصد بها العقائد التي أقرتها الكنيسة الكاثوليكية وقامت بتطبيقها على الواقع والحقائق الإسلامية، أن بلاثيوس رفض إصدار أحكامٍ لاهوتيةٍ حول الإسلام، إلا أنه في بعض الأحوال قد تطرق إلى هذا الأمر. ويعرض للتكوين اللاهوتي لبلاثيوس وتصوراته حول العلاقة بين الإسلام والمسيحية. ويرى أنه يؤمن «بالوحدة الروحية لليونانية والمسيحية والإسلام وكاثوليكية العصور الوسطى في الغرب ووحدة الصوفية والفكر اللاهوتي في المسيحية والإسلام». «بعض الأحكام اللاهوتية عند آسين بلاثيوس عن الإسلام» مجلة كلية الآداب- جامعة القاهرة، العدد 52 ص 285-387.
[11] د. حكمت الأوسي: آسين بلاثيوس من أعلام الاستشراق الإسبانى، مجلة الاستشراق، دار الشؤون الثقافية، بغداد، العدد الثالث 1989 ص121. 
[12] المصدر نفسه ص127.
[13] د. عبد الرحمن بدوي: دور العرب في تكوين الفكر الأوربى، منشورات دار الآداب، بيروت، 1965 ص29.
[14] د. عبد الرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين، دار العلم للملايين، بيروت 1984 ص75-81.
[15] د. عبد الرحمن بدوي: مقدمة ترجمة كتاب بلاثيوس: ابن عربي حياته ومذاهبه، الأنجلو المصرية، القاهرة 1965 ص7..
[16] المصدر نفسه ص8.
[17]المصدر نفسه ص20.
[18] د. محمد رضوان الداية: تحقيق كتاب ابن السيد البطليوسي «الحدائق في المطالب الفلسفية العالية العويصة»، دار دمشق، سورية 1988 ص141.
[19] د. بدوي: مقدمة ترجمة ابن عربي حياته ومذهبه، ص7.
[20] المرجع نفسه، ص8.
[21] المرجع نفسه، ص8.
[22] د. حامد أبو أحمد: عالمية أدب التصوف الإسلامي، بحثٌ مقدمٌ إلى المؤتمر الثالث للدراسات الأندلسية بالقاهرة، مجلة كلية الآداب، العدد 53 مارس 1992 ص238، 239.
[23] د. سليمان العطار: الخيال والشعر في تصوف الأندلس، دار المعارف القاهرة 1981 ص11.
[24] المصدر السابق ص16.
[25] المصدر السابق ص13.
[26] مقدمة دوق البا للطبعة الإنجليزية انظر آسين بلاثيوس: أثر الإسلام في الكوميديا الإلهية ترجمة جلال مظهر مكتبة الخانحي، القاهرة 1980 ص7.
[27] المرجع السابق، ص8.
[28] المرجع السابق، ص14، 15، 16.
[29] بلاثيوس أثر الإسلام في الكوميديا الإلهية، ص63.
[30] يقول: «أكمل كاتب هذه السطور ترجمة كتابين من تأليف بلاثيوس هما: «ابن حزم القرطبي»، «ابن مسرة ومدرسته»، وسوف يدفع بهما إلى النشر، إن وجد الناشر» مجلة الهلال، القاهرة 1976 ص49.
[31] المصدر السابق، الموضع نفسه، ود. الطاهر مكي: دراسات عن ابن حزم وكتابه طوق الحمامة، دار المعارف، القاهرة 1981 ص10، 208، تحقيقه لكتاب ابن حزم: الأخلاق والسير، دار المعارف، القاهرة 1981 ص9.
[32] د. الطاهر مكي: مقدمة تحقيق كتاب ابن حزم: الأخلاق والسير، ص 66، 67.
[33] نشر بلاثيوس هذه الدراسة في مجلة جامعة مدريد عام 1931، المجلد الثالث، صفحات 441-458، وأعيد نشرها ثانيةً في أعماله المختارة، المجلد الأول ص 217-242، مدريد 1946 وترجم الدراسة نفسها إلى الفرنسية ف. كفلييرا F. Cavallera وجعل منها مقدمةً لترجمة كتاب محاسن المجالس، ونشر مع الترجمة النص العربي، وكان الكتاب الثاني في سلسلة «النصوص غير المنشورة المتصلة بالتصوف الإسلامي، باريس 1933.
[34] يذكر الطاهر مكي صفحات الملاحق من طبعة القاهرة، طبعة بولاق 1293 ه وهي: الجزء الأول ص119، 227، 297، 263، والجزء الثاني صفحات 128، 421، 811، والثالث ص520، والرابع صفحات 105، 117، 714.
[35] د. الطاهر أحمد مكي: دراساتٌ أندلسيةٌ ص359.
[36] المصدر السابق، ص358.
[37] د. محمد رضوان الداية: محقق كتاب البطليوسي: الحدائق، دار الفكر دمشق، 1988 ص147 ه 2.
[38] المصدر السابق ص137.
[39] حسن عبد الرحمن علقم: الجوانب الفلسفية في كتابات ابن السيد البطليوسي، دار البشير، عمان 1988 ص39-40.
[40] المصدر السابق ص200.
[41] المصدر نفسه صفحات 193، 194، 195.
[42] نجيب العقيقي: المستشرقون ج2 دار المعارف ط4، القاهرة ص194-196. «لم يكن في مقدوري أن يرى هذا العمل النور، دون العودة إلى الأعمال العظيمة التي ألفها بلاثيوس حيث عكفت أكثر من عشر سنوات على دراسة أعماله التي أفادتني في فصول هذا الكتاب» اُنظر إيرنانديث: معنى وحدود الفكر الإسلامي عند آسين بلاثيوس، أعمال مؤتمر الحضارة الأندلسية، مجلة كلية الآداب جامعة القاهرة، العدد 52، 1992 ص281-282.
[43] تابع ميغيل كروث إيرنانديث بلاثيوس كما كتب في مقدمة دراسته «الميتافيزيقا عند ابن سينا» 4949 يقول: «إن أعمال بلاثيوس كانت قد أثرت وأنضجت مجالات البحوث، ولهذا رأيت أن أسير في هذا الطريق المفتوح وأخوض في دراسة تاريخ الفلسفة العربية الإسلامية، وإن هذه الدراسة تمت وأصبحت ممكنةً بفضل آسين بلاثيوس». وكتب في «الفلسفة الأسبانية الإسلامية» 1957.
[44] د. سليمان العطار: الخيال والشعر في تصوف الأندلس، دار المعارف، القاهرة، 1981 ص15.
[45] المصدر السابق، ص26.
[46] الموضع نفسه.
[47] د. محمد كمال جعفر: مقدمة تحقيقه من التراث الصوفي لابن مسرة» المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة 1982، ص5.
[48] المصدر السابق، ص20.
[49] المصدر السابق، ص42.
[50] المصدر السابق، ص42.
[51] د, محمود على مكي: بدايات التصوف الأندلسي ما قبل ابن مسرة، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، العدد 52، ص10.
[52] المصدر السابق، ص11.
[53] المصدر السابق، ص15-18.
[54] د. معن زيادة: مقدمة تحقيقه لكتاب ابن باجة تدبير المتوحد، بيروت 1978 ص 15.
[55] المصدر نفسه ص16.
[56] د. أحمد فؤاد الأهواني (محقق) رسالة الاتصال لابن باجة ضمن تلخيص النفس لابن رشد، النهضة المصرية القاهرة 1950.
[57] د. بدوي: رسائل فلسفية، منشورات الجامعة الليبية، بنغازي 1973، ص166-136.
[58] جمال الدين العلوي: مؤلفات ابن باجة، دار النشر المغربية، الدار البيضاء 1983 ص31.
[59] الموضع نفسه.
[60] د. عبد الرحمن بدوي: مؤلفات الغزالي، ط2 وكالة المطبوعات الكويت 1977 ص11.
[61] د. أبو العلا عفيفي: مقدمة ترجمة كتاب نيكلسون في التصوف الإسلامي وتاريخ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ص ك.
[62] د. محمد عبد الله الشرقاوي: الاتجاهات الحديثة في دراسات التصوف الإسلامي، القاهرة ص 72-76.
[63] د. أبو الوفا التفتازاني: ابن سبعين وفلسفته التصوفية، دار الكتاب اللبناني 1973 ص68.
[64] المرجع السابق ص70.
[65] المرجع السابق ص75.
[66] المرجع نفسه صفحات 76، 77، 78.
[67] المرجع نفسه ص187.
[68] د. أبو الوفا التفتازاني: ابن عطاء الله السكندري وتصوفه، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1969 ص93.
[69] المصدر السابق صفحات 257-258.