البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

أثر الاستشراق في الدراسات النحويّة الحديثة

الباحث :  م.د. آلاء شفيق وهاب
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  35
السنة :  صيف 2023م / 1445هـ
تاريخ إضافة البحث :  August / 3 / 2023
عدد زيارات البحث :  970
تحميل  ( 577.259 KB )
الملخّص
أسهمت الدراسات الاستشراقيّة التي قام بها الغربيّون بتطوّر الدرس اللغويّ العربيّ في بعض جوانبه منهجًا وأسلوبًا؛ إذ فتحت الآفاق في فهم بعض المسائل النحويّة من زاوية وِجهة نظرٍ حديثة، وإعادة تشكيل هيكليّة أقسامها، وفي مجالات متعدّدة لغويًّا، وأدبيًّا، ونحويًّا؛ وقد بان أثره في الدراسات النحويّة الحديثة في تناولهم بعض المسائل النحويّة، وهذا ما تلمّسه البحث في دراسة بعض القضايا النحويّة للمستشرق فيها رأي، وللمُحدَثِ فيها رأيُّ متأثّرًا في ذلك برأي المستشرق، من هؤلاء الدكتور إبراهيم أنيس، وتمام حسّان، وعبد الرحمن أيوب، ومهدي المخزومي، فضلًا عن ذلك فقد كان للمؤثّر الخارجيّ دور في نشاط الدرس النحويّ واللغويّ الحديث في الدرس العربيّ، متمثّلًا بما اطّلع عليه هؤلاء الدارسون في الجامعات الغربيّة الذين درسوا العلوم اللغويّة الحديثة طبقًا للنظريّات الغربيّة التي تناولت دراسة اللغة برؤية منهجيّة جديدة، فانعكس هذا على الدرس اللغويّ عمومًا، والنحويّ خصوصًا، فكان التأثّر والتأثير نتيجة منطقيّة لذلك، ولكن هذا لا يعني اِنسلاخ المُحدَث من التراث النحويّ القديم، بل كلّ القضايا النحويّة التي تناولوها كان مبناها الأساس متجذّرًا عند الأوائل نحو سيبويه والمبرد والزمخشري وغيرهم.

الكلمات المفتاحيّة: أثر، استشراق، نحو.

المقدّمة
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين أبي القاسم محمّد وآله الطيبين الطاهرين، وبعد...
أدّت الدراسات الاستشراقيّة التي أجراها علماء الغرب إلى تطوير بعض عناصر الدرس اللغوي العربي متمثلًا بالأسلوب والمنهج؛ إذ اتّسعت آفاق البحث في توجيه بعض المسائل النحويّة من وجهة نظر حديثة بإعادة هيكلة بنيتها، وقد تبلور هذا الأثر في بعض الدراسات النحويّة الحديثة التي تناولها المُحدثون؛ إذ إنّ تأثيرها على الدراسات النحويّة الحديثة كان واضحًا في تعامل المُحدَث مع بعض القضايا النحويّة من بينهم د. إبراهيم أنيس، وتمام حسن، وعبد الرحمن أيوب، ومهدي المخزومي، فضلًا عن ذلك فإنّ للمؤثّر الخارجيّ انعكاسًا على نشاط الدرس النحويّ واللغويّ الحديث في الدرس العربيّ، متمثّلًا بما اكتسبه هؤلاء الدارسون في دراساتهم لعلوم اللغة الحديثة على وفق النظريات الغربيّة، فكان التأثير والتأثّر نتيجة طبيعيّة، ولكن هذا لا يلغي التراث القديم؛ إذ كان الأخير الأصل فيما تناولوه من مسائل نحويّة، بل كلّ القضايا النحويّة التي تناولوها كان لها أساس عند الأوائل نحو سيبويه والمبرد والزمخشري وغيرهم.

وقد حاولت في بحثي هذا إلقاء الضوء على هذا الامتزاج المعرفيّ نتيجة التأثّر والتأثير بين التراث النحويّ القديم، والرؤية الحديثة وأثر الفكر الاستشراقيّ في معالجة بعض المسائل النحويّة من قِبل النحويّين المحدثين، فتبلورت الدراسة في محاور خمسة، المحور الأوّل تناول مسألة أقسام الكلام، والثاني في أقسام الجمل، والثالث في بعض الأساليب في العربيّة، والرابع في مسائل في الأفعال، والخامس تناولتُ فيه قضيّة الإعراب، وخاتمة بالنتائج، سبقت هذه المحاور بمقدّمة وتمهيد.

التمهيد
أوّلًا- الاستشراق، مفهومًا، وأسبابًا
في أيسر المفاهيم أو التعريفات المقبولة لهذا المصطلح على حدّ قول أحد الباحثين: «أنّه مبحث أكاديميّ،.... فالمستشرق كلّ مَن يعمل بالتدريس، أو الكتابة، أو إجراء البحوث في موضوعات خاصّة بالشرق، سواء أكان ذلك في مجال الأنثروبولوجيا، أي علم الإنسان، أو علم الاجتماع، أو التاريخ، أو فقه اللغة»[2]، ويمكن النظر إلى مفهوم الاستشراق نظرة أكثر شموليّة وعموميّة كونه «أسلوبَ تفكير يقوم على التمييز الوجوديّ والمعرفيّ بين ما يسمّى «الشرق» وبين ما يسمّى في معظم الأحيان «الغرب»[3]. ويمكن القول إنّ الاستشراق بمفهومه العام محصور بتلك الأبحاث والدراسات التي اضطلع بها الغربيّون لفهم القضايا المعرفيّة للشرق[4].
ويُعدّ الشرق بمثابة نقطة جذب للغرب على مرّ الأزمان؛ لذلك نجد ظهور تيّارات معرفيّة متنوّعة ومدارس ومذاهب مختلفة اهتمت بدراسة قضايا الشرق المعرفيّة، وهذا يرجع إلى دوافع تمثّلت بالجانب الدينيّ، والسياسيّ، والاستعماريّ، والاقتصاديّ[5]، فضلًا عن أسباب أخرى دفعت المستشرقين إلى الاهتمام بدراسة العلوم العربيّة أهمّها:

1. إنّ الدرس اللغويّ العربيّ يشغل موقعًا مميّزًا -مثلما ذكر المستشرق (تروبو)- يتوسّط بين نظامين؛ يونانيّ غربًا، وهندي شرقًا، ممّا لفت نظر المستشرقين لتناوله بالدراسة نشأة وتطوّرًا[6]، فنشأ عن ذلك دراسات مقارنة بين اليونانيّة والعربيّة والسريانيّة[7].
2. ترجمة بعض الكتب النحويّة من قِبل المستشرقين إلى لغاتهم، من ذلك ترجمة كتاب سيبويه على يد المستشرق (يانز)[8]، كذلك ألّف المستشرق (هاول) و(رايت) مؤلّفات في النحو واللغة وكان التأثّر بنحاة العرب واضحًا[9].
ومن نافلة القول إنّ دراسات المستشرقين «قد عادت على اللغة العربيّة بالنفع وعلينا أن نذكر في هذا المقام أنّ الدرس اللغويّ قد تطوّر تطوّرًا ملحوظًا في مناهجه وأساليب بحثه، وقد بات لزامًا أن تفيد العربيّة من ذلك كلّه، ولا يعني بحال من الأحوال أن يُرفض القديم لقدمه، كما لا يعني أن يُؤخذ الحديث لحداثته، فالحقيقة اللغويّة هي الهدف، والكشف عنها هي الغاية، وما يوصل إليها هو الوسيلة»[10].
إذ تبقى العربيّة من اللغات التي انمازت بخصوصيّة جعلت عددًا من المستشرقين يُثنون عليها، فهذه (زيجريد هونكه) الألمانيّة تقول معجبة بجمال العربيّة: «كيف يستطيع الإنسان أن يقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم وسحرها الفريد؟ فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى سحر تلك اللغة، فلقد اندفع الناس الذين بقوا على دينهم في هذا التيّار يتكلّمون اللغة العربيّة بشغف، حتّى إنّ اللغة القبطيّة مثلًا ماتت تمامًا، بل إنّ اللغة الآرامية تخلّت إلى الأبد عن مركزها لتحتلّ مكانها اللغة العربيّة».

أمّا الفرنسيّ (إرنيست رينان)، فتسوقفنا عبارته المُعَبِّرة عن اِندهاشه بالعربيّة؛ إذ قال: «من أغرب المُدْهِشات أن تنبتَ تلك اللغةُ القوميّةُ وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمّةٍ من الرُحّل، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرةِ مفرداتها ودقّةِ معانيها وحسنِ نظامِ مبانيها، ولم يُعرف لها في كلّ أطوار حياتها طفولة ولا شيخوخة».
ويرى المستشرق الفرنسي (جاك بيرك) أنّ للغة العربيّة دورًا في بقاء شعوبها؛ إذ قال: «إنّ أقوى القوى التي قاومت الاستعمار الفرنسيّ في المغرب هي اللغة العربيّة، بل اللغة العربيّة الكلاسيكيّة الفصحى بالذات، فهي التي حالت دون ذوبان المغرب في فرنسا، إنّ الكلاسيكيّة العربيّة هي التي بلورت الأصالة الجزائريّة، وكانت هذه الكلاسيكيّة العربيّة عاملًا قويًّا في بقاء الشعوب العربيّة».
كذلك نوِّه المستشرق البريطانيّ (ألفريد جيوم) على مسألة استيعاب لغة الضاد واتساعها للتعبير عن المعاني المتعدّدة بقوله: «ويسهل على المرء أن يُدرك مدى استيعاب اللغةِ العربيّةِ واتساعها للتعبير عن جميع المصطلحات العلميّة للعالم القديم بكلّ يسرٍ وسهولة، بوجود التعدّد في تغيير دلالة استعمال الفعل والاسم».
وقال المستشرق الفرنسيّ ريجي بلاشير في مقدرة اللغة العربيّة على التعبير قائلًا: «إنّ من أهمّ خصائص اللغة العربيّة قدرتها على التعبير عن معانٍ ثانويّة لا تعرف الشعوب الغربيّة كيف تعبّر عنها»[11].

ثانيًا- أثر الفكر الاستشراقيّ في الفكر النحويّ الحديث
عكف المستشرقون على دراسة الشعوب الشرقيّة، فدرسوا موضوعاتهم وتحديدًا في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وقد تضمّنت المسائل اللغويّة والأدبيّة، وانصبّ اهتمامهم على دراسة اللهجات العربيّة القديمة، ثمّ توجّهوا صوب الدرس اللغويّ العربيّ واصفين العربيّة وفق منهج النظريّات الغربيّة في ضوء الفصحى المعاصرة من أجل وصف التراث النحويّ وصفًا يتّسم بالجدّة، مهتمّين بدلالة المفردات والتراكيب، فصاحب ذلك تطوّر علمَي النحو والمعجم[12]، ومن الأسماء البارزة في عالم الاستشراق والتي كانت لها جهود بارزة في دراسة وترجمة التراث اللغويّ والنحويّ العربيّ هم: براجشتراسر، وفلاشير، ويوهان فك، وشادة، وإيفالد، ونولدكه[13]، وانعكست دراساتهم الاستشراقيّة هذه على واقع اللغة العربيّة إيجابًا، تطوّرًا في مناهجها وأساليبها، وبالأخصّ في جانب النحو العربيّ، فبان هذا الأثر عند اللغويّين المحدثين متأثّرين بالفكر الاستشراقيّ في بعض القضايا اللغويّة والمسائل النحويّة وإن شكّك بعض المستشرقين في أصالة النحو العربيّ، ووصفوه بالغموض والتأثّر بالمنطق الأرسطيّ، متغافلين عن قضيّة غاية في الأهمّيّة وهي أنّ التراث اللغويّ العربيّ يمثّل منجزًا عربيًّا وإسلاميًّا متميّزًا، وبرهان ذلك كثرة الدراسات المسلّطة عليه[14].

المحور الأوّل: أقسام الكلام بين المحدثين والمستشرقين
اتّجه تقسيم الكلام عند النحاة الأوائل اتجاه القسمة الثلاثيّة المألوفة في أكثر اللغات (اسم، وفعل، وحرف)[15]، وقد وجّه المحدثون انتقادًا لهذه القسمة الثلاثيّة معلّلين نقدهم بعدم احتكام القدامى لقوانين منهجيّة تفرض عليهم مثل هكذا تقسيم، ممّا حدا بهم إلى إعادة النظر في تقسيم الكلام وفق نظرة لسانيّة معرفيّة جديدة، منطلقين في ذلك من قواعد نظريّة أسّسوها بناء على ما تلقّوه من دراسات في الجامعات الغربيّة تارة، وتأثّرًا بآراء بعض المستشرقين تارة أخرى، فظهر ذلك الأثر جليًّا في بعض ما تناولوه من مسائل لغويّة ونحويّة، فضلًا عن القول بتأثّر النحو العربيّ بتقسيم الكلام هذا بالمنطق اليونانيّ، وكان المستشرق (ماركس) أوّل القائلين بذلك؛ إذ زعم أنّ النحاة العرب من غير المعقول فيما «اهتدوا إليه من النظريّات النحويّة بدون الرصيد المنطقيّ الفلسفيّ، الذي مكّن اليونانيّين من وضع قوانين لغتهم واستنباط نظريّاتهم النحويّة؛ لذا فالنحاة العرب إن لم يطّلعوا على المنطق اليونانيّ، فلا بدّ أنّهم ألِفوا -بحسب ماركس- منطق أرسطو، وفي نحوهم ما يدلّ على ذلك، فتقسيمهم للكلام إلى اسم، وفعل، وحرف، موافقً تمام الموافقة لمنطق أرسطو للكلام»[16]؛ ومن المحدثين العرب الذين تبنّوا هذا الرأي الدكتور إبراهيم أنيس، ويتّضح الأمر في قوله: «قنع اللغويّون القدماء بذلك التقسيم الثلاثيّ من اسم، وفعل، وحرف، متّبعين في هذا ما جرى عليه فلاسفة اليونان وأهل المنطق من جعل أجزاء الكلام ثلاثة سمّوها الاسم، والكلمة، والأداة»[17].

وقد قسّم الكلام إلى أربعة أقسام (اسم، وفعل، وأداة، وضمير)[18]، ويبدو الأثر الاستشراقيّ في تقسيم إبراهيم أنيس هذا عند النظر في ما قاله براجشتراسر في الباب الثاني في الأبنية؛ إذ جعل «الأوّل: في الضمائر، وما جانسها من الأسماء، أي أسماء الإشارة والاستفهام، والثاني: في الأفعال، والثالث: في الأسماء الباقية»[19]، وهذا ما أشار إليه أحد الباحثين بأنّ تقسيم إبراهيم أنيس مقتبس من المستشرق الألمانيّ براجشتراسر حين جعل الضمائر في باب خاصّ مع أسماء الإشارة والاستفهام[20]، وقد جعل المستشرق أدولف دونتس أسماء الاستفهام من الضمائر[21]، أمّا الدكتور المخزومي فلم يرتض تقسيم القدماء للكلام، وابتدع قسمة رباعيّة هي (الاسم، والفعل، الأداة، الكنايات)[22]، وبدا أثر المنهج الشكلانيّ واضحًا في ما يجب مراعاته في تقسيم الكلام لدى الدكتور عبد الرحمن أيوب؛ إذ انتقد النحاة القدامى في تقسيمهم للأسماء والأفعال والحروف بأنّه قائم على أساس الدلالة المجردة، وهي تعريفات لا تتصف بالكمال؛ لأنّها لا تستطيع حصر جميع الأفراد الداخلة في نطاقها[23]، وقال إنّ: «العلامات التي ذكرها النحاة هي وحدها التي تدخل الفعل، أو الاسم، أو الحرف في نطاق الأسماء، والأفعال، والحروف،... وهذا يفضي بنا في النهاية إلى رأي المدرسة الشكليّة في الدراسات اللغويّة، الذي يحتّم دراسة اللغة لا باعتبار دلالة الألفاظ، بل باعتبار أشكالها»[24]. وعلى عكس ما ذهب إليه أيّوب من اتّباع للمذهب الشكليّ في تقسيم الكلام، نجد الدكتور تمام حسّان يجمع بين المبنى والمعنى مقسّمًا الكلام إلى سبعة أقسام (الاسم، والصفة، والفعل، الضمير، والخوالف، الظرف، والأداة)[25]، ويبدو أثر المنهج الغربيّ السياقيّ واضحًا لدى الدكتور تمام تأثّرًا بمنهج أستاذه فيرث نظريًّا في قسمته هذه للكلام[26][27]».

وكثير من المستشرقين حاولوا نسف النحو العربيّ أصالة بنسبتهم بعض مصطلحاته ومفاهيمه إلى الثقافة الأرسطيّة، منهم المستشرق فرستيج[28]. وقد ردّ الدكتور أحمد مختار عمر هذا الأثر الأرسطيّ على النحو العربيّ في تقسيم الكلام بقوله: «فإنّنا نتردّد كثيرًا في قَبول الرأي القائل بِوقوعِ النحو العربيّ تحت تأثير سيطرةِ الفلسفة اليونانيّة، ومجرّد التشابه في تقسيم أو أكثر أو أكثر أو في بعض المصطلحات لا ينهض دليلًا لإثبات مثل هذه الدعوى العريضة، وقد سبق وأن رأينا مثلًا، أنّ أقسام الكلام موجودة كذلك عند الهنود، ولا شكَّ أنّها موجودةٌ أيضًا عند شُعُوبٍ أخرى»[29]. إذن هذا التأثير والتأثّر لا يصمد إزاء هذه الآراء.

المحور الثاني: أقسام الجملة بين المحدثين والمستشرقين
من الجدير بالذكر وقبل البدء بدراسة أقسام الجملة بين المحدثين والمستشرقين الخوض في مسألة تناولها النحاة القدامى والمحدثون ولها صلة بموضوع الفقرة المتناوَلة، ألا وهي الفرق بين مفهوم الكلام والجملة، إذ ذهب بعض النحاة إلى أنّهما مترادفان، وهذا ما يُفهم من قول ابن جنّي: «أمّا الكلام فكلّ لفظٍ مستقل بنفسه مفيد لمعناه، وهو الذي يسمّيه النحويّون الجمل نحو: (زيدٌ أخوك) و(قام محمدٌ) و(ضرب سعيد) و(في الدار أبوك)»[30]، وتابعه الزمخشري في هذا القول[31]. وقد مايز بعض النحاة بين مفهمومي الجملة والكلام؛ إذ ذهب بعضهم إلى أنّ الجملة أكثر عمومًا من الكلام، وذلك لأنّهم اشترطوا الفائدة التامّة للكلام، وأمّا الجملة فلا يشترط فيها الفائدة، وهذا ما يتّضح في تفريق ابن هشام بين الكلام والجملة في مغنيّه؛ إذ نراه يقول: «الْكَلَام هُوَ القَوْل الْمُفِيد بِالْقَصْدِ، وَالْمرَاد بالمفيد مَا دلّ على معنى يحسن السُّكُوت عَلَيْهِ، وَالْجُمْلَة عبارَة عَن الْفِعْل وفاعله كـ(قَامَ زيد) والمبتدأ وَخَبره كـ(زيد قَائِم)/ وَمَا كَانَ بِمَنْزِلَة أَحدهمَا نَحْو (ضرب اللص) و(أقائم الزيدان) وَ(كَانَ زيد قَائِما) و(ظننته قَائِمًا)، وَبِهَذَا يظْهر لَك أَنَّهُمَا ليسَا مترادفين كَمَا يتوهّمه كثير من النَّاس... وَالصَّوَاب أَنَّهَا أَعم مِنْهُ؛ إِذْ شَرطه الإفادة بِخِلَافِهَا»[32].

وقد احتجّ ابن هشام على الزمخشري أنّه رادف بين الجملة والكلام بأنّ الكلام شرطه الفائدة، ولا يُشترط ذلك في الجملة؛ «وَلِهَذَا تسمعهم يَقُولُونَ جملَة الشَّرْط، جملَة الْجَواب، جملَة الصِّلَة، وكل ذَلِك لَيْسَ مُفِيدًا فَلَيْسَ بِكَلَام»[33]. ومن المحدثين القائلين بعدم الترادف الدكتور السامرّائي مؤيّدًا جمهور النحاة بأنّ «الكلام والجملة مختلفان، فإنّ الكلام شرطه الإفادة ولا يشترط في الجملة أن تكون مفيدة وإنّما يشترط فيها إسناد سواء أفاد أم لم يفد، فهي أهمّ من الكلام؛ إذ كلّ كلام مفيد وليس كلّ جملة مفيدة»[34].
ومن القائلين بالترادف من المحدثين الدكتور المخزومي وهذا ما نلمسه من تعريفه للجملة قائلًا «هي الصورة اللفظيّة الصغرى للكلام المفيد في أيّة لغة من اللغات»[35]. ومن المستشرقين الذاهبين هذا المذهب براجشتراسر، والمفهوم من قوله: «أكثر الكلام جمل، والجملة المركّبة من مسند ومسند إليه، فإن كان كلاهما اسمًا أو بمنزلة الاسم فالجملة اسميّة، وإن كان المسند فعلًا أو بمنزلة الفعل فالجملة فعليّة»[36]. ويرى الدكتور حلمي أنّ تحديد ماهيّة الجملة إنّما يحدّده معايير مختلطة مع بعضها؛ إذ تُحدّد تارة بطول الجملة أو قِصرها، وتارة أخرى بوضوح الدلالة التامّة للجملة بعبارة يحسن السكوت عليها، أو تكون الجملة الصورة المتخيّلة في الذهن، أو تتّصل بالتركيب عناصرَ ووحداتٍ، ومع ذلك تشترك هذه المعايير في حقيقة أنّها جميعًا معايير فلسفيّة منطقيّة بدلًا من معايير اللغة كقاسم مشترك[37]. ومع ما نجده من تأثّر للعلماء المحدثين بما حملوه من فِكرٍ في نظرتهم تجاه بعض المسائل النحويّة بِفعل ما تلقّوه في الجامعات الغربيّة نتيجة دراستهم فيها، إلّا أنّ هذا لا يعني إنسلاخهم عن التراث القديم، أو أنّ ما جاؤوا به لم يكن له جذور عند علمائنا الأوائل؛ إذ يطالعنا في ذلك الدكتور مهدي المخزومي في كتابه (في النحو العربيّ نقد وتوجيه) تأثّره بالتراث النحويّ القديم في حديثه عن الإسناد وعلاقة المعاني في الصور الذهنية المتكوّنة لدى المتلقّي وغيرها[38].


آراء المحدثين والمستشرقين في أنماط الجمل
أ. نمط الجملة بحسب الإسناد
قسّم النحاة الجملة نسبة إلى إسنادها قسمين جملة اسميّة وجملة فعليّة، وإنّما يكون ذلك بحسب صدر الجملة، قال ابن هشام: «فالاسميّة هِيَ الَّتِي صدرها اسْم كزيد قَائِم، وهيهات العقيق، وقائم الزيدان عِنْد من جوّزه، وَهُوَ الْأَخْفَش والكوفيون، والفعليّة هِيَ الَّتِي صدرها فعل كـ(قام زيدٌ) وَ(ضرب اللص) وَ(كَانَ زيد قَائِمًا) و(ظننته قَائِمًا) وَ(يقوم زيد) وقم»[39].

أمّا الزمخشريّ فقد كان له تقسيم آخر؛ إذ جعل الجملة الشرطيّة والظرفيّة من أقسام الجملة قائلًا: «والجملة على أربعة أضربٍ فعليّة، واسميّة وشرطيّة، وظرفيّة. وذلك (زيدٌ ذهبَ أخوه، وعمرو أبوه منطلقٌ، وبكرٌ إن تُعطِه يشكرك، وخالد في الدار)، ولا بدّ في الجملة الواقعة خبرًا من ذِكرٍ يرجع إلى المبتدأ، وقولك: في الدارِ معناه استقر فيها»[40].

اعترض عليه ابن يعيش بقوله: «واعلم أنّه قسّم الجملة إلى أربعة أقسام: فعليّة، واسميّة، وشرطيّة، وظرفيّة، وهذه قسمة أبي علي، وهي قسمة لفظيّة، وهي في الحقيقة ضربان: فعليّة واسميّة؛ لأنّ الشرطيّة في التحقيق مركّبة من جملتين فعليّتين: الشرط فعل وفاعل، والجزاء فعل وفاعل والظرف في الحقيقة للخبر الذي هو (استقر)، وهو فعل وفاعل»[41].
نفهم من أقوال النحاة القدامى أنّ تقسيمهم للجمل قائم في النظر لركني الجملة (المسند والمسند إليه)، أمّا المحدثون فقد رفض الدكتور المخزومي التقسيم المعروف للجملة بأنّ الجملة الاسميّة إذا كان المسند فيها اسمًا، والفعليّة إذا كان المسند فيها فعلًا، معلّلًا ذلك كون الدلالة المتجدّدة إنّما تكون مستمدّة من الأفعال وحدها[42]، فهو يرى أنّ جملة (البدرُ طلعَ)، وجملة (طلعَ البدرُ) يمكن عدّهما جملتين فعليّتين وذلك بإعراب (البدر) فاعلًا، سواء تقدّم أو تأخّر، وبهذا نستطيع الاستغناء عن الكثير من المشكلات والتأويلات التي أوقع النحاة القدامى فيها أنفسهم، أو أوقعهم في ذلك المنهج الفلسفيّ الذي اتّبعوه[43]، وهذا التعليل يبدو أنّه نابع من المنهج الوصفيّ في تناول المسائل النحويّة بعيدًا عن الفلسفة والتأويلات وصولًا إلى الحقائق العلميّة المبتغاة[44]. وبناء على ما ذكرنا آنفًا فإنّ للجمل أنماطًا عند النحاة القدامى تمثّلت بالجمل الفعليّة، والاسميّة، والظرفيّة، والشرطيّة، أمّا المحدثون والمستشرقون فكانت أنماط الجمل لديهم الآتي:

1. الجمل الإسناديّة وغير الإسناديّة، فـ«الجمل الإسناديّة تنحصر في الجمل الاسميّة والجمل الفعليّة، أمّا الجمل غير الاسناديّة، فهي جملة النداء وجملة نعم وبئس، وجملة التعجّب، وهذه لا يمكن أن تعتبر من الجمل الفعليّة لمجرّد تأويل النحاة لها بعبارات فعليّة»[45]. هذا ما يراه الدكتور عبد الرحمن أيوب ويبدو واضحًا أثر المنهج الشكليّ الذي تبنّاه في النظر للجملة القائم على الشكل والوظيفة بمنأى عن الفلسفة والمنطق[46]. وقد تكلّم القدامى عن الإسناد في الجملة في تصنيفهم إيّاها، من ذلك قول المبرد في باب المسند والمسند إليه ما نصّه: «وهما مَا لَا يَسْتَغْنِي كلّ وَاحِد من صَاحبه، فمِن ذَلِك (قَامَ زيد)، والابتداء وَخَبره وَمَا دخل عَلَيْهِ نَحْو (كَانَ) وَ(إِن) وأفعال الشَّك وَالْعلم والمجازة»[47]. فهي من المسائل المتّفق عليها عند النحويّين وقتما تناولوا مفهوم الجملة وتقسيماتها.
2. جمل اسميّة وفعليّة، وهو تقسيم الدكتور المخزومي واعترض على ابن هشام في عّده جملة النداء من قبيل الجمل الإسناديّة الفعليّة بإنابة (أدعو) مناب حرف النداء؛ معلّلًا رأيه بقوله: «لأنّ النداء أسلوب خاصّ يؤدّي وظيفته بمركّب لفظيّ خاصّ، وله دلالة خاصّة يحسّ بها المتكلّم والسامع»[48].

كذلك قسّم فندريس الجملة إلى قسمين فعليّة واسميّة، معرّفًا الفعليّة: بأنّها الجملة التي «تعبّر عن الحدث مسندًا إليه زمن منظورًا إليه باعتبار مدّة استغراقه، منسوبًا إلى فاعل، موجّهًا إلى مفعول إذا لزم الأمر: اسمع الموسيقى»[49]، والاسميّة لديه هي الجملة المعبّرة عن نسبة الصفة إلى شيء، نحو: البيت الجديد، الغداء حاضر، زيد حكيم[50].
وهو تقسيم علمائنا الأوائل؛ إذ أشار الزمخشري إلى مفهوم الاسميّة والفعليّة في معرض حديثه عن الكلام والكلم بقوله: «والكلام هو المركّب من كلمتين أُسندت إحداهما إلى الأخرى. وذاك لا يتأتّى إلّا في اسمين كقولك: زيدٌ أخوك، وبِشرٌ صاحبُك. أو في فعلٍ واسمٍ، نحو قولك: ضُربَ زيدٌ، وانطلق بكر»[51].
3. الجملة البسيطة عند المستشرق برجشتراسر ويقصد بها الجملة الاسميّة والفعليّة، إذ قال: «فالجملة إمّا اسميّة أو فعليّة، والنحويّون فرّقوا بينهما... حتى أنّهم عبّروا عن المسند إليه في الجملة الاسميّة بعبارة واحدة هي المبتدأ، وعبّروا عنه في الجملة الفعليّة بعبارة أخرى هي الفاعل مع أنّ الفرق بين الجنسين في المسند فقط»[52].

يتّضح من كلام براجشتراسر أنّ معياره في تحديد نمط الجملة هو الإسناد، كذلك فإنّ دلالة الجملة لديه ذا أثر في تصنيفها، وهذا ما يلمح في قوله: «إنّ تقديم الفاعل في الجملة الفعليّة، فلا يقرّره النحويّون، بل يحسبونه مثل (زيدٌ جاءَ) جملة ذات وجهين، أي جملة اسميّة مبتدؤها (زيد)، وخبرها جملة فعليّة، وهي (جاء)،... غير أنّ الأكثر والأقرب إلى الاحتمال، هو أن يكون معنى (زيدٌ جاءَ) عين معنى (جاءَ زيدٌ)، وإنّما الفرق بينهما إذا قلت (جاءَ زيدٌ) أخبرتَ عن مجيئهِ إخبارًا محضًا،... وإذا قلت (زيدٌ جاءَ) كان مرادي أن أنبّه السامع إلى أنّ الذي جاء هو زيد»[53].
تتّفق عبارته هذه مع رأي المخزومي القائل فيه، إنّ قولنا «طلعَ البدرُ، والبدرُ طلعَ، جملة فعليّة... وتقديم المسند إليه لا يغيّر من طبيعة الجملة؛ لأنّه إنّما قُدّم للاهتمام به»[54]. وهذا ما ذهب إليه الدكتور عمايرة؛ حين قال: «إنّ تحديد النحاة لكلٍّ من الجملتين الاسميّة والفعليّة... لا يصلح لتصنيف الجمل في اللغة العربيّة، فهناك كثير من الجمل التي صدرها اسم، ولكنهم أدرجوها في الفعليّة، وآخر صنّفوها فعليّة في حين أنّ لا فعل في صدرها»[55]، وبذلك نجد اتفاق وجهات نظر المحدثين والمستشرقين في تصنيف نمط جملة (زيدٌ جاء) على أنّها فعليّة وليست اسميّة[56]. وقد صنّف علماؤنا الأوائل الجملة إلى فعليّة واسميّة بحسب العنصر المتقدّم في الكلام، من ذلك قول ابن هشام: «الجملة الاسميّة/ هي التي صدرها اسم، كـ(زيد قائم)، و(هيهات العقيق) و(قائم الزيدان) عند من جوّزه، وهو الأخفش والكوفيّون»[57]، وأمّا الفعليّة: فـ«هي التي صدرها فعل، كـ(قام زيد)، و(ضرب اللص)، وكان زيد قائمًا، وظننته قائمًا، ويقوم زيدُ، وقم»[58]. فهذا التقسيم هو الأصل عند النحويّين القدامى وليس بجديد، وهي الجملة البسيطة عند براجشتراسر. والجملة التي اصطلحوا عليها بالإسناديّة.

4. الجملة الطلبيّة: وهو أسلوب يكون على جزأين، الأوّل: تركيب إسناديّ يدلّ على الطلب، نهيًا، أو أمرًا، أو استفهامًا، أو تحضيضًا، والثاني: تركيب إسناديّ فعليّ يتصدّر فعل مضارع[59]، نحو قوله تعالى: (لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)[60]، فالمضارع منصوب بالفاء السببيّة، وقد يتجرّد من الفاء، فيكون فيه وجهان، الرفع على أنّه حالًا ولا خلاف في ذلك، نحو قوله تعالى: (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى)[61]؛ إذ توجيه الرفع الإسنادي قد وقع حالًا في جملة (لا تخافُ ولا تخشى) أي: إنّ موضع الفعل المضارع الرفع، ومحله النصب على الحال والتقدير: لا خائفًا ولا خاشيًا[62]، والوجه الآخر الجزم، نحو قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)[63]، وهو محلّ الخلاف بين النحاة؛ إذ ذهب الخليل وسيبويه إلى أنّ معنى الطلب هو الذي جزم الفعل المضارع؛ كونه متضمّنًا معنى الشرط[64]، قال سيبويه: «هذا باب من الجزاء ينجزم فيه الفعل، إذا كان جوابًا لأمرٍ، أو نهيٍ، أو استفهامٍ، أو تمنٍّ، أو عرضٍ، فأمّا ما انجزم بالأمر فقولك: ائتني آتك...، وإنّما انجزم هذا الجواب كما انجزم جواب إن تأتِني، بإن تأتني؛ لأنّهم جعلوه معلقًا بالأوّل غير مستغنٍ عنه إذا أرادوا الجزاء، كما أنّ (إن تأتني) غير مستغنية عن آتك. وزعم الخليل: أنّ هذه الأوائل كلّها فيها معنى إن؛ فلذلك انجزم الجواب»[65]. أي جعل سيبويه التعليق سببًا لجزم الفعل المضارع.

أمّا رأي المحدثين أنّ الجازم هو أسلوب الطلب، بمعنى آخر إنّ الموقع هو المؤثّر فيه وليس الكلمات ذاتها؛ إذ إنّ الخصائص السياقيّة لكلّ من الأسلوبين -الشرطيّ المتضمّن أداة والطلبيّ دون أداة- تفرض عدم حمل أحدهم على الآخر، ووجوب تفسير الحالة الإعرابيّة لكلٍّ منهما بالنظر إلى الوظيفة النحويّة المؤدّاة بالكلمات المتّسقة في تركيب لغويّ[66]. وهو يوافق رأي المستشرق براجشتر الذي يُفهم من قوله: «والشرط قد يستغنى فيه عن الأداة العاطفة للجملتين؛ مثال ذلك (سمِّن كلبك يَقتُلْك)، أي: إن سمّنت كلبَك قتلك، أو فسيقتلك. المضارع المجزوم هنا، جواب عن الأمر، ومعناه معنى جزاء الشرط، الذي ينوب عنه الأمر»[67].

5. الجملة الدالة على الحال: الحال هو وصفٌ يُذكر لبيان هيئة الاسم الذي يكون الوصف مختصًّا به[68]، ويأتي مفردًا نحو قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ)[69]، ويأتي جملة نحو قوله تعالى: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى)[70]، ومن المسائل الخلافيّة بين النحاة هو أنّ خبر (كان) منصوب على الحاليّة في الأصل، هذا ما ذهب إليه الكوفيّون وعند البصريّين لا يجوز؛ لأنّ للحال أحكامًا مختصّةً به لا تتحقّق بمنصوب (كان)[71]، وقد اتّفقت وجهة النظر الحديثة في هذا الخصوص مع الرأي الكوفيّ متمثّلًا بما قاله المخزومي «فلا بدّ أن يستكمل الخبر فائدته بذكر المنصوب الذي نؤيّد الكوفيّين في تسميته (حالًا) لا خبرًا، كما زعم البصريّون؛ لأنّه إنّما يبيّن هيئة خاصّة للموجود المتحدّث عنه»[72]. وهذا رأي المستشرق براجشتراسر بعدما فصّل الكلام عن الجملة الحالية ذكر: «أنّ الجملة الحالية قد تكون خبرًا، كما أنّ النصب في معنى الحال، هو أصل النصب في خبر (كان) وأخواتها،... وذلك كثير جدًّا؛ منه (كان يفعل) و(كان قد فعل»[73]. إذن في هذه الجزئيّة اتفق المُحدَث مع القديم ولا جديد في ذلك.
ب. نمط الجملة بحسب التركيب: التركيب هو أن تضمّ لفظًا إلى لفظٍ آخر، وهو على أقسام، الإسناديّ: وهو المشتمل على نسبة بين لفظين تتحصّل بهما الفائدة، والوصفيّ، والإضافيّ، والمزجيّ العدديّ، وغير العدديّ[74]، والنمط المركّب عند الدكتور تمام حسان مرادف لمفهوم الجملة[75]، ويرى آخر أنّ مصطلح التركيب «مستعملًا للدلالة على مفهوم الجملة، ولكنّه أوسع مجالًا منه، إذ يدلّ على أنواع من التراكيب العديدة لا تدخل في عداد الجملة، مثل: التركيب العدديّ، والتركيب المزجيّ، والتركيب الإضافيّ»[76]، إذ لعلّ هذه التراكيب -الوصفيّة، والإضافيّة، والمزجيّة- تندرج تحت مفهوم التراكيب غير التامّة التي لا يحسن السكوت عليها؛ لعدم حصول الفائدة، بخلاف التراكيب الإسناديّة التي يتحصّل بها المعنى[77]. ومن هذه الأنماط الآتي:

1. الجملة التي تقع وصفًا: عند القدماء هي الجملة التي تأتي بعد اسم نكرة لتصفه[78]، نحو قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ)[79]، فجملة (لا بيع فيه) وصف لـ(يوم)، وهو نكرة، أمّا عند المحدثين فمفهوم الجملة الوصفيّة لديهم تشير إلى ما كان فيها الوصف عاملًا؛ إذ حدد الدكتور صلاح شعبان الجملة الوصفيّة بقوله أنّها «الجملة المكوّنة من مبتدأ وقع وصفًا مشتقًّا أو مؤوّلًا به، مفردًا قد أسند إلى مرفوعه الظاهر، أو الضمير المنفصل، المثنّى أو الجموع التالي له»[80]، نحو: ما حاضر شقيقه محمّد[81].

أمّا مفهوم الجمل الوصفيّة عند المستشرق براجشتراسرسر، فهي إمّا أن تكون وصفًا، أو صلة؛ إذ قال: «فالصفة تقتصـر على وصـف الأسماء المنكرة، وتقتصـر الصـلة علـى وصـف الأسـماء المعرفـــة نحـــو: (جاءني رجلٌ لا أعرفـه)، و(اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ)[82][83]»، والأخيرة عند القدماء والمحدثين جملة صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب[84].
2. الجملة المحكيّة بالقول: وهي الجملة المحكيّة إمّا لفظًا أو تقديرًا، أي إمّا أن يُصرّح بالفعل، نحو، قال محمّد: عليُّ ناجحٌ، أو الحكاية بالقول بتقدير الفعل، نحو، ناديتُ محمّدًا: إنّ أباك قادمٌ، والتقدير: قلت إنّ أباك قادمٌ، هذا ما ذهب إليه القدماء والمحدثون[85]، وقد أطلق عليها براجشتراسر (الجملة القائمة مقام الاسم الموصوف)، وهي عنده على نوعين: فالقائم مقام الاسم إمّا لفظها، نحو (وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ)[86]، أي: إنّ الكتاب الملقى على سبأ هو: بسم الله...، أو مضمونها، نحو: أهل لا إله إلّا الله كثير، أي: أهل النطق بلفظ الشهادة، دون الإخلاص بمعناها[87]. أقول وإن بدا الأثر الاستشراقيّ على العقل النحويّ الحديث في هذا الجانب المهمّ من الكلام، ألا وهي الجملة وتقسيماتها، إلّا أنّ الجملة كانت محور الدرس النحويّ القديم؛ إذ عكف العلماء قديمًا على دراسة الجملة تحت عنوان (الكلام وما يتكوّن منه). في فصول منفصلة من كتبهم، كذلك ناقشوا أيضًا الجملة وتنوّعاتها، بل إنّ ابن هشام توسّع في دراسة الجمل تقسيمًا وأحكامًا مستعرِضًا ما قيل في أنواعها.

المحور الثالث: مسائل في الأفعال بين المحدثين والمستشرقين
ـ فلسفة الزمان النحويّ للأفعال: كانت نظرة العلماء لتقسيم الأفعال بحسب الأزمان نظرة فلسفيّة، وهذا ما يُفهم من كلام ابن يعيش؛ إذ قال: «لما كانت الأفعال مساوقة للزمان، والزمان من مقومات الأفعال توجد عند وجوده وتنعدم عند عدمه؛ انقسمت بأقسام الزمان. ولما كان الزمان ثلاثة: ماضٍ، وحاضرٍ، ومستقبلٍ، وذلك من قِبل أنّ الأزمنة حركات الفلك، فمنها حركة مضت، ومنها حركة لم تأتِ بعد، ومنها حركة تفصل بين الماضية والآتية؛ كانت الأفعال كذلك: ماضٍ، ومستقبل، وحاضر»[88].

وقد عاب الدكتور إبراهيم أنيس على النحاة محاولة جعلهم الصيغة مرتبطة بزمانٍ محدّدٍ؛ إذ قال: «ولا شكّ إنّ ربط الصيغة بزمنٍ معينٍ يحملنا في العربيّة على الكثير من التكلّف والتعسّف»[89].

وانتقد المخزومي النحاة القدامى بأنّهم: «لم ينجحوا في تصوّر أنّ الزمن النحويّ ليس كالزمن الفلسفيّ يدلّ على المُضي والحضور والاستقبال، ولكنّها صيغ تدلّ على وقوع أحداثٍ في مجالاتٍ زمنيّة مختلفة ترتبط ارتباطَا كلّيًّا بالعلاقات الزمنيّة عند المتكلّم، أو بغيرها من الأحداث: التي تقاربها في الموقع... ولو كان النحاة قد نجحوا في تصوّر ذلك، لكان عملهم أقرب إلى طبيعة اللغة وألصق بدراسة النحو»[90].
وذهب المستشرق فندريس أنّه لا توجد في اللغات السامية المشتركة وسيلة ما يمكن بها تمييز أزمنة الأفعال المختلفة، وأنّ الزمان الفعلي لديه هو التام، وغير التام، وقصدَ بالتام المنتهي الحدث أي: الماضي وغير الماضي، وغير التام الذي لم ينتهِ حدثه بعد، وأمّا العربيّة فغير التام لديها هو (المضارع) المستقبل والحاضر[91]. يعني يمكن القول إنّ الاختلاف بين القديم والحديث إنّما يكمن في المصطلح؛ لأنّ المضمون واحد.

ويرى الدكتور حمودة أنّ ما ذهب إليه «فندريس صحيح من الناحية الصرفيّة؛ إذ إنّ الفعل في العربيّة منفصل عن السياق إمّا أن يكون ماضيًا فقط، أو يكون حاضرًا، أو مستقبلًا، ولكن فندريس غير دقيق فيما رمى به العربيّة واللغات السامية من افتقارها إلى وسائل التمييز بين الأزمنة المختلفة؛ ذلك أنّ الزمن النحويّ وظيفة السياق يؤدّيها الفعل،... ولم يفرّق فندريس بين الزمن صرفيًّا وبين الزمن في التركيب بالنسبة للغات السامية»[92].

ـ أصل اشتقاق صيغة الفعل: اختلفت آراء المدرستين في مسألة أصل الاشتقاق، البصريّون يرون أنّ الفعل مشتقّ من المصدر، فالأخير هو الأصل في الاشتقاق، والكوفيّون يرون أنّ المصدر يشتقّ من الفعل[93]، وقد ذهب الأستاذ كراوس إلى أنّ صيغة الفعل الدائم هي مصدر لصيغة الفعل الماضي؛ إذ يرى أنْ لا فرق بين جملة (زيدٌ فَرِحٌ)، وجملة (زيدٌ فَرِحَ) إلّا بالحركة، وأنّ الاتصال بين البنائين وثيقٌ، بيد أنّ صيغة الأوّل تدلّ على الاطلاق مجرّدًا من الزمان، وصيغة الثاني تدلّ على زمن المضي، ويرى كراوس أنّ الاتصال بين صيغتي (فَعِلَ) و(فَعِلٌ) مدعاة للتفكير بنشأة الفعل الماضي، وأنّ جملة (زيدٌ فَرِحَ) هو تطوّر لعبارة (زيد فَرِحٌ) بعد تغيير حركة الصفة[94].

كذلك ذهب المستشرق ولفنسون إلى أنّ صيغة الأمر هي الأصليّة القديمة للفعل العربيّ، ومِن (قم، وزِد، وبِعْ) اشتُق الفعل المضارع في حال إسناده للضمير، وأنّ أقدم الصيغ المستعملة والتي تدلّ على صيغ الماضي والمضارع والأمر هي تلك الشبيهة بالأمر[95].
وقد اعترض الدكتور المخزومي على أن تكون صيغة الأمر أصل الاشتقاق للأفعال، وأنّ أكبر الظن لا يوجد دليل يؤيّد هذا الزعم، وافترض أنّ صيغة الأمر كانت تُستعمل من غير أن يكون معها صيغ أخرى، ثمّ ظهرت الصيغ الأخرى تدريجيًّا دون ترك أثر ممكن تتبعه لمعرفة مصدر الأفعال التي اشتقّت منه[96].
وذهب براجشتراسر إلى «أنّ العربيّة ابتدعت ماضيًا متعدّيًا دالًّا على عمل اختياريّ، على صيغة (فَعَلَ)، متّفقة في ذلك مع سائر اللغات السامية الغربيّة، وأنّها ابتدعت مضارعًا منصوبًا، علاوة على المجزوم والمرفوع، مختصّة بذلك وحدها دون سائر أخواتها»[97].

المحور الرابع: الأساليب في العربيّة بين المحدثين والمستشرقين
1. أسلوب التحذير: التحذير عند النحاة «هو تنبيهُ المخاطَبِ على أمرٍ مكروهٍ ليجتنبَه»[98]، فيكون المخَاطب هو المقصود بالتحذير وليس المتكلّم، أو الغائب مع حذف الفعل معه، معلّلين ذلك بالآتي: «فلا يكون أن تضمر فعل الغائب وكذلك لا يجوز زيدًا، ...لأنّك إذا أضمرت فعل الغائب ظنَّ السامع الشاهد إذا قلت: زيدًا أنّك تأمره هو بزيد، فكرهوا الالتباس هنا ككراهيتهم فيما لم يؤخذ من الفعل نحو قولك: عليك، أن يقولوا عليه زيدًا، لئلا يشبه ما لم يؤخذ من أمثلة الفعل بالفعل»[99].

وقد تأوّل النحاة الناصب بالأفعال (اتق، إحذر، باعد...). قال ابن يعيش: «فمن ذلك قولهم: (إيّاك والأسد)، فـ(إيّاك) اسم مضمر منصوب الموضع، والناصب له فعل مضمر، وتقديره: إيّاك باعد وإياك نحِّ، وما أشبه ذلك»[100]، وعلّل سيبويه حذف الفعل لكثرة الاستعمال، فصار (إيّاك) بدلًا من الفعل[101]، يتضح من كلام القدماء أنّ أسلوب التحذير لديهم هو جملة فعليّة، وهذا لا يتّفق مع وجهة النظر الحديثة؛ إذ اعترض بعضهم على القدماء جعلهم أسلوب التحذير من الجمل الفعليّة من دون أن يكون ثمّة فعل أو فاعل[102]، وأنّ سبب ذلك هو العامل؛ كي يعللوا النصب على المفعوليّة في الضمير (إيّاك)[103]، فحكموا على المبنى وليس على أساس دلالة الجمل والتراكيب مرتبطة بمبناها؛ لذلك قاسوا (إيّاك) المنصوب على المفعوليّة في باب التحذير، بضمير النصب المنفصل (إيّاك)، للشبه الصرفيّ فيما بينهم[104].
ونظر المستشرق براجشتراسر إلى جملة التحذير بأنّها قريبة من الجملة في الدلالة، ناعتًا إيّاها بأشباه الجمل؛ إذ نجده يقول: «وأنواع أشباه الجملة على اختلافها، قد تقرب في بعض الأحيان إلى الجمل الكاملة»[105]، ومثّل لها بجملة (إيّاك والأسد)، معلّلًا رأيه بأنّها «من جهة المعنى، مساوية لجملة كاملة، أي: احذر الأسد، وإن لم تكن جملة في الحقيقة، والاسمان في هذا المثال، كلاهما منصوب»[106].

ويرى فندريس أنّه «لا يعبِر عن الحدث في اللغة المنطقيّة غير الفعل، غير أنّ الأمر لا يدخل في اللغة المنطقيّة إلّا جزئيًّا، وهي صورة اللغة الفاعلة»[107]؛ لذا «عندما نقول (نار!) أو (سكوت!) أو (وقوف!) أو (التفات!)، ترانا نأمر بتنفيذ حدث بالضبط كما لو كنّا نقول: (خذ)، أو (تعالوا)، أو (توقّفوا)»[108].
وعدّها الدكتور تمام حسان أنّها من الجمل الإفصاحية المعبّرة عن مواقف انفعاليّة تعتري النفس فتفصح عنها[109]. ويوافق البحث رأي القدامى في النظر إلى جملة التحذير على أنّها جملة فعليّة؛ لأنّ المضمون مرتبطٌ بأداء فعلٍ ما ترغيبًا أو ترهيبًا، وليس بالضرورة أن يكون ذلك مرهونًا بوجود لفظ الفعل فدلالة العبارة مفصِحة عن المراد من الفعل.
2. أسلوب النفي: النفي «أسلوبٌ لغويٌّ تحدّدُه مناسبات القول، وهو أسلوبُ نقضٍ وإنكار، يستخدم لدفع ما يتردّد في ذهن المخاطب»[110]. ويُؤدّى النفي بأدوات منها، (لم، لن، لا، لات، ما....)، واختلف النحاة في أصل أدواته منها: (لن)؛ إذ ذهب الخليل إلى أنّها «مركبة من (لا) و(أن) الناصبة للفعل المستقبل، نافية كما أنّ (لا) نافية، وناصبة للفعل المستقبل، كما أنّ (أن) كذلك، والمنفى بها فعل مستقبل، كما أنّ المنصوب بـ(أن) مستقبل، فاجتمع في (لن) ما افترق فيهما»[111]. وذهب الفرّاء إلى أنّها في الأصل (لا)، فأبدلت نونًا فصارت (لن)[112].
ومن المحدثين ذهب الدكتور إبراهيم أنيس إلى أنّ أداة النفي (لم) نُحتت من (ما) و(لا)[113]. وأما الدكتور المخزومي فيرى أنّ «الذي يدلّ على النفي أصالة هو: (لا) و(ما)، ومن (لا) اشتقّت العربيّة أدوات نفي مركّبة بطريق النحت، فدلالة (لم) و(لما) على النفي لم تكن مستفادة منهما أصالة، ولكنّها من (لا) المدلول على وجودها فيها باللام التي يبدأ بها كلٌّ منهما»[114]. وتتّفق وجهة نظر المخزومي في هذه المسألة مع المستشرق براجشتراسر؛ الذي يرى أنّ أصل النفي في العربيّة أن يكون بـ(لا) و(ما)، وأنّ العربيّة قد اشتقّت من (لا) أدوات منها: ليس، ولا، ولم، ولن مركّبة من (لا) و(أن)، و(لم) ربما كانت مركّبة من (لا) و (ما) الزائدة[115].
وأمّا أداة النفي (لات)، فقد ذهب الدكتور فاضل السامرائي أنّ «هذا الحرف من ابتداعات العربيّة، ولا يوجد له نظير في سائر اللغات السامية»[116]، وهو بهذا يتّفق مع براجشتراسر بأنّ العربيّة اشتقّت أدوات للنفي من (لا) تفرّدت بها عن سائر اللغات السامية، كذلك ذهب إلى أنّها «لا» زيدت عليها التاء لتخصيصها بأحكام، فهي أكثر ما تستعمل في نفي الزمن»[117].

واعترض الدكتور عبد الرحمن أيّوب على أن تكون (لات) مكوّنة من (لا) مع (التاء)؛ معضّدًا رأيه بأنّ النحاة لا يجيزون إدخال حرف على حرف[118]. ويرى براجشتراسر أنّ «مما يشتقّ من (لا): (لات)، وهي نادرة لا تكاد أن توجد إلّا في القرآن الكريم، وبعض الشعر العتيق»[119].
أمّا عن الدلالة الزمنيّة للفعل الداخلة عليه إحدى أدوات النفي، فقد ذهب الدكتور الجواري إلى جزم الفعل المضارع إذا دلّ على المضيّ؛ إذ قال: «إنّ الفعل المضارع قد يخرج أو تخرج به حروف وأدوات عن معناه الذي استحقّ به الإعراب إلى معنى الفعل المبنيّ، وهو الفعل الماضي... وهنا تتحدّد دلالته الزمنيّة، بل ينقلب معناه إلى معنى ليس من شأنه أن يدلّ عليه بنفسه، وهو لذلك يصبح كما أسلفنا متردّدًا بين الإعراب والبناء... ولذلك تقطع عنه الحركة في آخره... ومن أجل ذلك كانت علامة الجزم السكون أصلًا»[120]، ثمّ يقول: «ولو أنّنا نظرنا في الأدوات التي يجزم بها الفعل المضارع لوجدناها طائفتين: أولاهما، تقلب معناه إلى معنى المضي وتلك هي «لم، ولمّا»... والطائفة الثانية، تجعله لمعنى الطلب»[121]، وهذا يوافق رأي براجشتراسر الذي ذهب فيه إلى أنّ المضارع مجزوم في العربيّة إذا دلّ على المضيّ كذلك في العبريّة[122]. ونجد أنّ القدماء تناولوا دلالة المضارع الزمنيّة؛ إذ أشار إليها السيوطي في هُمعهِ منها: جواز دلالته على المضيّ؛ لتوقّفه على مسوّغ، وهذا رأي سيبويه والجمهور؛ لأنّ دلالته على الحال أو الاستقبال أصلٌ في دلالته الزمنيّة[123]، أمّا المضي فمسوّغه قطعًا دخول أدوات النفي عليه فتقلب دلالته.

3. أسلوب الاستفهام: الاستفهام «أسلوبٌ لغويٌّ، أساسُه طلبُ الفَهم، والفَهم هو صورة ذهنيّة تتعلّق أحيانًا بمفرد، شخص أو شيء، أو غيرهما، وتتعلّق أحيانًا بنسبة، أو بحكم من الأحكام، سواء كانت النسبة قائمة على يقين أم على ظنّ، أم على شكّ»[124]، ويكون الاستفهام تارة بأدوات، وتارة أخرى بدون أدوات، وإلى ذلك أشار الدكتور المخزومي فقال: «لجملة الاستفهام نظام يغلب اتّباعه، وذلك أن تتصدّر أداة الاستفهام ويليها المسؤول عنها، ... وقد تُحذف أداة الاستفهام وتبقى الدلالة عليه معتمدة على لحن القول، كقول عمر بن أبي ربيعة[125]:

فو الله ما أدري وإن كنت داريًا بسبعٍ رمين الدهر أم بثمانٍ؟»[126].
وهذا يتّفق مع ما ذهب إليه براجشتراسر من أنّ «اللغات السامية لا تعرف تأدية الاستفهام، بترتيب للكلمات خاصّ به أصلًا، فإمّا أن تستغني عن كلّ إشارة إليه إلّا النغمة، وإما أن تستخدم الأدوات، والأوّل موجود فيها كلّها، وهو نادرٌ في العربيّة الفصيحة»[127]، وهذا أيضًا يتفق مع وجهة نظر المستشرق فيشر؛ إذ يقول: «يجـوز حـذف حـرف الاسـتفهام فـي العربيّـة الفصـحى، فيتعـيّن الاسـتفهام، كما هــو الحـال فــي اللهجــات العربيّـة الجديــدة، وفـي كثيــر مــن اللغـات الأخــرى بواســطة نغــم الصــوت»[128]. أي: إنّ العربيّة أسبق من باقي اللغات في حذف أداة الاستفهام، ومع ذلك يُفهم المعنى من السياق. وهذا ما انمازت به العربيّة ومن جميل القول في وصف العربيّة نذكر عبارة للمستشرق (وليم مرسيه): «العبارة العربيّة كالعود إذا نقرت على أحد أوتاره رنّت لديك جميع الأوتار وخفقت، ثمّ تُحرِّك اللغة في أعماق النفس من وراء حدود المعنى المباشر موكبًا من العواطف والصور»[129].

المحور الخامس: الإعراب بين المحدثين والمستشرقين
الإعراب: من الظواهر التي انمازت بها اللغة العربيّة؛ نظرًا لأنّ العربيّة تجنح إلى إعراب كلامها؛ إبانة للمعنى وإزالة للغموض، فبالإعراب «تُميَّز المعاني ويُوقَف على أغراض المتكلّمين، وذلك أنّ قائلًا لو قال: (ما أحسنْ زيدْ) غيرَ معرب أو (ضربَ عمرْ زيد) غير معرب لم يوقَف على مراده، فإن قال: (ما أحسنَ زيدًا) أو (ما أحسنُ زيدِ) أو (ما أحسنَ زيدٌ) أبانَ بالإعراب عن المعنى الذي أراده»[130]؛ لذا تناوله العلماء قديمًا وحديثًا.

يقول سيبويه في باب مجاري أواخر الكلم: «هي تجري على ثمانية مجارٍ: على النصب، والجرّ، والرفع، والجزم، والفتح والضمّ، والكسر، والوقف. وهذه المجاري الثمانية يجمعهن في اللفظ أربعة أضرب: فالنصب والفتح في اللفظ ضرب واحد، والجرّ والكسر فيه ضرب واحد، وكذلك الرفع والضم، والجزم والوقف... وذلك الحرف حرف الإعراب. فالرفع والجرّ والنصب والجزم لحروف الإعراب»[131].
وعلى أهمّيّته في وضوح المعاني، إلّا أنّ العلماء انقسموا إزاءه قسمين، قسم ينكر أن يكون له دور في المعنى ويمثّل هذا الرأي من القدماء قطرب؛ إذ نجده يقول: «وإنّما أعربت العربُ كلامها؛ لأنّ الاسـم فـي حالـة الوقف يَلزمه السكون للوقف، فلو جعلوا وصلَه بالسكون أيضًا؛ لكان يَلزمه الإسكان في الوقف والوصل، وكانوا يبطئون عند الإدراج، فلمّا وصلوا وأمكنهم التحريك جعلوا التحريك معاقبًا للإسكان؛ ليعتدل الكلام، ألا تراهم بنوا كلامهم على متحرّكٍ وساكنٍ ومتحرّكين وساكنٍ ولم يجمعوا بين ساكنين في حشو الكلمة»[132].
ومن المحدثين من ذهب مذهب قطرب، معلّلًا ذلك تعليلًا صوتيًّا، وهو ما نلمحه في قول الدكتور إبراهيم أنيس «إنّ تحريك أواخر الكلمات كان صفة من صفات الوصل في الكلام شعرًا، أو نثرًا فإذا وقف المتكلّم، أو اختتم جملته لم يحتج إلى تلك الحركات، بل يقف على آخر كلمةٍ من قولـه بما يُسمّى السكون، كما يظهر أنّ الأصل في كلّ الكلماتِ أن تنتهي بهذا السكون، وأنّ المتكلّم لا يلجأ إلى تحريكِ الكلمات إلّا لضرورة صوتيّة يتطلّبها الوصل»[133].

ولم يرق هذا الرأي للدكتور المخزومي؛ لأنّه يرى أنّ الوقف لا ينطبق على بعض اللهجات المختلفة في العربيّة لفهم المقصود من كلامهم، فنجده يقول: «فإذا لم تكن حركات أعلامٍ لمعانٍ قَصد إليها المتكلّم، بل لم تعـدّ أن تكون حركات يحتاج إليها في الكثير من الأحيان لوصلِ الكلماتِ بعضها مع بعض، فكيف يفسّر الوقف علـى: خالد في لغة مَن ينتظر (وهى لغة أزد السراة)؟ ولماذا كانت الدالُ مرفوعة، ومنصوبة، ومخفوضة في الجمل الثلاث؟ ولماذا لا تكسر لتنسجم حركة الدال مع حركة اللام قبلها؟... وعليه فإنّ القول بأنّ الحركات إنَّما هي سدّ للحاجة إلى وصل الكلمات بعضها ببعض، وأنّها ليست أعلامًا للمعاني التي قصد إليها المتكلم قـول لـم يحالفه التوفيق»[134].
أمّا المستشرقون فكانوا فريقين في شأن قضيّة الإعراب في العربيّة، بعضهم أنكر وجوده في لغة الحديث، مستدلًا بأدلة لغويّة وعقليّة وهو المستشرق (كوهين)؛ إذ ذهب إلى أنّ هذه القواعد الدقيقة المتشعبة المعروفة بقواعد الإعراب لم تُراع إلّا في لغة الآداب (الشعر والنثر والخطابة)، أمّا لغة الحديث فكانت غير معربة، أو على الأقلّ لم تكن لقواعد الإعراب فيها ما كان في لغة الأدب من شأنٍ مستدلًّا بدليلين: لغويّ، يتمثّل في كون اللهجات العامّيّة جميعها والتي تشعبت من العربيّة وهي مستخدمة الآن في العراق والشام والحجاز واليمن مجرّدة من الإعراب، ولو كانت معربة لوصل شيء من نظامها إلى جميع اللهجات الحاضرة، والدليل الثاني عقليّ منطقيّ، وهو القائل بأنّ هذه القواعد الدقيقة صعب تطبيقها في لغة المحادثة، بل يتطلّب انتباهًا ودقّةَ ملاحظة لعناصر الجملة، لذلك يرى أنّه كوهين من غير المعقول أنّها كانت تُراعى في لهجات الحديث؛ لأنّ تلك اللهجات كانت تميل إلى السهولة واليسر في التعبير[135].

كذلك شكّك المستشرق (فولرز) بأنّ الإعراب من خصائص العربيّة وأنكر أن تكون هذه العربيّة الفصحى حيّة في عهد النبيّ، بل ذهب إلى أبعد من هذا، فهو يرى أنّ هذه الفصحى التي رواها النحويّون العرب، وجاء بها القرآن مصنوعة[136].
كما شكّك المستشرق (باول كالة) بمسألة الإعراب مستدلًّا بزعمه هذا أنّ النص القرآنيّ جمع بعد وفاة النبيّ بمدة وجيزة في عام (632هـ) واتخذ الشكل النهائيّ في زمن الخليفة عثمان، وهنا قامت مشكلة، وهي كيف يقرأ ويرتّل، وفي ذلك الوقت قامت دراسات نشيطة للشعر البدويّ، وكان الرجال يجمعون أشعارهم وحكاياتهم تحت ما يعرف بأيّام العرب، فاتخذت هذه اللغة أساسًا للعربيّة النموذجيّة، ثمّ حذت لغة القرآن على نمطها[137].

وفي مقابل هؤلاء المستشرقين المشكّكين بقضيّة أصالة الإعراب في العربيّة، يطالعنا من المستشرقين مَن يرى أنّ الإعراب سمة من السمات اللغويّة في العربيّة، وهو المستشرق (يوهان فك)؛ إذ قال: «قد احتفظت العربيّة الفصحى، في ظاهرة التصرّف الإعرابيّ بسمة من أقدم السمات اللغويّة، التي فقدتها جميع اللغات السامية باستثناء البابليّة القديمة»[138]. ويرى المستشرق براجشتراسر أنّ «الإعراب سامي الأصل، تشترك فيه اللغة الأكديّة، وفي بعض الحبشيّة ونجد آثارًا منه أيضًا في غيرها، غير أنّ العربيّة ابتدعت شيئين: الأوّل، إعراب الخبر والمضاف، وتتّفق في بعض ذلك مع أخواتها، والثاني: عدم الانصراف في بعض الأسماء، وتنفرد بذاك عن غيرها»[139].


الخاتمة
ختامًا ندرج أهمّ ما توصّل إليه البحث من استنتاجات
1. توصّل البحث إلى وجود أثر للفكر الاستشراقيّ على الفكر النحويّ الحديث فيما تناولوه من قضايا نحويّة، بحكم دراستهم في جامعاتهم الغربيّة وهو أمرٌ طبيعيّ، ولكن هذا لا يعني تفرّدهم بما طرحوه من آراء وانسلاخهم عن القديم، بل أثبت البحث أصالة النحو العربيّ القديم، وأنّ مبنى الأحكام التي تناولها علماؤنا المحدثون كانت على آراء القدماء، في طليعتهم سيبويه والمبرد والزمخشريّ وغيرهم.
2. كشف البحث أنّ من أبرز المستشرقين أثرًا نحويًّا لدى المحدثين، براجشتراسر، وهي اِنعكاس لآراء القدماء.
3. تأثّر المحدثون في تقسيم الكلام، وتقسيم الجملة في ما طرحه المستشرقون، وما تلقّوه من دراسة للنظريّات الغربيّة، مثل الدكتور عبد الرحمن أيوب الذي تأثّر بالمدرسة الشكليّة في تقسيم الجملة، وتمام حسّان الذي تأثر بالمدرسة السياقيّة في ما تبنّاه من آراء لمسائل نحويّة، نحو تقسيم الكلام إلى سبعة أقسام، جامعًا بين المبنى والمعنى.
4. اتّضح الأثر الاستشراقيّ الغربيّ في تقسيم إبراهيم أنيس للكلام إلى أربعة أقسام (اسم، وفعل، وأداة، وضمير)، اقتباسًا من براجشتراسر؛ إذ أفرد الضمائر في باب خاصّ مع أسماء الإشارة، والاستفهام.
5. اتّفقت وجهة نظر الدكتور المخزومي مع براجشتراسر في أنّ المعيار في تحديد نمط الجملة هو الإسناد، فجملة (زيد جاء) هو عينها (جاء زيد) عند براجشتراسر، و(طلع البدر) و)البدر طلع) عند المخزوميّ، فكلاهما جملة فعليّة، كما التقت آراؤهما في أنّ أصل خبر (كان) منصوب على الحاليّة.
6. ذهب البحث إلى أنّ جملة التحذير هي من قبيل الجمل الفعليّة كما نظر إليها القدامى، وليست من أشباه الجمل على وفق نظرة الدرس النحويّ الحديث.

لائحة المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
ابن القيم الجوزيّة جهوده في الدرس اللغويّ: د. طاهر سليمان حموده، دار الجامعات المصرية للنشر/ الاسكندريّة، 1976.
العربيّة وعلم اللغة البنيويّ: حلمي خليل، دار المعرفة الجامعيّة، الإسكندريّة، 1995م.
أساليب نحويّة جرت مجرى المثل (دراسة تركيبيّة دلاليّة): خلود صالح عثمان، مكّة المكرّمة/ جامعة أمّ القرى، ط1، 1426هـ.
الاستشراق ما لهم وما عليهم: د. مصطفى السباعي، دار الورّاق للنشر والتوزيع، المكتب الإسلاميّ.
الاستشراق (المفاهيم الغربيّة للشرق): إدوارد سعيد، ترجمة: د. محمد عناني، رؤية للنشر والتوزيع/ القاهرة، ط1، 2006م.
الاستشراق (ماهيّته، فلسفته ومناهجه): د. محمد قدور تاج، مكتبة المجتمع العربيّ للنشر والتوزيع/ عمان، ط1، 1435هـ.
أسلوب التوكيد في القرآن الكريم: د. محمد حسين أبو الفتوح، مكتبة ناشرون/ بيروت، ط1، 1995م.
أصالة النحو العربيّ: د. كريم حسين الخالدي، ط1، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان/ الأردن، 2005.
الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويّين: البصريّين والكوفيّين: عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري، أبو البركات، كمال الدين الأنباري 577هـ، المكتبة العصريّة، الطبعة: الأولى 1424هـ/ 2003م.
أنوار الربيع في الصرف والنحو والمعاني والبيان والبديع: محمود العالم المنزليّ، مطبعة التقدّم العلميّة، مصر، ط1، 1322هـ.
الإيضاح في علل النحو: عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي، التحقيق: د. مازن المبارك، دار النفائس، ط6، 1416هـ/ 1996م.
البحث اللغويّ عند العرب مع دراسة لقضيّة التأثير والتـأثّر: أحمد مختار عمر، ط6، عـالم الكتـب، القاهرة، 1988م.
البيان في روائع القرآن: تمام حسّان، عالم الكتب/ القاهرة/ مصر، ط1، 1993م.
تاريخ اللغات السامية، إسرائيل ولفنسون، دار القلم، بيروت.
التبيين عن مذاهب النحويّين البصريّين والكوفيّين: أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبريّ البغداديّ محب الدين 616هـ، المحقّق: د. عبد الرحمن العثيمين.
التراكيب الإسناديّة الجمل (الظرفيّة، الوصفيّة، الشرطيّة): د. علي أبو المكارم، مؤسّسة المختار/ القاهرة، ط1، 1428هـ/ 2007م.
التطوّر النحويّ للغة العربيّة: برجشتراسر، إخراج وتصحيح د: رمضـان عبـد التـوّاب مكتبة الخانجي/ القاهرة، ط2، 1414هـ/ 1449م.
الجملة العربيّة أقسامها وتأليفها: د. فاضل السامرائي، دار الفكر، ط2، 1427هـ/ 2007م.
الخصائص: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي 392هـ، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
دار الغرب الإسلاميّ، الطبعة: الأولى، 1406هـ/ 1986م.
دراسات نقديّة في النحو العربيّ: د. عبد الرحمن محمد أيوب، مؤسّسة الصباح للنشر والتوزيع/ الكويت.
شرح الأشموني على ألفيّة ابن مالك: علي بن محمّد بن عيسى، أبو الحسن، نور الدين الأُشْمُوني الشافعي 900هـ، دار الكتب العلميّة، بيروت/ لبنان، الطبعة: الأولى 1419هـ/ 1998م.
الصاحبي في فقه اللغة العربيّة ومسائلها وسنن العرب في كلامها: أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين 395هـ، محمد علي بيضون، الطبعة: الطبعة الأولى 1418هـ/ 1997م.
العربيّة (دراسات في اللغة واللهجات والأساليب): يوهان فك، ترجمة: رمضان عبد التوّاب، مكتبة الخانجي/ القاهرة، 1980م.
العلامــة الإعرابيـّـة فــي الجملــة العربيّــة بــين القــديم والحــديث: د.محمــّد حماســة عبــد اللطيــف، القاهرة، دار غريب 2001م.
فقه اللغة المقارن: د. فاضل إبراهيم السامرّائي، دار العلم/ بيروت، 1978م.
فقه اللغة: د. علي عبد الواحد وافي، نهضة مصر للطباعة والنشر، ط2، أبريل 2004م.
في النحو العربيّ (نقد وتوجيه): د. مهدي المخزومي، دار الرائد العربيّ، بيروت/ لبنان، ط2، 1406هـ/ 1986م.
في النحو العربيّ نقد وتطبيق: د. مهدي المخزومي، بيروت، 1966م.
في نحو اللعة العربيّة وتراكيبها: د. خليل أحمد عمايرة، عالم المعرفة/ جدة، 1404هـ/ 1984م.
في نحو اللغة العربيّة وتراكيبها: د. خليل أحمد عمايرة، عالم المعرفة، ط1، 1984م.
الكتاب: عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر، الملقّب سيبويه 180هـ، المحقق: عبد السلام محمّد هارون، مكتبة الخانجي/ القاهرة، الطبعة: الثالثة، 1408هـ/ 1988م.
اللغـة: فنـدريس، ترجمـة: عبـد الحميـد الـدواخلي ومحمـّد القصـاص، القـاهرة/ مكتبـة الأنجلـو المصريّة، مطبعة لجنة البيان العربيّ، 1950م.
اللغة العربيّة معناها ومبناها: د. تمام حسّان، دار الثقافة، الدار البيضاء/ المغرب.
مبادئ في اللسانيّات: خولة طالب الإبراهيميّ، دار القصبة للنشر/ الجزائر، 2000م.
مدخل إلى دراسة الجملة العربيّ: د. محمود أحمد نحلة، بيروت، 1408هـ/ 1988م.
مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو: د. مهدي المخزومي، ط2، مصـر، مكتبـة مصطفى البابي الحلبي، 1377هـ/ 1985م.
المستشرقون والتاريخ الإسلاميّ: علي حسين الخربطلي، الهيئة العامّة للكتاب/ القاهرة، 1988م.
المستشرقون ونظريّاتهم في نشأة الدراسات اللغوية العربيّة: د. خليل أحمد عمايرة، عمان/ دار حنين، ط2، 1412هـ/ 1992م.
معاني النحو: د. فاضل صالح السامرائي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - الأردن.
المعجم اللغويّ التاريخيّ: فيشر، تصدير: د. إبراهيم مدكور، القاهرة/ مجمع اللغة العربيّة، المطابع الأميريّة، ط1، 1387/ 1967م.
المغني اللبيب عن كتب الأعاريب: عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف، أبو محمد، جمال الدين، ابن هشام 761هـ، المحقق: د. مازن المبارك/ محمّد علي حمد الله، دار الفكر/ دمشق، الطبعة: السادسة، 1985م.
المفصّل في صنعة الإعراب: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشريّ جار الله 538هـ، المحقق: د. علي بو ملحم، مكتبة الهلال - بيروت، الطبعة: الأولى، 1993م.
المقتضب: محمّد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالى الأزدي، أبو العباس، المعروف بالمبرد، 285هـ، المحقق: محمد عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب - بيروت.
من أسرار اللغة: د. إبراهيم أنيس، القاهرة/ مكتبة الأنجلو المصريّة، ط3، 1966م.
المنوال نحوي (قراءة لسانية جديدة): عز الدين مجدوب، دار محمّد علي الحامي للنشر والتوزيع/ صفاقس، 1998م.
نحو التيسير: د. أحمد عبد الستار الجواري، مطبعة المجمع العلميّ العراقيّ، ط2، 1404هـ/ 1984م.
نحو الفعل: د. أحمد عبد الستار الجواري، بغداد، مطبعة المجمع العلميّ العراقيّ، 1394هـ/ 1974م.
نظام الارتباط والربط في تركيب الجملة العربيّة: د. مصطفى حميدة، القاهرة، ط1، 1997م.
نظرات في التراث اللغويّ العربيّ: د. عبد القادر المهيري، دار الغرب الإسلاميّ/ بيروت، 1993م.
نقد الخطاب الاستشراقيّ في الظاهرة الاستشراقيّة وأثرها في الدراسات الإسلاميّة: الحاج سالم ساسي، دار المدار الإسلاميّ، بنغازي/ ليبيا، ط1، 2002م.

البحوث
التركيب بين القدامى والمحدثين: الأثر، مجلة الآداب واللغات، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة/ الجزائر، العدد 9، ماي 2010م.
المنهج الوصفيّ في كتاب (في النحو العربيّ نقد وتوجيه)، أ. م. د. سهيلة طه محمد البياتي، م/4، ع11، السنة الرابعة، آب/ 2008م.
واقع اللغة العربيّة وأثر المستشرقين عليها: أ. نسيمة نابي، جامعة العربيّ بن مهيدي، ورقلة.

------------------------------------------
[1][*]-الجامعة المستنصريّة / كلية الآداب.
[2]- الاستشراق والمفاهيم الغربيّة: 44.
[3]- المصدر نفسه، 45.
[4]- ينظر: نقد الخطاب الاستشراقيّ: 22.
[5]- ينظر: المستشرقون والتاريخ الإسلاميّ، ص64، الاستشراق والمستشرقون مالهم وما عليهم، ص20.
[6]- تروبو: 125، نقلًا عن المستشرقون ونظريّاتهم، ص13.
[7]- ينظر: المستشرقون ونظريّاتهم في نشأة الدراسات اللغويّة، ص13.
[8]- ينظر: المصدر نفسه، ص14.
[9]- ينظر: المستشرقون ومناهجهم، ص82.
[10]- المستشرقون ونظريّاتهم في نشأة اللغة: 15.
[11]- https://guidetoarabic.net/ar/categories/main-categories-swr-alaajaz-fy-allght-alarbyt/articles/-
[12]- ينظر: واقع اللغة العربيّة وأثر المستشرقين عليها (بحث) 158.
[13]- ينظر: واقع اللغة العربيّة وأثر المستشرقين عليها (بحث)، 157.
[14]- ينظر: المصدرالسابق، 158-159.
[15]- ينظر: الكتاب 1/ 12، والمقتضب 1/ 3.
[16]- نظرات في التراث: 86-87.
[17]- من أسرار اللغة العربيّة: 236.
[18]- ينظر: المصدر نفسه، 266-278.
[19]- التطوّر النحوي: 75.
[20]- ينظر: المنوال النحويّ، ص187.
[21]- ينظر: دراسات في العربيّة، ص168.
[22]- ينظر: في النحو العربيّ قواعد وتطبيق، ص19.
[23]- ينظر: دراسات نقديّة في النحو العربيّ، ص20.
[24]- ينظر: دراسات نقديّة في النحو العربيّ، 21.
[25]- ينظر: اللغة العربيّة معناها ومبناها، ص90 وما بعدها.
[26]- ينظر: المنوال النحويّ، ص193
[27]- من أسرار اللغة، ص263.
[28]- ينظر: الفكر اللغويّ بين اليونان والعرب، ص293ـ319.
[29]- البحث اللغويّ عند العرب، ص351ـ352، وينظر: أصالة النحو العربيّ، ص131.
[30]- الخصائص، 1/ 18.
[31]- ينظر: المفصل، ص23.
[32]- مغني اللبيب، ص490.
[33]- المصدر نفسه، ص490.
[34]- الجملة العربيّة تأليفها وأقسامها، ص12.
[35]- في النحو العربيّ، نقد وتوجيه، ص31.
[36]- التطور النحويّ، ص125.
[37]- العربيّة وعلم اللغة البنيوي، ص75
[38]- ينظر: في النحو العربيّ (نقد وتوجيه)، ص31، 35، 39، 41.
[39]- مغني اللبيب، ص492.
[40]- ينظر: المفصّل، ص44.
[41]- شرح المفصّل، ص1/ 229.
[42]- في النحو العربيّ نقد وتوجيه، ص40-53.
[43]- المصدر نفسه، ص43-45.
[44]- ينظر: المنهج الوصفيّ في كتاب في النحو العربيّ نقد وتوجيه (بحث)، ص44.
[45]- دراسات نقديّة في النحو العربيّ، ص129.
[46]- ينظر: المصدر نفسه، ص127-128.
[47]- ينظر: المقتضب، ص4/ 126.
[48]- في النحو العربيّ نقد وتوجيه، ص53.
[49]- ينظر: اللغة، ص162.
[50]- ينظر: اللغة، ص163.
[51]- المفصّل في صنعة الإعراب، ص23.
[52]- التطوّر النحويّ، ص132.
[53]- المصدر نفسه، ص133.
[54]- في النحو العربيّ نقد وتوجيه، ص42.
[55]- في نحو اللغة العربيّة وتراكيبها، ص81.
[56]- ينظر: نحو الفعل، ص20-21، مدخل إلى دراسة الجملة العربيّة، ص130، التطوّر النحويّ، ص132.
[57]- مغني اللبيب، ص492.
[58]- المصدر نفسه.
[59]- ينظر: التراكيب الإسناديّة، ص206.
[60]- سورة المنافقون، الآية 10.
[61]- سورة طه، الآية 77.
[62]- ينظر: التراكيب الإسناديّة، ص206.
[63]- سورة النور، الآية 30.
[64]- ينظر: الكتاب، ص3/ 93-94.
[65]- الكتاب، ص3/ 93-94.
[66]- ينظر: التراكيب الإسناديّة، ص208.
[67]- التطوّر النحويّ، ص196-197.
[68]- ينظر: شرح الأشموني، ص2/ 3-4.
[69]- سورة الأنبياء، الآية 16.
[70]- سورة النساء، الآية 43.
[71]- ينظر: التبيين عن مذاهب النحويّين البصريّين والكوفيّين، ص295.
[72]- في النحو العربيّ نقد وتوجيه، ص182.
[73]- التطوّر النحوي، ص195.
[74]- ينظر: أنوار الربيع في الصرف والنحو والمعاني والبيان والبديع، ص59.
[75]- ينظر: البيان في روائع القرآن، ص56.
[76]- مبادئ في اللسانيّات، ص101.
[77]- التركيب بين القدامى والمحدثين، (بحث)، ص34.
[78]- ينظر: المفصّل، ص115، مغني اللبيب، ص2/ 471.
[79]- سورة البقرة، الآية 254.
[80]- التراكيب الإسناديّة، ص132.
[81]- المصدر نفسه.
[82]- سورة البقرة، الآية 21.
[83]- التطوّر النحويّ، ص181.
[84]- ينظر: مغني اللبيب، ص2/ 534-535، مدخل إلى دراسة الجملة العربيّة، ص172.
[85]- ينظر: الكتاب 1/ 122، التطوّر النحويّ، 184-185.
[86]- سورة النمل، الآية 30.
[87]- ينظر: التطوّر النحويّ، ص184.
[88]- شرح المفصل، ص4/ 207.
[89]- من أسرار اللغة، ص172.
[90]- النحو العربيّ نقد وتوجيه، ص147.
[91]- ينظر: اللغة، ص136-137.
[92]- ابن القيّم الجوزية جهوده في الدرس اللغويّ، ص111-112.
[93]- ينظر: الإنصاف، ص1/ 190-191، المسألة 28.
[94]- ينظر: محاضرات بول كراوس في جامعة القاهرة 1943. نقلًا عن في النحو العربيّ، ص107.
[95]- ينظر: تاريخ اللغات السامية، ص14-15.
[96]- ينظر: في النحو العربيّ نقد وتوجيه، ص108.
[97]- التطور النحويّ، ص88-89.
[98]- شرح الأشموني، ج3، ص84.
[99]- الكتاب، ج1، ص254-255.
[100]- شرح المفصّل، ج1، ص389.
[101]- ينظر: الكتاب، ج1، ص274.
[102]- ينظر: العلامة الإعرابية في الجملة العربيّة، ص109.
[103]- ينظر: أساليب نحويّة جرت مجرى المثل، ص354.
[104]- ينظر: أساليب نحويّة جرت مجرى المثل، ص356.
[105]- التطوّر النحويّ، ص131.
[106]- التطوّر النحويّ، ص131.
[107]- اللغة، ص163.
[108]- المصدر نفسه.
[109]- ينظر: اللغة العربيّة معناها ومبناها، ص113.
[110]- في النحو العربيّ (نقد وتوجيه)، ص246.
[111]- شرح المفصل، ج5، ص38.
[112]- ينظر: المصدر نفسه.
[113]- ينظر: من أسرار اللغة، ص169.
[114]- في النحو العربيّ، ص255.
[115]- ينظر: التطوّر النحويّ، ص168-169.
[116]- معاني النحو، ج1، ص259.
[117]- المصدر نفسه، ج1، ص260.
[118]- ينظر: دراسات نقديّة في النحو العربيّ، ص186.
[119]- التطوّر النحويّ، ص169.
[120]- نحو التيسير، ص91-92.
[121]- المصدر نفسه، ص92.
[122]- ينظر: التطوّر النحويّ، ص88، 198.
[123]- ينظر: همع الهوامع، ج1، ص36-37.
[124]- في النحو العربيّ، ص264.
[125]- ينظر: شرح المفصّل، ج5، ص103.
[126]- في النحو العربيّ، ص275.
[127]- التطوّر النحوي، ص165.
[128]- المعجم اللغويّ التاريخيّ، ص12.
[129]- https://guidetoarabic.net/ar/categories/main-categories-swr-alaajaz-fy-allght-alarbyt/articles/
[130]- الصاحبي في فقه اللغة، 143.
[131]- الكتاب، ج1، ص13.
[132]- الايضاح في علل النحو، ص70-71.
[133]- من أسرار اللغة، ص208.
[134]- مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو، ص251.
[135]- ينظر: فقه اللغة (عبد الواحد وافي)، ص162.
[136]- ينظر: فصول في فقه اللغة (رمضان عبد التواب)، ص377-378.
[137]- ينظر: المصدر نفسه، ص378.
[138]- العربيّة (يوهان فك)، ص15.
[139]- التطوّر النحويّ، ص116.