البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

دراسات المستشرق الألماني فيرنر كاسكل (1896 - 1970) عن كربلاء وشمال الجزيرة العربية

الباحث :  أ. د. حامد ناصر الظالمي
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  17
السنة :  شتاء 2019م / 1440هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 18 / 2019
عدد زيارات البحث :  1925
تحميل  ( 862.320 KB )
   فيرنر كاسكل، كما قال عنه الدكتور نجيب العقيقي[1]، هو من أساتذة جامعة كولونيا ومن كبار علماء السُلالات والأنساب، وهذا واضحٌ من دراساته لعرب قبل الإسلام والبدو والأنساب إذ نَشَرَ مجموعة ً من البحوث والدراسات في مجلاتٍ وأماكنَ متعددةٍ ومنها مثلاً مجلة إسلاميكا الصادرة في ألمانيا ومن بحوثه فيها:
1.عرب الشمال في الجاهلية سنة 1927
2.أيام العرب سنة 1931
3.المهدي في نظر الشيعة سنة 1931
وبحوثٌ أخرى نُشِرت في أماكن متعددة منها:
4.سكان المدينة نُشر في (الكتاب التكريمي للمستشرق أوبنايم سنة 1933)
5.بدو شمال أفريقيا نُشر في (محفوظات باسلير سنة 1938)
6.كتاب البديع نُشِر في (مجلة الآداب الشرقية سنة 1938)
7.سلالة عربية نُشِر في مجلة أوريانس سنة 1949
8.ترجمة ماكس أوبنايم نُشر في (المجلة الشرقية الألمانية سنة 1951)
9.البدو العرب نُشر في (المجلة الشرقية الألمانية سنة 1953)
10.الأعشى نُشر في مجلة الآداب الشرقية سنة 1931
11.الدراسات الشرقية لليفي دلافيدا سنة 1956
12.المفضليات نُشر في (مجلة أوريانس سنة 1954)
13.بدو الجزيرة العربية نُشر في كتاب دراسات في تأريخ الثقافة الإسلامية لناشره جرونباوم سنة 1954
14.الحضارة الإسلامية (الوحدة والتنوع في الحضارة الإسلامية سنة 1955)، وعندما رجعت إلى هذا البحث وهو مُترجَم إلى اللغة العربية وجدت عنوانه (التأثير الغربي والحضارة الإسلامية) وقد نُشر ضمن كتاب (الوحدة والتنوع في الحضارة الإسلامية) لمجموعةٍ من الباحثين، وحرّرهُ المستشرق جرونباوم وهو بترجمة الدكتور صدقي حمدي إلى العربية[2]
15.الوهابيون سنة 1960
16.الأدب الأموي نُشر في مجلة ( أوريانس العدد 16 سنة 1963 )
17.الأخيضر نُشر في مجلة (الإسلام مجلد 39 سنة 1964 )
18.الأمويون نُشر في (الكتاب التكريمي لشبياس سنة 1967 )
19.حُضن الغراب نُشر في (مجلة أوراق شرقية سنة 1970)
والمعلومات عن فيرنر كاسكل شحيحةٌ جدًّا، إذ لم أعثر على المعلومات الكافية عن حياته ونتاجه العلمي، ولكن على الرغم من قلّة هذه المعلومات فإننا نجد المرحوم الدكتور منذر البكر أستاذ تأريخ العرب قبل الإسلام قد ترجم له مجموعةً من البحوث إلى العربية وهي:
1.كُتيّب عنوانه (الدور السياسي للبدو في التأريخ العربي) كان كاسكل قد نشره في كولونيا سنة 1952، ونشر الدكتور البكر تلك الترجمة في مجلة الخليج العربي الصادرة عن مركز دراسات الخليج العربي بجامعة البصرة في المجلد العشرين العدد 1 سنة 1988 ص71-98
2.لحيان المملكة العربية القديمة، وهذا البحث هو فصلٌ من دراسةٍ أشمل نشرها كاسكل عن مملكة لحيان سنة 1951 وترجمهُ إلى العربية الدكتور منذر البكر ونشره في مجلة كلية الآداب جامعة البصرة في العدد الخامس سنة 1972 ص(174-195)
3.المسكوكات اللحيانية وهو جزءٌ صغيرٌ جدًّا من كتابه عن لحيان ترجمهُ إلى العربية الدكتور منذر البكر ونشره في مجلة المسكوكات في العدد5 سنة 1974 ص100-101
4.الأُخيضر، وقد مرّ ذكره في الرقم 17 سابقاً، وقد ترجمهُ إلى العربية الدكتور خالد اسماعيل حقي ونشره في مجلة سومر الصادرة عن مديرية الآثار العامة في بغداد في جزء 1-2 من المجلد 25 سنة 1969 ص(35-44)، وكانت هذه الترجمة بعد خمس سنوات من نشر البحث باللغة الألمانية.
وبهذا تكون هذه البحوث الأربعة المترجمة إلى اللغة العربية هي: ثلاثةُ بحوثٍ ترجمها الدكتور منذر البكر وواحدٌ ترجمه الدكتور خالد إسماعيل حقي وواحدُ ترجمهُ- كما ذكرنا سابقاً- الدكتور صديقي حمدي، فهذا كُل ما استطعنا جمعه من معلوماتٍ عن كاسكل وترجمات بحوثه إلى العربية، ولكن المهم في الأمر هو ما طرحهُ كاسكل في تلك البحوث.

لحيان المملكة العربية القديمة
يُمثّل بحث كاسكل عن مملكة لحيان إضافةً نوعيةً في وقته، إذ لم تُنشر بحوثٌ أو دراساتٌ وافيةٌ عن هذه المملكة قبل دراسة فيرنر كاسكل، التي نشرها سنة 1951، فقد كانت البحوث نادرةً عنها قبله، إذ أنّ «أول مَنْ لفت الأنظار إلى ديدان (عاصمة لحيان) هو السائح الإنكليزي (جارلس م. دوتي) فقد رَحَلَ عام 1876م إلى أرض مِديَن، ثم زار مواضعَ عديدةً آثاريةً مثل (مدائن صالح) أو (الحِجر) و(العلا) و(ديدان)»[3].
أما الدراسة الثانية فهي كتاب ل Winnett، ويُعد من الكتب المهمة التي عُنيت بتأريخ الجزيرة العربية، فقد عالجَ بالدراسة والتحليل المشكلات الخاصة بتأريخ الجزيرة العربية، ودرس ضمن ذلك مملكة لحيان ومجموعةً من النقوش الديدانية والمَعينية واللحيانية ويشتمل الكتاب على الدراسات الآتية:
-A study of the Lihyanite and Thamavidic Inscriptions, the University of Toronto press 1937
-Notes on the Lihyanite and Thamavidic Inscriptions Lemausem 51. 1938
والدراسة الثالثة قام بها الباحثان جوسين وسافينياك وهي تحليلٌ وترجمةٌ للنقوش اللحيانية بعد أن زارا منطقة ديدان عام 1909 واستطاعا جمع 380 نقشاً.
والدراسة الرابعة هي دراسة كاسكل وكانت سنة 1951 وكانت أشمل الدراسات وقد ترجم الدكتور منذر البكر جزءاً صغيراً منها.
والدراسة الخامسة وهي المهمة جدّاً وهي رسالة الدكتوراه التي كتبها الأنصاري وحصلَ بها على درجة الدكتوراه من قسم الدراسات السامية في جامعة ليدز سنة 1966، وركّزَت على تأريخ مملكة لحيان وكان عنوانها (أسماء الأعلام اللحيانية دراسةٌ نقديةٌ ومقارنةٌ)، إذ قام الباحث بتفسير النقوش اللحيانية ودراسة مملكة لحيان من جوانبها الاجتماعية والتأريخية ودرسَ آثارها ومقابرها وقُراها ومعبوداتها دراسةً مفصّلةً، وفي الفصل الثاني من الأطروحة قدّم المؤلف قائمةً مفصّلةً للأسماء البسيطة في بنائها وشكلها حسب الأوزان العربية، وكشفَ الباحث أنّ الأسماء العربية تمتد جذورها إلى حوالي القرن السادس قبل الميلاد إنْ لم يكن أبعد من ذلك. وأرفقَ قائمةً بأسماء الأعلام والحيوانات والأشجار، وفي الفصل الثالث درسَ الأسماء المركّبة، هذا هو القسم الأول من الأطروحة الذي اشتمل على ثلاثة فصولٍ، أما القسم الثاني منها فقد عَقَدَ فيه مقارنةً بين الأسماء اللحيانية والسامية، وبعد تلك المقارنة استنتج الباحث العلاقة القائمة بين الأسماء اللحيانية والسامية الغربية التي تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد وكشفَ الباحث عن أصالة اللحيانيين العرب الذين تأثروا بالأجنبي، ولكنهم استطاعوا أن يحافظوا على شخصيتهم ولغتهم كما انعكس ذلك في أسماء الأعلام[4].
أما الدراسة السادسة فهي دراسة Stiehl.R وهي:
«Neve Lihanisch Inschften Aus Al-uduib» christentum Am roten meer, Berlin 1971.
إذ قامت بتفسير 40 نقشاً لحيانياً لم تُدرَس من قبل.
أما الدراسة السابعة فهي:
The early Lihyanite inscriptions Jassen- Savignac 49, Arabian studies in honor of Mahmavd Ghul (symposium at Yarmouk University 1989.
والدراسة الثامنة هي لعبد الله بن آدم نصيف (العُلا دراسة في التراث الحضاري والاجتماعي) وقد نشرتها مكتبة فهد الوطنية في الرياض سنة 1995، وقد دَرَسَ فيها مجموعة ً من النقوش اللحيانية وتأريخ مملكة لحيان.
والدراسة التاسعة هي للدكتور حسين بن علي أبو الحسن (قراءةُ لكتابات لحيانية من جبل عكمة بمنطقة العلا) نشرتها مكتبة الملك فهد الوطنية في الرياض سنة 1997.
والدراسة العاشرة كانت للباحث عمر فيصل سليم الخولي وعنوانها «مملكة لحيان دراسةُ في الأحوال السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية» وهي رسالة ماجستير من كلية الآداب جامعة البصرة سنة 2002 وبإشراف الدكتور منذر البكر.
  أما ما كتبه كاسكل فهو ليست الدراسة التي ترجمها الدكتور منذر البكر فقط، بل هي دراسةُ مطوّلةُ وقد قال عنها أحد المعاصرين «محاولة كاسكل هي أثريةُ أكثر منها تأريخيةُ فقد قام بدراسة 112 نقشاً لحيانيّاً سبقه في ذلك جوسين وسافينياك وأنّ ما قدَّمه كاسكل يكتنفه الغموض في تحليلاته واستنتاجاته لتأريخ اللحيانيين، فلم يقدّم أدلةً تأريخيةً فجاءت دراسة غيرَ عميقةٍ واعتمد على بعض الأسماء المُركَّبة واعتبرها آلهةً عُبدَت عند اللحيانيين، ولكن لكاسكل الفضل في دراسة النقوش اللحيانية باللغة العربية، بعد أن درسها سابقوه بالحروف العبرية»[5].
إنّ مَنْ يقرأ بحوث كاسكل يجده يميل إلى التحليل والاستنتاج، فهو لا يعرض المادة العلمية فقط بل يحاول أن يعيد القراءة، ليعطي استنتاجاتٍ جديدةً، وهذا ما وجدته في بحوثه الأخرى، ولذلك قد تكون استنتاجاته غيرَ مُقنِعةٍ للآخرين وأنا واحدٌ منهم كما في بحثه عن الأخيضر مثلاً.

موقع لحيان وشعبها
تقع لحيان في وادٍ ضيّقٍ بين صخورٍ عارية من الحجر الرملي الأحمر من جهة اليسار وأخرى مُغطّاة بغطاءٍ من اللافا Lava القاتمة[6] من جهة اليمين، ومن ناحية الغرب لا تبعد المدينة أكثر من مسيرة (خمسة أيام) عن البحر، ومن ناحية الشمال الغربي عبر الجبال يصل المرء إلى مِديَن، ومن خلال وادٍ في الشمال الشرقي يقودنا دربٌ إلى بلاد وادي الرافدين البعيدة لذلك فهي ملتقى التجار من أوربا وعرب الجنوب وعرب الشمال، ولهذا فالاتصال الحضاري واضحٌ في اللغة والكتابة والثقافة والفن[7].
وشعب هذه المملكة «عاش في شمال الجزيرة العربية، وامتدت سلطته حتى شَمَلَتْ معظم شمال الجزيرة العربية وعلى عهد (أجاثا خيدس) سُمّي خليج العقبة بخليج (لحيان)، ومن أشهر مدنها مدينة ديدان، أما (الخُريبة) فهي جزء من مدينة (العلا) الحالية، وعلى بُعد  كم شمالاً تقع المدينة الثانية وهي مدينة الحِجر، وقد عرفت بHegra، Egra عند الكُتّاب الكلاسيكيين، وهي على رأس (بيلينوس) عاصمة اللحيانيين، وقد وَرَدَ اسمها في القرآن الكريم ب(الحِجر)، وهي التي كانت فيها قبيلة (ثمود) قوم نبي الله صالح، ولذلك عُرِفَتْ باسم (مدائن صالح)»[8].
أما تيماء فهي كذلك حاضرةً من حواضر اللحيانيين، وبهذا ستكون مملكة لحيان مشتملةً على ديدان والعلاء ومدائن صالح والحِجر وتيماء، وقد ذُكِرتْ تيماء في التوراة في سفر أشعيا الإصحاح 21: 13 والنص هو «في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الدَّرانيين، هاتوا ماءً لملاقاة العطشان، يا سكّان أرض ِ تيماء وأفُوا الهارب بخبزه» وفي سفر حزقيال الإصحاح 25: 13 النص هو «هكذا قال السيّد الرب من أجل أنّ أدوم قد عَملَ بالانتقام على بيت يهوذا وأساء إساءة ًوانتقمَ منهم، لذلك هكذا السّيد الربّ وأمدُّ يدي على أَدم وأقطع منها الإنسان والحيوان واُصيِّرها خراباً من التيمّن وإلى دران يسقطون بالسيف...».
وقد حاول الباحثون تحديد زمن مملكة ديدان إذ حدّدَها «غريمه Grimme ما بين القرن السادس ق. م والقرن الخامس ق.م إلى نهاية القرن الثالث ق.م وقد ذهب كاسكل إلى أنّ ابتداء حكم مملكة ديدان كان حوالي عام 160 ق.م، غير أنها لم تستمر طويلاً إذ سرعان ما سَقَطتْ في أيدي اللحيانيين الذين كانوا مجاورين لمدينة ديدان حوالي عام 150 ق.م وكان ذلك في حوالي عام 115 ق.م»[9].
وهذا يعني أن حكم الديدانيين كان سنة 160 ق.م، أي بعد إنتهاء حكم  مملكة المعينيين، ولكن حكم الديدانيين لم يستمر طويلاً إذ ظهر اللحيانيون وحكموا ما بين 115 ق.م- 85 ق.م،  فبعدها سيطر الأنباط على مملكة لحيان.
وديدان التي حكمها اللحيانيون أصبحت عاصمةً لهم وهي «واحدة من مناطق الاستقرار الرئيسية في شبه الجزيرة العربية، تقع في وادي القرى جنوب شرق حرّة عويرض في وادٍ ضَيِّقٍ بين سلسلةٍ من الجبال في الشرق والغرب على بُعد 22 كم جنوب مدائن صالح (الحِجر) ومن ناحية الغرب تبعد ديدان مسيرة خمسة أيامٍ عن البحر الأحمر. ويحدها من الشمال الغربي أرض مِديَن، وأهمية موقع ديدان تكمن في أنها تقع للقادم من الجنوب عند مفترق طرقٍ شماليةٍ (مدائن صالح، تبوك، بترا) وشماليةٍ غربيةٍ نحو واحة تَيماء، والمركزان إما متنافسان أو متكاملان ويَتَّجه الأول نحو الشمال والثاني نحو الشرق، أي «بابل»»[10].
أما عن منازل لحيان فيقول الدكتور منذر البكر «ويظهر أنَّ منازل لحيان عند ظهور الإسلام أرضٌ جبليةٌ غزاها الرسول P بغزوة عُرِفتْ (بغزوة بني لحيان) وذلك يوم الثلاثاء غرّة جُمادى الأولى فاعتصموا برؤوس الجبال وهَجَمَ الرسول P على طائفةٍ منهم على ماء لهم يقال له (الكِدَر)... كما استعمل اللحيانيون بيوتاً عاليةً والسبب راجع لضيق الوادي، لأنَّ اتساع المدينة سيكون على حساب الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة ولا تزال آثار الريّ القديمة ظاهرةً لحد الآن»[11].
وديدان كانت قد تعرَّضَتْ لغزو الملك البابلي نابونيد سنة 556- 539 ق.م أي في النصف الأول من القرن السادس قبل الميلاد وتُعرَف حاليّاً العُلا أو الخُريبة، وقد اتخذها الملك البابلي نابونيد عاصمة ً لحكمه لمدة عشر سنواتٍ[12].

آلهة لحيان
يقول كاسكل «في ديدان اللحيانية عبدوا ثلاثة آلهةٍ وإلهةً واحدةً، والإله الرئيسي عربيٌّ صرفٌ، ذُكر بلقبه فقط، وهو الإله (ذو غابت أي سيد الأحراش) وكان نمو أشجارٍ كثيفةٍ في شبه الجزيرة العربية أمراً نادراً، إذ إنّ مثل هذا المكان يكفي لأن يرسم في الخيال بأنّ هناك قوةً إلهيةً موجودةً. ويتوسَّط معبد الإله (ذو غابت) مدينة ديدان، وفي فنائه الواسع الداخلي يرتفع حوضٌ للماء إلى أكثر من مترين، وقد نُحِتَ من الصخور الرملية الطبيعية، ويقود إلى داخل المعبد سُلّمٌ، ووجود حوض الماء يمكن أن يكون للاغتسال والطهارة لأجل العبادة، وفي إحدى القاعات التي تحد الفناء من الشمال صفٌّ من التماثيل، وعلى الجهة المقابلة يوجد تمثالان بحجم الإنسان الطبيعي وكُلُّ القرابين والنذور تُقدَّم إلى جميع الإلهة لا للإله (ذو غابت) وحده غير أنّ الآلهة الأخرى تعتبر ضيوفاً»[13].
ولكن رأي كاسكل هذا عارضه رأيٌ آخرُ للدكتور الأنصاري الذي «يعتقد أنّ اسم الإله (ذو غابت) إمّا أن يكون صاحب الغابة لخصوبة منطقة ديدان وما حولها أو بمعنى إله السماء أي الإله الغائب، بينما يعتقد موسل إنّ الإله ذو غابت له صِلةٌ بالقوافل التجارية، وهي محاولة تربط ما جاء في التوراة»[14]، ويرى أحد الباحثين «أنّ الاسم ذو غابت صفةٌ لإله القمر، أي أنه الإله الذي يظهر ويغيب، لأنّ القمر من الكواكب التي تظهر في الليل وتغيب في النهار ويظهر في منتصف الشهر كبدر ويغيب في أوله وآخره، لذلك أطلق عليه اللحيانيون (ذ غ ب ت) بمعنى ذو الغيبة»[15].
ولكن عند التتبع لآلهة لحيان نجد أنّ الآلهة المعبودة عندهم عديدةٌ وهي[16]:
1 -من المعبودات الشمسية (الإله شمس، واللاَّت)
2 -من المعبودات القمرية (مَنّاة)
3 -من المعبودات الأخرى (سلمان، سواع، صلم، عوس «عيسى»، كاتب، مُحرٌّ، نصر، هانئ، همحر، هنا-كتب، هين-أس، يهوة).
فمثلاً (سواع): هو من الأصنام الأولى التي عبدها العرب وكان مكانه برهاط من أرض يَنبُع من أعراض المدينة وكان سدنته بنو لحيان[17].
و(الشمس): وهو الإله الرئيس في شمال الجزيرة العربية وفي معظم الدويلات العربية الشمالية، حتى أن الحَضَر عُرِفَتْ بمدينة الشمس. وقد وَرَدَ في النقوش الثمودية وعَبَدهُ التدمريون واللحيانيون والشمس عند عرب الجنوب مؤنثة[18].
و(صلم): وهو معبودٌ آراميٌّ وعربيٌّ جنوبيٌّ كان يُعبَد في لحيان وكان من عبادات أهل تيماء، وتَدلُّ بعضُ الأسماء المركّبة الواردة في الكتابة اللحيانية مثل صلم بهب على أنه معبودٌ عند اللحيانيين ورُمِزَ له برأس ثورٍ في كتابات ثمود[19].
وهكذا بالنسبة للآلهة والمعبودات الأخرى التي ذكرناها.

تجارة لحيان مع الشرق
ذكرنا فيما سبق أنّ لحيان (ديدان) تقع عند مفترق طرقٍ إلى الشمال، ففي الشمال مدائن صالح وتبوك والبتراء، وإلى الشمال الغربي واحة تيماء. ونحو الشرق بابل والعراق، ولذلك ((وَسَّع اللحيانيون تجارتهم قديماً إلى الشرق، إلى المنطقة التي اُنشِئت فيها في القرن الثالث الميلادي (مدينة الحِيرة) التي تقع على جانب نهر الفرات على بُعد 150 كم جنوب بغداد وفي مدينة الحيرة هذه توجد ذكرياتٌ عن اللحيانيين، كما يُوجَد حيٌّ في المدينة باسم لحيان إلى القرن السابع الميلادي[20]. وهذا ليس هو الأثر الوحيد الذي خلّفهُ أو تركه اللحيانيون في الشرق، فعلى بعد 175 كم جنوب الحيرة وعلى الطريق التجاري القديم... وأخيراً طريق الحُجّاج غرب شبه الجزيرة العربية تقع محطةً للقوافل التجارية تُعرف باسم محطة سلمان[21]، الاسم الذي لم يرد ذكره كثيراً بين أسماء المناطق العربية، والظاهر أنّ هذه المحطة سُمّيت باسم الإله سلمان اللحياني، وهو حارس القوافل التجارية، إذ أنّ التجّار اللحيانيين أنشأوا لهم في هذه المنطقة مكاناً للعبادة، وقد عَبَدَ البدو في القرن السادس الميلادي في هذه المنطقة إلهاً آخر وهو الإله المُحرَّق، وذلك لأنّ المكان المقدّس تبقى قدسيته أما الآلهة فتتغير»[22].
والحي الذي استقرّ به اللحيانيون في الحِيرة كان خاصّاً بالتجّار اللحيانيين الذين استقروا في بداية القرن الثالث الميلادي في الحِيرة، واستمروا في وجودهم هناك إلى القرن السابع الميلادي، وعلى الطريق التجاري القديم كانت محطة القوافل (السلمان) نسبة إلى اسم الإله اللحياني (سلمان) حارس القوافل التجارية ويبدو أن الكنية التي يحملها هي (أبو إيلاف) وهو ربّ القوافل عندهم[23].
وتمثّل هجرة اللحيانيين أهم الهجرات إلى العراق، إذ استقروا فيه فترةً طويلةً، ولكن كاسكل لم يذكر شيئاً عن القبائل التي سَكَنتْ غرب العراق وخاصة مناطق الأنبار والحيرة وكربلاء وقد أورد أحد الباحثين المعاصرين تفاصيل ذلك بقوله «قال ابن الكلبي: لحيان بقايا جُرهُم ونزول كثيرٍ من تنوخ الأنبار والحِيرة وما بين الحِيرة إلى طف الفرات وغربيّه إلى ناحية الأنبار وما والاها في المظال والأخبية، لا يسكنون بيوت المَدَر ولا يجامعون أهلها فيها، واتصلت جماعتُهم فيما بين الأنبار والحيرة، وكانوا يُسمَّون (عرب الضاحية) فكان أول ملك منهم في زمان ملوك الطوائف، مالك بن فهم وكان منزله مما يلي الأنبار، فمَلَكَ من بعده أخوه عمرو بن فهم ثم هَلَكَ عمرو بن فهم فمَلَكَ من بعده جُذيمة الأبرش بن مالك بن فهم بن غانم بن دوس الأزدي.
وقال ابن الكلبي: دوس بن عدنان بن عبد الله بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وقال أيضاً: إنّ جذيمة الأبرش من العاربة الأولى من بني ديار بن أميم بن لوذ بن سام بن نوح وقال: وكان جذيمة من أفضل ملوك العرب رأياً وأبعدهم مغاراً وأشدَّهم نكايةً وأظهرهم حزماً، وأول مَنْ استُجمِع له الملك بأرض العراق وضَمَّ إليه العرب وغزا بالجيوش وكان به برصٌ، فَكَنَّت العرب عنه وهابت العرب أن تُسمِّيه به وتنسبه إليه إعظاماً له، فقيل جُذيمة الوضّاح وجذيمة الأبرش. انتهى، وكانت منازله فيما بين الحِيرة والأنبار أي (مدينة النهرين) وضواحيها وبقة وهيت وناحيتهما وعين التمر وأطراف البحر إلى العمير والقطقطانة وخفية وما والاها، وتُجبى إليه الأموال وتفد إليه الوفود، وكان قد غزا طسماً وجديساً في منازلهم من جو وما حولهم وكانت طسم وجديس يتكلمون العربية، ونرى أنّ جرهم عندما نزلت بين الحيرة والأنبار، وهي الأراضي الاستيطانية التابعة إلى كربلاء حاليّاً، سُمّوا بعرب الضاحية، أي أنها ضاحية كربلاء في الوقت الحاضر، ويتضّح لنا أن مالك بن فهم هو أول مَلِك سَكَن منطقة الأخيضر وكربلاء. ولذلك نرى أن الرواية قد ذكرت مسكنه مما يلي الأنبار، ولهذا فإنّ أول دولة من ملوك الطوائف أُقيمت في ضاحية كربلاء قبل الأنبار والحِيرة وبالتحديد في منطقة الأخيضر، وشرق نهر الفرات (فرات كربلاء) ثم توسعوا إلى ضفة نهر الفرات.
وبعد ذلك صار المُلك من بعد جُذيمة لابن أخته عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن الحارث بن مالك بن عمرو بن نمارة بن لخم[24]. وهو أول مَنْ اتَّخذَ الحِيرةَ منزلاً من ملوك العرب وأول مَنْ مجَّدهُ أهلُ الحيرة في كتبهم من ملوك العرب بالعراق وإليه ينسبون، وهم ملوك آل نصر، فلم يزل عمرو بن عدي ملكاً حتى مات وهو ابن مئة وعشرين سنة مُنفرِداً بملكه مُستبدّاً بأمره بغزو المغازي.
ومن ذلك يتضح أن الاستيطان في ضاحية كربلاء (بلاد النهرين) قد سَبَق الاستيطان بالحيرة والأنبار من قبل ملوك العرب، لذا فإنّ أول الهجرات العربية إلى العراق قد استقرّت واستوطنت كربلاء وضواحيها»[25].

الأنباط ولحيان
بعد الضعف الذي ظهر على مملكة لِحيان، سَيطَرَ الأنباط عليها في الفترة 25- 10 ق:م؛ وإنّ «أول إشارةٍ واضحةٍ تشير إلى مدى قوة الأنباط ترجع إلى القرن الرابع ق.م. قبل هذا التأريخ لا تشير المصادر التأريخية لدور الأنباط في المنطقة، ما يجعلنا نرجّح القولَ أنّ الأنباط ظهروا على المسرح السياسي حوالي القرن الخامس ق.م: ويبدو أنه في القرن الرابع أو الثالث ق.م. أصبح للأنباط قوةٌ تجاريةٌ وسياسيةٌ فَرَضت نفسها، وبالتالي حدّدت طبيعة قوة الأنباط ما جعلها دولة منافسة للبطالمة والسلوقيين، الأمر الذي دفع الأنباط للسيطرة على منطقة النقب منذ القرن الثالث ق.م. وقد حَدّدَ القرن الثالث ق.م. طبيعة العلاقات الدولية في تلك الفترة التي تزامنت مع ظهور قوتين متنافستين متصارعتين وهما البطالمة والسلوقيين وقد أثّر هذا بشكلٍ ٍ على سَير العلاقة اللحيانية النبطية في الشمال الغربي لشبه الجزيرة العربية، وبالتالي أصبَحَ اللحيانيون حلفاء للبطالمة والأنباط حلفاء للسلوقيين، ويبدو أنّ هذا التحالف دَخَلَ في نطاقٍ عسكريٍّ واقتصاديٍّ أيضاً»[26].
وهذا الأثر النبطي سينعكس مستقبلاً على اللغة اللحيانية، فالكتابة اللحيانية كما يرى كاسكل ليس لها شبيهٌ في المنطقة، أي أنها نوعٌ جديدٌ من الكتابة ولكنها وفق قوله: «تعتبر بدايةً سابقةً للغة العربية الكلاسيكية، التي لها اتصالٌ باللغة العربية الحالية، وبطبيعة الحال تنقص اللحيانية مجموعة تعبيرات العالم البدوي، والتي أفادت منها العربية الكلاسيكية في تعبيراتها واستعمالاتها وصيغها، وإن القيم البدوية سواءً اعتبُرِتْ حضاريةً أم غير حضاريةٍ، والتي أحلّت الشعر محل الكتابة تقع في المرحلة التي أعقبت المرحلة اللحيانية»[27].
ولعلّنا نقول: إنّ هذا الرأي يحتاج إلى ما يسندهُ وخاصةً قوله أنّ تلك الكتابة (اللحيانية) وخاصةً في مراحلها الأخيرة لها اتصالٌ باللغة العربية الحالية، وهذا أمرٌ مُشكِلٌ لأنّ الكتابة اللحيانية شيءٌ واللغة اللحيانية شيءٌ آخرُ، وهو يجمع بين الإثنين، فاللغة هي وعاء الفكر والحياة والثقافة، والكتابة هي الواسطة لنقل تلك اللغة وليست هي اللغة نفسها، فالكتابة اللحيانية هي أقرب لخط المسند الجنوبي والعربية الكلاسيكية هي بصورةٍ مباشرةٍ وغيرِ مباشرةٍ متطورةٌ من الخط النبطي، وهو «مُشتقٌّ أصلاً من الآرامية، وأصبح يبتعد شيئاً فشيئاً عن أصله الآرامي حتى تميّز منه وأصبح يُعرَف بالخط النبطي والذي بدوره تطّور في حدود القرن الثالث الميلادي إلى الخط المألوف في لغة عرب الشمال لغة القرآن الكريم ولغة العصر الحاضر»[28].
وهذا الخط أي الشمالي هو الذي كُتبت به المُعلّقات التي ينتمي كل شعرائها إلى عرب شمال الجزيرة العربية لا لجنوبها، وهذا الخط كان على نوعين «من الكتابة النبطية أُطلق على النوع الأول الخط النبطي القديم وهو أشبه بالخط الكوفي حيث تَكثُر به الزوايا والخطوط المستقيمة وكان يُنحَت عن الصخور ويُدوّن على النقود، أما النوع الثاني وهو الخط النبطي المتأخر فهو أقرب إلى الخط العربي الحديث ويمتاز بربط حروفه مع بعضها ومنه اشتقَّ الخط العربي الذي نكتب به اليوم»[29].
وهذا الخط هو الذي انتقل إلى الحيرة التي أصبَحَتْ وريثة تلك الممالك وكانت فيما بعد «المدرسة التي تعلّمَ منها كُتّاب الحجاز القلم الذي دُوِّن به القرآن الكريم على ما يذكر أهل الأخبار»[30]، ونبغَ فيها عددٌ كبيرٌ من العلماء النصارى قبل الإسلام وكانت في كنائسها ودياراتها وفي قصور ملوكها سجلاتٌ ودواوينُ فيها أخبار[31] من مَلَكَ تلك المدينة وما قيل فيهم من شعرٍ[32].
ويذهب رأيٌ آخرُ إلى أنّ الكتابة اللحيانية لا تعود إلى الخط المسندي الجنوبي بل أخذتْ لحيان بالخط الشمالي لأنها «عاشت في شمال الحجاز وكانت ثقافتهم وريثة ثقافة ديدان وثمود الذين تَعرَّضوا لتأثير الثقافة العراقية بعد استيلاء نبوئيد على هذه المناطق حتى يثرب، فقد اتخذَ الملك نبوئيد تيماء عاصمة ً له بدلاً من بابل ما يزيد على عشر سنواتٍ 555- 539 ق.م أي بعد استيلاء كورش الفارسي على بابل»[33].
وهذا الاختلاط اللحياني مع الثقافة البابلية وإنتهاءً بالحِيرة سيؤدي مستقبلاً إلى ظهور ذلك الخط المنقول إليهم عبر الأنباط، فهذا الأمر وارد وبشكلٍ كبيرٍ إذ يقول الدكتور جواد علي: «أما موضوع أخذ أهل مكة خَطّهم المذكور من العراق فرأيٌ لا أستبعده، فقد كان عرب العراق يكتبون، ولهم مدارسُ لتعليم الكتابة مُلحقة بالكنائس والأديرة، وقد كان بين أهل مكة وبين عرب العراق ولا سيما الأنبار والحيرة اتصالٌ وثيقٌ، وكان تجّار مكة يأتون بتجارتهم إلى الحيرة ويقيمون فيها، فلا يُستبعد تعلّمهم أو تعلّم بعضهم الخط من أهل الحيرة ومن أهل الأنبار، كما أنّ للتبشير يدٌ في نقل هذا الخط إلى الحِجاز وربما إلى مواضع أخرى من جزيرة العرب، وقد كان هؤلاء المبشّرون يكتبون بقلمٍ نبطيٍّ أو بقلمٍ آراميٍّ متأخرٍ وهو والد القلم النبطي الذي نكتب به، وقد يكون المبشرون من أهل العراق نشيطين في التبشير في جزيرة العرب فلا يُستبعَد أن يكون من بينهم مبشرون حيريون نقلوا الكتابة إلى دومة الجندل والحجاز ومواضع أخرى من جزيرة العرب»[34].
هذا الانتقال في الخط وتطورَّه، ذكره ابن خلدون، ولكنه للأسف كان يحاول أن يَنسِبَ أصل الخط الحيري إلى حِميَر إذ يقول «ومن الحِيرة انتقل الخط ولقّنهُ أهل الطائف وقريش، ويُقال أنّ الذي تعلّم الكتابة من الحيرة هو سُفيان بن أمية ويُقال حرب بن أميّة، وأخذها منه أسلم بن سدرة... فالقول بأنّ أهل الحِجاز لُقّنوها من الحِيرة، والحِيرة من التبابعة وحِمير هو الأليق من الأقوال»[35].
وقد يكون كلام ابن خلدون هو المُؤثّر في توجّه البعض الذي يعتقد بالأصل الجنوبي للخط. وإلاّ فهل من المعقول أن تنشأ علوم العربية على يد العراقيين بعد الإسلام بصورةٍ كبيرة دون وجود إرهاصات لذلك، ولذا يقول الدكتور جواد علي: أنه «لا يُعقل أن يكون ظهور علوم العربية في العراق قبل الأمصار الإسلامية الأخرى طفرةً من غير سابقة ولا أساس، وأن يكون تفوق الكوفة والبصرة على المدن الإسلامية الأخرى ومن ضمنها مُدن الجزيرة العربية في علوم العربية مصادفة وفجأة ً من غير علم ٍ سابق ولا بحث في هذه الموضوعات قبل الإسلام: أنني اعتقد أن علم العروض وعلم النحو وعلم الصرف وسائر علوم العربية الأخرى لم تظهر في العراق إلاّ بوجود أسس لهذه العلوم فيه تعود إلى أيام ما قبل الإسلام، وهذه الأسس القديمة الجاهلية هي التي صيّرت العراق الموطن الأول لهذه العلوم في الإسلام»[36].

البدو ودورهم في الصراع السياسي
حاول فيرنر كاسكل في مبحثه هذا أن يسلّط الضوء على قوة البدو العسكرية ودورها في نشوء الكيانات السياسية في الجزيرة العربية، وقد أعطى ثلاثة أمثلةٍ لذلك، وهي دور البدو أو (الأعراب) في نشر الإسلام وخاصةً في مناطق شمال الجزيرة العربية إذ كانت «الطلائع الأولى للجيش حجر الأساس للعرب في المناطق التي حرّروها فقد تبعتهم عوائلهم إلى المناطق التي عسكروا فيها وفي مدةٍ متأخرةٍ هاجرت جماعةُ أخرى استوطنت أعالي الفرات واستقرّ قسمٌ منها في مصر بتوجيهٍ من السلطة المركزية واندفعوا في مدةٍ تاليةٍ باتجاه الشمال... وهذا يتَجلَّى واضحاً في الأمصار التي أُنشِئِتْ حديثاً- البصرة والكوفة والقاهرة القديمة،... وقد أدّى وجود العصبية القبلية إلى استمرار الصراع بين قبائل بكر وتميم في البصرة وهو استمرارُ للصراع القديم في عصور ما قبل الإسلام، وكذلك الحال في الكوفة، أما في القاهرة القديمة فلا نجد وجودًا للصراع القبلي لأنّ القسم الأعظم من سكانها من أصول يمانية»[37]، والصراع والعصبية القبلية هو ما اعتمده الأمويون الذين تصاهروا مع قبائل كلب التي عبرت الصحراء السورية قادمةً من وسط الجزيرة العربية، وبعد ذلك ظهر الصراع بين قبائل كلب المؤيّدة للحكم الأموي وقبائل قيس المؤيدة لابن الزبير وذلك سنة 684 ه»[38].
ويستطرد كاسكل في إعطاء أمثلة عن الصراع القبلي في بداية الإسلام، فالرجل له خبرةٌ واسعةٌ في الأنساب والقبائل وأماكن وجودها.
أما المثال الثاني الذي يأتي به كاسكل فهو حركة القرامطة وأثر العصبية القبلية في تطورها وامتدادها في رقعةٍ واسعةٍ من شمال الجزيرة العربية وأثرها في الهجرة البدوية.
والمثال الثالث الذي أتى به كاسكل هو ظهور الحركة الوهابية ودورها في الهجرة البدوية إلى شمال الجزيرة العربية، ودور البدو في إظهار ومساندة هذه الحركة وامتدادها.
هذه الأمثلة التي عرضها كاسكل كان للبدو الدور الكبير في امتدادها وتوسَّعها وأثرها على الحياة الاجتماعية والسياسية في العراق، وخاصةً جزءه الغربي والجنوبيّ الغربي، إذ أدَّتْ إلى التأثير الكبير على النسيج الاجتماعي والحضاري في العراق بسبب موجات تلك القبائل البدوية الصحراوية، وهو الذي أدّى إلى ظهور الصراع الحضري البدوي في العراق وأدّى إلى تصارع القيم بينهما، ما جَعَلَ العراق ساحة ً للصراعات الكبيرة، لأنّ العراق كان في السابق حاضرةً مدنيةً، وتلك الموجات البدوية قد تَرَكتْ آثاراً كبيرة ولكن الأمر في سوريا كان أقلّ حدّة ممّا كان في العراق.
هذا الصراع القبلي البدوي وتفصيلاته التي بحثها كاسكل في كُتيِّبٍ له صدر عام 1952 كان قد ترجمه الدكتور منذر البكر عام 1988، واعتقد أنهُ قد أثّر في الدكتور البكر الذي كتب بحثاً عن «الصراع السياسي والاقتصادي حول السلطة في العصر الأموي» وأفاد من فكرة كاسكل، فقد رأى البكر أنَّ هذا الصراع لم يكن قبليّاً وبدويّاً فقط بل كان صراعاً ثلاثيّاً كانت نتائجه كبيرة على العراق وخاصة في كربلاء، لأنّ هذا الصراع تمثّل بفئات ثلاث هي:
1.الارستقراطية العربية، وهي الفئة التي تَحكَّمت بالأموال المُستثمَرَة في التجارة قبل ظهور الإسلام وخاصة في مكة، وأفادت من الوضع السياسي في الإسلام وكان سكانها لا يهتمون بغير التجارة وجمع المال حتى في بداية دخولهم الإسلام، وكانت هذه الفئة قد وقفت موقفاً معادياً من الإسلام ويمثل هذا الاتجاه بنو (أمية وعثمان بن عفّان) وأنّ انتخاب الأخير للخلافة كان نجاحاً كبيراً لهذه الفئة، وقد نَمَتْ هذه الفئة اقتصاديّاً وسياسيّاً في عهد عثمان نموّاً لا مثيلَ له، إذ أهدى إقطاعياتٍ كبيرةً لبعض أقربائه وزاد العطاء لهم، وهذه الإجراءات شَجَّعت هذه الفئة على استعادة مجدها الاقتصادي والسياسي القديم ومن أفراد هذه الفئة معاوية وآل مروان[39].
2.الارستقراطية الإسلامية، وهذه الفئة تُمثّل الطبقة الوسطى من المجتمع وخاصةً في المدينة وشيوخ بعض القبائل وأشرافها والمزارعين.
3.أما الفئة الثالثة، فهي تضم المُستَضعَفين والفقراء والعبيد و... التي وجدت في الإسلام المُنقِذ من الفاقة والجوع، من هذا المنطلق كانت هذه الفئة تقف دائماً موقف المعارض لأيِّ استغلال اقتصاديٍّ، ووراء أيِّ ثورةٍ أو تمرّدٍ اجتماعيٍّ ضد التسلّط الطبقي.
أدى الصراع بين هذه الفئات إلى تناقضٍ اقتصاديٍّ واجتماعيٍّ كبيرٍ في تركيبة المجتمع الإسلامي، وأدّى إلى ظهور الثورات والانتفاضات والصدامات الكبرى. وكانت هذه الفئة (الثالثة) تجد في الإمام علي Q خيرَ مُمثّلٍ لها ولكن بعد استشهاده رأت أنّ الإمام الحسين Q هو مَنْ يمثلها.
أما موقف الفئة الثانية فقد كان متذبذباً لأنها كانت تخشى الفئة الأولى وجشعها الاقتصادي وطموحها السياسي، وهكذا فالصراع الطبقي سواءً أكان قبليّاً أم اقتصاديّاً أدّى إلى سحق الفئة الثالثة، عندما استعانت الفئة الأولى بالثانية.

حصن الأخيضر أم قصر الأخيضر
في دراسته عن الأخيضر يذكر كاسكل أنه (قصر الأخيضر)، ونَذهَب إلى أنه حصن مع قصر وليس قصراً لوحده، لأنّ القصر هو جزءٌ من هذا الحصن الكبير، فالقصر كان قد بُني، في البداية ثم أُحيط بالسور وبهذا تشكّل الحصن، وذهب كاسكل إلى أنّ حصن الأخيضر هو نفسه قصر مقاتل، وهذا غير صحيحٍ، فقصر مقاتل مكانٌ آخرُ لا علاقةَ له بالحصن وهما ليسا بناءً واحداً، وذهب كذلك إلى أنّ (قصر الأخيضر) هو من أبنية العصر العباسي، وهذا الأمر كذلك غير دقيقٍ فهو من أبنية العصر الحيري في العراق. وهكذا فملاحظاتنا حول بحث كاسكل تنحصر في هذه الأمور الثلاثة:
أما عن قصر مقاتل فهو يقع ما بين عين التمر والشام كما يرى ياقوت الحموي[40]. وينسبه البلاذري إلى مقاتل بن حسان بن ثعلبة بن أوس بن إبراهيم بن أيوب بن مجروف بن عامر بن غضبة بن إمرئ القيس بن زيد بن مناة بن تميم[41]. والدكتور عبد العزيز حميد  يقول: «إن أستاذنا الدكتور صالح أحمد العلي يرى أن قصر مقاتل ربما كان الأخيضر نفسه فإن لم يكن هو فإن قصر مقاتل كان قريبًا جدًّا منه»[42]، والدكتور مصطفى جواد يقول: «ظَنَّ بعضُ الأدباء أن قصر مقاتل هو حُصن الأخيضر الحالي مع أنّ القصر غير الحصن وأنّ قصر مقاتل كان قرب الكوفة في جنوب الأخيضر»[43]، وتُقدَّر المسافة بينهما بستة كيلومترات إذ يقع قصر مقاتل شمال حصن الأخيضر، وهو ما أشار إليه أحد الباحثين خطأً[44]، لذلك أقول أن قصر مقاتل يقع إلى جنوب الأخيضر أي أنّ الذي يقع شمالاً هو الأخيضر لا قصر مقاتل، ويفصل بينهما وادي الأُبيِّض وقد يكون الخلط بين المكانين حاصلاً بسبب أسبقية قصر مقاتل في البناء على حُصن الأخيضر ولقربهما، ومن ثمّ اتخاذ قصر مقاتل مكاناً لإيواء عمّال البناء الذين كانوا يعملون على تشييد حصن الأخيضر كما يذهب أحد الباحثين إلاّ أنه تمّ هدم قصر مقاتل بعد إكمال البناء الجديد، وأنا استبعد هذا الكلام لأنه كان موجوداً عندما اتّجه الإمام الحسين Q من القادسية إلى كربلاء ونَزل به، ولم يكن مهدّماً أو مندثراً سنة 61 ه [45] أي بعد بناء الأخيضر، إذ إلتقى الإمام الحسين Q في هذا المكان بعبيد الله بن الحر الجعفي، ولكن الأخير لم ينصرْ الإمام الحسين Q، فنَدَم على ذلك فيما بعد وقال[46]:
غَداة يقول لي بالقصرِ قولاً
أتتركنا وتَزمَعُ على الفراقِ
ولو أنّي أواسيهِ بنفسي
لنلتُ الكرامة يوم التلاقي
وخرائب قصر مقاتل أصبحت فيما بعد على شكل تلول سُمَّيت بتلول الأخيضر وهي تقع في الجانب الثاني من وادي الأُبيّض وفي الجانب الأول يقع حصن الأخيضر.
أما حصن الأخيضر فهو ليس بقصرٍ بل هو مدينةٌ كاملةٌ، وقد أشار الدكتور مصطفى جواد إلى تأريخ هذا الحصن إذ قال: «والذي أيّدته التواريخ وعضّدهُ علم الآثار أنّ سابور بن أردشير هو الذي فتحَ مدينة الحَضَر وأخربها، وهو الذي سبا ابنة ملكها وأعرس بها بعين التمر، وهذا يرفع تأريخ حصن الأخيضر إلى القرن الثالث للميلاد بدلاً من القرن الرابع الميلادي، وقد خُرّبت عين التمر وبَقيَ حصنها»[47]، وهذا يعني أنّ في عين التمر مكاناً يليق بزواج أحد الملوك آنذاك وأشار البلاذري ت279 ه في كتابه فتوح البلدان[48] إلى أنّ القصر الذي يُعرَف بقصر عيسى بن علي- أي زمن البلاذري- هو قصر سابور وهو ذات القصر الذي أعرس به آنذاك. وهو يؤيد ما نذهب إليه أنه قصر من قصور عصر ما قبل الإسلام، فإذا كان سابور بن أردشير وهو من ملوك فارس في القرن الثالث الميلادي كان قد أعرس به فهذا يعني وجوده قبل هذا التأريخ، بعد ذلك سُمّي بقصر عيسى بن علي الذي جدّدهُ كما قيل سنة 145 ه، ثمّ نُسِبَ إلى الأخيضر أو إلى مَنْ جدّدهُ وهكذا فالبناء باقٍ ويَتَجَدّد عليه ما يحتاج لذلك ويَتَغيَّر اسمه، حتى وصل العصر العباسي فتم تجديده فاعتقد الباحثون أنه من قصور العصر العباسي بسبب الطُرز المعمارية والنقوش التي ظهرت عليه. وقد وجد أحد الباحثين نقوشاً كتابية على جدران الأخيضر تعود لما قبل الإسلام فكتب بحثاً عنوانه[49] (نقوش كتابية على جدران الأخيضر) وتعود هذه النقوش إلى العرب الصفائيين الذين استخدموا هذا النوع من الخط.
أما عن قولنا أنه حصنٌ وليس قصراً فقد كانت بدايته على شكل قصرٍ، ولكن أضيف إليه فيما بعد السور الخارجي والدفاعات والأبراج ما جعله مدينة مُحصّنة لا قصراً. وقد شَرَحتُ كُلَّ ذلك فيما سبق[50].

-----------------------------------
[1] يُنظر «المستشرقون» لنجيب العقيقي، دار المعارف، مصر، ط5 سنة 2006، 2/ 465
[2] هذا الكتاب مجموعة بحوث المؤتمر الاستشراقي الذي عُقِدَ في لييج في بلجيكا من 21- 25 / 9 / 1953 وشارك فيه 17 مستشرقاً، ونَشرت ترجمته العربية مكتبة دار المتنبي في بغداد في 552 صفحة، وكان بحث كاسكل في الصفحات (481- 521).
[3] دراساتٌ في تأريخ العرب قبل الإسلام، الدكتور منذر البكر، من إصدارات جامعة البصرة سنة 1991 ص 380.
[4] يوجد عرضٌ لهذه الأطروحة كتبه الباحث نفسه في مجلة كلية الآداب بجامعة الرياض مجلد 1 السنة الأولى سنة 1970 ص 428 - 431.
[5] مملكة لحيان دراسةٌ في الأحوال السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية- عمر فيصل خولي، رسالة ماجستير، كلية الآداب جامعة البصرة سنة 2002 صفحة ج.
[6] أي الحجر البركاني الذي يتحوّل إلى اللون الأسود.
[7] يُنظر دراساته في تأريخ العرب قبل الإسلام ص 380.
[8] المصدر نفسه 382.
[9] المصدر نفسه 380.
[10] مملكة لحيان، عمر فيصل خولي ص1.
[11] دراسات في تأريخ العرب قبل الإسلام ص388.
[12] مملكة لحيان عمر فيصل خولي ص1.
[13] لحيان المملكة العربية القديمة ص186.
[14] شمال الحجاز، للمستشرق موسل ص186.
[15] مملكة لحيان عمر خولي ص53.
[16] هذا الأمر قد فصّلناه في كتابنا (خريطة عبادات العرب قبل الإسلام)، دار جيكور بيروت ط1 سنة 2016.
[17] ينظر المصدر نفسه 285.
[18] ينظر المصدر نفسه 287.
[19] ينظر المصدر نفسه 288.
[20] جاء في تأريخ الطبري (تأريخ الرسل والملوك) تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت سنة 1409 ه - 1 / 749 أنّ لحيان دلّ عليه من خلال أبياتٍ شعريةٍ منسوبةٍ إلى حاتم الطائي، ومعنى لحيان قصر في الحيرة، ويقول ياقوت: في معجم البلدان 5/ 15 وهو أبيض، بناه النعمان له بالحيرة، وقال حاتم الطائي:
وما زلتُ أسعى بين خصٍّ وداره    ولحيان حتى خفتُ أن أتنصَّرا
[21] ماءُ على طريق مكة من العراق قال أبوزيد وأنشد:
ومات على سلمان سلمى بن جندلٍ وذلك ميت ما علمتُ كريمُ
ورواه غيره (لو علمتُ كريم) قال أبو زيد: وبسلمان مات نوفل بن عبد مناف، راجع البكري معجم ما استعجم 3 / 750. وهو حاليّاً في بادية السماوة في العراق ويُسمَّى نُقرة السلمان.
[22] لحيان المملكة العربية القديمة، كاسكل ص193.
[23] يُنظر دراساتٌ في تأريخ العرب قبل الإسلام ص387.
[24] ينظر تأريخ الطبري 2/ 37
[25] كربلاء عبر التأريخ (جغرافية مدينة النهرين خلال ستة وعشرين عاماً)، مهنا دويش المطيري مطبعة الزمان بغداد سنة 1994 ص122.
[26]مملكة لحيان، عمر خولي، ص27.
[27] لحيان المملكة العربية القديمة، ص195.
[28] النظرية النبطية حول أصل الخط العربي الحديث، هاشم طه رحيم، مجلة واسط للعلوم الإنسانية العدد 10 ص 139.
[29] المصدر نفسه ص141
[30] يُنظر نهاية الأرب 7 / 3، والمُزهر للسيوطي 2 / 343، الفهرست لابن النديم ص4 وعيون الأخبار 1 / 43، المعارف 273، نقلاً عن أبحاث في التأريخ الإسلامي وهو مجموعة بحوث الدكتور جواد علي جمعها ودرسها وراجعها الدكتور نصير الكعبي نشر المركز الأكاديمي للأبحاث ودار الجمل بيروت سنة 2011 مجلد 2 / 362.
[31] قال الطبري، 2/ 37: «كنتُ أستخرج أخبار العرب وأنسابهم وأنساب آل نصر بن ربيعة ومبالغ أعمار مَنْ وليَ منهم لآل كسرى وتأريخ نسبهم من كتبهم بالحيرة» ويُنظر كذلك الخصائص لابن جني 1 / 393، وتاج العروس 2 / 70، وطبقات الشعراء ص10، والُمزهر 2 / 474.
[32] أبحاثٌ في التأريخ الإسلامي، د. جواد علي 2 / 362.
[33] ينابيع اللغة الأولى، سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، بيروت، سنة 2009، ص215.
[34] المفصّل في تأريخ العرب قبل الإسلام،  د. جواد علي، دار العلم للملايين، بيروت سنة 1969، 8 / 60.
[35] مقدمة ابن خلدون، دار العلم للملايين، بيروت 2 / 60.
[36] المفصّل في تأريخ العرب قبل الإسلام، 8 / 228.
[37] الدور السياسي للبدو في التأريخ، كاسكل ص81.
[38] المصدر نفسه، ص82.
[39] ينظر الصراع السياسي والاقتصادي حول السلطة في بداية العصر الأموي، د. منذر البكر مجلة المورد مجلد3، عدد3 سنة 1974 ص128-132.
[40] ينظر معجم البلدان، دار صادر، بيروت، 1995، 4/ 643.
[41] فتوح البلدان، ص 248.
[42] أضواءٌ جديدةٌ على حصن الأخيضر،د. عبد العزيز حميد، مجلة سومر، جزء1-2، مجلد 37، سنة 1981، وينظر بحث الدكتور أحمد صالح العلي (منطقة الكوفة دراسةٌ طوبوغرافيةٌ مُستندةٌ إلى المصادر الأدبية)، مجلة سومر، مجلد 21، سنة 1965، ص246.
[43] موسوعة العتبات المقدسة، جمعها الأستاذ جعفر الخليلي، قسم كربلاء، المجلد الثامن بحث (كربلاء قديماً) للدكتور مصطفى جواد مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت ط2 سنة 1987 ص20.
[44] يُنظر: الأبنية الحضارية في كربلاء حتى نهاية سنة 656 ه الدكتور زين العابدين موسى آل جعفر، منشورات الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة، مركز كربلاء للبحوث والدراسات، العدد 6، سنة 2015، ص157.
[45] ينظر حصن الأخيضر دراسة في ضوء التحريات والتنقيبات والصيانة الأثرية، أبا ذر راهي سعدون الزيدي، مجلة العميد، كربلاء مجلد1 عدد1-2، آب سنة 2012 ص575، وينظر الأبنية الحضارية في كربلاء ص157.
[46] تأريخ الطبري 2/ 305- 306.
[47] موسوعة العتبات المقدسة 8 / 30.
[48] فتوح البلدان للبلاذري، تحقيق رضوان محمد رضوان، دار الكتب العلمية بيروت سنة 1398 ه.
[49] نقوشٌ كتابيةٌ على جدران الأخيضر، سامي الكفلاوي، مجلة سومر، مجلد 46، سنة 1989- 1990، ص217.
[50] ينظر كتابي (كربلاء القديمة معالمها وقُراها منذ فجر التأريخ حتى سنة 61 ه).